منصور بالله
10-02-2006, 09:47 PM
أسرار خطيرة تتعلق بزيارة الملك الأردني الى واشنطن
أسرار خطيرة تتعلق بزيارة الملك الأردني الى واشنطن
بقلم: سمير عبيد *
نستطيع الجزم أن بفضل الظروف والأحداث والمتغيرات السياسية التي طرأت في المنطقة أصبحت الأحداث تسير لصالح دمشق، وذلك بفضل الدبلوماسية السورية التي سجلت بعض الإنتصارات، وبفضل الدعم العربي على المستوى المنظماتي والشعبي، وبفضل ثبات القيادة السورية على المبادىء التي طرحتها على لسان الرئيس السوري بشار الأسد من على مدرجات جامعة دمشق، ومن خلال كلمته للمحامين العرب الذين إجتمعوا في دمشق قبل فترة من الآن.
ولكن هذا لا يعني أن واشنطن تخلت عن أهدافها التي تريدها في سوريا، والتي تريد من خلالها إكمال أو إنتشال مشروعها الإمبراطوري في المنطقة والذي تضعضع في العراق، وكي تجبر دمشق على توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل من خلال نظام جديد متطوع سلفا لهذه المهمة، ولهذا لن تتخلى واشنطن عن سيناريو عزل النظام حتى إسقاطه، أو إسقاطه بطريقة ما، ولهذا لابد من اليقضة والحذر، والعمل على إستراتيجية معينة بواسطتها تستطيع دمشق قلب الموازين سياسيا وإستراتيجيا لتجعل واشنطن في حيرة من أمرها لتجنح نحو العقلنة من خلال الحفاظ على مصالحها مقابل عدم العبث في سوريا، ودعم سوريا في الإصلاح الذي يلائم المجتمع السوري، خصوصا وإن الطريقة الإصلاحية التي تريدها واشنطن أثبتت فشلها الذريع.
فإن ما نراه الآن من ليونة في مواقف واشنطن الإعلامية والتصعيدية ضد دمشق، والتي توحي الى أن هناك ودا وتقاربا بين العاصمتين ، بل هي نوعا من التكتيك الأميركي، وبضغط من بعض العواصم التي تهم واشنطن في المنطقة وفي مقدمتها تل أبيب وعمان وغيرها، ولكن الحقيقة أن واشنطن مستمرة في دعم البرامج التي هدفها تفكيك الجبهة الداخلية في سوريا، وذلك من خلال إستعمال الشبكة العنكبوتية ــ الأنترنيت ــ حيث هناك أحزابا ومنظمات ومجموعات مدعومة من واشنطن لها برامجها التي تبثها بطرق مختلفة للداخل السوري، وهناك تنظيمات برعاية واشنطن وعلى شكل ـــ نقاط ومجموعات ــ داخل الجامعات السورية، وداخل بعض المؤسسات مهمتها العمل بهدوء وضمن توجيهات أميركية وسورية منغمسة بالمشروع الأميركي، وهذا ليس تحريضا من جانب الكاتب ضد هذه القطاعات، ولكن ما نكتبه إستنادا الى معلومات يلاحقها المختصون منذ فترة ، وسجلتها بعض المراكز الإستراتيجية المختصة بشؤون المنطقة.
وغاية واشنطن إحداث فجوات في الجبهة الداخلية السورية، يقابله سيناريو خفي تشرف عليه وكالة المخابرات المركزية ( سي أي أي ) فقط، وله هدفان (الأول) الوصول للصقر الأول ــ لا سمح الله ـــ والهدف (الآخر) إختراق الصقور التي تحيط بالصقر الكبير في حالة عدم الوصول مباشرة للصقر الأكبر، وهي خطة أميركية معدلة عمل عليها رئيس الوكالة السابق ــ جورج تينت ــ في منتصف التسعينات ضد شخص صدام حسين، وضد معاونيه المهمين والمقربين والمؤثرين إنطلاقا من المنطقة الشمالية في العراق، وفشل فشلا ذريعا رغم الملايين التي صُرفت على تلك الخطة.
لذا نتوقع بعون الله تفشل خطتهم أيضا بإتجاه سوريا، وستذهب الملايين التي غدقوها و يغدقوها منذ فترة وهذه الأيام على هكذا مخططات لا إنسانية، وتعتبر جرائم ضد الإنسانية، وتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لذا فمهما كانت الأخطاء من جانب النظام السوري، ومهما كانت الفجوات بين بعض المجموعات السورية والنظام يجب عدم السماح بهكذا سيناريو مرعب، حيث في حالة نجاحه ــ لا سمح الله ــ سيُدخل سوريا والشعب السوري في متاهات وأنفاق لا تختلف عن متاهات وأنفاق العراق، وستزيد في تفتت وتحطيم المنطقة والشعوب العربية.
لهذا يجب العمل من قبل تلك المجموعات التي تعارض النظام، أو التي لها حقوق لدى النظام من خلال الضغط من أجل فتح باب الحوار، و بشرط رفع مصلحة الوطن والشعب عاليا وأولا ،كي يتم الإتفاق على الإصلاح والتصالح والمصالحة التي تقود البلاد الى بر الأمان، وتبعده عن الخطر المحدق به تحت شعارات واهية لم يتحقق منها شيئا في العراق، فنتمنى أن تكون تلك المجوعات والأحزاب على قدر عال من المسؤولية، وكذلك نناشد النظام أن يكون على قدر عال من الحرص والتواضع والتحرك بإتجاه هذه المجموعات وبإتجاه الشعب، ليكون هناك برنامجا واضحا للإصلاح، والذي لابد أن يبدأ من خلال إبعاد اللصوص والإنتهازيين والمتعبين ( بفتح العين) والمتعبين ( بكسر العين).
لذا نحذّر من الوقوع في مربع الإستعمار الجديد، والذي يلوّح بالحرية والديموقراطية والجنة الموعودة، فإنظروا صوب العراق وإعطوا جوابكم من خلال صمودكم وإلتفافكم على وطنكم وشعبكم، ولا تنخدعوا يا أبناء سوريا، ومهما كان خلافكم مع نظامكم، وإبتعدوا عن تصريحات البعض والذين يصبون الزيت على النار من أجل إحراق بلدهم من خلال تصديقهم لوعود شخصية وحزبية، فهؤلاء تطوعوا مجانا في المشروع الخطير نحو بلدهم من خلال تلك التصريحات الخطيرة والمحظورة، فللعلم هناك حقيقة معروفة ومنتشرة بين أوساط المراكز والمعاهد الإستراتيجية الأوربية تقول ( إن حتى شيراك وبوش وسولانا وغيرهم مقتنعون أن سوريا بريئة من دم الحريري) فبحثهم يصب في خانة ربما هناك خيط أو مجموعة سورية لها صلة بمقتل الحريري دون علم النظام ــ وهو مجرد شك وتخمين ــ.
أما الضغط على سوريا من قبل هؤلاء وغيرهم جاء لكسب تنازلات سياسية من دمشق ليتنفس المشروع الأميركي وقوات الإحتلال في العراق، لهذا ركبوا الموجه، ولهذا نستغرب عندما يقع بعض المعارضين السوريين بهذا الفخ الخطير، فحال وصولهم الى باريس وعواصم الغرب يصرحون لوسائل الإعلام الأميركية والغربية والعربية المؤجرة من قبل أصحاب المشروع الأميركي، وكأنهم يستلمون التصريح من موظف إستعلامات الفندق ، أو من سائق التاكسي الذي ينقلهم من المطار ليقول بعضهم ( نعم إن النظام السوري له يد بإغتيال الحريري، وبعضهم قال إن للرئيس بشار يد بمقتل الحريري) وكأن هؤلاء يعيشون مع الرئيس في بيته، وهي وسيلة من وسائل النفخ على الفاضي كما يقول المثل الشعبي.
لذا أصبحت التصريحات و القضية عبارة عن مسرحية يصدقها البعض، ويطلقها من أجل العفارم، ومن أجل بعض الإمتيازات الشخصية من باريس وواشنطن وتل أبيب ومن الشيخ المودرن، لذا أصبحت القضية كقضية بعض العرب والمسلمين ــ الإنبطاحيين ــ والذين حال وصولهم الى أوربا يكونوا نصارى ويأكلون الخنزير، ويصبغون شعر رؤوسهم باللون الأصفر الفاقع، وبعضهم يضع الأقراط في أذنيه كي يندمج في المجتمع الأوربي والأميركي من وجهة نظره، وكي يقبلوه ويعتبرونه واحدا منهم حسب قناعاته هو ، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما بل هناك إنتقاد وإشمئزاز من الأكثرية في الشارع الأوربي والأميركي من هذه الأصناف ، لأنها أصنافا إنتهازية و منافقة تفكر بمصلحتها، وليس لها هوية ولا إنتماء، وبالتالي يحتقرها المواطن الأوربي والأميركي ، وأننا نتوقع من هؤلاء وضع غطاء الرأس الهندي فيما لو ذهبوا للهند، وتحت شعار سرعة الإندماج الواهية .
لذا فهؤلاء السياسيين المساكين حقا لا يختلفون عن أصحاب الأقراط واللون الفاقع ، والذين يستحقون الشفقة كونهم يريدون الدخول في المحفل الليبرالي الجديد وبأي طريقة، فجاءوا من خلال التصريحات الهدامة وغير المسؤولة، كي يقولون عنهم أنهم من الليبراليين الجُدد، وهو مصطلح يُطلق على هؤلاء الذين يروجون للمشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة، ويروجون للغزو الثقافي، ويعتبرون الرئيس بوش نبيهم، وتشيني وشارون ورامسفيلد أئمتهم.
أحلام أردنية مبعثرة!
النظام الأردني يعيش نوعا من الإحباط، وعلى أكثر من ساحة كان يراهن عليها لتكون مخالب قط لصالحه، وبالتالي تكون لصالح الولايات المتحدة وبريطانيا، فمن الساحات التي آلمت النظام في الأردن هو فقدان نفوذه في العراق من خلال خسارة قائمة الدكتور أياد علاوي في الإنتخابات الأخيرة، حيث تقهقر الأخير الى المرتبة الرابعة، فالرجل يُعتبر رجل الأردن في العراق، حيث كانت الأردن هي الحاكم الفعلي للعراق في زمن الحكومة المؤقتة ، والتي كان رئيسها الدكتور علاوي، ورغم هذا لم تيأس عمان، لهذا دعمت وشجعت ومعها السفير الأميركي في العراق ــ خليل زاه ـــ ليكون هناك إئتلافا بين القوائم الفائزة الأخرى وفي مقدمتها ( قائمة التوافق + قائمة علاوي + قائمة الحوار + قائمة المصالحة + قائمة كردية صغيرة) ليكون مجموعها حوالي 89 صوتا، وهدفها إرباك الساحة السياسية في العراق، ولإحراج قائمة الأئتلاف الشيعي، وعدم ترك الساحة العراقية الى إيران ، وهنا أن الأردن لا تريد الوقوف ضد إيران لمصلحة العراقيين، بل هي تريد الإستحواذ على العراق وتنصيب عملاؤءها فيه، أما الشعب العراقي فلا يريد إيران ولا عمان، بل يريد أبناءه الشرفاء ،لذا فعمل ونخوة الأردن ليس لوجه الله ولا من أجل العراقيين، بل لديها أحلام بإعادة الحلف الهاشمي مع العراق لتستفرد بالعراق وخيراته، ولديها أحلام حتى بعودة نفوذ ( الشريف حسين) في الجزيرة ــ نجد والحجاز ـــ وهناك إتفاقيات سرية مع واشنطن ولندن بهذا الإتجاه .
ولكن المقاومة العراقية، والنفوذ الإيراني في العراق قلب جميع تلك الخطط والموازين، ولهذا صرّح من قبل الملك الأردني عبد الله الثاني محذرا من ( الهلال الشيعي) الذي سيطوق المنطقة من لبنان حتى السعودية، ومن هنا أعطى الضوء الأخضر لمخابراته بالتسلل الى المخيمات الفلسطينية في لبنان من أجل رسم الخطط والسيناريوهات في لبنان، وذلك لتأجيج اللبنانيين ضد النفوذ الإيراني والسوري، وضد نفوذ حزب الله، ولقد باشرت تلك المخابرات حتى قبل مقتل (الحريري) بفترة مناسبة ولا زالت، والغاية هي تحطيم رأس ( الهلال الشيعي) الذي تخوّفت منه عمان، ولأجل هذا خلقت عمان هناك أي في لبنان مخالب قط إعلامية ومخابراتية مهمتها تشكيل لوبي ضاغط ضد أيران وسوريا وضد حزب الله، ولكن رغم هذه النجاحات لم تتنفس عمان الصعداء بل جاء فوز (الأئتلاف الشيعي) في الإنتخابات العراقية، وصعود نجم الرئيس الإيراني ( أحمدي نجاد) وجعل إيران تنعم بالراحة في العراق، يقابله قلق أردني كبير، حيث أصحبت عمان هي الطرف الأضعف في العراق، حيث تقهقرت الى داخلها، فتبعتها المفاجأة الصاعقة وهي فوز ( منظمة حماس) وبعد إنتخابات ديموقراطية فريدة ــ كان الفضل للرئيس أبو مازن بإنجاحها ــ والتي سبقتها زيارة كبيرة في وقعها وحجمها وإستراتيجياتها وهي زيارة الرئيس الإيراني الى ( دمشق) حيث إلتقى بالرئيس الأسد، وبمنظمات فلسطينية مهمة، ناهيك عن إجتماعه مع السيد خالد مشعل ومع السيد حسن نصر الله، فلم يبق أمام عمان إلى الهرولة نحو البيت الأبيض من خلال زيارة الملك الأردني الأخيرة الى واشنطن، والتي جاءت تحت شعار ( إننا خائفون فإيران على أبوابنا ،والهلال يكاد يكون بدرا... فما هو المخرج)، والذي أقلق فريق المشروع الأميركي في المنطقة.
ضربة إسرائيلية مرتقبة تكون مباغته لطهران!
تشير بعض التقارير السرية والتي تتداولها بعض المراكز الإستراتيجية والعسكرية المهمة في أوربا أن هناك ضربة عسكرية مباغته نحو طهران وبقيادة إسرائيل، وذلك بعلم واشنطن وبعض العواصم الأوربية، وبعض العواصم العربية الحليفة لواشنطن، حيث ستقوم إسرائيل بتوجيه ضربة قوية وسريعة نحو المنشآت النووية الإيرانية، وكذلك نحو القواعد البحرية ومنصات الصواريخ ( شهاب) الإيرانية، وسوف تدين واشنطن العملية وتطالب الجميع بضبط النفس، بل ستنتقد واشنطن العمل الإسرائيلي بشدة، والغاية الإيحاء بأن الضربة إسرائيلية وبقرار إسرائيلي، كي تحافظ واشنطن على الوضع في العراق، وتحمي جنودها في العراق من ردة فعل إيران ونفوذها في العراق، ولكن السؤال العسكري والإستراتيجي المهم: هل وصلت إلى إسرائيل طائرات من نوع خاص لهذه المهمة، حيث المتعارف عليه إن لدى إسرائيل طائرات إف ــ 15 وطائرات إف ــ 16 وهذه طائرات لا تمكن إسرائيل من التوغل داخل العمق الإيراني والوصول الى المنشآت النووية البعيدة إلا من خلال طائرات نوع أف ـ 35 والتي تصل إسرائيل في مطلع عام 2007 وحسب الإتفاقية التي وقعها وزير الدفاع الإسرائيلي موفاز مع وزير الدفاع الأميركي رامسفيلد قبل أشهر.
لذا هل هناك إحتمالية عودة الطائرات المغيرة الى قواعد أميركية في الخليج أو في جورجيا وغيرها، أم ستنطلق من هذه القواعد أو من بعض المطارات السرية العربية التابعة لبعض الدول القريبة من إيران والتي لها علاقات قوية مع إسرائيل بشكل سري وغير سري؟.
وهل أن التصريح الفرنسي بإستعمال السلاح النووي ضد أي تهديد والذي جاء على لسان الرئيس شيراك يقع ضمن علم باريس بالضربة الإسرائيلية المباغتة لطهران، أي جاء التصريح بمثابة تحذير إيران من توجيه ضرباتها نحو أوربا والمصالح الأوربية، فنحن نعتقد أنه تحذير الى طهران.
تكتيك مرحلي بإتجاه دمشق..هل ستبلع دمشق الطعم.. أم ستُبلعهم هي الطعم؟
ولنبقى في في صلب الضربة أي قرار الضربة والتي على ما يبدو أصبحت على الأبواب، ولا يعيقها غير التفاهم مع دمشق أو التقارب مع دمشق، كي لا تكون هناك مفاجآت على الحدود السورية مع إسرائيل، وعلى الحدود اللبنانية مع إسرائيل، ولهذا يريد الملك (عبد الله الثاني) لعب دور الوسيط هذه المرة بين واشنطن ودمشق، والغاية هي ترطيب الأجواء مرحليا وتكتيكيا، ولكن هل ستبلع الطعم دمشق أم أنها متيقضة الى اللعبة الأردنية الأميركية والتي أجبرتها الظروف للتفكير في ترطيب الأجواء مع دمشق؟.
وإن الخوف من نوايا عمان لها مبرراتها، وأهمها المعسكرات الأردنية التي تأوي وتدرب مليشيات ( سعد الحريري) بها، وكذلك هناك معسكرات لتدريب مليشيات تابعة الى ( سمير جعجع) وكذلك التصريحات التي خرجت عن الملك الاردني وبعض أركان الحكومة الأردنية ضد دمشق، وإصدار قانون الإرهاب في عمان والذي غايته قطع الطريق إستباقيا على جميع الفعاليات التي ستوالي دمشق في الشارع الأردني والمؤسسات الأردنية، وخصوصا من التيار الإسلامي والقومي والعروبي.
لذا فهناك خطة خبيثة لإيهام سوريا بأنها مرضي عنها، وهي إكمال نصف الشوط الذي بدأته القاهرة والرياض والتي أجبرت سعد الحريري على التخفيف من إنتقاداته لدمشق، وأجبرت عبد الحليم خدام على السكون المرحلي، فحسب إعتقادنا لابد لدمشق من التفكير مليا قبل التورط في قبول هذا الغزل الذي فرضته وستفرضه الظروف على واشنطن وعمان، وعلى بعض العواصم التي تدور في فلك واشنطن، ومنها الإشارات الطيبة التي صدرت من لندن وعلى لسان رئيس الوزراء توني بلير والتي سبقت زيارة الملك الأردني الى واشنطن والتي هي جزء من إستراتيجية الترطيب مع دمشق نتيجة الظروف وليس نتيجة القناعة.
لذا على السوريين تشكيل خلية أزمة إستراتيجية( مدنية وعسكرية وحزبية وإستراتيجية ودبلوماسية) كي يتم الخروج بمقررات تحفظ دمشق ولا تدع الآخرين يضحكون عليها، ولا تدعهم يتنصلون منها خصوصا وإن عمان وواشنطن مجبرتان على التقارب مع سوريا، والغاية هي ( تفكيك الهلال الشيعي) ولهذا قال الملك الأردني خلال لقاءه مع الرئيس جورج بوش ( نحذر من خطورة محاصرة النظام السوري وعزل السلطة الفلسطينية بقيادة حماس... أي دعا الى تهدئة الأوضاع المتفاقمة) وتبعه الرئيس الأميركي جورج بوش ليقول ( لقد تسنى لنا بعض الوقت أنا والملك عبد الله لإجراء حديث إستراتيجي حول ما يجري في العالم.... ولقد تحدثنا عن العراق وإيران والأراضي الفلسطينية) ولكن لا ندري ما ذا يقصد الملك الأردني بعبارة ( محادثات مثمرة) فهل وافق الرئيس بوش على خطة الملك بتحطيم الهلال الشيعي سياسيا ومحاصرته من خلال الشروع نحو تلطيف الأجواء مع دمشق؟
خصوصا وإن الملك عبد الله الثاني لم يخف خوفه ورعبه من إيران ومن الهلال الشيعي الذي أصبح حديث الملك مع أي زائر وأي دولة، حيث أعرب عن قلقه من محاولات قوى إقليمية متطرفة زعزعة الإستقرار في المنطقة ( وهي إشارة واضحة الى إيران) ولكنه ربما أصر للخروج من اللغة الدبلوماسية، ليقول كلاما صريحا وهو( إن إيران قد تستخدم نفوذها في العراق وسوريا ولبنان لتهديد أمن وإستقرار المنطقة في حال واصلت واشنطن ضغوطها على طهران من دون إستبعاد الخيار العسكري لتعطيل برنامج إيران النووي) وهي إشارة أن الملك مع جميع التوجهات ضد طهران، ولكنه يرى أنه لابد من تفكيك الحلف الإيراني السوري اللبناني أولا، وذلك من خلال الخطوة الأولى وهي سحب دمشق نحو واشنطن ــ تكتيكيا ــ ومن هنا قذف الملك إشارة مهمة في الملعب السوري أو داخل حديقة قصر الرئيس السوري بشار الأسد عندما قال ( إن إستهداف النظام السوري بالإصرار على إغلاق الباب أمام أي مخرج أمامه في مواجهة التحقيق الدولي في جريمة إغتيال الحريري) وكذلك قذف إشارة في طريق السيد خالد مشعل عندما أردف قائلا ( وعند عدم تحقيق إنفراج على الجبهة الفلسطينية من خلال عزل حماس ومعاقبتها إقتصاديا) فهاتين السياستين إتجاه النظام السوري وحماس سيخلقان ظروفا تؤدي الى زعزعة الإستقرار الإقليمي برمته، وتهديد القوى المعتدلة في المنطقة ــ حسب قول الملك الأردني ـــ وكان يقصد بالقوى المعتدلة النظام في الأردن ومن معه وهي إشارة خوف ورعب من الجانب الأردني.
لذا سيبقى السؤال مستمرا : من سيبلع الطعم أولا...؟
وهل هي بارقة أمل نحو دمشق أم أنها معضلة جديدة؟
وفي حالة قبول دمشق الغزل الأميركي عن طريق عمان، فماهو مصير العلاقة الخاصة والحلف بين دمشق وطهران؟
فهل ستلعب دمشق دور الوسيط بين واشنطن وطهران في المستقبل القريب أو المتوسط؟
أم إن إسرائيل لا تريد ذلك وستخلط الأوراق قبل إنضاج الإحتمالات التي وردت أعلاه؟
نعم إن المنطقة كلها تقف على كف عفريت نتيجة عدم عدل واشنطن ومعها العالم الغربي، ونتيجة غباء السياسة الأميركية في العراق والمنطقة كلها!!.
كاتب ومحلل سياسي
مركز البحوث والمعلومات / أوربا
11/2/2006
samuroff@hotmail.com
أسرار خطيرة تتعلق بزيارة الملك الأردني الى واشنطن
بقلم: سمير عبيد *
نستطيع الجزم أن بفضل الظروف والأحداث والمتغيرات السياسية التي طرأت في المنطقة أصبحت الأحداث تسير لصالح دمشق، وذلك بفضل الدبلوماسية السورية التي سجلت بعض الإنتصارات، وبفضل الدعم العربي على المستوى المنظماتي والشعبي، وبفضل ثبات القيادة السورية على المبادىء التي طرحتها على لسان الرئيس السوري بشار الأسد من على مدرجات جامعة دمشق، ومن خلال كلمته للمحامين العرب الذين إجتمعوا في دمشق قبل فترة من الآن.
ولكن هذا لا يعني أن واشنطن تخلت عن أهدافها التي تريدها في سوريا، والتي تريد من خلالها إكمال أو إنتشال مشروعها الإمبراطوري في المنطقة والذي تضعضع في العراق، وكي تجبر دمشق على توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل من خلال نظام جديد متطوع سلفا لهذه المهمة، ولهذا لن تتخلى واشنطن عن سيناريو عزل النظام حتى إسقاطه، أو إسقاطه بطريقة ما، ولهذا لابد من اليقضة والحذر، والعمل على إستراتيجية معينة بواسطتها تستطيع دمشق قلب الموازين سياسيا وإستراتيجيا لتجعل واشنطن في حيرة من أمرها لتجنح نحو العقلنة من خلال الحفاظ على مصالحها مقابل عدم العبث في سوريا، ودعم سوريا في الإصلاح الذي يلائم المجتمع السوري، خصوصا وإن الطريقة الإصلاحية التي تريدها واشنطن أثبتت فشلها الذريع.
فإن ما نراه الآن من ليونة في مواقف واشنطن الإعلامية والتصعيدية ضد دمشق، والتي توحي الى أن هناك ودا وتقاربا بين العاصمتين ، بل هي نوعا من التكتيك الأميركي، وبضغط من بعض العواصم التي تهم واشنطن في المنطقة وفي مقدمتها تل أبيب وعمان وغيرها، ولكن الحقيقة أن واشنطن مستمرة في دعم البرامج التي هدفها تفكيك الجبهة الداخلية في سوريا، وذلك من خلال إستعمال الشبكة العنكبوتية ــ الأنترنيت ــ حيث هناك أحزابا ومنظمات ومجموعات مدعومة من واشنطن لها برامجها التي تبثها بطرق مختلفة للداخل السوري، وهناك تنظيمات برعاية واشنطن وعلى شكل ـــ نقاط ومجموعات ــ داخل الجامعات السورية، وداخل بعض المؤسسات مهمتها العمل بهدوء وضمن توجيهات أميركية وسورية منغمسة بالمشروع الأميركي، وهذا ليس تحريضا من جانب الكاتب ضد هذه القطاعات، ولكن ما نكتبه إستنادا الى معلومات يلاحقها المختصون منذ فترة ، وسجلتها بعض المراكز الإستراتيجية المختصة بشؤون المنطقة.
وغاية واشنطن إحداث فجوات في الجبهة الداخلية السورية، يقابله سيناريو خفي تشرف عليه وكالة المخابرات المركزية ( سي أي أي ) فقط، وله هدفان (الأول) الوصول للصقر الأول ــ لا سمح الله ـــ والهدف (الآخر) إختراق الصقور التي تحيط بالصقر الكبير في حالة عدم الوصول مباشرة للصقر الأكبر، وهي خطة أميركية معدلة عمل عليها رئيس الوكالة السابق ــ جورج تينت ــ في منتصف التسعينات ضد شخص صدام حسين، وضد معاونيه المهمين والمقربين والمؤثرين إنطلاقا من المنطقة الشمالية في العراق، وفشل فشلا ذريعا رغم الملايين التي صُرفت على تلك الخطة.
لذا نتوقع بعون الله تفشل خطتهم أيضا بإتجاه سوريا، وستذهب الملايين التي غدقوها و يغدقوها منذ فترة وهذه الأيام على هكذا مخططات لا إنسانية، وتعتبر جرائم ضد الإنسانية، وتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لذا فمهما كانت الأخطاء من جانب النظام السوري، ومهما كانت الفجوات بين بعض المجموعات السورية والنظام يجب عدم السماح بهكذا سيناريو مرعب، حيث في حالة نجاحه ــ لا سمح الله ــ سيُدخل سوريا والشعب السوري في متاهات وأنفاق لا تختلف عن متاهات وأنفاق العراق، وستزيد في تفتت وتحطيم المنطقة والشعوب العربية.
لهذا يجب العمل من قبل تلك المجموعات التي تعارض النظام، أو التي لها حقوق لدى النظام من خلال الضغط من أجل فتح باب الحوار، و بشرط رفع مصلحة الوطن والشعب عاليا وأولا ،كي يتم الإتفاق على الإصلاح والتصالح والمصالحة التي تقود البلاد الى بر الأمان، وتبعده عن الخطر المحدق به تحت شعارات واهية لم يتحقق منها شيئا في العراق، فنتمنى أن تكون تلك المجوعات والأحزاب على قدر عال من المسؤولية، وكذلك نناشد النظام أن يكون على قدر عال من الحرص والتواضع والتحرك بإتجاه هذه المجموعات وبإتجاه الشعب، ليكون هناك برنامجا واضحا للإصلاح، والذي لابد أن يبدأ من خلال إبعاد اللصوص والإنتهازيين والمتعبين ( بفتح العين) والمتعبين ( بكسر العين).
لذا نحذّر من الوقوع في مربع الإستعمار الجديد، والذي يلوّح بالحرية والديموقراطية والجنة الموعودة، فإنظروا صوب العراق وإعطوا جوابكم من خلال صمودكم وإلتفافكم على وطنكم وشعبكم، ولا تنخدعوا يا أبناء سوريا، ومهما كان خلافكم مع نظامكم، وإبتعدوا عن تصريحات البعض والذين يصبون الزيت على النار من أجل إحراق بلدهم من خلال تصديقهم لوعود شخصية وحزبية، فهؤلاء تطوعوا مجانا في المشروع الخطير نحو بلدهم من خلال تلك التصريحات الخطيرة والمحظورة، فللعلم هناك حقيقة معروفة ومنتشرة بين أوساط المراكز والمعاهد الإستراتيجية الأوربية تقول ( إن حتى شيراك وبوش وسولانا وغيرهم مقتنعون أن سوريا بريئة من دم الحريري) فبحثهم يصب في خانة ربما هناك خيط أو مجموعة سورية لها صلة بمقتل الحريري دون علم النظام ــ وهو مجرد شك وتخمين ــ.
أما الضغط على سوريا من قبل هؤلاء وغيرهم جاء لكسب تنازلات سياسية من دمشق ليتنفس المشروع الأميركي وقوات الإحتلال في العراق، لهذا ركبوا الموجه، ولهذا نستغرب عندما يقع بعض المعارضين السوريين بهذا الفخ الخطير، فحال وصولهم الى باريس وعواصم الغرب يصرحون لوسائل الإعلام الأميركية والغربية والعربية المؤجرة من قبل أصحاب المشروع الأميركي، وكأنهم يستلمون التصريح من موظف إستعلامات الفندق ، أو من سائق التاكسي الذي ينقلهم من المطار ليقول بعضهم ( نعم إن النظام السوري له يد بإغتيال الحريري، وبعضهم قال إن للرئيس بشار يد بمقتل الحريري) وكأن هؤلاء يعيشون مع الرئيس في بيته، وهي وسيلة من وسائل النفخ على الفاضي كما يقول المثل الشعبي.
لذا أصبحت التصريحات و القضية عبارة عن مسرحية يصدقها البعض، ويطلقها من أجل العفارم، ومن أجل بعض الإمتيازات الشخصية من باريس وواشنطن وتل أبيب ومن الشيخ المودرن، لذا أصبحت القضية كقضية بعض العرب والمسلمين ــ الإنبطاحيين ــ والذين حال وصولهم الى أوربا يكونوا نصارى ويأكلون الخنزير، ويصبغون شعر رؤوسهم باللون الأصفر الفاقع، وبعضهم يضع الأقراط في أذنيه كي يندمج في المجتمع الأوربي والأميركي من وجهة نظره، وكي يقبلوه ويعتبرونه واحدا منهم حسب قناعاته هو ، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما بل هناك إنتقاد وإشمئزاز من الأكثرية في الشارع الأوربي والأميركي من هذه الأصناف ، لأنها أصنافا إنتهازية و منافقة تفكر بمصلحتها، وليس لها هوية ولا إنتماء، وبالتالي يحتقرها المواطن الأوربي والأميركي ، وأننا نتوقع من هؤلاء وضع غطاء الرأس الهندي فيما لو ذهبوا للهند، وتحت شعار سرعة الإندماج الواهية .
لذا فهؤلاء السياسيين المساكين حقا لا يختلفون عن أصحاب الأقراط واللون الفاقع ، والذين يستحقون الشفقة كونهم يريدون الدخول في المحفل الليبرالي الجديد وبأي طريقة، فجاءوا من خلال التصريحات الهدامة وغير المسؤولة، كي يقولون عنهم أنهم من الليبراليين الجُدد، وهو مصطلح يُطلق على هؤلاء الذين يروجون للمشروع الأميركي والصهيوني في المنطقة، ويروجون للغزو الثقافي، ويعتبرون الرئيس بوش نبيهم، وتشيني وشارون ورامسفيلد أئمتهم.
أحلام أردنية مبعثرة!
النظام الأردني يعيش نوعا من الإحباط، وعلى أكثر من ساحة كان يراهن عليها لتكون مخالب قط لصالحه، وبالتالي تكون لصالح الولايات المتحدة وبريطانيا، فمن الساحات التي آلمت النظام في الأردن هو فقدان نفوذه في العراق من خلال خسارة قائمة الدكتور أياد علاوي في الإنتخابات الأخيرة، حيث تقهقر الأخير الى المرتبة الرابعة، فالرجل يُعتبر رجل الأردن في العراق، حيث كانت الأردن هي الحاكم الفعلي للعراق في زمن الحكومة المؤقتة ، والتي كان رئيسها الدكتور علاوي، ورغم هذا لم تيأس عمان، لهذا دعمت وشجعت ومعها السفير الأميركي في العراق ــ خليل زاه ـــ ليكون هناك إئتلافا بين القوائم الفائزة الأخرى وفي مقدمتها ( قائمة التوافق + قائمة علاوي + قائمة الحوار + قائمة المصالحة + قائمة كردية صغيرة) ليكون مجموعها حوالي 89 صوتا، وهدفها إرباك الساحة السياسية في العراق، ولإحراج قائمة الأئتلاف الشيعي، وعدم ترك الساحة العراقية الى إيران ، وهنا أن الأردن لا تريد الوقوف ضد إيران لمصلحة العراقيين، بل هي تريد الإستحواذ على العراق وتنصيب عملاؤءها فيه، أما الشعب العراقي فلا يريد إيران ولا عمان، بل يريد أبناءه الشرفاء ،لذا فعمل ونخوة الأردن ليس لوجه الله ولا من أجل العراقيين، بل لديها أحلام بإعادة الحلف الهاشمي مع العراق لتستفرد بالعراق وخيراته، ولديها أحلام حتى بعودة نفوذ ( الشريف حسين) في الجزيرة ــ نجد والحجاز ـــ وهناك إتفاقيات سرية مع واشنطن ولندن بهذا الإتجاه .
ولكن المقاومة العراقية، والنفوذ الإيراني في العراق قلب جميع تلك الخطط والموازين، ولهذا صرّح من قبل الملك الأردني عبد الله الثاني محذرا من ( الهلال الشيعي) الذي سيطوق المنطقة من لبنان حتى السعودية، ومن هنا أعطى الضوء الأخضر لمخابراته بالتسلل الى المخيمات الفلسطينية في لبنان من أجل رسم الخطط والسيناريوهات في لبنان، وذلك لتأجيج اللبنانيين ضد النفوذ الإيراني والسوري، وضد نفوذ حزب الله، ولقد باشرت تلك المخابرات حتى قبل مقتل (الحريري) بفترة مناسبة ولا زالت، والغاية هي تحطيم رأس ( الهلال الشيعي) الذي تخوّفت منه عمان، ولأجل هذا خلقت عمان هناك أي في لبنان مخالب قط إعلامية ومخابراتية مهمتها تشكيل لوبي ضاغط ضد أيران وسوريا وضد حزب الله، ولكن رغم هذه النجاحات لم تتنفس عمان الصعداء بل جاء فوز (الأئتلاف الشيعي) في الإنتخابات العراقية، وصعود نجم الرئيس الإيراني ( أحمدي نجاد) وجعل إيران تنعم بالراحة في العراق، يقابله قلق أردني كبير، حيث أصحبت عمان هي الطرف الأضعف في العراق، حيث تقهقرت الى داخلها، فتبعتها المفاجأة الصاعقة وهي فوز ( منظمة حماس) وبعد إنتخابات ديموقراطية فريدة ــ كان الفضل للرئيس أبو مازن بإنجاحها ــ والتي سبقتها زيارة كبيرة في وقعها وحجمها وإستراتيجياتها وهي زيارة الرئيس الإيراني الى ( دمشق) حيث إلتقى بالرئيس الأسد، وبمنظمات فلسطينية مهمة، ناهيك عن إجتماعه مع السيد خالد مشعل ومع السيد حسن نصر الله، فلم يبق أمام عمان إلى الهرولة نحو البيت الأبيض من خلال زيارة الملك الأردني الأخيرة الى واشنطن، والتي جاءت تحت شعار ( إننا خائفون فإيران على أبوابنا ،والهلال يكاد يكون بدرا... فما هو المخرج)، والذي أقلق فريق المشروع الأميركي في المنطقة.
ضربة إسرائيلية مرتقبة تكون مباغته لطهران!
تشير بعض التقارير السرية والتي تتداولها بعض المراكز الإستراتيجية والعسكرية المهمة في أوربا أن هناك ضربة عسكرية مباغته نحو طهران وبقيادة إسرائيل، وذلك بعلم واشنطن وبعض العواصم الأوربية، وبعض العواصم العربية الحليفة لواشنطن، حيث ستقوم إسرائيل بتوجيه ضربة قوية وسريعة نحو المنشآت النووية الإيرانية، وكذلك نحو القواعد البحرية ومنصات الصواريخ ( شهاب) الإيرانية، وسوف تدين واشنطن العملية وتطالب الجميع بضبط النفس، بل ستنتقد واشنطن العمل الإسرائيلي بشدة، والغاية الإيحاء بأن الضربة إسرائيلية وبقرار إسرائيلي، كي تحافظ واشنطن على الوضع في العراق، وتحمي جنودها في العراق من ردة فعل إيران ونفوذها في العراق، ولكن السؤال العسكري والإستراتيجي المهم: هل وصلت إلى إسرائيل طائرات من نوع خاص لهذه المهمة، حيث المتعارف عليه إن لدى إسرائيل طائرات إف ــ 15 وطائرات إف ــ 16 وهذه طائرات لا تمكن إسرائيل من التوغل داخل العمق الإيراني والوصول الى المنشآت النووية البعيدة إلا من خلال طائرات نوع أف ـ 35 والتي تصل إسرائيل في مطلع عام 2007 وحسب الإتفاقية التي وقعها وزير الدفاع الإسرائيلي موفاز مع وزير الدفاع الأميركي رامسفيلد قبل أشهر.
لذا هل هناك إحتمالية عودة الطائرات المغيرة الى قواعد أميركية في الخليج أو في جورجيا وغيرها، أم ستنطلق من هذه القواعد أو من بعض المطارات السرية العربية التابعة لبعض الدول القريبة من إيران والتي لها علاقات قوية مع إسرائيل بشكل سري وغير سري؟.
وهل أن التصريح الفرنسي بإستعمال السلاح النووي ضد أي تهديد والذي جاء على لسان الرئيس شيراك يقع ضمن علم باريس بالضربة الإسرائيلية المباغتة لطهران، أي جاء التصريح بمثابة تحذير إيران من توجيه ضرباتها نحو أوربا والمصالح الأوربية، فنحن نعتقد أنه تحذير الى طهران.
تكتيك مرحلي بإتجاه دمشق..هل ستبلع دمشق الطعم.. أم ستُبلعهم هي الطعم؟
ولنبقى في في صلب الضربة أي قرار الضربة والتي على ما يبدو أصبحت على الأبواب، ولا يعيقها غير التفاهم مع دمشق أو التقارب مع دمشق، كي لا تكون هناك مفاجآت على الحدود السورية مع إسرائيل، وعلى الحدود اللبنانية مع إسرائيل، ولهذا يريد الملك (عبد الله الثاني) لعب دور الوسيط هذه المرة بين واشنطن ودمشق، والغاية هي ترطيب الأجواء مرحليا وتكتيكيا، ولكن هل ستبلع الطعم دمشق أم أنها متيقضة الى اللعبة الأردنية الأميركية والتي أجبرتها الظروف للتفكير في ترطيب الأجواء مع دمشق؟.
وإن الخوف من نوايا عمان لها مبرراتها، وأهمها المعسكرات الأردنية التي تأوي وتدرب مليشيات ( سعد الحريري) بها، وكذلك هناك معسكرات لتدريب مليشيات تابعة الى ( سمير جعجع) وكذلك التصريحات التي خرجت عن الملك الاردني وبعض أركان الحكومة الأردنية ضد دمشق، وإصدار قانون الإرهاب في عمان والذي غايته قطع الطريق إستباقيا على جميع الفعاليات التي ستوالي دمشق في الشارع الأردني والمؤسسات الأردنية، وخصوصا من التيار الإسلامي والقومي والعروبي.
لذا فهناك خطة خبيثة لإيهام سوريا بأنها مرضي عنها، وهي إكمال نصف الشوط الذي بدأته القاهرة والرياض والتي أجبرت سعد الحريري على التخفيف من إنتقاداته لدمشق، وأجبرت عبد الحليم خدام على السكون المرحلي، فحسب إعتقادنا لابد لدمشق من التفكير مليا قبل التورط في قبول هذا الغزل الذي فرضته وستفرضه الظروف على واشنطن وعمان، وعلى بعض العواصم التي تدور في فلك واشنطن، ومنها الإشارات الطيبة التي صدرت من لندن وعلى لسان رئيس الوزراء توني بلير والتي سبقت زيارة الملك الأردني الى واشنطن والتي هي جزء من إستراتيجية الترطيب مع دمشق نتيجة الظروف وليس نتيجة القناعة.
لذا على السوريين تشكيل خلية أزمة إستراتيجية( مدنية وعسكرية وحزبية وإستراتيجية ودبلوماسية) كي يتم الخروج بمقررات تحفظ دمشق ولا تدع الآخرين يضحكون عليها، ولا تدعهم يتنصلون منها خصوصا وإن عمان وواشنطن مجبرتان على التقارب مع سوريا، والغاية هي ( تفكيك الهلال الشيعي) ولهذا قال الملك الأردني خلال لقاءه مع الرئيس جورج بوش ( نحذر من خطورة محاصرة النظام السوري وعزل السلطة الفلسطينية بقيادة حماس... أي دعا الى تهدئة الأوضاع المتفاقمة) وتبعه الرئيس الأميركي جورج بوش ليقول ( لقد تسنى لنا بعض الوقت أنا والملك عبد الله لإجراء حديث إستراتيجي حول ما يجري في العالم.... ولقد تحدثنا عن العراق وإيران والأراضي الفلسطينية) ولكن لا ندري ما ذا يقصد الملك الأردني بعبارة ( محادثات مثمرة) فهل وافق الرئيس بوش على خطة الملك بتحطيم الهلال الشيعي سياسيا ومحاصرته من خلال الشروع نحو تلطيف الأجواء مع دمشق؟
خصوصا وإن الملك عبد الله الثاني لم يخف خوفه ورعبه من إيران ومن الهلال الشيعي الذي أصبح حديث الملك مع أي زائر وأي دولة، حيث أعرب عن قلقه من محاولات قوى إقليمية متطرفة زعزعة الإستقرار في المنطقة ( وهي إشارة واضحة الى إيران) ولكنه ربما أصر للخروج من اللغة الدبلوماسية، ليقول كلاما صريحا وهو( إن إيران قد تستخدم نفوذها في العراق وسوريا ولبنان لتهديد أمن وإستقرار المنطقة في حال واصلت واشنطن ضغوطها على طهران من دون إستبعاد الخيار العسكري لتعطيل برنامج إيران النووي) وهي إشارة أن الملك مع جميع التوجهات ضد طهران، ولكنه يرى أنه لابد من تفكيك الحلف الإيراني السوري اللبناني أولا، وذلك من خلال الخطوة الأولى وهي سحب دمشق نحو واشنطن ــ تكتيكيا ــ ومن هنا قذف الملك إشارة مهمة في الملعب السوري أو داخل حديقة قصر الرئيس السوري بشار الأسد عندما قال ( إن إستهداف النظام السوري بالإصرار على إغلاق الباب أمام أي مخرج أمامه في مواجهة التحقيق الدولي في جريمة إغتيال الحريري) وكذلك قذف إشارة في طريق السيد خالد مشعل عندما أردف قائلا ( وعند عدم تحقيق إنفراج على الجبهة الفلسطينية من خلال عزل حماس ومعاقبتها إقتصاديا) فهاتين السياستين إتجاه النظام السوري وحماس سيخلقان ظروفا تؤدي الى زعزعة الإستقرار الإقليمي برمته، وتهديد القوى المعتدلة في المنطقة ــ حسب قول الملك الأردني ـــ وكان يقصد بالقوى المعتدلة النظام في الأردن ومن معه وهي إشارة خوف ورعب من الجانب الأردني.
لذا سيبقى السؤال مستمرا : من سيبلع الطعم أولا...؟
وهل هي بارقة أمل نحو دمشق أم أنها معضلة جديدة؟
وفي حالة قبول دمشق الغزل الأميركي عن طريق عمان، فماهو مصير العلاقة الخاصة والحلف بين دمشق وطهران؟
فهل ستلعب دمشق دور الوسيط بين واشنطن وطهران في المستقبل القريب أو المتوسط؟
أم إن إسرائيل لا تريد ذلك وستخلط الأوراق قبل إنضاج الإحتمالات التي وردت أعلاه؟
نعم إن المنطقة كلها تقف على كف عفريت نتيجة عدم عدل واشنطن ومعها العالم الغربي، ونتيجة غباء السياسة الأميركية في العراق والمنطقة كلها!!.
كاتب ومحلل سياسي
مركز البحوث والمعلومات / أوربا
11/2/2006
samuroff@hotmail.com