منصور بالله
22-02-2006, 12:52 PM
مع الأحداث 57! نهض البلوش يا بوش!
شبكة البصرة
د. نوري المرادي
· بوركتم يا فتيان شنعار، فواصلوا وشددوا عليهم!
· حثالات الكتّبة أول من يناصر الغزاة، وأول من يخذلوهم!
· اللاحلبجية واللالطاميّة واللاسامية كلها تنبع من مصدر واحد!
· إذا اتهمك عدوك مبتزا بما لم تأته، فأته عامد جهارا نهارا مغاضبا ليندم !
· لا تسأل كم من جندي طيب في جيش العدو طالماه يعسكر في الخندق المقابل!
مر من الأحداث الكثير على الساحتين العراقية والعالمية، فظهرت ملامح أهمها أن مكتب الإحباط الأمريكي في النتاجون، محبط الآن جدا. حيث تبين أن المقاومة الوطنية العراقية أقوى حتى مما رسمته تقارير القيادات الأمريكية الميدانية. وأن لا مناص الآن من السماح بنشر بعض أخبار العمليات البطولية التي ينفذها الفتيان، ولكن من باب البرهنة على أن الجيش الأمريكي عاجز حتى عن إيقاف التدهور. وها هم الأمريكان لا يفوقوا من ضربة مؤلمة سوى بضربة أشد ألما من يد المقاومة، فتجعلهم يبكون ساعة ورطتهم بالعراق وأهل العراق. طبعا كل هذه الضربات وهذه الحرية المطلقة لحركة كتائب المقاومة الوطنية في العراق يخرج وزير مالية حكومة إشيقر هوش طِلِباني ليعلن أنه صرف 12 مليارد دولار على تحسين الوضع الأمني في العراق! ومن المضحكات أيضا أن الجيش الأمريكي أعلن قبل عشرين يوما عن سقوط ثلاث طائرات هليوكوبتر بينها واحدة شينوك، بينما قال أن الخسائر كانت جريحا واحدا فقط.
كما نقلت الأخبار ردة فعل من حركة فتح على فوز حماس كشفت ما كانت بعض قيادات فتح تستره من تعاون حد الاستخذاء الخياني مع اليمين الإسرائيلي. استخذاء زاد من جرمه وعاره القانون الذي سنه مندوبو فتح آخر يوم لهم في البرلمان.
ويوم أمس زارت الملاّية إبراهيم إشيقر الكيشوانها سستاني للرشاد والإستقواء. ولا جديد، إنما الجديد أن ملا بعمامة بيضاء كان يرقص على العتبة خلف أشيقر، أما احتفاءً بها أو إنه لازال تحت تأثير حشيش التشابيه!
إلا أننا نختص من عموم الأحداث ما يلي:
أولا
في الأخيرتين من جلسات المحكمة المهزلة، وعدا عن العنفوان والصمود البطولي للمدعى عليهم، فقد عشنا في هاتين الجلستين تغيرين ملموسين: أولهما هفوت ما ظهر به الحاكم الحلبجي الجديد من حقد وعصبية بعد أن أخذ المدعى عليهم (بوشه) في الجلسات السابقة وجعلوه أمامهم كالتلميذ المستجد. ومن هنا وجدناه في هاتين الجلستين متعاطفا مع المدعى عليهم متجاوبا مع آرائهم آخذ بما يقولون ويمنحهم الوقت الكامل للتعبير عن رأيهم. بل قد قال له السيد برزان التكريتي بالحرف: ((دعني أعلمك بعض الأمور، وهذا لمصلحتك!)). أما التغير الثاني، فهو قراءة شهادة الشهود والمشتكين غيابيا والترميز لاسمائهم بفلان، وبما يشكل سابقة فريدة في التاريخ.
وسيان، أكانت هذه الشهادة هي مواصفات القضاء الطرزاني أم الأمريكي أم قضاء رواديد اللطم والزناجيل، فالنتيجة النهائية أن الإخوة مراجع العراق الدينيين الوطنيين، شيعة وسنة وغيرهم من طوائف العراق، يسمعون ويرون هذه المهزلة ولا يحركون ساكنا. وهو ما لم أتوقعه. فالمرجع يقول رأي الدين والشرع بما يجري حتى لو كان الذي يجري قصاص لظالم. فكيف والمهزلة تجري على من هو شئنا أم أبينا رمز سيادة العراق واستقلاله، وأن المحكمة باطل أسس له وبناه أمحتلون وبالخلاف من الشرعة الدولية، وسيتحمل الشعب العراقي وحده نتائج القصاص الذي سيفترضه هؤلاء المحتلون وغلمانهم!؟
المهم، أن سؤالا صار يتردد على ألسن الناس وفي قلوبهم، وموجه إلى كل مراجع الدين والطوائف في العراق، وأنقل إلى من يهمه الأمر مضمونه وهو:
هل تسجل وقائع هذه المحكمة المهزلة رسميا لعهد انفصال العدل عن الدين؟!
ثانيا
في تجمع لمندوبين عن الاشتراكية الدولية في كوبنهاجن ألقيت الأحد 060205 محاضرة عن المقاومة الوطنية العراقية الباسلة. وقد تفاهمت مع رفيق أن يدس سؤالا عن جريمة الإساءة إلى الرسول الأكرم محمد ص من قبل الصحيفة الدنماركية يولان بوسطن. وتضمن جوابي موقف الكادر الوارد في البيانات السابقة، وأن ما أتته الحكومة الدنماركية هو أسوأ أشكال سياسة الوجهين. فهي ستقوم قيامتها وتتدخل لو نشرت إحدى الصحف ما يفهم أنه يسيء إلى مشاعر اليهود، أو لو أنقص أحدهم عدد الهالكين منهم في معسكرات النازية المزعومة فردا واحدا فقط أو لو رسم أحدهم النبي موسى أو يعقوب بما رسم به الرسول. ولاحظت تجاوب الحضور مع هذه المسلمات، مثلما أضاف أحدهم أن المسيح عليه السلام تعرض للسباب والشتم من قبل الصحافة الدنماركية أو الصحافة الأوربية عموما وجرى تصويره بأوضاع مزرية، لكن الحكومة سكتت. بينما حين حاول أحدهم تصويره بملابس هتلر، علمت الحكومة الدنماركية مباشرة ومنعت المقال قبل نشره وطرد الكاتب من عمله.
هذا ما يقوله المواطنون الدنماركيون أنفسهم.
لكن بعض الأقلام الرخيصة ودائمة الانتصار للعدو على أهلها، طالبت بعدم تأجيج الموقف، على اعتبار أن عنصرية ما ضد المهاجرين هي التي أدت إلى نشر هذه الصور، خاصة وقد شوهت عمليات المقاومة صورة الإسلام كما يقولون.
ومقدما فليقطع هؤلاء الكتبة الأمل من أن تتوقف المقاومة لتحسين صورة. ذلك أن الصورة الأجمل للعرب والمسلمين هي في عزة أنفسهم واستقلالهم ودفاعهم عن أوطانهم. وأمور تحسين الصور مضى زمنها واستهلكت من الجهود ما لم يستهلكه شيء ولم تنفع. ويوم أمس فقط حكمت محكمة نمساوية على كاتب بريطاني بثلاث سنين سجن لأنه شكك بالهلاكوست، رغم أنه أوربي مسيحي غير (إرهابي) وأستاذ باحث أكاديمي في التاريخ. أي أنه حسن الصورة من كل الجوانب. كما ليس في الأمر عنصرية مطلقا. ولا عنصرية بين الاسكندنافيين تجاه المهاجرين. فلا أحد اجبرهم على قبول المهاجرين أصلا ليتعنصروا ضدهم، ولا الأجنبي يعيش في هذه الدول بأسوأ مما يعيشه المواطن. لو لم يكن العكس هو الصحيح. حيث المواطن يتعب ويعمل ويدفع الضرائب ليستلمها المهاجر بلا عمل، ومعها كامل الحقوق بالسكن والضمان والخدمات وغيرها. والحق يقال أننا نحن المهاجرين نعزو ما لا تسمح القوانين لنا باستحواذه، إلى لعنصرية. أي إننا نحن من يرفع سيف العنصرية وليس هم. ونحن نتحسس من أطفالهم لو شاركوا أطفالنا اللعب، ونتحسس حتى من توافه كأن يوقف مواطن منهم سيارته بموقف تعود أحدنا أن يوقف سيارته فيه.
وعام 1992 أبرم المليادير الإسرائيلي يول هامر عقدا ببيع شركة الفولفو التي يرأس مجلس إدارتها إلى شركة رينو الفرنسية. فانتبه الشعب السويدي، وتململ. ولكي لا تثور ثائرته، عمد اللوبي الصهيوني في السويد إلى ثلاثة أمور في وقت واحد، في أن نبشوا عدة قبور يهودية وحركوا الصحف السويدية المملوكة لهم وبلا استثناء لتبكي العداء لسامية، وأخفّضوا الكرون السويدي إلى النصف نتيجة تحكمهم بأكبر خمس شركات وأكبر خمس بنوك في السويد. مثلما تآمروا أو يقال هكذا، فأسقطوا طائرة مقاتلة سويدية كانت طور التجربة، فألغيت عقود مبرمة مسبقا على هذه الطائرة بعشرات المليارات. وهي أمور أجبرت ملك السويد وليحتوي الأزمة أن يظهر بالقبعة اليهودية ويخطب متظلما من عداء شعبه السويدي للسامية. هذا وهو يعلم اليقين أن العلاقات بين شعوب اسكندنافيا وبينها وبين بقية الشعوب، هي حقا مثال لبقية الشعوب.
وأيامها، وحيث كانت واحدة من التهم الموجهة إلي هي العداء للسامية، رغم أني لا أعرف ما يعنيه هذا العداء وكيف يكون؛ يومها اكتشفت أن الإسكندنافيين حصرا هم أكثر ما يكونوا حقدا على اللوبي الذي يستخدم تهمة اللاسامية عليهم.
من هنا، فلو تطاولت أحد المؤسسات في اسكندنافيا على مقدس غير يهودي، فمجبرة مأمورة محركة من مالكي القرار (المالي والإعلامي) المعروفين. أي ليس للشعب الدنماركي في حالة إساءات صحفية اليولان بوستن أعلاه، يد في الأمر. لكن هذا لا ولن ولا يجب أن يعني عدم القصاص. فالقصاص شرعة أصلها للتأديب والإصلاح. ولا تؤدب الشعوب وحاشى الشعب الدنماركي العظيم وأن يفكر احد بتأديبه. إنما تأديب حكومته التي تبرعت وأخذت على عاتقها جناية لم يكن للشعب الدنماركي فيها من مصلحة، ولا هي قضية رأي عام بتاتا. ولقد تصرفت هذه الحكومة كالكلب المسعور الذي حرضه سيده على عابر سبيل. وقبل أعوام فقط ركع البابا يوحنا بولص الثاني على ركبتيه أمام حائط المبكى وقدم اعتذارا خطيا على جريمة الهلاكوست التي صنعها الخيال. ركع البابا، واركع معه كل المسيحية المظلومة أصلا من اليهودية. واليهود حتى اليوم يستنكفون من رسم الصليب، ويرمزون إلى عملية الجمع الحسابية بنقطة تجنبا لرسم إشارة الزائد المشابهة للصليب. وإلى اليوم يطلقون على السيد المسيح اسم (إبن البثـّة) أي اللقيط. والحديث يطول عن الحقد اليهودي على المسيحية وتعاليمها ما بالك واليهود حصرا وبقيادة قيافا وشوا بالمسيح. وعموما لنا عود إلى هذا الموضوع بالتفصيل. المهم لابد من القصاص من رئيس حكومة الدنمارك، وبسلاح المقاطعة فقط، حتى يركع رئيس وزراء الدنمارك على مدخل الكعبة ويعتذر رسميا وخطيا. وعندها فقط سيتلقن اليمين الأوربي المتصهين درسا قاسيا فيكف عن لعب دور الكلب المسعور عند السيد الصهيوني.
السؤال المحير هو متى تكف الصهيونية عن التآمر على الشعوب، ولماذا تتآمر أصلا؟!
والسؤال الهام ماذا سيفعل اليمين الصهيوني لو أن عشرة كتاب ومفكرين أصرّوا على مواصلة تفنيد حكاية الهلاكوست، حتى وهم في السجون؟!
والسؤال الأهم هو، لم سكت آل الحكيم وإشيقر عن هذه الإهانة المشينة للرسول الأعظم بينما ثارت ثائرتهم ضد فضائية الجزيرة وفيصل القاسم، لإهانة مفترضة للكيشوان البهيم سستاني؟
ثالثا
تحت عنوان (( 500 كلمة لربيع بغداد القادم )) أصدر قبل الغزو بستة أشهر 25 من كتبة يدعون أنهم عراقيون بيانا بشر بأنهار من عسل وويسكي في عراق ما بعد التحرير(!) الأمريكي(!) الفاضل(!). وقد عالجت البيان آنها وبينت أنه ملقن لهؤلاء الكتبة، وأوضحت علاقته ببيان سابق عليه قبل 35 سنة منه لما سمي وقتها بربيع براغ. وكان بين الموقعين عليه سيد له فضل علي وهو الدكتور عقيل الناصري. ووقتها اتصل معاتبا على علاجي الحاد للبيان، مدعيا أن اسمه ورد خطأ بين الموقعين. فطالبته بسحب توقيعه، فرفض بحجة الحرج. لكن تبين أنه وقعه أملا بموقع ما في عراق التحرير الأمريكي. على أن موقف هذا السيد بقي أهون من غيره من الموقعين على البيان أو مناصرو مشروع الاحتلال الذين أخص بالذكر منهم أخا السيدة فاطمة المحسن، وشخص آخر انتحل عدة أسماء بينها الوائلي.
ومعلوم أن مفاهيم كالجهاد والوطنية والدفاع عن العرض والحيض ومقاومة الاحتلال والدفاع عن مصالح المسحوقين، هذه، وكذلك نقائضها كالتخاذل والخيانة وإعانة الغزاة على الوطن وبمازوشية فاقعة، هذه المفاهيم كلها تعتمد أساسا على تكوين الفرد العائلي والعرفي ونظافة الحليب الذي رضعه، أكثر منها على الدراسة الأكاديمية وسعة المطالعات. اللهم سوى في حالة اللبس.
فما يلتبس على العامي البسيط لا يفترض أن يلتبس على الأكاديمي، الذي من خلال مؤهلاته لابد ولديه صورة ولو شمولية لما يحدث تحت احتلال. وقياسا على الحالة العراقية، فقد اتضح عام 2000 أن أمريكا بصدد احتلال العراق، وما كانت تدعيه من حجج هي ذاتها ألغتها نهائيا قبيل بدء العمليات العسكرية بإسبوعين حين أعلن بوش قائلا: (( حتى لو استقال صدام وغادر بغداد فسأحتل العراق!)). ومن تجارب الشعوب السابقة، ومن التحليل المنطقي كان لابد وأن تصل الأحداث إلى ما هي عليه الآن في عراق. والمحتل جاء لنفط العراق، وقد أخذه. والمحتل جاء ليسلب العراق وقد سلبه، وجاء ليطمر الحصانة الروحية المتمثلة بالتراث الثقافي والحضاري والديني للعراق، ليعيد تصنيعه حسب ما يريد. وكل احتلال يدفع لردة تذهب بالوجه المشرق للدين والأعراف لصالح الهرطقة والشعوذة والدجل، فتقاد العامة من جهلة جلاوزة يعلمون اليقين أن زوالهم مع زوال الجهل ذاته. وكان لابد لهذا المحتل وأن يشجع الطائفية والمذهبية ويقسم العراق حسب المسلمة التي سارت عليها كل الاحتلالات السابقة في التاريخ وهي (فرّق تسد). والمتفرقون شيعا وميليشيات لابد ويقتتلون وإن لم يفعلوا حرضهم المحتل أو جلاوزته. وسيتحول الصراع السياسي ضمن القطيع الموالي للمحتل، إلى صراع حضوة وحسب. ومن يخسر صراع الكسب عبر الحضوة سيلجأ إلى عالم الجريمة الذي سيكون رحبا واسعا بدفع المحتل ذاته وبغياب الأمن. وحال عراق اليوم غنية عن التوصيف.
المهم إن عواقب الاحتلال كانت ماثلة إن لم يدركها الأكاديمي بالفطرة، فبالحساب البحت. لكننا فوجئنا بكتبة، رغم معرفتهم بالنتائج المترتبة على الاحتلال، يكشفون عن طوية وتركيبة نفسية بعيدة عن حدود التصور في المازوشية والخدمة للعدو. فقد ذيل بعضهم مقالاته بجملة (( أهلا بالحرية! )). وآخر، وهو مهندس نفط، وحين فرغت جعبة نزقه صاح متظلما: (( لماذا بالله عليكم تضعون العصي في عجلة الحل الأمريكي؟! )). ثم كتب لاحقا قائلا: ((أنا مثلا أرى بالنسخة الإسرائيلية لعلم العراق، شيء جميل يستأهل أن نقبله)). وكاتب ثالث رغم تخطيه السادسة والسبعين تغزل كغلام بفحولة بوش، وذيل مقالاته بتوقيع (مشجن المحروسة). ورابع راح يضحك فيما سماه أول أيام الاحتلال (زمن الانتصار). على أن الأسوأ بين هؤلاء الكتبة على الإطلاق خمسة تأنف حتى بغايا التلخانات (سراديب التحشيش) من أن تلد مثلهم. وهم تحديدا جاسم مطير، كاظم حبيب، عزيز حاج، عادل حبه، وعبدالخالق حسين. وجميعهم شيوعيون مرتدون، وجميعهم تخطوا السبعين من العمر. بل قد كتب عبدالخالق حسين وهو طبيب متقاعد قائلا: ((إن قتلى الجيش الأمريكي في العراق هم شهداؤنا، أما قتلى العراقيين بسبب عمليات قوات التحالف، ولو كانوا بمئات الألوف، فهم بمثابة التشذيب، أو مخلفات العملية الجراحية. وفي كل عملية جراحية يجري بتر وجروح ودماء! )). وجاسم مطير فكتب يقول: ((هنيئا للعراق وشعبه تعيين السيد بول بريمر لإدارته، فبول بريمر يعرفه جميع العالم، وتعرفه أم حسين وأم نبيل وكل نساء العراق الشريفات، وهو سيجعل العراق يسبح في النعيم مما يثير حسد الدول المجاورة، وأنا سأغير رأيي لو اقتنعت لاحقا بأن الواقع في العراق هو احتلال وليس تحريرا )) والثلاثي كاظم حبيب وعزيز وعادل حبه، فصاروا يسدون مطولات النصائح للأمريكان عن كيفية محاربة الإرهابيين والفلول.
ما أعنيه، أن كتبة من أمثال هؤلاء لابد وتخطوا من المحظور ما يؤهلهم لمضاجعة أمهاتهم أرضاءً للمحتلين. بغير هكذا نفسية، كان من المحال عليهم أن يكتبوا ما كتبوه. ومن تأنف حتى البغي من ولادة مثله، سيكون محال عليه أيضا أن يكتب شيئا، سوى الظهور بمظهر المخدوع سابقا أو المجبور على كتابة ما قد كتب. وقد عرفنا حالة كتاب وشعراء القادسية، المنقلبون الآن على أنفسهم.
المهم أن هؤلاء الكتاب سيتراجعون عما سبق وقالوه ولكن ليظهروا بمظهر الذين خدعهم المحتلون. ولا غرابة!
فكيف وبم سنجعل هؤلاء المنحطين يشعرون بجريرة تزويقهم للاحتلال الذي أوصل العراق إلى هذه الحال؟ وهل حقا نحن بحاجة لأن نجعلهم يشعرون بالجريرة؟
أعني هل للخنازير المحتضرة أمثالهم من قيمة لنعمد إلى إشعارهم بشيء؟؟
رابعا
تحرك الأخ مقتدى الصدر بين الدول أخيرا فاشتبهت على المتابعين الأمور. بعضهم افترضه شطارة منه، وبعضهم افترضه شطارة من غيره.
ولربما استعاد السيد مقتدى مسلسل الأحداث للعشرين عاما التي سبقت الاحتلال، وتنبه لدور جيران العراق الرائد(!) في مصيره. فالسعودية زودت آل الحكيم بما لا يقل عن 500 مليون دولار دعما(!) لنضالهم، ذلك الشيء الذي فعلته عائلة آل الصباح لآل الحكيم فدفعت لهم هي الأخرى 500 مليون دولار بالتمام والكمال. وإيران هي التي مكنت لهؤلاء السماسرة وأمثالهم ودربتهم وهيأت لهم سبل التسلل إلى العراق مثلما غسلت أموالهم. وفعلت سوريا الشيء ذاته إضافة إلى أنها كانت رقيب علاقتهم بإسرائيل. بينما الأردن المهندس المختفي أو المايسترو المحرك لهذا الجوق عن بعد. ومن هنا تشاطر الأخ مقتدى، كما يفترضون، فلعب أو بدأ يلعب على العامل الإقليمي، فدر عليه بأول 200 مليون دولار من خادم الحرمين، أو هكذا يشاع.
ويقال أيضا أن السيد مقتدى أخبر خادم الحرمين بأن مقامرته على الكديش علاوي لن تمنح السعودية التأثير المناسب لحجمها في العراق.
ولو صح هذا فأوافق الأخ مقتدى عليه. فالسمسار لا يقود السماسرة ما لم يكن أقواهم. والدجال لا يقود الدجالين ما لم يكن أنجسهم. بينما الكديش علاوي فشل بأول تجربة تزوير حرّة وفي مسرحية الانتخابات الأخيرة. حيث ترك الأمريكان للعراقيين حرية التزوير ليروا أي المزورين أشد، فكان تزوير عليوي الأضعف والأشد بؤسا مقابل ما فعله ملالي إيران.
المهم إن الأخ مقتدى، وبعد ارتكاسه الوطني وتحالفه مع آل الحكيم الذين قتلوا أباه وتعاونوا على قتل الصدر الأول وهم من أخذ على عاتقه الجزء الأكبر في المعارك التي جرت مع جيش المهدي. هذا المقتدى، وبحجة الحفاظ على وحدة الشيعة، انتهج طوعا ما انتهجه كل من تحجج قبله بمظالم الشيعة. ومقتدى اليوم نسخة طبق الأصل من سلوك ودعاوى المقبور باقر حكيم قبل الاحتلال، بما في ذلك تبرعه بالدفاع عن إيران وليس العراق. سوى فرق واحد، وهو أن المقبور الزنيم باقر حكيم مكن لدول الجوار بأن تلعب بمصير العراق بعد الاحتلال. بينما مقتدى، ويا لسوء المآل، يمهد لأن يلعب الجيران بمصير العراق تحت الانتداب. ومثلما تحملت كتائب باقر حكيم أمر التمهيد الطلائعي (العسكري والتجسسي وتوفير الأسباب) للاحتلال، حوّل مقتدى كتائب جيشه إلى طلائع مخابراتية لصالح العدو واشتركها في قتال ضد المواطنين. وهو الآن ينوي تولي الوزارات الخدمية، ليتحمل عبء تشغيل ماكنة الدولة لصالح المحتلين، وعب الفشل في توفير الخدمات الأولية للمواطنين. بينما يترك الوزارات السيادية للمحتلين فيوفر لهم التنعم بنتاج الاحتلال والتحكم بالقرار أيضا.
ولا ندري من جر رجل مقتدى إلى هذا المنزلق، لكن الذي ندريه أن مقتدى فقد المشيتين. فلا الأمريكان سيرون به أكثر من عبد مأمور منفذ وحسب، ولا الشعب العراقي سيثق به وقد ارتد إلى هذا المنقلب. ومن هنا جعلوه مجرد قربان ينتظر اللحظة المناسبة. وقد يضحي به الأمريكان كمبعث محتمل لحرب أهليه. وقد يقتله آل الحكيم غيرة، أو يقتله الإشيقريون ليستحوذوا على جمهوره.
السؤال الآن هو هل حقا لازال أحد في المنطقة يعتقد أن للعامل الإقليمي تأثير على الوضع في العراق؟!
ومن أين جاءت بديهة أن تحالف الشيعة مع الأمريكان يمنحهم حقوقهم المهضومة، وما هي الحقوق المهضومة، أهي تلك الهرطقات التي عشناها قبل أيام في ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام؟؟؟
وهل من يقول أن هكذا هرطقات تكفي لإنشاء دولة؟
خامسا
حلت لحظة الجد بين إيران والتحالف الانجلوسكسوني، ولأسباب لو كان الملف النووي الإيراني بينها فليس الرئيس منها قطعا.
ولمباعث كثيرة أفترض أن إيران تمتلك ثلاثة رؤوس نووية على الأقل اشترتها من الإتحاد السوفييتى خلال فترة انهياره، وتحديدا من منطقة سيبيريا. وعلى أية حال فعام 1994 أعلن السيد الكسندر ليبد بأن عدة رؤوس نووية فقدت من مخزون سيبيريا، بعضها بطول المتر تقريبا. وإن لم يتأكد هذا فالمؤكد أن خبراء من الصناعات الذرية السوفييتية السابقة عملوا في إيران حتى الأمس القريب وبرواتب مجزية. وحيث أنتشر خبراء الصناعات النووية السوفييت في كل العالم طلبا للرزق، فلاشك أن بعضهم تعاقد مع أمريكا وأوربا وإسرائيل. وعبرهم تمكن المعنيون من تحديد إمكانيات إيران النووية.
أقول قد عرفت أمريكا إمكانيات إيران على حقيقتها. وحتى لو كان المخزون النووي الإيراني بموازاة مثيله الباكستاني، فقيادة إيران، كقيادة باكستان، مضمونة ولا خوف منها ولا هم يحزنون. من هنا فلابد أن ما فاقم أزمة ما يسمى بملف إيران النووي هو ليس قدرات إيران النووية الفعلية، إنما شيء آخر هو دونما شكوك ما آلت إليه الأحوال في العراق. وسابقا قد غضت أمريكا الطرف عن ملف غيران مقابل تعاون إيران باحتلال العراق وأفغانستان. ولكن الأمور تطورت في أنجاه مغاير، وانقلب السحر على الأمريكان في هذين البلدين، وتبين أن المقاومة الوطنية فيهما ليست شديدة البأس ومؤلمة الضربات وحسب، وإنما لا تعبأ بالعامل الدولي ولا تتأثر بمؤتمرات ولا مانحين ولا تستمع لأحد. ولهذا السبب انتهت قيمة إيران كعامل ذي شأن في هذين البلدين. كما إن القيادة السياسية الأمريكية بحاجة لأزمة تشغل بها الرأي العام عن الخسائر المريعة على ميدان المعارك. وفوق هذا صعد لرئاسة إيران السيد أحمدي نجادي، فصعد معه التوجه الوطني الراديكالي في إيران على حساب تيار الملالي الأمريكية.
وبعيد الاحتلال كانت أمريكا قد ادعت مرارا بتسرب من تسميهم بالإرهابيين من إيران إلى العراق. وهو ادعاء علم المتابعون أنه لتسويق ملالي إيران ومرجعيتهم العملية في العراق. ومعلوم أيضا أن حتى لو غار بعض الوطنيين الإيرانيين على إخوتهم في العراق وأرادوا المشاركة في قتال المحتلين، فحكومة إيران ستمنعهم هي أو عبر أعوانها في فيلق بدر وغيرهم. أو عبر أجهزة مخابراتهم العديدة. المهم كان معلوما أن دعوات أمريكا عن التسريب، اسطوانة يراد بها التسويق وحسب. وهي اسطوانة عادت أمريكا قبل أسبوع لتعزفها من جديد.
ولن ينفع العزف هذه المرة.
فمن تكرار العزف السابق صارت مملة، ما بالك وهي تعزفها حسب شروطها ومصالحها وليس مصالح أوربا أو غيرها من العالمين.
المهم أن لن يستمع أحد لإسطوانة أمريكا هذه المرة،، رغم بعض الصدق الذي تقوله.
فهناك تسريب حقيقي هذه المرة، ولكن بشكل آخر تماما. فبلعبة متقنة، مثلت المقاومة الوطنية العراقية مسرحية اقتتال لعشائر في الرمادي مع كتائب من المقاومة والقاعدة حصرا. وتحت ستار هذه اللعبة نقلت المقاومة نشاطها ليشمل الاحواز وبلوشستان، فيتشكل جسر غاية في الخطورة يربط أفغانستان بالعراق يتحرك عبره المقاتلون بحرية. ومن هنا زاد بشكل ملحوظ نشاط العمليات في جنوب العراق مثلما وبدأت الاستشهاديات في أفغانستان ولأول مرة، ينفذها أما عراقيون أو أتباع منظمات جهادية عراقية.
أي أن أمريكا اختلقت كذبة، حولها الله سبحانه إلى واقع فحاق المكر بأهله.
ولكن لندع الأمريكان يتفذلكون، ولندع قرائح كتبتهم تجود بما استطاعت، وليسر هذا أو ذاك على خطى باقر أو أي خائن في التاريخ. فلا مناص في النهاية من أمر واحد وهو أن الأمريكان خارجون وبقوة سلاح جيش تحرير العراق.
هذه هي الحقيقة الوحيدة، وكل ما عاداها عوابر. وليكن الأمريكان على بينة من أن أي أمل يحسبونه استجد لبقائهم في العراق، سيستجد معه ألف عامل لهزيمتهم. والقدر قال كلمته بجبروتهم وختم الله على أبصارهم فلن يعود لهم من مفر عن ذلك المصير الذي لحق بكل الغزاة الذين بغوا وتجبروا في التاريخ!
شبكة البصرة
الثلاثاء 22 محرم 1427 / 21 شباط 2006
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
شبكة البصرة
د. نوري المرادي
· بوركتم يا فتيان شنعار، فواصلوا وشددوا عليهم!
· حثالات الكتّبة أول من يناصر الغزاة، وأول من يخذلوهم!
· اللاحلبجية واللالطاميّة واللاسامية كلها تنبع من مصدر واحد!
· إذا اتهمك عدوك مبتزا بما لم تأته، فأته عامد جهارا نهارا مغاضبا ليندم !
· لا تسأل كم من جندي طيب في جيش العدو طالماه يعسكر في الخندق المقابل!
مر من الأحداث الكثير على الساحتين العراقية والعالمية، فظهرت ملامح أهمها أن مكتب الإحباط الأمريكي في النتاجون، محبط الآن جدا. حيث تبين أن المقاومة الوطنية العراقية أقوى حتى مما رسمته تقارير القيادات الأمريكية الميدانية. وأن لا مناص الآن من السماح بنشر بعض أخبار العمليات البطولية التي ينفذها الفتيان، ولكن من باب البرهنة على أن الجيش الأمريكي عاجز حتى عن إيقاف التدهور. وها هم الأمريكان لا يفوقوا من ضربة مؤلمة سوى بضربة أشد ألما من يد المقاومة، فتجعلهم يبكون ساعة ورطتهم بالعراق وأهل العراق. طبعا كل هذه الضربات وهذه الحرية المطلقة لحركة كتائب المقاومة الوطنية في العراق يخرج وزير مالية حكومة إشيقر هوش طِلِباني ليعلن أنه صرف 12 مليارد دولار على تحسين الوضع الأمني في العراق! ومن المضحكات أيضا أن الجيش الأمريكي أعلن قبل عشرين يوما عن سقوط ثلاث طائرات هليوكوبتر بينها واحدة شينوك، بينما قال أن الخسائر كانت جريحا واحدا فقط.
كما نقلت الأخبار ردة فعل من حركة فتح على فوز حماس كشفت ما كانت بعض قيادات فتح تستره من تعاون حد الاستخذاء الخياني مع اليمين الإسرائيلي. استخذاء زاد من جرمه وعاره القانون الذي سنه مندوبو فتح آخر يوم لهم في البرلمان.
ويوم أمس زارت الملاّية إبراهيم إشيقر الكيشوانها سستاني للرشاد والإستقواء. ولا جديد، إنما الجديد أن ملا بعمامة بيضاء كان يرقص على العتبة خلف أشيقر، أما احتفاءً بها أو إنه لازال تحت تأثير حشيش التشابيه!
إلا أننا نختص من عموم الأحداث ما يلي:
أولا
في الأخيرتين من جلسات المحكمة المهزلة، وعدا عن العنفوان والصمود البطولي للمدعى عليهم، فقد عشنا في هاتين الجلستين تغيرين ملموسين: أولهما هفوت ما ظهر به الحاكم الحلبجي الجديد من حقد وعصبية بعد أن أخذ المدعى عليهم (بوشه) في الجلسات السابقة وجعلوه أمامهم كالتلميذ المستجد. ومن هنا وجدناه في هاتين الجلستين متعاطفا مع المدعى عليهم متجاوبا مع آرائهم آخذ بما يقولون ويمنحهم الوقت الكامل للتعبير عن رأيهم. بل قد قال له السيد برزان التكريتي بالحرف: ((دعني أعلمك بعض الأمور، وهذا لمصلحتك!)). أما التغير الثاني، فهو قراءة شهادة الشهود والمشتكين غيابيا والترميز لاسمائهم بفلان، وبما يشكل سابقة فريدة في التاريخ.
وسيان، أكانت هذه الشهادة هي مواصفات القضاء الطرزاني أم الأمريكي أم قضاء رواديد اللطم والزناجيل، فالنتيجة النهائية أن الإخوة مراجع العراق الدينيين الوطنيين، شيعة وسنة وغيرهم من طوائف العراق، يسمعون ويرون هذه المهزلة ولا يحركون ساكنا. وهو ما لم أتوقعه. فالمرجع يقول رأي الدين والشرع بما يجري حتى لو كان الذي يجري قصاص لظالم. فكيف والمهزلة تجري على من هو شئنا أم أبينا رمز سيادة العراق واستقلاله، وأن المحكمة باطل أسس له وبناه أمحتلون وبالخلاف من الشرعة الدولية، وسيتحمل الشعب العراقي وحده نتائج القصاص الذي سيفترضه هؤلاء المحتلون وغلمانهم!؟
المهم، أن سؤالا صار يتردد على ألسن الناس وفي قلوبهم، وموجه إلى كل مراجع الدين والطوائف في العراق، وأنقل إلى من يهمه الأمر مضمونه وهو:
هل تسجل وقائع هذه المحكمة المهزلة رسميا لعهد انفصال العدل عن الدين؟!
ثانيا
في تجمع لمندوبين عن الاشتراكية الدولية في كوبنهاجن ألقيت الأحد 060205 محاضرة عن المقاومة الوطنية العراقية الباسلة. وقد تفاهمت مع رفيق أن يدس سؤالا عن جريمة الإساءة إلى الرسول الأكرم محمد ص من قبل الصحيفة الدنماركية يولان بوسطن. وتضمن جوابي موقف الكادر الوارد في البيانات السابقة، وأن ما أتته الحكومة الدنماركية هو أسوأ أشكال سياسة الوجهين. فهي ستقوم قيامتها وتتدخل لو نشرت إحدى الصحف ما يفهم أنه يسيء إلى مشاعر اليهود، أو لو أنقص أحدهم عدد الهالكين منهم في معسكرات النازية المزعومة فردا واحدا فقط أو لو رسم أحدهم النبي موسى أو يعقوب بما رسم به الرسول. ولاحظت تجاوب الحضور مع هذه المسلمات، مثلما أضاف أحدهم أن المسيح عليه السلام تعرض للسباب والشتم من قبل الصحافة الدنماركية أو الصحافة الأوربية عموما وجرى تصويره بأوضاع مزرية، لكن الحكومة سكتت. بينما حين حاول أحدهم تصويره بملابس هتلر، علمت الحكومة الدنماركية مباشرة ومنعت المقال قبل نشره وطرد الكاتب من عمله.
هذا ما يقوله المواطنون الدنماركيون أنفسهم.
لكن بعض الأقلام الرخيصة ودائمة الانتصار للعدو على أهلها، طالبت بعدم تأجيج الموقف، على اعتبار أن عنصرية ما ضد المهاجرين هي التي أدت إلى نشر هذه الصور، خاصة وقد شوهت عمليات المقاومة صورة الإسلام كما يقولون.
ومقدما فليقطع هؤلاء الكتبة الأمل من أن تتوقف المقاومة لتحسين صورة. ذلك أن الصورة الأجمل للعرب والمسلمين هي في عزة أنفسهم واستقلالهم ودفاعهم عن أوطانهم. وأمور تحسين الصور مضى زمنها واستهلكت من الجهود ما لم يستهلكه شيء ولم تنفع. ويوم أمس فقط حكمت محكمة نمساوية على كاتب بريطاني بثلاث سنين سجن لأنه شكك بالهلاكوست، رغم أنه أوربي مسيحي غير (إرهابي) وأستاذ باحث أكاديمي في التاريخ. أي أنه حسن الصورة من كل الجوانب. كما ليس في الأمر عنصرية مطلقا. ولا عنصرية بين الاسكندنافيين تجاه المهاجرين. فلا أحد اجبرهم على قبول المهاجرين أصلا ليتعنصروا ضدهم، ولا الأجنبي يعيش في هذه الدول بأسوأ مما يعيشه المواطن. لو لم يكن العكس هو الصحيح. حيث المواطن يتعب ويعمل ويدفع الضرائب ليستلمها المهاجر بلا عمل، ومعها كامل الحقوق بالسكن والضمان والخدمات وغيرها. والحق يقال أننا نحن المهاجرين نعزو ما لا تسمح القوانين لنا باستحواذه، إلى لعنصرية. أي إننا نحن من يرفع سيف العنصرية وليس هم. ونحن نتحسس من أطفالهم لو شاركوا أطفالنا اللعب، ونتحسس حتى من توافه كأن يوقف مواطن منهم سيارته بموقف تعود أحدنا أن يوقف سيارته فيه.
وعام 1992 أبرم المليادير الإسرائيلي يول هامر عقدا ببيع شركة الفولفو التي يرأس مجلس إدارتها إلى شركة رينو الفرنسية. فانتبه الشعب السويدي، وتململ. ولكي لا تثور ثائرته، عمد اللوبي الصهيوني في السويد إلى ثلاثة أمور في وقت واحد، في أن نبشوا عدة قبور يهودية وحركوا الصحف السويدية المملوكة لهم وبلا استثناء لتبكي العداء لسامية، وأخفّضوا الكرون السويدي إلى النصف نتيجة تحكمهم بأكبر خمس شركات وأكبر خمس بنوك في السويد. مثلما تآمروا أو يقال هكذا، فأسقطوا طائرة مقاتلة سويدية كانت طور التجربة، فألغيت عقود مبرمة مسبقا على هذه الطائرة بعشرات المليارات. وهي أمور أجبرت ملك السويد وليحتوي الأزمة أن يظهر بالقبعة اليهودية ويخطب متظلما من عداء شعبه السويدي للسامية. هذا وهو يعلم اليقين أن العلاقات بين شعوب اسكندنافيا وبينها وبين بقية الشعوب، هي حقا مثال لبقية الشعوب.
وأيامها، وحيث كانت واحدة من التهم الموجهة إلي هي العداء للسامية، رغم أني لا أعرف ما يعنيه هذا العداء وكيف يكون؛ يومها اكتشفت أن الإسكندنافيين حصرا هم أكثر ما يكونوا حقدا على اللوبي الذي يستخدم تهمة اللاسامية عليهم.
من هنا، فلو تطاولت أحد المؤسسات في اسكندنافيا على مقدس غير يهودي، فمجبرة مأمورة محركة من مالكي القرار (المالي والإعلامي) المعروفين. أي ليس للشعب الدنماركي في حالة إساءات صحفية اليولان بوستن أعلاه، يد في الأمر. لكن هذا لا ولن ولا يجب أن يعني عدم القصاص. فالقصاص شرعة أصلها للتأديب والإصلاح. ولا تؤدب الشعوب وحاشى الشعب الدنماركي العظيم وأن يفكر احد بتأديبه. إنما تأديب حكومته التي تبرعت وأخذت على عاتقها جناية لم يكن للشعب الدنماركي فيها من مصلحة، ولا هي قضية رأي عام بتاتا. ولقد تصرفت هذه الحكومة كالكلب المسعور الذي حرضه سيده على عابر سبيل. وقبل أعوام فقط ركع البابا يوحنا بولص الثاني على ركبتيه أمام حائط المبكى وقدم اعتذارا خطيا على جريمة الهلاكوست التي صنعها الخيال. ركع البابا، واركع معه كل المسيحية المظلومة أصلا من اليهودية. واليهود حتى اليوم يستنكفون من رسم الصليب، ويرمزون إلى عملية الجمع الحسابية بنقطة تجنبا لرسم إشارة الزائد المشابهة للصليب. وإلى اليوم يطلقون على السيد المسيح اسم (إبن البثـّة) أي اللقيط. والحديث يطول عن الحقد اليهودي على المسيحية وتعاليمها ما بالك واليهود حصرا وبقيادة قيافا وشوا بالمسيح. وعموما لنا عود إلى هذا الموضوع بالتفصيل. المهم لابد من القصاص من رئيس حكومة الدنمارك، وبسلاح المقاطعة فقط، حتى يركع رئيس وزراء الدنمارك على مدخل الكعبة ويعتذر رسميا وخطيا. وعندها فقط سيتلقن اليمين الأوربي المتصهين درسا قاسيا فيكف عن لعب دور الكلب المسعور عند السيد الصهيوني.
السؤال المحير هو متى تكف الصهيونية عن التآمر على الشعوب، ولماذا تتآمر أصلا؟!
والسؤال الهام ماذا سيفعل اليمين الصهيوني لو أن عشرة كتاب ومفكرين أصرّوا على مواصلة تفنيد حكاية الهلاكوست، حتى وهم في السجون؟!
والسؤال الأهم هو، لم سكت آل الحكيم وإشيقر عن هذه الإهانة المشينة للرسول الأعظم بينما ثارت ثائرتهم ضد فضائية الجزيرة وفيصل القاسم، لإهانة مفترضة للكيشوان البهيم سستاني؟
ثالثا
تحت عنوان (( 500 كلمة لربيع بغداد القادم )) أصدر قبل الغزو بستة أشهر 25 من كتبة يدعون أنهم عراقيون بيانا بشر بأنهار من عسل وويسكي في عراق ما بعد التحرير(!) الأمريكي(!) الفاضل(!). وقد عالجت البيان آنها وبينت أنه ملقن لهؤلاء الكتبة، وأوضحت علاقته ببيان سابق عليه قبل 35 سنة منه لما سمي وقتها بربيع براغ. وكان بين الموقعين عليه سيد له فضل علي وهو الدكتور عقيل الناصري. ووقتها اتصل معاتبا على علاجي الحاد للبيان، مدعيا أن اسمه ورد خطأ بين الموقعين. فطالبته بسحب توقيعه، فرفض بحجة الحرج. لكن تبين أنه وقعه أملا بموقع ما في عراق التحرير الأمريكي. على أن موقف هذا السيد بقي أهون من غيره من الموقعين على البيان أو مناصرو مشروع الاحتلال الذين أخص بالذكر منهم أخا السيدة فاطمة المحسن، وشخص آخر انتحل عدة أسماء بينها الوائلي.
ومعلوم أن مفاهيم كالجهاد والوطنية والدفاع عن العرض والحيض ومقاومة الاحتلال والدفاع عن مصالح المسحوقين، هذه، وكذلك نقائضها كالتخاذل والخيانة وإعانة الغزاة على الوطن وبمازوشية فاقعة، هذه المفاهيم كلها تعتمد أساسا على تكوين الفرد العائلي والعرفي ونظافة الحليب الذي رضعه، أكثر منها على الدراسة الأكاديمية وسعة المطالعات. اللهم سوى في حالة اللبس.
فما يلتبس على العامي البسيط لا يفترض أن يلتبس على الأكاديمي، الذي من خلال مؤهلاته لابد ولديه صورة ولو شمولية لما يحدث تحت احتلال. وقياسا على الحالة العراقية، فقد اتضح عام 2000 أن أمريكا بصدد احتلال العراق، وما كانت تدعيه من حجج هي ذاتها ألغتها نهائيا قبيل بدء العمليات العسكرية بإسبوعين حين أعلن بوش قائلا: (( حتى لو استقال صدام وغادر بغداد فسأحتل العراق!)). ومن تجارب الشعوب السابقة، ومن التحليل المنطقي كان لابد وأن تصل الأحداث إلى ما هي عليه الآن في عراق. والمحتل جاء لنفط العراق، وقد أخذه. والمحتل جاء ليسلب العراق وقد سلبه، وجاء ليطمر الحصانة الروحية المتمثلة بالتراث الثقافي والحضاري والديني للعراق، ليعيد تصنيعه حسب ما يريد. وكل احتلال يدفع لردة تذهب بالوجه المشرق للدين والأعراف لصالح الهرطقة والشعوذة والدجل، فتقاد العامة من جهلة جلاوزة يعلمون اليقين أن زوالهم مع زوال الجهل ذاته. وكان لابد لهذا المحتل وأن يشجع الطائفية والمذهبية ويقسم العراق حسب المسلمة التي سارت عليها كل الاحتلالات السابقة في التاريخ وهي (فرّق تسد). والمتفرقون شيعا وميليشيات لابد ويقتتلون وإن لم يفعلوا حرضهم المحتل أو جلاوزته. وسيتحول الصراع السياسي ضمن القطيع الموالي للمحتل، إلى صراع حضوة وحسب. ومن يخسر صراع الكسب عبر الحضوة سيلجأ إلى عالم الجريمة الذي سيكون رحبا واسعا بدفع المحتل ذاته وبغياب الأمن. وحال عراق اليوم غنية عن التوصيف.
المهم إن عواقب الاحتلال كانت ماثلة إن لم يدركها الأكاديمي بالفطرة، فبالحساب البحت. لكننا فوجئنا بكتبة، رغم معرفتهم بالنتائج المترتبة على الاحتلال، يكشفون عن طوية وتركيبة نفسية بعيدة عن حدود التصور في المازوشية والخدمة للعدو. فقد ذيل بعضهم مقالاته بجملة (( أهلا بالحرية! )). وآخر، وهو مهندس نفط، وحين فرغت جعبة نزقه صاح متظلما: (( لماذا بالله عليكم تضعون العصي في عجلة الحل الأمريكي؟! )). ثم كتب لاحقا قائلا: ((أنا مثلا أرى بالنسخة الإسرائيلية لعلم العراق، شيء جميل يستأهل أن نقبله)). وكاتب ثالث رغم تخطيه السادسة والسبعين تغزل كغلام بفحولة بوش، وذيل مقالاته بتوقيع (مشجن المحروسة). ورابع راح يضحك فيما سماه أول أيام الاحتلال (زمن الانتصار). على أن الأسوأ بين هؤلاء الكتبة على الإطلاق خمسة تأنف حتى بغايا التلخانات (سراديب التحشيش) من أن تلد مثلهم. وهم تحديدا جاسم مطير، كاظم حبيب، عزيز حاج، عادل حبه، وعبدالخالق حسين. وجميعهم شيوعيون مرتدون، وجميعهم تخطوا السبعين من العمر. بل قد كتب عبدالخالق حسين وهو طبيب متقاعد قائلا: ((إن قتلى الجيش الأمريكي في العراق هم شهداؤنا، أما قتلى العراقيين بسبب عمليات قوات التحالف، ولو كانوا بمئات الألوف، فهم بمثابة التشذيب، أو مخلفات العملية الجراحية. وفي كل عملية جراحية يجري بتر وجروح ودماء! )). وجاسم مطير فكتب يقول: ((هنيئا للعراق وشعبه تعيين السيد بول بريمر لإدارته، فبول بريمر يعرفه جميع العالم، وتعرفه أم حسين وأم نبيل وكل نساء العراق الشريفات، وهو سيجعل العراق يسبح في النعيم مما يثير حسد الدول المجاورة، وأنا سأغير رأيي لو اقتنعت لاحقا بأن الواقع في العراق هو احتلال وليس تحريرا )) والثلاثي كاظم حبيب وعزيز وعادل حبه، فصاروا يسدون مطولات النصائح للأمريكان عن كيفية محاربة الإرهابيين والفلول.
ما أعنيه، أن كتبة من أمثال هؤلاء لابد وتخطوا من المحظور ما يؤهلهم لمضاجعة أمهاتهم أرضاءً للمحتلين. بغير هكذا نفسية، كان من المحال عليهم أن يكتبوا ما كتبوه. ومن تأنف حتى البغي من ولادة مثله، سيكون محال عليه أيضا أن يكتب شيئا، سوى الظهور بمظهر المخدوع سابقا أو المجبور على كتابة ما قد كتب. وقد عرفنا حالة كتاب وشعراء القادسية، المنقلبون الآن على أنفسهم.
المهم أن هؤلاء الكتاب سيتراجعون عما سبق وقالوه ولكن ليظهروا بمظهر الذين خدعهم المحتلون. ولا غرابة!
فكيف وبم سنجعل هؤلاء المنحطين يشعرون بجريرة تزويقهم للاحتلال الذي أوصل العراق إلى هذه الحال؟ وهل حقا نحن بحاجة لأن نجعلهم يشعرون بالجريرة؟
أعني هل للخنازير المحتضرة أمثالهم من قيمة لنعمد إلى إشعارهم بشيء؟؟
رابعا
تحرك الأخ مقتدى الصدر بين الدول أخيرا فاشتبهت على المتابعين الأمور. بعضهم افترضه شطارة منه، وبعضهم افترضه شطارة من غيره.
ولربما استعاد السيد مقتدى مسلسل الأحداث للعشرين عاما التي سبقت الاحتلال، وتنبه لدور جيران العراق الرائد(!) في مصيره. فالسعودية زودت آل الحكيم بما لا يقل عن 500 مليون دولار دعما(!) لنضالهم، ذلك الشيء الذي فعلته عائلة آل الصباح لآل الحكيم فدفعت لهم هي الأخرى 500 مليون دولار بالتمام والكمال. وإيران هي التي مكنت لهؤلاء السماسرة وأمثالهم ودربتهم وهيأت لهم سبل التسلل إلى العراق مثلما غسلت أموالهم. وفعلت سوريا الشيء ذاته إضافة إلى أنها كانت رقيب علاقتهم بإسرائيل. بينما الأردن المهندس المختفي أو المايسترو المحرك لهذا الجوق عن بعد. ومن هنا تشاطر الأخ مقتدى، كما يفترضون، فلعب أو بدأ يلعب على العامل الإقليمي، فدر عليه بأول 200 مليون دولار من خادم الحرمين، أو هكذا يشاع.
ويقال أيضا أن السيد مقتدى أخبر خادم الحرمين بأن مقامرته على الكديش علاوي لن تمنح السعودية التأثير المناسب لحجمها في العراق.
ولو صح هذا فأوافق الأخ مقتدى عليه. فالسمسار لا يقود السماسرة ما لم يكن أقواهم. والدجال لا يقود الدجالين ما لم يكن أنجسهم. بينما الكديش علاوي فشل بأول تجربة تزوير حرّة وفي مسرحية الانتخابات الأخيرة. حيث ترك الأمريكان للعراقيين حرية التزوير ليروا أي المزورين أشد، فكان تزوير عليوي الأضعف والأشد بؤسا مقابل ما فعله ملالي إيران.
المهم إن الأخ مقتدى، وبعد ارتكاسه الوطني وتحالفه مع آل الحكيم الذين قتلوا أباه وتعاونوا على قتل الصدر الأول وهم من أخذ على عاتقه الجزء الأكبر في المعارك التي جرت مع جيش المهدي. هذا المقتدى، وبحجة الحفاظ على وحدة الشيعة، انتهج طوعا ما انتهجه كل من تحجج قبله بمظالم الشيعة. ومقتدى اليوم نسخة طبق الأصل من سلوك ودعاوى المقبور باقر حكيم قبل الاحتلال، بما في ذلك تبرعه بالدفاع عن إيران وليس العراق. سوى فرق واحد، وهو أن المقبور الزنيم باقر حكيم مكن لدول الجوار بأن تلعب بمصير العراق بعد الاحتلال. بينما مقتدى، ويا لسوء المآل، يمهد لأن يلعب الجيران بمصير العراق تحت الانتداب. ومثلما تحملت كتائب باقر حكيم أمر التمهيد الطلائعي (العسكري والتجسسي وتوفير الأسباب) للاحتلال، حوّل مقتدى كتائب جيشه إلى طلائع مخابراتية لصالح العدو واشتركها في قتال ضد المواطنين. وهو الآن ينوي تولي الوزارات الخدمية، ليتحمل عبء تشغيل ماكنة الدولة لصالح المحتلين، وعب الفشل في توفير الخدمات الأولية للمواطنين. بينما يترك الوزارات السيادية للمحتلين فيوفر لهم التنعم بنتاج الاحتلال والتحكم بالقرار أيضا.
ولا ندري من جر رجل مقتدى إلى هذا المنزلق، لكن الذي ندريه أن مقتدى فقد المشيتين. فلا الأمريكان سيرون به أكثر من عبد مأمور منفذ وحسب، ولا الشعب العراقي سيثق به وقد ارتد إلى هذا المنقلب. ومن هنا جعلوه مجرد قربان ينتظر اللحظة المناسبة. وقد يضحي به الأمريكان كمبعث محتمل لحرب أهليه. وقد يقتله آل الحكيم غيرة، أو يقتله الإشيقريون ليستحوذوا على جمهوره.
السؤال الآن هو هل حقا لازال أحد في المنطقة يعتقد أن للعامل الإقليمي تأثير على الوضع في العراق؟!
ومن أين جاءت بديهة أن تحالف الشيعة مع الأمريكان يمنحهم حقوقهم المهضومة، وما هي الحقوق المهضومة، أهي تلك الهرطقات التي عشناها قبل أيام في ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام؟؟؟
وهل من يقول أن هكذا هرطقات تكفي لإنشاء دولة؟
خامسا
حلت لحظة الجد بين إيران والتحالف الانجلوسكسوني، ولأسباب لو كان الملف النووي الإيراني بينها فليس الرئيس منها قطعا.
ولمباعث كثيرة أفترض أن إيران تمتلك ثلاثة رؤوس نووية على الأقل اشترتها من الإتحاد السوفييتى خلال فترة انهياره، وتحديدا من منطقة سيبيريا. وعلى أية حال فعام 1994 أعلن السيد الكسندر ليبد بأن عدة رؤوس نووية فقدت من مخزون سيبيريا، بعضها بطول المتر تقريبا. وإن لم يتأكد هذا فالمؤكد أن خبراء من الصناعات الذرية السوفييتية السابقة عملوا في إيران حتى الأمس القريب وبرواتب مجزية. وحيث أنتشر خبراء الصناعات النووية السوفييت في كل العالم طلبا للرزق، فلاشك أن بعضهم تعاقد مع أمريكا وأوربا وإسرائيل. وعبرهم تمكن المعنيون من تحديد إمكانيات إيران النووية.
أقول قد عرفت أمريكا إمكانيات إيران على حقيقتها. وحتى لو كان المخزون النووي الإيراني بموازاة مثيله الباكستاني، فقيادة إيران، كقيادة باكستان، مضمونة ولا خوف منها ولا هم يحزنون. من هنا فلابد أن ما فاقم أزمة ما يسمى بملف إيران النووي هو ليس قدرات إيران النووية الفعلية، إنما شيء آخر هو دونما شكوك ما آلت إليه الأحوال في العراق. وسابقا قد غضت أمريكا الطرف عن ملف غيران مقابل تعاون إيران باحتلال العراق وأفغانستان. ولكن الأمور تطورت في أنجاه مغاير، وانقلب السحر على الأمريكان في هذين البلدين، وتبين أن المقاومة الوطنية فيهما ليست شديدة البأس ومؤلمة الضربات وحسب، وإنما لا تعبأ بالعامل الدولي ولا تتأثر بمؤتمرات ولا مانحين ولا تستمع لأحد. ولهذا السبب انتهت قيمة إيران كعامل ذي شأن في هذين البلدين. كما إن القيادة السياسية الأمريكية بحاجة لأزمة تشغل بها الرأي العام عن الخسائر المريعة على ميدان المعارك. وفوق هذا صعد لرئاسة إيران السيد أحمدي نجادي، فصعد معه التوجه الوطني الراديكالي في إيران على حساب تيار الملالي الأمريكية.
وبعيد الاحتلال كانت أمريكا قد ادعت مرارا بتسرب من تسميهم بالإرهابيين من إيران إلى العراق. وهو ادعاء علم المتابعون أنه لتسويق ملالي إيران ومرجعيتهم العملية في العراق. ومعلوم أيضا أن حتى لو غار بعض الوطنيين الإيرانيين على إخوتهم في العراق وأرادوا المشاركة في قتال المحتلين، فحكومة إيران ستمنعهم هي أو عبر أعوانها في فيلق بدر وغيرهم. أو عبر أجهزة مخابراتهم العديدة. المهم كان معلوما أن دعوات أمريكا عن التسريب، اسطوانة يراد بها التسويق وحسب. وهي اسطوانة عادت أمريكا قبل أسبوع لتعزفها من جديد.
ولن ينفع العزف هذه المرة.
فمن تكرار العزف السابق صارت مملة، ما بالك وهي تعزفها حسب شروطها ومصالحها وليس مصالح أوربا أو غيرها من العالمين.
المهم أن لن يستمع أحد لإسطوانة أمريكا هذه المرة،، رغم بعض الصدق الذي تقوله.
فهناك تسريب حقيقي هذه المرة، ولكن بشكل آخر تماما. فبلعبة متقنة، مثلت المقاومة الوطنية العراقية مسرحية اقتتال لعشائر في الرمادي مع كتائب من المقاومة والقاعدة حصرا. وتحت ستار هذه اللعبة نقلت المقاومة نشاطها ليشمل الاحواز وبلوشستان، فيتشكل جسر غاية في الخطورة يربط أفغانستان بالعراق يتحرك عبره المقاتلون بحرية. ومن هنا زاد بشكل ملحوظ نشاط العمليات في جنوب العراق مثلما وبدأت الاستشهاديات في أفغانستان ولأول مرة، ينفذها أما عراقيون أو أتباع منظمات جهادية عراقية.
أي أن أمريكا اختلقت كذبة، حولها الله سبحانه إلى واقع فحاق المكر بأهله.
ولكن لندع الأمريكان يتفذلكون، ولندع قرائح كتبتهم تجود بما استطاعت، وليسر هذا أو ذاك على خطى باقر أو أي خائن في التاريخ. فلا مناص في النهاية من أمر واحد وهو أن الأمريكان خارجون وبقوة سلاح جيش تحرير العراق.
هذه هي الحقيقة الوحيدة، وكل ما عاداها عوابر. وليكن الأمريكان على بينة من أن أي أمل يحسبونه استجد لبقائهم في العراق، سيستجد معه ألف عامل لهزيمتهم. والقدر قال كلمته بجبروتهم وختم الله على أبصارهم فلن يعود لهم من مفر عن ذلك المصير الذي لحق بكل الغزاة الذين بغوا وتجبروا في التاريخ!
شبكة البصرة
الثلاثاء 22 محرم 1427 / 21 شباط 2006
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس