imran
29-08-2006, 02:07 AM
حزب الله انتصرَ أم ذُبِح؟
شبكة البصرة
لعله ليس من باب المصادفة ان تعلن طهران في يوم الثالث عشر من تموز الماضي والذي تزامن مع اليوم الثاني للهجوم الإسرائيلي على لبنان عن وفاة العقيد حرس ثوري "غلام خليلي" الذي يعد احد ابرز المساهمين في تأسيس حزب الله في لبنان.
وكان الإعلان عن وفاة العقيد خليلي قد جاء على لسان قائد الحرس الثوري السابق وأمين عام مجمع تشخص مصلحة النظام الحالي الجنرال محسن رضائي الذي أثنى على دور العقيد خليلي في تدريب المليشيات المسلحة لحزب الله. ويعد خليلي ثاني مسؤول عسكري ايراني يتم الكشف عن دوره في بناء وتطوير حزب الله بعد ألحرسي احمد توسليان " قائد لواء27 محمد رسول الله " الذي كان قد تم اختطافه في بيروت عام 1982م مع القائم بإعمال السفارة الإيرانية على يد مجموعة مسلحة قيل إنها تابعة للقوات اللبنانية بقيادة أيلي حبيقة آنذاك.
قد يكون الإعلان عن وفاة مسؤول عسكري ايراني كبير ساهم في إنشاء حزب الله تزامنا مع بدء الهجوم الإسرائيلي على لبنان لإنهاء وجود حزب الله قد جاء صدفة فعلا وقد تكون هناك أبعاد سياسية لهذا الإعلان ولكن ما هومؤكد ان ايران التي ضاق بها الخناق وأصبحت مجبرة بين القبول برزمة الحوافز (المقدمة من الدول 1+5 ) اومواجهة العقوبات التي تنتظرها إذا ما رفضت هذا العرض المغري لا يمكن ان تكون بريئة من ما مر به لبنان وما حل وسيحل لاحقا بحزب الله من فاجعة. فالقادة الإيرانيون كما هومعلوم لم يؤسسوا حزب الله ليمحوا به إسرائيل من الخراطة كما يزعمون ولكن من المؤكد إنهم أسسوا هذا الحزب ليكون ورقة ضغط يساومون بها عند الحاجة , وليست أية حاجة, فالتضحية بهكذا عجل سمين لابد ان يكون مقابل ثمن ليس اقله الحصول على دور إقليمي يكون متناسبا مع طموحهم الذي وضعوه نصب أعينهم بعد انتصارا لثورة وعملوا على تحقيقه عبر ما سمي بمشروع " تصدير الثورة " والذي كان حزب الله احد الأدوات التي صنعت لتحقيق هذه الغاية.
لقد تمكن تصاعد أزيز الطائرات وهدير القذائف والصخب الإعلامي الذي صاحب المعركة التي دارت بين حزب الله وجيش العدوالإسرائيلي طوال أيام الحرب الثلاثة والثلاثون من التغطية على الكثير من التصريحات التي أطلقها القادة الإيرانيون والتي حملت في طياتها رسائل بعضها مشفرة وأخرى وضاحة تؤكد بما لا لبس فيه ان حزب الله قد بيع وان عملية خطف الجنديين الإسرائيليين التي نفذها الحزب ما هي إلا فخ أوقعه فيه منشئوه وممولوه وولاة أمره الإيرانيون.
فمن ابرز التصريحات الإيرانية التي يمكن ذكرها في هذا المقام تلك التي أدلى بها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني " اللواء فيروز آبادي " والتي أعلن فيها ,ان ايران لن تدخل الحرب الدائرة في لبنان بين إسرائيل وحزب الله,. وقد لاقي ذلك التصريح ارتياحا إسرائيليا بالغا حسب ما ذكرته صحيفة هاأرتس ونشرت ترجمته الصحافة الإيرانية.
وبالإضافة الى هذا التصريح يمكن النظر الكلام الوضاح الذي صدر عن الرجل القوي في النظام الإيراني رئيس مؤسسة كيهان الثقافية الحكومية واحد ابرز المقربين لمرشد الثورة علي خامنئي " حسين شريعتمداري " خلال حوار أجرته معه مجلة " نيوزويك " الأمريكية حيث أكد فيه إن ايران تلعب دورا محوريا في بناء نظام الشرق أوسط الجديد.
وردا على سؤال إذا ما كانت ايران متوجسة من هجوم أمريكي محتمل ضدها ؟ إجابة شريعتمداري ضاحكا : لا يوجد أحد متوجس هنا فأمريكا تسكن في بيت زجاجي ومن بيته من زجاج لا يستطيع رمينا بحجارة.
هذه الطمأنينة من رجل بموقع حسين شريعتمداري تؤكد على ان ايران حصلت على ضمانات بأنها لن تتعرض لأي هجوم أمريكي وهذا الاعتقاد تدعمه التقارير الأخيرة التي تحدثت عن مناشدة قدمها أكثر عشرون عسكريا ودبلوماسيا أمريكي سابق للرئيس جورج دبليو بوش طالبوه فيها بفتح حوار مباشر مع ايران حلوالخلافات العالقة بينهم بشأن لبنان والبرنامج النووي الإيراني. محذرين بشدة من فكرة استخدام القوة العسكرية ضد ايران ومشددين على ان استراتيجية بدء الحوار الدبلوماسي معها ستخدم المصالح الاميركية وحلفاءها، وتحسن الامن الإقليمي والدولي , حسب اعتقادهم.
ومن خلال ألأصوات التي أخذت تتعالى في أمريكا والمطالبة باستخدام الدبلوماسية في التعامل مع ايران يتضح ان هناك لوبي حقيقي يقف وراء هذا الدعوات ولابد ان هذا اللوبي قد دخل في مفاوضات مسبقة مع النظام الإيراني وانه قد حصل على ضوء اخضر منه بهذا الخصوص. ولابد أيضا ان ايران قد أبدت استعدادها الى تقديم تنازلات تساعد على دعم هذه الجهود.
وما هوملاحظ أيضا ان طوال فترة المعركة التي جرت بين حزب الله وجيش العدوان الإسرائيلي لم يتم فيها توجيه التهمة من الجانب الأمريكي لإيران في المشاركة مباشرة في هذه المعركة وذلك على الرغم من الاتهامات الإسرائيلية التي تحدثت عن وجود جثث لقتلى من الحرس الثوري الإيراني بين قتلى حزب الله. فما حدث من الجانب الأمريكي كان خلاف ذلك تماما فقد نشرت صحيفة " نيويورك تايمز" الصادرة في الثالث من آب أغسطس الجاري تقريرا إستخباراتيا أمريكي يؤكد عدم وجود مثل هذا التدخل.
هذا النفي الأمريكي لم يأتي لولم يكن هناك علة في الموضوع وهذه العلة تكمن في عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية توسيع نطاق هذه الحرب خارج دائرة لبنان.
علما ان ايران وعلى الرغم من امتلاكها لبعض الأوراق ومنها على سبيل المثال تنظيمات مسلحة في العراق وفلسطين وأفغانستان وغيرها إلا إنها لم تقوم باي فعل من شأنه تخفيف الضغط الإسرائيلي عن حزب الله وعدم قيامها بهذا الأمر بحد ذاته مبعث للتساؤل؟!.
وبعد وقف إطلاق النار الذي جاء تلبية للقرار الأممي 1701 ووافق عليه حزب الله قبل إعلان إسرائيل قبولها له, أطلق الإيرانيون جملة تصريحات تحمل نغمة جديدة لم تعهد من قبل. ومن بين تلك التصريحات يمكن الإشارة الى ما قاله وزير الدفاع الإيراني اللواء " مصطفى محمد نجار " في كلمة لها في مدينة همدان قال فيها : ان ,الجمهورية الإسلامية الإيرانية, تعمل على استقرار الامن وترسيخ الصلح والمحبة بين دول المنطقة عامة: وكلمة عامة هذه لها من الدلالات التي لا يمكن ان تمر دون ان تقرأ بتأني. وإذا ما ربطنا بين كلام وزير دفاع الجمهورية الإيرانية وكلام رئيسها احمدي نجاد الذي جاء أثناء افتتاحه لمنشاة أراك لانتاج المياه الثقيلة والذي ذكر فيه : أن إيران لا تمثل " تهديدا للدول الأجنبية ولا حتى لإسرائيل : يضاف الى ذلك إعلان الرئيس السابق محمد خاتمي عزمه زيارة واشنطن الأسبوع المقبل لإلقاء كلمة في احد كنائسها حول السلام وحوار الأديان , وهوبذلك يكون اول مسؤول ايراني رفيع المستور يزور واشنطن منذ الإطاحة بالشاه وقيام الجمهورية الإسلامية , يتبين بوضوح ان ايران تتجه الى نقطة الالتقاء مع ما يريده المايستروالمنظم لعملية مشروع نظام الشرق الأوسط الجديد وما هذه المناورات العسكرية التي تجريها القوات الإيرانية إلا زيادة في التعتيم على هذه الدور الذي ذهب ضحيته حزب الله.
ولكن قد يخطر في بال القارئ السؤال التالي , ترى هل أدرك قادة حزب الله هذه المؤامرة ؟.
بعد يوم واحد من الإعلان عن وقف إطلاق النار أعلن السيد حسن نصر الله ان حزبه " انتصر استراتيجيا " من دون ان يوضح ماهي هذه الاستراتيجية. حيث وكما يبدوا أراد بذلك تقليد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي حاول ان يغطي على هزيمة عام 1956م بمقولته الشهيرة " خسرنا الحرب عسكريا وربحناها سياسيا ".
فإذا كان عبد الناصر أراد بالنصر السياسي الذي عناه بقاء نظامه الذي حاولت دول العدوان الثلاثي إسرائيل, بريطانيا, فرنسا إسقاطه , وعارضت ذلك أمريكا بشدة , فبالتأكيد أن النصر الاستراتيجي فمن المؤكد أيضا ان النصر الذي قصده حسن نصر الله يتمثل في الحفاظ على حزبه حتى وإن دمرت لبنان شمالاً وجنوبًا، فيكفى أن الحزب لا يزال يحافظ على كيانه.
وقد أضاف نصر الله في لقاءه الأخير مع شبكة " تلفزيون الجديد" : إن قيادة حزب الله لم تتوقع ولوواحد بالمئة أن عملية أسر الجنديين ستؤدي إلى حرب بهذه السعة وبهذا الحجم،. ولوعلمت أن عملية الأسر كانت ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعا. وهذا دليل واضح على انه قد أدرك حجم الخسارة التي وقعت بحزبه قبل ان تقع بلبنان والشعب اللبناني.
ولكن هل سيبقى كيان حزب الله كما كان عليه قبل بدأ عملية " الوعد الصادق " التي قابلها العدو الإسرائيلي بعملية " أمطار الصيف " ؟.
من المؤكد ان نشوة النصر الذي صنعته الهالة الإعلامية الإيرانية وبعض وسائل الإعلام العربية في أذهان قادة وجماهير حزب الله سوف تستمر لأشهر اوربما لعام قادم ولكن بعدها وحينما يبدأ جني المحصول وتنتهي النشوة سوف يتبين عندها ان كان حزب الله انتصر فعلا ام ذبح.
صباح الموسوي
27 آب 2006م
مركز دراسات النهضة الأحوازية للثقافة والإعلام
شبكة البصرة
الاثنين 4 شعبان 1427 / 28 آب 2006
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
شبكة البصرة
لعله ليس من باب المصادفة ان تعلن طهران في يوم الثالث عشر من تموز الماضي والذي تزامن مع اليوم الثاني للهجوم الإسرائيلي على لبنان عن وفاة العقيد حرس ثوري "غلام خليلي" الذي يعد احد ابرز المساهمين في تأسيس حزب الله في لبنان.
وكان الإعلان عن وفاة العقيد خليلي قد جاء على لسان قائد الحرس الثوري السابق وأمين عام مجمع تشخص مصلحة النظام الحالي الجنرال محسن رضائي الذي أثنى على دور العقيد خليلي في تدريب المليشيات المسلحة لحزب الله. ويعد خليلي ثاني مسؤول عسكري ايراني يتم الكشف عن دوره في بناء وتطوير حزب الله بعد ألحرسي احمد توسليان " قائد لواء27 محمد رسول الله " الذي كان قد تم اختطافه في بيروت عام 1982م مع القائم بإعمال السفارة الإيرانية على يد مجموعة مسلحة قيل إنها تابعة للقوات اللبنانية بقيادة أيلي حبيقة آنذاك.
قد يكون الإعلان عن وفاة مسؤول عسكري ايراني كبير ساهم في إنشاء حزب الله تزامنا مع بدء الهجوم الإسرائيلي على لبنان لإنهاء وجود حزب الله قد جاء صدفة فعلا وقد تكون هناك أبعاد سياسية لهذا الإعلان ولكن ما هومؤكد ان ايران التي ضاق بها الخناق وأصبحت مجبرة بين القبول برزمة الحوافز (المقدمة من الدول 1+5 ) اومواجهة العقوبات التي تنتظرها إذا ما رفضت هذا العرض المغري لا يمكن ان تكون بريئة من ما مر به لبنان وما حل وسيحل لاحقا بحزب الله من فاجعة. فالقادة الإيرانيون كما هومعلوم لم يؤسسوا حزب الله ليمحوا به إسرائيل من الخراطة كما يزعمون ولكن من المؤكد إنهم أسسوا هذا الحزب ليكون ورقة ضغط يساومون بها عند الحاجة , وليست أية حاجة, فالتضحية بهكذا عجل سمين لابد ان يكون مقابل ثمن ليس اقله الحصول على دور إقليمي يكون متناسبا مع طموحهم الذي وضعوه نصب أعينهم بعد انتصارا لثورة وعملوا على تحقيقه عبر ما سمي بمشروع " تصدير الثورة " والذي كان حزب الله احد الأدوات التي صنعت لتحقيق هذه الغاية.
لقد تمكن تصاعد أزيز الطائرات وهدير القذائف والصخب الإعلامي الذي صاحب المعركة التي دارت بين حزب الله وجيش العدوالإسرائيلي طوال أيام الحرب الثلاثة والثلاثون من التغطية على الكثير من التصريحات التي أطلقها القادة الإيرانيون والتي حملت في طياتها رسائل بعضها مشفرة وأخرى وضاحة تؤكد بما لا لبس فيه ان حزب الله قد بيع وان عملية خطف الجنديين الإسرائيليين التي نفذها الحزب ما هي إلا فخ أوقعه فيه منشئوه وممولوه وولاة أمره الإيرانيون.
فمن ابرز التصريحات الإيرانية التي يمكن ذكرها في هذا المقام تلك التي أدلى بها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني " اللواء فيروز آبادي " والتي أعلن فيها ,ان ايران لن تدخل الحرب الدائرة في لبنان بين إسرائيل وحزب الله,. وقد لاقي ذلك التصريح ارتياحا إسرائيليا بالغا حسب ما ذكرته صحيفة هاأرتس ونشرت ترجمته الصحافة الإيرانية.
وبالإضافة الى هذا التصريح يمكن النظر الكلام الوضاح الذي صدر عن الرجل القوي في النظام الإيراني رئيس مؤسسة كيهان الثقافية الحكومية واحد ابرز المقربين لمرشد الثورة علي خامنئي " حسين شريعتمداري " خلال حوار أجرته معه مجلة " نيوزويك " الأمريكية حيث أكد فيه إن ايران تلعب دورا محوريا في بناء نظام الشرق أوسط الجديد.
وردا على سؤال إذا ما كانت ايران متوجسة من هجوم أمريكي محتمل ضدها ؟ إجابة شريعتمداري ضاحكا : لا يوجد أحد متوجس هنا فأمريكا تسكن في بيت زجاجي ومن بيته من زجاج لا يستطيع رمينا بحجارة.
هذه الطمأنينة من رجل بموقع حسين شريعتمداري تؤكد على ان ايران حصلت على ضمانات بأنها لن تتعرض لأي هجوم أمريكي وهذا الاعتقاد تدعمه التقارير الأخيرة التي تحدثت عن مناشدة قدمها أكثر عشرون عسكريا ودبلوماسيا أمريكي سابق للرئيس جورج دبليو بوش طالبوه فيها بفتح حوار مباشر مع ايران حلوالخلافات العالقة بينهم بشأن لبنان والبرنامج النووي الإيراني. محذرين بشدة من فكرة استخدام القوة العسكرية ضد ايران ومشددين على ان استراتيجية بدء الحوار الدبلوماسي معها ستخدم المصالح الاميركية وحلفاءها، وتحسن الامن الإقليمي والدولي , حسب اعتقادهم.
ومن خلال ألأصوات التي أخذت تتعالى في أمريكا والمطالبة باستخدام الدبلوماسية في التعامل مع ايران يتضح ان هناك لوبي حقيقي يقف وراء هذا الدعوات ولابد ان هذا اللوبي قد دخل في مفاوضات مسبقة مع النظام الإيراني وانه قد حصل على ضوء اخضر منه بهذا الخصوص. ولابد أيضا ان ايران قد أبدت استعدادها الى تقديم تنازلات تساعد على دعم هذه الجهود.
وما هوملاحظ أيضا ان طوال فترة المعركة التي جرت بين حزب الله وجيش العدوان الإسرائيلي لم يتم فيها توجيه التهمة من الجانب الأمريكي لإيران في المشاركة مباشرة في هذه المعركة وذلك على الرغم من الاتهامات الإسرائيلية التي تحدثت عن وجود جثث لقتلى من الحرس الثوري الإيراني بين قتلى حزب الله. فما حدث من الجانب الأمريكي كان خلاف ذلك تماما فقد نشرت صحيفة " نيويورك تايمز" الصادرة في الثالث من آب أغسطس الجاري تقريرا إستخباراتيا أمريكي يؤكد عدم وجود مثل هذا التدخل.
هذا النفي الأمريكي لم يأتي لولم يكن هناك علة في الموضوع وهذه العلة تكمن في عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية توسيع نطاق هذه الحرب خارج دائرة لبنان.
علما ان ايران وعلى الرغم من امتلاكها لبعض الأوراق ومنها على سبيل المثال تنظيمات مسلحة في العراق وفلسطين وأفغانستان وغيرها إلا إنها لم تقوم باي فعل من شأنه تخفيف الضغط الإسرائيلي عن حزب الله وعدم قيامها بهذا الأمر بحد ذاته مبعث للتساؤل؟!.
وبعد وقف إطلاق النار الذي جاء تلبية للقرار الأممي 1701 ووافق عليه حزب الله قبل إعلان إسرائيل قبولها له, أطلق الإيرانيون جملة تصريحات تحمل نغمة جديدة لم تعهد من قبل. ومن بين تلك التصريحات يمكن الإشارة الى ما قاله وزير الدفاع الإيراني اللواء " مصطفى محمد نجار " في كلمة لها في مدينة همدان قال فيها : ان ,الجمهورية الإسلامية الإيرانية, تعمل على استقرار الامن وترسيخ الصلح والمحبة بين دول المنطقة عامة: وكلمة عامة هذه لها من الدلالات التي لا يمكن ان تمر دون ان تقرأ بتأني. وإذا ما ربطنا بين كلام وزير دفاع الجمهورية الإيرانية وكلام رئيسها احمدي نجاد الذي جاء أثناء افتتاحه لمنشاة أراك لانتاج المياه الثقيلة والذي ذكر فيه : أن إيران لا تمثل " تهديدا للدول الأجنبية ولا حتى لإسرائيل : يضاف الى ذلك إعلان الرئيس السابق محمد خاتمي عزمه زيارة واشنطن الأسبوع المقبل لإلقاء كلمة في احد كنائسها حول السلام وحوار الأديان , وهوبذلك يكون اول مسؤول ايراني رفيع المستور يزور واشنطن منذ الإطاحة بالشاه وقيام الجمهورية الإسلامية , يتبين بوضوح ان ايران تتجه الى نقطة الالتقاء مع ما يريده المايستروالمنظم لعملية مشروع نظام الشرق الأوسط الجديد وما هذه المناورات العسكرية التي تجريها القوات الإيرانية إلا زيادة في التعتيم على هذه الدور الذي ذهب ضحيته حزب الله.
ولكن قد يخطر في بال القارئ السؤال التالي , ترى هل أدرك قادة حزب الله هذه المؤامرة ؟.
بعد يوم واحد من الإعلان عن وقف إطلاق النار أعلن السيد حسن نصر الله ان حزبه " انتصر استراتيجيا " من دون ان يوضح ماهي هذه الاستراتيجية. حيث وكما يبدوا أراد بذلك تقليد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي حاول ان يغطي على هزيمة عام 1956م بمقولته الشهيرة " خسرنا الحرب عسكريا وربحناها سياسيا ".
فإذا كان عبد الناصر أراد بالنصر السياسي الذي عناه بقاء نظامه الذي حاولت دول العدوان الثلاثي إسرائيل, بريطانيا, فرنسا إسقاطه , وعارضت ذلك أمريكا بشدة , فبالتأكيد أن النصر الاستراتيجي فمن المؤكد أيضا ان النصر الذي قصده حسن نصر الله يتمثل في الحفاظ على حزبه حتى وإن دمرت لبنان شمالاً وجنوبًا، فيكفى أن الحزب لا يزال يحافظ على كيانه.
وقد أضاف نصر الله في لقاءه الأخير مع شبكة " تلفزيون الجديد" : إن قيادة حزب الله لم تتوقع ولوواحد بالمئة أن عملية أسر الجنديين ستؤدي إلى حرب بهذه السعة وبهذا الحجم،. ولوعلمت أن عملية الأسر كانت ستقود إلى هذه النتيجة لما قمنا بها قطعا. وهذا دليل واضح على انه قد أدرك حجم الخسارة التي وقعت بحزبه قبل ان تقع بلبنان والشعب اللبناني.
ولكن هل سيبقى كيان حزب الله كما كان عليه قبل بدأ عملية " الوعد الصادق " التي قابلها العدو الإسرائيلي بعملية " أمطار الصيف " ؟.
من المؤكد ان نشوة النصر الذي صنعته الهالة الإعلامية الإيرانية وبعض وسائل الإعلام العربية في أذهان قادة وجماهير حزب الله سوف تستمر لأشهر اوربما لعام قادم ولكن بعدها وحينما يبدأ جني المحصول وتنتهي النشوة سوف يتبين عندها ان كان حزب الله انتصر فعلا ام ذبح.
صباح الموسوي
27 آب 2006م
مركز دراسات النهضة الأحوازية للثقافة والإعلام
شبكة البصرة
الاثنين 4 شعبان 1427 / 28 آب 2006
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس