منصور بالله
21-02-2006, 09:58 PM
مظاهرة بنغازي تتحول إلى انتفاضة
Gmt 16:45:00 2006 الثلائاء 21 فبراير
. عمر الكدي
--------------------------------------------------------------------------------
مظاهرة بنغازي تتحول إلى انتفاضة شاملة ضد النظام الليبي
بعد سقوط إحدى عشر قتيلا وخمسة وثلاثين جريحا في مظاهرة بنغازي الجمعة الماضية 17 فبراير، تحولت المظاهرة السلمية التي نظمها النظام ظاهريا للاحتجاج على وزير الإصلاحات الايطالي "كالدارولي"،الذي ارتدى قميصا عليه بعض الصور الدانماركية،ولكن السبب الخفي هو الاحتجاج على موافقة الحكومة الايطالية على إعادة التحقيق في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر،وأيضا للتأثير في الانتخابات الايطالية المقبلة،والتي يتمنى القذافي أن يفوز بها صديقه المقرب برودي.
يقول شهود عيان أن المظاهرة فقدت طابعها السلمي عندما بدأ أفراد من رجال الدعم المركزي في استفزاز الجمهور،ورد جمهور المظاهرة بملاسنات انتهت إلى اشتباك مع رجال الأمن،وتطورت إلى محاولة مستميتة لاقتحام القنصلية الايطالية،وتمكن شاب في الخامسة عشر من عمره من الصعود الى سطح المبنى،وانتزاع العلم الايطالي،فأطلق عليه النار أحد أفراد الدعم المركزي،وعندها التهب الموقف وخرج كليا عن السيطرة.استخدمت قوات الدعم المركزي القنابل المسيلة للدموع،وأطلقوا الرصاص الحي في صدور المتظاهرين،وكان بين الذين يطلقون النيران رجال يرتدون ملابس مدنية بعضهم مقنع يعتقد أنهم أعضاء في اللجان الثورية،وفي أجهزة الاستخبارات،ولكنهم لم يتمكنوا من إيقاف الجماهير الغاضبة التي اقتحمت القنصلية وأضرمت النيران في الدور الأول.
حاول النظام احتواء غضب واستياء سكان ثاني أكبر المدن الليبية بإعفاء وزير الأمن العام نصر المبروك من منصبه وتحويله إلى النائب العام للتحقيق معه،وأيضا بإقالة كل القيادات الأمنية في المدينة من مناصبهم والتحقيق معهم،وأيضا بإعلانه يوم الأحد 19فبراير يوم حداد في كل أنحاء البلاد،واعتبار الذين سقطوا في المظاهرة شهداء،وإرساله ببعض الجرحى في طائرة خاصة لتلقي العلاج في أوروبا،وأخيرا بسحبه لكل أفراد الدعم المركزي من شوارع المدينة،إلا أن كل هذه الإجراءات لم تنجح في تهدئة الجماهير الثائرة التي عادت في صباح السبت لتضرم النيران في الدور الثاني من القنصلية الايطالية،ومقر الاتحاد الأوروبي في المدينة،ثم تحولت إلى مباني الدولة،والرموز الأيديولوجية للنظام مثل مثابات اللجان الثورية، ومركز دراسات وأبحاث الكتاب الأخضر،وبين يومي السبت والاثنين تمكن المتظاهرون من حرق أربعة مراكز للشرطة،ومبنى البحث الجنائي،وتمكنوا من اقتحام مديرية أمن بنغازي،وحرق مبنى الضرائب،وبنك الوحدة،ومبنى صندوق الضمان الاجتماعي،ويقدر عدد المباني الحكومة التي أضرمت فيها النيران بحوالي ثلاثين مبنى أغلبها في مركز المدينة.
اختفت الشرطة من شوارع المدينة إلا أمام مستشفى الجلاء حيث تواجدت بكثافة وشكلت طوقا أمنيا لمنع الأهالي من دخول المستشفى للاطمئنان على الجرحى واستلام جثث القتلى.كان النظام يحاول منع تنظيم جنازة شعبية للشهداء،حتى لا تتحول الجنازة إلى مناسبة أخرى للاحتجاج والتظاهر،وهكذا أخرجت الجثث سرا ودفنت على عجل في جنازة حضرها الرسميون في المدينة الذين القوا على عجل كلمات قصيرة لتأبين الشهداء،وعندما علم أهالي الضحايا بذلك هاجموا رجال الأمن وتمكنوا من إضرام النيران في مبنى إداري تابع للمستشفى.
في ظهيرة يوم الاثنين 20 فبراير توافدت على المدينة قوات عسكرية ضخمة،تتقدمهم قوات الصاعقة المتمركزة في بوعطني قرب بنغازي،والقوات الخاصة،وكتيبة الساعدي المتمركزة في سرت معقل النظام،وكتيبة الفضيل بو عمر المتمركزة في الجبل الأخضر،وقوات الردع،وكتائب الحرس المكلفة بحماية رأس النظام،وكذلك كتيبة صواريخ تعرف في ليبيا بصواريخ الجراد المحمولة على شاحنات،وتمركزت على الفور في المراكز الإستراتيجية للمدينة،وأمام المقار الحكومية،وفي الساعة الثامنة مساء أعلنت إذاعة بنغازي المحلية عن تطبيق قانون الطوارئ في المدينة،وتطبيق حظر التجول،ولكن الأمور لم تكن بهذه السهولة فحتى كتابة هذه السطور في الساعة العاشرة ليلا بتوقيت أوروبا لا يزال القتال يجري بعنف في مركز المدينة،وخاصة في شارع جمال عبد الناصر أكبر شوارع المدينة المطل على الميناء.
بنغازي كانت دائما مرشحة للانتفاض بسبب تاريخها الغني بانتفاضاته سواء ضد العهد الملكي،أو ضد حكم القذافي،ففي سنة 1964 خرج طلبة بنغازي في مظاهرة صاخبة سقط فيها ثلاثة شهداء،عرفوا بشهداء يناير،وتمكن هؤلاء الشهداء من إسقاط الحكومة، وفي سنة 1976 تظاهر طلبة جامعة بنغازي وكل مدارسها ضد نظام القذافي،وأضرموا النيران في مبنى الاتحاد الاشتراكي،وواجههم النظام بعنف لا مثيل له،وعلق قادة الانتفاضة على حبل المشانق أمام نفس المبنى المحترق،وترك جثثهم تتدلى لمدة يوم كامل.لم يغفر أهالي بنغازي للقذافي تدميره لضريح شيخ الشهداء عمر المختار،ونقل رفاته إلى قرية سلوق التي شنق بها عام 1931،لأن الضريح كان ملتقى المظاهرات وكل أنواع الاحتجاجات،ومن المصادفة أن مظاهرة الجمعة الماضية انطلقت مع على بعد أمتار من مكان الضريح،كما لم تغفر بنغازي للقذافي تدميره لأكبر أنديتها وأكثرهم شعبية وهو نادي الأهلي البنغازي المشهود له بالوطنية لأن الذي أسسه هو جمعية عمر المختار،أهم الأحزاب الوطنية في شرق ليبيا قبيل الاستقلال.
تتميز بنغازي بتركيبة سكانية غنية،تكاد تلخص أعراق ليبيا أكثر من أي مدينة أخرى بما في ذلك طرابلس أكبر المدن الليبية،واستطاعت بنغازي إذابة كل هذه الفوارق في بوتقة فريدة،حتى سميت "برباية الذائح " أي مربية المتشرد،وكانت قد تعرضت للإهمال من نظام القذافي بسبب تمردها،وانعكس هذا الإهمال سلبا على البني رض،وآخر جرائم النظام في عام 2005 هو اعتقال وتعذيب الصحافي ضيف الغزال الذي وجدت جثته على أحد شواطئ بنغازي،وعليها آثار التعذيب الشديد وعدة طعنات،وطلقة في الرأس،وكانت أصابع يده اليمنى مبتورة،وهي الأصابع التي كتب بها مقالاته الغاضبة التي هدد فيها بكشف الفساد،وأرسلها إلى مواقع الكترونية،وحتى الآن لم يكشف النظام أي مسئول عن الجريمة حتى الآن.
بنغازي تتعرض إلى هجوم عسكري كاسح بأسلحة ثقيلة،وليس لدى أهلها إلا بعض البنادق والقليل من الذخيرة التي تمكنوا من الاستيلاء عليها من مراكز الشرطة التي اقتحموها،وفي نشرة التاسعة والنصف المسائية،قال التلفزيون الليبي ليبرر تواجد كل هذه القوات في بنغازي،أن هناك مناورات عسكرية على نقطة لم تحدد على الساحل الليبي لمواجهة إنزال معادي،ويقود هذه القوات ثلاثة من أبناء القذافي هم الساعدي والمعتصم وخميس،بالاضافة الى اللواء أبوبكر يونس جابر القائد العام للقوات المسلحة،وخليفة حنيش أبن عم القذافي.
قد يتمكن القذافي من قمع بنغازي بطريقة شرسة تشبه ما حدث في مخيم جنين،وسط صمت غريب من وسائل الإعلام العربي والدولي،ولكن لو انتفضت المدن الليبية الأخرى وخاصة طرابلس وسبها،فان ذلك يعني بداية النهاية لنظام القذافي.
Gmt 16:45:00 2006 الثلائاء 21 فبراير
. عمر الكدي
--------------------------------------------------------------------------------
مظاهرة بنغازي تتحول إلى انتفاضة شاملة ضد النظام الليبي
بعد سقوط إحدى عشر قتيلا وخمسة وثلاثين جريحا في مظاهرة بنغازي الجمعة الماضية 17 فبراير، تحولت المظاهرة السلمية التي نظمها النظام ظاهريا للاحتجاج على وزير الإصلاحات الايطالي "كالدارولي"،الذي ارتدى قميصا عليه بعض الصور الدانماركية،ولكن السبب الخفي هو الاحتجاج على موافقة الحكومة الايطالية على إعادة التحقيق في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر،وأيضا للتأثير في الانتخابات الايطالية المقبلة،والتي يتمنى القذافي أن يفوز بها صديقه المقرب برودي.
يقول شهود عيان أن المظاهرة فقدت طابعها السلمي عندما بدأ أفراد من رجال الدعم المركزي في استفزاز الجمهور،ورد جمهور المظاهرة بملاسنات انتهت إلى اشتباك مع رجال الأمن،وتطورت إلى محاولة مستميتة لاقتحام القنصلية الايطالية،وتمكن شاب في الخامسة عشر من عمره من الصعود الى سطح المبنى،وانتزاع العلم الايطالي،فأطلق عليه النار أحد أفراد الدعم المركزي،وعندها التهب الموقف وخرج كليا عن السيطرة.استخدمت قوات الدعم المركزي القنابل المسيلة للدموع،وأطلقوا الرصاص الحي في صدور المتظاهرين،وكان بين الذين يطلقون النيران رجال يرتدون ملابس مدنية بعضهم مقنع يعتقد أنهم أعضاء في اللجان الثورية،وفي أجهزة الاستخبارات،ولكنهم لم يتمكنوا من إيقاف الجماهير الغاضبة التي اقتحمت القنصلية وأضرمت النيران في الدور الأول.
حاول النظام احتواء غضب واستياء سكان ثاني أكبر المدن الليبية بإعفاء وزير الأمن العام نصر المبروك من منصبه وتحويله إلى النائب العام للتحقيق معه،وأيضا بإقالة كل القيادات الأمنية في المدينة من مناصبهم والتحقيق معهم،وأيضا بإعلانه يوم الأحد 19فبراير يوم حداد في كل أنحاء البلاد،واعتبار الذين سقطوا في المظاهرة شهداء،وإرساله ببعض الجرحى في طائرة خاصة لتلقي العلاج في أوروبا،وأخيرا بسحبه لكل أفراد الدعم المركزي من شوارع المدينة،إلا أن كل هذه الإجراءات لم تنجح في تهدئة الجماهير الثائرة التي عادت في صباح السبت لتضرم النيران في الدور الثاني من القنصلية الايطالية،ومقر الاتحاد الأوروبي في المدينة،ثم تحولت إلى مباني الدولة،والرموز الأيديولوجية للنظام مثل مثابات اللجان الثورية، ومركز دراسات وأبحاث الكتاب الأخضر،وبين يومي السبت والاثنين تمكن المتظاهرون من حرق أربعة مراكز للشرطة،ومبنى البحث الجنائي،وتمكنوا من اقتحام مديرية أمن بنغازي،وحرق مبنى الضرائب،وبنك الوحدة،ومبنى صندوق الضمان الاجتماعي،ويقدر عدد المباني الحكومة التي أضرمت فيها النيران بحوالي ثلاثين مبنى أغلبها في مركز المدينة.
اختفت الشرطة من شوارع المدينة إلا أمام مستشفى الجلاء حيث تواجدت بكثافة وشكلت طوقا أمنيا لمنع الأهالي من دخول المستشفى للاطمئنان على الجرحى واستلام جثث القتلى.كان النظام يحاول منع تنظيم جنازة شعبية للشهداء،حتى لا تتحول الجنازة إلى مناسبة أخرى للاحتجاج والتظاهر،وهكذا أخرجت الجثث سرا ودفنت على عجل في جنازة حضرها الرسميون في المدينة الذين القوا على عجل كلمات قصيرة لتأبين الشهداء،وعندما علم أهالي الضحايا بذلك هاجموا رجال الأمن وتمكنوا من إضرام النيران في مبنى إداري تابع للمستشفى.
في ظهيرة يوم الاثنين 20 فبراير توافدت على المدينة قوات عسكرية ضخمة،تتقدمهم قوات الصاعقة المتمركزة في بوعطني قرب بنغازي،والقوات الخاصة،وكتيبة الساعدي المتمركزة في سرت معقل النظام،وكتيبة الفضيل بو عمر المتمركزة في الجبل الأخضر،وقوات الردع،وكتائب الحرس المكلفة بحماية رأس النظام،وكذلك كتيبة صواريخ تعرف في ليبيا بصواريخ الجراد المحمولة على شاحنات،وتمركزت على الفور في المراكز الإستراتيجية للمدينة،وأمام المقار الحكومية،وفي الساعة الثامنة مساء أعلنت إذاعة بنغازي المحلية عن تطبيق قانون الطوارئ في المدينة،وتطبيق حظر التجول،ولكن الأمور لم تكن بهذه السهولة فحتى كتابة هذه السطور في الساعة العاشرة ليلا بتوقيت أوروبا لا يزال القتال يجري بعنف في مركز المدينة،وخاصة في شارع جمال عبد الناصر أكبر شوارع المدينة المطل على الميناء.
بنغازي كانت دائما مرشحة للانتفاض بسبب تاريخها الغني بانتفاضاته سواء ضد العهد الملكي،أو ضد حكم القذافي،ففي سنة 1964 خرج طلبة بنغازي في مظاهرة صاخبة سقط فيها ثلاثة شهداء،عرفوا بشهداء يناير،وتمكن هؤلاء الشهداء من إسقاط الحكومة، وفي سنة 1976 تظاهر طلبة جامعة بنغازي وكل مدارسها ضد نظام القذافي،وأضرموا النيران في مبنى الاتحاد الاشتراكي،وواجههم النظام بعنف لا مثيل له،وعلق قادة الانتفاضة على حبل المشانق أمام نفس المبنى المحترق،وترك جثثهم تتدلى لمدة يوم كامل.لم يغفر أهالي بنغازي للقذافي تدميره لضريح شيخ الشهداء عمر المختار،ونقل رفاته إلى قرية سلوق التي شنق بها عام 1931،لأن الضريح كان ملتقى المظاهرات وكل أنواع الاحتجاجات،ومن المصادفة أن مظاهرة الجمعة الماضية انطلقت مع على بعد أمتار من مكان الضريح،كما لم تغفر بنغازي للقذافي تدميره لأكبر أنديتها وأكثرهم شعبية وهو نادي الأهلي البنغازي المشهود له بالوطنية لأن الذي أسسه هو جمعية عمر المختار،أهم الأحزاب الوطنية في شرق ليبيا قبيل الاستقلال.
تتميز بنغازي بتركيبة سكانية غنية،تكاد تلخص أعراق ليبيا أكثر من أي مدينة أخرى بما في ذلك طرابلس أكبر المدن الليبية،واستطاعت بنغازي إذابة كل هذه الفوارق في بوتقة فريدة،حتى سميت "برباية الذائح " أي مربية المتشرد،وكانت قد تعرضت للإهمال من نظام القذافي بسبب تمردها،وانعكس هذا الإهمال سلبا على البني رض،وآخر جرائم النظام في عام 2005 هو اعتقال وتعذيب الصحافي ضيف الغزال الذي وجدت جثته على أحد شواطئ بنغازي،وعليها آثار التعذيب الشديد وعدة طعنات،وطلقة في الرأس،وكانت أصابع يده اليمنى مبتورة،وهي الأصابع التي كتب بها مقالاته الغاضبة التي هدد فيها بكشف الفساد،وأرسلها إلى مواقع الكترونية،وحتى الآن لم يكشف النظام أي مسئول عن الجريمة حتى الآن.
بنغازي تتعرض إلى هجوم عسكري كاسح بأسلحة ثقيلة،وليس لدى أهلها إلا بعض البنادق والقليل من الذخيرة التي تمكنوا من الاستيلاء عليها من مراكز الشرطة التي اقتحموها،وفي نشرة التاسعة والنصف المسائية،قال التلفزيون الليبي ليبرر تواجد كل هذه القوات في بنغازي،أن هناك مناورات عسكرية على نقطة لم تحدد على الساحل الليبي لمواجهة إنزال معادي،ويقود هذه القوات ثلاثة من أبناء القذافي هم الساعدي والمعتصم وخميس،بالاضافة الى اللواء أبوبكر يونس جابر القائد العام للقوات المسلحة،وخليفة حنيش أبن عم القذافي.
قد يتمكن القذافي من قمع بنغازي بطريقة شرسة تشبه ما حدث في مخيم جنين،وسط صمت غريب من وسائل الإعلام العربي والدولي،ولكن لو انتفضت المدن الليبية الأخرى وخاصة طرابلس وسبها،فان ذلك يعني بداية النهاية لنظام القذافي.