المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خصخصة العمليات الحربيه القذره في العراق!



باسل قصي العبادله
20-07-2006, 01:31 AM
خصخصة العمليات الحربية القذرة في العراق!

شبكة البصرة
بقلم: نصر شمالي

في حمأة الحرب الضارية التي تدور رحاها في العراق، وقد مضى على الاحتلال أكثر من ثلاث سنوات بينما هي في تصاعد مستمر، ينسى البعض تلك الحقائق الثابتة التي ظهرت على مسرح الأحداث قبل نهاية العام الأول، وأبرزها زجّ الوحدات السرية الأميركية والإسرائيلية في الميدان، إضافة إلى التعاقد مع عشرات الشركات العسكرية الأمنية الخاصة، شركات المرتزقة من مختلف الجنسيات، بهدف خصخصة الحرب وجني ثمارها الخرافية من دون تحمّل نفقاتها وتبعاتها! غير أن الإدارة الأميركية لم تنجح في جميع محاولاتها لتحقيق ذلك بفضل وحدة الشعب العراقي ووعيه، فركزت في العام الأخير خاصة على محاولة جعل الحرب طائفية، عراقية/ عراقية! وبمساعدة هائلة من أجهزة الإعلام المتواطئة، الناطقة بجميع الألسن، يبدو هذا الهدف الأميركي/ الإسرائيلي، هدف إشعال حرب طائفية شاملة، كأنما هو دخل طور التحقق فعلاً، غير أن قراءة متأنية لبعض فصول المحاولات الأميركية لاختراق المقاومة العراقية وتصفيتها، ولإخضاع الشعب العراقي واستعباده، تؤكد لنا أن المحاولة الحالية لإشعال حرب طائفية شاملة سوف يكون مصيرها الفشل مثل غيرها، ولن يمرّ زمن طويل قبل أن تتكشف خفاياها، وتفتضح أدواتها، وتنقلب على أصحابها وبالاً وخذلاناً.

خصخصة الحروب في العالم!

لقد أعدت دوائر وزارة الخارجية الأميركية، منذ عام 2004، وثيقة عنوانها (الشركات الأمنية التي تمارس أعمالها في العراق) تضمنت جدولاً بأسماء الشركات العسكرية الخاصة المتعاقد معها، والتي زاد عددها عن خمس وعشرين، ضمت في حينه حوالي عشرين ألف مرتزق، وقد لجأت الإدارة الأميركية إلى هذا الأسلوب بعد ثبوت عجز قواتها النظامية الضخمة عن تحقيق السيطرة على العراقيين وإرغامهم على الاستسلام والانصياع، فكانت تلك العقود شكلاً من أشكال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في ميادين الحرب أيضاً، حيث جرى تلزيم الخدمات حتى داخل معسكرات القوات المسلحة الأميركية كصورة متقدمة من صور المقاولات، وفي الوقت نفسه أريد لتلك الخطوات أن تكون أول تطبيق للمناهج الأميركية الرسمية الجديدة المتفقة مع سياسات الخصخصة الليبرالية التي يتطلع الأميركيون إلى إشاعتها في العالم أجمع!

إن التوجه نحو الخصخصة في العمليات العسكرية الأميركية لم يبدأ مع احتلال العراق، ففي عام 2002 أعلن الجيش الأميركي أن ما يزيد على 200 ألف وظيفة عسكرية سوف يجري تلزيمها للقطاع الخاص في إطار المرحلة الثالثة من عمليات الخصخصة، وقد تعرض ذلك الإعلان لانتقادات شديدة من قبل بعض الخبراء الأميركيين الذين رأوا أن هذا التوجه لن يحقق الغاية المرجوّة منه، ولن ينتج بالضرورة فعالية أكبر للعمليات العسكرية الأميركية!

الخصخصة الحربية وحقوق الإنسان!

لقد صدر في واشنطن، عام 2000، تقرير عن الجامعة الوطنية للدفاع جاء فيه أنه من الممكن للخصخصة الحربية أن تكون أقل كلفة من التدخل العسكري النظامي، لكنها قد تفسد نوعية النتائج المتوخاة وتنال من احترام حقوق الإنسان! وفي عام 2004 صرّح كينيث روس، المدير التنفيذي لجمعية مراقبة حقوق الإنسان، أن وزارة الحرب الأميركية، إذا كانت تنوي استخدام متعاقدين من القطاع الخاص لتنفيذ مهمات عسكرية أو استخباراتية، فيتوجب عليها التأكد من أنهم سوف يخضعون لبعض القيود وأشكال الرقابة القانونية، لأن السماح لهؤلاء بالعمل في فراغ قضائي سيشجعهم على التجاوزات! غير أن الخيار السياسي الاستراتيجي الأميركي في العراق، وما ترتب عليه من فشل ونكسات، جعل تلزيم العمليات الحربية القذرة لشركات المرتزقة أمراً أشدّ ضرورة، وجعل تشكيلات المرتزقة تندمج في إطار السياسات العسكرية الجديدة، وتنخرط في المعارك الميدانية!

لقد أوكلت مهمة حماية المواقع الحساسة في العراق المحتل إلى الشركات الخاصة من دون أن تكون هناك مراقبة عليها، فعلى سبيل المثال لا الحصر أعلنت الحكومة الأميركية، في أيلول/ سبتمبر 2003، أن شركة (إيرينز إيراك ليمتد) الخاصة سوف تتولى إعداد آلاف العراقيين من أجل حماية المنشآت النفطية! وسرعان ما أدى نشاط الشركات الخاصة إلى مزيد من اضطراب أوضاع العراق، وهذا الاضطراب كان في بعض وجوهه مقصوداً ومطلوباً، حيث شكّل سوقاً واسعة مربحة جعلت أجور المرتزق الواحد تصل أحياناً إلى ألف دولار في اليوم الواحد، فبدأ ميدان الحرب المخصخصة في العراق يستقطب المرتزقة من مختلف أنحاء أوروبا، من العسكريين المتقاعدين، وصار أمن الموظفين الأميركيين والبريطانيين في العراق من اختصاص المرتزقة، فكشفت الحالة العراقية عن أن المرتزقة سوف يشغلون الوظائف الأساسية كي تتفرغ القوات الأميركية النظامية لممارسة دورها الإقليمي والعالمي، فكان توسع أعمال الارتزاق الاستثمارية الغربية في العراق محصّلة لتلك التوجهات السياسية المنفلتة التي تعتمدها إدارة بوش في سعيها لتحقيق أشكال جديدة من التدخل الاستعماري المخصخص!

بول بريمر وقرارات الخصخصة!

إن عدداً كبيراً من الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين لا يرى في خصخصة الحروب أمراً يثير القلق، بل على العكس، ففي أيار/ مايو 2004 أكّد أحد المسؤولين الكبار في قوات التحالف، خلال مؤتمر عقد في باريس، أن عملية انتشار الشركات العسكرية الخاصة هو وضع سليم، ويمكن تكراره إذا ما أدى في النهاية إلى تحقيق النجاح في العراق! وكان بول بريمر، الحاكم المدني الأميركي السابق في العراق، قد قرّر عدم إخضاع قطاع الأمن الخاص، أي شركات المرتزقة، للتشريعات العراقية المستحدثة، ومنع أية رقابة على هذا القطاع من جانب العراقيين! وليس من ريب في أن ما يشهده العراق مؤخراً من أحداث مروّعة، خاصة تلك التفجيرات التي تطال الأبرياء في المساجد والكنائس والأسواق، يشير إلى تلك الشركات الخاصة التي تضم عشرات الألوف من المرتزقة الأجانب، والتي تشكل صناعة الجثث إحدى أسواقها التجارية الرئيسة الفاحشة الأرباح!

ولكن، إلى أين ستقود هذه السياسات المنفلتة الولايات المتحدة ونظامها الاحتكاري العالمي؟ أعتقد أن الإجابة ليست صعبة!

شبكة البصرة

الاربعاء 23 جماد الثاني 1427 / 19 تموز 2006

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس