المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخيار الصعب



المهند
29-05-2006, 05:42 AM
الخيار الصعب



يربط الخطاب الامريكي الجديد، بين اقامة ما يسميه بحكومة الوحدة الوطنية، وحل المليشيات الطائفية!! هذا الكلام قاله بوش وكررته وزيرة خارجيته كوندليزا رايز، والسفير الامريكي في العراق خليلزاد وغيرهم من ساسة امريكان وجنرالات. ولكن كيف سيتصدى الامريكان لهذه المهمة الصعبة؛ في حين انهم يحيلونها الى الحكومة المقبلة؟! ويلاحظ ان بوش لايوجه اتهامات الى المليشيات التي يدعو الى "لجمها" اذ انه يحمل من يسميهم "العنف في العراق" وسبب هذا تحرج الرئيس من نقد ظاهرة صنعها هو وغذاها، واطلقها في العراق لقتل العراقيين؛ وللتصدي للمجاهدين في العراق كما تخيل لتعويق مشروعهم الجهادي، قال خليلزاد لمجلة التايم الامريكية: ان المليشيات تمثل البنية التحتية للحرب الاهلية" واذا كان هذا الكلام يحتاج الى تفسير، فقد تكفله به حيمس فيزون استاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد بقوله"جماعة محلية" على جماعة اخرى بهدف استخدام احدها للقتال عنها بالوكالة، ضد الجماعات المناوئة لها. ومثل هذا ما صرح به جوبيرت المستشار الامني للحاكم المدني السابق، برايمر فقال" اذا كانت هناك حرب اهلية فانها ستكون حرب بين "المتمردين السنة" والمليشيات الشيعية. وقد صرح به وزير الدفاع رامسفيلد بعد الجرائم التي شهدتها البلاد بعد 22 شباط2006، بان الولايات المتحدة لن تتدخل لوقف الحرب الاهلية، اذا اندلعت في العراق! وهكذا فان من اهداف الحرب الاهلية التي يريد الامريكان وجواسيسهم وعملاؤهم في العراق ان يشعلونها؛ ان يقاتل المليشيات الشيعية والكردية ومن ورائهم اهل اسنة بالنيابة عن الامريكان وان تمهد الارض للمحتلين؛ وتسهل لهم سبيل السيطرة التامة على المناطق التي يسمونها "حواضن الارهاب" والتي هي البيئة الاجتماعية الحاضنة للجهاد والمجاهدين، وهذه العملية بدات في الحقيقة منذ ايام الاحتلال الاولى، وتصاعدت في زمن حكومة الجعفري بشكل غير مسبوق! اما اول تطبيقاتها فكان اقتراح مجلس الحكم المنحل الاستعانة بمليشيات الاحزاب المشاركة فيه في المناطق المضطربة امنيا! بحل المؤسسة الوطنية : الجيش العراقي على هذا فان الكلام الامريكي عن حل المليشيات او لجمها، هو كلام يختلط فيه الكذب الصريح والتدليس الفاضح اذ ان حل المليشيات يعني عندهم زجها في المؤسسات الامنية وهم في هذا السياق انما يشيرون الى قرار الحاكم المدني برايمر الذي خير المليشيات بين ان تحل نفسها او "الاندماج في قوات الجيش الحكومية"؛ وهذا وتصب في هذا المجال الدعوة يعني خيرا غير وارد قطعا! التي كررها الجعفري هذه الايام بتفاوضه مع عصابات الصدر لضمهم الى المؤسسات الامنية؛ والفرق الذي فات على الجعفري ادراكه هو عدم مناسبة توقيت مفاوضاته اذ ان اولويات جديدة تكتيكية صارت تشغل الامريكان، متعلقة بالملف النووي الايراني، وتهديدات الايرانيين باستتخدام المليشيات الشيعية لازعاج الامريكان في العراق، والتي تكللت بتعهد "السيد القائد حجة الاسلام والمسلمين مقتدى الصدر" بان يقوم جيشه –عفوا بل جيش الامام المهدي- بالدفاع عن عن ايران في حال هاجمها الامريكان! وهذا وضع غير مناسب بالطبع لاجراء عملية الضم والدمج! سلطة المليشيات؛ صناعة امريكية، بريطانية بامتياز: اقرأ ان شئت تصريح وزير الدفاع البريطاني جون رايد مؤخرا في مجلس العموم البريطاني اذ قال: ان بريطانيا تعهدت تجنب افراد من قوة المليشيات المدعومة من ايران للانضمام الى اجهزة الامن العراقية" واضاف انها "سياسة رسمية"؛ وكان من تطبيقات هذه السياسة الرسمية؛ ان انشا البريطانيون في البصرة جهازا اسموه "استخبارات الشرطة" واشرفوا عليه، ونسقوا جهود ضباط استخباراتهم وجنودهم معه، وبالمناسبة فقد كان لوائل محافظ البصرة السابق، قائمة علاوي لاحق، دور متميز في التنسيق الذي كان يهدف بالدرجة الاولى، الى اعتقال اهل السنة في البصرة وترويعهم وقتلهم؛ وكان يمتلك عملاء محليين بالمئات يراقبون ضحاياهم، ويقدمون التقارير اليومية! اما الامريكان، فقد قاموا بالجزء الاكبر من هذه العملية، اذ شكّل الجنرال اليهودي الامريكي جيمس ستيل في نيسان 2004 "عند ترشيح صولاغ للداخلية" قوات المغاوير ومنه مايسمى بقوات الذيب والعقرب واختار لها قادتها وادخل فيها مليشيات فيلق بدر بكثافة وبالتعاون لاحقا مع صولاغ: الذي حول الوزارة بالكامل الى وكر لمليشياته؛ ولضباط المخابرات الايرانية! وكان للمرجعية الشيعية في هذا الامر دورها "الابوي"، فقد ذكرت مصادر دبلوماسية في الامم المتحدة ان اتفاقا تم بين السفير نيغروبونتي و"آية الله علي السيستاني" على ضم 100 ألف متطوع "شيعي" الى المؤسسة العسكرية والامنية بعد انتخابات 30 كانون 2005 وقد نفذ الاتفاق بالكامل، حيث زج عبد العزيز طباطبائي"الحكيم" بمليشياته في تلك الاجهزة، مع اعداد من حزب الدعوة؛ اما مقتدى الصدر فكانت حصته الشرطة المحلية، والنجدة! في حين باشر صولاغ حملته "التطهيرية" بطرد الضباط والمراتب من اهل السنة من وزارته الاثنا عشرية! اما ما يخص البيشمركة؛ فقد كان دورهم "رياديا" في هذا المجال؛ لان المنطقة الشمالية كانت خارج سيطرة الحكومة، لكنهم زحفوا على الموصل وعلى ديالى وكركوك، ولم تواجههم مشكلة"الحل والدمج" لانهم مليشيات في اثواب جيش وشرطة بالاساس! وقد اقترح العميل جلال طلباني على الجبهة الوطنية تشكيل "لجان شعبية" في المناطق، كاغطية لعمل المليشيات ونشرها في الشوراع وما أكد على ذلك قائد بدر "هادي العامري" الذي اشار الى ان اتفاق الدمج موجود منذ مؤتمر لندن 2002 بين الشيعة والاكراد، كما اثبته الجانبان في اتفاقهما لتأليف الحكومة منتصف نيسان 2005 ومن مظاهر هذا الحلف الدنس، اقامة دورات تدريبية مشتركة بين البيشمركة وبدر، زار احد معسكراتها عبد العزيز "الحكيم" في شمال العراق عند زيارته للمنطقة للحوار مع الاكراد بشان تأليف الحكومة، وتبرعه لهم بكركوك وشكر القائمين على تدريبهم من ضباط الموساد! والحاصل ان حل المليشيات بدون دمجها بالقوات الامنية هي مهمة صعبة ان لم تكن مستحيلة –في المدى المنظور على الاقل- فالمليشيات تحفها بركات المرجعية الساكتة عن جرائمها بحق العراقيين ثمن سكوتهم عن جرائم الامريكان، المرجعية التي ليس لها من وصية توصي بها الاحزاب الشيعية ومليشياتها عند كل زيارة يقوم بها احد رموز قائمة الائتلاف، بان يحافظوا على "وحدة القائمة" ويتمسكوا بالمكتسبات الشيعية! والمليشيات صعبة الحل؛ لان الامريكيين مازالوا محتاجين لها، والا فانهم لن يستطيعوا باجراء بسيط ان يرغموها على العودة الى سراديب قم وطهران، بمجرد وضعها في قائمة المنظمات الارهابية، كما فعلوا مع المجلس الاعلى وحزب الدعوة في الثمانينيات عندما هوجمت السفارة الامريكية في الكويت، ولكن ذلك حال يختلف عن الحال هذه الايام!

كتبه : سليمان علي / عضو الهيئة الاعلامية في الجيش الإسلامي في العراق
www.iaisite.org