المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقاومة العراقية ومأزق القوات الأمريكية



حقاني
21-07-2006, 05:00 PM
المقاومة العراقية ومأزق القوات الأمريكية
بقلم عبد الله محمدتوم الضو
يوماً بعد يوم ومنذ إحتلال العراق في 9/3/2003 أصبحت القوات الغازية – بمختلف جنسياتها - هدفاً يومياً لضربات المقاومة العراقية البطلة، تلك الضربات المتواصلة ليلاً ونهاراً، والتي أوصلت هذه القوات إلى حالة من اليأس القاتل، والترنح، مما أدخل المخطط الامبريالي- الصهيوني ككل وإستراتيجيته بالمنطقة في الوحل العراقي. وأيضاً يوماً بعد يوم تتكشف مؤشرات السقوط التاريخي لهذا المخطط، وسقوط إمبراطورية العصر الحديث (أمريكا)، التي تحمل في طياتها كل حقد وعنصرية الصهيونية العالمية، وحقد المستعمرين الجدد، ومن توارى بعباءتهم من التوابع الأذلاء، وتحمل في قوتها الغاشمة وحجمها الوهمي كل الشعارات المزيفة في الديمقراطية وحقوق الانسان.
كان حلم هذا المخطط الخبيث ليس تدمير العراق، ونهب ثرواته المتنوعة، وإحتلال منابع النفط فيه فحسب، بل السيطرة على المنطقة ككل، وتقسيم العراق إلى ثلاثة دويلات صغيرة على أسس طائفية وعرقية تتقاتل فيما بينها، وتضمن هي بالمقابل سلامة جنودها واحكام السيطرة على مصالحها دون ثمن. فضلاً عن ضمان توازن القوى وبقاء تفوق الكيان الصهيوني، إلا أن العراقيون وما يتميزون به من حضارة تعتبر الأول على سطح الأرض، قد أفشلوا هذا المخطط، وأبرز مؤشرات هذا الفشل تتمثل في التالي:
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/notfound.gif
أولاً:
عدم القدرة على إبقاف ضربات المقاومة العراقية الباسلة التي خطط لها ونفذها حزب البعث العربي الاشتراكي وأمينه العام القائد صدام حسين (فك الله أسره)، وبعد أن إنخرطت فيها كل ألوان الطيف العراقي – السياسي والاجتماعي - لتمثل بذلك مستقبل العراق وأمله الوحيد في التحرير، وقد أثبتت هذه المقاومة قدرتها على التخطيط والتنفيذ والنجاح بشكل كبير في قيادة الحرب الحديثة في أرض مكشوفة يصعب معها لأي خبير عسكري الدخول في مواجهات مباشرة مع القوات الأمريكية التي تمتلك – غير الأسلحة المختلفة والتنظيم - أجهزة الاتصالات الحديثة والمراقبة عن بعد وأجهزة كشف الأسلحة وطابور من العملاء. وقد وجهت المقاومة ضربات كبيرة ومؤلمة لهذه القوات، على الرغم من التعتيم الاعلامي والتشويه المخطط.
ثانياً: سقوط مخطط تقسيم العراق على أسس طائفية وقومية، وهذا مخطط قديم ركزت عليه الصهيونية العالمية، وراهنت عليه منذ عقود، لطبيعة التركيبة الاجتماعية والثقافية للشعب العراقي، فمن ناحية الأديان توجد في العراق كل الديانات السماوية، مثلما توجد به أقليات قومية مختلفة أكبرها الأكراد ثم التركمان والأرمن وغيرهم، إلا أن هذا المخطط قد ركز على الحرب الدينية - الطائفية بين ما أسماه (سنة وشيعة)، وسخر لها كل إمكانياته الاعلامية والدعائية والمخابراتية، وأن هذه النغمة (سنة وشيعة) لم تكن موجودة سابقاً في المجتمع العراقي إلا في دور العبادة، ولم يشهد كل تاريخ العراق القديم والحديث حرب داخلية على هذا الأساس، وإن تبنت بعض المليشات العميلة لايران حديثاً مسؤولية تنفيذ هذا المخطط، إلا أن الشعب العراقي تجاوز هذه الحرب بوعيه، وأدرك منذ الأيام الأولى للاحتلال أبعاد هذا المخطط، ورافق هذا الادراك عمليات التوعية المستمرة من قبل أئمة السنة والشيعة معاً بعد أن أوغل هذا المخطط في تفجير أماكن العبادة ومراقد الأئمة الطاهرين لكل من الشيعة والسنة. والغريب في الأمر أن هذا الجانب أصبح عامل وحده أكثر منه عامل تفرقة لانكشاف أبعاد المخطط، وإفتضاح نهجه في استهدافه لكل الشعب العراقي وبطوائفه المختلفة. وأصبح العراقيون يرفضون حتى مجرد الحديث في هذا الجانب، والمواطن العراقي البسيط يؤكد عملياً رفضه لهذه التسميات، فضلاً عن عمليات التصاهر الاجتماعي والقبلي التي وسمت المجتمع العراقي في هذا السياق منذ عشرات السنين. وأن اختار الأمريكان وحلفائهم الصهاينة وتوابعهم الأذلاء في المنطقة لهذا المخطط الخبيث (الحرب الطائفية)، ليس لعلمهم بتركيبة المجتمع العراقي فحسب، بل للدور الذي لعبه ويلعبه العراق قومياً وإسلامياً وعالمياً، ولما يمكن أن يشكله من تهديد استراتيجي لوجود دولة الكيان الصهيوني. وعلى ضوء ما سبق يقيناً ستفشل كل المحاولات اللاحقة لهذا المخطط، بعد أن أصبح مكشوفاً ومفضوحاً، وبعد أن أصبح منفذوه معزولون ومنبوذون إجتماعياً وسياسياً في الوسط العراقي، وخاصة الشرائح الواعية التي أدركت أبعاد هذا المخطط منذ بواكيره.
ثالثاً: فشل العملية السياسية العراقية التي ولدت من رحم الاحتلال، ولم تكن الابن الشرعي لنضال القوى السياسية العراقية الوطنية، فالقوى السياسية الحريصة على مصلحة ووحدة ومستقبل العراق (بلدهم)، ومنهم كافة الوطنيون، والاسلاميون، والشيوعيون (الكادر) والقوميون، وحتى بعض القوى التي كانت تختلف في أطروحاتها مع النظام السابق، قد إختارت خندق المقاومة والتحرير، والذين أتوا مع الدبابات الأمريكية من الحدود القريبة أو البعيدة قد أثبتوا فشلهم في قيادة العملية السياسية، وفي توفير الأمن، وأصبح بعضهم يتهم بعضهم الآخر بالفساد المالي والاداري، بل عاشوا أسوأ أيام حياتهم لما يشاهدونه من قتل وتدمير لبلدهم ولأخوانهم، ومنهم من فاق من الوهم بعد أن أدرك النوايا الحقيقية لهذا المخطط. ولم تستقطب هذه العملية أي من السياسيين العراقيين من الداخل، - إلا القليل -، بل معظم الذين يمثلون مؤسساتها الوهمية يعيشون تحت الحماية الأمريكية، ولم تستطع هذه الفئة مغادرة (المنطقة الخضراء)، وبقت معزولة سياسياً وإجتماعياً، وينظر إليها المواطن العراقي البسيط على أنها عميلة. وأن هذا الفرز التاريخي في هذه المرحلة - بشقيه السياسي والاجتماعي - والذي تخندق في خندقين لا ثالث لهما، هما: مع الاحتلال أو ضد الاحتلال (في خندق المقاومة)، سيدفع بالعراق وتاريخه السياسي والنضالي، بعد هزيمة الاحتلال ومخططاته الخبيثة بمرحلة جديدة تضاف لسفره النضالي ودوره المتوثب نحو الأمام منذ الستينات من القرن الماضي، فالمقاومة هي خلاصة نضال الشعب العراقي وقواه السياسية لعقود مضت.
رابعاً: إعتراف الادارة الأمريكية، وخاصة الكونغرس الأمريكي بهزيمة قواتهم في العراق، والبحث عن أغطية سياسية وإعلامية لانسحاب هذه القوات لتغطية فضيحة الهزيمة للدولة الكبرى في العالم، وتعالي الأصوات الشعبية داخل أمريكا بالانسحاب من العراق، والتعبير عن ذلك بالمظاهرات المستمرة وغيرها، بعد أن تدفقت اليهم (توابيت) قتلاهم من أرض الرافدين.
خامساً: سقوط الشعارات الأمريكية الرنانة في الديمقراطية وحقوق الانسان ومحاربة الارهاب، بل إفتضاح الممارسات اللا إنسانية لهذه القوات، وإنتهاكها الواضح والصارخ لحقوق الانسان، وبروز فضائحها في معتقلات الأسر العراقية، لاسيما سجن أبو غريب وأم قصر (بوكا) وما سمي أخيراً بسجون (وزارة الداخلية) التي لم تغدو سوى هدية رخيصة ونتنة لمن تعاون مع الاحتلال من أصحاب الأحقاد التاريخية، والنفوس المريضة.
سادساً: فشل توفير الأمن للمواطن العراقي من قبل الادارة المشتركة للأمريكان وعملاءهم من العراقيين، وكذلك فشل العمليات العسكرية بمسمياتها المختلفة ضد المقاومة، ولم تغدو هذه العمليات سوى جرائم انتقامية ضد المدنيين الأبرياء والعزل، وضربهم بالطائرات والصواريخ، مما يؤكد الفشل الذريع في مواجهة مجاهدي المقاومة، ويعكس حالة اليأس والاحباط التي وصلت اليها هذه القوات، وأصبح ضرب المدنيين العزل هي السمة اليومية لهذه القوات – انتقاماً – بدلاً من توفير الأمن، مما يعكس بشاعة الاحتلال الامبريالي – الصهيوني الذي لم يعرفه العرب والعالم من قبل.
سابعاً: هروب وتمرد أعداد كبيرة من جنود وضباط الجيش الأمريكي، لما يعانونه من ويلات المواجهة الساخنة في أرض العراق. فضلاً عن الأحوال النفسية السيئة التي أصبحت هي المرض الملازم للجنود والضباط الأمريكيين، ويرافق ذلك بروز حالات الانتحار – الفردي والجماعي - وسط هؤلاء الجنود والضباط، وإصاباتهم بأمراض مختلفة صعب على الأطباء الأمريكيين تشخيصها وتسميتها، مما حدا ببعضهم تسمية بعضها بمرض (لعنة العراق). اضافة الى بروز الكتابات على الجدران في ملاجئ ومعسكرات وقواعد الجنود الأمريكان أنفسهم، التي تعبر عن استياءهم ورفضهم للبقاء في أرض العراق، ومن هذه الكتابات ( أخرجونا من العراق Get us from Iraq)، (الموت لبوش Death for Bush)، (الموت لرامسفيلد Death for Ramsfeld).

http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/notfound.gif
ثامناً: فشل الاستخبارات الأمريكية (CIA) وحليفها جهاز (الموساد) الصهيوني، ومن تعاون معهم من الأجهزة الاستخباراتية الأخرى في توفير القليل من المعلومات اللازمة للحد من حالة التصاعد المتواتر للمقاومة العراقية، على كافة الأصعدة العسكرية والسياسية والاعلامية والمعلوماتية والميدانية، على الرغم من دور العملاء والمأجورين في تقديم مثل هذه المعلومات، وفي تنظيم الفوضى وبث الاشاعات، وعمليات التفجير المستمرة في دور العبادة والأسواق والفنادق والمطاعم، والمحاولات اليائسة لبث الذعر والخوف والاحباط في نفس المواطن العراقي ومحاولات إجباره على الهجرة خارج العراق، إلا أن كل هذه المحاولات قد فشلت وإرتدت عكسياً على قادة هذا المخطط ومنفذيه، فأصبح الذعر واليأس والاحباط هي الحالة التي تلازم الجيوش الغازية، مما حدا بالمسؤولين الأمريكان من تكثيف زياراتهم بشكل دوري ومستمر للعراق للرفع من معنويات جنودهم وضباطهم المنهارة.
تاسعاً: الخسائر المستمرة يومياً لهذه القوات في العراق واستنزاف الخزانة الأمريكية، مما أدخلها في ديون طائلة وحسابات أخلت بميزان الاقتصاد الأمريكي ككل، وإعتراف بعض الخبراء الاقتصاديين الأمريكيين أنفسهم بأن البقاء في العراق يعني الانتحار للاقتصاد الأمريكي – الذي تقوم عليه الفلسفة الرأسمالية والامبريالية ككل -، على الرغم من الدعم المالي واللوجستي من بعض الدول الحليفة لأمريكا، أو الدول التابعة لها سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً مثل السعودية والكويت وبعض دول المنطقة.
عاشراً: تطور أساليب وأسلحة المقاومة العراقية يوماً بعد يوم، وخاصة العبوات الناسفة، والصواريخ متوسطة المدى، والأسلحة المضادة للدروع (الماحقات الليزرية)، وأسلحة القنص، وأجهزة التشويش المضادة للأجهزة الكاشفة عن الأسلحة، وأجهزة تشويش الرادارات الحديثة والمناظير الليلية، فضلاً عن تطور الأساليب القتالية نفسها في إختراق معسكرات وقواعد وأماكن تواجد هذه القوات (العمق)، وتنفيذ عمليات نوعية أذهلت الجنرالات الأمريكيين والبريطانيين وغيرهم من جنرالات الغزو، كل ذلك دفع ويدفع بالمقاومة الى حافات النصر والتحرير، ورفع من معنويات مجاهديها، وبالمقابل أدخل قادة هذا المخطط في النفق المظلم الذي لا يعرف نهايته، مما حدا ببعض المسؤولين الأمريكيين في مختلف المؤسسات الأمريكية (جهاز المخابرات الأمريكية) و(البنتاغون) و(الكونغرس الأمريكي) تقديم استقالاتهم من هذه المؤسسات بسبب رفضهم لما يجري لقواتهم في العراق، ولعدم معرفتهم بمصير هذه القوات، بل والخوف من الهزيمة التاريخية، بعد أن تكررت جلياً وبشكل أقوى مشاهد فيتنام.
خلاصة القول: واستناداً الى هذه المؤشرات - وغيرها – أن مأزق القوات الأمريكية في العراق كبير وهزيمتها محتومة، وأن سقوط المخطط الامبريالي الصهيوني في أرض الرافدين قد اقترب، وأن النصر والتحرير ليس ببعيد، وهو حليف العراقيون المجاهدون الصابرون.
أستاذ جامعي – السودان
abdalla_tome@yahoo.com

المهند
21-07-2006, 08:22 PM
ان ينصركم الله فلاغالب لكم

شكرا اخي حقاني
بارك الله بيك
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/