خطاب
02-12-2006, 06:49 AM
هروب من حرب خاسرة
شبكة البصرة
د. قيس النوري
تجاوز عمر الحرب العدوانية الأمريكية ضد العراق، عمر العالمية الثانية (1350 يوما) التي توقفت بعد ضرب اليابان بالقنابل الذرية.. حرب أمريكا في العراق لا تشبه الأولى فقد كانت هناك قضية صراع محتدم بين محورين عالميين في أطار المنافسة على الأسواق حشد كل منهما ما يملك من أمكانات الأقتصاد والجيوش النظامية، فكان سهلا على جيوش الحلفاء إدارة الحرب طبقا لمعايير الأحتراف وحسابات التخطيط والتعبئة والحشد العسكري..
معركة أمريكا اليوم في العراق لا تتشابه مع معطيات الأمس فالورطة وخطأ الحسابات هو العنوان الدائم الذي يلاحق السياسي والعسكري الأمريكي حتى أصبح تراكم الأخطاء يولد مزيدا من الخطأ، فهذا جيوفري واورو أستاذ التاريخ في جامعة شمال تكساس يقول لصحيفة فرانس بريس الباريسية : (هذه الحرب التي كان من المفترض أن تكون حملة عسكرية سريعة، أصبحت أكثر شبها بالحرب العالمية الثانية، حرب أستنزاف!!).. ثم تتحرج كرة النقد والقلق العلقم في وصف ورطة أمريكا في العراق فتقول الكاتبة في الغارديان البريطانية سيمون جيكنيز : (حتى أن الحرب في العراق لا يمكن أن تقارن بالحرب في فيتنام، ماذا يجب أن نفعل في العراق؟ ليس لدينا القوة ، هذا هو التعريف الحقيقي لفوضى الحكومة في العراق).. أما صحيفة النيويورك تايمز فأنها أستعرضت أهم أنجازات عبث سياسات بوش في العراق بجعل هذا البلد مسرحا مفتوحا للقتل الرخيص الممول من عائدات التهريب والأختطاف فتقول في عددها الصادر بتاريخ 26/11/2006 (أن الميليشيات المسلحة تربح عشرات ملايين الدولارات من تهريب النفط المسروق وعمليات الأختطاف والتزوير والأبتزاز، مشيرة إلى تقرير مخابراتي أمريكي بأن هذه الميليشيات تربح ما بين 70ـ200 مليون دولار سنويا من الأنشطة غير الشرعية وبدعم من مسؤولين عراقيين فاسدين، وأذا كانت هذه الأرقام صحيحة فأن هذه الميليشيات يمكن أن تمول أعمال أرهابية خارج العراق..) تقصد منطقة الخليج العربي وعلى الساحل الغربي منه تحديدا، الغني با لمكامن النفطية..
حرب بوش لم تدمر العراق فقط وإنما وضعت المنطقة على حافة كارثة، وهذا بالضبط ما قصده توني بلير ذيل أمريكا في أوربا .. أنهم يتحسسون عمق الورطة وغاطسها المرشح للظهور في الخليج العربي للدرجة التي جعلت أمين عام الأمم المتحدة يخرج عن صمته الأجباري بقوله : (أمريكا عالقة في العراق) ربما أراد أن يبرأ ساحته قبل أن يغادر.. هل هم بصدد تجريب أي شيء؟ نعم حتى أذا كان تدليسا وقفزا على وقائع ما يحصل على الأرض على الصعيدين السياسي والعسكري الميداني، فحكومة الصغير المالكي لا تستطيع مسك الوضع ولا تستطيع الأستجابة لطلب الأدارة الأمريكية بضبط الميليشيات لأنها وبكل وضوح (حزام الظهر) لهذه الحكومة الطائفية حتى النخاع، وبدونها لا تصمد حكومة الدمى لأنها سوف تفقد قاعدتها الأجرامية هذه، ناهيك عن فهمها المريض لمعنى الدولة وكيفية قيادتها ما دامت تنطلق من عفن طائفي مرجعيته قرون من تاريخ مزور لعبت في صياغته أطماع وأحقاد فارسية تناصب العرب العداء.. يبدو أن مهمة بوش الغامضة في العراق تفصح عن نفسها، رغم أنه لا يقول لنا ما هي هذه المهمة ، مهمة جيوشه وعملائه في العراق حربا بالنيابة عن الكيان الصهيوني الذي أوكل له تحقيق أهم أهداف هذا الكيان ، تدمير العراق وتجزئته، هذه المهمة كما يصرح القادة الصهاينة:
(أفضل أنجاز في كل تاريخ أسرائيل منذ تأسيسها).. حسابات الصهاينة الجدد ورغم وحشية السلوك والممارسة الأمريكية وحلفاءها من الطائفيين فأن أنجاز مهمة بوش تواجه مزيدا من الفشل، فشعب العراق ومقاومته الباسلة حسما الأمر بالفرز الصحيح للخنادق على المستوى السياسي، يرافقه تصعيد نوعي للعمليات العسكرية تجلى في الأسبوع الماضي بأسقاط أربعة طائرات متطورة دفعة واحدة وبأشتباك عملياتي مع قوات الإحتلال، فعبقرية المقاومة أنها لم تتخندق في وضع ثابت وإنما هي مرنه تنساب بشكل لدن وتختفي لتظهر في مكان وزمان غير متوقع بعد أن تضرب موجعة..
ما العمل المتاح أذا أمام البيت الأبيض وسياسات التيه الأمريكي في العراق؟ ليس هناك من حل في الأفق أذا أصر بوش على أكمال مهمته التي حددتها له تل أبيب، فهذه المهمة عصية على التحقيق ولن ترى النور أبدا (لا يمكن تحقيق نصر في العراق ـ هنري كيسنجر) الحل الممكن الوحيد الجلوس إلى طاولة مفاوضات مع القوة الوحيدة القادرة على حسم الأمر، المقاومة الوطنية العراقية، بدونها مزيدا من الجثث موشاة بعلم مهان تذرف نجومه دموع الذل، فهزيمة أمريكا هذه المرة ليست نتيجة معركة مع قوى كبرى وإنما بفعل مقاومة شعبية ليس لها من سند إلا الله وعزم لا يلين من رجال يحبون الموت من اجل الحياة.
شبكة البصرة
د. قيس النوري
تجاوز عمر الحرب العدوانية الأمريكية ضد العراق، عمر العالمية الثانية (1350 يوما) التي توقفت بعد ضرب اليابان بالقنابل الذرية.. حرب أمريكا في العراق لا تشبه الأولى فقد كانت هناك قضية صراع محتدم بين محورين عالميين في أطار المنافسة على الأسواق حشد كل منهما ما يملك من أمكانات الأقتصاد والجيوش النظامية، فكان سهلا على جيوش الحلفاء إدارة الحرب طبقا لمعايير الأحتراف وحسابات التخطيط والتعبئة والحشد العسكري..
معركة أمريكا اليوم في العراق لا تتشابه مع معطيات الأمس فالورطة وخطأ الحسابات هو العنوان الدائم الذي يلاحق السياسي والعسكري الأمريكي حتى أصبح تراكم الأخطاء يولد مزيدا من الخطأ، فهذا جيوفري واورو أستاذ التاريخ في جامعة شمال تكساس يقول لصحيفة فرانس بريس الباريسية : (هذه الحرب التي كان من المفترض أن تكون حملة عسكرية سريعة، أصبحت أكثر شبها بالحرب العالمية الثانية، حرب أستنزاف!!).. ثم تتحرج كرة النقد والقلق العلقم في وصف ورطة أمريكا في العراق فتقول الكاتبة في الغارديان البريطانية سيمون جيكنيز : (حتى أن الحرب في العراق لا يمكن أن تقارن بالحرب في فيتنام، ماذا يجب أن نفعل في العراق؟ ليس لدينا القوة ، هذا هو التعريف الحقيقي لفوضى الحكومة في العراق).. أما صحيفة النيويورك تايمز فأنها أستعرضت أهم أنجازات عبث سياسات بوش في العراق بجعل هذا البلد مسرحا مفتوحا للقتل الرخيص الممول من عائدات التهريب والأختطاف فتقول في عددها الصادر بتاريخ 26/11/2006 (أن الميليشيات المسلحة تربح عشرات ملايين الدولارات من تهريب النفط المسروق وعمليات الأختطاف والتزوير والأبتزاز، مشيرة إلى تقرير مخابراتي أمريكي بأن هذه الميليشيات تربح ما بين 70ـ200 مليون دولار سنويا من الأنشطة غير الشرعية وبدعم من مسؤولين عراقيين فاسدين، وأذا كانت هذه الأرقام صحيحة فأن هذه الميليشيات يمكن أن تمول أعمال أرهابية خارج العراق..) تقصد منطقة الخليج العربي وعلى الساحل الغربي منه تحديدا، الغني با لمكامن النفطية..
حرب بوش لم تدمر العراق فقط وإنما وضعت المنطقة على حافة كارثة، وهذا بالضبط ما قصده توني بلير ذيل أمريكا في أوربا .. أنهم يتحسسون عمق الورطة وغاطسها المرشح للظهور في الخليج العربي للدرجة التي جعلت أمين عام الأمم المتحدة يخرج عن صمته الأجباري بقوله : (أمريكا عالقة في العراق) ربما أراد أن يبرأ ساحته قبل أن يغادر.. هل هم بصدد تجريب أي شيء؟ نعم حتى أذا كان تدليسا وقفزا على وقائع ما يحصل على الأرض على الصعيدين السياسي والعسكري الميداني، فحكومة الصغير المالكي لا تستطيع مسك الوضع ولا تستطيع الأستجابة لطلب الأدارة الأمريكية بضبط الميليشيات لأنها وبكل وضوح (حزام الظهر) لهذه الحكومة الطائفية حتى النخاع، وبدونها لا تصمد حكومة الدمى لأنها سوف تفقد قاعدتها الأجرامية هذه، ناهيك عن فهمها المريض لمعنى الدولة وكيفية قيادتها ما دامت تنطلق من عفن طائفي مرجعيته قرون من تاريخ مزور لعبت في صياغته أطماع وأحقاد فارسية تناصب العرب العداء.. يبدو أن مهمة بوش الغامضة في العراق تفصح عن نفسها، رغم أنه لا يقول لنا ما هي هذه المهمة ، مهمة جيوشه وعملائه في العراق حربا بالنيابة عن الكيان الصهيوني الذي أوكل له تحقيق أهم أهداف هذا الكيان ، تدمير العراق وتجزئته، هذه المهمة كما يصرح القادة الصهاينة:
(أفضل أنجاز في كل تاريخ أسرائيل منذ تأسيسها).. حسابات الصهاينة الجدد ورغم وحشية السلوك والممارسة الأمريكية وحلفاءها من الطائفيين فأن أنجاز مهمة بوش تواجه مزيدا من الفشل، فشعب العراق ومقاومته الباسلة حسما الأمر بالفرز الصحيح للخنادق على المستوى السياسي، يرافقه تصعيد نوعي للعمليات العسكرية تجلى في الأسبوع الماضي بأسقاط أربعة طائرات متطورة دفعة واحدة وبأشتباك عملياتي مع قوات الإحتلال، فعبقرية المقاومة أنها لم تتخندق في وضع ثابت وإنما هي مرنه تنساب بشكل لدن وتختفي لتظهر في مكان وزمان غير متوقع بعد أن تضرب موجعة..
ما العمل المتاح أذا أمام البيت الأبيض وسياسات التيه الأمريكي في العراق؟ ليس هناك من حل في الأفق أذا أصر بوش على أكمال مهمته التي حددتها له تل أبيب، فهذه المهمة عصية على التحقيق ولن ترى النور أبدا (لا يمكن تحقيق نصر في العراق ـ هنري كيسنجر) الحل الممكن الوحيد الجلوس إلى طاولة مفاوضات مع القوة الوحيدة القادرة على حسم الأمر، المقاومة الوطنية العراقية، بدونها مزيدا من الجثث موشاة بعلم مهان تذرف نجومه دموع الذل، فهزيمة أمريكا هذه المرة ليست نتيجة معركة مع قوى كبرى وإنما بفعل مقاومة شعبية ليس لها من سند إلا الله وعزم لا يلين من رجال يحبون الموت من اجل الحياة.