القعقاع المسلم
16-07-2006, 01:54 AM
جيش المهدي وقيادة الطائفية في العراق
تقارير رئيسية :عام :الخميس 17 جمادى الآخرة 1427هـ –13 يوليو 2006م
عامر حسين
مفكرة الإسلام : جاء بروز تيار مقتدى الصدر كحركة جماهيرية واسعة يقودها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر استناداً على إرث تاريخي، بمثابة أحد أهم النتائج التي ترتبت على سقوط نظام صدام حسين. وقد عاد تيار الصدر بقوة بزعامة مقتدى - ابن محمد صادق الصدر- ليقود كثير من الجماهير الشيعية، وداعيا إلى التمسك بالخيارات الوطنية المستقلة، بعيدا عن المخططات التي تسعى أمريكا إلى تنفيذها في العراق عبر التعاون مع عدد من القيادات السابقة للمعارضة العراقية.
وبدأ التيار الصدري في انتقاد الوجود الأمريكي، بل وفي بعض الأحيان إبداء مقاومته، وكانت ذروة هذه المقاومة هي المواجهة التي خاضها جيش المهدي [المليشيات التابعة للتيار الصدري] في أحداث النجف في مطلع أغسطس 2004، حيث ضربت القوات الأمريكية المدينة التي تحصن فيها الصدر وأنصاره.
يومها وقف سنة العراق، ومعهم السنة في العالم العربي، مدافعين عن الصدر، داعمين له ومؤيدين، لكن سرعان ما أظهر الصدر وجها آخر بعد ما تدخل السيستاني والشخصيات الشيعية النافذة وأبرموا صفقة مع الصدر من جهة ومع الاحتلال من جهة أخرى ، انتهى على إثرها حصار النجف. وبعد ذلك دخل التيار الصدري العملية السياسية وأصبح شريكاً في الحكم !!
إلا أن التحول البارز في أسلوب جيش المهدي جاء بعد أحداث تفجير ضريح سامراء في 22 شباط [فبراير] الماضي 2006م، فبمجرد الإعلان عن التفجير – الذي لم تعرف الأيدي التي وراءه حتى الآن - انتشرت سيارات مدنية تحمل المقاتلين الشيعة في بغداد ومدن عراقية أخرى، وبدأت عمليات حرق المساجد وقتل أئمتها والمصلين فيها أو اختطافهم وتعذيبهم والتمثيل.
والملاحظ أن جيش المهدي تحرك، بعد هذه التفجيرات، ومعه باقي الميليشيات الشيعية، في تناغم يدل على تخطيط متقن. وشهادات الشهود المؤكدة تؤكد أن من قام بالعملية هم عناصر من قوات حكومية وبالتحديد مغاوير الداخلية الذين ينتمون أصلاً إلى فيلق بدر [الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق]، ومعهم جيش المهدي بالطبع .
ولم يكـن لجـيش المهدي تجهـيز بالسلاح، بل كان المقاتل منهم يأتي بسلاحه الشخصي، معتمدين على بعض العشائر الشيعية في جنوب وجنوب وسط العراق التي استولت على كمية كبيرة من أسلحة الجيش العراقي السابق، إلا أن الأمر تغير تماماً عندما توافق الصدريون مع إيران التي زودتهم بشتى أنواع الأسلحة , وتوالت عمليات جيش المهدي والميلشيات الشيعية الأخرى على نحو دموي غير مسبوق من القتل الطائفي للمسلمين السنة على الهوية وبلا أدنى سبب يذكر ماجعل كثيرا من المراقبين يعتبرها عملية تطهير عرقي يقودها جيش المهدي والميلشيات الشيعية في العراق ضد السنة العزل وضد نساءهم وأطفالهم وشيوخهم !!
مذبحة حي الجهاد
وظلت التحولات تعتمل داخل جيش المهدي حتى وصلت إلى قمة الفجور والدموية عندما قامت هذه المليشيات الإرهابية منذ الصباح الباكر ليوم الأحد 9/7/ 2006 بإقامة ثلاث نقاط للسيطرة في منطقة حي الجهاد في بغداد، وقامت بإيقاف السيارات واعتقال من يثبت أنه سني، لتقوم بعدها بإعدامهم على مرأى من الناس.
وقد أقدمت هذه المليشيات الإرهابية على قتل عائلة بالكامل بعد أن طلبوا من أفرادها الخروج من منزلهم، كما أحرقت بيت أحد أعضاء الحزب الإسلامي العراقي، كما قامت بإيقاف عدد من السيارات وقتل من فيها بعد التأكد أنهم من أهل السنة.
وأنذرت هذه المليشيات الإرهابية عن طريق مكبرات الصوت، أهل السنة، أنهم إن لم يخرجوا من حي الجهاد فسوف يتم قتل الجميع.
اللافت والخطير في هذه العملية أنها كانت مخططة ومنسقة، حيث قامت هذه المليشيات بعمل حشد وإمداد لها من منطقة حي العامل المجاور، يرافقها سيارات تابعة لوزارة الداخلية.
تدمير مساجد السنة
ولا يختلف اثنان من المتابعين للشأن العراقي على ضلوع جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر بالأعمال الانتقامية التي طالت السنة ومساجدهم، وبلغت آخر إحصائية أجرتها دائرة الوقف السني أن 122 مسجدًا للسنة تم تدميرها من قبل هذا الجيش, فيما كانت الأربعون الأخرى على يد فيلق بدر وقتل من السنة 245 شابًا على يد عناصر ذلك الجيش بعد تعذيب للجثث لم يشهد له العراق مثيلاً من قبل.
ويعتقد سنة العراق أن كل المساجد التي أحرقت لهم وكل الذين قتلوا وعذبوا واعتقلوا منهم، كان ذلك على يد جيش المهدي الذي يضم بين أعضائه إيرانيين مدربين.
سجل متصل من عمليات الإجرام
لم يستطع قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال جورج كايسي أن يتجاهل جريمة ومذبحة جيش المهدي فقال للصحافيين بعد ثلاثة أيام من المذبحة: إن فرق الإعدام وبصفة رئيسية من الجماعات الشيعية المتطرفة تنتقم من المدنيين، وهذا ما تسبب في تصاعد العنف مؤخرا في بغداد. وهكذا فإن جيش المهدي، حسب المصادر الأمريكية نفسها، مسئول عن أغلب عمليات قتل السنة والتي يعثر على جثثهم ملقاة في بغداد وضواحيها.
وكان القادة الأمريكيون حذرين دائما وحريصين علي عدم وصف المسلحين بأنهم من الشيعة رغم أن كثيراً من الهجمات التي وقعت مؤخرا في أحياء ببغداد قد أنحي السنة والشرطة باللوم فيها علي ميليشيا جيش المهدي.
الجنرال كايسي بحث أيضاً موضوع جيش المهدي خلال زيارته الأخيرة لواشنطن مع الرئيس بوش ووزير دفاعه رامسفيلد وقال إن جيش المهدي يشكل عقبة على طريق السلام.
مجزرة 'حي الجهاد'، دفعت أيضاً بعض الحكوميين من السنة وعلى رأسهم نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية، سلام الزوبعي، إلى اتهام ميليشيا جيش المهدي، بارتكاب تلك المجزرة، والتي قال إنّ ذلك حصاد ما زرعه 'السيئون' في وزارتي الدفاع والداخلية، في إشارة إلى الوزيرين السابقين، باقر صولاغ في الداخلية، وسعدون الدليمي في الدفاع.
كما أن عمليات القتل الطائفي لم تتوقف، بل إنّ وتيرتها ارتفعت ووصل الأمر إلى خطف النائبة [ تيسير المشهداني ]، كما أنّ عمليات التهجير الطائفية استمرت، وتفاقم الوضع في البصرة وزادت حدة عمليات القتل ضد السنة هناك، وجاءت أحداث 'حي الجهاد'، لتكشف ورقة التوت الأخيرة عن إرهاب وعنف وطائفية ودموية جيش المهدي.
وقد أصبح معروفاً في العراق على نطاق واسع، حتى بين الشيعة أنفسهم، أن جيش المهدي يقوم بعمليات اختطاف واغتيال سرية ضد كثير من رجال الدين الذين يريد التخلص منهم بأمل أن يمهد ذلك لمقتدى الصدر الطريق للهيمنة على الحوزة العلمية في النجف وعلى ما يسمى بمراقد أئمة الشيعة في العراق ومنع الآخرين منها. ووراء ذلك غايات سياسية ومالية ونفوذ اجتماعي وسيطرة على الشارع.
ويحاول مقتدى الصدر أن يقلد الخميني في حركته السياسية, مضيفاً إليها العنف غير المعلن عنه, رغم تهديده به. ويجد مقتدى الصدر الدعم والتأييد من القوى المحافظة والمتشددة في إيران ومن جهاز المخابرات والحرس الثوري الإيرانيين, إضافة إلى تأييد حزب الله في لبنان له. وتقوم تلك الجهات الرسمية وغير الرسمية في إيران بتدريب شباب جيش المهدي على أعمال التخريب والقتل والاختطاف وإثارة الفوضى في البلاد.
ويمول جيش المهدي من قبل إيران التي أغرقت جنوب العراق بالأموال والعملاء منذ سقوط صدام حسين، حيث تشجع إيران على انعدام الأمن والاستقرار في العراق.
وجيش المهدي يتسلم شهرياً ملايين الدولارات من إيران مقابل موافقته على أن يكون طوع أمرهم وينفذ تعليماتهم، ويكون هو عينهم في العراق.
وقد وعد الإيرانيون الصدر بعدة أمور منها تولي أتباعه من جيش المهدي حكم العراق، والتمويل المادي غير المحدود، وتوفير السلاح بشكل كبير لهم حتى أصبح جيش المهدي اليوم من ناحية التجهيزات والأسلحة أقوى بكثير مما كان عليه أثناء معركة النجف.
موت الزرقاوي كشف المتعصبين
لقد كان الأمريكان ومعهم أتباعهم من متطرفي الشيعة يحملون الزرقاوي ومجموعته مسؤولية العنف الطائفي المستشري في البلاد، لكن بعد مقتله ازدادت عمليات القتل والتعذيب وتصاعدت أعداد الجثث مجهولة الهوية التي تكتشف يوميا في شوارع المدن العراقية.
وهكذا فإن موت الزرقاوي سيكشف المجرمين الحقيقيين في العراق الذين يمارسون العنف والإرهاب والقتل على الهوية، والذين يقتحمون الأحياء الآمنة ويرتكبون مجازر لم يرتكب الأمريكان ولا الصهاينة ولا عتاة المجرمين أمثالها.
لكن المؤسف حقاً هو أن هذه المليشيات الشيعية المتطرفة، وبمساعدة الساسة الشيعة المدعومين من الاحتلال، والمشكوك في وطنيتهم، يمارسون الإرهاب الفكري لأهل العراق، حتى أصبح المثقفون العراقيون المحترمون، الذين يرفضون هذه الهمجية الطائفية، صامتين لا يستطيعون رفع أصواتهم خوفاً من الاتهام الجاهز بمساندة النظام البعثي السابق ومقابره الجماعية.
يتحدث هؤلاء عن البعث وجرائمه ونسوا الاغتصاب الحالي الذي يتعرض له رجال ونساء العراق، وتغافلوا عن المقابر الجماعية الجديدة التي حفرها فيلق بدر وجيش المهدي، ونسوا عمليات التطهير العرقي والطائفي العلنية، وصموا آذانهم عن نهب ثروات العراق في فساد غير مسبوق علي أيدي هذه الميليشيات ومن يدعمهم من المسئولين.
اختراق بالوثائق
وإذا كان العالم كله قد شاهد بالصور والأدلة التي كشفها عدنان الدليمي وغيره أن أجهزة الشرطة كانت موجودة أثناء مذبحة حي الجهاد ولم تتدخل لمنعها، بل إنها وفرت الحماية لمليشيات جيش المهدي الإرهابية الدموية للقيام بالمذبحة، فإن هذا يعيد طرح القضية الخطيرة وهي أن أجهزة الشرطة العراقية هي في الأساس عبارة عن التكوينات الشيعية المسلحة، مثل فيلق بدر وجيش المهدي.
ولذلك لم يكن غريباً ما كشفته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية من وثائق سرية للحكومة العراقية تحتوي علي نتائج 400 تحقيق داخلي عن الفساد بين صفوف قوات الشرطة العراقية، وتؤكد هذه الوثائق مدى تغلغل المليشيات داخل القوات شبه العسكرية وقوات الشرطة، وكذلك عن الفساد المتفشي داخلها.
وأكدت الوثائق أن المسئولين الأمريكيين نبهوا إلى أن المجموعة التي تعمل في الاستخبارات السرية التابعة لوزارة الداخلية العراقية والذين كانوا يديرون منشأة الاعتقال السرية في الجادرية خارج العاصمة العراقية لا يزالون يمارسون مهامهم من الطابق السابع في مبني الوزارة، وأن واحداً من قادة هذه المجموعة واسمه محمود وائلي هو مسئول جهاز الاستخبارات في كتائب بدر، وهو أحد كبار المسئولين عن تجنيد عناصر لقوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية.
واتهمت الوثائق وزير الداخلية الشيعي السابق بيان صولاغ، الذي كان في منصبه عند إجراء التحقيقات المذكورة في الوثائق، بالسماح لمقاتلي الميليشيات الشيعية بالتغلغل في صفوف القوات الأمنية.
وقالت الوثيقة إن عناصر من وزارة الداخلية العراقية استمالتهم الميليشيات الطائفية، مارسوا الاحتيال في جداول دفع الرواتب ونواح أخري.
تقارير رئيسية :عام :الخميس 17 جمادى الآخرة 1427هـ –13 يوليو 2006م
عامر حسين
مفكرة الإسلام : جاء بروز تيار مقتدى الصدر كحركة جماهيرية واسعة يقودها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر استناداً على إرث تاريخي، بمثابة أحد أهم النتائج التي ترتبت على سقوط نظام صدام حسين. وقد عاد تيار الصدر بقوة بزعامة مقتدى - ابن محمد صادق الصدر- ليقود كثير من الجماهير الشيعية، وداعيا إلى التمسك بالخيارات الوطنية المستقلة، بعيدا عن المخططات التي تسعى أمريكا إلى تنفيذها في العراق عبر التعاون مع عدد من القيادات السابقة للمعارضة العراقية.
وبدأ التيار الصدري في انتقاد الوجود الأمريكي، بل وفي بعض الأحيان إبداء مقاومته، وكانت ذروة هذه المقاومة هي المواجهة التي خاضها جيش المهدي [المليشيات التابعة للتيار الصدري] في أحداث النجف في مطلع أغسطس 2004، حيث ضربت القوات الأمريكية المدينة التي تحصن فيها الصدر وأنصاره.
يومها وقف سنة العراق، ومعهم السنة في العالم العربي، مدافعين عن الصدر، داعمين له ومؤيدين، لكن سرعان ما أظهر الصدر وجها آخر بعد ما تدخل السيستاني والشخصيات الشيعية النافذة وأبرموا صفقة مع الصدر من جهة ومع الاحتلال من جهة أخرى ، انتهى على إثرها حصار النجف. وبعد ذلك دخل التيار الصدري العملية السياسية وأصبح شريكاً في الحكم !!
إلا أن التحول البارز في أسلوب جيش المهدي جاء بعد أحداث تفجير ضريح سامراء في 22 شباط [فبراير] الماضي 2006م، فبمجرد الإعلان عن التفجير – الذي لم تعرف الأيدي التي وراءه حتى الآن - انتشرت سيارات مدنية تحمل المقاتلين الشيعة في بغداد ومدن عراقية أخرى، وبدأت عمليات حرق المساجد وقتل أئمتها والمصلين فيها أو اختطافهم وتعذيبهم والتمثيل.
والملاحظ أن جيش المهدي تحرك، بعد هذه التفجيرات، ومعه باقي الميليشيات الشيعية، في تناغم يدل على تخطيط متقن. وشهادات الشهود المؤكدة تؤكد أن من قام بالعملية هم عناصر من قوات حكومية وبالتحديد مغاوير الداخلية الذين ينتمون أصلاً إلى فيلق بدر [الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق]، ومعهم جيش المهدي بالطبع .
ولم يكـن لجـيش المهدي تجهـيز بالسلاح، بل كان المقاتل منهم يأتي بسلاحه الشخصي، معتمدين على بعض العشائر الشيعية في جنوب وجنوب وسط العراق التي استولت على كمية كبيرة من أسلحة الجيش العراقي السابق، إلا أن الأمر تغير تماماً عندما توافق الصدريون مع إيران التي زودتهم بشتى أنواع الأسلحة , وتوالت عمليات جيش المهدي والميلشيات الشيعية الأخرى على نحو دموي غير مسبوق من القتل الطائفي للمسلمين السنة على الهوية وبلا أدنى سبب يذكر ماجعل كثيرا من المراقبين يعتبرها عملية تطهير عرقي يقودها جيش المهدي والميلشيات الشيعية في العراق ضد السنة العزل وضد نساءهم وأطفالهم وشيوخهم !!
مذبحة حي الجهاد
وظلت التحولات تعتمل داخل جيش المهدي حتى وصلت إلى قمة الفجور والدموية عندما قامت هذه المليشيات الإرهابية منذ الصباح الباكر ليوم الأحد 9/7/ 2006 بإقامة ثلاث نقاط للسيطرة في منطقة حي الجهاد في بغداد، وقامت بإيقاف السيارات واعتقال من يثبت أنه سني، لتقوم بعدها بإعدامهم على مرأى من الناس.
وقد أقدمت هذه المليشيات الإرهابية على قتل عائلة بالكامل بعد أن طلبوا من أفرادها الخروج من منزلهم، كما أحرقت بيت أحد أعضاء الحزب الإسلامي العراقي، كما قامت بإيقاف عدد من السيارات وقتل من فيها بعد التأكد أنهم من أهل السنة.
وأنذرت هذه المليشيات الإرهابية عن طريق مكبرات الصوت، أهل السنة، أنهم إن لم يخرجوا من حي الجهاد فسوف يتم قتل الجميع.
اللافت والخطير في هذه العملية أنها كانت مخططة ومنسقة، حيث قامت هذه المليشيات بعمل حشد وإمداد لها من منطقة حي العامل المجاور، يرافقها سيارات تابعة لوزارة الداخلية.
تدمير مساجد السنة
ولا يختلف اثنان من المتابعين للشأن العراقي على ضلوع جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر بالأعمال الانتقامية التي طالت السنة ومساجدهم، وبلغت آخر إحصائية أجرتها دائرة الوقف السني أن 122 مسجدًا للسنة تم تدميرها من قبل هذا الجيش, فيما كانت الأربعون الأخرى على يد فيلق بدر وقتل من السنة 245 شابًا على يد عناصر ذلك الجيش بعد تعذيب للجثث لم يشهد له العراق مثيلاً من قبل.
ويعتقد سنة العراق أن كل المساجد التي أحرقت لهم وكل الذين قتلوا وعذبوا واعتقلوا منهم، كان ذلك على يد جيش المهدي الذي يضم بين أعضائه إيرانيين مدربين.
سجل متصل من عمليات الإجرام
لم يستطع قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال جورج كايسي أن يتجاهل جريمة ومذبحة جيش المهدي فقال للصحافيين بعد ثلاثة أيام من المذبحة: إن فرق الإعدام وبصفة رئيسية من الجماعات الشيعية المتطرفة تنتقم من المدنيين، وهذا ما تسبب في تصاعد العنف مؤخرا في بغداد. وهكذا فإن جيش المهدي، حسب المصادر الأمريكية نفسها، مسئول عن أغلب عمليات قتل السنة والتي يعثر على جثثهم ملقاة في بغداد وضواحيها.
وكان القادة الأمريكيون حذرين دائما وحريصين علي عدم وصف المسلحين بأنهم من الشيعة رغم أن كثيراً من الهجمات التي وقعت مؤخرا في أحياء ببغداد قد أنحي السنة والشرطة باللوم فيها علي ميليشيا جيش المهدي.
الجنرال كايسي بحث أيضاً موضوع جيش المهدي خلال زيارته الأخيرة لواشنطن مع الرئيس بوش ووزير دفاعه رامسفيلد وقال إن جيش المهدي يشكل عقبة على طريق السلام.
مجزرة 'حي الجهاد'، دفعت أيضاً بعض الحكوميين من السنة وعلى رأسهم نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية، سلام الزوبعي، إلى اتهام ميليشيا جيش المهدي، بارتكاب تلك المجزرة، والتي قال إنّ ذلك حصاد ما زرعه 'السيئون' في وزارتي الدفاع والداخلية، في إشارة إلى الوزيرين السابقين، باقر صولاغ في الداخلية، وسعدون الدليمي في الدفاع.
كما أن عمليات القتل الطائفي لم تتوقف، بل إنّ وتيرتها ارتفعت ووصل الأمر إلى خطف النائبة [ تيسير المشهداني ]، كما أنّ عمليات التهجير الطائفية استمرت، وتفاقم الوضع في البصرة وزادت حدة عمليات القتل ضد السنة هناك، وجاءت أحداث 'حي الجهاد'، لتكشف ورقة التوت الأخيرة عن إرهاب وعنف وطائفية ودموية جيش المهدي.
وقد أصبح معروفاً في العراق على نطاق واسع، حتى بين الشيعة أنفسهم، أن جيش المهدي يقوم بعمليات اختطاف واغتيال سرية ضد كثير من رجال الدين الذين يريد التخلص منهم بأمل أن يمهد ذلك لمقتدى الصدر الطريق للهيمنة على الحوزة العلمية في النجف وعلى ما يسمى بمراقد أئمة الشيعة في العراق ومنع الآخرين منها. ووراء ذلك غايات سياسية ومالية ونفوذ اجتماعي وسيطرة على الشارع.
ويحاول مقتدى الصدر أن يقلد الخميني في حركته السياسية, مضيفاً إليها العنف غير المعلن عنه, رغم تهديده به. ويجد مقتدى الصدر الدعم والتأييد من القوى المحافظة والمتشددة في إيران ومن جهاز المخابرات والحرس الثوري الإيرانيين, إضافة إلى تأييد حزب الله في لبنان له. وتقوم تلك الجهات الرسمية وغير الرسمية في إيران بتدريب شباب جيش المهدي على أعمال التخريب والقتل والاختطاف وإثارة الفوضى في البلاد.
ويمول جيش المهدي من قبل إيران التي أغرقت جنوب العراق بالأموال والعملاء منذ سقوط صدام حسين، حيث تشجع إيران على انعدام الأمن والاستقرار في العراق.
وجيش المهدي يتسلم شهرياً ملايين الدولارات من إيران مقابل موافقته على أن يكون طوع أمرهم وينفذ تعليماتهم، ويكون هو عينهم في العراق.
وقد وعد الإيرانيون الصدر بعدة أمور منها تولي أتباعه من جيش المهدي حكم العراق، والتمويل المادي غير المحدود، وتوفير السلاح بشكل كبير لهم حتى أصبح جيش المهدي اليوم من ناحية التجهيزات والأسلحة أقوى بكثير مما كان عليه أثناء معركة النجف.
موت الزرقاوي كشف المتعصبين
لقد كان الأمريكان ومعهم أتباعهم من متطرفي الشيعة يحملون الزرقاوي ومجموعته مسؤولية العنف الطائفي المستشري في البلاد، لكن بعد مقتله ازدادت عمليات القتل والتعذيب وتصاعدت أعداد الجثث مجهولة الهوية التي تكتشف يوميا في شوارع المدن العراقية.
وهكذا فإن موت الزرقاوي سيكشف المجرمين الحقيقيين في العراق الذين يمارسون العنف والإرهاب والقتل على الهوية، والذين يقتحمون الأحياء الآمنة ويرتكبون مجازر لم يرتكب الأمريكان ولا الصهاينة ولا عتاة المجرمين أمثالها.
لكن المؤسف حقاً هو أن هذه المليشيات الشيعية المتطرفة، وبمساعدة الساسة الشيعة المدعومين من الاحتلال، والمشكوك في وطنيتهم، يمارسون الإرهاب الفكري لأهل العراق، حتى أصبح المثقفون العراقيون المحترمون، الذين يرفضون هذه الهمجية الطائفية، صامتين لا يستطيعون رفع أصواتهم خوفاً من الاتهام الجاهز بمساندة النظام البعثي السابق ومقابره الجماعية.
يتحدث هؤلاء عن البعث وجرائمه ونسوا الاغتصاب الحالي الذي يتعرض له رجال ونساء العراق، وتغافلوا عن المقابر الجماعية الجديدة التي حفرها فيلق بدر وجيش المهدي، ونسوا عمليات التطهير العرقي والطائفي العلنية، وصموا آذانهم عن نهب ثروات العراق في فساد غير مسبوق علي أيدي هذه الميليشيات ومن يدعمهم من المسئولين.
اختراق بالوثائق
وإذا كان العالم كله قد شاهد بالصور والأدلة التي كشفها عدنان الدليمي وغيره أن أجهزة الشرطة كانت موجودة أثناء مذبحة حي الجهاد ولم تتدخل لمنعها، بل إنها وفرت الحماية لمليشيات جيش المهدي الإرهابية الدموية للقيام بالمذبحة، فإن هذا يعيد طرح القضية الخطيرة وهي أن أجهزة الشرطة العراقية هي في الأساس عبارة عن التكوينات الشيعية المسلحة، مثل فيلق بدر وجيش المهدي.
ولذلك لم يكن غريباً ما كشفته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية من وثائق سرية للحكومة العراقية تحتوي علي نتائج 400 تحقيق داخلي عن الفساد بين صفوف قوات الشرطة العراقية، وتؤكد هذه الوثائق مدى تغلغل المليشيات داخل القوات شبه العسكرية وقوات الشرطة، وكذلك عن الفساد المتفشي داخلها.
وأكدت الوثائق أن المسئولين الأمريكيين نبهوا إلى أن المجموعة التي تعمل في الاستخبارات السرية التابعة لوزارة الداخلية العراقية والذين كانوا يديرون منشأة الاعتقال السرية في الجادرية خارج العاصمة العراقية لا يزالون يمارسون مهامهم من الطابق السابع في مبني الوزارة، وأن واحداً من قادة هذه المجموعة واسمه محمود وائلي هو مسئول جهاز الاستخبارات في كتائب بدر، وهو أحد كبار المسئولين عن تجنيد عناصر لقوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية.
واتهمت الوثائق وزير الداخلية الشيعي السابق بيان صولاغ، الذي كان في منصبه عند إجراء التحقيقات المذكورة في الوثائق، بالسماح لمقاتلي الميليشيات الشيعية بالتغلغل في صفوف القوات الأمنية.
وقالت الوثيقة إن عناصر من وزارة الداخلية العراقية استمالتهم الميليشيات الطائفية، مارسوا الاحتيال في جداول دفع الرواتب ونواح أخري.