باسل قصي العبادله
11-06-2006, 02:54 PM
استفتاء عباس.. خيانة لفلسطين والعرب والمسلمين
تقارير رئيسية :عام :السبت 14 جمادى الأولى 1427هـ –10يونيو 2006م
محمد صادق مكي
صحفي مصري
Muhammad_makky@hotmail.com
مفكرة الإسلام: دون أدنى مبالغة.. يمكننا القول إن عرض ما يطلق عليه 'وثيقة الأسرى' للاستفتاء العام في فلسطين المحتلة هو بمثابة تفريط مجاني في أرض فلسطين التاريخية بل هو دون مبالغة خيانة على المستويين العربي والإسلامي من وجهة نظري الشخصية.
وحتى لا نتهم باتباع نهج التفسير التآمري للأحداث أو إلقاء التهم جزافًا أو التصدي لقضية لسنا طرفًا بها، لنبدأ بتحليل موضوعي لمحتوى الوثيقة لنرى مدى صدقية الافتراض المطروح في بداية هذا المقال.
نود أن نشير أولاً إلى أننا لا نشكك في وطنية واضعي الوثيقة وهم على غير ما تم الترويج له ليسوا ممثلين عن الفصائل الفلسطينية وإنما هم قيادات في تلك الفصائل في سجن واحد فقط من أصل العشرات من سجون الاحتلال التي يقبع بها الأسرى الفلسطينيون وضعوا تلك الوثيقة أملاً منهم أن تكون أساسًا للحوار بين الفصائل لنزع فتيل الأزمة التي يشهدها الشارع الفلسطيني منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية وتشكيلها للحكومة.
ويشهد الجميع للرئيس الفلسطيني محمود عباس بموقفه حين أقر بنتيجة الانتخابات التي أسفرت عن فوز حماس وهزيمة حركة فتح التي يتزعمها، لكن هذا الموقف ظهر على حقيقته حين بدأ سعي عباس منذ اليوم الأول للحكومة إلى نزع كافة الصلاحيات عنها بدءًا من نقل الإشراف على التلفزيون من الحكومة إلى الرئاسة وانتهاء بسيطرته على كافة الأجهزة الأمنية إما مباشرة أو عبر تعيين أتباعه في مراكز القيادة في وزارة الداخلية ليصبح حظ حماس من كل وزارة هو مكتب الوزير أما شئون الوزارة فهي في أيدي أنصار عباس. وإساءة التصرف في الوزارة ستنسب في النهاية إلى حماس.
وتلاقى هوى مؤسسة الرئاسة مع مخطط صهيوني أمريكي لإسقاط الحكومة عبر حصارها وحصار الشعب الفلسطيني بأسره وتجويعه. ثم جاءت وثيقة الأسرى وهي في الواقع لا تعبر إلا عن بعض الأسرى في سجن هداريم وليس كل أسرى السجن ناهيك عن أسرى السجون الأخرى.
تؤكد الوثيقة على حق المقاومة وتدعو لتوحيدها وتؤكد على حق عودة اللاجئين وتدعو إلى الحوار بين الفصائل إلى نبذ الاقتتال الداخلي وتحرير الأسرى والمعتقلين وكلها أمور لا غبار عليها وهي أمور يفهم من تصريحات قيادات فتح تخليهم عنها أو عن بعضها. كما تدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وإلى تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي إليها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
أما البند الخطير في الوثيقة فهو بندها الأول الذي نص على حق الشعب الفلسطيني في 'إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشريف على جميع الأراضي المحتلة عام 1967' استنادًا إلى 'ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وما كفلته الشرعية الدولية'.
وهنا ثمة تحول في موقف مؤسسة الرئاسة من السعي بكافة السبل للإطاحة بحماس إلى ارتكاب خطأ تاريخي. فيعني إقرار الوثيقة في استفتاء شعبي ـ إن أقرت ـ بما فيها هذا البند عدة أمور أهمها:
1- التخلي عن كافة الحقوق في فلسطين المحتلة عام 1948 عبر استغلال حالة تجويع الفلسطينيين التي قادتها الولايات المتحدة من خلال رسالة ضمنية مفادها إما أن تظلوا في الجوع وتخرجوا أبناءكم من المدارس وتكفوا عن علاج أطفالكم أو أن تقبلوا بهذه الوثيقة لترضى عنا واشنطن ويعود تدفق الأموال إلينا.
2- الخيانة هنا ليست لقضية فلسطينية لا تعني إلا الفلسطينيون، ففلسطين أرض عربية إسلامية وخيانتها خيانة للعرب والمسلمين أجمع وبالتالي فالتفريط هنا في أرض فلسطينية عربية اسلامية.
3- سيعني إجراء الاستفتاء الاحتكام في أحد ثوابت القضية الفلسطينية إلى نحو ثلث الفلسطينيين فقط وهم الفلسطينيون المقيمون في الداخل مع تجاهل كافة الفلسطينيين المقيمين في الخارج.
4- إجراء الاستفتاء سيتكلف ملايين الدولارات فتُرى من أين حصلت مؤسسة الرئاسة على هذه الملايين؟ فإن كانت موجودة من قبل فلماذا لم يتم إغاثة الجوعى والمرضى الفلسطينيين بها؟ وإن كانت ليست موجودة من قبل فمن أين حصلت عليها مؤسسة الرئاسة؟
5- إجراء الاستفتاء سيتم رغم رفض خمس فصائل فلسطينية لها وزنها للوثيقة وهي حركة المقاومة الاسلامية حماس وحركة الجهاد الاسلامي وجبهة التحرير العربية والجبهة الشعبية القيادة العامة وطلائع حرب التحرير الشعبية الصاعقة إضافة إلى تحفظ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن بعض بنود الوثيقة.
5- رغم رفضنا لمبدأ التفريط من أساسه إلا أن مؤسسة الرئاسة الفلسطينية تقدم هذا التفريط على طبق من فضة دون أي مقابل ودون أن تحصل حتى على أية مكاسب للفلسطينيين مقابل هذا التفريط.
6- تبدت خطورة الوثيقة بشكل أكبر حين أعربت واشنطن عن تأييدها لإجراء الاستفتاء عليها.
وهنا حماس تواجه مأزقًا حقيقيًا فهي تقف وحدها أمام مؤسسة الرئاسة وأمريكا وإسرائيل بينما يقف العرب والمسلمون بين مؤيد لأمريكا ومحايد ومؤيد لحماس 'بقلبه'. فماذا عساها تفعل حين يدعو عباس للاستفتاء؟
إما أن تشارك وتسعى لحشد الرفض الشعبي للوثيقة وهذا أمر تكتنفه المخاطر فإن فهي لا تضمن أن يتم رفض الوثيقة فإن شاركت وتم قبول الوثيقة أصبحت الحركة ملزمة بما ورد فيها. وإما أن تقاطع الاستفتاء وهنا ستزيد فرص إقرارها وهو ما ترفضه مطلقاً. وهنا أزمة ربما لم تضعها حماس في الحسبان حين قررت خوض لعبة الديموقراطية. ولن يفيد حماس أن تردد ليل نهار أن الاستفتاء غير قانوني فمن الواضح أن عباس سيمضي قدمًا في إجرائه سواء نجح الحوار الفلسطيني أم فشل وسواء كان الاستفتاء قانوناً أم لا.
تقارير رئيسية :عام :السبت 14 جمادى الأولى 1427هـ –10يونيو 2006م
محمد صادق مكي
صحفي مصري
Muhammad_makky@hotmail.com
مفكرة الإسلام: دون أدنى مبالغة.. يمكننا القول إن عرض ما يطلق عليه 'وثيقة الأسرى' للاستفتاء العام في فلسطين المحتلة هو بمثابة تفريط مجاني في أرض فلسطين التاريخية بل هو دون مبالغة خيانة على المستويين العربي والإسلامي من وجهة نظري الشخصية.
وحتى لا نتهم باتباع نهج التفسير التآمري للأحداث أو إلقاء التهم جزافًا أو التصدي لقضية لسنا طرفًا بها، لنبدأ بتحليل موضوعي لمحتوى الوثيقة لنرى مدى صدقية الافتراض المطروح في بداية هذا المقال.
نود أن نشير أولاً إلى أننا لا نشكك في وطنية واضعي الوثيقة وهم على غير ما تم الترويج له ليسوا ممثلين عن الفصائل الفلسطينية وإنما هم قيادات في تلك الفصائل في سجن واحد فقط من أصل العشرات من سجون الاحتلال التي يقبع بها الأسرى الفلسطينيون وضعوا تلك الوثيقة أملاً منهم أن تكون أساسًا للحوار بين الفصائل لنزع فتيل الأزمة التي يشهدها الشارع الفلسطيني منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية وتشكيلها للحكومة.
ويشهد الجميع للرئيس الفلسطيني محمود عباس بموقفه حين أقر بنتيجة الانتخابات التي أسفرت عن فوز حماس وهزيمة حركة فتح التي يتزعمها، لكن هذا الموقف ظهر على حقيقته حين بدأ سعي عباس منذ اليوم الأول للحكومة إلى نزع كافة الصلاحيات عنها بدءًا من نقل الإشراف على التلفزيون من الحكومة إلى الرئاسة وانتهاء بسيطرته على كافة الأجهزة الأمنية إما مباشرة أو عبر تعيين أتباعه في مراكز القيادة في وزارة الداخلية ليصبح حظ حماس من كل وزارة هو مكتب الوزير أما شئون الوزارة فهي في أيدي أنصار عباس. وإساءة التصرف في الوزارة ستنسب في النهاية إلى حماس.
وتلاقى هوى مؤسسة الرئاسة مع مخطط صهيوني أمريكي لإسقاط الحكومة عبر حصارها وحصار الشعب الفلسطيني بأسره وتجويعه. ثم جاءت وثيقة الأسرى وهي في الواقع لا تعبر إلا عن بعض الأسرى في سجن هداريم وليس كل أسرى السجن ناهيك عن أسرى السجون الأخرى.
تؤكد الوثيقة على حق المقاومة وتدعو لتوحيدها وتؤكد على حق عودة اللاجئين وتدعو إلى الحوار بين الفصائل إلى نبذ الاقتتال الداخلي وتحرير الأسرى والمعتقلين وكلها أمور لا غبار عليها وهي أمور يفهم من تصريحات قيادات فتح تخليهم عنها أو عن بعضها. كما تدعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وإلى تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي إليها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
أما البند الخطير في الوثيقة فهو بندها الأول الذي نص على حق الشعب الفلسطيني في 'إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشريف على جميع الأراضي المحتلة عام 1967' استنادًا إلى 'ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وما كفلته الشرعية الدولية'.
وهنا ثمة تحول في موقف مؤسسة الرئاسة من السعي بكافة السبل للإطاحة بحماس إلى ارتكاب خطأ تاريخي. فيعني إقرار الوثيقة في استفتاء شعبي ـ إن أقرت ـ بما فيها هذا البند عدة أمور أهمها:
1- التخلي عن كافة الحقوق في فلسطين المحتلة عام 1948 عبر استغلال حالة تجويع الفلسطينيين التي قادتها الولايات المتحدة من خلال رسالة ضمنية مفادها إما أن تظلوا في الجوع وتخرجوا أبناءكم من المدارس وتكفوا عن علاج أطفالكم أو أن تقبلوا بهذه الوثيقة لترضى عنا واشنطن ويعود تدفق الأموال إلينا.
2- الخيانة هنا ليست لقضية فلسطينية لا تعني إلا الفلسطينيون، ففلسطين أرض عربية إسلامية وخيانتها خيانة للعرب والمسلمين أجمع وبالتالي فالتفريط هنا في أرض فلسطينية عربية اسلامية.
3- سيعني إجراء الاستفتاء الاحتكام في أحد ثوابت القضية الفلسطينية إلى نحو ثلث الفلسطينيين فقط وهم الفلسطينيون المقيمون في الداخل مع تجاهل كافة الفلسطينيين المقيمين في الخارج.
4- إجراء الاستفتاء سيتكلف ملايين الدولارات فتُرى من أين حصلت مؤسسة الرئاسة على هذه الملايين؟ فإن كانت موجودة من قبل فلماذا لم يتم إغاثة الجوعى والمرضى الفلسطينيين بها؟ وإن كانت ليست موجودة من قبل فمن أين حصلت عليها مؤسسة الرئاسة؟
5- إجراء الاستفتاء سيتم رغم رفض خمس فصائل فلسطينية لها وزنها للوثيقة وهي حركة المقاومة الاسلامية حماس وحركة الجهاد الاسلامي وجبهة التحرير العربية والجبهة الشعبية القيادة العامة وطلائع حرب التحرير الشعبية الصاعقة إضافة إلى تحفظ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن بعض بنود الوثيقة.
5- رغم رفضنا لمبدأ التفريط من أساسه إلا أن مؤسسة الرئاسة الفلسطينية تقدم هذا التفريط على طبق من فضة دون أي مقابل ودون أن تحصل حتى على أية مكاسب للفلسطينيين مقابل هذا التفريط.
6- تبدت خطورة الوثيقة بشكل أكبر حين أعربت واشنطن عن تأييدها لإجراء الاستفتاء عليها.
وهنا حماس تواجه مأزقًا حقيقيًا فهي تقف وحدها أمام مؤسسة الرئاسة وأمريكا وإسرائيل بينما يقف العرب والمسلمون بين مؤيد لأمريكا ومحايد ومؤيد لحماس 'بقلبه'. فماذا عساها تفعل حين يدعو عباس للاستفتاء؟
إما أن تشارك وتسعى لحشد الرفض الشعبي للوثيقة وهذا أمر تكتنفه المخاطر فإن فهي لا تضمن أن يتم رفض الوثيقة فإن شاركت وتم قبول الوثيقة أصبحت الحركة ملزمة بما ورد فيها. وإما أن تقاطع الاستفتاء وهنا ستزيد فرص إقرارها وهو ما ترفضه مطلقاً. وهنا أزمة ربما لم تضعها حماس في الحسبان حين قررت خوض لعبة الديموقراطية. ولن يفيد حماس أن تردد ليل نهار أن الاستفتاء غير قانوني فمن الواضح أن عباس سيمضي قدمًا في إجرائه سواء نجح الحوار الفلسطيني أم فشل وسواء كان الاستفتاء قانوناً أم لا.