المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يضم الشيعة والسنة "اتحاد العالمي لعلماء المسلمين"



الرشيد
12-07-2004, 10:10 PM
دشن علماء ومفكرون مسلمون يوم الأحد 11-7-2004 في مؤتمر تأسيسي في لندن "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الذي يهدف إلى تشكيل مرجعية دينية للمسلمين فقهيا وثقافيا في جميع أنحاء العالم.
وقد نظمت المؤتمر لجنة تحضيرية يرأسها الداعية الإسلامي دكتور يوسف القرضاوي. وشارك في أعمال المؤتمر التأسيسي علماء سنة وشيعة ومفكرون ورؤساء هيئات من الدول العربية والإسلامية، يتصدرهم الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
واعتبر في كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر التأسيسي أن سقوط الخلافة الإسلامية أدى إلى فراغ ذهب بمرجعية المسلمين الموحدة.
وحول هدف الاتحاد قال القرضاوي: إن هذا الجهد يهدف إلى إيجاد مرجعية عالمية إسلامية بديلة يلتقي حولها المسلمون في قضاياهم ومواقفهم من الأحداث عالميا، وتعلو فوق كل التجمعات الفقهية الإقليمية.

واستعرض القرضاوي في كلمته عددا من الأطر التي يلتقي حولها المنظمون، وتتضمن توخي القواسم المشتركة، والبعد عن قضايا الخلاف، وتقديم صورة حضارية عن موقف الإسلام من المرأة والعنف والعلاقة مع الآخر.

وأضاف أن "الاتحاد سوف يكون مستقلا ومنفتحا في توجهاته ورؤيته حتى يمكنه أن يجمع العلماء من كافة أنحاء العالم. وحتى يكون اتحادا في خدمة المسلمين في كافة أرجاء المعمورة".

مرجعية موثوقة
من جهته أكد رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي أن المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي أصبحت جزءا من الأنظمة السياسية التي يعارضها الناس، مؤكدا على أهمية وجود منظمة غير حكومية تكون بمثابة مرجعية إسلامية موثوقة للمسلمين -لا سيما الشباب منهم- في خضم تيارات فكرية تتراوح بين الاعتدال والتطرف. وطالب أوغلو أن يعتمد الاتحاد الوليد الوسطية كمعيار يحكم المشاريع الفكرية، وأن تتحق فيه صفة العالمية والأهلية، وألا يخضع لسلطة بعينها، لكنه لا يدخر جهدا في تقديم النصح لصناع القرار.
وقال الدكتور محمد سليم العوا -عضو اللجنة التحضيرية-: إن فكرة الاتحاد بدأت منذ عام 1989، واستغرق التسجيل الرسمي لها عاما كاملا في جمهورية أيرلندا، مشيرا إلى أن الاتحاد سيكون مرجعية إسلامية عامة للأمة كلها، وجسرا للحوار مع الآخر.

ومن ناحيته قال آية الله محمد علي التسخيري -رئيس المجمع الإسلامي العالمي للتقريب بين المذاهب- لـ"إسلام أون لاين.نت": "أتوقع مستقبلا زاهرا لهذا الاتحاد، وأعتقد أنه سوف يقوم بدور كبير جدا في جمع الطاقات من أجل هداية الأمة، وإعلان رأي العلماء في القضايا الرئيسية. وأعتقد أنه سوف يترك أثرا كبيرا في قضية التقريب بين المذاهب، وأنا متفائل به خيرا".

وحول مدى قبول الفتوى الصادرة عن الاتحاد من جمهور المذاهب الأخرى مثل شيعة إيران مثلا، قال: "أعتقد أن ما يعلنه الاتحاد العالمي سوف يركز على القضايا العامة، وهي أمور لا تختلف عليها المذاهب، وسوف يملأ فراغا كبيرا، وأرجو أن يقوم بدوره المطلوب".

إحياء دور المرأة

وقالت دكتورة سعاد صالح -أستاذة ورئيسة قسم الفقه بجامعة الأزهر بمصر- لـ"إسلام أون لاين.نت": إن مجرد اعتراف القائمين على إنشاء الاتحاد بتوجيه الدعوة للمرأة الفقيهة فإن هذا يعد محاولة لإحياء دور المرأة الذي أقره لها الإسلام بمصدريه القرآن الكريم والسنة النبوية منذ أكثر من أربعة عشر قرنا. وأشارت إلى أن هناك قضايا وأحكاما تخص المرأة، ولا يستطيع أحد غيرها أن يوصلها كما كانت تفعل أم المؤمنين السيدة عائشة مع النساء.

ومن جانبه قال الدكتور قطب مصطفى سانو -أستاذ الفقه بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا-: "هذا التجمع من التجمعات النادرة في حياة الأمة، وسيقوم هذا الاتحاد -بإذن الله- بوصل ما انقطع بين أبناء الأمة وعلمائها ومفكريها ومثقفيها، وتناسي الخلافات التاريخية والمذهبية، والعمل على تجاوز الخلافات الفكرية العقيمة التي لم تزد الأمة عبر تاريخها إلا تخلفا وانسحابا ووهنا".

وأعلن عبد الله معتوق المعتوق -وزير الأوقاف الكويتي- خلال كلمته عن استعداد الكويت لدعم الاتحاد، وصرح لـ"إسلام أون لاين.نت" أنه حضر بصفته الشخصية وليس الرسمية؛ لأنه أحد الأعضاء المؤسسين لهذا الاتحاد، وقال: "أنا متفائل بأن الله سيغير من حال هذه الأمة، ويبرم لها أمر رشد، وسيَنتج عن هذا الاتحاد الشعبي وليس الرسمي عمل عظيم".

سمات الاتحاد

وفصل القرضاوي رؤيته لسمات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في وثيقة حصلت إسلام أون لاين.نت على نسخة منها، قائلا:

1- السمة الإسلامية: فهو اتحاد إسلامي خالص، يتكون من علماء مسلمين، ويعمل لخدمة القضايا الإسلامية، ويستمد من الإسلام منهجه، ويستهدي به في كل خطواته، وهو يمثل المسلمين بكل مذاهبهم وطوائفهم.

2- العالمية: فهو ليس محليا ولا إقليميًّا، ولا عربيًّا ولا عجميًّا، ولا شرقيًّا ولا غربيًّا، بل هو يمثل المسلمين في العالم الإسلامي كله، كما يمثل الأقليات والمجموعات الإسلامية خارج العالم الإسلامي.

3- الشعبية: فهو ليس مؤسسة رسمية حكومية، وإنما يستمد قوته من ثقة الشعوب والجماهير المسلمة به. ولكنه لا يعادي الحكومات، بل يجتهد أن يفتح نوافذ للتعاون معها على ما فيه خير الإسلام والمسلمين.

4- الاستقلال: فهو لا يتبع دولة من الدول، ولا جماعة من الجماعات، ولا طائفة من الطوائف، ولا يعتز إلا بانتسابه إلى الإسلام وأمته.

5- العلمية: فهو مؤسسة لعلماء الأمة؛ فلا غرو أن يهتم بالعلم وتعليمه وبتراثنا العلمي وإحيائه وتحقيقه ونشره.

6- الدعوية: فهو مؤسسة تُعنى بالدعوة إلى الإسلام باللسان والقلم، وكل الوسائل المعاصرة المشروعة، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، ملتزمة بمنهج القرآن بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.

7- الوسطية: فهو لا يجنح إلى الغلو والإفراط، ولا يميل إلى التقصير والتفريط، وإنما يتبنى المنهج الوسط للأمة الوسط، وهو منهج التوسط والاعتدال.

8- الحيوية: فلا يكتفي بمجرد اللافتات والإعلانات، بل يعنى بالعمل والبناء، وتجنيد الكفايات العلمية والطاقات العملية، تقودها ثلة من العلماء المشهود لهم بالفقه في الدين، والاستقامة في السلوك، والشجاعة في الحق، والاستقلال في الموقف، والحائزين على القبول بين جماهير المسلمين.

أهداف الاتحاد

وعن أهداف الاتحاد تؤكد الوثيقة أنه يسعى إلى "تحقيق هدف كلي، تنبثق منه أهداف جزئية شتى. أما الهدف الكلي الأكبر فهو الحفاظ على الهُويّة الإسلامية للأمة، لتبقى كما أراد الله أمة وسطًا، شهيدة على الناس، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، مؤمنة بالله. والوقوف في وجه التيارات الهدامة التي تريد أن تقتلع الأمة من جذورها، داخلية كانت أم خارجية، وموالاة الأمة بالتفقيه والتثقيف والتوعية حتى تعرف حقيقة دورها ورسالتها، وتندفع إلى أداء مهمتها بإيمان وإخلاص، موحدة الغاية، موحدة المرجعية، موحدة الدار، مستقيمة المنهج والطريق".

وتضيف الوثيقة: "أما الأهداف المتفرعة عن هذا الهدف الكلي الأصلي، فتتمثل فيما يلي:

1- التعاون على حسن تفقيه المسلمين بدينهم وتوعيتهم حيثما كانوا بالإسلام الصحيح؛ إسلام القرآن والسنة: عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، فكرًا وسلوكًا، في شموله ووسطيته ويسره وسماحته، بعيدا عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.

2- تنبيه المسلمين إلى الأخطار التي تهدد هويتهم العقدية والثقافية، وتعمل على تمزيق روابطهم، وإبعادهم عن الإسلام الذي يجمع بينهم، ومقاومة هذا الغزو المنظم، بمثل أسلحته، وتحذير الأمة من الأسلحة الجديدة التي تستخدم ألفاظًا براقة مثل الحداثة والعولمة وغيرهما.

3- تعبئة الشخصية الإسلامية الفردية والجماعية، وتهيئتها لتقوم برسالتها الكبرى في عبادة الله تعالى، وعمارة الأرض، وخلافة الله تعالى، وتقوم بالشهود الحضاري على البشرية؛ حتى يبرز تدينها في الحياة: علمًا نافعًا، وعملا متقنًا، وخلقًا قويمًا، ورشدًا في الفكر، وثراء في الإنجاز، وسموًا في الأخلاق.

4- إنارة السبيل للمسلمين في الأوضاع المستجدة (...) في حياة الأفراد والأسر والمجتمعات، بتوجيههم إلى الآراء الناضجة، والحلول الناجعة لمشكلات حياتهم الفكرية والعملية، من خلال أحكام الشريعة وقواعدها في ضوء الاجتهادات المعاصرة المعتبرة، الصادرة من جهات موثقة، أو من علماء مشهود لهم بالكفاية والأمانة.

5- توحيد جهود العلماء ومواقفهم الفكرية والعلمية في قضايا الأمة الكبرى (...).

6- تجميع قوى الأمة كلها على اختلاف مذاهبها واتجاهاتها ما داموا من أهل القبلة، والسعي إلى تضييق نقاط الافتراق، وتوسيع نقاط الاتفاق، والتركيز على القواسم المشتركة، والاستهداء بالقاعدة الذهبية الشهيرة: نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه، وبهذا نواجه أعداء الأمة صفًّا واحدا".

وسائل الاتحاد

وعن وسائل الاتحاد لبلوغ هذه الأهداف توضح الوثيقة أن الاتحاد يتخذ لتحقيق هدفه الكلي وأهدافه الفرعية كل الوسائل والأساليب المشروعة المتنوعة "التي تلتقي كلها عند الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والحوار بالحسنى، والإقناع بالحجة".

وجاء في الوثيقة: "يركز اتحاد العلماء خصوصًا على الوسائل التالية:

1- الخطاب التثقيفي المباشر لتفقيه المسلمين في دينهم، وتصحيح مفاهيمهم ومواقفهم وتصرفاتهم وفق تعاليم الإسلام، حفاظًا على الشخصية الإسلامية للأمة وأبنائها من المؤثرات الداخلية والخارجية، سواء كان هذا الخطاب شفهيًّا عن طريق المنبر والمسجد، أم مبثوثًا عن طريق التلفاز والقنوات الفضائية، استثمارًا لوسائل الإسلام المعاصرة.

2- توجيه النصح بالرفق والحكمة لقادة المسلمين، وأهل السلطان فيهم، وكل من هو في موقف التأثير والتوجيه العام منهم، لترشيد مسيرتهم، وتسديد مواقفهم، ومساعدتهم على اتخاذ القرارات السليمة التي تخدم العقيدة الإسلامية، والأمة الإسلامية، وتؤكد الهوية الإسلامية؛ وتحذيرهم من مواضع الزلل، ومواطن الخطر، ومكايد الأعداء.

3- التعاون مع المؤسسات النظيرة العاملة على تحقيق نفس الأهداف، وإن يكن بوسائل وطرق مغايرة كالمؤسسات العلمية الأكاديمية، والمؤسسات الثقافية الاجتماعية والسياسية، والمؤسسات الخيرية الإنسانية.

4- التوعية الدائمة بالقضايا والأحداث المهمة الطارئة ذات العلاقة بالإسلام والمسلمين، سواء كانت ذات طبيعة ثقافية أم اجتماعية أم سياسية أم اقتصادية، وذلك بكشف أسبابها وأبعادها وآثارها فيما يتعلق بالهوية الإسلامية للأمة، واتخاذ موقف منها يبصّر المسلمين بحقيقتها، ويدعوهم إلى التعامل معها بما يحفظ هويتهم، ويدرأ خطرهم عنهم (...).

5- الحوار مع التيارات والمذهب الفكرية والسياسية المختلفة الموجودة في الساحة الإسلامية، من أجل الحد من أثرها السلبي إن كانت ضارة، والاستفادة منها إن كان لها عطاء مفيد (...)".