المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "محنة علماء العراق"



عبدالغفور الخطيب
03-05-2006, 02:06 AM
"محنة علماء العراق"

لو تسنى للمرء أن يجول بناظريه حول وفيما وقع للعراق (أو بالعراق) منذ العشرين من مارس من العام 2003 لأحالته ذاكرته مباشرة وبطريقة تلقائية إلى الوعيد الذي أطلقه جيمس بيكر في وجه طارق عزيز وهما مجتمعان بجنيف في العام 1991: "إذا لم تتعانوا فسنعيدكم إلى عصور ما قبل الوسطى".

وعلى الرغم من جهل بيكر بتاريخ العراق (وانتفاء المصطلح إياه، مصطلح العصور الوسطى، مما عاشه العراق تاريخيا أو كتب حوله)، فإن المقصود قطعا إنما الوعيد بتدميره وتقويض شتى سبل الممانعة والمقاومة من بين ظهرانيه تماما كما فعل هولاكو في زمن من الأزمان عندما مزج جيشه مياه دجلة بألوان الورق والدم والمداد.

لم يكن بيكر جاهلا بمقومات العراق الحديث (حتى وإن كان سطحي المعرفة بتاريخه)، ولم يكن وعيده متأتيا من فراغ أو نابعا من سوء تقدير:

· فهو على دراية كاملة بالمشروع العلمي والتكنولوجي العراقي، إذا لم يكن في أدق تفاصيله (أي تفاصيل الأسلحة المراد تطويرها والمدى الزمني الكافي لتوليدها)، فعلى الأقل بمفاصلها الكبرى وتحديدا عزم عراق الرئيس صدام حسين على إقامة منظومة علمية وتكنولوجية متكاملة تضمن للبلد استقلاله الوطني وتجعل منه عنصرا قويا لا يمكن التجاوز عليه بمعادلات المنطقة القائمة منها كما القادمة سواء بسواء.

· وهو على دراية كافية بالقوى البشرية الثاوية خلف المشروع ذاك كما المنظومة تلك، إذا لم يكن في أدق تخصصاتها العلمية فعلى الأقل بجانب فاعليتها ونجاعتها وقدرتها على رفد المشروع وضمان إمكانات نجاحه الحاضرة والمستقبلية.

وعلى هذا الأساس، فإن وعيد جيمس بيكر لم يكن، فيما نزعم، موجها بجهة تقويض ما تحقق من المشروع العلمي والتكنولوجي العراقي (من قبيل الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية وما سواها)، بل موجها أيضا ولربما تحديدا إلى المنظومة الثاوية خلفه بنى تحتية ومقدرات بشرية القائم منها كما المزمع تكوينه على السواء.

لا يمكن للمرء، وهو يتأمل طبيعة وحجم الهجمة الأنجلوأمريكية على العراق، في العشرين من مارس وما استتبعها واستتبع تاريخ التاسع من أبريل، من تدمير وتهديم وإحراق ونهب وسلب وما سواها، إلا أن يسلم بأن وعيد بيكر لم يكن كلاما مطلوقا على عواهنه، بل الندير العلني الأول لما كانت ترتب له الإدارة الأمريكية وتعتزم تنفيذه عندما يتم لها غزو العراق واحتلاله.

ولا يمكنه أيضا، وهو يتأمل ما يجري من تاريخه (من تاريخ العشرين من مارس 2003)، إلا أن يسلم بمدى التزامن العملي لعمليتي تدمير البنى التحتية واستهداف الكفاءات البشرية:

· فمباشرة بعد الاحتلال اقتيد الدكتور عامر السعدي (وهو المستشار العلمي للرئيس صدام حسين) للسجن (ولا يزال قابعا به) واعتقلت في أعقاب ذلك الدكتورة هدى عماش (الخبيرة في بكتيريا الجمرة الخبيثة) وزميلتها الدكتورة رحاب طه ولم يشفع في إطلاق سراحهما إلا تدهور حالتهما الصحية وعدم ثبوت أدلة تدينهما بهذا "الجرم" أو ذاك.

وبعد أيام من ذلك فقط، اغتيل الدكتور محمد الراوي، نقيب أطباء العراق ورئيس جامعة بغداد لتتلو ذلك عمليات اغتيال بوضح النهار وتصفيات علانية لمجموعة من 1500 كفاءة عراقية ضمنها أطباء ومهندسين وعلماء دين وسياسيين وصحفيين وفنانين وأدباء وأصحاب رأي ومعلقين على الأحداث وما سواهم.

والخلفية في ذلك إنما القول بأنه مادام لم يعثر على أي أثر "لأسلحة الدمار الشامل" المزعومة، فإن مطاردة "أدمغة الدمار الشامل" (الثابتة) هي التي من المفروض تفعيلها سيما ضمن ال 500 عالم الذين كانوا على ارتباط وقرب كبيرين بالرئيس صدام حسين أيام كان قائما على حال العراق ومستقبله.

· ومباشرة بعد الاحتلال، اعتقل علماء كبار ونكل بهم بالسجون، كما حدث للدكتور محمد عبد المنعم الأزميرلي الذي عذب لحد الموت بسجن أبو غريب (إثر ضربة بمؤخرة الرأس يقول الطبيب الشرعي) ولم يسلم لعائلته إلا في صورة الرقم 1909 دون هوية تذكر.

وهو رقم من سلسلة 200 عالم في اختصاصات علمية مختلفة (هندسة، فيزياء، كيمياء وعلوم إنسانية واجتماعية وسياسية وغيرها) تمت تصفيتهم (وسجلت الجريمة ضد مجهول) لعل أبرزهم الدكتور محيي حسين أستاذ مادة الأيروديناميك وهندسة الطيران بجامعة التكنولوجيا ببغداد والدكتور مهند الدليمي الأستاذ بنفس الجامعة والدكتور غالب الهيثي أستاذ الهندسة الكيماوية بالجامعة ذاتها...ناهيك عن عمليات تخريب المعامل والمختبرات ومراكز الأبحاث وغيرها (وضمن ذلك جامعة الموصل المتقدمة التجهيز).

· ومباشرة بعد الاحتلال "خير" العديد من علماء العراق بين التعاون مع قوات الاحتلال (بالعراق أو بمراكزها بالدول/الأصل) وبين التصفية الجسدية أو في أحسن الأحوال السماح لهم بالهجرة "الطوعية" لأحد البلدان الأجنبية...أو بإحدى جهات العراق "الآمنة" كما فعل الطالباني عندما اقترح على الطيارين العراقيين (المطلوبين من لدن المخابرات الإيرانية تحديدا منذ حرب إيران مع العراق) الاحتماء به في منطقة كردستان بعدما اغتيل منهم ما يناهز الثلاثين.

لم يعد ثمة من شك حقيقة، على الأقل منذ التاسع من أبريل 2003 وحتى يومنا هذا، أن محنة علماء العراق إنما باتت متأتية من سياسة قائمة، موجهة وتحتكم في تصورها على سبل وأدوات تقوم عليها جهات يبدو أن ملهمها في ذلك إنما الوعيد الذي أطلقه بيكر بوجه طارق عزيز من خمسة عشر سنة مضت.

هي ليست سياسة جديدة، بل استكمالا لمخطط تم اعتماده منذ بدأ العراق نهضته العلمية والتكنولوجية بداية الثمانينات حينما اغتيل عالم الذرة المصري (وهو أهم مهندسي المفاعل النووي تموز) من لدن الموساد بأحد فنادق باريس وتم حرق المعدات (شحنة الوقود وأعتدة تشغيل المفاعل) التي كانت مشحونة للعراق من مطار مارسيليا الفرنسي...إضافة إلى المصير ذاته الذي لقيه الدكتور سعيد بدير والدكتورة سميرة موسى وغيرهما.

وإذا كانت "ثقافة القتل والترويع" هي لغة الشارع السائدة بالعراق اليوم دونما قدرة على تحديد مصدرها (اللهم إلا ما تقوم به المقاومة وتتبناه)، فإن تلك الموجهة للعلماء إنما تقوم عليها على الأقل ثلاث جهات كبرى تتباين في درجة الضغينة على العراق، لكنها تتساوق في "مشاريعها" وتتماثل في أهدافها بالعراق حاضرا وبالمستقبل:

· فأمريكا هي صاحبة المصلحة الأولى في استقطاب علماء العراق أو تصفيتهم إن أبدوا ممانعة في ذلك أواستماتوا للبقاء بجامعاتهم العراقية بين طلبتهم وأهلهم وذويهم (عمدت قوات الاحتلال مباشرة بعد إمساكها بمفاصل البلد بطرد 3000 أكاديمي من الجامعات العراقية وفرضت الإقامة الإجبارية على العديد منهم).

لم تكن مطاردة الأمريكان لعلماء العراق نتاج صدفة أو قرارا اعتباطيا، بل مهد له من قبل الغزوة واعتمد كأداة قصوى "لإعادة العراق إلى العصر الحجري".

ألم يقل (في العام 2002) مارك كلايتون المحرر بصحيفة "كرستيان ساينس مونيطور": "إن خطر العراق في قاعدته العلمية وفي علمائه وليس فيما يمتلكه العراق من اسلحة"؟ فقدم جردا بالعلماء والفنيين الذين تعلموا وتكونوا بالولايات المتحدة وقال بالخلاصة: "إن هؤلاء أخطر من أسلحة العراق الحربية لأنهم هم الذين ينتجون هذه الأسلحة".

ثم ألم يصدر الكونغرس الأمريكي في العام نفسه " قانون هجرة العلماء العراقيين" مشددا على منحهم تصريحات وبطاقات إقامة دائمة بالولايات المتحدة بإجراءات جد مخففة"؟

لم تكتف الولايات المتحدة بذلك، بل عمدت إلى مطاردة كل من تعاون مع علماء العراق أو تلقى تكوينه هناك بدليل مطالبة سفارتي أمريكا وبريطانيا لمصر باستجواب العلماء الذين ارتبطوا بالعمل في العراق، بل ذهبت السفارتين لدرجة المطالبة بلائحة علماء جامعة الإسكندرية (قسم الهندسة النووية) من 1967 إلى 1990.

· وإسرائيل لم تعلن جهارة تخوفها من العراق حتى وهو مهدم، بل ودفعت بضرورة استئصال كل الأدمغة التي قد "تعاود الكرة" في حال انسحاب الاحتلال واسترجاع العراق لسيادته وإقامة حكومة وطنية من بين ظهرانيه.

لم تكتف إسرائيل لأجل ذلك بمجرد المنادات، بل عمدت مخابراتها إلى تكوين جيش سري من 150 عضوا (الجيش الجمهوري السري) لديه قائمة من 800 عالم عراقي مطلوب تصفيتهم ...أو نفيهم إلى إسرائيل (حيث استقبلت في سنين احتلال العراق الأولى أكثر من 150 أستاذ محاضر و 4000 طالب ناهيك عن منح كنعان مكية سيء الذكر الدكتوراه الفخرية من جامعة تل أبيب ودرجة الماجستير للطاهر لبيب ومحمود أبو صالح).

· والحكومة المنصبة من لدن الاحتلال لم تكتف بالصمت الرهيب، بل تواطأت جراء ذلك مع ما يجري لعلماء العراق سرا وعلانية (ستة علماء اغتيلوا أمام طلبتهم وعميدة كلية القانون بالموصل ذبحت هي وزوجها بالفراش و 17000 من العلماء والأساتذة هجروا قسرا).

· وميليشيات "حكام العراق الجدد" لم تكتف فقط بمطاردة العلماء وعوائلهم، بل عملت وتعمل على ترصدهم بغرض تصفيتهم بدعوى انتمائهم لحزب البعث في إطار ما يقوم عليه العميل أحمد الجلبي من خلال "برنامج اجتثاث البعث".

الكل يطارد علماء العراق، الكل اضحى ذو مصلحة في استهدافهم وترصد طلابهم، الكل (حتى العرب) بات يخشى العراق ويخشى علماءه.

إنها محنة علماء العراق...إنها محنة العراق التي ابتلاه الله بها منذ غابر العصور...فألفها ليتم تجاوزها بعد حين.



د. يحي اليحياوي- باحث وأكاديمي من المغرب
تاريخ الماده:- 2006-05-01

باسل قصي العبادله
04-05-2006, 12:56 AM
السلام والتحيه على الأخوه الكرام جميعا حفظهم الله . ان دماء أهلنا في العراق الأبي لن تذهب سدى فشهداؤنا في جنات عرضها و طولها لا يعلمها الا الله العلي القدير وهم أحياء عند ربهم بأكرم و أعز صوره نتخيلها فلا نبلغ روعة حقيقتها . ونحن أمة ولاده لكل خير خلقه المولى عز و جل ومر على أمتنا أيام سوداء كثيره وما يلبث أن ينبلج الصبح عن عز وفخر وحضاره لا تضاهيها حضاره فما بالكم و تلك الحضاره التي بشر بها رسولنا الكريم عليه أفضل صلاة و أزكى تسليم . ان الذكاء الفطري الموروث لدى أمتنا العربيه المسلمه لهو مدعاة فخر لنا في كل العصور و سيأتي جيل هم الآن على أهبة الأستعداد لتولي مهامهم فعلا سيعوضون أمتنا عمن فقدت من قناديل العلم و المعرفه التي يعز علينا فقدها انما يصبرنا أنهم في معية الأنبياء و المرسلين و في عناية الرحمن الرحيم . ان معاناتنا هي جزء من بلاء نصاب به لننول رضا الله العزيز الحكيم و هي احدى طرق التدبير من لدنه العظيم لمولد آخر لتتم البشاره و ليكون النصر و الرفعه و المجد و الفخار متزامنا مع رضا الله الواحد القهار . ان أسودنا ينكلون بالعلوج كما نحب و نتمنى و يكفي علماؤنا فخرا وهم في حضرة المليك المقتدر بأن يشيروا علينا بكل فخر ليقولوا هؤلاء أبناؤنا هؤلاء أخواننا هؤلاء هم أمتنا و قومنا ونحن شهداء لديكم وهم في طريقهم الينا أو الى ما يرضي المولى و ما قدر علينا . نحن أمة أبتلانا الله ولا يبتلي الله الا من يحب وبقدر حبه لنا يبتلينا ليثبت الحجة على العالمين و يقول هؤلاء هم عبادي لم يضرهم أن يبذلوا أرواحهم الا لرضاي و لرفعة دين الحق و الله الذي لا آله الا هو لن يكون لهم من جزاء الا الأكرام لهم و لأهلهم من بعدهم و رحمة مني تجللهم الى أن يلقوني . ان الله العزيز الحكيم أرحم بنا من الأم على وليدها و ما هو قادم سيكون عظيما ستكون رقابنا و رؤوسنا حيث أراد الشهداء منا و ستكون حياتنا محفوظة لمن أمد الله في عمره كما يحب الله لنا والله العزيز الحكيم لا يريد بنا الا كل الخير فالحمد لله على ما أخذ و الحمد لله على ما وهب وليس علينا الا الطاعه و الدعاء الى أن نلقاه بيض الوجوه بأفعال من سبقنا و بأقوالنا و ذلك أضعف الآيمان . نصر الله أمتنا ورضي عنها و أرضاها انه سميع مجيب اللهم آمين . ولكم مني اخواني كل التحيه .

فلسطين العراقي
04-05-2006, 07:15 PM
وطن مد على الأفق جناحا ...... وأكتسى من الحضارات وشاحا
بوركت أرض الفراتين وطن ..... عبقري المجد عزما وسماحا

كان الله في عون علماء العراق

حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله ونعم الوكيل

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم