المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اعتقاد الأئمة الأربعة



lkhtabi
07-01-2006, 06:59 PM
المحتويات
مقدمة
[الكاتب: محمد الخميس]

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) [1].

( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) [2].

( يا أيها آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما ) [3].

أما بعد فقد قمت ببحث موسع لنيل درجة الدكتوراه في أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقد ضمنت المقدمة تلخيص عقيدة الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وقد طلب مني بعض الفضلاء إفراد عقيدة هؤلاء الثلاثة , ولاستكمال ذكر عقيدة الأئمة الأربعة , رأيت أن أضم إلى ما ذكرته في مقدمة بحثي تلخيص ما بستطه عن عقيدة الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد والقدر والإيمان والصحابة وموقفه من علم الكلام .

والله أسأل أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يوفقنا جميعاً لهدي كتابه والسير على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والله وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


محمد بن عبد الرحمن الخميس


--------------------------------------------------------------------------------

[1] سورة آل عمران 102
[2] سورة النساء 1
[3] سورة الأحزاب 70-71
المبحث الأول: بيان أن اعتقاد الأئمة الأربعة واحد في مسائل أصول الدين ما عدا مسألة الإيمان
[الكاتب: محمد الخميس]

اعتقاد الأئمة الأربعة – أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله – هو ما نطق به الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وليس بين هؤلاء الأئمة ولله الحمد نزاع في أصول الدين بل هم متفقون على الإيمان بصفات الرب وأن القرآن كلام الله غير مخلوق , وأن الإيمان لا بد فيه من تصديق القلب واللسان , بل كانوا ينكرون على أهل الكلام من جهمية وغيرهم ممن تأثروا بالفلسفة اليونانية والمذاهب الكلامية ..

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ... ولكن من رحمة الله بعباده أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق كالأئمة الأربعة وغيرهم ... كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن والإيمان وصفات الرب , وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف من أن الله يُرى في الآخرة وأن القرآن كلام الله غير مخلوق , وأن الإيمان لا بد فيه من تصديق القلب واللسان ... ) [4].

وقال : ( إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولن : إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق , ويقولون : إن الله يُرى في الآخرة , هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد , والأوزاعي , وأبي حنيفة , والشافعي , وأحمد ) [5].

وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن اعتقاد الشافعي فأجاب بقوله : ( اعتقاد الشافعي رضي الله عنه واعتقاد السلف الأمة كمالك والثوري والأوزارعي وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه هو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني وسهل بن عبدالله التستري وغيرهم , فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع في أول الدين وكذلك أبوحنفية رحمه الله فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد هؤلاء واعتقاد هؤلاء هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وهو ما نطق به الكتاب والسنة ) [6].

وهذا ما اختاره العلامة صديق حسن خان حيث يقول : ( فمذهبنا مذهب السلف إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل وهو مذهب أئمة الإسلام كمالك والشافعي والثوري وابن المبارك والإمام أحمد ... وغيرهم فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين وكذلك أبو حنيفة رضي الله عنه فإن الاعتقاد الثابت عنه موافق لاعتقاد هؤلاء وهو الذي نطق به الكتاب والسنة ... ) [7].


--------------------------------------------------------------------------------

[4] كتاب الإيمان ص350-351 دار الطباعةالمحمدية , تعليق الهراس
[5] منهاج السنة 2/106
[6] مجموع الفتاوى 5/256
[7] قطف الثمر ص47-48
المبحث الثاني: عقيدة الإمام أبي حنيفة رحمه الله
[الكاتب: محمد الخميس]

أ – أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد :

أولاً : عقيدته في توحيد الله وبيان التوسل الشرعي وإبطال التوسل البدعي :

(1) قال أبوحنيفة رحمه الله : ( لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون .. " [8]. ) [9].

(2) قال أبوحنيفة رحمه الله : ( يكره أن يقول الداعي أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ) [10].

(3) وقال أبوحنيفة : ( لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك ) [11].

ثانياً : قوله في إثبات الصفات والرد على الجهمية :

(4) وقال : ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين , وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف , وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى ولا يقال : غضبه عقوبته ورضاه ثوباه , ونصفه كما وصف نفسه أحدٌ لم يلم ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد , حيٌّ قادر سميع بصير عالم , يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس كوجوه خلقه ) [12].

(5) وقال : ( وله يد ووجه ونفس , كما ذكره الله تعالى في القرآن , فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس و فهو له صفات بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته , لأن فيه إبطال الصفة وهو قول أهل القدر والاعتزال ) [13].

(6) وقال : ( لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء بل يصفه بما وصف به نفسه ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله وتعالى رب العالمين ) [14].

(7) ولما سئُل عن النزول الإلهي قال : ( ينزل بلا كيف ) [15].

(8) وقال أبو حنيفة : ( والله تعالى يدعى من أعلى لا من أسفل لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء ) [16].

(9) وقال : ( وهو يغضب ويرضى ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه ) [17].

(10) وقال : ( ولا يشبه شيئاً من الأشياء من خلقه ولا يشبه من خلقه لم ينزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ) [18].

(11) وقال : ( وصفاته بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا , ويقدر لا كقدرتنا , ويرى لا كرؤيتنا , ويسمع لا كسمعنا , ويتكلم لا ككلامنا ) [19].

(12) وقال : ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين ) [20].

(13) وقال : ( ومن وصف الله تعالى بمعنى من معاني البشر فقد كفر ) [21].

(14) وقال : ( وصفاته الذاتية والفعلية , أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة , وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ) [22].

(15) وقال : ( ولم يزل فاعلاً بفعله والفعل صفة في الأزل والفاعل هو الله تعال والفعل صفة في الأزل والمفعول مخلوق وفعل الله تعالى غير مخلوق ) [23].

(16) وقال : ( من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر , وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض ) [24].

(17) وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده قال : ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض , فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى : ( وهو معكم ) [25]. قال : هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه ) [26].

(18) وقال كذلك : ( يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ) [27].

(19) وقال : ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى : ( وهو معكم ) [28]. قال : هو كما تكتب لرجل إني معك وأنت غائب عنه ) [29].

(20) وقال : ( قد كان متكلماً ولم يكن كلم موسى عليه السلام ) [30].

(21) وقال : ( ومتكلماً بكلامه والكلام صفة في الأزل ) [31].

(22) وقال : ( يتكلم لا ككلامنا ) [32].

(23) وقال : ( وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى كما قال الله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليماً ) [33]. وقد كان الله تعالى متكلماً ولم يكن كلم موسى عليه السلام ) [34].

(24) وقال : ( والقرآن كلام الله في المصاحف مكتوب وفي القلوب محفوظ , وعلى الألسن مقروء , وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أُنزل ) [35].

(25) وقال : ( والقرآن غير مخلوق ) [36].

ب – أقوال الإمام لأبي حنيفة رحمه الله في القدر :

(1) جاء رجل إلى الإمام أبي حنيفة يجادله في القدر فقال له : ( أما علمت أن الناظر في القدر كالناظر في عيني الشمس كلما إزداد نظراً إزداد تحيراً ) [37].

(2) يقول الإمام أبو حنيفة : ( وكان الله تعالى عالماً في الأزل بالأشـياء قبل كـونها ) [38].

(3) وقال : ( يعلم الله تعالى المعدوم في حالة عدنه معدوماً , ويعلم أنه كيف يكون إذا أوجده , ويعلم الله تعالى الموجود في حال وجوده موجوداً ويعلم كيف يكون فناؤه ) [39].

(4) يقول الإمام أبو حنيفة : ( وقدره في اللوح المحفوظ ) [40].

(5) وقال : ( ونقر بأن الله تعالى أمر بالقلم أن يكتب فقال القلم , ماذا أكتب يا رب ؟ فقال الله تعالى : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة لقوله تعالى : ( وكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستطر ) [41]. ) [42].

(6) وقال الإمام أبو حنيفة : ( ولا يكـون في الدنيا ولا في الآخـرة شيء إلا بمشيئته ) [43].

(7) ويقول الإمام أبو حنيفة : ( خلق الله الأشياء لا من شيء ) [44].

(8) وقال : ( وكان الله تعالى خالقاً قبل أن يخلق ) [45].

(9) وقال : ( نقر بأن العبد مع أعماله وإقراره ومعرفته مخلوق , فلما كان الفاعل مخلوقاً فأفعاله أولى أن تكون مخلوقة ) [46].

(10) وقال : ( جميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم والله تعالى خالقها وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره ) [47].

(11) قال الإمام أبو حنيفة : ( وجميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم على الحقيقة والله تعالى خلقها وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره , والطاعات كلها كانت واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته وبرضاه وبعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته لا بمحبته ولا برضائه ولا بأمره ) [48].

(12) وقال : ( خلق الله تعالى الخلق سليماً من الكفر والإيمان [49]. ثم خاطبهم وأمرهم ونهاهم , فكفر من كفر بفعله وإنكاره وجحوده الحق بخذلان الله تعالى إياه , وآمن من آمن بفعله وإقراره وتصديقه بتوفيق الله تعالى ونصرته له ) [50].

(13) وقال : ( وأخرج ذرية آدم من صلبه على صور الذر , فجعلهم عقلاء فخاطبهم و أمرهم بالإيمان ونهاهم عن الكفر , فأقروا له بالربوبية فكان ذلك منهم إيماناً فهم يولدون على تلك الفطرة , ومن كفر كفر بعد ذلك فقد بدلّ وغيّر , ومن آمن وصدق فقد ثبت عليه وداوم ) [51].

(14) وقال : ( وهو الذي قدّر الأشياء وقضاها ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شيء إلا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره , وكتبه في اللوح المحفوظ ) [52].

(15) وقال : ( لم يجبر أحداً من خلقه على الكفر ولا على الإيمان , ولكن خلقهم أشخاصاً والإيمان والكفر فعل العباد , ويعلم تعالى من يكفر في حال كفره كافراً , فإذا آمن بعد ذلك فإذا عَلِمه مؤمناً أحبه من غير أن يتغير علمه ) [53].

ج – أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله في الإيمان :

(1) قال : ( الإيمان هو الإقرار والتصديق ) [54].

(2) وقال : ( الإيمان إقرار باللسـان وتصديق بالجنان والإقـرار وحده لا يكون إيماناً ) [55]. ونقلها الطحاوي عن أبي حنيفة وصاحبيه [56].

(3) وقال أبو حنيفة : ( والإيمان لا يزيد ولا ينقص ) [57]. .

قلت : قوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه وقوله في مسمى الإيمان وأنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان وأن العمل خارج عن حقيقة الإيمان .
قوله هذا هو الفارق بين عقيدة الإمام أبي حنيفة في الإيمان وبين عقيدة سائر أئمة الإسلام مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم والحق معهم , وقول أبي حنيفة مجانب للصواب وهو مأجور في الحالين , وقد ذكر ابن عبدالبر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة رجع عن قوله والله أعلم [58].

د – قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله في الصحابة رضي الله عنهم :

(1) قال الإمام أبو حنيفة : ( ولا نذكر أحداً من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بخير ) [59].

(2) وقال : ( ولا نتبرأ من أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم , ولا نوالي أحداً دون أحد ) [60].

(3) ويقول : ( مقام أحدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة واحدة خير من عمل أحدنا جميع عمره وإن طال ) [61].

(4) وقال : ( نقر بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : أبوبكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم أجمعين ) [62].

(5) وقال : ( أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوبكر وعمر وعثمان وعلي , ثم نكف عن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بذكر جميل ) [63].

هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين :

(1) قال الإمام أبو حنيفة : ( أصحاب الأهواء في البصرة كثير , ودخلتها عشرين مرة ونيفاً وربما أقمت بها سنـة أو أكثر أو أقـل ظاناً عِلْم الكلام أجل العلوم ) [64].

(2) وقال : ( كنت أنظر في الكلام حتى بلغت مبلغاً يشار إليّ فيه بالأصابع , وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان فجآءتني امرأة فقالت : رجل له امرأة أمة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها ؟
فلم أرد أقول فأمرتها أن تسأل حماداً ثم ترجع فتخبرني فسألت حماداً فقال : يطلقها وهي طاهر من الحيض والجماع تطليقه ثم يتركها حتى تحيض حيضتين فإذا اغتسلت فقد حلّت للأزواج , فرجعت فأخبرني فقلت : لا حاجة لي في الكلام وأخذت نعلي فجلست إلى حماد ) [65].

(3) وقال : ( لعن الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا ينفعهم في الكلام ) [66].

وسأله رجل وقال : ما تقول فيما أحدثه الناس في الكلام في الأعراض والأجسام , فقال : ( مقالات الفلاسفة عليك بالأثر وطريق السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة ) [67].

(4) قال حماد ابن أبي حنيفة : ( دخل علي أبي – رحمه الله – يوماً وعندي جماعة من أصحاب الكلام ونحن نتناظر في باب , قد علت أصواتنا فلما سمعت حسَّه في الدار خرجت إليه فقال لي يا حماد من عندك ؟ قلت , فلان وفلان وفلان , سَّميت من كان عندي و قال : وفيم أنتم ؟ قلت : في باب كذا وكذا , فقال لي : يا حماد دع الكلام – قال : ولم أعهد أبي صاحب تخليط ولا ممن يأمر بالشيء ثم ينهى عنه . فقلت له : يا أبت ألست كنت تأمرني به , قال : بلى يا بني وأنا اليوم أنهاك عنه , قلت : ولم ذاك , فقال : يا بني إن هؤلاء المختلفين في أبواب من الكلام ممن ترى كانوا على قول واحد ودين واحد حتى نزغ الشيطان بينهم فألقى بينهم العداوة والاختلاف فتابينوا ... ) [68].

(5) وقال أبو حنيفة لأبي يوسف : ( إيّاك أن تكلم العامة في أصول الدين من الكلام فإنهم يقلدونك فيشتغلون بذلك ) [69].

هذه طائفة من أقواله – رحمه الله – وما يعتقده في مسائل أصول الدين وموقفه من الكلام والمتكلمين .


--------------------------------------------------------------------------------

[8] سورة الأعراف 180
[9] الدر المختار من حاشية رد المحتار 6/396-397
[10] شرح العقيدة الطحاوية ص234 , وإتحاف السادة المتقين 2/285 , وشرح الفقه الأكبر للقاري ص198
[11] كره الإمام أبوحنيفة ومحمد بن الحسن أن يقول الرجل بدعاءه " اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك " لعدم وجود النص في الإذن به , وأما أبويوسف فقد جوزه لوقوفه على نص من السنة وفيه أن النبي صلى الله عليه سلم كان من دعائه " اللهم إني أسألك بمعقاد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك " .. وهذا الحديث أخرجه البيهقي في كتاب الدعوات الكبيرة كما في البناية 9/382 ونصب الرابة 4/272 , وفي إسناده ثلاثة أمور قادحة :
1- عدم سماع داوود بن أبي عاصم لابن مسعود
2- عبدالملك بن جريج مدلس ويرسل
3- عمر بن هارون متهم بالكذب من أجل ذلك قال ابن الجوزي كما في البناية 9/382 ( وهذا حديث موضوع بلا شك وإسناده محبط كما ترى ) انظر تهذيب التهذيب 3/189 , 6/405 , 7/501 , وتقريب 1/520
[12] الفقه الأبسط ص56
[13] الفقه الأكبر ص302
[14] شرح العقيدة الطحاوية 2/427 . تحقيق د . التركي , جلاء العينين ص368
[15] عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42 ط دار السلفية , الأسماء والصفات للبيهقي ص456 وسكت عليه الكوثري ,وشرح العقيدة الطحاوية ص245 , تخريج الألباني وشرح الفقه الأكبر للقاري ص60
[16] الفقه الأبسط ص51
[17] الفقه الأبسط ص56 , وسكت عليه محقق الكتاب الكوثري
[18] الفقه الأكبر ص301
[19] الفقه الأكبر ص302
[20] الفقه الأبسط ص56
[21] العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص25
[22] الفقه الأكبر ص301
[23] الفقه الأكبر ص301
[24] الفقه الأبسط ص46 , ونقل نحو هذا اللفظ شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 5/48 , وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص139 , والذهبي في العلو ص101-102 , وابن قدامة في العلو ص116 , وابن أبي العز في شرح الطحاوية ص301
[25] سورة الحديد 4
[26] الأسماء والصفات ص429
[27] الفقه الأبسط ص56
[28] سورة الحديد 4
[29] الأسماء والصفات 2/170
[30] الفقه الأكبر ص302
[31] الفقه الأكبر ص301
[32] الفقه الأكبر ص302
[33] سورة النساء 164
[34] الفقه الأكبر ص302
[35] الفقه الأكبر ص301
[36] الفقه الأكبر ص301
[37] قلائد عقود العيان ( ق-77-ب)
[38] الفقه الأكبر ص302 , 303
[39] الفقه الأكبر ص302 , 303
[40] الفقه الأكبر ص302
[41] سورة القمر 52-53
[42] الوصية مع شرحها ص21
[43] الفقه الأكبر ص302
[44] الفقه الأكبر ص302
[45] الفقه الأكبر ص304
[46] الوصية مع شرحها ص14
[47] الفقه الأكبر ص303
[48] الفقه الأكبر ص303
[49] الصواب : خلق الله تعالى الخلق على فطرة الإسلام كما سيبينه أبو حنيفة في قوله الآتي .
[50] الفقه الأكبر ص302 -303
[51] الفقه الأكبر ص302
[52] الفقه الأكبر ص302
[53] الفقه الأكبر ص303
[54] الفقه الأكبر ص304
[55] كتاب الوصية مع شرحها ص2
[56] الطحاوية وشرحها ص360
[57] كتاب الوصية مع شرحها ص3
[58] التمهيد لابن عبدالبر 9/247 , شرح العقيدة الطحاوية ص395
[59] الفقه الأكبر ص304
[60] الفقه الأبسط ص40
[61] مناقب أبي حنيفة للمكي ص76
[62] الوصية مع شرحها ص14
[63] كما في النور اللامع مع ( ق199-ب ) عنه
[64] مناقب أبي حنيفة للكردي ص137
[65] تاريخ بغداد 13/333
[66] ذم الكلام للهروي ص28-31
[67] ذم الكلام للهروي ( 194/ ب)
[68] مناقب أبي حنيفة للمكي ص183-184
[69] مناقب أبي حنيفة للمكي ص373
المبحث الثالث: عقيدة الإمام مالك بن أنس رحمه الله أ – قوله رحمه الله في التوحيد :

(1) اخرج الهروي عن الشافعي قال: سئل مالك عن الكلام والتوحيد , فقال مـالك : ( محال أن يظن النبي صلى الله عليه وسلم , انه علم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد , والتوحيد ما قاله النبي صله الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا الـه إلا الله ) [70]. فما عصـم به المال والدم حقيقة التوحيد ) [71].

(2) وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال : ( سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا أمروها فجاءت ) [72].

(3) وقال ابن عبدالبر : ( سئُل أيُرى الله يوم القيامة ؟ فقال : نعم يقول الله عزوجل : ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة ) [73]. . وقال لقوم آخرين : ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) [74]. ) [75].

وأورد القاضي عياض في ترتيـب المدارك [76]. عن ابن نافع [77]. أشهـب [78]. قالا : وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبدالله : ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ينظرون إلى الله ؟ قال : نعم يأعينهم هاتين , فقلت له : فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله , إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال : كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام : ( رب أرني أنظر إليك ) [79]. أفترى موسى سأل ربه محالاً ؟ فقال : ( لن تراني ) [80]. أي في الدنيا لأنها دار فناء , ولا ينظر ما يبقى بما يفنى , فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى وقال الله : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) [81].

(4) وأخرج أبونعيم عن جعفر بن عبدالله قال : ( كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال : يا أبا عبدالله , الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ فما وجد [82]. مال من شيء ما وجد من مسألته , فنظر إلى الأرض وجعل ينكت في يده حتى علاه الرحضاء – يعني العرق – ثم رأسه ورمى العود وقال : ( الكيف منه غير معقول , والاستواء منه غير مجهول , والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج ) [83].

(5) وأخرج أبونعيم عن يحيي بن الربيع قال : ( كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل فقال يا أبا عبدالله , ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق ؟ فقال مالك : زنديق [84]. فاقتلوه , فقال : يا أبا عبدالله إنما أحكي كلاماً سمعته , فقال : لم أسمعه من أحد إنما سمعته منك , وعظم هذا القول ) [85].

(6) وأخرج ابن عبدالبر عن عبدالله بن نافع قال : ( كان مالك بن أنس يقول من قال القرآن مخلوق يوجع ضرباً ويحبس حتى يتوب ) [86].

(7) وأخرج أبو داوود عن عبدالله بن نافع قال : ( قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان ) [87].

ب – قوله رحمه الله في القدر :

(1) أخرج أبونعيم عن ابن وهب [88]. قال : ( سمعت مالكاً يقول لرجل : سألتني أمس عن القدر ؟ قال : نعم , قال : إن الله تعالى يقول : ( ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هُداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجِنة والناس أجمعين ) [89]. فلا بد أن يكون ما قال الله تعالى ) [90].

(2) وقال القاضي عياض : ( سئُل الإمام مالك عن القدرية : مَن هم ؟ قال : ما خلق المعاصي , وسئُل كذلك عن القدرية ؟ قال : هم الذين يقولون إن الاستطاعة إليهم إن شاءوا أطاعوا وإن شاءوا عصوا ) [91].

(3) واخرج ابن أبي عاصم عن سعيد بن عبدالجبار قال : ( سمعت مالك بن أنس يقول : رأيي فيهم أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا – يعني القدرية - ) [92].

(4) وقال ابن عبدالبر : ( قال مالك : ما رأيت أحداً من أهل القدر إلا أهل سخافة وطيش وخفة ) [93].

(5) وأخرج ابن أبي عاصم عن مروان بن محمد الطاطري , قال : ( سمعت مالك بن أنس يسـأل عن تزويـج القـدري ؟ فقرأ : ( ولعبـد مؤمن خيرٌ مـن مُشرك ) [94].... ) [95].

(6) وقال القاضي عياض : ( قال مالك : لا تجوز شهادة القدري الذي يدعو [96]. ولا الخارجي ولا الرافضي ) [97].

(7) وقال القاضي عياض : ( سُئل مالك عن أهل القدر أنكف عن كلامهم ؟ قال : نعم إذا كان بما هو عليه , وفي رواية أخرى قال : لا يصلي خلفهم ولا يقبل عنهم الحديث وإن وافيتموهم في ثغر فأخرجوهم منه ) [98].

ج – قوله رحمه الله في الإيمان :

(1) أخرج ابن عبدالبر عن عبدالرزاق بن همام قال : ( سمعت ابن جريج [99]. وسفيان والثوري ومعمر بن راشد وسفيان بن عيينه ومالك بن أنس يقولون : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) [100].

(2) وأخرج أبونعيم عن عبدالله بن نافع قال : ( كان مالك بن أنس يقول : الإيمان قول وعمل ) [101].

(3) وأخرج ابن عبدالبر عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( قال مالك : فقام الناس يصلون نـحو بيت المقدس ستة عشر شهراً , ثم أُمروا بالبيت الحرام فقـال الله تعالى : ( وما كانَ الله لِيُضيع إيمانكم ) [102]. أي صلاتكم إلى بيت المقدس , قال مالك : وإني لأذكر بهذه قول المرجئة : إن الصلاة ليست من الإيمان ) [103].

د – قوله رحمه الله في الصحابة :

(1) أخرج أبونعيم عن عبدالله العنبري [104]. قال : ( قال مالك بن أنس : من تَنَقَّصَ أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو كان في قلبه عليهم غِل , فليس له حق في فيء المسلمين , ثم تلا قوله تعالى : ( والذينَ جاءوُا من بعدِهِم يَقولون رَبَّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قُلوبنا غِلاً ) [105]. . فمن تنقصهم أو كان في قلبه عليهم غِل , فليس له في الفيء حق ) [106].

(2) وأخرج أبو نعيم عن رجل من ولد الزبير [107]. قال : ( كنا عند مالك فذكروا رجلاً يَتَنقَّص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقرأ مالك هذه الآية : ( مُحمدٌ رسوُل الله والذين معهُ أشداء – حتى بلغ – يُعجب الزُّراع ليغيظ بهم الكفار ) [108]. . فقال مالك : ( من أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته الآية ) [109].

(3) وأورد القاضي عياض عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( كنا عند مالك إذ وقف عليه رجل من العلويين وكانوا يقبلون على مجلسه فناداه : يا أبا عبدالله فأشرف له مالك , ولم يكن إذا ناداه أحد يجيبه أكثر من أن يشرف برأسه , فقال لـه الطالبي : إني أريد أن أجعلك حجة فيما بيني وبين الله , إذا قدمت عليه فسألني , قلـت له : مالك قال لي .
فقال له : قُل .
فقال : من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ .
قال : أبوبكر , قال العلوي : ثم مَن ؟ قال مالك : ثم عمر . قال العلوي : ثم مَن ؟ قال : الخليفة المقتول ظلماً , عثمان . قال العلوي : والله لا أجالسك أبداً . قال له مالك : فالخيار لك ) [110].

هـ - نهيه رحمه الله عن الكلام والخصومات في الدين :

(1) أخرج ابن عبدالبر عن مصعب بن عبدالله الزبيري [111]. قال : ( كان مالك بن أنس يقول : الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه , نحو الكلام في رأي جهم والقدر وكل ما أشبه ذلك , ولا يحب الكلام إلا فيما تحته عمل , فأما الكلام في دين الله وفي الله عزوجل فالسكوت أَحَبُّ إليَّ لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل ) [112].

(2) وأخرج أبو نعيم عن عبدالله بن نافع قال : ( سمعت مالكاً يقول : لو أن رجلاً ركب الكبائر كلها بعدَ ألا يشرك بالله ثم تخلّى من هذه الأهواء والبدع – وذكر كلاماً – دخل الجنة ) [113].

(3) وأخرج الهروي عن إسحاق بن عيسى [114]. قال : ( قال مالك : من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ومن طـلب غريب الحديث كذب ) [115].

(4) وأخرج الخطيب أن إسحاق بن عيسى قال : ( سمعت مالك بن أنس يعيب الجدال في الدين ويقول : كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أرادنا أن نرد ما جاء به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) [116].

(5) وأخرج الهروي عن عبدالرحمن بن مهدي قال : ( دخلت على مالك وعنده رجل يسأله فقال : لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد و لعن الله عمرو بن عبيد فإنه ابتدع هذه البدعة من الكلام , ولو كان الكلام علماً لتكلَّم فيه الصحابة والتابعون كما تلكموا في الأحكام والشرائع ) [117].

(6) وأخرج الهروي عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( سمعت مالكاً يقول : إيّاكم والبدع , قيل يا أبا عبدالله , وما البدع ؟ قال : أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعِلْمه وقدرته ولا يسكتون عمّا سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان ) [118].

(7) وأخرج أبو نعيم عن الشافعي قال : ( كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال : أما إني على بيّنة من ربي وديني وأما أنت فشاكٌ فاذهب إلى شاكِّ فخاصمه ) [119].

(8) روى ابن عبدالبر عن محمد بن أحمد بن خويز منداد الخلاف : قال مالك لا تجوز الإجارات من كتابه الأهواء والبدع والتنجيم وذكر كتباً ثم قال : وكتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم وتفسخ إجازة في ذلك ) [120].

فهذه لمحات من موقف الإمام مالك وأقواله في التوحيد والصحابة والإيمان وعِلم الكلام وغيره .


[70] أخرجه البخاري كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة ( 3/263) ح ( 1399), ومسلم كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله محمد رسول الله ( 1/51) ح ( 324) , والنسائي كتاب الزكاة باب مانع الزكاة ( 5/14) ح ( 2443), جميعهم من طريق عبيدا لله بن عبيد اللجن عتبة بن مسعود عن أبى هريرة أخرجه أبو داود كتاب الجهاد باب على ما يقاتل المشركون ( 3/101) ح ( 2640)من طريق أبى صالح عن أبي هريرة
[71] ذم الكلام ( ق-210 )
[72] أخرج هذا الأثر الدارقطني في الصفات ص75 , والآجري في الشريعة ص314 والبيهقي في الاعتقاد ص118 , وابن عبدالبر في التمهيد 7/149
[73] سورة القيامة 22
[74] سورة المطففين 15
[75] الانتقاء ص36
[76] 2/42
[77] الذي يروي عن الإمام مالك باسم ابن نافع رجلان , أما الأول فهو عبدالله بن نافع بن ثابت الزبيري أبوبكر المدني قال عنه ابن حجر ( صدوق مات سنة 216هـ ) وأما الثاني فهو عبدالله بن نافع بن أبي نافع المخزومي مولاهم أبو محمد المدني قال عنه ابن حجر ( ثقة صحيح الكتاب في حفظه لينّ مات سنة 206هـ وقيل بعدها )
[78] هو أشهب بن عبدالعزيز بن داوود القيسي أبو عمر المصري قال عنه ابن حجر ( ثقة فقيه مات سنة 204هـ ) تقريب التهذيب 1/80 , وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب 1/35
[79] سورة الأعراف 143
[80] سورة الأعراف 143
[81] سورة المطففين 15
[82] جاء في لسان العرب 3/446 ( وجد عليه في الغضب يجد ويجدّ وجداً مَوْجِدَة ووجداناً وفي حديث الإيمان أني سائلك فلا تجد عليّ , أي لا تغضب من سؤالي )
[83] الحلية 6/325 , 326 - وأخرجه أيضاً الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17-18 , من طريق جعفر بن عبدالله عن مالك وابن عبدالبر في التمهيد 7/151 من طريق عبدالله بن نافع عن مالك والبيهقي في الأسماء والصفات ص408 من طريق عبدالله بن وهب عن مالك قال الحافظ بن حجر في الفتح 13/406 – 407 إسناده جيد وصححه الذهبي في العلو ص103 .
[84] الزنديق : كلمة معربة عن الفارسية استعملها المسلمون أولا في الدلالة على القائلين بالأصلين النور والظلمة على مذهب المانوية وغيرهم ثم اتسع معناها عندهم فشمل الدهريين والملحدين وسائر أصحاب المعتقدات الضالة بل أطلق على المتشككين وكل متحرر عن أحكام الدين فكراً وعملا . انظر الموسوعة المُيسرة1/929 , وتاريخ الإلحاد لعبدالرحمن بدوي ص14-32
[85] الحلية 6/325 واخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/249 , من طريق أبي محمد يحيى بن خلف عن مالك , وأورده القاضي عياض في ترتيب المدارك 2/44
[86] الانتقاء ص35
[87] رواه أبو داوود في مسائل الإمام أحمد ص263 , وأخرجه عبدالله بن أحمد في السنة ص11 الطبعة القديمة , وابن عبدالبر في التمهيد 7/138
[88] هو عبدالله بن وهب القرشي مولاهم المصري قال عنه ابن حجر ( الفقيه ثقة حافظ عابد مات سنة197 هـ ) تقريب التهذيب 1/460
[89] سورة السجدة 13
[90] الحلية 6/326
[91] ترتيب المدارك 2/48 , وانظر أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/701
[92] السنة لابن أبي عاصم 1/87-88 , وأخرجه أيضاً أبونعيم في الحلية 6/326
[93] الانتقاء ص34
[94] سورة البقرة 221
[95] السنة لابن أبي عاصم 1/88 , الحلية 6/326
[96] يدعو إلى بدعته
[97] ترتيب المدارك 2/47
[98]. ترتيب المدارك 2/47
[99] هو عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج الرومي الأموي مولاهم المكي . قال عنه الذهبي ( الإمام الحافظ فقيه الحرم أبو الوليد ) مات سنة 150هـ تذكرة الحفاظ 1/169 , وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 10/400
[100] الانتقاء ص34
[101] الحلية 6/327
[102] سورة البقرة 143
[103] الانتقاء ص34
[104] هو عبدالله بن سوار بن عبدالله العنبري البصري القاضي , قال عنه ابن حجر ( ثقة مات سنة228هـ ) وقيل غير ذلك . تقريب التهذيب 1/421 , وتهذيب التهذيب 5/248
[105] سورة الحشر 10
[106] الحلية 6/327
[107] الذي تتلمذ على مالك وسمع منه من ولد الزبير بن العوام هو عبدالله بن نافع بن ثابت بت عبدالله بن الزبير بن العوام , وقد تقدم التعريف به , ومصعب بن عبدالله بن مصعب , وسيأتي التعريف به .
[108] سورة الفتح 29
[109] الحلية 6/327
[110] ترتيب المدارك 2/44-45
[111] هو مصعب بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبيـر ابن العوام الأسدي المدني نزيل بغـداد قال عنه ابن حجر ( صدوق عالم بالنسب مات سنة 236هـ ) تقريب التهذيب 2/252 , وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب 10/162
[112] جامع بيان العلم وفضله ص415 , ط/ دار الكتب الإسلامية
[113] الحلية 6/325
[114] هو إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي قال عنه ابن حجر ( صدوق مات سنة 214هـ ) تقريب التهذيب 1/60 , انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 1/245
[115] ذم الكلام ( ق –173 – أ )
[116] شرف أصحاب الحديث ص5
[117] ذم الكلام ( ق173 –ب )
[118] ذم الكلام ( ق173 – أ )
[119] الحلية 6/324
[120] جامع بيان العلم وفضله ص416 , 417 ط / دار الكتب الإسلامية. يتبع

lkhtabi
07-01-2006, 07:04 PM
المبحث الرابع: عقيدة الإمام الشافعي رحمه الله أ – قوله رحمه الله في التوحيد :

(1) أخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان قال : ( قال الشافعي : من حلف بالله أو باسم من أسمائه فحنث فعليه الكفارة , ومن حلف بشيء غير الله مثل أن يقول الرجل والكعبة وأبي وكذا وكذا ما كان , فحنث فلا كفارة عليه ويمين , ومثل ذلك قوله لعمري .. لا كفارة عليه ويمين بغير الله فهي مكروهة منهي عنها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل نهاكم أن تحلفوا بآبائكم , فمـن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليسكت ) [121]. ... ) [122].

وعلل الشافعي ذلك بأن أسماء الله غير مخلوقة , فمن حلف باسم الله فحنث فعليه الكفارة ) [123].

(2) وأورد ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية عن الشافعي أنه قال : ( القول في السُّنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يَقرُب من خلقه كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء ) [124].

(3) وأورد الذهبي عن المزني قال : ( قلت : إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي , فصرت إليه وهو في مسجد مصر , فلما جثوتُ بين يديه قلت : هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحداً لا يعلم علمك فما الذي عندك ؟ فغضب ثم قال : أتدي أين أنت ؟ قلت نعم . قال : هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون , أَبَلغَك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك ؟ قلت : لا قال : هل تكلم فيه الصحابة ؟ قلت : لا , قال : ندري كم نجماً في السماء ؟ قلت : لا , قال : فكوكب منها تعرف جنسه , طلوعه , أفوله , ممَ خُلق ؟ قلت : لا , قال : فشيء تراه يعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقَه ؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال : شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق إذ هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى قول الله تعالى : ( وإلهُكُم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم . إنَّ في خلق السموات والأرض ) [125]. . فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف على ما لم يبلغه عقلك ) [126].

(4) وأخرج ابن عبدالبر عن يونس بن عبدالأعلى [127]. قال : ( سمعت الشافعي يقول : إذا سمعت الرجل يقول الاسم غير المسمى أو الشيء غير الشيء فاشهــد عليـه بالزندقة ) [128].

(5) وقال الشافعي في كتابه الرسالة : ( والحمد لله .. الذي هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصفه به خلقه ) [129].

(6) وأورد الذهبي في السير عن الشافعي أن قال : ( نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن ووردت بها السُّنة وننفي التشبيه عنه كما نفى عن نفسه فقال : ( ليس كَمِثْلِه شيء ) [130]. .. ) [131].

(7) وأخرج ابن عبدالبر عن الربيع بن سليمان قال : ( سمعت الشافعي يقول في قول الله عز وجل : ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجُوبون ) [132]. . أعلمنا بذلك أن ثم قوماً غير مجموبين ينظرون إليه لا يضامون في رؤيته ) [133].

(8) وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال : ( حضرت محمد بن إدريس الشافعي جاءته رقعة من الصعيد فيها : ما تقول في قوله تعال ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجُوبون ) قال الشافعي : فلما حجبوا هؤلاء في السخط كان هذا دليلاً على أنه يرونه في الرضا . قال الربيع : قلت : يا أبا عبدالله وبه تقول ؟ قال : نعم به أدين الله ) [134].

(9) وأخرج ابن عبد البر عن الجارودي [135]. قال : ( ذكر عند الشافعي إبراهيم بن إسماعيل بن عليه [136]. فقال : أنا مخالف له في كل شيء وفي قول لا إله إلا الله لست أقول كما يقول أنا أقول : لا إله إلا الله الذي كلّم موسى عليه السلام تكليماً من وراء حجاب وذاك يقول لا إله إلا الله الذي خلق كلاماً اسمعه موسى من وراء حجاب ) [137].

(10) وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان , قال الشافعي : ( من قال القرآن مخلوق فهو كافر ) [138].

(11) وأخرج البيهقي عن أبي محمد الزبيري قال : ( قال رجل للشافعي أخبرني عن القرآن خالق هو ؟ قال الشافعي : اللهم لا . قال : فمخلوق ؟ قال الشافعي : اللهم لا . قال : فغير مخلوق ؟ قال الشافعي : اللهم نعم . قال : فما الدليل على انه غير مخلوق ؟ فرفع الشافعي رأسه وقال : تُقر بأن القرآن كلام الله , قال : نعم . قال الشافعي : سبقت في هذه الكلمة قال الله تعالى ذكره : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) [139]. , : ( وكَلَّم الله موسى تكلما ) [140]. . قال الشافعي : فتقر الله بأن الله كان وكان وكلامه ؟ أو كان الله ولم يكن كلامه ؟ فقال الرجل : بل كان الله وكان كلامه . قال : فتبسّم الشافعي وقال : يا كوفيون إنكم لتأتوني بعظيم من القول إذا كنتم تقرون بأن الله كان قبل القبل وكان كلامه فمن أين لكم الكلام : إن الكلام الله , أو سوى الله , أو غير الله , أو دون الله ؟ قال : فسكت الرجل وخرج ) [141].

(12) وقد جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي – من رواية أبي طالب العشاري [142]. ما نصّه قال : وقد سُئل عن صفات الله عز وجل وما ينبغي أن يؤمن به , فقال : ( لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم , أمته لا يسع [143]. أحداً من خلق الله عز وجل قامت لديه [144]. الحجة إن القرآن نزل به وصحيح عنده [145]. قول النبي صلى الله عليه وسلم , فيما روى عنده العدل خلافه [146]. فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله [147]. عز وجل , فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالدراية [148]. والفكر ونحو ذلك أخبار الله عز وجل أنه سميع وأن له يدين بقوله عز وجل : ( بل يداه مبسوطتان ) [149]. وأن له يميناً بقوله عز وجل : ( والسموات مطويات بيمينه ) [150]. , وإن له وجهاً بقوله عز وجل : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) [151]. , وقوله : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) [152]. وأن له قدماً بقوله صلى الله عليه وسلم : ( حتى يضع الرب عز وجل فيها قدمه ) [153]. يعني جهنم لقوله صلى الله عليه وسلم , للذي قتل في سبيل الله عز وجل أنه : ( لقي الله عز وجل وهو يضحك إليه ) [154]. وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم , بذلك وأنه ليس بأعور لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال فقال : ( إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ) [155]. وإن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأنه له إصبعاً بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من قلب إلا هو بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل ) [156]. وإن [157]. هذه المعاني التي وصف الله عز وجل بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم , لا يدرك [158]. حقه [159]. ذلك بالفكر والدراية [160]. ولا يكفر بجهلها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه وإن [161]. كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع : ( وجبت الدينونة ) [162]. على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكن نثبت [163]. هذه الصفات وننفي [164]. التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) [165]. .. ) [166].خر الاعتقاد .

ب- قوله رحمه الله في القدر :

(1) أخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان , قال : ( سُئل الشافعي عن القدر فقال :

ما شـئت كان وإن لم أشـأ وما شئت إن لم تشأ لم يكن

خلقت العباد على ما علـمت ففي العلم يجري الفتى والمسن

على ذا مننـت وهذا خذلت وهذا أعـنت وذا لم تعـن

فمنهم شقـي ومنهم سعـيد ومنهم قبيح ومنهم حسن ) [167].


(2) أورد البيهقي في مناقب الشافعي أن الشافعي قال : ( إن مشيئة العباد هي إلى الله تعالى ولا يشاءون إلا أن يشاء الله ربُّ العالمين , فإن الناس لم يخلقوا أعمالهم وهي خلق من خلق الله تعالى أفعال العباد وإن القدر خيره وشره من الله عز وجل , وإن عذاب القبر حق , ومساءلة القبور حق , والبعث حق , والحساب حق , والجنة والنار حق , وغير ذلك مما جاءت به السُّنن ) [168].

(3) واخرج اللالكائي عن المزني قال : ( قال الشافعي : تدري ما القدري ؟ الذي يقول إن الله لم يخلق الشيء حتى عمل به ) [169].

(4) وأورد البيهقي عن الشافعي حيث قال : ( القدرية الذين قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : ( هم مجوس هذه الأمة ) [170]. الذين يقولون إن الله لا يعلم المعاصي حتى تكون ) [171].

(4) وأخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان عن الشافعي أنه كان يكره الصلاة خلف القدري [172].

ج – قوله رحمه الله في الإيمان :

(1) أخرج ابن عبدالبر عن الربيع قال : ( سمعت الشافعي يقول : الإيمان قول وعمل واعتقاد بالقلب , ألا ترى قول الله عز وجل : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) [173]. , يعني صلاتكم إلى بيت المقـدس فسمى الصـلاة إيماناً وهي قول وعمـل وعقد ) [174].

(2) وأخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان قال : ( سمعت الشافعي يقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) [175].

(3) وأخرج البيهقي عن أبي محمد الزبيري قال : ( قال رجل للشافعي أي الأعمال عند الله أفضل ؟ قال الشافعي : ما لا يقبل عملاً إلا به , قال : وما ذاك ؟ قال الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو , أعلى الأعمال درجة , وأشرفها منزلة , وأسناها حظاً . قال الرجل ألا تخبرني عن الإيمان : قول وعمل , أو قول بلا عمل ؟ قال الشافعي : الإيمان عمل لله والقول بعض ذلك العمل , قال الرجل : صف لي ذلك حتى أفهمه و قال الشافعي : إن للإيمان حالات ودرجات وطبقات فمنها التام المنتهي تمامه , والناقص البينِّ نقصانه , والراجح الزائد رجحانه , قال الرجل : وإن الإيمان لا يتم وينقص ويزيد ؟ قال الشافعي : نعم , قال : وما الدليل على ذلك ؟ قال الشافعي : إن الله جلّ ذكره فرض الإيمان على جوارح بني آدم , فقسّمه فيها, وفرّقه عليها . فليس من جوارحه جارحة إلا وقد ولكت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تعالى : فمنها : قلبه الذي يعقل به , ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره .
ومنها : عيناه اللتان ينظر بهما , وأُذناه اللتان يسمع بهما , ويداه اللتان يبطش بهما , ورجلاه اللتان يمشي بهما , وفرجه الذي الباهُ من قبله ولسانه الذي ينطق به , ورأسه الذي فيه وجهه .
فرض على القلب غير ما فرض على اللسان , وفرض على السمع غير ما فرض على العينين , وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين , وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه .
فأما فرض الله على القلب من الإيمان : فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم بأن الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له , لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً , وأن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله , والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب فذلك ما فرض الله جل ثناؤه على القلب وهو عمله : ( إلا من أُكره وقلبُه مطمئن بالإيمان ولكن مَن شرح بالكُفر صدراً ) [176]. وقال : ( ألا بذكر الله تطمئن القُلوب ) [177]. وقال : ( مِنَ الذي آمنوا بأفواههم ولم تُؤمن قُلُوُبُهُم ) [178]. , وقـال : ( وإن تُبدوا ما في أنفسكم أو تُخفوه يُحاسبكم به الله ) [179]. , فذلك ما فرض الله على القلب من الإيمان , وهو عمله , وهو رأس الإيمان .
وفرض : ( الله ) على اللسان : القول والتعبير عن القلب بما عقد وأقرّ به , فقال في ذلك : ( قُولُوا آمنا بالله ) [180]. . وقال : ( وقُولوا للناس حُسنا ) [181]. فذلك ما فرض الله على اللسان من القول , والتعبير عن القلب , وهو عمله , والفرض عليه من الإيمان .
وفرض الله على : ( السمع ) : أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرّم الله , وأن يُبغض عما نهى الله عنه , فقال في ذلك : ( وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم ) [182]. ثم استثنى موضع النسيان , فقال جلّ وعزّ : ( وإما يُنسينّك الشيطان ) أي : فقعدت معهم : ( فلا تقعد بعد الذكرى مع القـوم الظالمين ) [183]. , وقـال : ( فبشر عبد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هو أولوا الألباب ) [184]. , وقال : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) إلى قوله : ( للزكاة فاعلون ) [185]. , وقال : ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ) [186]. , وقال : ( وإذا مروا باللغو مروا كراماً ) [187]. فذلك ما فرض الله , جلّ ذكره , على السمع من التنزيه عمّا لا يحل له , وهو عمله وهو من الإيمان .
( وفرض على العينين ) ألا ينظر بهما إلى ما حرّم الله , وأن يغضهما عمّا نهاه عنه , فقال تبارك وتعالى , في ذلك : ( قُل للمؤمنين يَغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) [188]. الآيتين : أن ينظر أحدهم إلى فرج أخيه و ويحفظ فرجه من أن يُنظر إليه .
وقال : كل شيء من حفظ الفرج , في كتاب الله , فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها في النظر .
فذلك ما فرض الله على العينين من غضّ البصر , وهو عملهما وهو من الإيمان .
ثم أخبرنا عمّا على القلب والسمع والبصر , في آية واحدة , فقال و سبحانه وتعالى في ذلك : ( ولا تقف ما ليس له به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ) [189]. قال : يعني وفرض على الفرج : أن لا يهتكه بما حّرم الله عليه : ( والذين هُم لفروجهم حافظون ) [190]. , وقال : ( وما كنت تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ) [191]. الآية يعني بالجلود : الفروج والأفخاذ فذلك ما فرض الله على الفروج من حفظهما عمّا لا يحل له , وهو عملهما .
( وفرض على اليدين ) ألا يبطش بهما إلى ما حرّم الله تعالى , وأن يبطش بهما , إلى ما أمر الله من الصدقة وصلة الرحم , والجهاد في سبيل الله , والطهور للصلوات , فقال في ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قُمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى المرافق ) [192]. إلى آخر الآية , وقال : ( فإذا لقيتم الذي كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منّا بعد وإما فداء ) [193]. لأن الضرب , والحرب , وصلة الرحم , والصدقة من علاجها .
( وفرض على الرجلين ) ألا يمشي بهما إلى ما حرّم الله , جلّ ذكره , فقال في ذلك : ( ولا تـمش في الأرض مرحاً إنّك لن تخـرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً ) [194].
( وفرض على الوجه ) السجود لله بالليل والنهار , ومواقيت الصلاة , فقال في ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تُفلحون ) [195]. , وقال : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا من الله أحداً ) [196]. يعني المساجد : ما يسجد عليه ابن آدم في صلاته , من الجبهة وغيرها .
قال : فذلك ما فرض الله على هذه الجوارح .
وسمىّ الطهور والصلوات إيماناً في كتابه , وذلك حين صرف الله تعالى , وجه نبيه صلى الله عليه وسلم من الصلاة إلى بيت المقدس , وأمره بالصلاة إلى الكعبة . وكان المسلمون قد صلّوا إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً , فقالوا : يا رسول الله , أرأيت صلاتنا التي كنا نصليها إلى بيت المقدس , ما حالها وحالنا ؟
فأنزل الله تعالى : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس برءوف رحيم ) [197]. فسمّى الصلاة إيماناً , فمن لقي الله حافظاً لصلواته , حافظاً لجوارحه , مؤدياً بكل جارحة من جوارحه ما أمر الله به وفرض عليها – لقي الله مستكمل الإيمان من أهل الجنة , ومن كان لشيء منها تاركاً متعمداً مما أمر الله به – لقي الله ناقص الإيمان . قال : وقد عرفت نقصانه وإتمامه , فمن أين جاءت زيادته ؟
قال الشافعي : قال الله جلّ ذكره : ( وَإذا ما أنْزلت سُورةٌ فَمِنْهُم مَنْ يقولُ أيُّكُم زَادَتْهُ هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتْهُم إيماناً وهُم يَستَبشرون . وأمَّا الذين في قُلوبهم مَرَضٌ فزادتْهُم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهُم كافرون ) [198]. وقال : ( إنَّهم فتيةٌ آمنوا بِربِّهم وزدناهم هُدى ) [199].
قال الشافعي : ولو كان هذا الإيمان كله واحداً لا نقصان فيه ولا زيادة – لم يكن لأحد فيه فضل , واستوى الناس , وبطل التفضيل . ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة , وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجـات عند الله : ( في الجنة ) وبالنقصان من الإيمان دخل المُفرِّطون النار .
قال الشافعي : إن الله جل وعز , سابق بين عباده كما سُوبق بين الخيل يوم الرهان . ثم إنهم على درجاتهم من سبق عليه , فجعل كل امـرىء على درجة سبقه , لا ينقصه فيها حقه , ولا يُقدّم مسبوق على سابق , ولا مفضول على فاضل . وبذلك فضل أول هذه الأمة على آخرها . ولو لم يكن لما سبق إلى الإيمان فضل على من أبطأ عنه – للحق آخر هذه الأمة بأولها ) [200].

د – قوله رحمه الله في الصحابة :

(1) أورد البيهقي عن الشافعي أنه قال : ( أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم , فرحهم الله , وهنأهم بما أتاهم في ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين , فهم أدوا إلينا سُنن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وشاهدوه والوحي ينزل عليه , فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاماً وخاصاً وعزماً وإرشاداً , وعرفوا من سُنّته ما عرفنا وجهلنا , وهو فوقنا في كل علم واجتهاد , وورع وعقل , وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا منت آرائنا عندنا لأنفسنا والله أعلم ) [201].

(2) وأخرج البيهقي عن ربيع بن سليمان قال : ( سمعت الشافعي يقول في التفضيل : أبوبكر وعمر وعثمان وعلي ) [202].

(3) وأخرج البيهقي عن محمد بن عبدالله بن عبدالحكم [203]. قال : ( سمعت الشافعي يقول : أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم , أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي – رضي الله عنهم - ) [204].

(4) وأخرج الهروي عن يوسف بن يحيي البويطي قال : ( سألت الشافعي أأصلي خلف الرافضي ؟ قال : لا تصل خلف الرافضي ولا القدري ولا المرجئ . قلت : صفهم لنا , قال : من قال : الإيمان قول فهو مرجئ , ومن قال : إن أبابكر وعمر ليسا بإمامين فهو رافضي , ومن جعل المشيئة إلى نفسه فهو قدري ) [205].

هـ - نهيه رحمه الله عن الكلام والخصومات في الدين :

(1) أخرج الهروي عن الربيع بن سليمان قال : ( سمعت الشافعي يقول : ... لو أن رجلاً أوصى بكتبه من العلم لآخر , وكان فيها كتب الكلام , لم تدخل في الوصية لأنه ليس من العِلْم ) [206].

(2) وأخرج الهروي عن الحسن الزعفراني قال : ( سمعت الشافعي يقول : ما ناظرت أحداً في الكلام إلا مرة وأنا أستغفر الله من ذلك ) [207].

(3) وأخرج الهروي عن الربيع بن سليمان قال : ( قال الشافعي : لو أردت أن أضع على كل مخالف كتاباً كبيراً لفعلت , ولكن ليس الكلام من شأني , ولا أحب أن ينسب إليّ منه شيء ) [208].

(4) وأخرج ابن بطة عن أبي ثور قال : ( قال لي الشافعي : ما رأيت أحداً ارتدى شيئاً من الكلام فأفلح ) [209].

(5) وأخرج الهروي عن يونس المصري قال : ( قال الشافعي : لأن يبتلي الله المرء بما نهى الله عنه خلا الشرك بالله خير من أن يبتليه بالكلام ) [210].

فهذه أقوال الإمام الشافعي رحمه الله في مسائل أصول الدين , وهذا موقفه من عِلْم الكلام.


--------------------------------------------------------------------------------

[121] أخرجه البخاري – كتاب الإيمان والنذور , باب لا تحلفوا بآبائكم 11/530 , ومسلم كتاب الإيمان باب النهي عن الحلف بغير الله 3/1266 , ح1646
[122] مناقب الشافعي 1/405
[123] رواه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ص193 , وأيونعيم في الحلية 9/112-113 , والبيهقي في السنن الكبرى 10/28 , وفي الأسماء والصفات ص255-256 , وذكره البغوي في شرح السنة 1/188 , وانظر العلو ص121 , ومختصره ص77
[124] اجتماع الجيوش الإسلامية ص165 , إثبات العلو ص124 , وانظر مجموع الفتاوى 4/181-183 , والعلو للذهبي ص120 , ومختصره للألباني ص176
[125] سورة البقرة 163-164
[126] سير أعلام النبلاء 10/31
[127] هو ينس بن ميسرة الصدفي قال عنه ابن حجر ( ثقة من صغار العاشرة مات سنة 264هـ ) تقريب التهذيب 2/385 , وانظر ترجمته في ذرات الذهب 2/149 , وطبقات الشافعية لابن هداية الله ص28
[128] الانتقاء ص79 , ومجموع الفتاوى 6/178
[129] الرسالة ص7 - 8
[130] سورة الشورى 11
[131] السير 20/341
[132] سورة المطففين 15
[133] الانتقاء ص79
[134] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/506
[135] لعله موسى بن أبي الجارود قال عنه النووي ( أحد أصحاب الشافعي والآخذين عنه الرواة عنه ) , وقال ابن وهبة الله ( كان يفتي بمكة على مذهب الشافعي ولا يعلم تاريخ وفاته ) , تهذيب الأسماء واللغات 2/120 , وطبقات الشافعة لابن هداية الله ص29
[136] هو إبراهيم بن إسماعيل بن علية قال عنه الذهبي ( جهمي هالك كان يناظر ويقول بخلق القرآن مات سنة 218هـ ) ميزان الاعتدال 1/20 , وانظر ترجمته في لسان الميزان 1/34-35
[137] الانتقاء ص79 , والقصة ذكرها الحافظ في مناقب الشافعي للبيهقي , اللسان 1/35
[138] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/252
[139] سورة التوبة 6
[140] سورة النساء 164
[141] مناقب الشافعي 1/407-408
[142] هو محمد بن علي العشاري شيخ صدوق معروف وقد تفرد برواية هذا الجزء وهو مما أدخل عليه فحدّث به بسلامة باطن قاله الذهبي في الميزان 3/656 , لكن اعتمد فير واحد من السلف ما هو مثبت في هذه العقيدة كالموفق ابن قدامة في كتاب صفة العلو ص124 , وابن أبي يعلى في الطبقات 1/283 , وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص165 , والذهبي نفسه في السير 10/79 , ثم إن هذه الرسالة التي سأنقلها بنصها قد قرئت على الإمام الحافظ ابن نصر الدمشقي ونقلها جميعها ابن أبي يعلى في الطبقات وسأثبت الفروق بينهما .
[143] في الطبقات ( لا يسمع )
[144] في الطبقات ( عليه )
[145] في الطبقات ( عنه بقوله )
[146] في الطبقات ( سقطت كلمة خلافة )
[147] في الطبقات ( فهو بالله كافر )
[148] في الطبقات ( ولا بالرواية )
[149] سورة المائدة 64
[150] سورة الزمر 67
[151] سورة القصص 88
[152] سورة الرحمن 27
[153] أخرجه البخاري كتاب التفسير باب ( وتقول هل من مزيد ) 8/564 , ح4848 – ومسلم كتاب الوصية وصفة نعيمها وأهلها باب النار يدخلوها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء 4/2187 , ح 2848 - كلاهما من طريق قتادة عن أنس بن مالك
[154] أخرجه البخاري كتاب الجهاد باب الكفار يقتل المسلم 6/39 , ح2826 – ومسلم كتاب الإمارة باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة 3/1504 , ح1890 – كلاهما من طريق الأعرج عن أبي هريرة .
[155] أخرجه البخاري كتاب الفتن باب ذكر الدجال 13/91 – ح7131 – ومسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة باب ذكر الدجال وصفته 4/2248 , ح2933 – كلاهما من طريق قتادة عن أنس بن مالك .
[156] أخرجه بنحو هذا اللفظ أحمد في المسند 4/182 , وابن ماجه في المقدمة باب : فيما أنكرت الجهمية 1/72 , ح 199 والحاكم في المستدرك 1/525 , والآجري في الشريعة ص317 , وابن منده في الرد على الجهمية ص87 , جميعهم من حديث النواس بن سمعان قال الحاكم ( صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ) وأقره الذهبي في التلخيص , وقال ابن منده ( حديث النواس بن سمعان حديث النواس بن سمعان حديث ثابت رواه الأئمة المشاهير ممن لا يمكن الطعن على واحد منهم )
[157] في الطبقات ( فإن )
[158] في الطبقات ( مما لا يدرك )
[159] في الطبقات ( حقيقته )
[160] في الطبقات ( والروية )
[161] في الطبقات ( فإن كان )
[162] ما بين القوسين مثبت من الطبقات
[163] في الطبقات ( يثبت )
[164] في الطبقات ( وينفي )
[165] سورة الشورى 11
[166] نقلت هذا الاعتقاد من نسخة مصورة من أصل خطي محفوظ في المكتبة المركزية بجامعة ليدن بهولندا
[167] مناقب الشافعي 1/412-413 , شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/702
[168] مناقب الشافعي 1/415
[169] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/701
[170] أخرجه أبوداوود كتاب السنة باب في القدر 5/66 - ح4691 , والحاكم في المستدرك 1/85 , كلاهما من طريق أبي حازم عن ابن عمر , قال الحاكم ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع أبي حازم من ابن عمر ولم يخرجاه ) وأقره الذهبي .
[171] مناقب الشافعي 1/413
[172] مناقب الشافعي 1/413
[173] سورة البقرة
[174] الانتقاء ص81
[175] مناقب الشافعي 1/387
[176] سورة النحل 106
[177] سورة الرعد 28
[178] سور المائدة 41
[179] سور البقرة 284
[180] سورة البقرة 136
[181] سورة البقرة 83
[182] سورة النساء 140
[183] سورة الأنعام 68
[184] سورة الزمر 17-18
[185] سورة المؤمنون 1-4
[186] سورة القصص 55
[187] سورة الفرقان 72
[188] سورة النور 30-31
[189] سورة الإسراء 36
[190] سورة المؤمنين
[191] سورة فصلت 22
[192] سورة المائدة 6
[193] سورة محمد 4
[194] سورة الإسراء 37
[195] سورة الحج 77
[196] سورة الحج 18
[197] سورة البقرة 143
[198] سورة التوبة 124-125
[199] سورة الكهف 13
[200] مناقب الشافعي 1/387-393
[201] مناقب الشافعي 1/442
[202] مناقب الشافعي 1/432
[203] هو محمد بن عبدالله بن عبدالحكم المصري أبو عبدالله , قال عنه الشيرازي ( صحب الشافعي وتفقه به وحمل في المحنة إلى بغداد إلى ابن أبي داؤد ولم يجب إلى ما طلب منه ورد إلى مصر .. مات سنة اثنتين وستين ومائتين ) طبقات الفقهاء ص99 وانظر ترجمته في طبقات الشافعية لابن هداية الله ص30 وشذرات الذهب 2/154
[204] مناقب الشافعي 1/433
[205] ذك الكلام ( ق-215 ) وأورده الذهبي في السير 10/31
[206] ذم الكلام ( ق –213 ) وأورده الذهبي في السير 10/30
[207] ذم الكلام ( ق-213 ) وأورده الذهبي في السير 10/30
[208] ذم الكلام ( ق-215 )
[209] الإبانة الكبرى ص535-536
[210] مناقب الشافعي لابن أبي حاتم ص182 المبحث الخامس: عقيدة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أ – قوله رحمه الله في التوحيد :

(1) جاء في طبقات الحنابلة [211]. : ( إن الإمام أحمد سُئل عن التوكل , فقال : قطع الاستشراق بالإياس من الخلق ).

(2) وجاء في كتاب المحنة [212]. لحنبل أن الإمام أحمد قال : ( لم يزل الله عز وجل متكلماً والقرآن كلام الله عز وجل غير مخلوق وعلى كل جهة , ولا يوصف الله بشيء أكثر مما وصف به نفسه عز وجل ).

(3) وأورد ابن أبي يعلى عن أبي بكر المروزي قال : ( سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها وقال : تلقتها الأمة بالقبول وتمرّ الأخبار كما جاءت ) [213].

(4) قال عبدالله بن أحمد في كتاب السُّنَّة : إن أحمد قال : ( من زعم أن الله لا يتكلم فهو كافر إلا أننا نروي هذه الأحاديث كما جاءت ) [214].

(5) وأخرج اللالكائي عن حنبل [215]. أنه سأل الإمام أحمد عن الرؤية فقال : ( أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر , وكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم , بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر ) [216].

(6) وأورد ابن الجوزي من المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدد [217]. وفيه : ( صفوا الله بما وصف به نفسه , وانفوا عن الله ما نفاه عن نفسه .. ) [218].

(7) جاء في كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد قوله : ( وزعم – جهم بن صفوان – أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدّث عن رسوله كان كافراً وكان من المشبهة ) [219].

(8) وأورد ابن تيمية في " الدرء " قول الإمام أحمد : ( نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حدّ ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد , فصفات الله منه وله وهو كما وصف نفسه لا تدركه الأبصار ) [220].

(9) وأورد ابن أبي يعلى عن أحمد أنه قال : ( من زعم أن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر مكذب بالقرآن ) [221].

(10) وأورد ابن أبي يعلى عن عبدالله بن أحمد قال : ( سألت أبي عن قوم يقولون : لما كلّم الله موسى لم يتكلم بصوت فقال أبي : تكلم الله بصوت وهذه الأحاديث نرويها كما جاءت ) [222].

(11) وأخرج اللالكائي عن عبدوس بن مالك العطار قال : ( سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول : ( ... والقرآن كلام الله وليس بمخلوق ولا تضعف أن تقول ليس بمخلوق فإن كلام الله منه وليس منه شيء مخلوق ) [223].

ب – قوله رحمه الله في القدر :

(1) أورد ابن الجوزي في المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدد وفيه : ( ويؤمن بالقدر خيره وشره وحلوه ومُرّه من الله ) [224].

(2) وأخرج الخلال عن أبي بكر المروزي قال : ( سُئل أبو عبدالله فقال : الخير والشر مقدر على العباد ؟ فقيل له : الله خلق الخير والشر , قال : نعم , الله قدره ) [225].

(3) وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله : ( والقدر خيره وشره وقليله وكثيره , وظاهره وباطنه , وحلوه ومُرّه , ومحبوبه ومكروهه , وحسنه وسيئه , وأوله وآخره من الله قضاء قضاه على عباده وقدر قدره , ولا يعدو واحد منهم مشيئة الله عزّ وجل ولا يجاوز قضاءه ) [226].

(4) وأخرج الخلال عن محمد بن أبي هارون عن أبي الحارث قال : ( سمعت أبا عبدالله يقول : فالله عزّ وجل قدر الطاعة والمعاصي , وقدّر الخير والشر , ومن كتب سعيداً فهو سعيد ومن كتب شقياً فهو شقي ) [227].

(5) قال عبدالله بن أحمد سمعت أبي وسأله علي بن جهم عمن قال بالقدر يكون كافراً ؟ قال : ( إذا جحد العلم إذا قال : إن الله لم يكن عالماً حتى خلق علماً فعلم فجحد علم الله فهو كافر ) [228].

(6) قال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي مرة أخرى عن الصلاة خلف القدري , فقال : إن كان يخاصم فيه ويدعو إليه فلا تصل خلفه ) [229].

ج – قوله رحمه الله في الإيمان :

(1) أورد ابن أبي يعلى عن أحمد قال : ( من أفضل خصال الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) [230].

(2) وأورد ابن الجوزي عن ا؛مد قال : ( الإيمان يزيد وينقص كما جاء في الخبر : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) [231].... ) [232].

(3) وأخرج الخلال عن سليمان بن أشعث [233]. قال : ( إن أبا عبدالله قال : الصلاة والزكاة والحج والبر من الإيمان والمعاصي تنقص الإيمان ) [234].

(4) قال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي عن رجل يقول : الإيمان قول وعمل , يزيد وينقص ولكن لا يستثني أمرجىء ؟ قال : أرجو ألا يكون مرجئاً . سمعت أبي يقول : الحجـة على ما لا يستثني قول رسول صلى الله علـيه وسلم لأهل القبور : ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) [235]. ... ) [236].

(5) قال عبدالله بن أحمد : ( سمعت أبي – رحمه الله – سُئل عن الإرجاء فقال : نحن نقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص , إذا زنى وشرب الخمر نقص إيمانه ) [237].

د – قوله رحمه الله في الصحابة :

(1) جاء في كتاب السنة للإمام أحمد ما يأتي : ( ومن السُّنَّة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , كلهم أجمعين , والكف عن ذكر مساوئهم والخلاف الذي شجر بينهم , فمن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو أحداً منهم فهو مبتدع , رافضي خبيث , مجلف , لا يقبل الله من صرفاً , ولا عدلاً , بل حبهم سُنَّة والدعاء لهم قربة , والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة ) . ثم قال : ( ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الأربعة خير الناس , ولا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساوئهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص , فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته , ليس له أن يعفو عنه ) [238].

(2) أورد ابن الجوزي رسالة أحمد إلى مسدد وفيها : ( وأن تشهد للعشرة أنهم في الجنة أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبدالرحمن بن عوف وأبوعبيدة بن الـجراح ومن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم , شهـدنا له بالجنة ) [239].

(3) قال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي عن الأئمة فقال : أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ) [240].

(4) وقال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي عن قوم يقولون : إن علياً ليس بخليفة , قال هذا قول سوء ردي ) [241].

(5) وأورد ابن الجوزي عن أحمد قال : ( من لم يثبت الخلافة لعلي فهو أضل من حمار أهله ) [242].

(6) وأورد ابن أبي يعلى عن أحمد قال : ( من لم يربع علي بن أبي طالب الخلافة فلا تكلموه , ولا تناكحوه ) [243].

هـ - نهيه رحمه الله عن الكلام والخصومات في الدين :

(1) أخرج ابن بطة عن أبي بكر المروزي قال : ( سمعت أبا عبدالله يقول : من تعاطى الكلام لم يفلح ومن تعاطى الكلام لم يخل أن يتجهم ) [244].

(2) وأورد ابن عبدالبر في جامع بيان العلم عن أحمد قال : ( إنه لا يفلح صاحب كلام أبداً ولا تكاد ترى أحداً نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل ) [245].

(3) وأخرج الهروي عن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال : ( كتب أبي إلى عبيد الله بن يحيي بن خاقان [246]. : لست بصاحب كلام , ولا أرى الكلام في شيء من هذا , إلا ما كان في كتاب الله أو في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محدود ) [247].

(4) واخرج ابن الجوزي عن موسى بن عبدالله الطرسوسي قال : ( سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبوا عن السنة ) [248].

(5) وأخرج ابن بطة عن أبي الحارث الصايغ قال : ( من أحب الكلام لم يخرج من قلبه , ولا ترى صاحب الكلام يفلح ) [249].

(6) وأخرج ابن بطة عن عبيد الله بن حنبل قال : ( حدثني أبي قال : سمعت أبا عبدالله يقول : عليكم بالسنة والحديث وينفعكم الله به , وإيّاكم والخوض والجدال والمراء فإنه لا يفلح من أحب الكلام , وكل من أحدث كلاماً لم يكن آخر أمره إلا إلى بدعة , لأن الكلام لا يدعو إلى خير , ولا أحب الكلام ولا الخوض ولا الجدال , وعليكم بالسُّنن والآثار والفقه الذي تنتفعون به , ودعوا الجدال وكلام أهل الزيغ والمراء , أدركنا الناس ولا يعرفون هذا , ويجانبون أهل الكلام وعاقبة الكلام لا تؤول إلى خير , أعاننا الله وإياكم من الفتن وسلّمنا وإياكم من كل هلكة ) [250].

(7) أورد ابن بطة في الإبانة عن أحمد قال : ( إذا رأيـت الرجل يحـب الكلام فاحذروه ) [251].

فهذه أقواله رحمه الله في مسائل أصول الدين وهذا موقفه من علم الكلام .


[211] طبقات الحنابلة 1/416
[212] كتاب المحنة ص68
[213] طبقات الحنابلة 1/56
[214] السنة ص ( 71 دار الكتب العلمية )
[215] هو حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد أبو علي الشيباني وهو ابن عم أحمد بن حنبل قال عنه الخطيب ( ثقة ثبت ) مات سنة 273هـ , تاريخ بغداد 5/286 , 287 , وانظر ترجمته في طبقات الحنابلة 1/143
[216] شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/507
[217] هو مسدد بن مسرهد بن مسر بل الأسدي البصري قال عنه الذهبي ( الإمام الحافظ الحجة ) مات سنة 288هـ و سير اعلام النبلاء 10/591
[218] مناقب الإمام أحمد ص221
[219] الرد على الجهمية ص104
[220] درء تعارض العقل والنقل 2/30
[221] طبقات الحنابلة 1/59 , 145
[222] طبقات الحنابلة 1/185
[223] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/157
[224] مناقب الإمام أحمد ص169 , 172 , ط / دار الآفاق الجديدة
[225] السنة للخلال ( ق – 85 )
[226] السنة ص68
[227] السنة للخلال ( ق-85 )
[228] السنة لعبدالله بن أحمد ص119
[229] السنة ص 1/384
[230] طبقات الحنابلة 2/275
[231] أخرجه أحمد في المسند 2/250 , وأبو داوود في كتاب السنة باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه 5/60 ( ح 4682 ) والترمذي في الرضاع باب ما جاء في حق المرأة على زوجها 3/457 ( ح 1162 ) جميعهم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة , وقال الترمذي ( هذا حديث حسن صحيح )
[232] مناقب الإمام أحمد ص173 , وانظر ص 153 , 168
[233] هو أبو داوود سليمان بن أشعث بن إسحاق السجستاني صاحب السنن , قال عنه الذهبي ( الإمام الثبت سيد الحفاظ ) مات سنة 275هـ , تذكرة الحفاظ 2/591 , وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 9/55
[234] السنة للخلال ( ق-96 )
[235] أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها 2/669 ( ح974 ) من طريق عطاء عن عائشة رضي الله عنها
[236] السنة لعبدالله 1/307 , 308 , ط / المحققة
[237] السنة لعبدالله بن أحمد 1/307
[238] كتاب السنة للإمام أحمد ص77-78
[239] مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص170 , ط دار الآفاق الجديدة
[240] السنة ص235
[241] السنة ص235
[242] مناقب الإمام أحمد ص163 , ط / دار الآفاق
[243] طبقات الحنابلة 1/45
[244] الإبانة 2/538
[245] جامع بيان العلم وفضله 2/95 , ط / دار الكتب العلمية
[246] هو أبو الحسن عبيد الله بن يحيي بن خاقان التركي ثم البغدادي , قال عنه الذهبي ( الوزير الكبير .. وزير المتوكل وللمعتمد .. وحظي عند المتوكل وكان سمحاً جواداً ) وقال أبي يعلى ( نقل عن إمامنا أشياء منها أنه قال : سمعت أحمد يقول " أنزه نفسي عن مال السلطان وليس بحرام ") مات سنة 263هـ , سير أعلام النبلاء 13/9 , طبقات الحنابلة 1/204
[247] ذم الكلام ( ق –216 ، ب )
[248] مناقب الإمام أحمد ص205
[249] الإبانة لابن بطة 2/539
[250] الإبانة لابن بطة 2/539
[251] الإبانة لابن بطة 2/540 الخاتمة
[الكاتب: محمد الخميس]

ظهر لنا مما تقدم تطابق أقوال الأئمة الأربعة , واتفاقها لأن عقيدتهم واحدة , ما عدا مسألة الإيمان التي انفرد بها الإمام أبوحنيفة . وع ذلك قيل إنه رجع عنها .

فهذه العقيدة هي الجديرة بأن تجمع المسلمين على كلمة سواءٍ وتعصمهم من التفرق في الدين لأنها مستمدة من كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم , فقليل من الناس من يفقه عقيدة هؤلاء الأئمة ويعرفها حق المعرفة ويفهمها حق الفهم فقد شاع أن هؤلاء الأربعة مفوضون لا يعرفون من النص إلا مجرد قراءته وكأن الله ما أنزل الوحي إلا عبثا .

وقد قال تعالى : ( كتابٌ أنزلناه مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) [252].

وقال تعالى : ( وإنه لتزيل ربُّ العالمين نزلّ به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذزين بلسان عربي مبين ) [253].

وقال تعالى : ( إنّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ) [254].

فالله تعالى أنزل الكتاب لتدبر آياته والاتعاظ به , وأخبر أنه أنزله بلسان عربي مبين ليعقل الناس معناه ويفهموه , وإذا كان الله نزله لتدبر آياته بلسان عربي مبين فإنه يلزم أن يكون معناه مُيسراً علمه لمن نزل إليهم بمقتضى ذلك اللسان , ثم إنه لو لم يكن معناه يمكن علمه لكان إنزاله عبثاً إذ لا فائدة من كلمات تنزل على قوم هي عندهم بمنزلة الحروف المهملة التي لا معنى لها , فهذا القول جناية على عقيدة الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم ورمي بها هم منه براء . فهم يعرفون معاني نصوص الوحي ويفقهونها لقربهم من عهد النبوة , بل هم أحق الناس بذلك وهم يتعبدون لله بعبادات فهموها من دلالة الكتاب والسنة واعتقدوها حقاً وشرعاً من عند الله تعالى , فإذا فهموا الطريق الموصل لمعبودهم فكيف لا يعرفون معبودهم بصفات الكمال ولا يعقلون معاني النصوص التي عرف الله بها عباده بنفسه .

الحاصل أن عقيدة الأئمة الأربعة هي العقيدة الصحيحة التي جاءت في الكتاب والسنة من منبع صافٍ لا تشوبه شائبة التأويل والتعطيل أو التشبيه أو التمثيل , فالمعطل والمشبه لم يفهم من الصفات الإلهية إلا ما لا يليق بالمخلوقين وهذا خلاف ما فطر الله عليه العباد من أنه ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله .

والله أسأل أن ينفع بهذه الرسالة المسلمين وأن يجمعهم على عقيدة واحدة وطريقة واحدة , عقيدة الكتاب والسنة وهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسنته , والله من وراء القصد.


وهو حسبنا ونعم الوكيل
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله علي نبينا محمد


--------------------------------------------------------------------------------

[252] سورة ص 29
[253] سورة الشعراء 192-193-194-195
[254] سورة يوسف 2

lkhtabi
07-01-2006, 07:05 PM
المبحث الرابع: عقيدة الإمام الشافعي رحمه الله أ – قوله رحمه الله في التوحيد :

(1) أخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان قال : ( قال الشافعي : من حلف بالله أو باسم من أسمائه فحنث فعليه الكفارة , ومن حلف بشيء غير الله مثل أن يقول الرجل والكعبة وأبي وكذا وكذا ما كان , فحنث فلا كفارة عليه ويمين , ومثل ذلك قوله لعمري .. لا كفارة عليه ويمين بغير الله فهي مكروهة منهي عنها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل نهاكم أن تحلفوا بآبائكم , فمـن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليسكت ) [121]. ... ) [122].

وعلل الشافعي ذلك بأن أسماء الله غير مخلوقة , فمن حلف باسم الله فحنث فعليه الكفارة ) [123].

(2) وأورد ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية عن الشافعي أنه قال : ( القول في السُّنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يَقرُب من خلقه كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء ) [124].

(3) وأورد الذهبي عن المزني قال : ( قلت : إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي , فصرت إليه وهو في مسجد مصر , فلما جثوتُ بين يديه قلت : هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحداً لا يعلم علمك فما الذي عندك ؟ فغضب ثم قال : أتدي أين أنت ؟ قلت نعم . قال : هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون , أَبَلغَك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك ؟ قلت : لا قال : هل تكلم فيه الصحابة ؟ قلت : لا , قال : ندري كم نجماً في السماء ؟ قلت : لا , قال : فكوكب منها تعرف جنسه , طلوعه , أفوله , ممَ خُلق ؟ قلت : لا , قال : فشيء تراه يعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقَه ؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال : شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق إذ هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى قول الله تعالى : ( وإلهُكُم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم . إنَّ في خلق السموات والأرض ) [125]. . فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف على ما لم يبلغه عقلك ) [126].

(4) وأخرج ابن عبدالبر عن يونس بن عبدالأعلى [127]. قال : ( سمعت الشافعي يقول : إذا سمعت الرجل يقول الاسم غير المسمى أو الشيء غير الشيء فاشهــد عليـه بالزندقة ) [128].

(5) وقال الشافعي في كتابه الرسالة : ( والحمد لله .. الذي هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصفه به خلقه ) [129].

(6) وأورد الذهبي في السير عن الشافعي أن قال : ( نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن ووردت بها السُّنة وننفي التشبيه عنه كما نفى عن نفسه فقال : ( ليس كَمِثْلِه شيء ) [130]. .. ) [131].

(7) وأخرج ابن عبدالبر عن الربيع بن سليمان قال : ( سمعت الشافعي يقول في قول الله عز وجل : ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجُوبون ) [132]. . أعلمنا بذلك أن ثم قوماً غير مجموبين ينظرون إليه لا يضامون في رؤيته ) [133].

(8) وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال : ( حضرت محمد بن إدريس الشافعي جاءته رقعة من الصعيد فيها : ما تقول في قوله تعال ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجُوبون ) قال الشافعي : فلما حجبوا هؤلاء في السخط كان هذا دليلاً على أنه يرونه في الرضا . قال الربيع : قلت : يا أبا عبدالله وبه تقول ؟ قال : نعم به أدين الله ) [134].

(9) وأخرج ابن عبد البر عن الجارودي [135]. قال : ( ذكر عند الشافعي إبراهيم بن إسماعيل بن عليه [136]. فقال : أنا مخالف له في كل شيء وفي قول لا إله إلا الله لست أقول كما يقول أنا أقول : لا إله إلا الله الذي كلّم موسى عليه السلام تكليماً من وراء حجاب وذاك يقول لا إله إلا الله الذي خلق كلاماً اسمعه موسى من وراء حجاب ) [137].

(10) وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان , قال الشافعي : ( من قال القرآن مخلوق فهو كافر ) [138].

(11) وأخرج البيهقي عن أبي محمد الزبيري قال : ( قال رجل للشافعي أخبرني عن القرآن خالق هو ؟ قال الشافعي : اللهم لا . قال : فمخلوق ؟ قال الشافعي : اللهم لا . قال : فغير مخلوق ؟ قال الشافعي : اللهم نعم . قال : فما الدليل على انه غير مخلوق ؟ فرفع الشافعي رأسه وقال : تُقر بأن القرآن كلام الله , قال : نعم . قال الشافعي : سبقت في هذه الكلمة قال الله تعالى ذكره : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) [139]. , : ( وكَلَّم الله موسى تكلما ) [140]. . قال الشافعي : فتقر الله بأن الله كان وكان وكلامه ؟ أو كان الله ولم يكن كلامه ؟ فقال الرجل : بل كان الله وكان كلامه . قال : فتبسّم الشافعي وقال : يا كوفيون إنكم لتأتوني بعظيم من القول إذا كنتم تقرون بأن الله كان قبل القبل وكان كلامه فمن أين لكم الكلام : إن الكلام الله , أو سوى الله , أو غير الله , أو دون الله ؟ قال : فسكت الرجل وخرج ) [141].

(12) وقد جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي – من رواية أبي طالب العشاري [142]. ما نصّه قال : وقد سُئل عن صفات الله عز وجل وما ينبغي أن يؤمن به , فقال : ( لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم , أمته لا يسع [143]. أحداً من خلق الله عز وجل قامت لديه [144]. الحجة إن القرآن نزل به وصحيح عنده [145]. قول النبي صلى الله عليه وسلم , فيما روى عنده العدل خلافه [146]. فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله [147]. عز وجل , فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالدراية [148]. والفكر ونحو ذلك أخبار الله عز وجل أنه سميع وأن له يدين بقوله عز وجل : ( بل يداه مبسوطتان ) [149]. وأن له يميناً بقوله عز وجل : ( والسموات مطويات بيمينه ) [150]. , وإن له وجهاً بقوله عز وجل : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) [151]. , وقوله : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) [152]. وأن له قدماً بقوله صلى الله عليه وسلم : ( حتى يضع الرب عز وجل فيها قدمه ) [153]. يعني جهنم لقوله صلى الله عليه وسلم , للذي قتل في سبيل الله عز وجل أنه : ( لقي الله عز وجل وهو يضحك إليه ) [154]. وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم , بذلك وأنه ليس بأعور لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال فقال : ( إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ) [155]. وإن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأنه له إصبعاً بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من قلب إلا هو بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل ) [156]. وإن [157]. هذه المعاني التي وصف الله عز وجل بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم , لا يدرك [158]. حقه [159]. ذلك بالفكر والدراية [160]. ولا يكفر بجهلها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه وإن [161]. كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع : ( وجبت الدينونة ) [162]. على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكن نثبت [163]. هذه الصفات وننفي [164]. التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) [165]. .. ) [166].خر الاعتقاد .

ب- قوله رحمه الله في القدر :

(1) أخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان , قال : ( سُئل الشافعي عن القدر فقال :

ما شـئت كان وإن لم أشـأ وما شئت إن لم تشأ لم يكن

خلقت العباد على ما علـمت ففي العلم يجري الفتى والمسن

على ذا مننـت وهذا خذلت وهذا أعـنت وذا لم تعـن

فمنهم شقـي ومنهم سعـيد ومنهم قبيح ومنهم حسن ) [167].


(2) أورد البيهقي في مناقب الشافعي أن الشافعي قال : ( إن مشيئة العباد هي إلى الله تعالى ولا يشاءون إلا أن يشاء الله ربُّ العالمين , فإن الناس لم يخلقوا أعمالهم وهي خلق من خلق الله تعالى أفعال العباد وإن القدر خيره وشره من الله عز وجل , وإن عذاب القبر حق , ومساءلة القبور حق , والبعث حق , والحساب حق , والجنة والنار حق , وغير ذلك مما جاءت به السُّنن ) [168].

(3) واخرج اللالكائي عن المزني قال : ( قال الشافعي : تدري ما القدري ؟ الذي يقول إن الله لم يخلق الشيء حتى عمل به ) [169].

(4) وأورد البيهقي عن الشافعي حيث قال : ( القدرية الذين قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : ( هم مجوس هذه الأمة ) [170]. الذين يقولون إن الله لا يعلم المعاصي حتى تكون ) [171].

(4) وأخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان عن الشافعي أنه كان يكره الصلاة خلف القدري [172].

ج – قوله رحمه الله في الإيمان :

(1) أخرج ابن عبدالبر عن الربيع قال : ( سمعت الشافعي يقول : الإيمان قول وعمل واعتقاد بالقلب , ألا ترى قول الله عز وجل : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) [173]. , يعني صلاتكم إلى بيت المقـدس فسمى الصـلاة إيماناً وهي قول وعمـل وعقد ) [174].

(2) وأخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان قال : ( سمعت الشافعي يقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) [175].

(3) وأخرج البيهقي عن أبي محمد الزبيري قال : ( قال رجل للشافعي أي الأعمال عند الله أفضل ؟ قال الشافعي : ما لا يقبل عملاً إلا به , قال : وما ذاك ؟ قال الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو , أعلى الأعمال درجة , وأشرفها منزلة , وأسناها حظاً . قال الرجل ألا تخبرني عن الإيمان : قول وعمل , أو قول بلا عمل ؟ قال الشافعي : الإيمان عمل لله والقول بعض ذلك العمل , قال الرجل : صف لي ذلك حتى أفهمه و قال الشافعي : إن للإيمان حالات ودرجات وطبقات فمنها التام المنتهي تمامه , والناقص البينِّ نقصانه , والراجح الزائد رجحانه , قال الرجل : وإن الإيمان لا يتم وينقص ويزيد ؟ قال الشافعي : نعم , قال : وما الدليل على ذلك ؟ قال الشافعي : إن الله جلّ ذكره فرض الإيمان على جوارح بني آدم , فقسّمه فيها, وفرّقه عليها . فليس من جوارحه جارحة إلا وقد ولكت من الإيمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تعالى : فمنها : قلبه الذي يعقل به , ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره .
ومنها : عيناه اللتان ينظر بهما , وأُذناه اللتان يسمع بهما , ويداه اللتان يبطش بهما , ورجلاه اللتان يمشي بهما , وفرجه الذي الباهُ من قبله ولسانه الذي ينطق به , ورأسه الذي فيه وجهه .
فرض على القلب غير ما فرض على اللسان , وفرض على السمع غير ما فرض على العينين , وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين , وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه .
فأما فرض الله على القلب من الإيمان : فالإقرار والمعرفة والعقد والرضا والتسليم بأن الله لا إله إلا هو وحده لا شريك له , لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً , وأن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله , والإقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب فذلك ما فرض الله جل ثناؤه على القلب وهو عمله : ( إلا من أُكره وقلبُه مطمئن بالإيمان ولكن مَن شرح بالكُفر صدراً ) [176]. وقال : ( ألا بذكر الله تطمئن القُلوب ) [177]. وقال : ( مِنَ الذي آمنوا بأفواههم ولم تُؤمن قُلُوُبُهُم ) [178]. , وقـال : ( وإن تُبدوا ما في أنفسكم أو تُخفوه يُحاسبكم به الله ) [179]. , فذلك ما فرض الله على القلب من الإيمان , وهو عمله , وهو رأس الإيمان .
وفرض : ( الله ) على اللسان : القول والتعبير عن القلب بما عقد وأقرّ به , فقال في ذلك : ( قُولُوا آمنا بالله ) [180]. . وقال : ( وقُولوا للناس حُسنا ) [181]. فذلك ما فرض الله على اللسان من القول , والتعبير عن القلب , وهو عمله , والفرض عليه من الإيمان .
وفرض الله على : ( السمع ) : أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرّم الله , وأن يُبغض عما نهى الله عنه , فقال في ذلك : ( وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم ) [182]. ثم استثنى موضع النسيان , فقال جلّ وعزّ : ( وإما يُنسينّك الشيطان ) أي : فقعدت معهم : ( فلا تقعد بعد الذكرى مع القـوم الظالمين ) [183]. , وقـال : ( فبشر عبد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هو أولوا الألباب ) [184]. , وقال : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) إلى قوله : ( للزكاة فاعلون ) [185]. , وقال : ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ) [186]. , وقال : ( وإذا مروا باللغو مروا كراماً ) [187]. فذلك ما فرض الله , جلّ ذكره , على السمع من التنزيه عمّا لا يحل له , وهو عمله وهو من الإيمان .
( وفرض على العينين ) ألا ينظر بهما إلى ما حرّم الله , وأن يغضهما عمّا نهاه عنه , فقال تبارك وتعالى , في ذلك : ( قُل للمؤمنين يَغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) [188]. الآيتين : أن ينظر أحدهم إلى فرج أخيه و ويحفظ فرجه من أن يُنظر إليه .
وقال : كل شيء من حفظ الفرج , في كتاب الله , فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها في النظر .
فذلك ما فرض الله على العينين من غضّ البصر , وهو عملهما وهو من الإيمان .
ثم أخبرنا عمّا على القلب والسمع والبصر , في آية واحدة , فقال و سبحانه وتعالى في ذلك : ( ولا تقف ما ليس له به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ) [189]. قال : يعني وفرض على الفرج : أن لا يهتكه بما حّرم الله عليه : ( والذين هُم لفروجهم حافظون ) [190]. , وقال : ( وما كنت تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ) [191]. الآية يعني بالجلود : الفروج والأفخاذ فذلك ما فرض الله على الفروج من حفظهما عمّا لا يحل له , وهو عملهما .
( وفرض على اليدين ) ألا يبطش بهما إلى ما حرّم الله تعالى , وأن يبطش بهما , إلى ما أمر الله من الصدقة وصلة الرحم , والجهاد في سبيل الله , والطهور للصلوات , فقال في ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قُمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى المرافق ) [192]. إلى آخر الآية , وقال : ( فإذا لقيتم الذي كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منّا بعد وإما فداء ) [193]. لأن الضرب , والحرب , وصلة الرحم , والصدقة من علاجها .
( وفرض على الرجلين ) ألا يمشي بهما إلى ما حرّم الله , جلّ ذكره , فقال في ذلك : ( ولا تـمش في الأرض مرحاً إنّك لن تخـرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً ) [194].
( وفرض على الوجه ) السجود لله بالليل والنهار , ومواقيت الصلاة , فقال في ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تُفلحون ) [195]. , وقال : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا من الله أحداً ) [196]. يعني المساجد : ما يسجد عليه ابن آدم في صلاته , من الجبهة وغيرها .
قال : فذلك ما فرض الله على هذه الجوارح .
وسمىّ الطهور والصلوات إيماناً في كتابه , وذلك حين صرف الله تعالى , وجه نبيه صلى الله عليه وسلم من الصلاة إلى بيت المقدس , وأمره بالصلاة إلى الكعبة . وكان المسلمون قد صلّوا إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً , فقالوا : يا رسول الله , أرأيت صلاتنا التي كنا نصليها إلى بيت المقدس , ما حالها وحالنا ؟
فأنزل الله تعالى : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس برءوف رحيم ) [197]. فسمّى الصلاة إيماناً , فمن لقي الله حافظاً لصلواته , حافظاً لجوارحه , مؤدياً بكل جارحة من جوارحه ما أمر الله به وفرض عليها – لقي الله مستكمل الإيمان من أهل الجنة , ومن كان لشيء منها تاركاً متعمداً مما أمر الله به – لقي الله ناقص الإيمان . قال : وقد عرفت نقصانه وإتمامه , فمن أين جاءت زيادته ؟
قال الشافعي : قال الله جلّ ذكره : ( وَإذا ما أنْزلت سُورةٌ فَمِنْهُم مَنْ يقولُ أيُّكُم زَادَتْهُ هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتْهُم إيماناً وهُم يَستَبشرون . وأمَّا الذين في قُلوبهم مَرَضٌ فزادتْهُم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهُم كافرون ) [198]. وقال : ( إنَّهم فتيةٌ آمنوا بِربِّهم وزدناهم هُدى ) [199].
قال الشافعي : ولو كان هذا الإيمان كله واحداً لا نقصان فيه ولا زيادة – لم يكن لأحد فيه فضل , واستوى الناس , وبطل التفضيل . ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة , وبالزيادة في الإيمان تفاضل المؤمنون بالدرجـات عند الله : ( في الجنة ) وبالنقصان من الإيمان دخل المُفرِّطون النار .
قال الشافعي : إن الله جل وعز , سابق بين عباده كما سُوبق بين الخيل يوم الرهان . ثم إنهم على درجاتهم من سبق عليه , فجعل كل امـرىء على درجة سبقه , لا ينقصه فيها حقه , ولا يُقدّم مسبوق على سابق , ولا مفضول على فاضل . وبذلك فضل أول هذه الأمة على آخرها . ولو لم يكن لما سبق إلى الإيمان فضل على من أبطأ عنه – للحق آخر هذه الأمة بأولها ) [200].

د – قوله رحمه الله في الصحابة :

(1) أورد البيهقي عن الشافعي أنه قال : ( أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم , فرحهم الله , وهنأهم بما أتاهم في ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين , فهم أدوا إلينا سُنن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وشاهدوه والوحي ينزل عليه , فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاماً وخاصاً وعزماً وإرشاداً , وعرفوا من سُنّته ما عرفنا وجهلنا , وهو فوقنا في كل علم واجتهاد , وورع وعقل , وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا منت آرائنا عندنا لأنفسنا والله أعلم ) [201].

(2) وأخرج البيهقي عن ربيع بن سليمان قال : ( سمعت الشافعي يقول في التفضيل : أبوبكر وعمر وعثمان وعلي ) [202].

(3) وأخرج البيهقي عن محمد بن عبدالله بن عبدالحكم [203]. قال : ( سمعت الشافعي يقول : أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم , أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي – رضي الله عنهم - ) [204].

(4) وأخرج الهروي عن يوسف بن يحيي البويطي قال : ( سألت الشافعي أأصلي خلف الرافضي ؟ قال : لا تصل خلف الرافضي ولا القدري ولا المرجئ . قلت : صفهم لنا , قال : من قال : الإيمان قول فهو مرجئ , ومن قال : إن أبابكر وعمر ليسا بإمامين فهو رافضي , ومن جعل المشيئة إلى نفسه فهو قدري ) [205].

هـ - نهيه رحمه الله عن الكلام والخصومات في الدين :

(1) أخرج الهروي عن الربيع بن سليمان قال : ( سمعت الشافعي يقول : ... لو أن رجلاً أوصى بكتبه من العلم لآخر , وكان فيها كتب الكلام , لم تدخل في الوصية لأنه ليس من العِلْم ) [206].

(2) وأخرج الهروي عن الحسن الزعفراني قال : ( سمعت الشافعي يقول : ما ناظرت أحداً في الكلام إلا مرة وأنا أستغفر الله من ذلك ) [207].

(3) وأخرج الهروي عن الربيع بن سليمان قال : ( قال الشافعي : لو أردت أن أضع على كل مخالف كتاباً كبيراً لفعلت , ولكن ليس الكلام من شأني , ولا أحب أن ينسب إليّ منه شيء ) [208].

(4) وأخرج ابن بطة عن أبي ثور قال : ( قال لي الشافعي : ما رأيت أحداً ارتدى شيئاً من الكلام فأفلح ) [209].

(5) وأخرج الهروي عن يونس المصري قال : ( قال الشافعي : لأن يبتلي الله المرء بما نهى الله عنه خلا الشرك بالله خير من أن يبتليه بالكلام ) [210].

فهذه أقوال الإمام الشافعي رحمه الله في مسائل أصول الدين , وهذا موقفه من عِلْم الكلام.


--------------------------------------------------------------------------------

[121] أخرجه البخاري – كتاب الإيمان والنذور , باب لا تحلفوا بآبائكم 11/530 , ومسلم كتاب الإيمان باب النهي عن الحلف بغير الله 3/1266 , ح1646
[122] مناقب الشافعي 1/405
[123] رواه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ص193 , وأيونعيم في الحلية 9/112-113 , والبيهقي في السنن الكبرى 10/28 , وفي الأسماء والصفات ص255-256 , وذكره البغوي في شرح السنة 1/188 , وانظر العلو ص121 , ومختصره ص77
[124] اجتماع الجيوش الإسلامية ص165 , إثبات العلو ص124 , وانظر مجموع الفتاوى 4/181-183 , والعلو للذهبي ص120 , ومختصره للألباني ص176
[125] سورة البقرة 163-164
[126] سير أعلام النبلاء 10/31
[127] هو ينس بن ميسرة الصدفي قال عنه ابن حجر ( ثقة من صغار العاشرة مات سنة 264هـ ) تقريب التهذيب 2/385 , وانظر ترجمته في ذرات الذهب 2/149 , وطبقات الشافعية لابن هداية الله ص28
[128] الانتقاء ص79 , ومجموع الفتاوى 6/178
[129] الرسالة ص7 - 8
[130] سورة الشورى 11
[131] السير 20/341
[132] سورة المطففين 15
[133] الانتقاء ص79
[134] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/506
[135] لعله موسى بن أبي الجارود قال عنه النووي ( أحد أصحاب الشافعي والآخذين عنه الرواة عنه ) , وقال ابن وهبة الله ( كان يفتي بمكة على مذهب الشافعي ولا يعلم تاريخ وفاته ) , تهذيب الأسماء واللغات 2/120 , وطبقات الشافعة لابن هداية الله ص29
[136] هو إبراهيم بن إسماعيل بن علية قال عنه الذهبي ( جهمي هالك كان يناظر ويقول بخلق القرآن مات سنة 218هـ ) ميزان الاعتدال 1/20 , وانظر ترجمته في لسان الميزان 1/34-35
[137] الانتقاء ص79 , والقصة ذكرها الحافظ في مناقب الشافعي للبيهقي , اللسان 1/35
[138] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/252
[139] سورة التوبة 6
[140] سورة النساء 164
[141] مناقب الشافعي 1/407-408
[142] هو محمد بن علي العشاري شيخ صدوق معروف وقد تفرد برواية هذا الجزء وهو مما أدخل عليه فحدّث به بسلامة باطن قاله الذهبي في الميزان 3/656 , لكن اعتمد فير واحد من السلف ما هو مثبت في هذه العقيدة كالموفق ابن قدامة في كتاب صفة العلو ص124 , وابن أبي يعلى في الطبقات 1/283 , وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص165 , والذهبي نفسه في السير 10/79 , ثم إن هذه الرسالة التي سأنقلها بنصها قد قرئت على الإمام الحافظ ابن نصر الدمشقي ونقلها جميعها ابن أبي يعلى في الطبقات وسأثبت الفروق بينهما .
[143] في الطبقات ( لا يسمع )
[144] في الطبقات ( عليه )
[145] في الطبقات ( عنه بقوله )
[146] في الطبقات ( سقطت كلمة خلافة )
[147] في الطبقات ( فهو بالله كافر )
[148] في الطبقات ( ولا بالرواية )
[149] سورة المائدة 64
[150] سورة الزمر 67
[151] سورة القصص 88
[152] سورة الرحمن 27
[153] أخرجه البخاري كتاب التفسير باب ( وتقول هل من مزيد ) 8/564 , ح4848 – ومسلم كتاب الوصية وصفة نعيمها وأهلها باب النار يدخلوها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء 4/2187 , ح 2848 - كلاهما من طريق قتادة عن أنس بن مالك
[154] أخرجه البخاري كتاب الجهاد باب الكفار يقتل المسلم 6/39 , ح2826 – ومسلم كتاب الإمارة باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة 3/1504 , ح1890 – كلاهما من طريق الأعرج عن أبي هريرة .
[155] أخرجه البخاري كتاب الفتن باب ذكر الدجال 13/91 – ح7131 – ومسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة باب ذكر الدجال وصفته 4/2248 , ح2933 – كلاهما من طريق قتادة عن أنس بن مالك .
[156] أخرجه بنحو هذا اللفظ أحمد في المسند 4/182 , وابن ماجه في المقدمة باب : فيما أنكرت الجهمية 1/72 , ح 199 والحاكم في المستدرك 1/525 , والآجري في الشريعة ص317 , وابن منده في الرد على الجهمية ص87 , جميعهم من حديث النواس بن سمعان قال الحاكم ( صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ) وأقره الذهبي في التلخيص , وقال ابن منده ( حديث النواس بن سمعان حديث النواس بن سمعان حديث ثابت رواه الأئمة المشاهير ممن لا يمكن الطعن على واحد منهم )
[157] في الطبقات ( فإن )
[158] في الطبقات ( مما لا يدرك )
[159] في الطبقات ( حقيقته )
[160] في الطبقات ( والروية )
[161] في الطبقات ( فإن كان )
[162] ما بين القوسين مثبت من الطبقات
[163] في الطبقات ( يثبت )
[164] في الطبقات ( وينفي )
[165] سورة الشورى 11
[166] نقلت هذا الاعتقاد من نسخة مصورة من أصل خطي محفوظ في المكتبة المركزية بجامعة ليدن بهولندا
[167] مناقب الشافعي 1/412-413 , شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/702
[168] مناقب الشافعي 1/415
[169] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/701
[170] أخرجه أبوداوود كتاب السنة باب في القدر 5/66 - ح4691 , والحاكم في المستدرك 1/85 , كلاهما من طريق أبي حازم عن ابن عمر , قال الحاكم ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع أبي حازم من ابن عمر ولم يخرجاه ) وأقره الذهبي .
[171] مناقب الشافعي 1/413
[172] مناقب الشافعي 1/413
[173] سورة البقرة
[174] الانتقاء ص81
[175] مناقب الشافعي 1/387
[176] سورة النحل 106
[177] سورة الرعد 28
[178] سور المائدة 41
[179] سور البقرة 284
[180] سورة البقرة 136
[181] سورة البقرة 83
[182] سورة النساء 140
[183] سورة الأنعام 68
[184] سورة الزمر 17-18
[185] سورة المؤمنون 1-4
[186] سورة القصص 55
[187] سورة الفرقان 72
[188] سورة النور 30-31
[189] سورة الإسراء 36
[190] سورة المؤمنين
[191] سورة فصلت 22
[192] سورة المائدة 6
[193] سورة محمد 4
[194] سورة الإسراء 37
[195] سورة الحج 77
[196] سورة الحج 18
[197] سورة البقرة 143
[198] سورة التوبة 124-125
[199] سورة الكهف 13
[200] مناقب الشافعي 1/387-393
[201] مناقب الشافعي 1/442
[202] مناقب الشافعي 1/432
[203] هو محمد بن عبدالله بن عبدالحكم المصري أبو عبدالله , قال عنه الشيرازي ( صحب الشافعي وتفقه به وحمل في المحنة إلى بغداد إلى ابن أبي داؤد ولم يجب إلى ما طلب منه ورد إلى مصر .. مات سنة اثنتين وستين ومائتين ) طبقات الفقهاء ص99 وانظر ترجمته في طبقات الشافعية لابن هداية الله ص30 وشذرات الذهب 2/154
[204] مناقب الشافعي 1/433
[205] ذك الكلام ( ق-215 ) وأورده الذهبي في السير 10/31
[206] ذم الكلام ( ق –213 ) وأورده الذهبي في السير 10/30
[207] ذم الكلام ( ق-213 ) وأورده الذهبي في السير 10/30
[208] ذم الكلام ( ق-215 )
[209] الإبانة الكبرى ص535-536
[210] مناقب الشافعي لابن أبي حاتم ص182 المبحث الخامس: عقيدة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أ – قوله رحمه الله في التوحيد :

(1) جاء في طبقات الحنابلة [211]. : ( إن الإمام أحمد سُئل عن التوكل , فقال : قطع الاستشراق بالإياس من الخلق ).

(2) وجاء في كتاب المحنة [212]. لحنبل أن الإمام أحمد قال : ( لم يزل الله عز وجل متكلماً والقرآن كلام الله عز وجل غير مخلوق وعلى كل جهة , ولا يوصف الله بشيء أكثر مما وصف به نفسه عز وجل ).

(3) وأورد ابن أبي يعلى عن أبي بكر المروزي قال : ( سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها وقال : تلقتها الأمة بالقبول وتمرّ الأخبار كما جاءت ) [213].

(4) قال عبدالله بن أحمد في كتاب السُّنَّة : إن أحمد قال : ( من زعم أن الله لا يتكلم فهو كافر إلا أننا نروي هذه الأحاديث كما جاءت ) [214].

(5) وأخرج اللالكائي عن حنبل [215]. أنه سأل الإمام أحمد عن الرؤية فقال : ( أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر , وكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم , بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر ) [216].

(6) وأورد ابن الجوزي من المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدد [217]. وفيه : ( صفوا الله بما وصف به نفسه , وانفوا عن الله ما نفاه عن نفسه .. ) [218].

(7) جاء في كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد قوله : ( وزعم – جهم بن صفوان – أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدّث عن رسوله كان كافراً وكان من المشبهة ) [219].

(8) وأورد ابن تيمية في " الدرء " قول الإمام أحمد : ( نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حدّ ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد , فصفات الله منه وله وهو كما وصف نفسه لا تدركه الأبصار ) [220].

(9) وأورد ابن أبي يعلى عن أحمد أنه قال : ( من زعم أن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر مكذب بالقرآن ) [221].

(10) وأورد ابن أبي يعلى عن عبدالله بن أحمد قال : ( سألت أبي عن قوم يقولون : لما كلّم الله موسى لم يتكلم بصوت فقال أبي : تكلم الله بصوت وهذه الأحاديث نرويها كما جاءت ) [222].

(11) وأخرج اللالكائي عن عبدوس بن مالك العطار قال : ( سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول : ( ... والقرآن كلام الله وليس بمخلوق ولا تضعف أن تقول ليس بمخلوق فإن كلام الله منه وليس منه شيء مخلوق ) [223].

ب – قوله رحمه الله في القدر :

(1) أورد ابن الجوزي في المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدد وفيه : ( ويؤمن بالقدر خيره وشره وحلوه ومُرّه من الله ) [224].

(2) وأخرج الخلال عن أبي بكر المروزي قال : ( سُئل أبو عبدالله فقال : الخير والشر مقدر على العباد ؟ فقيل له : الله خلق الخير والشر , قال : نعم , الله قدره ) [225].

(3) وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله : ( والقدر خيره وشره وقليله وكثيره , وظاهره وباطنه , وحلوه ومُرّه , ومحبوبه ومكروهه , وحسنه وسيئه , وأوله وآخره من الله قضاء قضاه على عباده وقدر قدره , ولا يعدو واحد منهم مشيئة الله عزّ وجل ولا يجاوز قضاءه ) [226].

(4) وأخرج الخلال عن محمد بن أبي هارون عن أبي الحارث قال : ( سمعت أبا عبدالله يقول : فالله عزّ وجل قدر الطاعة والمعاصي , وقدّر الخير والشر , ومن كتب سعيداً فهو سعيد ومن كتب شقياً فهو شقي ) [227].

(5) قال عبدالله بن أحمد سمعت أبي وسأله علي بن جهم عمن قال بالقدر يكون كافراً ؟ قال : ( إذا جحد العلم إذا قال : إن الله لم يكن عالماً حتى خلق علماً فعلم فجحد علم الله فهو كافر ) [228].

(6) قال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي مرة أخرى عن الصلاة خلف القدري , فقال : إن كان يخاصم فيه ويدعو إليه فلا تصل خلفه ) [229].

ج – قوله رحمه الله في الإيمان :

(1) أورد ابن أبي يعلى عن أحمد قال : ( من أفضل خصال الإيمان الحب في الله والبغض في الله ) [230].

(2) وأورد ابن الجوزي عن ا؛مد قال : ( الإيمان يزيد وينقص كما جاء في الخبر : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) [231].... ) [232].

(3) وأخرج الخلال عن سليمان بن أشعث [233]. قال : ( إن أبا عبدالله قال : الصلاة والزكاة والحج والبر من الإيمان والمعاصي تنقص الإيمان ) [234].

(4) قال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي عن رجل يقول : الإيمان قول وعمل , يزيد وينقص ولكن لا يستثني أمرجىء ؟ قال : أرجو ألا يكون مرجئاً . سمعت أبي يقول : الحجـة على ما لا يستثني قول رسول صلى الله علـيه وسلم لأهل القبور : ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) [235]. ... ) [236].

(5) قال عبدالله بن أحمد : ( سمعت أبي – رحمه الله – سُئل عن الإرجاء فقال : نحن نقول : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص , إذا زنى وشرب الخمر نقص إيمانه ) [237].

د – قوله رحمه الله في الصحابة :

(1) جاء في كتاب السنة للإمام أحمد ما يأتي : ( ومن السُّنَّة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , كلهم أجمعين , والكف عن ذكر مساوئهم والخلاف الذي شجر بينهم , فمن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو أحداً منهم فهو مبتدع , رافضي خبيث , مجلف , لا يقبل الله من صرفاً , ولا عدلاً , بل حبهم سُنَّة والدعاء لهم قربة , والاقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة ) . ثم قال : ( ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الأربعة خير الناس , ولا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساوئهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص , فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته , ليس له أن يعفو عنه ) [238].

(2) أورد ابن الجوزي رسالة أحمد إلى مسدد وفيها : ( وأن تشهد للعشرة أنهم في الجنة أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبدالرحمن بن عوف وأبوعبيدة بن الـجراح ومن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم , شهـدنا له بالجنة ) [239].

(3) قال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي عن الأئمة فقال : أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ) [240].

(4) وقال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي عن قوم يقولون : إن علياً ليس بخليفة , قال هذا قول سوء ردي ) [241].

(5) وأورد ابن الجوزي عن أحمد قال : ( من لم يثبت الخلافة لعلي فهو أضل من حمار أهله ) [242].

(6) وأورد ابن أبي يعلى عن أحمد قال : ( من لم يربع علي بن أبي طالب الخلافة فلا تكلموه , ولا تناكحوه ) [243].

هـ - نهيه رحمه الله عن الكلام والخصومات في الدين :

(1) أخرج ابن بطة عن أبي بكر المروزي قال : ( سمعت أبا عبدالله يقول : من تعاطى الكلام لم يفلح ومن تعاطى الكلام لم يخل أن يتجهم ) [244].

(2) وأورد ابن عبدالبر في جامع بيان العلم عن أحمد قال : ( إنه لا يفلح صاحب كلام أبداً ولا تكاد ترى أحداً نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل ) [245].

(3) وأخرج الهروي عن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال : ( كتب أبي إلى عبيد الله بن يحيي بن خاقان [246]. : لست بصاحب كلام , ولا أرى الكلام في شيء من هذا , إلا ما كان في كتاب الله أو في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محدود ) [247].

(4) واخرج ابن الجوزي عن موسى بن عبدالله الطرسوسي قال : ( سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبوا عن السنة ) [248].

(5) وأخرج ابن بطة عن أبي الحارث الصايغ قال : ( من أحب الكلام لم يخرج من قلبه , ولا ترى صاحب الكلام يفلح ) [249].

(6) وأخرج ابن بطة عن عبيد الله بن حنبل قال : ( حدثني أبي قال : سمعت أبا عبدالله يقول : عليكم بالسنة والحديث وينفعكم الله به , وإيّاكم والخوض والجدال والمراء فإنه لا يفلح من أحب الكلام , وكل من أحدث كلاماً لم يكن آخر أمره إلا إلى بدعة , لأن الكلام لا يدعو إلى خير , ولا أحب الكلام ولا الخوض ولا الجدال , وعليكم بالسُّنن والآثار والفقه الذي تنتفعون به , ودعوا الجدال وكلام أهل الزيغ والمراء , أدركنا الناس ولا يعرفون هذا , ويجانبون أهل الكلام وعاقبة الكلام لا تؤول إلى خير , أعاننا الله وإياكم من الفتن وسلّمنا وإياكم من كل هلكة ) [250].

(7) أورد ابن بطة في الإبانة عن أحمد قال : ( إذا رأيـت الرجل يحـب الكلام فاحذروه ) [251].

فهذه أقواله رحمه الله في مسائل أصول الدين وهذا موقفه من علم الكلام .


[211] طبقات الحنابلة 1/416
[212] كتاب المحنة ص68
[213] طبقات الحنابلة 1/56
[214] السنة ص ( 71 دار الكتب العلمية )
[215] هو حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد أبو علي الشيباني وهو ابن عم أحمد بن حنبل قال عنه الخطيب ( ثقة ثبت ) مات سنة 273هـ , تاريخ بغداد 5/286 , 287 , وانظر ترجمته في طبقات الحنابلة 1/143
[216] شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/507
[217] هو مسدد بن مسرهد بن مسر بل الأسدي البصري قال عنه الذهبي ( الإمام الحافظ الحجة ) مات سنة 288هـ و سير اعلام النبلاء 10/591
[218] مناقب الإمام أحمد ص221
[219] الرد على الجهمية ص104
[220] درء تعارض العقل والنقل 2/30
[221] طبقات الحنابلة 1/59 , 145
[222] طبقات الحنابلة 1/185
[223] شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/157
[224] مناقب الإمام أحمد ص169 , 172 , ط / دار الآفاق الجديدة
[225] السنة للخلال ( ق – 85 )
[226] السنة ص68
[227] السنة للخلال ( ق-85 )
[228] السنة لعبدالله بن أحمد ص119
[229] السنة ص 1/384
[230] طبقات الحنابلة 2/275
[231] أخرجه أحمد في المسند 2/250 , وأبو داوود في كتاب السنة باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه 5/60 ( ح 4682 ) والترمذي في الرضاع باب ما جاء في حق المرأة على زوجها 3/457 ( ح 1162 ) جميعهم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة , وقال الترمذي ( هذا حديث حسن صحيح )
[232] مناقب الإمام أحمد ص173 , وانظر ص 153 , 168
[233] هو أبو داوود سليمان بن أشعث بن إسحاق السجستاني صاحب السنن , قال عنه الذهبي ( الإمام الثبت سيد الحفاظ ) مات سنة 275هـ , تذكرة الحفاظ 2/591 , وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 9/55
[234] السنة للخلال ( ق-96 )
[235] أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها 2/669 ( ح974 ) من طريق عطاء عن عائشة رضي الله عنها
[236] السنة لعبدالله 1/307 , 308 , ط / المحققة
[237] السنة لعبدالله بن أحمد 1/307
[238] كتاب السنة للإمام أحمد ص77-78
[239] مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص170 , ط دار الآفاق الجديدة
[240] السنة ص235
[241] السنة ص235
[242] مناقب الإمام أحمد ص163 , ط / دار الآفاق
[243] طبقات الحنابلة 1/45
[244] الإبانة 2/538
[245] جامع بيان العلم وفضله 2/95 , ط / دار الكتب العلمية
[246] هو أبو الحسن عبيد الله بن يحيي بن خاقان التركي ثم البغدادي , قال عنه الذهبي ( الوزير الكبير .. وزير المتوكل وللمعتمد .. وحظي عند المتوكل وكان سمحاً جواداً ) وقال أبي يعلى ( نقل عن إمامنا أشياء منها أنه قال : سمعت أحمد يقول " أنزه نفسي عن مال السلطان وليس بحرام ") مات سنة 263هـ , سير أعلام النبلاء 13/9 , طبقات الحنابلة 1/204
[247] ذم الكلام ( ق –216 ، ب )
[248] مناقب الإمام أحمد ص205
[249] الإبانة لابن بطة 2/539
[250] الإبانة لابن بطة 2/539
[251] الإبانة لابن بطة 2/540 الخاتمة
[الكاتب: محمد الخميس]

ظهر لنا مما تقدم تطابق أقوال الأئمة الأربعة , واتفاقها لأن عقيدتهم واحدة , ما عدا مسألة الإيمان التي انفرد بها الإمام أبوحنيفة . وع ذلك قيل إنه رجع عنها .

فهذه العقيدة هي الجديرة بأن تجمع المسلمين على كلمة سواءٍ وتعصمهم من التفرق في الدين لأنها مستمدة من كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم , فقليل من الناس من يفقه عقيدة هؤلاء الأئمة ويعرفها حق المعرفة ويفهمها حق الفهم فقد شاع أن هؤلاء الأربعة مفوضون لا يعرفون من النص إلا مجرد قراءته وكأن الله ما أنزل الوحي إلا عبثا .

وقد قال تعالى : ( كتابٌ أنزلناه مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) [252].

وقال تعالى : ( وإنه لتزيل ربُّ العالمين نزلّ به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذزين بلسان عربي مبين ) [253].

وقال تعالى : ( إنّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ) [254].

فالله تعالى أنزل الكتاب لتدبر آياته والاتعاظ به , وأخبر أنه أنزله بلسان عربي مبين ليعقل الناس معناه ويفهموه , وإذا كان الله نزله لتدبر آياته بلسان عربي مبين فإنه يلزم أن يكون معناه مُيسراً علمه لمن نزل إليهم بمقتضى ذلك اللسان , ثم إنه لو لم يكن معناه يمكن علمه لكان إنزاله عبثاً إذ لا فائدة من كلمات تنزل على قوم هي عندهم بمنزلة الحروف المهملة التي لا معنى لها , فهذا القول جناية على عقيدة الصحابة والتابعين والأئمة من بعدهم ورمي بها هم منه براء . فهم يعرفون معاني نصوص الوحي ويفقهونها لقربهم من عهد النبوة , بل هم أحق الناس بذلك وهم يتعبدون لله بعبادات فهموها من دلالة الكتاب والسنة واعتقدوها حقاً وشرعاً من عند الله تعالى , فإذا فهموا الطريق الموصل لمعبودهم فكيف لا يعرفون معبودهم بصفات الكمال ولا يعقلون معاني النصوص التي عرف الله بها عباده بنفسه .

الحاصل أن عقيدة الأئمة الأربعة هي العقيدة الصحيحة التي جاءت في الكتاب والسنة من منبع صافٍ لا تشوبه شائبة التأويل والتعطيل أو التشبيه أو التمثيل , فالمعطل والمشبه لم يفهم من الصفات الإلهية إلا ما لا يليق بالمخلوقين وهذا خلاف ما فطر الله عليه العباد من أنه ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله .

والله أسأل أن ينفع بهذه الرسالة المسلمين وأن يجمعهم على عقيدة واحدة وطريقة واحدة , عقيدة الكتاب والسنة وهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسنته , والله من وراء القصد.


وهو حسبنا ونعم الوكيل
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله علي نبينا محمد


--------------------------------------------------------------------------------

[252] سورة ص 29
[253] سورة الشعراء 192-193-194-195
[254] سورة يوسف 2