المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مؤتمر العملاء - محمود شنب



ali2004
25-07-2004, 05:56 PM
مؤتمر العملاء

بقلم : محمود شنب

mahmoudshanap@yahoo.com

لا أدرى ما هو الخير الذى يمكن أن يعود على العراق من اجتماعات دول الجوار الست ومعهم مصر !!

كيف تبحث هذه الدول التى تقع فى مجملها ـ عدا سوريا ـ تحت السيطرة الأمريكية فى أمر استقرار العراق وقد كانت السبب الرئيسى فى كل ما أصاب العراق من دمار وخراب ؟!!

مجنون من يتصور أن الشيطان يمكن أن يتحول إلى ملاك فى يوم وليلة .. الإبن العاق لا يمكن أن يتحول إلى إبن بار وقد حول بيته إلى وكر .. وبار ..

لقد قـُتل العراق منذ أمد بعيد بأصابع دول الجوار ، فكيف يسيروا اليوم فى جنازته وكأنهم أصحاب الفاجعة ؟!!

إن أفضل عمل يمكن أن تقدمه دول الجوار إلى العراق حتى تكفر عن سيئاتها هو أن تتركه وشأنه ، لأن الخير لا يمكن أن يأتى على يد الشياطين ، ولأن الله لا يُصلح عمل المفسدين .

العراق يا خونه ليس فى ورطة .. أمريكا هى التى تعيش الورطة بكل أبعادها وتفاصيلها ولا تجد مخرجًا غير مهين يمكنها من الخروج من بغداد إلا عن طريق هذه الاجتماعات القذرة التى تبحث فى مساعدة أمريكا وليس فى مساعدة العراق .

لقد استخدمت أمريكا كل ما تملك من قوة وأخرجت كل ما فى جعبتها .. استخدمت الرشوة والنفوذ ، واستخدمت العملاء واللصوص ، واستخدمت أسلحة محرمة دوليًا ، وبسطت نفوذها على مجلس الأمن والمجتمع الدولى ، وقدم لها الخونه فى دول الخليج كل ما يمكن من مزايا وتسهيلات ... وها هى الآن تبدو عاجزة عن فرض نفوذها على شبر واحد من العراق على الرغم من جيوش العملاء والمرتزقه ممن ينتسبون إلى العراق اسمًا ..

ها هى أمريكا تستنجد بكم يا من خـُنتم الله ورسوله وتدعوكم لتبييض وجهها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ..

منذ متى اهتمت دول الجوار المرتدة بالشأن العراقى ؟!!

أين كنتم يا خونه أيام الحصار وأيام القصف وأيام القتال ؟!!

أين كنتم فى السنوات العجاف حتى تظهروا اليوم فى أيام المقاومة ؟!!

إن كل صاروخ أصاب العراق خرج من دياركم ، وكل طائرة قصفت الآمنين أقلعت من أرضكم ، وكل حصار مؤلم أصاب شعب العراق وقتل منه أكثر من مليون ونصف المليون عراقى تم على أياديكم !!

كيف لا تستحى النفايات من العار وتأتى اليوم لتكمل المشوار ؟!!

ما الذى فعله فيكم شعب العراق لتكنوا له كل هذا الحقد والبغضاء ؟!!

لو كنتم صادقين يا فسقه فى إصلاح حال العراق لطالبتم أولاً بإخراج القوات الأمريكية من العراق ثم توليتم أمر إصلاحه وتعميره .. عندها ستجدوا الكل معكم شعوبًا وحكومات أفراد وهيئات ، لكنكم والحال كذلك فإنكم لا تعملون على استقرار العراق وإنما تعملون على استقرار الخونه وتثبيت أقدام أمريكا التى لم تجد موضع قدم لها فى العراق الحُر .

كفاكم استهزاءً بمشاعر الشعوب ، وكفاكم كذبًا ونفاقـًا وغشـًا وخداعًا ... إن العراق اليوم أصبح مقصدًا لكل من تهفو إليه الأنفس البشرية على اختلاف أهوائها وطبائعها ، فالعراق بالنسبة للعراقيين الأوفياء يمثل وطن لا يمكن التفريط فيه ، والعراق بالنسبة للعراقيين العملاء يمثل كنز كبير يستوعب كل أطماعهم الدنيئة ، والعراق بالنسبة لأمريكا يعد مفتاح الهيمنة على كل شئ ، والعراق بالنسبة لإسرائيل حلم عزيز يتمنوا تحقيقه ، والعراق بالنسبة لحكام دول الجوار يعد موضع تنفيس عن كبت دفين وحقد عظيم لقائد أظهر وضاعتهم وعمالتهم .

إن العراق اليوم أشبه بالفتاة الشريفة التى وضعتها الأقدار فى مواجهة بلطجى وضيع دأب على اغتصاب حقوق الآخرين .. هذه الفتاة قد تتمزق ثيابها وقد يتلطخ جسدها بالطين والدماء ، لكن موضع عفتها وكرامتها سيظل مُحصنـًا بفعل المقاومة ورفض الاحتلال ..

العراق اليوم يقاوم بكل ما أوتى من قوة حتى لا يعيش مثل جيرانه ممن سُـلبن العفة وفقدن الشرف .

ملعون من لم يضع مصلحة بلاده قبل مصلحة أمريكا ، وملعون من خان أمته من أجل كرسى لا وزن له ولا قيمة لا يساوى عند الله مسمار فى كرسى الشيخ أحمد ياسين ..

إننا نعيش أزمة حسابات خاطئة ستدفع الأمة ثمنها لا محالة جراء سياسات آل سعود وآل مبارك وآل الصباح وغيرهم ممن باعوا أنفسهم للشيطان الأمريكى وشربوا من كأس الخبل والهبل حتى فقدوا الوعى والسيطرة وتبولوا على أنفسهم ـ وهم أسوياء ـ وتمرغوا فى الوحل ـ وهم أقوياء ـ وسال لـُعاب العبط فيهم حتى تجمد على صدورهم وأصبحوا أمام العالم مثل دراويش الموالد وأولاد الشوارع .

العراق اليوم يُباع ويُشترى فى مزاد علنى ترعاه الأمم المتحدة لحساب أمريكا ، ويشاهد هذا المزاد نظام عالمى فاسد صمت على الجور إرضاءً للبلطجى الأمريكى ، وسوف يرسو العطاء حتمًا على من يدفع أكثر ويصبر أكثر .

أمريكا تدفع بكل قواتها فى العراق من أجل تثبيت أقدام الباطل ، ولا تدخر فى ذلك جهدًا .. تشترى الذمم وتشترى الصمت وتشترى المبادئ وتشترى الإعلام ، والمقاومة تقاتل بكل ما تملك من إمكانيات وقدرات وتفضل الموت على حياة تحكمها أمريكا ..

من الصعب إقناع قوم لا يريدون أن يقتنعوا .. حكامنا لا يريدون أن يفهموا ويفضلوا الذل على الكرامة والعار على الشرف والغباء على الفهم والجهل على العلم .. لا يريدون أن يعملوا وإن عملوا ففى سبيل الأعداء .

فى الشأن العراقى وضحت الصورة تمامًا وعرف العالم كله جرائم بوش وبلير .. عرف العالم كله من هو المجرم الحقيقى ومن هو الكذاب الأشر .. لا أسلحة دمار شامل ولا تهديد لأمن أمريكا وبريطانيا ولا علاقة للعراق بالقاعدة ولا صلة للنظام العراقى بأى جماعات متطرفة .. العالم كله عرف الحقيقة وغير من مواقفه إلا حكامنا مازالوا تحت أقدام أمريكا يقدموا الزيف ويزيفوا الوعى ويخدعوا الشعوب .. بوش وبلير فقدوا الراحة فى أوطانهم ووجدوها فى أوطاننا .. بلير يصارع شعبه وبوش يطارَد من قومه ونحن هنا نمكن لهم ونرعاهم ونعمل على تحقيق أهدافهم ونستقبل فى عواصمنا العربية كل من ترضى عنهم أمريكا من الخونه العراقيين .. نبتسم فى وجه الساقطين ، ونرحب بكل الخائنين ، ولا نتعلم الكرامة من الرئيس الفرنسى الذى قال لشارون : ( أنت شخص غير مرغوب فيه فى باريس ) .. لم نقل ذلك لزيبارى أو علاوى ولم نستحى حتى من مقابلة الجلبى وباقى الخونه .. إننا ننفذ تعليمات أمريكا بكل دقة .. ننفذها دون نطق أو مناقشة ونكتب أوامرها مثلما تكتب اللام الشمسية التى تـُـكتب ولا تـُنطق .. نجتمع فى القاهرة من أجل أمريكا ، ونأتى بدول الجوار العراقى من أجل إدانة المقاومة وتجريم الجهاد تحت حجة مساندة الحكومة العراقية وتدعيم الاستقرار ... الكلام طيب وجميل ، كلمة الاستقرار كلمة لا يرفضها عاقل إلا إذا وضعت فى غير سياقها الصحيح ، والعمل على استقرار العراق فى مثل هذه الظروف يعنى تمكين العملاء وتثبيت أقدام الخونه ، وهذا ليس استقرارًا وإنما غدر وخيانة ولعب بالنار .. هذا ليس تعاون على البر والتقوى وإنما تعاون على الإثم والعدوان .

كيف نتعاون مع حازم شعلان وزير الدفاع العراقى الذى يهدد دول الجوار بنقل ما يحدث فى العراق من تفجيرات إلى عواصم تلك الدول .. إنها الوقاحة التى تدعمها أمريكا ، ولا أدرى كيف يقبل حكامنا هذا التهديد ولا يفعلوا مثلما فعل شيراك وأخرجوا الكارت الأحمر لهذا الكلب العاقر !!

إلى متى نهادن الفسقة ونرعى الخونه ونصون القتله ونبلع سفالات الأراذل ونحنى الجباه للصوص ؟!!

إن تصريح "شعلان" كان فيه من المبررات ما يكفى لإلغاء مؤتمر القاهرة ، ولو حدث ذلك لعرف الخونه حجمهم الحقيقى وتحدثوا على قدر وضاعتهم وعمالتهم .

إننى لا أخشى على العراق من أمريكا ، وإنما أخشى عليه من العملاء ودول الجوار .. أمريكا فى حد ذاتها لم تفلح فى احتلال الصومال فكيف تفلح فى احتلال دولة تعد معقلاً من أهم معاقل الرجال ؟!! ... إننى أقولها وبأعلى صوتى : مرحبًا بكلاب أمريكا على أرض العراق .. مرحبًا بالفئران الرخوه بعيدًا عن جحورها المحصنة .. فخر للعراق وشرف أن يُـقتل على أرضه من الجنود الأمريكيين ما لم يقتل على أى أرض عربية أخرى .. إنه الوسام الخالد على صدر كل عراقى ، أما دول الجوار التى تنعم بالاستقلال الوهمى فإن كل مسئول فيها يدرك جيدًا أن لا وزن له ولا قيمة فى بلاد يصول فيها الكلاب على أرضهم ويتبولون على كرامتهم وشرفهم ، ويمنون على أصحاب الأرض بالحياة وكأنهم عبيد لا يملكون غير تنفيذ أوامر الأسياد .

العراق يا ساده ليس وساده للصوص ولا سجادة حمراء تبسط فى المطار لاستقبال الخونه .. العراق شرف فوق رؤوس النبلاء ودار خلافة بلغ نورها الأرض والسماء ، وإذا كان حكامنا العرب لا يعرفون قدره فإننا كشعوب نعرف جيدًا ما يمثله هذا البلد العظيم أرضًا وشعبًا وحضارة وتاريخ .. نعرف انه البلد الوحيد الذى لم يلوث بسلام مع إسرائيل أو علاقات غير متوازنة مع أمريكا حتى لو لوثت أرضه بصواريخ وقنابل الأعداء .. سيظل الإنسان فيه فى غاية النقاء .. إنه الشعب الوحيد الذى تتحدث فيه المرأة كأفضل مما يتحدث الحكام لدينا ، ويقاتل فيه المقاتل كأشرس ما يكون القتال .. هذا العراق الحُر لن يقبل الضيم ولن يرضى بالهوان .. قد تتهدم جدرانه وقد تطول أحزانه وقد يخرج من عمرانه إلى زمان غير زمانه ويعود على يد أمريكا الباغيه إلى حياة القرون الوسطى ، لكن إنسان العراق سيظل أشرف ظاهرة عرفها التاريخ وعن طريقه سيعلم العالم كله ان العراقى قد يفرط فى رفاهيته لكنه لا يفرط أبدًا فى كارمته ولا إرادته .

لقد ظلمنا العراق زمنـًا طويلاً ..

ظلمناه فى عهد صدام وفى غير عهد صدام ..

ظلمناه بمبرر وبدون مبرر ..

ظلمنا إرضاء لشياطين الإنس فى كل من الكويت وأمريكا ..

ظلمناه من أجل ألا يكون للعراق حاكمًا شريفـًا ..

ظلمناه عندما بحثنا له مع أمريكا عن حاكمًا وضيعًا ..

ظلمناه لا لشئ إلا لأنه عشق الكرامة فى زمن العبيد وعرف الصناعة فى عهد الاستيراد وأراد الاستقلال فى زمن العولمة ..

تقول جريدة "بديعوت أحرونوت" : ( إن احتلال العراق يعد طريقـًا لإنهاء القضية الفلسطينية وإحياء لحلف بغداد الجديد الذى يضم العراق والأردن وإسرائيل حيث ان للدول الثلاث تراثـًا مشتركًا من عهد الانتداب البريطانى ) .

وتقول ها أرتس الإسرائيلية : ( إن سقوط بغداد واحتلاله يمثل ميلاد جديد لإسرائيل وللعالم كله ) .

إلى هذا الحد بلغ صيت العراق وشهرته وبلغ هلع الصهاينة من قدراته وإنجازاته وخطواته السريعة نحو التقدم والرقى !!

لقد فرطنا فى كنز العرب يوم فرطنا فى العراق .. فرطنا فى شرف العرب يوم فرطنا فى العراق ، وسيظل الذنب العراقى معلقـًا فى أعناقنا حتى يتعافى وتعود إليه كرامته المسلوبة ..

تقول الأستاذ سناء السعيد : ( مسكين العراق تطلع إلى الرفاق فلم يجد أحدًا .. تطلع إلى قمم العروبة والإسلام فغاب فى غياهب النسيان تنكر له الجميع .. تبًا لهذه الحياة وتبًا لكل من نسى الوفاء والإخلاص ) .

أتمنى لو صحى الغافلون ونهض الراقدون وشعر الحكام بقيمة العراق ..

أتمنى لو شعر الحكام بحجم الكارثة إذا ما هدأت الأمور فى العراق واستقرت فى يد الخونه واللصوص ..

أليس غريبًا أن تكون أول قرارات رئيس وزراء مصر الجديد بعد اجتماعه بعلاوى ـ استعداد مصر لتدريب قوات الشرطة العراقية ومساعدتهم فى مكافحة الإرهاب ؟!! ... والإرهاب لمن لا يعرف يعنى المقاومة ، وتدريب العراقيين يعنى تدريب الخونه ، والمساعدة فى استقرار الأوضاع يعنى المساعدة فى تثبيت أقدام الاحتلال .

أنا لا أعرف كيف تفكر القيادة المصرية وكيف بلغت من الهوان هذه الدرجة !!

لقد ارتدت مصر على كل ثوابت الدين والوطن ولم يعد يشغلها غير إرضاء أمريكا وإسرائيل ومساعدة الخونه والساقطين .

لقد سقط النظيف فى أول اختبار حقيقى له ، وظهر معدنه مع أول قرار رسمى يتخذه ، والنظيف لم يأتى بجديد لأن الذى يريده هو ما يريده مبارك الذى سبق وصرح فى 15/4/2004 وقال : ( لقد تحدث مع الرئيس بوش وأبلغته استعداد مصر لتدريب قوات الشرطة العراقية وإعدادها لتكون مسئولة عن الاستقرار والأمن فى كل مدينة وقرية ثم تبدأ القوات الأمريكية الانسحاب التدريجى إلى خارج المناطق الآهلة بالسكان ، ويجب أن نترك الفرصة لأفراد الشرطة العراقية للتعامل مع إخوانهم العراقيين ) .

هذا هو رأى مبارك ، وبإذن الله لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ، والله غالب على أمره ولو كره الكافرون .