muslim
24-09-2006, 10:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة حوارية في أسفار العز الماضية!!
السفرالثالث
المواقف الإيمانية
سيادة الأخ إلى أي مدرسة فقهية تنتمي؟ أو بتعبير آخر ما هو مذهبك؟
- طبعاً أنت تعلم أنني مسلم
- أجل هذا معلوم عندي
- إذن فلا يحتاج المسلم أن يضيف إلى هذه التسمية أخرى "ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا" " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"
- يعني هذا أنك ضد المذاهب؟
- لا لست ضد المذاهب ولكني ضد التمذهب.
- وما الفرق بين الأمرين؟
- الفرق أن المذهب هو اجتهاد فقهي في أمور الدين يستنبط فيه الفقيه الحكم المراد من أدلته في الكتاب الكريم والسنة المطهرة على أساس ما يفهم من لغة العرب من معاني القرآن وعلى أساس ما يعلم عن السنة المطهرة من أنواع الأحاديث ومراتبها في الاحتجاج ودلالاتها اللغوية وغيرها. وبعد أن يصل إلى الحكم المستنبط يقول هذا ما أدى بي إليه اجتهادي في هذا وهذه أدلتي وإذا ما وجد دليل أقوى لمجتهد آخر لم يمتنع عن الأخذ به وترك اجتهاده السابق وكذا إذا وجدت أحوال أو فهوم أو دلالات لم تكن موجودة في السابق أعاد النظر في اجتهاده على أساسها.
أما التمذهب فهو الأخذ باجتهاد إمام أو فقيه والثبات عليه والدفاع عنه وطلب أوجه التأويل لقوله حتى لو عارض محكم الآيات وصحيح الأحاديث وصريحها..
أنا اعتقد أنه نقص بالمرء في هذا العصر أن يتمذهب مُجانبة للأصوب والأولى في الاتباع.
نحن بحمد الله أمام كوكبة من القراءات المتواترة الصحيحة للقرآن المقيدة بحروف المصحف العثماني وضبط الرواة الثقاة العدول وموافقتها للعربية.
وأمام منظومة من مصنفات الحديث النبوي الشريف مرتبة ترتيباً أجمعت عليه الأمة.. وأمام علم متكامل للعربية وكلام العرب.. وأمام قواعد أصولية مجموعة.
هذه كلها في متناول أيدينا.. وقد اغترف من بحرها فقهاؤنا وعلماؤنا عبر كل الاعصار فأغنوها وأفادوا ولئن تشعبت بهم الاجتهادات وتعددت المشارب فلأن أول نشوئها لم يشهد هذا التكامل الحديثي على وجه التحديد.
وحين اكتملت المكتبة الحديثية رأينا اليمن الميمون سباقة في إظهار أولى الاجتهادات الجامعة لشتات المذاهب فكان أبن الأمير بسبل السلام والشوكاني في نيل الأوطار بواكير هذه الحالة الجمعية الجامعة.
ونستطيع أن نقول أنه لم يعد بعد هذين العلمين الشامخين وما ابتدآه باجتهادهما في الفقه مجال نقول ذهب أصحابنا والأرجح قول أهل المذهب.. ولكن المجال لقول صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا ودل على ذلك حديث كذا كما صح عنه كذا والأصح كذا لوروده من أكثر من طريق صحيح.
وقالت العرب كذا وبعض العرب تقول كذا ولغة الحجاز كذا وبها جاء التنزيل وهي لغة قريش التي إليها ينتسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى أساس ذلك يمكن جمع كلمة المسلمين لا غيرها كما أرى والله أعلم.
- سيادة الحاكم إنك تتحدث عن كل شيء حديثاً يقطع كل حديث آخر وأراك تفعل ذلك حتى في مجال علوم الشريعة كهذه فهل ترى أنك قد وصلت إلى درجة الاجتهاد التي تجيز لك القطع بهذه المسائل؟
- استغفر الله أن أدعي ما ليس عندي ومعاذ الله أن أكون كذلك إنما اتحدث عنه هو حديث المسلم الذي قلَّب أوجه النظر فيما بين يديه من تراثه النظري والعملي العظيم واجتمع له من خلال المسار العام لهذا التراث واجتهادات الفقهاء والعلماء والمصلحين مجموعة من الرؤى والاختيارات رأى أنها أصلح لنفسه وللمسلمين من غيرها ولست في هذا بدعا بين أهل عصري من المسلمين.
فلقد حدثتك عن الإمامين الشوكاني وأبن الأمير وعلى نهجهما وفي طريقهما رأينا الإمام الشهيد حسن البناء يؤسس حركته المعاصرة ورأينا مصنفات تسير في هذا الطريق أرضت كل فكر إسلامي معاصر وكل توجه إيماني صافي. وأذكر لك مثالاً على ذلك كتاب (فقه السنة) الذي لخص مقاصد الشريعة الإسلامية على أساس ما صح من الأدلة ولم يستثن أياً من أقوال المذاهب عبر القرون أبرك المصنفات الفقهية المعاصرة في نظري وكل مسلم ينصح باقتنائه فقد يغني عن كثير من المصنفات الفقهيه الأخرى.. وهو حقاً كذلك وربما لا يغني عنه شيء من باقي المصنفات الموجودة حالياً في مجال الفقه الميسر... ومع هذا لا نقول أنه قد خلا من كل ما يعترض عليه وليس هناك مصنف بشري كذلك ولكنا نحكم على الغالب.
- وماذا عن مدرستك الكلامية؟
- كما أنني مسلم لا أكثر في الفقه فأنا مسلم لا أكثر في العقيدة لقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : "ما ضل قوم بعد هدى أوتوه ألا اعطوا الجدل": واعتقد أن كثيراً من الفرق الإسلامية نشأت بسبب الجدل وربما إليها لا إلى غيرها كانت نسبة هذا العلم إلى الكلام فسمي بعلم الكلام وسمي أصحابه بالمتكلمين مصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم "أعطوا الجدل"...
صحيح أن بعض هذه الطرق أو بعض أفرادها قد تخصصوا في أزمنة مختلفة للدفاع عن العقيدة وفتح الله بهم على عباده ولكن ما آلت إليه بعض هذه الفرق من شقاق وجدال وكلام في ذات الله وصفاته كان مدعاة للتشويش على قلوب العوام ومجالاً للفتنة والتنابز.. وذلك ليس من مقاصد الدين ولا هو مما يرضى عنه الله ولا رسوله ولا المؤمنون.
نريد أن نعود بفقهنا واجتهاداتنا واعتقاداتنا وأقوالنا وأفعالنا إلى عصر النبي والصحابة عصر الأمية التي علمت المتعلمين من الفرس والروم الأمية في الاعتقاد وفي القول والعمل لا الأمية في الكتابة والقراءة الأمية التي أمتدح الله بها حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم ممتناً عليه وعلى من اتبعه:
( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والأنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم...).
والأمية التي امتدح الله بها عباده المؤمنين وأمتن عليهم بها بقوله: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)
- ألا ترى أن هذا الكلام يؤدي إلى الفرقة بين المسلمين؟
- لا لست أرى ذلك لكني أرى أن الحق لا يفرق كما أن الباطل لا يجمع ومن ضاق عليه الحق فالباطل عليه أضيق. وأرى أن أي وحدة بين المسلمين يجب أن تقوم على اساس من الثوابت الإيمانية الراسخة ويجب أن لا تقوم على المداهنة والقبول ببعض الحق وببعض الباطل لمجرد الحرص على الوحدة الإسلامية.
فلقد روى عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم القول بأن الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك. يمكن التسامح في الاختلاف في المسائل الفرعية لأن ديننا قد قام أصلاً على هذا التسامح وعلى السعة أما في المسائل الأصولية التي تنبني عليها أمور الدين واعتقاداته فلا.. ولا بد من أطر بعضنا بعضاً إلى الحق أطراً.
- ما تعني بالمسائل الأصولية؟
- ما قد ذكرته سابقاً.. إننا لم نعد مسئولون عن أنفسنا كمسلمين إننا مطالبون بتقديم هذا الدين العظيم للبشرية كلها إننا أمام مشروع حضاري إسلامي يعيد بناء هذا العالم على أساس الحق الذي جاء به الإسلام.
فهل ترى من اللياقة بمكان مثلاً أن يحدث هذا في ظل اعتقاد جماعة من إخواننا المسلمين بضرورة وجود الإمام لإقامة الكثير من الشرائع والشعائر واعتقاد هذا الإمام غائباً منذ أكثر من ألف عام وسيعود ذات يوم وحين يعود فقط نستأنف حياتنا الإسلامية.
هل من المناسب في هذا الوقت بالذات أن تتأسس الشرائع والشعائر على أساس الموالاة للأئمة الاثني عشر و المتمذهبين بمذهب الاثني عشريه وما دونهم فلا.. بحيث لا تصح حتى صلاة أحدهم وراء من لا يعتقد ذلك ولا جهاد إلا وراءه ولا موالاه إلا له.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن أصحابه بما فيهم الأئمة أنفسهم قولاً وفعلاً خلاف ذلك أفيصبح الظن ديناً واليقين غير ذلك؟!
هل يصح اعتقاد أن سيدتنا فاطمة عليها السلام كان ينزل عليها جبريل بعد موت أبيها صلى الله عليه وآله وسلم ويطلعها على الكثير من الأنباء ويكتب ذلك سيدنا الإمام على عليه السلام.. (ومن المحتمل أن تكون قضايا إيران من الأمور التي نقلت لها).
هناك فارق كبير بين هذه وبين الخلاف حول القنوت في الصلاة أو عدمه وبين أن يكون قبل الركوع وبعده، وبين الإسبال والضم لليدين في الصلاة وغيرها من المسائل الفرعية أما تلك المسائل الأصولية فقد فتحت باباً للشر والباطنية لا يغلقه إلا العودة إلى الأصول التي تركها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ووردت إلينا متواترة عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين.
ولكن فيما يخص الإمامة اعتقد أنه قد أصبح إجماعاً بين المسلمين على عدم وجوبها للأئمة الاثنى عشر أو أبناء البطنين الحسن والحسين عليهما السلام أو غيرهم من آل البيت؟
في حدود علمي فإن مدارس الفقه الجعفري والزيدي قد توصلوا إلى مثل ذلك..... ولكن ليس السلطان الحاكم في إيران.. والأصل أن يقتنع أصحاب السلطان بذلك. كما أن الأصل أن يكون الاتفاق شرعياً فقهياً أصولياً.. يعني أن لا يكون القبول وقتياً.. أو حتى دائماً مع الإيمان بعكسه فذلك إن هيأ اللقاء للخروج من التشتت إلى الوحدة فلن يهيئ اللقاء بعد ذلك للبناء المتماسك المتوازن والمتناسق لمجتمع الإسلام القادم.
- ألا يمكن القبول بهذا الذي حدث كحد أدنى والباقي سيتحقق على التراخي؟
- طبعاً لا بد من القبول بأي خطوة في هذا السبيل مهما كان حجمها.. مع الاحتفاظ بمبادئ اللقاء المطلوبة كاملة غير منقوصة بحيث لا يتعطل السعي في سبيلها مجتمعة لمجرد تحقق شيء منها.. هذا مقبول ويبقي أن تجتمع كلمة علماء الأمة وربانييها على كل الحقائق على كل الحقائق الكلية الإسلامية ومنها الاتفاق على المصادر الأساسية للتشريع اجمالاً وتفصيلاً. يعني ليس المطلوب فقط أن تقول أن المصادر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإجماع بل أن نتفق على كل واحد من هذه الثلاثة.
فالقرآن بقراءاته تفصيلاً ومقرئيه ورواتهم ورسمه في المصحف.
والسنة مصادرها ومصنفاتها ومراتبها وحجيتها والإجماع وتعريفه وما هي المسائل الذي ينبغي الاتفاق عليها كإجماع...إلخ.
- وكيف يمكن تحقيق هذا؟
- يمكن تحقيقه بمساعدة سلطان الزمان الإسلامي غير المتحيز إلا لله ولرسوله ولرسالته.... بحيث يجمع كل علماء الأمة الذين يعتد بعلمهم ويضعهم أمام هذه المهام والناس تبع لأمرائهم وعلمائهم.. لقد ظل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مكة (13 عاماً) يرسخ الأصول الاعتقادية وعشر سنوات فقط لبناء وتثبيت الدولة المسلمة.
- من ترى يمكن أن يشارك في هذا اللقاء ومن يمكن أن يدعى إليه؟
- كل رؤساء وممثلي الفرق والطوائف المذاهب الإسلامية يعني من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
- بما فيهم الخوارج والفرق الباطنية؟
- نعم بما فيهم الخوارج والفرق الباطنية (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة).
- ولكن كثيراً من الفرق الباطنية صدرت فتاوى .. بتكفيرها؟
- نحن سنضع كل الأمة أمام إسلامها الذي تركه لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (المحجة البيضاء) وسنطلب من كل مسلم أن يسلكها وأن يدخل فيما دخل فيه المسلمون فمن استجاب فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ومن لم يستجب أزحنا عنه الشبهة وسمعنا منه وأسمعناه فإن خالف إجماعاً وحكماً أو اعتقاداً معلوماً من الدين بالضرورة بينا له حكم الإسلام فيه فإن تاب وإلا فقد حل دمه لأنه لا مكان له في الصف المسلم فهو ليس من أهل الكتاب الذي نقبل منه الجزية وتكون له ذمة ولكنه ممن بدل دينه واستبدل كفراً بعد إيمان فهو حلال الدم ولا مكان لـه في الصف الإسلامي.. فهذه الفرق المكفرة أليست موجودة العالم الإسلامي فلماذا قبل منها أن تعيش كفراً بعد إيمان سنفترض أن القرون الماضية قد أحدثت غبشاً في الرؤية الإسلامية وأحدثت انحرافاً في المسلك الإسلامي جعلنا نعيد النظر في مثل تلك الأحكام المكفرة ونتيح لهذه الفرق فرصة للتعبير والدفاع عن نفسها لتقوم الحجة لهم أو عليهم وفقاً لشريعة الله وبعدها لا يجب أن نقبل إلا الإسلام الطاهر النقي الذي لا تشوبه شائبة من تستر أو تقية أو تخفي أو باطنية (وعلى الله قصد السبيل).
- سيادة الأخ ما رأيكم في اتفاق غزة - آريحا؟
- كل اتفاق لا يحقق ولاية لكافر على مؤمن فنحن لا نعترض عليه.
- ماذا تعنون بالولاية هنا؟
- نعني بأن الله قد استعبدنا بموالاة المؤمنين وبمعاداة الكافرين فالمولاة والمعاداة هما الأصلان العظيمان بعد التوحيد الذي يتم على أساسه تنظيم المجتمع الإنساني في دين الإسلام "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون"
" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض".
" والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" .
" إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا".
المؤمن قد يقاتل المؤمن ولكن لا يعاديه وقد ينصر الكافر ويستعين به ولكن لا يواليه.
وذلك هو مقياس التفرقة بين المسلمين والمؤمنين فمن دخل الإيمان في قلبه يستحيل عليه أن يوالي كافراً أو يعادي مؤمناً، ومن لم يدخل الإيمان في قلبه سهل عليه موالاة الكفار ومعاداة المؤمنين وساد مسلكه النفاق والشقاق والباطنية وهو إظهار مواقف لا يعتقد فيها حقيقة.
- كيف تقول أن المؤمن قد يقاتل المؤمن ولكن لا يعاديه وقد ينصر الكافر ولكن لا يواليه؟
- نعم هذا ما يقوله الله لنا (وإن طائفتان من المؤمنين إقتتلوا فأصلحوا بينهما" "يقتتلون وهم مؤمنون" وبعدها يقول الله جل وعلا " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" وقد ينصر المؤمن كافراً معاهداً أو ذمياً كما فعل رسول الله عليه وسلم في فتح مكة حين قتلت قريش بعض القبائل التي كانت في عهده فنصرها وهي مشركة.
وكذلك فعل الصحابة أقتتلوا ولم يتعادوا بمعنى أنهم لم ينصر أحدهم كافراً على الآخر أو يستنصر به لقتاله أو يخذله في مواجهته.
قراءة حوارية في أسفار العز الماضية!!
السفرالثالث
المواقف الإيمانية
سيادة الأخ إلى أي مدرسة فقهية تنتمي؟ أو بتعبير آخر ما هو مذهبك؟
- طبعاً أنت تعلم أنني مسلم
- أجل هذا معلوم عندي
- إذن فلا يحتاج المسلم أن يضيف إلى هذه التسمية أخرى "ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا" " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"
- يعني هذا أنك ضد المذاهب؟
- لا لست ضد المذاهب ولكني ضد التمذهب.
- وما الفرق بين الأمرين؟
- الفرق أن المذهب هو اجتهاد فقهي في أمور الدين يستنبط فيه الفقيه الحكم المراد من أدلته في الكتاب الكريم والسنة المطهرة على أساس ما يفهم من لغة العرب من معاني القرآن وعلى أساس ما يعلم عن السنة المطهرة من أنواع الأحاديث ومراتبها في الاحتجاج ودلالاتها اللغوية وغيرها. وبعد أن يصل إلى الحكم المستنبط يقول هذا ما أدى بي إليه اجتهادي في هذا وهذه أدلتي وإذا ما وجد دليل أقوى لمجتهد آخر لم يمتنع عن الأخذ به وترك اجتهاده السابق وكذا إذا وجدت أحوال أو فهوم أو دلالات لم تكن موجودة في السابق أعاد النظر في اجتهاده على أساسها.
أما التمذهب فهو الأخذ باجتهاد إمام أو فقيه والثبات عليه والدفاع عنه وطلب أوجه التأويل لقوله حتى لو عارض محكم الآيات وصحيح الأحاديث وصريحها..
أنا اعتقد أنه نقص بالمرء في هذا العصر أن يتمذهب مُجانبة للأصوب والأولى في الاتباع.
نحن بحمد الله أمام كوكبة من القراءات المتواترة الصحيحة للقرآن المقيدة بحروف المصحف العثماني وضبط الرواة الثقاة العدول وموافقتها للعربية.
وأمام منظومة من مصنفات الحديث النبوي الشريف مرتبة ترتيباً أجمعت عليه الأمة.. وأمام علم متكامل للعربية وكلام العرب.. وأمام قواعد أصولية مجموعة.
هذه كلها في متناول أيدينا.. وقد اغترف من بحرها فقهاؤنا وعلماؤنا عبر كل الاعصار فأغنوها وأفادوا ولئن تشعبت بهم الاجتهادات وتعددت المشارب فلأن أول نشوئها لم يشهد هذا التكامل الحديثي على وجه التحديد.
وحين اكتملت المكتبة الحديثية رأينا اليمن الميمون سباقة في إظهار أولى الاجتهادات الجامعة لشتات المذاهب فكان أبن الأمير بسبل السلام والشوكاني في نيل الأوطار بواكير هذه الحالة الجمعية الجامعة.
ونستطيع أن نقول أنه لم يعد بعد هذين العلمين الشامخين وما ابتدآه باجتهادهما في الفقه مجال نقول ذهب أصحابنا والأرجح قول أهل المذهب.. ولكن المجال لقول صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا ودل على ذلك حديث كذا كما صح عنه كذا والأصح كذا لوروده من أكثر من طريق صحيح.
وقالت العرب كذا وبعض العرب تقول كذا ولغة الحجاز كذا وبها جاء التنزيل وهي لغة قريش التي إليها ينتسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى أساس ذلك يمكن جمع كلمة المسلمين لا غيرها كما أرى والله أعلم.
- سيادة الحاكم إنك تتحدث عن كل شيء حديثاً يقطع كل حديث آخر وأراك تفعل ذلك حتى في مجال علوم الشريعة كهذه فهل ترى أنك قد وصلت إلى درجة الاجتهاد التي تجيز لك القطع بهذه المسائل؟
- استغفر الله أن أدعي ما ليس عندي ومعاذ الله أن أكون كذلك إنما اتحدث عنه هو حديث المسلم الذي قلَّب أوجه النظر فيما بين يديه من تراثه النظري والعملي العظيم واجتمع له من خلال المسار العام لهذا التراث واجتهادات الفقهاء والعلماء والمصلحين مجموعة من الرؤى والاختيارات رأى أنها أصلح لنفسه وللمسلمين من غيرها ولست في هذا بدعا بين أهل عصري من المسلمين.
فلقد حدثتك عن الإمامين الشوكاني وأبن الأمير وعلى نهجهما وفي طريقهما رأينا الإمام الشهيد حسن البناء يؤسس حركته المعاصرة ورأينا مصنفات تسير في هذا الطريق أرضت كل فكر إسلامي معاصر وكل توجه إيماني صافي. وأذكر لك مثالاً على ذلك كتاب (فقه السنة) الذي لخص مقاصد الشريعة الإسلامية على أساس ما صح من الأدلة ولم يستثن أياً من أقوال المذاهب عبر القرون أبرك المصنفات الفقهية المعاصرة في نظري وكل مسلم ينصح باقتنائه فقد يغني عن كثير من المصنفات الفقهيه الأخرى.. وهو حقاً كذلك وربما لا يغني عنه شيء من باقي المصنفات الموجودة حالياً في مجال الفقه الميسر... ومع هذا لا نقول أنه قد خلا من كل ما يعترض عليه وليس هناك مصنف بشري كذلك ولكنا نحكم على الغالب.
- وماذا عن مدرستك الكلامية؟
- كما أنني مسلم لا أكثر في الفقه فأنا مسلم لا أكثر في العقيدة لقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : "ما ضل قوم بعد هدى أوتوه ألا اعطوا الجدل": واعتقد أن كثيراً من الفرق الإسلامية نشأت بسبب الجدل وربما إليها لا إلى غيرها كانت نسبة هذا العلم إلى الكلام فسمي بعلم الكلام وسمي أصحابه بالمتكلمين مصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم "أعطوا الجدل"...
صحيح أن بعض هذه الطرق أو بعض أفرادها قد تخصصوا في أزمنة مختلفة للدفاع عن العقيدة وفتح الله بهم على عباده ولكن ما آلت إليه بعض هذه الفرق من شقاق وجدال وكلام في ذات الله وصفاته كان مدعاة للتشويش على قلوب العوام ومجالاً للفتنة والتنابز.. وذلك ليس من مقاصد الدين ولا هو مما يرضى عنه الله ولا رسوله ولا المؤمنون.
نريد أن نعود بفقهنا واجتهاداتنا واعتقاداتنا وأقوالنا وأفعالنا إلى عصر النبي والصحابة عصر الأمية التي علمت المتعلمين من الفرس والروم الأمية في الاعتقاد وفي القول والعمل لا الأمية في الكتابة والقراءة الأمية التي أمتدح الله بها حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم ممتناً عليه وعلى من اتبعه:
( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والأنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم...).
والأمية التي امتدح الله بها عباده المؤمنين وأمتن عليهم بها بقوله: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)
- ألا ترى أن هذا الكلام يؤدي إلى الفرقة بين المسلمين؟
- لا لست أرى ذلك لكني أرى أن الحق لا يفرق كما أن الباطل لا يجمع ومن ضاق عليه الحق فالباطل عليه أضيق. وأرى أن أي وحدة بين المسلمين يجب أن تقوم على اساس من الثوابت الإيمانية الراسخة ويجب أن لا تقوم على المداهنة والقبول ببعض الحق وببعض الباطل لمجرد الحرص على الوحدة الإسلامية.
فلقد روى عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم القول بأن الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك. يمكن التسامح في الاختلاف في المسائل الفرعية لأن ديننا قد قام أصلاً على هذا التسامح وعلى السعة أما في المسائل الأصولية التي تنبني عليها أمور الدين واعتقاداته فلا.. ولا بد من أطر بعضنا بعضاً إلى الحق أطراً.
- ما تعني بالمسائل الأصولية؟
- ما قد ذكرته سابقاً.. إننا لم نعد مسئولون عن أنفسنا كمسلمين إننا مطالبون بتقديم هذا الدين العظيم للبشرية كلها إننا أمام مشروع حضاري إسلامي يعيد بناء هذا العالم على أساس الحق الذي جاء به الإسلام.
فهل ترى من اللياقة بمكان مثلاً أن يحدث هذا في ظل اعتقاد جماعة من إخواننا المسلمين بضرورة وجود الإمام لإقامة الكثير من الشرائع والشعائر واعتقاد هذا الإمام غائباً منذ أكثر من ألف عام وسيعود ذات يوم وحين يعود فقط نستأنف حياتنا الإسلامية.
هل من المناسب في هذا الوقت بالذات أن تتأسس الشرائع والشعائر على أساس الموالاة للأئمة الاثني عشر و المتمذهبين بمذهب الاثني عشريه وما دونهم فلا.. بحيث لا تصح حتى صلاة أحدهم وراء من لا يعتقد ذلك ولا جهاد إلا وراءه ولا موالاه إلا له.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن أصحابه بما فيهم الأئمة أنفسهم قولاً وفعلاً خلاف ذلك أفيصبح الظن ديناً واليقين غير ذلك؟!
هل يصح اعتقاد أن سيدتنا فاطمة عليها السلام كان ينزل عليها جبريل بعد موت أبيها صلى الله عليه وآله وسلم ويطلعها على الكثير من الأنباء ويكتب ذلك سيدنا الإمام على عليه السلام.. (ومن المحتمل أن تكون قضايا إيران من الأمور التي نقلت لها).
هناك فارق كبير بين هذه وبين الخلاف حول القنوت في الصلاة أو عدمه وبين أن يكون قبل الركوع وبعده، وبين الإسبال والضم لليدين في الصلاة وغيرها من المسائل الفرعية أما تلك المسائل الأصولية فقد فتحت باباً للشر والباطنية لا يغلقه إلا العودة إلى الأصول التي تركها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ووردت إلينا متواترة عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين.
ولكن فيما يخص الإمامة اعتقد أنه قد أصبح إجماعاً بين المسلمين على عدم وجوبها للأئمة الاثنى عشر أو أبناء البطنين الحسن والحسين عليهما السلام أو غيرهم من آل البيت؟
في حدود علمي فإن مدارس الفقه الجعفري والزيدي قد توصلوا إلى مثل ذلك..... ولكن ليس السلطان الحاكم في إيران.. والأصل أن يقتنع أصحاب السلطان بذلك. كما أن الأصل أن يكون الاتفاق شرعياً فقهياً أصولياً.. يعني أن لا يكون القبول وقتياً.. أو حتى دائماً مع الإيمان بعكسه فذلك إن هيأ اللقاء للخروج من التشتت إلى الوحدة فلن يهيئ اللقاء بعد ذلك للبناء المتماسك المتوازن والمتناسق لمجتمع الإسلام القادم.
- ألا يمكن القبول بهذا الذي حدث كحد أدنى والباقي سيتحقق على التراخي؟
- طبعاً لا بد من القبول بأي خطوة في هذا السبيل مهما كان حجمها.. مع الاحتفاظ بمبادئ اللقاء المطلوبة كاملة غير منقوصة بحيث لا يتعطل السعي في سبيلها مجتمعة لمجرد تحقق شيء منها.. هذا مقبول ويبقي أن تجتمع كلمة علماء الأمة وربانييها على كل الحقائق على كل الحقائق الكلية الإسلامية ومنها الاتفاق على المصادر الأساسية للتشريع اجمالاً وتفصيلاً. يعني ليس المطلوب فقط أن تقول أن المصادر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإجماع بل أن نتفق على كل واحد من هذه الثلاثة.
فالقرآن بقراءاته تفصيلاً ومقرئيه ورواتهم ورسمه في المصحف.
والسنة مصادرها ومصنفاتها ومراتبها وحجيتها والإجماع وتعريفه وما هي المسائل الذي ينبغي الاتفاق عليها كإجماع...إلخ.
- وكيف يمكن تحقيق هذا؟
- يمكن تحقيقه بمساعدة سلطان الزمان الإسلامي غير المتحيز إلا لله ولرسوله ولرسالته.... بحيث يجمع كل علماء الأمة الذين يعتد بعلمهم ويضعهم أمام هذه المهام والناس تبع لأمرائهم وعلمائهم.. لقد ظل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مكة (13 عاماً) يرسخ الأصول الاعتقادية وعشر سنوات فقط لبناء وتثبيت الدولة المسلمة.
- من ترى يمكن أن يشارك في هذا اللقاء ومن يمكن أن يدعى إليه؟
- كل رؤساء وممثلي الفرق والطوائف المذاهب الإسلامية يعني من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
- بما فيهم الخوارج والفرق الباطنية؟
- نعم بما فيهم الخوارج والفرق الباطنية (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة).
- ولكن كثيراً من الفرق الباطنية صدرت فتاوى .. بتكفيرها؟
- نحن سنضع كل الأمة أمام إسلامها الذي تركه لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (المحجة البيضاء) وسنطلب من كل مسلم أن يسلكها وأن يدخل فيما دخل فيه المسلمون فمن استجاب فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ومن لم يستجب أزحنا عنه الشبهة وسمعنا منه وأسمعناه فإن خالف إجماعاً وحكماً أو اعتقاداً معلوماً من الدين بالضرورة بينا له حكم الإسلام فيه فإن تاب وإلا فقد حل دمه لأنه لا مكان له في الصف المسلم فهو ليس من أهل الكتاب الذي نقبل منه الجزية وتكون له ذمة ولكنه ممن بدل دينه واستبدل كفراً بعد إيمان فهو حلال الدم ولا مكان لـه في الصف الإسلامي.. فهذه الفرق المكفرة أليست موجودة العالم الإسلامي فلماذا قبل منها أن تعيش كفراً بعد إيمان سنفترض أن القرون الماضية قد أحدثت غبشاً في الرؤية الإسلامية وأحدثت انحرافاً في المسلك الإسلامي جعلنا نعيد النظر في مثل تلك الأحكام المكفرة ونتيح لهذه الفرق فرصة للتعبير والدفاع عن نفسها لتقوم الحجة لهم أو عليهم وفقاً لشريعة الله وبعدها لا يجب أن نقبل إلا الإسلام الطاهر النقي الذي لا تشوبه شائبة من تستر أو تقية أو تخفي أو باطنية (وعلى الله قصد السبيل).
- سيادة الأخ ما رأيكم في اتفاق غزة - آريحا؟
- كل اتفاق لا يحقق ولاية لكافر على مؤمن فنحن لا نعترض عليه.
- ماذا تعنون بالولاية هنا؟
- نعني بأن الله قد استعبدنا بموالاة المؤمنين وبمعاداة الكافرين فالمولاة والمعاداة هما الأصلان العظيمان بعد التوحيد الذي يتم على أساسه تنظيم المجتمع الإنساني في دين الإسلام "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم والله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون"
" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض".
" والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" .
" إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا".
المؤمن قد يقاتل المؤمن ولكن لا يعاديه وقد ينصر الكافر ويستعين به ولكن لا يواليه.
وذلك هو مقياس التفرقة بين المسلمين والمؤمنين فمن دخل الإيمان في قلبه يستحيل عليه أن يوالي كافراً أو يعادي مؤمناً، ومن لم يدخل الإيمان في قلبه سهل عليه موالاة الكفار ومعاداة المؤمنين وساد مسلكه النفاق والشقاق والباطنية وهو إظهار مواقف لا يعتقد فيها حقيقة.
- كيف تقول أن المؤمن قد يقاتل المؤمن ولكن لا يعاديه وقد ينصر الكافر ولكن لا يواليه؟
- نعم هذا ما يقوله الله لنا (وإن طائفتان من المؤمنين إقتتلوا فأصلحوا بينهما" "يقتتلون وهم مؤمنون" وبعدها يقول الله جل وعلا " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم" وقد ينصر المؤمن كافراً معاهداً أو ذمياً كما فعل رسول الله عليه وسلم في فتح مكة حين قتلت قريش بعض القبائل التي كانت في عهده فنصرها وهي مشركة.
وكذلك فعل الصحابة أقتتلوا ولم يتعادوا بمعنى أنهم لم ينصر أحدهم كافراً على الآخر أو يستنصر به لقتاله أو يخذله في مواجهته.