المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدعوه الى الوشايه أو الشيطان الرجيم



باسل قصي العبادله
14-04-2006, 03:53 AM
مقال لطيف وجدت أنه من المناسب نقله للأخوه في المنتدى من باب الترويح عن النفس بشيئ مما يحدث لنا و حولنا .


الدعوة إلى الوشاية أو الشيطان الرجيم على المباشر

شبكة البصرة
محمد زيدان

قابلت فور نزولي من البيت إلى الشارع بعض الجيران. سلمت عليهم كالعادة، فتوجهت أنظارهم نحوي بلهفة واشتياق وبادرني عمي صالح بالسؤال عن أخبار المقاومة العراقية، فأجبته بأنها بخير والحمد لله، ولا أتذكر ما قاله عمي عمر، فرد عليه بأني أستقي أخباري من "الأنترنات"، وليس من الفضائيات، لأنها فقدت هذه الأيام بريقها لانخراط أغلب وسائل الإعلام العربي الحكومية والخاصة في ممارسة الحرب النفسية والتعتيم الإعلامي لصالح العدو الصهيوأمريكي. وتدخلت قائلا بأن الفضائيات تروج لطرف واحد، أما الطرف الآخر، أي المقاومة العراقية، التي تمثلنا، نحن العرب، فلا نتتبع أخبارها ومآثرها إلا عبر بعض مواقع الأنترنات الوطنية أو من خلال الأقراص المضغوطة. ثم تطرقنا إلى ما سمي مؤتمر الدول المجاورة للعراق في القاهرة وكيف أن الحكومة العميلة رفضت حضوره بحجة تصريحات مبارك الاستفزازية، وجاء اسم الجعفري على لساني، فتدخل عمي السعيد قائلا: "بياع"، وأنا أكن لهذا المجاهد الفحل احتراما شديدا لأنه قضى زهرة شبابه يقاوم الاستعمار الفرنسي في منطقة القبائل خلال ثورة التحرير في الجزائر.

والجدير بالذكر أن الاستعمار الفرنسي استعمل في حملاته الدعائية كلمات مثل: إرهابي و"فلاق" لينعت بها المجاهدين الجزائريين، وألصق بهم مختلف التهم، كما يفعل حاليا الاحتلال الأمريكي في العراق، لعزلهم عن الجماهير الشعبية. وفي المقابل استعملت الثورة الجزائرية، هي الأخرى، كلمات معينة لوصف المستعمرين والمتعاونين معهم، ومن بينها كلمة "بياع"، المشتقة من فعل باع، ويقصد بها في هذا السياق باع الشخص ضميره وشرفه ودينه للعدو المغتصب، أو وشى بالمجاهدين أو من يأويهم أو يمدهم بالمؤونة. ولا نعتقد أن الجزائريين يحتقرون أحدا بمقدار ما يحتقرون الواشي أو "البياع"، فهو نذل ورخيص وساقط، وسافل.. ويمنعنا الحياء من ذكر ما ينعت به من صفات أخرى.

لقد أراد عمي السعيد أن يقول بأن صورة هؤلاء الذين يزعمون بأنهم يمثلون العراق تحت الاحتلال فيما يسمى حكومة عراقية تتطابق تماما مع الصورة التي كونها في ذهنه "للبياع" و" البياعين" وهو يقاوم المستعمر في جبال منطقة القبائل. ومعروف عن الواشي أنه يجيد التخفي، وإذا اكتشف أمره فسوف لا ترحمه الجماهير الغاضبة قبل أن تصل إليه يد الثورة أو المقاومة فتقتص منه. إلا أننا نشهد في عصرها هذا؛ عصر القرية الكونية والعولمة والتقانة الراقية خروج الواشين أو "البياعين" إلى العلن وتفاخرهم بما يمارسونه من رذيلة وأفعال مشينة لصالح عدو العرب والمسلمين من الصهاينة والأمريكان وكأنهم أبطال ميامين.

كنا نسمع بالوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس، ولا نراه، أما الآن فأصبحنا نشاهده على المباشر وهو يحاول إغواء الناس والعبث بعقولهم ودفعهم إلى ارتكاب الفواحش والكبائر وكل ضروب المنكر والجرائم. ولا أخالني أكون مخطئا إذا أكدت بأنه يحاول أن يغرر بالسذج من خلال بعض الفضائيات والإذاعات العربية العميلة وتلك التابعة للاحتلال أو عملائه وتزعم أنها عراقية.

تقول الرواية الشعبية في وطننا العربي بأن الشيطان قد يقابل الإنسان الذي يريد إغواءه في صورة فتاة خلابة أو شاب يافع أو رجل دين، أو شيخ هرم يطلب المساعدة أو صبي، وما إلى ذالك من الصور. ومن هنا نصح خبراء الحرب النفسية في الجيش الأمريكي بأن ترك اللحية يضفي الوقار ويقابل بالاحترام والتقدير لدى العراقيين، وكأن العلوج عندما يتركون لحاهم تسترسل يكونون قد التزموا بالسنة النبوية الشريفة. ومن طريف ما سمعناه خلال العدوان الثلاثيني على العراق توجه طائرة من الجنود الأمريكان لأداء العمرة أو الحج، فالعدو الصهيوأمريكي قد يحمل السبحة ويتظاهر بالتقوى والورع أو بالحج إلى بيت الله الحرام لتحقيق أهدافه الاستراتيجية وأهمها وأولها السيطرة على منابع النفط في منطقتنا العربية، الغاية تبرر الوسيلة. ومن ألاعيبه تظاهره بالغباء والحماقة أحيانا لأنه يلمس فيها أداة فعالة للعبث بعقول السذج والمغفلين من بني جلدتنا، ويقول المثل الجزائري: "ألعبها مهبول تشبع كسور"، أي تظاهر بالجنون تشبع خبزا. ويعتقد بعض المغفلين من العرب أنهم قادرون على الضحك على ذقون دهاقنة وشيوخ الغرب الاستعماري وحلفائهم الصهاينة فيتعاونون معهم مرحليا لمحاربة ما يظنونهم أعداء من بعثيين وقوميين وما يسمونهم تكفيريين، ثم ينقلبون عليهم ويطردونهم من أرض العرب والمسلمين. هذه مزاعمهم، وهم في حقيقة أمرهم لا علاقة لهم بما يدعونه وإنما يطمعون في المغانم التي يحصلون عليها لقاء عمالتهم للعدو الصهيوأمريكي الذي لا يحسن آداب الضيافة ولا يجزل العطاء. العدو الصهيوأمريكي كالوسواس الخناس، قد يأتي في أي شكل أو صورة من الصور، فتمثيل الأدوار من اختصاصه ويجيده أيما إجادة، والأسلوب الوحيد الذي ينفع معه هو المقاومة المسلحة على أرض المعركة سواء في العراق أو في فلسطين أما ما دون ذالك فهو خيانة أو حماقة ومضيعة للوقت.

ولنأت بمثال لبعض ما يوزعه الاحتلال من مناشير على المواطنين في حملاته الدعائية الساقطة، ولنتأمل في المنشور الذي وزعه على المواطنين في مدينة سامراء المجاهدة بتاريخ 09 أفريل 2006، -مفكرة الإسلام-وأول ما نلاحظه على سبيل المثال نفيه بأنه جاء من أجل سرقة النفط والمال، والعراقيون يشاهدون بأم أعينهم النهب لنفط العراق الذي تقوم به الشركات الأمريكية وفضائحها، بل ويعيشون حالة الدهم اليومي لبيوتهم والسطو على ممتلكاتهم وقوت أطفالهم. ويزعم المنشور،على حد قولهم، بأنهم "لا يعادون السنة"، ولننظر إلى مكرهم وخداعهم عندما يقسمون العراقيين إلى طوائف لزرع الفتنة. ويضيف بأنهم يعادون من يأوي ويساعد ما يسميهم"إرهابيين" أي أبطال المقاومة العراقية. ونستنتج منطقيا من كلامهم هذا بأن الاحتلال الأمريكي يعادي سامراء كلها، لأن أغلب أبنائها، إن لم يكن كلهم يأوي ويساعد المجاهدين العراقيين. ويضيف المنشور الساقط بأن هناك صداميون وتكفيريون جاؤوا من الخارج ونيتهم الإساءة للعراقيين والعودة بهم إلى زمن التخلف وإلحاق الأذى والموت بهم، وكأن النهضة العلمية التي عرفتها العراق في عهد الدولة الوطنية والفوز بجائزة اليونسكو لمحو الأمية عبارة عن تخلف، وما يعيشه العراق من تجويع وتقتيل وبطالة وتدمير يومي لكل ما هو عمران في ضل الاحتلال عبارة عن حضارة وتمدن…وكأن العراقيين مخبولين يقدمون وبلا سبب على الانتحار الجماعي كما فعلت إحدى الطوائف الدينية في أمريكا. لماذا يقتل أبناء سامراء، بعثيين وإسلاميين، أهلهم وذويهم ؟ أي ازدهار وأي أمن جاء به الاحتلال؟ ويزعم المنشور بأنهم إذا تعاونوا معهم وساعدوهم فسوف ينسحبون ويأتون ضيوفا وأصدقاء في العام الموالي. ويبدو أن محرره كان مخمورا، و كان يرتدي حفاظة أطفال أثناء كتابته له لأنه كشف عن نواياه ونوايا سادته في البيت الأبيض دفعة واحدة… لقد أفصح عن الغاية وكفانا شر البحث والتنقيب ومزالق التأويل. ولكن يجب أن ننتبه ولا نستخف بالعدو ومكره، فهو يمرر مثل هذه المناشير لأهداف لا نعلمها أو لتضليلنا فقط، أو أن فيها شيئا خفيا مدسوسا.

وفي هذا الإطار نذكر أيضا بعض المناشير التي ألقيت على الموصل المجاهدة،؛ إذ تضمن أحدها رسما يسميه الاحتلال جنديا عراقيا، ويقصد عملاءه الغدريين والبشمرقة والمغفلين المغرر بهم، والرسم في الحقيقة يمثل الوهم الأمريكي في القوة أو السوبرمان، لا ما يزعمون أنه الجندي العراقي أو عميلهم وأداتهم البائسة، فبدلا من أن يرسموا رسما لكائن يحتقرونه في قرارة أنفسهم رسموا صورة لذواتهم كما يتوهمونها وكما تسوقها لهم هوليود والسينما الأمريكية. لا أحد يحترم الخائن….حتى ولو كان يعمل لصالحه أو مات من أجله. دروس التاريخ تقول هذا..

قلنا بأن العدو الصهيوأمريكي مخادع شيمته الغدر والوقيعة، والاستعمار البريطاني مجبول على المكر والخديعة، وطالعنا مؤخرا في مقال لأحد دهاقنتهم يوصي الأمريكان بضرورة الاستفادة في العراق من تجربة الإنجليز في أندونيسيا، وكيف ثبٌتوا ذوي الأصول الصينية في قرى خاصة بهم وشددوا عليهم الحراسة لمنعهم من التواصل مع ما يسمونهم متمردين. ولقد تلقى الاستعمارالأمريكي سليل الاحتلال البريطاني ما فيه الكفاية من الدروس والعبر، ليستثمرها في العبث بمقدراتنا ونهب خيراتنا وتفتيتنا إلى طوائف وملل ونحل، ولو استطاع لفككنا إلى خلايا وهو المولع بفلسفة التحليل.

لا جدال في أن الاحتلال يستثمر كل شيء فينا بما فيها نقاط ضعفنا وقوتنا، ويوظفها للإيقاع بنا ونهب خيراتنا ومنعنا من الازدهار والتقدم وإحداث الطفرة الحضارية التي يريدها شعبنا العربي وتطمح لها أمتنا الإسلامية. ومن بين المواطن التي يستغلها لصالحه بذكاء المنظومة الإعلامية العربية، فهو كما استغل عمامة السيستاني الصفوي وعشش فوقها وتحتها، فإن من السهل عليه بناء عشه في وسائل الإعلام العربية ويصبح بها ليس مسا من الجن وإنما من الاحتلال الصهيوأمريكي الذي يحلو له السكن فيها وممارسة الغواية والتضليل من خلالها لعله يحطم معنويات الإنسان العربي العنيد ويقنعه بالهزيمة وقبول الذل والهوان والفقر والبؤس.

ولنضرب مثالا بتلك الفضائيات والإذاعات الطائفية التي تزعم أنها عراقية وتروج للطائفية والعرقية ولقطات الدعاية التي لا تختلف كثيرا عن المناشير التي تلقي بها طائرات الاحتلال على مدن وقرى العراق المجاهدة… إن الاحتلال يتلبسها ويتخبط فيها أو يرتديها كما يرتدي الإنسان جواربه وحذاءه، و من ثمة يمارس فنون الغواية والتضليل ويوسوس في صدور الناس ويعبث بعقولهم. الاحتلال يتلون وفق الظروف والمناسبات، ولنتذكر إحدى الفضائيات التي تسمي نفسها عراقية كيف بدأت وما هي عليه حالها الآن.. بدأت تقول: "قتل جندي عراقي" أي خائن. وبعد أشهر أصبحت تقول "استشهد جندي عراقي"، وكأن هناك آية قرآنية كريمة أو حديثا نبويا شريفا يبشر الموالين للعدو الكافر والمرتدين بأن الله يتقبلهم شهداء عنده عندما ينقرضون أو ترجمهم المقاومة العراقية من حيث لا يدرون. وتعرض علينا نفس الفضائيات وفضائيات عربية أخرى بائسة لقطة دعائية أمريكية الروح والهوى والإخراج تدعو العراقيين للوشاية بأهلهم وتعرض أرقام الهاتف وما إلى ذالك من السخافات، كبر مقتا ما يفعلون. إن الحرب النفسية التي ينتهجها العدو للتأثير على المتلقين لا حدود لها، وتستغل الصور الإباحية وإن زعم غير ذالك، كما تستعمل التعذيب وصور سجن "أبو غريب" لإحداث ردود أفعال معينة’ لا ندري بالضبط ما هي، لكن كل ذالك محسوب ومخطط له، وليس عفويا. وفي مثال الفضائيات التي تزعم أنها عراقية أو عربية فإننا رأيناها تستغل براءة الأطفال والحياة العائلية لإحداث التأثير الذي يريده الاحتلال الصهيوأمريكي… وشاهدنا الكثير من الصور والرسوم في المناشير التي تلقيها الطائرات على العراقيين وتحاول فيها استغلال النبل والطهارة لدفع الناس إلى ارتكاب أبشع الجرائم في حق الدين والوطن والأمة والإنسانية.

إن اللقطة الدعائية المعروضة ترافقها المؤثرات الموسيقية الرومانسية الحالمة لتهيئة المناخ الذي يعمل فيه الوسواس الخناس لوسوس في صدور الناس ويفقدهم عقلهم وتوازنهم على أمل دفعهم إلى الوشاية ببعضهم بعضا لتأتي الغربان السود أو الطائرات الأمريكية فتبيد الأطفال والشيوخ. لقد حذر أحد المثقفين العراقيين من خطورة الكلمة، لأنها قد تؤدي إلى إزهاق الأرواح البريئة. ووسائل الإعلام التي تروج لمثل هكذا دعاية ساقطة، قد تتسبب في قتل آلاف العراقيين مقابل حفنة من النقود الملوثة. هؤلاء الإعلاميون هم الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ويدفعهم لارتكاب جرائم لا تغتفر في حق الدين والوطن والأمة والإنسانية. ألا ساء ما يفعلون. إن من يتسبب في قتل نفس واحدة بغير حق كمن قتل الناس جميعا، وهؤلاء يقتلون الكثير…الكثير بفعلتهم تلك..قاتلهم الله. إن هؤلاء، الذين يزينون للناس بالوشاية بأهلهم، أشد خطرا وكفرا ونفاقا، وما من عائلة تباد أو طفل يقتل إلا ويتحملون عنه مع جيش الاحتلال والعملاء المسؤولية كاملة أمام الله، ولن ترحمهم الأجيال وإن غرتهم اللحظة وأعمت أفئدتهم وأبصارهم.

ومها يمكر الاحتلال وعملاؤه… ومهما يكيدون فسوف يعود كيدهم إلى نحورهم ويدفعون الثمن إن آجلا أو عاجلا…..لقد انهزموا على أرض المعركة واندحارهم مسألة وقت فحسب… والمقاومة العراقية منتصرة بإذن الله، ولا غالب إلا الله، والله أكبر.

وعاشت المقاومة العراقية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب العراقي.

المواطن العربي محمد زيدان

شبكة البصرة

الخميس 14 ربيع الاول 1427 / 13 نيسان 2006

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس