المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجيش العراقي مطلوب بأقصى سرعة وكيفما كان (منقول)



حقاني
22-04-2004, 01:15 PM
العنوان أعلاه مقتبس حرفياً من تصريحات جنرالات أميركيين متحمسين جداً لإعادة بناء القوات المسلحة العراقية. أيْ أن ما كان نكتة يتبادلها العراقيون عبر الإنترنت يجري الحديث عنه الآن بجدية. وقبل الدخول بالجدّ تحلو النكتة، التي أرسلها إلى كاتب هذه السطور صديق طفولة، استدعاه البنتاغون مع ضباط عراقيين متقاعدين آخرين للتشاور حول إعادة بناء الجيش. تقول النكتة إن والد عسكري عراقي أسير بعث رسالة بواسطة منظمة الصليب الأحمر الدولي شكا فيها لابنه من تقدمه في السن وحزنه لغيابه، وعدم وجود من يساعده في حرث حديقة المنزل لزرع خضروات الموسم الصيفي. في اليوم التالي تسلّم الأب رسالة من ابنه الأسير يطلب منه عدم المساس بتاتاً بحديقة المنزل، ويحذره من أن أسلحة الدمار الشامل مدفونة فيها. قبل أن يتم الوالد قراءة الرسالة اقتحمت ثلة من أفراد مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي المنزل وقلبوا حديقته عاليها سافلها. وبعد أن يئسوا من العثور على أسلحة الدمار الشامل اعتذروا للرجل المسّن وتركوا المكان. في اليوم التالي تسلّم والد العسكري الأسير رسالة من ابنه يقول فيها: حضرة الوالد العزيز، أرجو أن تكون بخير وسرور. يمكنك الآن زرع بذور الموسم الصيفي، هذه هي المساعدة الوحيدة التي استطعت تقديمها في الظروف الحالية.

هل تتحقق النكتة ويعمل الأميركيون على إعادة بناء الجيش العراقي؟ التفكير بالموضوع جدّي من النوع، الذي يقول عنه المثل البغدادي "صَفنة الزمال عندما يسمع الطبل". صَفنة تعني باللهجة العراقية إطراقة التفكير والزمال هو الحمار. وهذا هو فحوى الآراء التي تناقش حالياً في واشنطن حول إعادة بناء الجيش العراقي. ونقلت جميع الصحف الأميركية الرئيسية تأكيدات على ذلك صادرة من كبار العسكريين الأميركيين، في مقدمتهم الجنرال ريتشارد مايرز، رئيس أركان القوات المسلحة الأميركية، والجنرال جون أبي زيد قائد القوة الأميركية المركزية. صحيفة نيويورك تايمز اختارت لتقريرها حول الموضوع عنواناً دالاً:"المصادر العسكرية الأميركية تقول: عون القوات العراقية الجديدة ضروري سواء كانت مستعدة أم لا".

وبلغ الحماس للجيش العراقي بالجنرال مارك كيميت، الناطق الرسمي لقوات الاحتلال حدّ التصريح بأن النجاح أو الفشل في الفلوجة لا يتوقفان على القوات الأميركية المهاجمة فحسب، بل أيضاً على إدامة سيطرة القوات العراقية المسلحة على المدينة. أعقبت "صَفنة" الجنرال كيميت أخبار رفض كتيبة في الجيش العراقي الجديد الانضمام إلى قوات البحرية الأميركية، التي تقاتل سكان الفلوجة. ادّعت مصادر الاحتلال أن أفراد الكتيبة تراجعوا إلى معسكر التاجي عندما تعرضوا في طريقهم إلى الفلوجة إلى إطلاق نار وسقط بعضهم جرحى. والحقيقة أن الجنود العراقيين رجعوا إلى معسكرهم في التاجي عندما بلغتهم الأخبار عن هجوم الأميركيين على الفلوجة بالدبابات والطائرات مما أدى إلى مقتل 600 مدني، معظمهم أطفال ونساء. قال الجنود العراقيون إنهم التحقوا بالجيش للدفاع ضد عدو خارجي وليس لقتال العراقيين. وانتهى الأمر بحل الكتيبة العراقية وتسريح قادتها. ذكر ذلك ناطق عسكري أميركي أكّد أن الجنود العراقيين رفضوا حتى نقلهم جواً إلى الفلوجة، وزعم أنهم لم يكونوا مأمورين بالاشتراك في العمليات الحربية، لكنهم لم يفهموا ذلك. وما قام به جنود الكتيبة العراقية في الطريق إلى الفلوجة أهون مما قام به أفراد الجيش والشرطة العراقية في بغداد والنجف، حيث ترك معظمهم وحداته والتحق بعضهم بالمقاتلين.

وتتجه النية الآن إلى إعادة القيادات العسكرية العراقية السابقة للخدمة، وتوكيلها مهمة تدريب القوات المسلحة الجديدة. صرح بذلك جون أبي زيد، الذي اعترف بالفشل الذريع للقوات المسلحة العراقية، التي دربها الأميركيون وتضم نحو 200 ألف عنصر. ولا يخفي أبي زيد أن مهمة هذه القوات حفظ الأمن، وواضح من تركيبها نوع واجباتها. فما تسمى قوات الدفاع المدني المسؤولة عن حفظ الأمن والرصد والتجسس تتكون من 31 ألف عنصر يرتدي بعضهم القناع أثناء الخدمة، فيما تتكون قوة الشرطة من 77 ألفاً، والجيش من 4 آلاف فقط. لذلك ليس صدفة أن يتمرد أكثر من نصف هذه القوات عند صدور الأمر إليهم بمهاجمة العراقيين. ذكر ذلك عضو مجلس الحكم أحمد الجلبي، مدّعياً أن بعضهم التحق هو وسلاحه بالمقاتلين، وقام آخرون باغتيال الجنود الأميركيين.

وكما يحدث في كل منعطف كارثي لهذه الحرب يسارع الجميع إلى إلقاء التبعة على الآخرين. ففي مقالة بالغة الإمتاع، بدءاً من عنوانها "ماذا يريد العراقيون؟" يدافع أحمد الجلبي عن قرار حل الجيش العراقي، لكنه يلقي مسؤولية ذلك على بول بريمر. أبدعُ جملة في مقالة الجلبي خاتمتها، التي تقول:"لن يرضينا الآن سوى الاستقلال والديمقراطية والعدالة"، وأمتع ما فيها إلقاء اللوم عن كل ما جرى على سلطة الحكم الانتقالية. ومع أن الجلبي ألمع عضو في هذه السلطة فهو يحمّلها المسؤولية عن تحول التحرير إلى احتلال، وتأخر الديمقراطية، وعودة البعثيين إلى مراكز النفوذ، واستئناف سياسات اضطهاد الشيعة. ويحذر الجلبي بشدّة من إعادة تكوين الجيش العراقي، ويتوقع أن يكون ذلك خطأ فتاكاً، ويباهى بأن الكتيبة الوحيدة التي أبلت بلاءً حسناً في الفلوجة هي كتيبة الدفاع المدني، التي تتكون، حسب ادعائه من أعضاء حزبه والأحزاب الأخرى المشاركة في مجلس الحكم الانتقالي. ولن يمر وقت طويل قبل أن يكشف الأميركيون الفضّاحون دور هذه الكتيبة العقائدية في مذبحة سكان الفلوجة المدنيين.

وكيف يمكن تصديق ادعاء الجلبي رفض سلطة الاحتلال خدمات القوات العقائدية في مواجهة (المقاومة) التي تبدي، حسب قادة القوات الميدانية الأميركية براعة تكتيكية متزايدة وقدرة عالية على التنسيق وهجومية بالغة الشراسة؟ وهذا هو سبب غلق منافذ بغداد قبل أيام، ومنع الحركة على طرق المرور الخارجية، التي تربط العاصمة بجنوب البلاد وشمالها، حيث نسف المقاتلون ثلاثة جسور رئيسية كانت تمر عليها قوة أميركية تتكون من ألف جندي. واستعرض المقاتلون مهاراتهم التقنية بصورة درامية مفاجئة، حسب اعتراف قائد كتيبة أميركية، ذكر أنهم يمتلكون قدرة عالية على التنسيق والاتصالات تتيح لهم رصد اتجاه حركة القطعات الأميركية ونقل المعلومات مقدماً على امتداد طريقها وتأمين مواد متفجرة كافية لنسف جسور رئيسية على الطريق. وأظهر المقاتلون في مواقع عدة براعتهم التكتيكية، كما حدث في كمين شرق النجف، حيث لم يتعرّضوا لست عربات مدرعة مرت قربهم، وانتظروا ابتعادها قبل أن يضعوا حواجز خلفها قطعت عليها طريق التراجع. واضطرت المدرعات إلى الهروب بسرعة إلى الأمام نحو جسر يحرسه أفراد يرتدون ملابس الشرطة العراقية فتحوا النار عليها لحظة عبورها الجسر.

ويرجح القائد الميداني الأميركي أن (المقاومة)، التي تمثل في رأيه تحالف القوات الموالية لصدام حسين تتكون من عسكريين محترفين قد يكون بينهم عناصر من الحرس الجمهوري وجنود سابقون في الجيش العراقي المنحل. لمواجهة هذه التطورات السياسية والميدانية غير المتوقعة طلب الجنرال أبي زيد من البنتاغون تأجيل إعادة عشرين ألف عنصر في قوة الاحتلال، وإرسال كتيبتين إضافيتين يبلغ تعدادهما نحو 10 آلاف فرد. والسؤال هو كيف يمكن تدبير ذلك والجيش الأميركي يعاني، حسب صحيفة "يو إس أي توداي" من نقص يبلغ نحو 1000 فرد لسد العجز الناشئ هذا العام عن الاستقالة أو التقاعد، على خلاف العام السابق الذي شهد فائضاً في العدد؟ ونقلت الصحيفة تحذير ديفيد سيغال أستاذ علم الاجتماع العسكري في جامعة ميريلاند من احتمال ترك عدد متزايد من أفراد الجيش الخدمة بسبب العراق، حيث يتوقع أن يحث آباء الجنود وزوجاتهم على ترك الجيش. وتنبئ عن معنويات المحاربين القدماء تقارير هيئة التحقيق العسكري مع 150 شخصاً متهمين ببيع مئات البدلات المضادة للرصاص في موقع التجارة الإلكترونية eBay على الإنترنت. تتراوح أسعار البدلة الواحدة ما بين 200 و1000 دولار.

"صَفنة الزمال عندما يسمع الطبل". هكذا أضاع حفنة من الجنرالات والسياسيين المحتالين على العراقيين والعرب والمسلمين، وعلى الأميركيين والبريطانيين فرصاّ لا تُعوض للصداقة والتعاون الدفاعي والأمني والاقتصادي والنفطي والثقافي. كيف يمكنهم الآن إعادة بناء جيش قتلوا منه عشرات الألوف، ودمروا أمن وسيادة بلده، وحرموا شعبه من فرص التمتع بثرواته الوطنية، وأتلفوا ونهبوا كنوز مكتباته ومتاحفه، وانتهكوا حرمة منازل أهله ودور عبادتهم المقدسة؟

القادم
22-04-2004, 01:30 PM
الله أكبر هذه هزيمتهم بدأت تلوح في الأفق

لا يستطيعون فرض الأمن سوى برجالات صدام:D :D :D