صدام فلسطين
10-07-2004, 02:39 AM
إذا زلزلت الأرض زلزالها وتكلم صدامها
صائن عهد الله
الأول من تموز يوم تفاؤل كبير لكل العرب والشرفاء في العالم، فبعد غياب طويل رأينا الرئيس الأسير صدام حسين وهو يزار في وجوه سجانيه فترتجف فرائصهم وتتبلل ملابسهم الداخلية رغم أن أسد العرب بل أسد البشرية كلها، مقيد، لا أضع علامة استفهام لأن ما رأيناه اليوم من بطولات صدام حسين قد أكد أننا بخير وأن الاحتلال يحتضر وان المقاومة التي نظمها ووضع خططها الرئيس الأسير تتقدم. لماذا أقول ذلك؟ أولا تذكروا أن الاحتلال قد استخدم في الشهور السبعة التي مضت على اعتقال القائد كل ما لديه من وسائل التعذيب الجسدي والكيمياوي، باستخدام تقنيات ومواد كيمياوية لتغيير السلوك للتحكم به لا تمتلكها إلا أمريكا، كما استخدم التعذيب الفيزياوي والنفسي..الخ من اجل الحصول على اعترافات، ولكن صدام كان أقوى وأرسخ وأعلى قامة من كل سجانيه في واشنطن، وكنا نعرف انه أقوى من الطغاة الغزاة لسبب بسيط هو انه قائد شعب دافع ويدافع عن بلده ضد محتل هو ألد أعداء العرب والمسلمين وأشدهم كراهية لكل ما يمت للعرب والإسلام بصلة فهل يتوقع من قائد استثنائي بشجاعته وقدراته أن يركع للاحتلال؟
كان الاحتلال قد احتجز القائد من اجل أن ينتزع منه الاعترافات، خصوصا حول قيادات المقاومة الوطنية الإسلامية التي نظمها، لأنه هو الذي اختار القيادات الجديدة للحزب والمقاومة بعد أسر القيادات المعروفة، وبما أن الاحتلال يواجه التحدي الأعظم من المقاومة فإنه أراد انتزاع الاعترافات بكل الوسائل للقضاء على المقاومة، ففشل، ووقف أسد العرب بعنفوانه الأصيل ورباطة جأشه ووطنيته العالية ليقلب الطاولة على رأس الاحتلال، ويحول ما سمي زورا بـ(التحقيق) مع الرئيس الشرعي للعراق، إلى محاكمة للاحتلال، لذلك تراجع الاحتلال عن وعده بمحاكمة علنية للرئيس تنقل تلفزيونيا مباشرة، وقدم فيلما مممنتجا، وبدون صوت كي لا يسمع شعب العراق صوت الحرية وهو يهدر من قلب العراق المحتل، وكانت تلك لطمة لنخب الرأي العام الأمريكي التي أوهمت بان الرئيس سيحاكم علنا محاكمة عادلة وإذا بها تشاهد فيلما من إخراج مخرج تافه الخبرة والشخصية، فأدركت أن حكومتها تخدعها مرة أخرى، ولقد نقلت مراسلة قناة "الجزيرة" في واشنطن عن خبراء قانون دولي أمريكيين استنكارهم لذلك العرض غير القانوني، وشاركهم الرأي هذا كل أعداء صدام حسين ممن يمتلكون احترام النفس والشرف، فأعلنوا إدانتهم لتلك المهزلة، ولكننا رأينا ماركسي سابق هو الصحفي المصري صلاح عيسى يزايد على الأمريكيين في أمريكيتهم فيعلق بصوت كويتي مبحوح قائلا (إن ما رأيناه هو مصير الطغاة الحتمي)!!! ولم يتذكر أن عدو صدام هو أمريكا و"اسرائيل" وأن من يحاكمه هو الاستعمار لوطنيته، وهذا أنموذج لدرجة السقوط الأخلاقي التي وصلها مارينز الإعلام العرب والذين لم يعودوا اكثر من ورق تواليت تستخدمه أمريكا لمسح قاذوراتها، تقابله موضوعية حتى اشد الأمريكيين عداء للرئيس الأسير، لان هؤلاء لديهم شرف !
لماذا عتمت أمريكا على المسرحية التي أعدتها هي؟ إن ما جرى اليوم يؤكد مرة أخرى أن الاحتلال يستعد للهروب من العراق، فلقد وصلت الإدارة الأمريكية إلى قناعة نهائية بان من الضروري الانسحاب من العراق وتسليم الحكومة لمن استوردتهم من الخارج، والقول أمام الرأي العام الأمريكي (أننا قمنا بواجبنا وسلمنا السلطة لعراقيين)! تقول المعلومات التي تجمعت لدى الإدارة الأمريكية أن المقاومة العراقية قد أكملت استعداداتها للانتقال إلى المرحلة الرابعة من حرب تحرير العراق، وهي مرحلة لن تستطيع القوات الأمريكية تحمل خسائرها الهائلة، لذلك قررت الهرب ولكن بعد أن تغتال الرئيس بأيد عراقية لكي تستطيع الادعاء أنها لم تقتله بل قتل بأيد عراقية، والاغتيال هدفه مزدوج : فمن جهة أولى تريد أمريكا تصفية رئيس العراق الشرعي الذي يملك واكثر من غيره القدرة على إعادة الأمن للعراق في اللحظة التي يهرب فيها الاحتلال، تحت ضغط ضربات المقاومة، ببيان واحد باسمه، وهي لا تريد ذلك لأنها تريد للعراق أن يبقى أسير فوضى وغياب الأمن لكي تستطيع أن تمارس ضغطا على الحكومة الائتلافية التي ستعينها المقاومة لتقود العراق بعد التحرير، كما أن صدام حسين هو الأقدر على إقامة سلطة وطنية جبهوية قوية وتمثل كل أطياف الشعب العراقي وهو قادر كذلك وفي بضعة شهور على إعادة إعمار ما خربه الأشرار الأمريكيون والبريطانيون،وهذا أيضا لا تريده أمريكا لأنها تريد إشعال حرب أهلية بعد هروبها من العراق، ومن جهة ثانية تريد أمريكا أن تبعث برسالة لكل الزعماء تقول فيها(إياكم ومعارضة خططي وإلا سيكون مصيركم كمصير صدام)، وهذه الرسالة تقتضي إعدام صدام حسين. وقرار اغتيال الرئيس لم يعد سرا فمكتب رئيس الوزراء البريطاني أعلن رسميا انه لا يمانع إعدام الرئيس صدام حسين إذا قرر العراقيون ذلك، وهو يعرف تماما أن من استلموا الرئيس لم ينتخبهم الشعب العراقي وانهم لم يخفوا نيتهم في اغتياله! كما أن بوش أعلن انه مسرور لمحاكمة الرئيس ويجب توقيع أقسى عقوبة فيه! ألا يعني ذلك انه أمر للسلطة العميلة بالإعدام؟
من هو الضحية ومن هو الجلاد؟
كان مطلوبا من التحقيق والمحاكمة أن تقلبا الحقيقة رأسا على عقب بتحويل الضحية، وهو العراق الذي تعرض للاحتلال وتدمير دولته ونهبه وممارسة اغتصاب نساءه ورجاله وقتل اكثر من مليوني عراقي منذ فرض الحصار الشامل وتلويث أجواءه وتربته باستخدام اليورانيوم المنضب، إلى جلاد، وتحويل الجلاد، وهو أمريكا وبريطانيا اللتين قامتا بكل الجرائم التي ذكرناها في العراق، إلى ضحية ومنقذ للعراق!!! وكانت الخطوة الأولى هي تكليف عاهري الضمير العاملين في الإعلام العربي، وبالأخص في قناة "العربية"، التي قامت بأقذر الأدوار في تسويغ إبادة الشعب العراقي واحتلال العراق عن طريق المساهمة في الخطة الأمريكية الصهيونية المسماة (شيطنة العراق وقيادته)، وفي حملة الشيطنة هذه لفقوا قصص (المقابر الجماعية) ومجزرة حلبجة وغيرها من التشويهات دون أن يسألوا أنفسهم لماذا لم يجرى تحقيق محايد وعلمي في كل تلك التهم إذا كانت صحيحة لمعرفة الحقيقة؟ ومن ارتكب هذه المجازر؟ كما روجوا لقصص الديكتاتورية والديمقراطية وذلك بالضبط ما كان الاحتلال يحتاج إليه لتسويغ الغزو وتسويقه وإعداد غطاء يتستر به وهو يقتل العراقيين ويدمر وطنهم!
وبالارتباط مع ذلك منع كل الكتاب الشرفاء من إيصال أصواتهم وكشف الحقائق، سواء بتواطؤ الفضائيات والصحف أو نتيجة الضغط والابتزاز الأمريكي، فشهدنا زمنا استمر اكثر من عام كان صوت الغزو وعملاءه فيه هو المسموع فقط، بل اضطر حتى بعض من كان يدافع عن موقف وطني إلى ترداد هذه الأكاذيب لحماية نفسه ومصالحه ! وكان الهدف هو غسل أدمغة الناس ودفعهم لتقبل غزو العراق بحجة (جرائم النظام) التي لم يفكروا أبدا بالمطالبة بالتحقيق المحايد فيها! أما البعثيون العراقيون، خصوصا الكتاب منهم، فقد خفضت أصواتهم حملة الاغتيالات والتصفيات الجسدية والتي بلغت 60 شهيدا يوميا، بالإضافة لمقاطعتهم من قبل الصحف والفضائيات ! فكان طبيعيا أن يخدع بعض الناس ولكن لبعض الوقت، خصوصا أن الحقائق لا يمكن حجبها كليا وهناك استشهاديون في مجال الثقافة والإعلام حملوا أرواحهم على اكفهم تماما كالمقاومين الأبطال وصرخوا (المنية ولا الدنية) و(ما أحلى الاستشهاد من اجل العراق) وراحوا يدافعون عن شرف العراق وعن مصير الأمة العربية عبر حماية عروبة العراق.
وهكذا لم يبق أمام الاحتلال سوى أن يحاول جعل محاكمة الرئيس أداة زور لإثبات تلك الأكاذيب، وكانوا يظنون أن المواد الكيمياوية وغسل الدماغ ستسمح بتغيير سلوك الرئيس وجعله يعترف، أو على الأقل التصرف بصورة غير منسجمة مع ما عرف عنه من وطنية متجذرة وشجاعة أصحاب الرسالات الخالدة وصانعي التاريخ العظيم لشعبهم وللبشرية، ومع انه دخل التحقيق وهو معرض لمادة كيمياوية كما علمنا إلا انه بفضل إرادته الحديدية تغلب على آثارها وصدم الاحتلال بقوة إرادته النادرة تماما كما صدم أطباء أمريكا اللذين دهشوا لرؤية إنسان لا تؤثر فيه كل وسائل أمريكا العلمية والتكنولوجية، فقلب الطاولة على راس بوش وحول أيامه القادمة إلى عزاء مستديم لن ينتهي إلا بسقوطه بفضل تصعيد المقاومة من جهة والتورط في بدء ما سمي بمحاكمة الرئيس من جهة ثانية.
كان الرئيس مهيبا مسيطرا كما عرفه العالم وحينما وجه المحقق إليه الاتهامات رد عليها بحزم وقوة منطق وكشف أن القاضي مجرد محام غر يحتاج لتعليمه أصول القانون، وفند ودحر الاتهامات بطريقة نبهت الإدارة الأمريكية إلى أنها وقعت في فخ عراقي آخر وهو السماح بتحويل المحاكمة إلى منبر لفضح الاحتلال وجرائمه والتأكيد أن الضحية هو شعب العراق، وان الجلاد هو أمريكا وبريطانيا ومن يشاركهما غزو العراق ودعمه، ولا تتضح خطورة الفخ العراقي الجديد إلا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الرئيس قد قرر أن يحول المحاكمة إلى منبر لمحاكمة الاحتلال وفضح جرائمه عربيا وعالميا،وهو أمر لن تتحمله الإدارة الأمريكية، وكما حملت احمد الجلبي مسؤولية توريطها في العراق فأنها ستحمل اياد علاوي مسؤولية توريطها في تبني فكرة محاكمة الرئيس. إننا واثقون تماما أن المحاكمة إذا حصلت ستؤكد أن الجلاد الذي ارتكب المجازر الجماعية وقتل مليوني عراقي ومارس ابشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ضد العراقيين واغتصب الرجال والنساء جنسيا ونهب ثروات العراق ودمر متحفه الوطني بآثاره القديمة وسرق أموال المواطنين أثناء تفتيش بيوتهم هو أمريكا وبريطانية.
كل ذلك سيقدم المادة الكاملة لكل أصحاب الضمائر الحية من محامين ودعاة حقوق الإنسان ونقابات المحامين ومحبي الحرية والمدافعين عن الكرامة الإنسانية ورجال سياسة كي يفضحوا التجاوزات القانونية والأخلاقية لقوات الاحتلال خصوصا التي ذكرنا إضافة لتسليم الرئيس صدام حسين إلى جهة عينتها هي وهي لا تملك الشرعية بصفتها قوة احتلال. كما نتحدى منظمة العفو الدولية والصليب الأحمر أن تقوما بكشف وفضح جريمة تسليم أسير حرب لأعدائه الذين يعلنون انهم سيعدمونه رغم انهم لا يملكون أي صفة شرعية، أما منظمة حقوق الإنسان العربية فهذه الحادثة اختبار حاسم لصدقها فهي مطالبة بفضح مسرحية اغتيال الرئيس. أما الإعلام فأن الشرفاء من رجاله ونساءه مطالبون أن يرفعوا أصواتهم الآن لفضح ما يجري، ليس دفاعا عن الرئيس فقط بل دفاعا عن الحق والقانون والشرف العربي، وأن يكف بعض الوطنيين عن الربط بين التهم الموجهة للرئيس وبين جرائم الاحتلال والمساواة بينها وإدانة الطرفين معا، لان جرائم الاحتلال ثابتة وموثقة أما التهم الموجهة للرئيس فقد صدرت من الاحتلال لتسويغه، وإذا كان البعض يشك بوقوعها فإن الأمر يحتاج إلى تحقيق عادل وليس إلى ربطها التعسفي بجرائم الاحتلال، خصوصا وان ذلك هو تكتيكه الرئيسي لأنه لا يهمه اتهامه بأي تهمة بشرط تشويه صورة القيادة العراقية، فلا يجب على أي وطني أن يروج لتهم الاحتلال للقيادة العراقية، لان ذلك يعني استمرار الصراع بين القوى الوطنية، الأمر الذي يخدم الاحتلال.
هل عرفتم الآن لم قلت انه يوم تفاؤل كبير؟ لئن كانت المقاومة بكل عملياتها البطولية قد أذهلت أمريكا ودفعتها لاتخاذ قرار الهروب من العراق فان ظهور الرئيس اليوم وما قاله قد فتح باب هزيمة أمريكا من داخلها وهي ترى كل عظمتها وقوتها تتهاويان أمام قائد العراق ورمز الشرف العربي، فما قاله الرئيس ستكون له انعكاسات عالمية كبرى تحمل كلها ثمرات مرة لأمريكا. حينما يرى الأمريكي أن حكومته تأمر بإقامة محكمة رئيسها يخفي وجهه كالعصابات، ويصبح أحمقا يتأتيء أمام الرئيس، ثم لا يجد، أي الأمريكي، صوتا في فيلم ممنتج، سيسأل: من هو المتهم؟ نحن أم الرئيس صدام حسين؟
لقد تكلم الرئيس، وكانت كلماته بلدوزرات تمهد الطريق نحو حرية العراق وتحرره، وضربت كلمات الرئيس البيت الأبيض بمقتل، ومن المؤكد أن بوش وحاشيته يتذكرون الآن إننا حذرناهم من أن العراق ليس غرينادا ولا بنما أو نيكاراغوا، مع احترامنا لكل الشعوب، وقلنا لهم: احذروا من غزو العراق ففيه سيكون انتحاركم، كدولة، وفيه ستعيشون العن واخطر كوابيسكم، ومنه ستعلن نهاية أحلامكم في غزو العالم، لكنكم لم تنصتوا، وأسكرتكم قوتكم، التي أذهبت ما لديكم من عقل وتحسب، وها أنتم لا تكادون تقعون في فخ وتفكرون في كيفية الخروج منه حتى تجدون أنفسكم وقد وقعتم في آخر! فأين المفر؟ صدام أمامكم والمقاومة خلفكم وشعب العراق فوقكم؟ إذا واصلتم التحقيق والمحاكمة فسوف تترى حكايات أسد بغداد، والذي ستصبح قصته معكم اعظم من قصص ألف ليلة وليلة والتي سيحكيها حتما أبنائكم لأطفالهم قبل النوم ليعلموهم انه كان في العراق بطل عظيم عرف (كعب أخيل) أمريكا وضربها عليه فأسقطها أرضا وانتصر عليها، أما إذا لم تحاكموا الرئيس فسوف يسال الناخب الأمريكي إذا لماذا وعدتم بمحاكمة صدام حسين ؟ ولماذا قمتم بغزو العراق ؟ إنها ورطة بوش الأكبر، وورطة أمريكا كلها، بل لنكن اكثر دقة ونقول إنها لعنة العراق وهي تتبدى بألف شكل وشكل، يقوم كل منها بقضم اسم أمريكا ودولار أمريكا وخيوط أمريكا مع العالم، ويضع مستقبل أمريكا في مهب الريح العاتية. وإذا اغتيل الرئيس فسوف تزداد ورطتكم ويصبح الصراع معكم فيه من الثار لشرف العراقيات والعراقيين واغتيال رموزهم اكثر من السعي لطردكم، مرة أخرى: أين المفر؟
أما المقاومة فهي بعد أن اطمأنت على الرئيس فسوف تحول أيام الاحتلال إلى جحيم ستبدو السنة الماضية (جنة) مقارنة به، وسيصحو العالم في يوم قريب ليشاهد جنرالات أمريكا يتقاتلون للحصول على مقعد في طائرات الهروب الحتمي القادم، تاركين خلفهم أوراق التواليت التي أرادوا مسح جرائمهم في العراق بها، وسيسمع العالم صوت المقاومة وهي تعلن تحرير العراق، وعندها ستخلع القدس رداء الحزن وتزغرد المقدسيات ونسمع صوت آذان يرتفع من المسجد الأقصى بصوت الشهيد احمد ياسين، ويرجع صداه مسجد عمر في الفلوجة المقدسة، بصوت الشهيد الحي صدام حسين إن شاء الله.
صائن عهد الله
الأول من تموز يوم تفاؤل كبير لكل العرب والشرفاء في العالم، فبعد غياب طويل رأينا الرئيس الأسير صدام حسين وهو يزار في وجوه سجانيه فترتجف فرائصهم وتتبلل ملابسهم الداخلية رغم أن أسد العرب بل أسد البشرية كلها، مقيد، لا أضع علامة استفهام لأن ما رأيناه اليوم من بطولات صدام حسين قد أكد أننا بخير وأن الاحتلال يحتضر وان المقاومة التي نظمها ووضع خططها الرئيس الأسير تتقدم. لماذا أقول ذلك؟ أولا تذكروا أن الاحتلال قد استخدم في الشهور السبعة التي مضت على اعتقال القائد كل ما لديه من وسائل التعذيب الجسدي والكيمياوي، باستخدام تقنيات ومواد كيمياوية لتغيير السلوك للتحكم به لا تمتلكها إلا أمريكا، كما استخدم التعذيب الفيزياوي والنفسي..الخ من اجل الحصول على اعترافات، ولكن صدام كان أقوى وأرسخ وأعلى قامة من كل سجانيه في واشنطن، وكنا نعرف انه أقوى من الطغاة الغزاة لسبب بسيط هو انه قائد شعب دافع ويدافع عن بلده ضد محتل هو ألد أعداء العرب والمسلمين وأشدهم كراهية لكل ما يمت للعرب والإسلام بصلة فهل يتوقع من قائد استثنائي بشجاعته وقدراته أن يركع للاحتلال؟
كان الاحتلال قد احتجز القائد من اجل أن ينتزع منه الاعترافات، خصوصا حول قيادات المقاومة الوطنية الإسلامية التي نظمها، لأنه هو الذي اختار القيادات الجديدة للحزب والمقاومة بعد أسر القيادات المعروفة، وبما أن الاحتلال يواجه التحدي الأعظم من المقاومة فإنه أراد انتزاع الاعترافات بكل الوسائل للقضاء على المقاومة، ففشل، ووقف أسد العرب بعنفوانه الأصيل ورباطة جأشه ووطنيته العالية ليقلب الطاولة على رأس الاحتلال، ويحول ما سمي زورا بـ(التحقيق) مع الرئيس الشرعي للعراق، إلى محاكمة للاحتلال، لذلك تراجع الاحتلال عن وعده بمحاكمة علنية للرئيس تنقل تلفزيونيا مباشرة، وقدم فيلما مممنتجا، وبدون صوت كي لا يسمع شعب العراق صوت الحرية وهو يهدر من قلب العراق المحتل، وكانت تلك لطمة لنخب الرأي العام الأمريكي التي أوهمت بان الرئيس سيحاكم علنا محاكمة عادلة وإذا بها تشاهد فيلما من إخراج مخرج تافه الخبرة والشخصية، فأدركت أن حكومتها تخدعها مرة أخرى، ولقد نقلت مراسلة قناة "الجزيرة" في واشنطن عن خبراء قانون دولي أمريكيين استنكارهم لذلك العرض غير القانوني، وشاركهم الرأي هذا كل أعداء صدام حسين ممن يمتلكون احترام النفس والشرف، فأعلنوا إدانتهم لتلك المهزلة، ولكننا رأينا ماركسي سابق هو الصحفي المصري صلاح عيسى يزايد على الأمريكيين في أمريكيتهم فيعلق بصوت كويتي مبحوح قائلا (إن ما رأيناه هو مصير الطغاة الحتمي)!!! ولم يتذكر أن عدو صدام هو أمريكا و"اسرائيل" وأن من يحاكمه هو الاستعمار لوطنيته، وهذا أنموذج لدرجة السقوط الأخلاقي التي وصلها مارينز الإعلام العرب والذين لم يعودوا اكثر من ورق تواليت تستخدمه أمريكا لمسح قاذوراتها، تقابله موضوعية حتى اشد الأمريكيين عداء للرئيس الأسير، لان هؤلاء لديهم شرف !
لماذا عتمت أمريكا على المسرحية التي أعدتها هي؟ إن ما جرى اليوم يؤكد مرة أخرى أن الاحتلال يستعد للهروب من العراق، فلقد وصلت الإدارة الأمريكية إلى قناعة نهائية بان من الضروري الانسحاب من العراق وتسليم الحكومة لمن استوردتهم من الخارج، والقول أمام الرأي العام الأمريكي (أننا قمنا بواجبنا وسلمنا السلطة لعراقيين)! تقول المعلومات التي تجمعت لدى الإدارة الأمريكية أن المقاومة العراقية قد أكملت استعداداتها للانتقال إلى المرحلة الرابعة من حرب تحرير العراق، وهي مرحلة لن تستطيع القوات الأمريكية تحمل خسائرها الهائلة، لذلك قررت الهرب ولكن بعد أن تغتال الرئيس بأيد عراقية لكي تستطيع الادعاء أنها لم تقتله بل قتل بأيد عراقية، والاغتيال هدفه مزدوج : فمن جهة أولى تريد أمريكا تصفية رئيس العراق الشرعي الذي يملك واكثر من غيره القدرة على إعادة الأمن للعراق في اللحظة التي يهرب فيها الاحتلال، تحت ضغط ضربات المقاومة، ببيان واحد باسمه، وهي لا تريد ذلك لأنها تريد للعراق أن يبقى أسير فوضى وغياب الأمن لكي تستطيع أن تمارس ضغطا على الحكومة الائتلافية التي ستعينها المقاومة لتقود العراق بعد التحرير، كما أن صدام حسين هو الأقدر على إقامة سلطة وطنية جبهوية قوية وتمثل كل أطياف الشعب العراقي وهو قادر كذلك وفي بضعة شهور على إعادة إعمار ما خربه الأشرار الأمريكيون والبريطانيون،وهذا أيضا لا تريده أمريكا لأنها تريد إشعال حرب أهلية بعد هروبها من العراق، ومن جهة ثانية تريد أمريكا أن تبعث برسالة لكل الزعماء تقول فيها(إياكم ومعارضة خططي وإلا سيكون مصيركم كمصير صدام)، وهذه الرسالة تقتضي إعدام صدام حسين. وقرار اغتيال الرئيس لم يعد سرا فمكتب رئيس الوزراء البريطاني أعلن رسميا انه لا يمانع إعدام الرئيس صدام حسين إذا قرر العراقيون ذلك، وهو يعرف تماما أن من استلموا الرئيس لم ينتخبهم الشعب العراقي وانهم لم يخفوا نيتهم في اغتياله! كما أن بوش أعلن انه مسرور لمحاكمة الرئيس ويجب توقيع أقسى عقوبة فيه! ألا يعني ذلك انه أمر للسلطة العميلة بالإعدام؟
من هو الضحية ومن هو الجلاد؟
كان مطلوبا من التحقيق والمحاكمة أن تقلبا الحقيقة رأسا على عقب بتحويل الضحية، وهو العراق الذي تعرض للاحتلال وتدمير دولته ونهبه وممارسة اغتصاب نساءه ورجاله وقتل اكثر من مليوني عراقي منذ فرض الحصار الشامل وتلويث أجواءه وتربته باستخدام اليورانيوم المنضب، إلى جلاد، وتحويل الجلاد، وهو أمريكا وبريطانيا اللتين قامتا بكل الجرائم التي ذكرناها في العراق، إلى ضحية ومنقذ للعراق!!! وكانت الخطوة الأولى هي تكليف عاهري الضمير العاملين في الإعلام العربي، وبالأخص في قناة "العربية"، التي قامت بأقذر الأدوار في تسويغ إبادة الشعب العراقي واحتلال العراق عن طريق المساهمة في الخطة الأمريكية الصهيونية المسماة (شيطنة العراق وقيادته)، وفي حملة الشيطنة هذه لفقوا قصص (المقابر الجماعية) ومجزرة حلبجة وغيرها من التشويهات دون أن يسألوا أنفسهم لماذا لم يجرى تحقيق محايد وعلمي في كل تلك التهم إذا كانت صحيحة لمعرفة الحقيقة؟ ومن ارتكب هذه المجازر؟ كما روجوا لقصص الديكتاتورية والديمقراطية وذلك بالضبط ما كان الاحتلال يحتاج إليه لتسويغ الغزو وتسويقه وإعداد غطاء يتستر به وهو يقتل العراقيين ويدمر وطنهم!
وبالارتباط مع ذلك منع كل الكتاب الشرفاء من إيصال أصواتهم وكشف الحقائق، سواء بتواطؤ الفضائيات والصحف أو نتيجة الضغط والابتزاز الأمريكي، فشهدنا زمنا استمر اكثر من عام كان صوت الغزو وعملاءه فيه هو المسموع فقط، بل اضطر حتى بعض من كان يدافع عن موقف وطني إلى ترداد هذه الأكاذيب لحماية نفسه ومصالحه ! وكان الهدف هو غسل أدمغة الناس ودفعهم لتقبل غزو العراق بحجة (جرائم النظام) التي لم يفكروا أبدا بالمطالبة بالتحقيق المحايد فيها! أما البعثيون العراقيون، خصوصا الكتاب منهم، فقد خفضت أصواتهم حملة الاغتيالات والتصفيات الجسدية والتي بلغت 60 شهيدا يوميا، بالإضافة لمقاطعتهم من قبل الصحف والفضائيات ! فكان طبيعيا أن يخدع بعض الناس ولكن لبعض الوقت، خصوصا أن الحقائق لا يمكن حجبها كليا وهناك استشهاديون في مجال الثقافة والإعلام حملوا أرواحهم على اكفهم تماما كالمقاومين الأبطال وصرخوا (المنية ولا الدنية) و(ما أحلى الاستشهاد من اجل العراق) وراحوا يدافعون عن شرف العراق وعن مصير الأمة العربية عبر حماية عروبة العراق.
وهكذا لم يبق أمام الاحتلال سوى أن يحاول جعل محاكمة الرئيس أداة زور لإثبات تلك الأكاذيب، وكانوا يظنون أن المواد الكيمياوية وغسل الدماغ ستسمح بتغيير سلوك الرئيس وجعله يعترف، أو على الأقل التصرف بصورة غير منسجمة مع ما عرف عنه من وطنية متجذرة وشجاعة أصحاب الرسالات الخالدة وصانعي التاريخ العظيم لشعبهم وللبشرية، ومع انه دخل التحقيق وهو معرض لمادة كيمياوية كما علمنا إلا انه بفضل إرادته الحديدية تغلب على آثارها وصدم الاحتلال بقوة إرادته النادرة تماما كما صدم أطباء أمريكا اللذين دهشوا لرؤية إنسان لا تؤثر فيه كل وسائل أمريكا العلمية والتكنولوجية، فقلب الطاولة على راس بوش وحول أيامه القادمة إلى عزاء مستديم لن ينتهي إلا بسقوطه بفضل تصعيد المقاومة من جهة والتورط في بدء ما سمي بمحاكمة الرئيس من جهة ثانية.
كان الرئيس مهيبا مسيطرا كما عرفه العالم وحينما وجه المحقق إليه الاتهامات رد عليها بحزم وقوة منطق وكشف أن القاضي مجرد محام غر يحتاج لتعليمه أصول القانون، وفند ودحر الاتهامات بطريقة نبهت الإدارة الأمريكية إلى أنها وقعت في فخ عراقي آخر وهو السماح بتحويل المحاكمة إلى منبر لفضح الاحتلال وجرائمه والتأكيد أن الضحية هو شعب العراق، وان الجلاد هو أمريكا وبريطانيا ومن يشاركهما غزو العراق ودعمه، ولا تتضح خطورة الفخ العراقي الجديد إلا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الرئيس قد قرر أن يحول المحاكمة إلى منبر لمحاكمة الاحتلال وفضح جرائمه عربيا وعالميا،وهو أمر لن تتحمله الإدارة الأمريكية، وكما حملت احمد الجلبي مسؤولية توريطها في العراق فأنها ستحمل اياد علاوي مسؤولية توريطها في تبني فكرة محاكمة الرئيس. إننا واثقون تماما أن المحاكمة إذا حصلت ستؤكد أن الجلاد الذي ارتكب المجازر الجماعية وقتل مليوني عراقي ومارس ابشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ضد العراقيين واغتصب الرجال والنساء جنسيا ونهب ثروات العراق ودمر متحفه الوطني بآثاره القديمة وسرق أموال المواطنين أثناء تفتيش بيوتهم هو أمريكا وبريطانية.
كل ذلك سيقدم المادة الكاملة لكل أصحاب الضمائر الحية من محامين ودعاة حقوق الإنسان ونقابات المحامين ومحبي الحرية والمدافعين عن الكرامة الإنسانية ورجال سياسة كي يفضحوا التجاوزات القانونية والأخلاقية لقوات الاحتلال خصوصا التي ذكرنا إضافة لتسليم الرئيس صدام حسين إلى جهة عينتها هي وهي لا تملك الشرعية بصفتها قوة احتلال. كما نتحدى منظمة العفو الدولية والصليب الأحمر أن تقوما بكشف وفضح جريمة تسليم أسير حرب لأعدائه الذين يعلنون انهم سيعدمونه رغم انهم لا يملكون أي صفة شرعية، أما منظمة حقوق الإنسان العربية فهذه الحادثة اختبار حاسم لصدقها فهي مطالبة بفضح مسرحية اغتيال الرئيس. أما الإعلام فأن الشرفاء من رجاله ونساءه مطالبون أن يرفعوا أصواتهم الآن لفضح ما يجري، ليس دفاعا عن الرئيس فقط بل دفاعا عن الحق والقانون والشرف العربي، وأن يكف بعض الوطنيين عن الربط بين التهم الموجهة للرئيس وبين جرائم الاحتلال والمساواة بينها وإدانة الطرفين معا، لان جرائم الاحتلال ثابتة وموثقة أما التهم الموجهة للرئيس فقد صدرت من الاحتلال لتسويغه، وإذا كان البعض يشك بوقوعها فإن الأمر يحتاج إلى تحقيق عادل وليس إلى ربطها التعسفي بجرائم الاحتلال، خصوصا وان ذلك هو تكتيكه الرئيسي لأنه لا يهمه اتهامه بأي تهمة بشرط تشويه صورة القيادة العراقية، فلا يجب على أي وطني أن يروج لتهم الاحتلال للقيادة العراقية، لان ذلك يعني استمرار الصراع بين القوى الوطنية، الأمر الذي يخدم الاحتلال.
هل عرفتم الآن لم قلت انه يوم تفاؤل كبير؟ لئن كانت المقاومة بكل عملياتها البطولية قد أذهلت أمريكا ودفعتها لاتخاذ قرار الهروب من العراق فان ظهور الرئيس اليوم وما قاله قد فتح باب هزيمة أمريكا من داخلها وهي ترى كل عظمتها وقوتها تتهاويان أمام قائد العراق ورمز الشرف العربي، فما قاله الرئيس ستكون له انعكاسات عالمية كبرى تحمل كلها ثمرات مرة لأمريكا. حينما يرى الأمريكي أن حكومته تأمر بإقامة محكمة رئيسها يخفي وجهه كالعصابات، ويصبح أحمقا يتأتيء أمام الرئيس، ثم لا يجد، أي الأمريكي، صوتا في فيلم ممنتج، سيسأل: من هو المتهم؟ نحن أم الرئيس صدام حسين؟
لقد تكلم الرئيس، وكانت كلماته بلدوزرات تمهد الطريق نحو حرية العراق وتحرره، وضربت كلمات الرئيس البيت الأبيض بمقتل، ومن المؤكد أن بوش وحاشيته يتذكرون الآن إننا حذرناهم من أن العراق ليس غرينادا ولا بنما أو نيكاراغوا، مع احترامنا لكل الشعوب، وقلنا لهم: احذروا من غزو العراق ففيه سيكون انتحاركم، كدولة، وفيه ستعيشون العن واخطر كوابيسكم، ومنه ستعلن نهاية أحلامكم في غزو العالم، لكنكم لم تنصتوا، وأسكرتكم قوتكم، التي أذهبت ما لديكم من عقل وتحسب، وها أنتم لا تكادون تقعون في فخ وتفكرون في كيفية الخروج منه حتى تجدون أنفسكم وقد وقعتم في آخر! فأين المفر؟ صدام أمامكم والمقاومة خلفكم وشعب العراق فوقكم؟ إذا واصلتم التحقيق والمحاكمة فسوف تترى حكايات أسد بغداد، والذي ستصبح قصته معكم اعظم من قصص ألف ليلة وليلة والتي سيحكيها حتما أبنائكم لأطفالهم قبل النوم ليعلموهم انه كان في العراق بطل عظيم عرف (كعب أخيل) أمريكا وضربها عليه فأسقطها أرضا وانتصر عليها، أما إذا لم تحاكموا الرئيس فسوف يسال الناخب الأمريكي إذا لماذا وعدتم بمحاكمة صدام حسين ؟ ولماذا قمتم بغزو العراق ؟ إنها ورطة بوش الأكبر، وورطة أمريكا كلها، بل لنكن اكثر دقة ونقول إنها لعنة العراق وهي تتبدى بألف شكل وشكل، يقوم كل منها بقضم اسم أمريكا ودولار أمريكا وخيوط أمريكا مع العالم، ويضع مستقبل أمريكا في مهب الريح العاتية. وإذا اغتيل الرئيس فسوف تزداد ورطتكم ويصبح الصراع معكم فيه من الثار لشرف العراقيات والعراقيين واغتيال رموزهم اكثر من السعي لطردكم، مرة أخرى: أين المفر؟
أما المقاومة فهي بعد أن اطمأنت على الرئيس فسوف تحول أيام الاحتلال إلى جحيم ستبدو السنة الماضية (جنة) مقارنة به، وسيصحو العالم في يوم قريب ليشاهد جنرالات أمريكا يتقاتلون للحصول على مقعد في طائرات الهروب الحتمي القادم، تاركين خلفهم أوراق التواليت التي أرادوا مسح جرائمهم في العراق بها، وسيسمع العالم صوت المقاومة وهي تعلن تحرير العراق، وعندها ستخلع القدس رداء الحزن وتزغرد المقدسيات ونسمع صوت آذان يرتفع من المسجد الأقصى بصوت الشهيد احمد ياسين، ويرجع صداه مسجد عمر في الفلوجة المقدسة، بصوت الشهيد الحي صدام حسين إن شاء الله.