باسل قصي العبادله
29-05-2006, 02:57 PM
لا تنسوا أفضال أمريكا على المسلمين
شبكة البصرة
د. عمر ظاهر
بدون أدنى شك فنحن نعاني، نغرق في دماء أبريائنا، مدننا تدمر، علماؤنا يقتلون، ثرواتنا تنهب، مستقبل أجيالنا القادمة مهدد، كرامتنا تهان وحرماتنا تستباح على أيدي الأمريكان والبريطانيين والاسرائيليين. هذا هو واقع الحال اليوم. ونحن نئن تحت وطأة جراحاتنا، وقد يترآى للبعض أننا أمة تسير على طريق الانقراض المنظم الذي تخطط له عقول العدو الشيطانية وتعينه علينا خونة الأمة في صفوفنا. هدفهم إذلالنا، تشتيتنا، بث اليأس في نفوسنا وإخراجنا من حلبة التاريخ إلى الأبد. أمر واحد قد لا يخطر على بالهم وهم المغرورون ببأسهم وقوتهم، وهو أنهم في كل ما يفعلونه إنما يوقظون مارداً جباراً من سباته فيستجمع قواه ويتحفز للوثوب. هذا الدمار المأساوي يسجل من وجهة نظر التاريخ مخاض أمة ستولد من جديد. بوش وأسياده وأذنابه أغبى من أن يدركوا عواقب ما يفعلون. إنهم يُسدون من حيث لا يعرفون ولا يريدون خدمات جلى للمسلمين، وتحديداً لرافعي راية الإسلام الذين يطلق عليهم اليوم اسم الاسلاميين أو الارهابيين أو المتشددين. إن من يلقي نظرة على تاريخ العالم منذ زمن الأغريق والرومان وحتى اليوم، وينأى بنفسه عن العواطف مع أو ضد طرف من أطراف أي صراع تاريخي وله بصيرة وقلب يدرك، يرى بدون صعوبة أن بوش وزمرته يقدمون للمسلمين مستقبلهم الكريم على طبق من ذهب وإن كان الدم يقطر من أطرافه. دعونا ننظر في بعض الخدمات التي يسديها الطاغوت للمسلمين:
أولاً- إعلان الحرب المفتوحة على المسلمين
لعل أكبر خدمة قدمها الرئيس الأمريكي الأرعن بوش للمسلمين هي إعلانه الحرب المفتوحة عليهم. إن التاريخ يعلمنا أن لا شيء يوقظ همم أمة من الأمم ويفجر طاقاتها مثل حرب ظالمة يشنها عليها عدو. الشعوب تميل عادة إلى الغرق في الحياة اليومية والكسب الفردي والصراعات والنزاعات الثانوية طالما كانت تعيش حياة عادية. وهي تميل إلى الحفاظ على رتابة حياتها وعلى مكتسباتها طالما كان ذلك ممكناً حتى لو تطلب ذلك بعض التنازل عن أمور أساسية في وجودها. وقد تصمت لو كان في ذلك ضمانة للحفاظ على مكتسباتها، ولكن عندما تتعرض لحرب مفتوحة ظالمة تهدد وجودها نفسه وتواجه عدواً لا يعطي فرصة للمساومة ولا حتى يترك مجالاً للصمت، فإن الشعوب لن يكون أمامها إلا أن تتشبث بالحياة من خلال مواجهة الموت ودفع تكاليف الاستمرار. ويصبح معقولاً ما كان في السابق غير معقول ويكون ممكناً ما كان في السابق مستحيلاً.
في التاريخ الحديث بينت الحرب العالمية الثانية أن عدوان ألمانيا النازية أطلق مثلاً طاقات في شعوب الاتحاد السوفيتي السابق كانت ستظل كامنة لولا أن الحرب الظالمة وضعت تلك الشعوب أمام خيار واحد إذا أرادت أن تبقى على قيد الحياة وهو خيار التحمل والتضحية والكفاح بلا كلل. من كان في الاتحاد السوفيتي يرغب أو يرى ضرورة أو إمكانية لنقل أكثر من 15000 من المصانع الانتاجية في أنحاء البلاد المختلفة إلى ما وراء الأورال بعيداً عن متناول الغزاة؟ من كان يستطيع تنظيم تلك المقاومة الخرافية للغزاة لولا شعور الشعوب بضغط الحرب الظالمة واستهدافها لوجود تلك الشعوب؟ إن المجانين وحدهم كان يمكن أن يحلموا في عام 1940 بدخول الجيش الأحمر برلين نفسها، لكن الحرب الظالمة جعلت من شيء لم يفكر فيه أحد أمراً ممكناً، لأن تلك الحرب الظالمة فجرت طاقات شعوب الاتحاد السوفيتي وابداعاتها وروحها الكفاحية.
وفي الزمن الراهن رأينا كيف أن العراق قدم في السنوات السابقة للاحتلال الأمريكي الغاشم التنازل بعد التنازل للمعتدين على أمل تجنب الحرب والحفاظ على الحد الأدنى من مقومات الحياة للعراقيين. لقد وصل الأمر بالعراق حد الموافقة على تفتيش القصور الرئاسية بحثاً عن أسلحة الدمار المزعومة، بل وأن العراق وافق على تدمير أسلحة دفاعية محضة. ولو أن الأمريكان أبقوا على الحد الأدنى من احترام حقوق العراق وتعاملوا مع العراقيين على هذا الأساس لكان من الصعب اقناع كل العراقيين باتخاذ موقف متشدد من مطالب الأمريكان. لكن أمريكا اختارت الحرب الظالمة والاحتلال المباشر والدوس على كرامة العراقيين، فلم تترك أمام العراقيين من خيار إلا المقاومة مهما كلف ذلك من ثمن. لقد دمر الأمريكان الفلوجة وبعقوبة وسامراء وحديثة وعشرات المدن العراقية الأخرى، ونحن نرى أن المقاومة تنهض من جديد من تحت ركام المدن المدمرة وتشتد وتنتشر، ويبدع العراقيون في مقاومتهم ويبتكرون أساليب في المقاومة تذهل الغزاة وتشعرهم بالهزيمة الحتمية الوشيكة. لقد قرأنا الكثير عن المعجزة الروسية خلال الحرب العالمية الثانية، وإن الأجيال القادمة ستقرأ أكثر عن المعجزة العراقية خلال حرب الامبريالية الأمريكية ضد المسلمين.
إن حماقة بوش لم تقتصر على العراق وعلى افغانستان. إنه أعلن حرباً مفتوحة سماها بنفسه الحرب الصليبية، وهو الآن يفعل نفس ما فعله هتلر بشعوب الاتحاد السوفيتي والشعوب الأخرى: الإبادة الوحشية والإذلال والتدمير وعدم احترام الحياة والشعوب، وهو لن يجني في آخر المطاف غير الذي جناه هتلر. إن حرب بوش الصليبية هي في الحقيقة ضرورة تاريخية من ضرورات نهوض الشعوب المسلمة. هذه الشعوب أصابها خلال القرون الماضية الكثير من الترهل وصارت في حياتها اليومية تتطلع إلى شيء من الرخاء هو بكل تأكيد مشروع وطبيعي لكنه يفتقر إلى شيء أساسي وهو وجود دولة قوية وذات فاعلية لحماية هذا الرخاء. وها هو بوش يأتي بعساكره وأساطيله وغروره وعملائه يدوس على كرامة المسلمين، يدمر مؤسساتهم، ينتهك حرمة دور عبادتهم ويقتل علماءهم ومبدعيهم؛ إنه يوقظهم ويؤكد لهم أن لا رخاء ولا كرامة ولا حياة من دون كيان قوي مكين يرد كيد الأعداء الحاقدين. إن حرب بوش الصليبية على وحشيتها وهمجيتها ذات فائدة تاريخية، إنها اليوم تحفز هذه الشعوب للمواجهة وتفجر طاقاتها. وسيرى هذا الأحمق أن مواجهة شعوب مصممة على الحياة ومصممة على تمريغ أنفه في الأوحال ليست لعبة كومبيوتر، فالأرض تستعر وستستعر تحت أقدام جنوده من أقصى شرق افغانستان إلى أقصى غرب المغرب.
2- جعل الإسلام رايتهم
إن مما لا يدركه الأحمق بوش وبطانته الغبية هو أن هذه الحرب بين الشعوب المسلمة وبين الرأسمالية الامبريالية قد بدأت في الواقع قبل قرن من اليوم، وأنه كان عليها أن تنتظر كل هذا الوقت لتأخذ شكلها الحقيقي. إنها حرب بين شعوب تملك مقومات الحياة وتملك تاريخاً وثقافة وحضارة وقدرة على التطور والاستمرار وبين قوة أجنبية غاشمة جاءت إليها في عقر دارها تريد أن تحرمها حق الحياة والكرامة. لقد بدأت هذه الحرب مع الحرب العالمية الأولى، لكن خطاً تاريخياً حصل عندما تداخلت مسارات الشعوب بقيام ثورة اكتوبر 1917 في روسيا. إن تلك الثورة كانت من القوة والتقدم بمكان بحيث جعلتها تطغى بتأثيراتها على بذرة الوعي التي كانت تنشأ بين الشعوب المسلمة. وكان لتوجه ثورة أكتوبر في محاربة نفس العدو الرأسمالي الامبريالي الذي كان المسلمون يواجهونه أثر تخريبي تاريخي على مسار صراع الشعوب المسلمة ضد الرأسمالية. لقد فرضت الاشتراكية نفسها كنهج وحيد في ذلك الصراع وجرّت قطاعات من خيرة شباب الشعوب المسلمة إلى القتال ضد الرأسمالية تحت راية خاطئة. ولم يكن الخطأ في الايديولوجية الاشتراكية نفسها، بل في أن تلك الراية خلقت بلبلة في صفوف الشعوب المسلمة وشتتت قواها باعتبارها، حالها حال الرأسمالية، غريبة دخيلة، بل أن قطاعات واسعة من المسلمين إما وقفت على الحياد أو حتى اختارت الانضواء تحت الراية الدخيلة الأخرى، الرأسمالية، لأنها بدت في الظاهر أقل خطراً من الايديولوجية الاشتراكية على أصالة الفكر والتراث في العالم الاسلامي. وقد خلق ذلك ظروفاً ملائمة للرأسماليين الامبرياليين الذين أعطوا لحربهم على الشعوب المسلمة عنوان الحرب على الشيوعية، وتجنبوا الحديث عن الاسلام بل وسعوا إلى إنشاء تحالفات مع قوى اسلامية مهمة.
ومن جهة أخرى فإن بروز العدو الاشتراكي منع الرأسمالية الامبريالية من اعلان الحرب المفتوحة على الشعوب المسلمة في حينه، الأمر الذي جعل هذه الشعوب تتمادى في تراخيها بل وفي صراعاتها الداخلية مطمئنة إلى أنها تعيش في ظل حرب باردة بين عملاقين، حرب تتيح لها هامشاً من الحرية والأمان بالاستناد إلى هذا القطب أو الآخر. إن هذه الشعوب لم تشعر على مدى زمن يقرب من قرن بخطر مباشر ماحق.
وما يحصل الآن هو أن الاشتركية في روسيا القريبة من العالم الاسلامي قد انهارت وانطوت رايتها بين الشعوب المسلمة، وفي الوقت نفسه جاء الامبرياليون بوجههم البشع مباشرة إلى العالم الإسلامي في حرب مفتوحة، ليست ضد الشيوعية بل، كما أعلنها الأرعن بوش، ضد الإسلام. هل يحلم أحد في العالم بأن يكون عدوه بهذه الدرجة من الغباء؟ بوش يأتي إلى بلدان المسلمين غازياً ويقول لهم أنه جاء إلى هنا ليحارب الإسلام! إن الإسلاميين يجب أن يقدموا له الشكر، فمقابل راية الرأسمالية الامبريالية الغازية لا ترفع اليوم في بلدان المسلمين راية دخيلة تشتت المسلمين، بل راية البلدان نفسها، راية الإسلام. وتحت هذه الراية لن يتردد مسلم في العالم الإسلامي عن القتال. وحتى لو كان المرء على طرفي نقيض مع الإسلاميين فإنه سيقف في أحسن الأحوال على الحياد، ولن يختار الوقوف إلى جانب بوش إلا إذا كان من سقط المتاع. إن بوش منح المسلمين الراية الصحيحة التي يجب أن يقاتلوه تحتها، ووفر لهم بهذا ليس عامل العودة إلى الأصالة التاريخية وحسب بل وعامل الوحدة. لقد ولى الزمن الذي كان فيه أسلاف بوش يلعبون على وتر الشيوعية والإلحاد الذي يخيف المسلمين فهو اليوم نفسه يمثل الامبريالية والالحاد والكفر والشر كله.
إن بوش انتبه متأخراً إلى أنه قد وقع في فخ تاريخي، فأبدع له خبراؤه كلمة "الإرهاب" ليدخل بها العالم الإسلامي وكأنه يحارب "الإرهاب" كما كان أسلافه يحاربون الشيوعية، ولكن بوش لم يقنع أحداً إلا أزلامه بأنه يفرق بين الإسلام والإرهاب، فالحرب الصليبية في طبيعتها لم يتم شنها على الإرهاب لا في افغانستان ولا في العراق، بل على المسلمين. أما ورقته الأخيرة في خلق النزاعات الطائفية فإنه يدرك الآن بلا شك أن لا طائفة من طوائف المسلمين تنظر إليه نظرة احترام، فحلفاؤه من كل الطوائف هم زبالة يلقي بها الغربال في احضانه.
3- تنبيه العالم الى الإسلام.
لعل الحرب الإعلامية على الإسلام والتي يتندر الساسة الأمريكيون والبريطانيون على أنفسهم بتسميتها بـ "الحرب على الإرهاب" هي واحدة من المفارقات العجيبة في مسار علاقة الصراع بين الإسلام والرأسمالية. فالتشهير بالإسلام وتشويه صورته بربطه بالإرهاب والتخلف هذا التشهير الذي تخصص له الرأسمالية أموالاً خيالية وتستخدم في سبيله أحدث الوسائل التكنولوجية والأساليب النفسية في الدعاية التخريبية، هذا التشهير يؤدي بشكل مباشر ولكن وقتي إلى الحاق الضرر بالمسلمين وإلى خلق البلبلة حتى في صفوفهم، لكنه ومن حيث لا يريد ينشر الإسلام ويترجم فكره إلى كل لغات العالم ويبعث في نفوس الناس في العالم كله الرغبة في معرفة هذا الدين. إن أطفال المدارس في أقاصي الأرض يعرفون اليوم كلمة الإسلام ويعرفون كلمة القرآن ويعرفون كلمة محمد. ولولا هذا التشهير لما كان لهذا ليحصل.
لقد سخرت الرأسمالية طاقات هائلة لحربها الإعلامية على الإسلام ولكن دهاقنة مؤسسات الحرب الإعلامية فاتهم شيء واحد، وهو أن من يشنون حربهم عليه ليس شخصاً أو نظاماً سياسياً يمكن عزله وطمر حقيقته بالأكاذيب بل هو فكر في كتاب محكم يمكن لمن يشاء أن يعود إليه ليدرسه بنفسه. وهذا ما يحصل بفضل هذه الحرب. فالجرعات الإعلامية اليومية التي يتلقاها الإنسان، في العالم الغربي مثلاً، يحفز هذا الإنسان الذي تربى على أن يكون نقدياً في مواقفه، على أن يبحث في مصادر أصلية في حقيقة ما يسمع. ومن هنا نرى الإقبال الشديد على اقتناء ترجمات القرآن الكريم. (ولا شك في أن ذلك يحفّز مؤسسات الدعاية إلى تقديم ترجمات مشوهة..!)
بلا شك فإن الجرعات اليومية من الدعاية المسمومة تفعل فعلها في العقول والنفوس الضعيفة، لكن صفوة الناس تتوقف وتتأمل. إن التعاطف مع المسلمين يتنامى في صفوف هذه الصفوة ليس فقط بسبب الوحشية التي تعامل بها بلدانهم وحكوماتهم المسلمين في عقر دارهم، ولكن أيضاً بسبب اكتشاف الكثيرين منهم الإسلام كمنظومة من الأفكار مذهلة التماسك والعمق.
إن من ينشيء دولة يحتاج إلى إطار وأساس فكري .. والمسلمون وجدوا أصلاً بوجود فكرهم. إن التاريخ لن يغفر لنفسه ولا للمسلمين أن لا تقوم على أساس هذا الفكر الفريد في عقلانيته وسموه دولة تجسده على أرض الواقع.
4- توفير وسائل الحرب لهم
يرى الكثيرون أن دولة الإسلام قد خطت بالفعل خطوتها الأولى بجمع المسلمين حول فكرة الخطر المحدق بهم في إعلان بوش الحرب المفتوحة عليهم. إن هناك ليس يقظة وحسب بل وانتظام فكري يغربل، بفضل وسائل الاتصال المرئية وغيرها العالية التقنية التي وفرتها الصناعة الرأسمالية، الفكر من شوائبه ويخلق وحدة الإرادة والغاية. بدأ الإسلام يظهر على حقيقته فكراً يحترم الحياة ويدعو إلى بناء الإنسان وإعمار الأرض وصارت صورة العمائم والوعاظ والدجالين المتطفلين تنقشع، فإسلاميو اليوم علماء وخبراء وفنيّون يغرفون العلم من عيونه الأصلية.
إن الامبريالية الانغلوصهيونية تشن اليوم في الحقيقة الحرب على كل الشعوب المسالمة في العالم. إنها في حالة حرب ضد شعوب أمريكا اللاتينية وضد شعوب آسيا وإفريقيا، بل ولو تعمقنا أكثر في طبيعة صراع الامبريالية مع من حولها فسنجد أنها في حالة حرب حتى ضد شعوب اوروبا الغربية نفسها. لكن حربها ضد المسلمين ذات طابع خاص. هنا الحرب ليس من أجل النهب فقط، بل من اجل اجتثاث فكر وتدمير حضارة وإبادة شعوب. إنها حرب وجود وهي أيضاً حرب معلومة النتائج. وما نشهده في العراق اليوم هو البشائر الأولى لعاقبة هذه الحرب. إن رجال المقاومة العراقية المتشبعين بفكرهم الأصيل والمتسلحين بالإيمان قد امتصوا ببطولاتهم عبر السنوات الثلاث الماضية زخم اندفاع العدو في أرض المسلمين فأغرقوه في الوحل ولم يعد يستطيع التقدم. إن المعتدين يعملون المستحيل في سبيل تجنب الانكسار في العراق لأن هذا الانكسار سيؤدي إلى انهيار كل الانظمة العميلة في المنطقة .. لكن هذا الانكسار حتمي ولا مناص منه فالتاريخ قد يتباطأ في مسيرته أحياناً لكنه لن يكذب قوانينه.
إن بوش لا يفهم شيئاً لا في السياسة ولا في حكم التاريخ، لكن من حوله ربما بدأوا يدركون الآن أن الحرب المفتوحة على المسلمين ستأتي بنتائج أرادوا هم عكسها تماماً، وأن المنطقة الواقعة بين افغانستان وموريتانيا ستنبثق خلال فترة وجيزة، بعد أن توحدت فكرياً، عن كيان سياسي موحد يحترم الإنسان والحياة ويحافظ عليهما بعد الدمار الذي تسببت به الهمجية الامبريالية.
التاريخ لن يكذّب نفسه. إنها مسألة وقت لا غير.
شبكة البصرة
الاحد 1 جماد الاول 1427 / 28 آيار 2006
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
شبكة البصرة
د. عمر ظاهر
بدون أدنى شك فنحن نعاني، نغرق في دماء أبريائنا، مدننا تدمر، علماؤنا يقتلون، ثرواتنا تنهب، مستقبل أجيالنا القادمة مهدد، كرامتنا تهان وحرماتنا تستباح على أيدي الأمريكان والبريطانيين والاسرائيليين. هذا هو واقع الحال اليوم. ونحن نئن تحت وطأة جراحاتنا، وقد يترآى للبعض أننا أمة تسير على طريق الانقراض المنظم الذي تخطط له عقول العدو الشيطانية وتعينه علينا خونة الأمة في صفوفنا. هدفهم إذلالنا، تشتيتنا، بث اليأس في نفوسنا وإخراجنا من حلبة التاريخ إلى الأبد. أمر واحد قد لا يخطر على بالهم وهم المغرورون ببأسهم وقوتهم، وهو أنهم في كل ما يفعلونه إنما يوقظون مارداً جباراً من سباته فيستجمع قواه ويتحفز للوثوب. هذا الدمار المأساوي يسجل من وجهة نظر التاريخ مخاض أمة ستولد من جديد. بوش وأسياده وأذنابه أغبى من أن يدركوا عواقب ما يفعلون. إنهم يُسدون من حيث لا يعرفون ولا يريدون خدمات جلى للمسلمين، وتحديداً لرافعي راية الإسلام الذين يطلق عليهم اليوم اسم الاسلاميين أو الارهابيين أو المتشددين. إن من يلقي نظرة على تاريخ العالم منذ زمن الأغريق والرومان وحتى اليوم، وينأى بنفسه عن العواطف مع أو ضد طرف من أطراف أي صراع تاريخي وله بصيرة وقلب يدرك، يرى بدون صعوبة أن بوش وزمرته يقدمون للمسلمين مستقبلهم الكريم على طبق من ذهب وإن كان الدم يقطر من أطرافه. دعونا ننظر في بعض الخدمات التي يسديها الطاغوت للمسلمين:
أولاً- إعلان الحرب المفتوحة على المسلمين
لعل أكبر خدمة قدمها الرئيس الأمريكي الأرعن بوش للمسلمين هي إعلانه الحرب المفتوحة عليهم. إن التاريخ يعلمنا أن لا شيء يوقظ همم أمة من الأمم ويفجر طاقاتها مثل حرب ظالمة يشنها عليها عدو. الشعوب تميل عادة إلى الغرق في الحياة اليومية والكسب الفردي والصراعات والنزاعات الثانوية طالما كانت تعيش حياة عادية. وهي تميل إلى الحفاظ على رتابة حياتها وعلى مكتسباتها طالما كان ذلك ممكناً حتى لو تطلب ذلك بعض التنازل عن أمور أساسية في وجودها. وقد تصمت لو كان في ذلك ضمانة للحفاظ على مكتسباتها، ولكن عندما تتعرض لحرب مفتوحة ظالمة تهدد وجودها نفسه وتواجه عدواً لا يعطي فرصة للمساومة ولا حتى يترك مجالاً للصمت، فإن الشعوب لن يكون أمامها إلا أن تتشبث بالحياة من خلال مواجهة الموت ودفع تكاليف الاستمرار. ويصبح معقولاً ما كان في السابق غير معقول ويكون ممكناً ما كان في السابق مستحيلاً.
في التاريخ الحديث بينت الحرب العالمية الثانية أن عدوان ألمانيا النازية أطلق مثلاً طاقات في شعوب الاتحاد السوفيتي السابق كانت ستظل كامنة لولا أن الحرب الظالمة وضعت تلك الشعوب أمام خيار واحد إذا أرادت أن تبقى على قيد الحياة وهو خيار التحمل والتضحية والكفاح بلا كلل. من كان في الاتحاد السوفيتي يرغب أو يرى ضرورة أو إمكانية لنقل أكثر من 15000 من المصانع الانتاجية في أنحاء البلاد المختلفة إلى ما وراء الأورال بعيداً عن متناول الغزاة؟ من كان يستطيع تنظيم تلك المقاومة الخرافية للغزاة لولا شعور الشعوب بضغط الحرب الظالمة واستهدافها لوجود تلك الشعوب؟ إن المجانين وحدهم كان يمكن أن يحلموا في عام 1940 بدخول الجيش الأحمر برلين نفسها، لكن الحرب الظالمة جعلت من شيء لم يفكر فيه أحد أمراً ممكناً، لأن تلك الحرب الظالمة فجرت طاقات شعوب الاتحاد السوفيتي وابداعاتها وروحها الكفاحية.
وفي الزمن الراهن رأينا كيف أن العراق قدم في السنوات السابقة للاحتلال الأمريكي الغاشم التنازل بعد التنازل للمعتدين على أمل تجنب الحرب والحفاظ على الحد الأدنى من مقومات الحياة للعراقيين. لقد وصل الأمر بالعراق حد الموافقة على تفتيش القصور الرئاسية بحثاً عن أسلحة الدمار المزعومة، بل وأن العراق وافق على تدمير أسلحة دفاعية محضة. ولو أن الأمريكان أبقوا على الحد الأدنى من احترام حقوق العراق وتعاملوا مع العراقيين على هذا الأساس لكان من الصعب اقناع كل العراقيين باتخاذ موقف متشدد من مطالب الأمريكان. لكن أمريكا اختارت الحرب الظالمة والاحتلال المباشر والدوس على كرامة العراقيين، فلم تترك أمام العراقيين من خيار إلا المقاومة مهما كلف ذلك من ثمن. لقد دمر الأمريكان الفلوجة وبعقوبة وسامراء وحديثة وعشرات المدن العراقية الأخرى، ونحن نرى أن المقاومة تنهض من جديد من تحت ركام المدن المدمرة وتشتد وتنتشر، ويبدع العراقيون في مقاومتهم ويبتكرون أساليب في المقاومة تذهل الغزاة وتشعرهم بالهزيمة الحتمية الوشيكة. لقد قرأنا الكثير عن المعجزة الروسية خلال الحرب العالمية الثانية، وإن الأجيال القادمة ستقرأ أكثر عن المعجزة العراقية خلال حرب الامبريالية الأمريكية ضد المسلمين.
إن حماقة بوش لم تقتصر على العراق وعلى افغانستان. إنه أعلن حرباً مفتوحة سماها بنفسه الحرب الصليبية، وهو الآن يفعل نفس ما فعله هتلر بشعوب الاتحاد السوفيتي والشعوب الأخرى: الإبادة الوحشية والإذلال والتدمير وعدم احترام الحياة والشعوب، وهو لن يجني في آخر المطاف غير الذي جناه هتلر. إن حرب بوش الصليبية هي في الحقيقة ضرورة تاريخية من ضرورات نهوض الشعوب المسلمة. هذه الشعوب أصابها خلال القرون الماضية الكثير من الترهل وصارت في حياتها اليومية تتطلع إلى شيء من الرخاء هو بكل تأكيد مشروع وطبيعي لكنه يفتقر إلى شيء أساسي وهو وجود دولة قوية وذات فاعلية لحماية هذا الرخاء. وها هو بوش يأتي بعساكره وأساطيله وغروره وعملائه يدوس على كرامة المسلمين، يدمر مؤسساتهم، ينتهك حرمة دور عبادتهم ويقتل علماءهم ومبدعيهم؛ إنه يوقظهم ويؤكد لهم أن لا رخاء ولا كرامة ولا حياة من دون كيان قوي مكين يرد كيد الأعداء الحاقدين. إن حرب بوش الصليبية على وحشيتها وهمجيتها ذات فائدة تاريخية، إنها اليوم تحفز هذه الشعوب للمواجهة وتفجر طاقاتها. وسيرى هذا الأحمق أن مواجهة شعوب مصممة على الحياة ومصممة على تمريغ أنفه في الأوحال ليست لعبة كومبيوتر، فالأرض تستعر وستستعر تحت أقدام جنوده من أقصى شرق افغانستان إلى أقصى غرب المغرب.
2- جعل الإسلام رايتهم
إن مما لا يدركه الأحمق بوش وبطانته الغبية هو أن هذه الحرب بين الشعوب المسلمة وبين الرأسمالية الامبريالية قد بدأت في الواقع قبل قرن من اليوم، وأنه كان عليها أن تنتظر كل هذا الوقت لتأخذ شكلها الحقيقي. إنها حرب بين شعوب تملك مقومات الحياة وتملك تاريخاً وثقافة وحضارة وقدرة على التطور والاستمرار وبين قوة أجنبية غاشمة جاءت إليها في عقر دارها تريد أن تحرمها حق الحياة والكرامة. لقد بدأت هذه الحرب مع الحرب العالمية الأولى، لكن خطاً تاريخياً حصل عندما تداخلت مسارات الشعوب بقيام ثورة اكتوبر 1917 في روسيا. إن تلك الثورة كانت من القوة والتقدم بمكان بحيث جعلتها تطغى بتأثيراتها على بذرة الوعي التي كانت تنشأ بين الشعوب المسلمة. وكان لتوجه ثورة أكتوبر في محاربة نفس العدو الرأسمالي الامبريالي الذي كان المسلمون يواجهونه أثر تخريبي تاريخي على مسار صراع الشعوب المسلمة ضد الرأسمالية. لقد فرضت الاشتراكية نفسها كنهج وحيد في ذلك الصراع وجرّت قطاعات من خيرة شباب الشعوب المسلمة إلى القتال ضد الرأسمالية تحت راية خاطئة. ولم يكن الخطأ في الايديولوجية الاشتراكية نفسها، بل في أن تلك الراية خلقت بلبلة في صفوف الشعوب المسلمة وشتتت قواها باعتبارها، حالها حال الرأسمالية، غريبة دخيلة، بل أن قطاعات واسعة من المسلمين إما وقفت على الحياد أو حتى اختارت الانضواء تحت الراية الدخيلة الأخرى، الرأسمالية، لأنها بدت في الظاهر أقل خطراً من الايديولوجية الاشتراكية على أصالة الفكر والتراث في العالم الاسلامي. وقد خلق ذلك ظروفاً ملائمة للرأسماليين الامبرياليين الذين أعطوا لحربهم على الشعوب المسلمة عنوان الحرب على الشيوعية، وتجنبوا الحديث عن الاسلام بل وسعوا إلى إنشاء تحالفات مع قوى اسلامية مهمة.
ومن جهة أخرى فإن بروز العدو الاشتراكي منع الرأسمالية الامبريالية من اعلان الحرب المفتوحة على الشعوب المسلمة في حينه، الأمر الذي جعل هذه الشعوب تتمادى في تراخيها بل وفي صراعاتها الداخلية مطمئنة إلى أنها تعيش في ظل حرب باردة بين عملاقين، حرب تتيح لها هامشاً من الحرية والأمان بالاستناد إلى هذا القطب أو الآخر. إن هذه الشعوب لم تشعر على مدى زمن يقرب من قرن بخطر مباشر ماحق.
وما يحصل الآن هو أن الاشتركية في روسيا القريبة من العالم الاسلامي قد انهارت وانطوت رايتها بين الشعوب المسلمة، وفي الوقت نفسه جاء الامبرياليون بوجههم البشع مباشرة إلى العالم الإسلامي في حرب مفتوحة، ليست ضد الشيوعية بل، كما أعلنها الأرعن بوش، ضد الإسلام. هل يحلم أحد في العالم بأن يكون عدوه بهذه الدرجة من الغباء؟ بوش يأتي إلى بلدان المسلمين غازياً ويقول لهم أنه جاء إلى هنا ليحارب الإسلام! إن الإسلاميين يجب أن يقدموا له الشكر، فمقابل راية الرأسمالية الامبريالية الغازية لا ترفع اليوم في بلدان المسلمين راية دخيلة تشتت المسلمين، بل راية البلدان نفسها، راية الإسلام. وتحت هذه الراية لن يتردد مسلم في العالم الإسلامي عن القتال. وحتى لو كان المرء على طرفي نقيض مع الإسلاميين فإنه سيقف في أحسن الأحوال على الحياد، ولن يختار الوقوف إلى جانب بوش إلا إذا كان من سقط المتاع. إن بوش منح المسلمين الراية الصحيحة التي يجب أن يقاتلوه تحتها، ووفر لهم بهذا ليس عامل العودة إلى الأصالة التاريخية وحسب بل وعامل الوحدة. لقد ولى الزمن الذي كان فيه أسلاف بوش يلعبون على وتر الشيوعية والإلحاد الذي يخيف المسلمين فهو اليوم نفسه يمثل الامبريالية والالحاد والكفر والشر كله.
إن بوش انتبه متأخراً إلى أنه قد وقع في فخ تاريخي، فأبدع له خبراؤه كلمة "الإرهاب" ليدخل بها العالم الإسلامي وكأنه يحارب "الإرهاب" كما كان أسلافه يحاربون الشيوعية، ولكن بوش لم يقنع أحداً إلا أزلامه بأنه يفرق بين الإسلام والإرهاب، فالحرب الصليبية في طبيعتها لم يتم شنها على الإرهاب لا في افغانستان ولا في العراق، بل على المسلمين. أما ورقته الأخيرة في خلق النزاعات الطائفية فإنه يدرك الآن بلا شك أن لا طائفة من طوائف المسلمين تنظر إليه نظرة احترام، فحلفاؤه من كل الطوائف هم زبالة يلقي بها الغربال في احضانه.
3- تنبيه العالم الى الإسلام.
لعل الحرب الإعلامية على الإسلام والتي يتندر الساسة الأمريكيون والبريطانيون على أنفسهم بتسميتها بـ "الحرب على الإرهاب" هي واحدة من المفارقات العجيبة في مسار علاقة الصراع بين الإسلام والرأسمالية. فالتشهير بالإسلام وتشويه صورته بربطه بالإرهاب والتخلف هذا التشهير الذي تخصص له الرأسمالية أموالاً خيالية وتستخدم في سبيله أحدث الوسائل التكنولوجية والأساليب النفسية في الدعاية التخريبية، هذا التشهير يؤدي بشكل مباشر ولكن وقتي إلى الحاق الضرر بالمسلمين وإلى خلق البلبلة حتى في صفوفهم، لكنه ومن حيث لا يريد ينشر الإسلام ويترجم فكره إلى كل لغات العالم ويبعث في نفوس الناس في العالم كله الرغبة في معرفة هذا الدين. إن أطفال المدارس في أقاصي الأرض يعرفون اليوم كلمة الإسلام ويعرفون كلمة القرآن ويعرفون كلمة محمد. ولولا هذا التشهير لما كان لهذا ليحصل.
لقد سخرت الرأسمالية طاقات هائلة لحربها الإعلامية على الإسلام ولكن دهاقنة مؤسسات الحرب الإعلامية فاتهم شيء واحد، وهو أن من يشنون حربهم عليه ليس شخصاً أو نظاماً سياسياً يمكن عزله وطمر حقيقته بالأكاذيب بل هو فكر في كتاب محكم يمكن لمن يشاء أن يعود إليه ليدرسه بنفسه. وهذا ما يحصل بفضل هذه الحرب. فالجرعات الإعلامية اليومية التي يتلقاها الإنسان، في العالم الغربي مثلاً، يحفز هذا الإنسان الذي تربى على أن يكون نقدياً في مواقفه، على أن يبحث في مصادر أصلية في حقيقة ما يسمع. ومن هنا نرى الإقبال الشديد على اقتناء ترجمات القرآن الكريم. (ولا شك في أن ذلك يحفّز مؤسسات الدعاية إلى تقديم ترجمات مشوهة..!)
بلا شك فإن الجرعات اليومية من الدعاية المسمومة تفعل فعلها في العقول والنفوس الضعيفة، لكن صفوة الناس تتوقف وتتأمل. إن التعاطف مع المسلمين يتنامى في صفوف هذه الصفوة ليس فقط بسبب الوحشية التي تعامل بها بلدانهم وحكوماتهم المسلمين في عقر دارهم، ولكن أيضاً بسبب اكتشاف الكثيرين منهم الإسلام كمنظومة من الأفكار مذهلة التماسك والعمق.
إن من ينشيء دولة يحتاج إلى إطار وأساس فكري .. والمسلمون وجدوا أصلاً بوجود فكرهم. إن التاريخ لن يغفر لنفسه ولا للمسلمين أن لا تقوم على أساس هذا الفكر الفريد في عقلانيته وسموه دولة تجسده على أرض الواقع.
4- توفير وسائل الحرب لهم
يرى الكثيرون أن دولة الإسلام قد خطت بالفعل خطوتها الأولى بجمع المسلمين حول فكرة الخطر المحدق بهم في إعلان بوش الحرب المفتوحة عليهم. إن هناك ليس يقظة وحسب بل وانتظام فكري يغربل، بفضل وسائل الاتصال المرئية وغيرها العالية التقنية التي وفرتها الصناعة الرأسمالية، الفكر من شوائبه ويخلق وحدة الإرادة والغاية. بدأ الإسلام يظهر على حقيقته فكراً يحترم الحياة ويدعو إلى بناء الإنسان وإعمار الأرض وصارت صورة العمائم والوعاظ والدجالين المتطفلين تنقشع، فإسلاميو اليوم علماء وخبراء وفنيّون يغرفون العلم من عيونه الأصلية.
إن الامبريالية الانغلوصهيونية تشن اليوم في الحقيقة الحرب على كل الشعوب المسالمة في العالم. إنها في حالة حرب ضد شعوب أمريكا اللاتينية وضد شعوب آسيا وإفريقيا، بل ولو تعمقنا أكثر في طبيعة صراع الامبريالية مع من حولها فسنجد أنها في حالة حرب حتى ضد شعوب اوروبا الغربية نفسها. لكن حربها ضد المسلمين ذات طابع خاص. هنا الحرب ليس من أجل النهب فقط، بل من اجل اجتثاث فكر وتدمير حضارة وإبادة شعوب. إنها حرب وجود وهي أيضاً حرب معلومة النتائج. وما نشهده في العراق اليوم هو البشائر الأولى لعاقبة هذه الحرب. إن رجال المقاومة العراقية المتشبعين بفكرهم الأصيل والمتسلحين بالإيمان قد امتصوا ببطولاتهم عبر السنوات الثلاث الماضية زخم اندفاع العدو في أرض المسلمين فأغرقوه في الوحل ولم يعد يستطيع التقدم. إن المعتدين يعملون المستحيل في سبيل تجنب الانكسار في العراق لأن هذا الانكسار سيؤدي إلى انهيار كل الانظمة العميلة في المنطقة .. لكن هذا الانكسار حتمي ولا مناص منه فالتاريخ قد يتباطأ في مسيرته أحياناً لكنه لن يكذب قوانينه.
إن بوش لا يفهم شيئاً لا في السياسة ولا في حكم التاريخ، لكن من حوله ربما بدأوا يدركون الآن أن الحرب المفتوحة على المسلمين ستأتي بنتائج أرادوا هم عكسها تماماً، وأن المنطقة الواقعة بين افغانستان وموريتانيا ستنبثق خلال فترة وجيزة، بعد أن توحدت فكرياً، عن كيان سياسي موحد يحترم الإنسان والحياة ويحافظ عليهما بعد الدمار الذي تسببت به الهمجية الامبريالية.
التاريخ لن يكذّب نفسه. إنها مسألة وقت لا غير.
شبكة البصرة
الاحد 1 جماد الاول 1427 / 28 آيار 2006
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس