المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عناد وجهل بوش الصغير



باسل قصي العبادله
04-05-2006, 01:07 AM
ما زال حريصاً على عناده وجهله.. يناقض نفسه وأركان ادارته وحتى سفيره في بغداد



شخصية بوش في آخر "آرائه"

حول تشكيل الحكومة والارهاب والانسحاب

منذ وقوع الاحتلال وهو يتغنـّى بالديمقراطية التي "ينعم" بها العراق وفي حديثه الأسبوعي الأخير قال: "عندما تتحقق الديمقراطية في العراق..."!!

رئيس تحرير صحيفة كويتية "كبرى" لوفد من الكونغرس الأميركي:

الحاكم الفعلي عندنا حقل برقان ولا وجود للديمقراطية... وعليكم التدخل لـ "اصلاح" الوضع!!

شبكة البصرة
نبيل أبو جعفر /باريس

جورج بوش، هذا الرئيس المُبتَلى به شعبه والعالم، ما زال يصرّ على تفرّده بعناد وغباء غريبين. لم يعد يهمّه أن سخر الناس من محاولاته المكشوفة لتضليلهم بالأكاذيب وادعاءات تحقيق النصر الموهوم.. أو من اختياره اللحظات غير المناسبة لطرح مواقف وتصوّرات تتناقض مع ما طرحه قبل ساعات بعض رموز ادارته ومسؤوليها من السياسيين والعسكريين.

في الأسبوع الماضي مثلاُ، وبينما كان عشرات الآلاف من أعضاء وأنصار المنظمات الأهلية يتظاهرون ضد استمرار الحرب والاحتلال، وينادون بسحب قواتهم من العراق، وكانت جموعهم تملأ شوارع منطقة مانهاتن بنيويورك، وقد اختاروا يوم السبت موعداً لذلك من أجل جمع أكبر عدد من ممثلي القوى والنقابات وجمعيات والمحاربين القدامى، وأنصار البيئة والناشطين في مجال حقوق الانسان..

.. في هذا اليوم/ أصرّ بوش – مرة أخرى- على أن يُصوّر للأميركيين في خطابه الأسبوعي "أن أمور العراق ستسير على أحسن ما يرام بمجرد أن يتم تشكيل الوزارة الجديدة". مع أن أزمة اختيار رئيسها – فحسب- لم تنته إلا تحت التهديد والوعيد الأميركيين بضرورة الاتفاق على حل يُخرج المتصارعين من حسابات الأشخاص، الى حسابات الأحزاب والطوائف والمذاهب... وحتى العصابات، لا يهم!

وأصرّ أكثر على الاشادة بما سماه "صلابة المسؤولين العراقيين في مواجهة التهديدات التي أطلقها ضدهم أبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين"، مؤكداً للمرة الألف، وسط سخرية العالم من طريقته في الأداء والتعبير "أن أعمال الارهاب البائسة في العراق استهدفت تعطيل تشكيل الحكومة"، وكأن تشكيلها سيُنقذ البلاد والعباد من الاحتلال واتباعه المحليين.

ولم يكتفِ بوش بهذا القدر من "التنظير" بل زاد عليه قائلاً: "ان الارهابيين يدركون التهديد الذي يعنيه تشكيل هذه الحكومة على عملياتهم"!



لمن يوجّه هذا الكلام؟!

لا شك أن الرئيس الأميركي لا يهدف بالدرجة الأولى مخاطبة العراقيين بهذا الكلام، ولا أركان الحكم المحتجزين في المنطقة الخضراء تحت حماية قوات الاحتلال، ويعرف انهم يعرفون مدى هذيانه وادعاءاته المناقضة تماماً لما يجري يومياً على أرض الواقع. ولكنه يخاطب الأميركيين في محاولة جديدة لاعادة تمثيل نفس الدور الذي استمرأه منذ أحداث 11 سبتمبر، ويتلخص بترهيبهم من الأخطار ثم طمأنتهم على سهره الدائم من أجل مصالحهم وتوفير الأمن لهم، بعد أن وصلت شعبيتهُ الى أدنى مستوى لها منذ ابتلاء الأميركيين به.

ثم يحاول من وراء ذلك أيضاً تعزيز مهمة كل من وزيري دفاعه وخارجيته الخاصة جداً، باتجاه تسريع عجلة تشكيل الحكومة التي اعتبرها "بداية صفحة جديدة في عملية انخراط أميركا في العراق" كما ورد على لسانه! ولم يوضح بوش ماذا يعني بعبارة "انخراط أميركا"، وأي انخراط يتصوّر أكثر من هذا الانحدار الجماعي الذي غاص هو وقواته فيه مع حلفائه وأتباعه المحليين؟!

ولعل وزيرة خارجيته كوندليزا رايس كانت أكثر صراحة منه في التعبير عن حقيقة ما تريده الولايات المتحدة من العراق – بعد كلامها عن الأخطاء التي ارتكبتها الادارة والجحيم الذي تواجهه – عندما قالت أمام بعض أركان "الترويكا" العراقية الحاكمة أثناء زيارتها الأخيرة لبغداد، وبوجود "زميلها" وزير الدفاع رامسفيلد الذي سبقها بساعات" "ان رئيس الوزراء الجديد يعرف جيداً دوره، وهو في طريق تنفيذ المطلوب منه"!

.. وكي تـُلطّف رايس من استعلائها وخشونة كلماتها، استدركت أمام الصحافيين قائلة: كنا نريد أن نطلب منهم التأكيد على الوحدة الوطنية في كل وزارة "!"، ولكننا اكتشفنا أنهم يريدون ذلك أيضاً"!!



حبل التناقضات.. طويل

ومع ذلك، فإن هذا الاستدراك لم يَحُلْ – بالطبع- دون تناقض تصريح بوش في حديثه الأسبوعي ذاته، مع مسؤولين آخرين في الادارة، ومنهم سفيره في بغداد زلماي خليل زادة. فقد جاء ايحاء الرئيس الأميركي بامكانية الانسحاب وعودة جنوده "على مراحل"، بعد مضي أقل من 72 ساعة على كلام مختلف تماماً قاله زاده لصحيفة "لوس انجليس تايمز" يوم 25 نيسان الماضي، اثر اتفاق الترويكا الحاكمة على تسمية جواد المالكي رئيساً للوزراء، توقّع فيه بصريح العبارة أن تبقى أميركا في العراق الى أمد طويل، أيّا كان الحزب الذي يتولّى الحكم فيها، أو الرئيس الجالس في البيت الأبيض، وأيّاً كانت السياسة التي سيجرى اتخاذها، ذلك لأن عملية تحويل هذا البلد وكذلك المنطقة وهي الأكثير سخونة في العالم تحتاج الى جهود طويلة.

وحتى يثبت رئيس الوزراء الجديد صحة كلام زادة، اكتفى بالاعلان عن "تحويل" اسمه فقط من جواد الى "نوري"، وهو الاسم الأصلي له، والتعهّد الشفهي بحل الميليشيات، مع أنه أحد أركان أكثرها قتلاً للعباد الآمنين وتخصّصاً برميهم كالقطط في الشوارع، على حد تعبير الرئيس الأسير صدام حسين.

وإذا كان من الغريب قوله توضيحاً لخلفية هذا التعهد: "إن بقاء الميليشيات يعني بقاء القتل والاغتيالات التي نسمع عنها يومياً"، فإن الأغرب قوله بعد ذلك: "من حق الميليشيات علينا أن نكرّم عناصرها، سواء بمنحها التقاعد أو الوظائف المدنية، أو بدمج من يريد منها في القوات المسلحة"!

طبعاً يدرك المالكي أن حل الميليشيات واستبدال مهامها ليس بسهولة تغيير اسمه بجرّة قلم، ويدرك أن ادعاء بوش حول خشية الارهابيين من تشكيل الحكومة ليس صحيحاً أيضاً، لذلك، عمدت وزارة الداخلية العراقية، لا قوات الاحتلال الى "تدعيم" كلام بوش عن القاعدة والزرقاوي والارهاب...الخ، فأصدرت للمرة الأولى، وفي سابقة ملفتة للانتباه، بياناً كذّبت فيه ما ورد في اعلان الظواهري الذي بثّته عدة مواقع على الانترنت حول العمليات التي استهدفت قوات الاحتلال وقصمت ظهورهم على حدّ تعبيره، فأعلنت أن "الارهابيين" استهدفوا رجال الشرطة والجيش التابعين للنظام، ولم تستهدف الأميركيين"!!".

لكن وزارة الداخلية أو غيرها لا تستطيع أن تدعم كلامه عن الديمقراطية بالصفة التي جاء فيها ، والتي عكست أبرز التناقضات في أقواله هُوَ بين يوم وآخر، حيث قال بالنص وفي نفس حديثه الأسبوعي: " عندما تتحقق الديمقراطية – في العراق – تكون هناك فرصة لعودة جنودنا و... الخ"!

وعبارة "عندما تتحقق" تعني بلسانه انها لم تتحقق بعد، رغم أنه ومنذ الأشهر الأولى لوقوع الاحتلال وهو يضرب المثل بالديمقراطية التي "ينعم" بها الشعب العراقي، الى درجة أنه وكل أركان ادارته أمسوا يسترخصون كل الضحايا البريئة التي سقطت على أرض العراق، كما يستخفّون بالأضرار البشرية والمادية التي لحقت بهم، لأن ذلك كله قد أدى الى تحقيق الديمقراطية حسب ادعاءاتهم.

وطبعاً لم يتوان الاعلام الأميركي الموالي للمحافظين الجدد عن الترويج لهذه الكذبة عبر كل الوسائل، واشتركت كل وسائل الاعلام "الحليفة" أو التابعة، وفي مقدمتها الصحافة الكويتية في الضرب على هذا الوتر ليل نهار، ولم تخرج صحيفة مثل "الرأي العام" عن هذا السرب، ممثلةً بصاحبها ورئيس تحريرها جاسم مرزوق بودي.

الى هنا قد يكون الأمر طبيعياً بالنسبة لكل هؤلاء، ولكن غير الطبيعي أن يخرج واحد منهم ويُنكر وجود الديمقراطية في بلده مع أنه يتغنى بها هو الآخر كجورج بوش كل صباح ومساء، ثم يستدعي ديمقراطية الأميركان لتحلّ محلها..

حدث ذلك مع مرزوق، رئيس تحرير "احدى كبرى الصحف الكويتية" كما يجري وصفه، فقامت دنيا بعض "الزميلات" ولم تقعد بعد، على خلفية حديثه مع وفد من الكونغرس/ الجمهوري، تمّ تسجيله وبثـّه على قناء "c.span-2" الأميركية التابعة للكونغرس، فاعتـُبر ليس ماساً بالذات الأميرية فقط، بل بأصل وجود دولة الكويت، وانهالت عليه احداهن بالسباب!



محضر يكشف "المستور"

في مكتبه بالجريدة التقى مرزوق بأعضاء الوفد المكوّن من السيدة اليانا روس لنتن / عضو الكونغرس عن ولاية فلوريدا، وستيف لانش/ من ماساشوستس ، وتود بلاتسن وجيم جيرلاك من ولاية بنسلفانيا.

وبعد تبادل كلمات الترحيب دار حوار طويل حول أوضاع الكويت والمنطقة ودور الأميركان المنتظر من أصدقائهم في بلدان النفط الخليجية، ثم سأل مرزوق زائريه حسب المحضر المسجل بالنص ودون أي تدخل منا بالتغيير أو التصحيح اللغوي: ما هو مقدار الدبلوماسية التي تودّوني أن أتحلّى بها اليوم؟

رَدّ بلاتسن: كل ما زادت الصراحة كان ذلك أفضل.

مرزوق: إذن الكرة في ملعبكم. دعوني أسألكم أولاً: في هذا الجزء من العالم نحن نتحدث عن دكتاتوريات مطلقة، حيث الديمقراطية بعيدة عنا كبعد استراليا من هنا. أنا أعتقد في عالمنا اليوم إما ديمقراطيات أو دكتاتوريات. أين تـُصنـّفون الكويت؟

جيرلاك: من الواجب أن أترك الموضوع لـ ...

يقاطعه مرزوق: اتمنـّى أنكم لا تعتقدون فعلاً بأنها ديمقراطية.

لنتن: قل لي لماذا؟

مرزوق: قولوا لي لماذا تستطيعوا أن تسمّوا ما لدينا ديمقراطية.

.. وبعد جدال طويل حول الانتخابات وصناديق الاقتراع والبرلمان الذي له قدرة على تحديد (بعض) السياسات فقط كما قيل بالحرف، يقول مرزوق وهو يضحك: قد أكون مخطئاً واعذروا صراحتي. انني دائماً أشعر بأن اهتمامكم باليابان يتعلق بما هو فوق الأرض، أي الانسان. أما هنا فاهتمامكم الأساسي بل الأوحد بما هو تحت الأرض، أي النفط. انكم لا تبالون بشيء، حتى بمن يفتح الصمام لكم كل صباح، وذلك عكس اليابان تماماً. وهذا يعيدنا الى موضوعنا، فأنا لا أرى (وجوداً) للديمقراطية هنا في الكويت.

انني أعتقد جواباً على سؤال يُطرح حول من يدير زمام الأمور في هذا البلد بشكل فعلي. ان الحاكم الفعلي، أو الأمير، أو الرئيس، سمّه ما شئت، هو حقل برقان النفطي. نعم ان 95% من الشعب يعمل في القطاع الحكومي، واذا لم يدفع حقل برقان المتدفق من عائداته رواتبهم في نهاية الشهر...

لنتن: .. لهذا تعتبره الأمير؟

مرزوق: نعم، فالناس لا يهمهم من يجلس في قصر بيان، لأنه اذا تأخر حقل برقان في دفع الرواتب لمدة أسبوع فانك لن تجد أحداً في قصر بيان!

ويستمر الحوار حول هذه النقطة وظروف الناس وطريقة معيشتهم ولا يترك مرزوق الفرصة تفلت من يديه فيغمز من السعودية وأوضاعها، ويذكر الأميركان بدورهم أيضاً، ثم يعود جيرلاك للموضوع فيسأل: إذن الشعب عندكم كسول، وهو سعيد بذلك، فلماذا يسعون إذن للاصلاح، ولا يرضون بالحال كما هي عليه الآن.

مرزوق: نعم هذا هو الواقع. المشكلة أن الأغلبية سعيدة، ولكنهم لا يرون أبعد من أنوفهم.

ويتشعب الحديث بعد ذلك الى قضايا عديدة بعد أن لوّح مرزوق بضرورة أن يعمل الأميركان شيئاً لصالح الديمقراطية في هذا البلد الصديق لهم، الى أن وصل الكلام الى دور المرأة، فيقول بلاتسن: " .. وهذا يعيدنا الى حيث بدأنا. لقد رأينا الديمقراطية في قلوب وعقول النساء اللواتي قابلناهن هنا، ومتى وُجدت الرغبة في التغيير فانك سترى هذا التغيير يأتي من الداخل لا من الخارج".

هنا لا يجد مرزوق مجالاً للردّ في نهاية اللقاء غير القول مُقهقهاً بصوت عالٍ: " بالمناسبة، نساؤنا أقوياء، ولأننا دولة صغيرة وغنية فان الذّكر لديه كمّ لا بأس به من الثروة. نساؤهم يهددونهم: إما إدفع أو اتركني، وينتهي الأمر الى أن يدفع"!

وبعد...،

هذا رئيس تحرير صحيفة "كبرى" في الكويت، يعيش تحت رحمة حقل برقان ويستفيد من نعمة البرميل ويلعلع يومياً في صحيفته بمدح الديمقراطية .. وعندما تتاح له فرصة الكلام السرّي مع الأميركان، يحرّضهم على بلده، لعلّه يصبح "جلبي" آخر أو ما شابه!

هذا ما يريده الأميركان ويفتـُش عنه جورج بوش!!

شبكة البصرة

الاربعاء 5 ربيع الثاني 1427 / 3 آيار 2006

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس