المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جيش أهل السنة و الجماعة : بيان سياسي



lkhtabi
14-01-2006, 10:07 PM
جيش أهل السنة و الجماعة : بيان سياسي


بسم الله الرحمن الرحيم
بيان سياسي
م/ من يكون كالحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما)
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد رسول الله
(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران : 26 ).
من إمارة جيش أهل السنة والجماعة في العراق :
الى العلماء والدعاة الى الله،الى المفكرين والادباء المؤمنين،الى الصالحين المصلحين من هذه الامة أمة محمد (صلى الله عليه واله وسلم)،الى قادة ومفكرين الجماعات الاسلامية،الى العلماء والدعاة الى الله في الجماعات الاسلامية، أهدي لكم هذه الرسالة : من يكون كالحسن أبن علي (رضي الله عنهما) .
الامة الاسلامية اليوم بحاجة إلى إعادة النظر في تأريخ أجدادهم المؤمنين الذين أصلحوا أنفسهم بصدق ٍ واخلاص فأصلح الله بهم الناس،صلحت بهم أمة محمد (صلى الله عليه واله وسلم)،هؤلاء المصلحين هم أوسمة شرفٍ في صدر الامة الاسلامية هم المجددون الذين يجددون لهذه الامة أمر دينها من هؤلاء المجددين المصلحين الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
كانت بيعة الحسن بن علي (رضي الله عنهما) في شهر رمضان من سنة 40هـ ، وذلك بعد أستشهاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فقد أختار الناس الحسن بعد والده ولم يعين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحدً من بعده .
وكان أول من بايع الحسن هو قيس بن سعد بن عباده (رضي الله عنهما)، قال له : أبسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه.. ، وقال له الحسن (رضي الله عنه) : على كتاب الله وسنة نبيه فأن ذلك يأتي من وراء كل شرط : فبايعه وسكت ،وبايعه الناس.*1.
لقد أختير الحسن أبن علي بعد والده أختياراً شورياً وأصبح الخليفة الشرعي على الحجاز واليمن والعراق، وكل الاماكن التي كانت خاضعة لوالده، وقد أستمر في خلافته ستة أشهر وتلك المدة تدخل ضمن الخلافة الراشدة التي أخبر عنها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بأن مدتها ثلاثون سنة .. ، لقد روى الترمذي بأسناده الى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حيث قال: (( الخلافة في امتي ثلاثون سنه ثم ملك بعد ذلك))*2, وقد علق ابن كثير على هذا الحديث فقال: انما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي, فانه تنازل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الاول من سنه احدى و اربعين, وذلك كمال ثلاثين سنه من موت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فانه توفي في ربيع الاول سنه احدى عشر من الهجرة وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليما*3, و بذلك يكون الحسن بن علي خامس الخلفاء الراشدين*4.
اذن فالحسن (رضي الله عنه) كان خليفة للمسلمين و اميرا للمؤمنين بدلالة النص الشرعي كما تكلم عن ذلك كثير من علماء اهل السنة منهم: ابوبكر بن العربي*5,و القاضي عياض*6,و ابن كثير*7,و شارح الطحاويه*8,و المناوي*9,و ابن الحجر الهيثمي*10,و شيخ الاسلام بن تيميه*11، و غيرهم كثير من علماء التاريخ و السير, و قد تكلم هؤلاء العلماء عن شخصية الحسن (رضي الله عنه) الفذه من الناحية العسكرية و الاخلاقية و السياسية و الدينية,فهو رجل قائد يستطيع ان يقود امة وليس فقط جماعة, وقد كان محاطا بشخصيات اسلامية مؤمنة ذات نفوذ في المجتمع المسلم آنذاك وبقادة افذاذ*12، امثال:قيس بن سعد بن عبادة,و حاتم بن عدي الطائي,و اخيه الحسين,و ابن عمه عبد الله بن جعفر و غيرهم كثيرين.
و قد كان الحسن (رضي الله عنه) مقبولا لدى عموم المسلمين و كان يتحلى بشخصية علمية و تربوية في آن واحد, لذلك كان يحاكي الناس و يفهم طبيعة نفوسهم و طريقة تفكيرهم وقد كان للتربية النبوية أثرها الكبير في صقل شخصيته (رضي الله عنه) فقد كان يقدم مصلحة الامة وحفظ دمائها وعزتها على شخصه ومكانته في نفوس المسلمين والمؤمنين، فعندما قال له، نفير بن الحضرمي : أن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة، فقال : كانت جماجم العرب بيدي يسالمون من سالمت ،ويحاربون من حاربت، فتركتها أبتغاء وجه الله*13.
هذه الرواية تدل على أنه كان في وضع قوي، وأن له أتباع مستعدين لمحاربة من يريد أو مسالمتهم حيث أنه أشترط على أهل العراق عندما أرادوا بيعته فقال لهم : أنكم سامعون مطيعون، تسالمون من سالمت، وتحاربون من حاربت*14.
وفي رواية أبن سعد : أن الحسن أبن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين، بايعهم على الامره ،وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه ،ويرضوا بما رضيه به*15.
وهذا يدل على أن الحسن بالرغم من قوته الشخصية الفذة وقوته العسكرية والمادية المعنوية وإحاطة الناس به فضلاً عن كونه خليفة للمسلمين وأنه يستطيع أن يحارب من شاء إلا أنه وبالرغم من كل ذلك كان يمهد من أجل التنازل عن الخلافة أذا كان في ذلك مصلحة الامة وحفظ دينها ودمائها وكرامتها وعزتها ولذلك أشترط عليهم في بيعة الامارة والخلافة أن يوافقونه فيما يريد من أتخاذ القرارات المتعلقة بلامة ومصيرها ،فيا الله ،يا الله ،يا الله؟ لقد كان (رضي الله عنه) وهو خليفة يمهد للصلح فور أستخلافه وأخذ ينادي بالسلم والصلح لحقن الدماء، وتوحيد الامة والرغبة فيما عند الله وزهده في الملك والرياسة وغيرها، فقد قاد الحسن بن علي (رضي الله عنه) مشروع الاصلاح الذي توج بوحدة الامة حيث أنه تنازل بالخلافة الى معاوية (رضي الله عنه) وقد مدحه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بذلك، فقد أخرج البخاري من طريق أبي بكرة (رضي الله عنه) قال : رأيت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) على المنبر والحسن بن علي جنبه وهو يقبل على الناس مرةً وعليه مرةً أخرى ويقول ((إن إبني هذا سيد،ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين))*16.
وقد سُمّي العام الذي حصلت فيه هذه المصالحة بـ (عام الجماعة) وسمى المؤمنون الحسن بن علي (رضي الله عنهما) بعد هذا الصلح (مبيض وجوه المؤمنين) لأن هذا يدل على سعة فقهه (رضي الله عنه) وتقواه وإرادته وجه الله تعالى واليوم الآخر.
يقول شيخ الاسلام بن تيمية (رحمه الله) : ( وأثنى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) على الحسن بهذا الصلح الذي كان على يديه وسمّاه سيداً بذلك، لأجل أن ما فعله الحسن يحبه الله ورسوله، ويرضاه الله ورسوله، ولو كان الاقتتال*17، الذي حصل بين المسلمين هو الذي أمر الله به ورسوله لم يكن ألامر كذلك بل يكون الحسن قد ترك الواجب أو ألاحب الى الله)*18.
على الرغم من تنازل الحسن بن علي لمعاوية (رضي الله عنهم جميعاً) بالخلافة وأصبح معاوية هو الخليفة إلاّ أن الحديث الذي أخبر به النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بأن الحسن (رضي الله عنه) سيصلح الله به بين فأتين من المسلمين يدل على أن الحسن هو أفضل من معاوية (رضي الله عنهما) ويمكن الاستفادة من هذا النص أمور منها :
( أن الشريعة الاسلامية وضعت موازين أساسية تتعلق بالافعال والاقوال والمواقف التي كُلِّفَ بها العباد، فعلى قدر قرب العباد وبعدهم عن هذه الموازين يكون وزنهم ومكانتهم عند الله ورسوله وعند المؤمنين ، وإن من ترك شيئاً لله (عز وجل) عوضه الله خيراً منه، ولذلك جعل الله (عز وجل) في آخر الزمان في ولد فاطمة من نسل الحسن بن علي (رضي الله عنهما) إكراماً لابيه وأكراماً لموقفه الذي لا يوقفه إلا المصلحون الحقيقيون، والمجدون الهاديون المهديون).
فهل يدرك قادة الجماعات الاسلامية اليوم هذا المعنى الكبير؟ وهل يستطيعون التخلي عن كل ما من شأنه أن يفرق جمع المسلمين؟ نريد من أصحاب القرار أن ينتبهوا الى أنفسهم وأن يقدموا مصلحة أمتهم على كل المصالح الشخصية وغير الشخصية نريد منهم البحث عن حلول تغير الواقع المؤلم الذي يعيشه المسلمون اليوم، إن المسلمين يعانون ألمً الشرك الذي وقع في الامة والردة عن الاسلام في كثير من الاحيان، ويعانون الم التفرق في الدين والسبب هو أن قادة المسلمين أو قادة الجماعات الاسلامية وعلمائها ودعاتها لم يفعلوا كما فعل الحسن بن علي (رضي الله عنهما) وهذا الحال يدل دلالةً خطيرة على وجود الخلل في العقول والقلوب لان الله (عز وجل) لا يجامل أحداً ولا يجابي أحداً.
وفي الختام أسأل الله (عز وجل) أن يهيأ لهذه الامة أمر رشدٍ يُعَزُّ فيه المؤمنين ويذل فيه الكافرون والمنافقون.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
1ـ تأريخ الطبري (6/77) من كتاب (الدولة الاموية) للصلابي جـ1ـ صـ148ــ
2ـ سنن الترمذي مع شرحها تحفة الاحوذي (6/395ـ397) حديثٌ حسن.
3ـ البداية والنهاية (11/134).
4ـ مآثر الاناقة (1/105) مرويات خلافة معاوية صـ155ــ
5ـ أحكام القرآن لابن العربي (4/1720)ـ
6ـ شرح النووي على صحيح مسلم (12/201)ـ
7ـ البداية والنهاية (11/134) ـ
8ـ شرح الطحاوية صـ 545 ـ
9ـ فيض القدير (2/209) ـ
10ـ الصواعق المحرقة (2/397)ـ
11أ مجموع الفتاوى جـ 35 صـ 46ــ47ـ، المكتبة التوفيقية
12ـ هذه وكل الفقرات الاخرى من كتاب الدولة الاموية للصلابي جـ 1 صـ 148،149
13ـ البداية والنهاية (11/206) ـ
14ـ تأريخ الطبري (6/77)
15ـ طبقات بن سعد (1/316 ـ317) تحقيق د.محمد السليمي
16ـ البخاري رقم 7109ـ
17ـ أي : الاقتتال بين الامام علي ومعاوية (رضي الله عنهما) فمدح الحسن (رضي الله عنه) لانه لم يستأنس القتال
18ـ مجموع الفتاوى جـ 35 صـ 46 ــ 47ـ المكتبة التوفيقية ـ