المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأنقلاب, ألغي أم تأجل ؟! (د.نوري المرادي)



باسل قصي العبادله
22-05-2006, 12:41 AM
الانقلاب، ألغي أم تأجل؟!

شبكة البصرة
د. نوري المرادي
آخر رفسات المحتضر مستعجلة وقوية!

أي مصير، غير التدحرج، لكرة على حافة الهاوية؟!

الهروب إلى الأمام أن ينتقل المملوك إلى خدمة سيد أتعس!

رب لحظة مع ساسة، كالتي رسمها الطفل في قصة ملابس الإمبراطور!



كان الحديث عن انقلاب عسكري يدور في أوساط عراقية ضيقة، بعضها متكهن وبعضها مراقب وبعضها لديه معلومات شبة مؤكدة ومن مصادرها الأولية.

وإذا يحتم السياق التطرق إلى بعض الأسماء، فبتحصيل الحاصل ودونما يعني هذا كشف أسرار، أو صدق معلومات. وكانت نية حديث عن هذا الموضوع قد تأجلت لعدة أسابيع، حتى حتمها الشكل القميء الذي ظهرت به حكومة غلمان الاحتلال في إسطبل المنطقة الخضراء، يوم أمس.

وحقيقة ومن استكشاف بسيط للحال في العراق ومن تجارب مستخلصة عن سلوك وكالة المخابرات المركزية أو ضرتها مخابرات بريطانيا، فالانقلاب العسكري كان كقطار على سكة متوجهة إلى العراق، سيصله بموعده وإن تأخر فساعات أو أيام بالكثير. فوتيرة الضربات التي وجهتها المقاومة الوطنية العراقية الباسلة كانت من الشدة والكثرة بحيث اضطر العدو الأمريكي ذاته للإعلان عن مقتل ما لا يقل عن 150 عسكريا خلال الخمسين يوما الماضية، أضف إليه اعترافه بإسقاط 8 طائرات هليوكوبتر. وإن قارنا الوقائع على الأرض بمصداقية البنتاجون سنجد أن خسائر الأمريكان في الأرواح فقط تتخطى 300 على أقل التقديرات. فيوم أمس فقط، نقلت الفضائيات مشهد حرق سيارة هامر أمريكية تحت جسر ولم يخرج أي من ركابها الستة، بينما قال الناطق أن قد جرح في هذا الحادث جنديان فقط. وكأنه يقول إن جنوده الأفراد يتنقلون بسيارات هامر مصفحة، أما مراتبه، فبطاقيات أخفاء! أقول مجملا إن الخسائر الأمريكوبريطانية، بلغت من الشدة درجة تحتم حدثا ما، له الخصائص التالية:

§ يشيه الأنظار عن الخسائر التي بدأت تحدث انهيارا ماحقا في نفوس الجند

§ يحدث رجة على الساحة العراقية، أو هكذا يفترضون، فتقف قيادات المقاومة ولو لأيام تعيد حساباتها فيخف بذلك الضغط على القوات الأمريكية ولو لأيام أيضا

§ ينسخ الوضع السائد الذي فلت فيه زمام قيادة المماليك في المنطقة الخضراء من يد الأمريكان، ولم يعد من حل متاح سوى إلغائهم جميعا. ما بالك وسياسة (فرق تسد) ذات حدين أحيانا، الأمر الذي لمسناه من البلقنة والصوملة واللبننة. حيث عملت أمريكا على التفرقة، وتمادت حتى فلت الزمام، وصارت تصرف امكانات وجهد على لم الأطراف المتنافسة قريبة من تلك التي تصرفها مع عدوها المباشر - المقاومة

§ يبدو للشعب العراقي وكأنه منجى من الوضع السائد الذي لم يعد يطاق في كل المناحي

§ يعيد الزخم للمرجعيات التلمودوصفوية بعد أن تخطاها الشارع وصارت فتاويها وتصرفاتها مبعثا للتندر

§ يظهر أمام العالمين وكأنه حل جديد واعد للأزمة العراقية، فتخف الضغوط من أوربا والعالم على الإدارة الأمريكية

§ لتأخذ المقاومة الأفغانية الباسلة العبرة منه فتكف، باعتبار أن أمريكا ستبدو منتصرة به على الساحة التي انهزمت بها وهي العراق

وإن أعدنا النظر بجميع الاحتمالات فلن نجد سوى الانقلاب العسكري حلا، أو هكذا يفترض الأمريكان، ناجعا وعلاجا لكل مكونات الأزمة على الساحة العراقية. وعموما هذا هو ديدن مسارات علاج المشاكل من وجهة نظر المستعمرين وهذا ما لاحظناه أينما تدخلت أمريكا في شؤون دولة ما، وهذا ما لاحظناه في جنوب شرق آسيا سابقا، وهذا ما يعلمه الجميع. سوى عامل جديد هذه المرة وعلى الساحة العراقية تحديدا، تميز بثلاثة أمور فائقة الخطورة، وهي:

§ أن عدو أمريكا، وهو هنا المقاومة الوطنية العراقية، شديد المراس متعدد التوجهات والمدارس القتالية، ومستعد لحرب طولها ألف عام، وليس بين جنده من لم يضع روحه على أكفه غير آبه بشيء. وهو عدو واع تماما لكل الفذلكات واللعب الأمريكية وضارب بكل دعواتها وحلولها عرض الحائط. بل ولشدة وعيه ومراسه، صار كل حل تخرج به أمريكا على العالمين مبشرة به وكأنه العلاج النهائي والناجع، لا يلبث أن ينكص ليصبح عبئا عليها ومن معها من الخونة والعملاء. من هنا فليس من السهل تمرير صفقة أو لعبة جديدة على المقاومة الوطنية الباسلة، ما بالك وهي صارت على بينة من أن أمريكا تحتضر متخبطة على أرض العراق، ولا يعي المحتضر ما يقول، ومحال أن تأتي حلوله بنتيجة

§ أن القضية العراقية صارت مبعثا لنهوض شعوب العالم. من هنا فكل حل تنويه أمريكا للعراق، حتى وإن استطاعت بالقهر تمريره على شعب العراق، فجذوة التضامن والنهوض الوطني العام كفيلة بأن تبعث روح المقاومة لدى العراقيين من جديد ليسقط المشروع عاجلا أم آجلا. ما بالك وقد صار التعاون العسكري والمعنوي والإعلامي بين المقاومتين الأفغانية والعراقية وبدرجة كبيرة الفلسطينية، شبه واقع

§ أن مدرسة الفذلكات الأنجلوصهيونية تحديدا، استهلكت نفسها، أو سبق للعالمين وعاشوا كل ما استطاعته من احتمالات إبداع، ولا جديد، أو لم يعد من جديد، ما بالك وفي عالم الإنترنيت المنفلت، صار المضطهدين يمتلكون الأسلحة والبدع ذاتها التي استخدمها مضطهدوهم سابقا عليهم

ومن هنا، لابد من إتقان فائق للعبة الانقلاب، ونفس طويل لإمرارها ودقة متناهية في اختيار رموزها الكبار وتسويقهم بذكاء وأناة منقطعة النضير، فضلا عن تهيئة عدة رموز كاحتمالات، إذا سقط أو تخطت الأحداث دور أحدهم عوضوه بالآخر. وأول ما فعلوه أنهم هيأوا قيادات أولية أو فرعية، بعضها أطلقوا سراحهم بعد اعتقال، لم يعلم احد سببه، وكيف انتفى هذا السبب فأطلقوا، بينما بقي الآلاف دونهم بدرجات كثيرة في الخطورة، بما فيهم أفراد من جيش المهدي المرحوم، لم يسجل بحقهم موقف ولو سياسي مطلقا. وأكثر ما أخشاه أن يأتي طفل فيخبرنا عن صفقة لم نكن نراها في زحمة الأحداث. كما تسربت أو سُربت أنباء عن دعم حزب البعث الموالي لسوريا في العراق لهذا الانقلاب. وربما بني هذا التسريب، أو تزامن فقط مع العلاقة الطيبة لبعض رموز سابقة في هذا التنظيم مع الجنرال نزار الخزرجي، رئيس أركان الجيش العراقي السابق، الذي توحي الأخبار وكأنه أحد رموز هذا الانقلاب المتوقع القادم. وتسربت أنباء عن تحرك لحويزم بن كطيران الشعلان، أما كواحد من رموز الانقلاب أو لأنه ذاته تحرك في المنطقة الكردية ليجلب الأنظار إلى نفسه فيشركوه. ومثله شغل عليوي نفسه بحركات ورحلات سريعة بين طهران ولندن بعضها سري وآخر علني. ناهيك عما توارد قبل سنة من احتمال أن يكون السيد سطام الكعود واحدا من الرموز (لكن الوقائع لم تؤيد هذا). وترافق ذلك مع نشاط محموم للجنة حكماء صهيون العراق فعقدت ما لا يقل عن ثمانية اجتماعات سرية في أقل من عام، وانطلقت المبادرات الواحدة تلو الأخرى، لتخلق جوا مترقبا، يتوق لشيء يتصدره، وخير ما سيتصدره هو هذا الحدث – الانقلاب. وعلى صعيد المرجعيات التلمودوصفوية العميلة، صار واضحا أن هناك رؤوسا تتهيأ لتأخذ موقع مؤسسة سستاني، خصوصا بعد الإشارة التي بعثها رفسنجاني بقوله ( إن حوزة العراق لا تدار من إيران وإنما من مخابرات بريطانيا). الأمر الذي بناءا عليه مضى أخ إلى مساجد الأحزاب التلمودوصفوية وتأكد له ومن كثرة ما يعزون سببه إلى سستاني (الصورة أو الأصل) ومؤسسته من المثالب، من أن زمنه انقرض، وأن بديله أما سعيد الحكيم المدعوم من عبيد عائلة آل الصباح، أو اليعقوبي الداخل إلى الساحة بزخم حزب الفضيلة ومخابرات إيران. مثلما انتبه إلى برقية المواساة التي أرسلتها مؤسسة سستاني إلى عشيرة السعدون إثر اغتيال أحد أبنائها. الأمر الذي لم تفعله هذه المؤسسة يوم اغتيل كبير عشائر السعدون الشيخ علي السعدون. ما بالك ومؤسسة سستاني أصلا من وقف وراء الاغتيال. وهذه المؤسسة لولا شعورها بالخسران لما بعثت هذه البرقية.

المهم أن المؤشرات على الانقلاب المنوي كانت ظاهرة ولا يهملها ذو لب. جزء منها شعور مزدوج دب في إسطبلات المنطقة الخضراء فبدأوا يبيعون ما غلا من أثاثهم تمهيدا للهرب، وهم حيارى بين قوة من المقاومة ستحتل هذه المنطقة وبين انقلاب سيحصل يفقد بعضهم مواقعه فتسحب منه مزاياه ومنها السكن في هذه الإسطبلات. كما أن جزءا من المماحكات الإيرانوأمريكية التي فرضتها دسيسة الملف النووي، من مؤشرات هذا الانقلاب أو هي جُيرت له، أما لشوه الأنظار عما يدبر به، أو للتسويق وكأن القوة المنقلبة الجديدة سوف لن يكون لها علاقة بإيران وأن أمريكا لم تتفق مع إيران لتقاسم الأدوار والمصالح في عهد القوة القادمة. الأمر الذي لن يصدقه عاقل. أما المؤشر الأكبر على وشوك ذلك الإنقلاب فهو التصديق المستعجل على حكومة نوري مالكي. حيث شعر الجميع بدنو الأجل لذاهم وسعوا ما يسمونه بالوزارة وحملوها ما لا طاقة لدولة به حتى في وقت السلم، وتغاضوا عن أصوات معترضة ما كانوا ليهملوها لو أن الحال لم تكن في الضيق الذي لاح.

ولست أحفل، حقيقة، بوزارة نوري مالكي ولا الحثالات من وزارئه أيا كان انتماؤهم ومباعثه. فهي أولا وأخيرا حكومة عملاء لا تستأهل لفتة، ومصيرها كمصير الاحتلال على كف المقاومة الوطنية التي سترميها إلى مزابل التاريخ. وقد مررت على ذكر الوزارة كمجرد دليل على ما كان معدا وحسب، وكدليل على أن هذا الانقلاب كان على الوشك، وتلاحق المعنيون أنفسهم فتداركوه هاربين إلى الأمام بتشكيل هذه الوزارة العرجاء المسخ. مثلما لا أحفل بهذا الانقلاب، الذي إن حدث اليوم أو غدا، فلن يكون عمليا أكثر من مذبحة تجري بين رموز الاحتلال وعلى قاعدة (كيد العملاء والخونة في نحرهم). لكن وحيث تشكيل وزارة مالكي لا ولن يحل شيئا أكثر مما يؤزّم، وحيث، وبعد أسبوعين بالكثير، ستعود الأحوال إلى سابق عهدها وتذبل الابتسامة الصفراء على وجه السفاح بوش والتي ظهر بها يوم أمس مبشرا بالخير والحبور بهذه الوزارة، حيث سيذهب هذا كله، وهو أصلا عملية هروب إلى الأمام، فمبررات الانقلاب لازالت قائمة، بلها صارت أكثر إلحاحا مما سبق. اللهم سوى مستجدين:

الأول: أن يمسح بوزه وييئس كل من تبلغ أو رأى بنفسه ضمن قوى الانقلاب قبل تشكيل حكومة الغلمان يوم أمس. يمسحوا أبوازهم لأن القدر أعطى فرصة واحدة وذهبت، وذهب معها قدر هؤلاء وشرفهم. وقوى الانقلاب الجديد ستكون غير معروفة، أو قد يكون الشهواني بين أحدها لكن ككركوز واجهة، بينما القرار سيكون بيد لجنة حكماء صهيون العراق، التي صار أحد رموزها لا يتورع دعواه وعلى الفضائيات بكونه يتبع (الاشتراكية الدولية) وهو الذي سبق له وسوق نفسه وحياته كعروبي ينشد وحدة الأمة، هذا الهدف الذي تعمل الإشتراكية الدولية (الصهيونية حقيقة) جهدها لتضربه ومنعته وستمنع حدوثه.

المستجد الثاني، أن تمسح أمريكا والذين خلفوها بوزها من فكرة أن هكذا انقلاب سيغير من وقائع الساحة شيئا. وحيث القوة والمبادرة بيد المقاومة الوطنية العراقية الباسلة وحيث هي تعي أن أمريكا ترفس محتضرة على أرض العراق، فلا ومحال أن تمنحها الحياة مجددا لتأبه لانقلاب أو غيره.

نعم! لا قرار لأمريكا على أرض العراق ولا مكان وهي خارجة، كما قال أحرار العراق ولازالوا، بالنعوش أو تحمل نعوش موتاها!

فبوركتم يا فتيان شنعار البواسل!

وبوركتم أيها الأنصار الطير الأبابيل!

وحيث ثقفتموهم!

شبكة البصرة

الاحد 23 ربيع الثاني 1427 / 21 آيار 2006

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس