lkhtabi
07-01-2006, 06:59 PM
المحتويات
مقدمة
[الكاتب: محمد الخميس]
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) [1].
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) [2].
( يا أيها آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما ) [3].
أما بعد فقد قمت ببحث موسع لنيل درجة الدكتوراه في أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقد ضمنت المقدمة تلخيص عقيدة الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وقد طلب مني بعض الفضلاء إفراد عقيدة هؤلاء الثلاثة , ولاستكمال ذكر عقيدة الأئمة الأربعة , رأيت أن أضم إلى ما ذكرته في مقدمة بحثي تلخيص ما بستطه عن عقيدة الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد والقدر والإيمان والصحابة وموقفه من علم الكلام .
والله أسأل أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يوفقنا جميعاً لهدي كتابه والسير على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والله وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
محمد بن عبد الرحمن الخميس
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة آل عمران 102
[2] سورة النساء 1
[3] سورة الأحزاب 70-71
المبحث الأول: بيان أن اعتقاد الأئمة الأربعة واحد في مسائل أصول الدين ما عدا مسألة الإيمان
[الكاتب: محمد الخميس]
اعتقاد الأئمة الأربعة – أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله – هو ما نطق به الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وليس بين هؤلاء الأئمة ولله الحمد نزاع في أصول الدين بل هم متفقون على الإيمان بصفات الرب وأن القرآن كلام الله غير مخلوق , وأن الإيمان لا بد فيه من تصديق القلب واللسان , بل كانوا ينكرون على أهل الكلام من جهمية وغيرهم ممن تأثروا بالفلسفة اليونانية والمذاهب الكلامية ..
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ... ولكن من رحمة الله بعباده أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق كالأئمة الأربعة وغيرهم ... كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن والإيمان وصفات الرب , وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف من أن الله يُرى في الآخرة وأن القرآن كلام الله غير مخلوق , وأن الإيمان لا بد فيه من تصديق القلب واللسان ... ) [4].
وقال : ( إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولن : إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق , ويقولون : إن الله يُرى في الآخرة , هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد , والأوزاعي , وأبي حنيفة , والشافعي , وأحمد ) [5].
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن اعتقاد الشافعي فأجاب بقوله : ( اعتقاد الشافعي رضي الله عنه واعتقاد السلف الأمة كمالك والثوري والأوزارعي وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه هو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني وسهل بن عبدالله التستري وغيرهم , فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع في أول الدين وكذلك أبوحنفية رحمه الله فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد هؤلاء واعتقاد هؤلاء هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وهو ما نطق به الكتاب والسنة ) [6].
وهذا ما اختاره العلامة صديق حسن خان حيث يقول : ( فمذهبنا مذهب السلف إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل وهو مذهب أئمة الإسلام كمالك والشافعي والثوري وابن المبارك والإمام أحمد ... وغيرهم فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين وكذلك أبو حنيفة رضي الله عنه فإن الاعتقاد الثابت عنه موافق لاعتقاد هؤلاء وهو الذي نطق به الكتاب والسنة ... ) [7].
--------------------------------------------------------------------------------
[4] كتاب الإيمان ص350-351 دار الطباعةالمحمدية , تعليق الهراس
[5] منهاج السنة 2/106
[6] مجموع الفتاوى 5/256
[7] قطف الثمر ص47-48
المبحث الثاني: عقيدة الإمام أبي حنيفة رحمه الله
[الكاتب: محمد الخميس]
أ – أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد :
أولاً : عقيدته في توحيد الله وبيان التوسل الشرعي وإبطال التوسل البدعي :
(1) قال أبوحنيفة رحمه الله : ( لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون .. " [8]. ) [9].
(2) قال أبوحنيفة رحمه الله : ( يكره أن يقول الداعي أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ) [10].
(3) وقال أبوحنيفة : ( لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك ) [11].
ثانياً : قوله في إثبات الصفات والرد على الجهمية :
(4) وقال : ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين , وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف , وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى ولا يقال : غضبه عقوبته ورضاه ثوباه , ونصفه كما وصف نفسه أحدٌ لم يلم ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد , حيٌّ قادر سميع بصير عالم , يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس كوجوه خلقه ) [12].
(5) وقال : ( وله يد ووجه ونفس , كما ذكره الله تعالى في القرآن , فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس و فهو له صفات بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته , لأن فيه إبطال الصفة وهو قول أهل القدر والاعتزال ) [13].
(6) وقال : ( لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء بل يصفه بما وصف به نفسه ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله وتعالى رب العالمين ) [14].
(7) ولما سئُل عن النزول الإلهي قال : ( ينزل بلا كيف ) [15].
(8) وقال أبو حنيفة : ( والله تعالى يدعى من أعلى لا من أسفل لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء ) [16].
(9) وقال : ( وهو يغضب ويرضى ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه ) [17].
(10) وقال : ( ولا يشبه شيئاً من الأشياء من خلقه ولا يشبه من خلقه لم ينزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ) [18].
(11) وقال : ( وصفاته بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا , ويقدر لا كقدرتنا , ويرى لا كرؤيتنا , ويسمع لا كسمعنا , ويتكلم لا ككلامنا ) [19].
(12) وقال : ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين ) [20].
(13) وقال : ( ومن وصف الله تعالى بمعنى من معاني البشر فقد كفر ) [21].
(14) وقال : ( وصفاته الذاتية والفعلية , أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة , وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ) [22].
(15) وقال : ( ولم يزل فاعلاً بفعله والفعل صفة في الأزل والفاعل هو الله تعال والفعل صفة في الأزل والمفعول مخلوق وفعل الله تعالى غير مخلوق ) [23].
(16) وقال : ( من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر , وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض ) [24].
(17) وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده قال : ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض , فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى : ( وهو معكم ) [25]. قال : هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه ) [26].
(18) وقال كذلك : ( يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ) [27].
(19) وقال : ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى : ( وهو معكم ) [28]. قال : هو كما تكتب لرجل إني معك وأنت غائب عنه ) [29].
(20) وقال : ( قد كان متكلماً ولم يكن كلم موسى عليه السلام ) [30].
(21) وقال : ( ومتكلماً بكلامه والكلام صفة في الأزل ) [31].
(22) وقال : ( يتكلم لا ككلامنا ) [32].
(23) وقال : ( وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى كما قال الله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليماً ) [33]. وقد كان الله تعالى متكلماً ولم يكن كلم موسى عليه السلام ) [34].
(24) وقال : ( والقرآن كلام الله في المصاحف مكتوب وفي القلوب محفوظ , وعلى الألسن مقروء , وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أُنزل ) [35].
(25) وقال : ( والقرآن غير مخلوق ) [36].
ب – أقوال الإمام لأبي حنيفة رحمه الله في القدر :
(1) جاء رجل إلى الإمام أبي حنيفة يجادله في القدر فقال له : ( أما علمت أن الناظر في القدر كالناظر في عيني الشمس كلما إزداد نظراً إزداد تحيراً ) [37].
(2) يقول الإمام أبو حنيفة : ( وكان الله تعالى عالماً في الأزل بالأشـياء قبل كـونها ) [38].
(3) وقال : ( يعلم الله تعالى المعدوم في حالة عدنه معدوماً , ويعلم أنه كيف يكون إذا أوجده , ويعلم الله تعالى الموجود في حال وجوده موجوداً ويعلم كيف يكون فناؤه ) [39].
(4) يقول الإمام أبو حنيفة : ( وقدره في اللوح المحفوظ ) [40].
(5) وقال : ( ونقر بأن الله تعالى أمر بالقلم أن يكتب فقال القلم , ماذا أكتب يا رب ؟ فقال الله تعالى : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة لقوله تعالى : ( وكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستطر ) [41]. ) [42].
(6) وقال الإمام أبو حنيفة : ( ولا يكـون في الدنيا ولا في الآخـرة شيء إلا بمشيئته ) [43].
(7) ويقول الإمام أبو حنيفة : ( خلق الله الأشياء لا من شيء ) [44].
(8) وقال : ( وكان الله تعالى خالقاً قبل أن يخلق ) [45].
(9) وقال : ( نقر بأن العبد مع أعماله وإقراره ومعرفته مخلوق , فلما كان الفاعل مخلوقاً فأفعاله أولى أن تكون مخلوقة ) [46].
(10) وقال : ( جميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم والله تعالى خالقها وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره ) [47].
(11) قال الإمام أبو حنيفة : ( وجميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم على الحقيقة والله تعالى خلقها وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره , والطاعات كلها كانت واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته وبرضاه وبعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته لا بمحبته ولا برضائه ولا بأمره ) [48].
(12) وقال : ( خلق الله تعالى الخلق سليماً من الكفر والإيمان [49]. ثم خاطبهم وأمرهم ونهاهم , فكفر من كفر بفعله وإنكاره وجحوده الحق بخذلان الله تعالى إياه , وآمن من آمن بفعله وإقراره وتصديقه بتوفيق الله تعالى ونصرته له ) [50].
(13) وقال : ( وأخرج ذرية آدم من صلبه على صور الذر , فجعلهم عقلاء فخاطبهم و أمرهم بالإيمان ونهاهم عن الكفر , فأقروا له بالربوبية فكان ذلك منهم إيماناً فهم يولدون على تلك الفطرة , ومن كفر كفر بعد ذلك فقد بدلّ وغيّر , ومن آمن وصدق فقد ثبت عليه وداوم ) [51].
(14) وقال : ( وهو الذي قدّر الأشياء وقضاها ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شيء إلا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره , وكتبه في اللوح المحفوظ ) [52].
(15) وقال : ( لم يجبر أحداً من خلقه على الكفر ولا على الإيمان , ولكن خلقهم أشخاصاً والإيمان والكفر فعل العباد , ويعلم تعالى من يكفر في حال كفره كافراً , فإذا آمن بعد ذلك فإذا عَلِمه مؤمناً أحبه من غير أن يتغير علمه ) [53].
ج – أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله في الإيمان :
(1) قال : ( الإيمان هو الإقرار والتصديق ) [54].
(2) وقال : ( الإيمان إقرار باللسـان وتصديق بالجنان والإقـرار وحده لا يكون إيماناً ) [55]. ونقلها الطحاوي عن أبي حنيفة وصاحبيه [56].
(3) وقال أبو حنيفة : ( والإيمان لا يزيد ولا ينقص ) [57]. .
قلت : قوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه وقوله في مسمى الإيمان وأنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان وأن العمل خارج عن حقيقة الإيمان .
قوله هذا هو الفارق بين عقيدة الإمام أبي حنيفة في الإيمان وبين عقيدة سائر أئمة الإسلام مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم والحق معهم , وقول أبي حنيفة مجانب للصواب وهو مأجور في الحالين , وقد ذكر ابن عبدالبر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة رجع عن قوله والله أعلم [58].
د – قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله في الصحابة رضي الله عنهم :
(1) قال الإمام أبو حنيفة : ( ولا نذكر أحداً من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بخير ) [59].
(2) وقال : ( ولا نتبرأ من أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم , ولا نوالي أحداً دون أحد ) [60].
(3) ويقول : ( مقام أحدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة واحدة خير من عمل أحدنا جميع عمره وإن طال ) [61].
(4) وقال : ( نقر بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : أبوبكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم أجمعين ) [62].
(5) وقال : ( أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوبكر وعمر وعثمان وعلي , ثم نكف عن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بذكر جميل ) [63].
هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين :
(1) قال الإمام أبو حنيفة : ( أصحاب الأهواء في البصرة كثير , ودخلتها عشرين مرة ونيفاً وربما أقمت بها سنـة أو أكثر أو أقـل ظاناً عِلْم الكلام أجل العلوم ) [64].
(2) وقال : ( كنت أنظر في الكلام حتى بلغت مبلغاً يشار إليّ فيه بالأصابع , وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان فجآءتني امرأة فقالت : رجل له امرأة أمة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها ؟
فلم أرد أقول فأمرتها أن تسأل حماداً ثم ترجع فتخبرني فسألت حماداً فقال : يطلقها وهي طاهر من الحيض والجماع تطليقه ثم يتركها حتى تحيض حيضتين فإذا اغتسلت فقد حلّت للأزواج , فرجعت فأخبرني فقلت : لا حاجة لي في الكلام وأخذت نعلي فجلست إلى حماد ) [65].
(3) وقال : ( لعن الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا ينفعهم في الكلام ) [66].
وسأله رجل وقال : ما تقول فيما أحدثه الناس في الكلام في الأعراض والأجسام , فقال : ( مقالات الفلاسفة عليك بالأثر وطريق السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة ) [67].
(4) قال حماد ابن أبي حنيفة : ( دخل علي أبي – رحمه الله – يوماً وعندي جماعة من أصحاب الكلام ونحن نتناظر في باب , قد علت أصواتنا فلما سمعت حسَّه في الدار خرجت إليه فقال لي يا حماد من عندك ؟ قلت , فلان وفلان وفلان , سَّميت من كان عندي و قال : وفيم أنتم ؟ قلت : في باب كذا وكذا , فقال لي : يا حماد دع الكلام – قال : ولم أعهد أبي صاحب تخليط ولا ممن يأمر بالشيء ثم ينهى عنه . فقلت له : يا أبت ألست كنت تأمرني به , قال : بلى يا بني وأنا اليوم أنهاك عنه , قلت : ولم ذاك , فقال : يا بني إن هؤلاء المختلفين في أبواب من الكلام ممن ترى كانوا على قول واحد ودين واحد حتى نزغ الشيطان بينهم فألقى بينهم العداوة والاختلاف فتابينوا ... ) [68].
(5) وقال أبو حنيفة لأبي يوسف : ( إيّاك أن تكلم العامة في أصول الدين من الكلام فإنهم يقلدونك فيشتغلون بذلك ) [69].
هذه طائفة من أقواله – رحمه الله – وما يعتقده في مسائل أصول الدين وموقفه من الكلام والمتكلمين .
--------------------------------------------------------------------------------
[8] سورة الأعراف 180
[9] الدر المختار من حاشية رد المحتار 6/396-397
[10] شرح العقيدة الطحاوية ص234 , وإتحاف السادة المتقين 2/285 , وشرح الفقه الأكبر للقاري ص198
[11] كره الإمام أبوحنيفة ومحمد بن الحسن أن يقول الرجل بدعاءه " اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك " لعدم وجود النص في الإذن به , وأما أبويوسف فقد جوزه لوقوفه على نص من السنة وفيه أن النبي صلى الله عليه سلم كان من دعائه " اللهم إني أسألك بمعقاد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك " .. وهذا الحديث أخرجه البيهقي في كتاب الدعوات الكبيرة كما في البناية 9/382 ونصب الرابة 4/272 , وفي إسناده ثلاثة أمور قادحة :
1- عدم سماع داوود بن أبي عاصم لابن مسعود
2- عبدالملك بن جريج مدلس ويرسل
3- عمر بن هارون متهم بالكذب من أجل ذلك قال ابن الجوزي كما في البناية 9/382 ( وهذا حديث موضوع بلا شك وإسناده محبط كما ترى ) انظر تهذيب التهذيب 3/189 , 6/405 , 7/501 , وتقريب 1/520
[12] الفقه الأبسط ص56
[13] الفقه الأكبر ص302
[14] شرح العقيدة الطحاوية 2/427 . تحقيق د . التركي , جلاء العينين ص368
[15] عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42 ط دار السلفية , الأسماء والصفات للبيهقي ص456 وسكت عليه الكوثري ,وشرح العقيدة الطحاوية ص245 , تخريج الألباني وشرح الفقه الأكبر للقاري ص60
[16] الفقه الأبسط ص51
[17] الفقه الأبسط ص56 , وسكت عليه محقق الكتاب الكوثري
[18] الفقه الأكبر ص301
[19] الفقه الأكبر ص302
[20] الفقه الأبسط ص56
[21] العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص25
[22] الفقه الأكبر ص301
[23] الفقه الأكبر ص301
[24] الفقه الأبسط ص46 , ونقل نحو هذا اللفظ شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 5/48 , وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص139 , والذهبي في العلو ص101-102 , وابن قدامة في العلو ص116 , وابن أبي العز في شرح الطحاوية ص301
[25] سورة الحديد 4
[26] الأسماء والصفات ص429
[27] الفقه الأبسط ص56
[28] سورة الحديد 4
[29] الأسماء والصفات 2/170
[30] الفقه الأكبر ص302
[31] الفقه الأكبر ص301
[32] الفقه الأكبر ص302
[33] سورة النساء 164
[34] الفقه الأكبر ص302
[35] الفقه الأكبر ص301
[36] الفقه الأكبر ص301
[37] قلائد عقود العيان ( ق-77-ب)
[38] الفقه الأكبر ص302 , 303
[39] الفقه الأكبر ص302 , 303
[40] الفقه الأكبر ص302
[41] سورة القمر 52-53
[42] الوصية مع شرحها ص21
[43] الفقه الأكبر ص302
[44] الفقه الأكبر ص302
[45] الفقه الأكبر ص304
[46] الوصية مع شرحها ص14
[47] الفقه الأكبر ص303
[48] الفقه الأكبر ص303
[49] الصواب : خلق الله تعالى الخلق على فطرة الإسلام كما سيبينه أبو حنيفة في قوله الآتي .
[50] الفقه الأكبر ص302 -303
[51] الفقه الأكبر ص302
[52] الفقه الأكبر ص302
[53] الفقه الأكبر ص303
[54] الفقه الأكبر ص304
[55] كتاب الوصية مع شرحها ص2
[56] الطحاوية وشرحها ص360
[57] كتاب الوصية مع شرحها ص3
[58] التمهيد لابن عبدالبر 9/247 , شرح العقيدة الطحاوية ص395
[59] الفقه الأكبر ص304
[60] الفقه الأبسط ص40
[61] مناقب أبي حنيفة للمكي ص76
[62] الوصية مع شرحها ص14
[63] كما في النور اللامع مع ( ق199-ب ) عنه
[64] مناقب أبي حنيفة للكردي ص137
[65] تاريخ بغداد 13/333
[66] ذم الكلام للهروي ص28-31
[67] ذم الكلام للهروي ( 194/ ب)
[68] مناقب أبي حنيفة للمكي ص183-184
[69] مناقب أبي حنيفة للمكي ص373
المبحث الثالث: عقيدة الإمام مالك بن أنس رحمه الله أ – قوله رحمه الله في التوحيد :
(1) اخرج الهروي عن الشافعي قال: سئل مالك عن الكلام والتوحيد , فقال مـالك : ( محال أن يظن النبي صلى الله عليه وسلم , انه علم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد , والتوحيد ما قاله النبي صله الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا الـه إلا الله ) [70]. فما عصـم به المال والدم حقيقة التوحيد ) [71].
(2) وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال : ( سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا أمروها فجاءت ) [72].
(3) وقال ابن عبدالبر : ( سئُل أيُرى الله يوم القيامة ؟ فقال : نعم يقول الله عزوجل : ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة ) [73]. . وقال لقوم آخرين : ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) [74]. ) [75].
وأورد القاضي عياض في ترتيـب المدارك [76]. عن ابن نافع [77]. أشهـب [78]. قالا : وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبدالله : ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ينظرون إلى الله ؟ قال : نعم يأعينهم هاتين , فقلت له : فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله , إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال : كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام : ( رب أرني أنظر إليك ) [79]. أفترى موسى سأل ربه محالاً ؟ فقال : ( لن تراني ) [80]. أي في الدنيا لأنها دار فناء , ولا ينظر ما يبقى بما يفنى , فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى وقال الله : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) [81].
(4) وأخرج أبونعيم عن جعفر بن عبدالله قال : ( كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال : يا أبا عبدالله , الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ فما وجد [82]. مال من شيء ما وجد من مسألته , فنظر إلى الأرض وجعل ينكت في يده حتى علاه الرحضاء – يعني العرق – ثم رأسه ورمى العود وقال : ( الكيف منه غير معقول , والاستواء منه غير مجهول , والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج ) [83].
(5) وأخرج أبونعيم عن يحيي بن الربيع قال : ( كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل فقال يا أبا عبدالله , ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق ؟ فقال مالك : زنديق [84]. فاقتلوه , فقال : يا أبا عبدالله إنما أحكي كلاماً سمعته , فقال : لم أسمعه من أحد إنما سمعته منك , وعظم هذا القول ) [85].
(6) وأخرج ابن عبدالبر عن عبدالله بن نافع قال : ( كان مالك بن أنس يقول من قال القرآن مخلوق يوجع ضرباً ويحبس حتى يتوب ) [86].
(7) وأخرج أبو داوود عن عبدالله بن نافع قال : ( قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان ) [87].
ب – قوله رحمه الله في القدر :
(1) أخرج أبونعيم عن ابن وهب [88]. قال : ( سمعت مالكاً يقول لرجل : سألتني أمس عن القدر ؟ قال : نعم , قال : إن الله تعالى يقول : ( ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هُداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجِنة والناس أجمعين ) [89]. فلا بد أن يكون ما قال الله تعالى ) [90].
(2) وقال القاضي عياض : ( سئُل الإمام مالك عن القدرية : مَن هم ؟ قال : ما خلق المعاصي , وسئُل كذلك عن القدرية ؟ قال : هم الذين يقولون إن الاستطاعة إليهم إن شاءوا أطاعوا وإن شاءوا عصوا ) [91].
(3) واخرج ابن أبي عاصم عن سعيد بن عبدالجبار قال : ( سمعت مالك بن أنس يقول : رأيي فيهم أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا – يعني القدرية - ) [92].
(4) وقال ابن عبدالبر : ( قال مالك : ما رأيت أحداً من أهل القدر إلا أهل سخافة وطيش وخفة ) [93].
(5) وأخرج ابن أبي عاصم عن مروان بن محمد الطاطري , قال : ( سمعت مالك بن أنس يسـأل عن تزويـج القـدري ؟ فقرأ : ( ولعبـد مؤمن خيرٌ مـن مُشرك ) [94].... ) [95].
(6) وقال القاضي عياض : ( قال مالك : لا تجوز شهادة القدري الذي يدعو [96]. ولا الخارجي ولا الرافضي ) [97].
(7) وقال القاضي عياض : ( سُئل مالك عن أهل القدر أنكف عن كلامهم ؟ قال : نعم إذا كان بما هو عليه , وفي رواية أخرى قال : لا يصلي خلفهم ولا يقبل عنهم الحديث وإن وافيتموهم في ثغر فأخرجوهم منه ) [98].
ج – قوله رحمه الله في الإيمان :
(1) أخرج ابن عبدالبر عن عبدالرزاق بن همام قال : ( سمعت ابن جريج [99]. وسفيان والثوري ومعمر بن راشد وسفيان بن عيينه ومالك بن أنس يقولون : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) [100].
(2) وأخرج أبونعيم عن عبدالله بن نافع قال : ( كان مالك بن أنس يقول : الإيمان قول وعمل ) [101].
(3) وأخرج ابن عبدالبر عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( قال مالك : فقام الناس يصلون نـحو بيت المقدس ستة عشر شهراً , ثم أُمروا بالبيت الحرام فقـال الله تعالى : ( وما كانَ الله لِيُضيع إيمانكم ) [102]. أي صلاتكم إلى بيت المقدس , قال مالك : وإني لأذكر بهذه قول المرجئة : إن الصلاة ليست من الإيمان ) [103].
د – قوله رحمه الله في الصحابة :
(1) أخرج أبونعيم عن عبدالله العنبري [104]. قال : ( قال مالك بن أنس : من تَنَقَّصَ أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو كان في قلبه عليهم غِل , فليس له حق في فيء المسلمين , ثم تلا قوله تعالى : ( والذينَ جاءوُا من بعدِهِم يَقولون رَبَّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قُلوبنا غِلاً ) [105]. . فمن تنقصهم أو كان في قلبه عليهم غِل , فليس له في الفيء حق ) [106].
(2) وأخرج أبو نعيم عن رجل من ولد الزبير [107]. قال : ( كنا عند مالك فذكروا رجلاً يَتَنقَّص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقرأ مالك هذه الآية : ( مُحمدٌ رسوُل الله والذين معهُ أشداء – حتى بلغ – يُعجب الزُّراع ليغيظ بهم الكفار ) [108]. . فقال مالك : ( من أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته الآية ) [109].
(3) وأورد القاضي عياض عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( كنا عند مالك إذ وقف عليه رجل من العلويين وكانوا يقبلون على مجلسه فناداه : يا أبا عبدالله فأشرف له مالك , ولم يكن إذا ناداه أحد يجيبه أكثر من أن يشرف برأسه , فقال لـه الطالبي : إني أريد أن أجعلك حجة فيما بيني وبين الله , إذا قدمت عليه فسألني , قلـت له : مالك قال لي .
فقال له : قُل .
فقال : من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ .
قال : أبوبكر , قال العلوي : ثم مَن ؟ قال مالك : ثم عمر . قال العلوي : ثم مَن ؟ قال : الخليفة المقتول ظلماً , عثمان . قال العلوي : والله لا أجالسك أبداً . قال له مالك : فالخيار لك ) [110].
هـ - نهيه رحمه الله عن الكلام والخصومات في الدين :
(1) أخرج ابن عبدالبر عن مصعب بن عبدالله الزبيري [111]. قال : ( كان مالك بن أنس يقول : الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه , نحو الكلام في رأي جهم والقدر وكل ما أشبه ذلك , ولا يحب الكلام إلا فيما تحته عمل , فأما الكلام في دين الله وفي الله عزوجل فالسكوت أَحَبُّ إليَّ لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل ) [112].
(2) وأخرج أبو نعيم عن عبدالله بن نافع قال : ( سمعت مالكاً يقول : لو أن رجلاً ركب الكبائر كلها بعدَ ألا يشرك بالله ثم تخلّى من هذه الأهواء والبدع – وذكر كلاماً – دخل الجنة ) [113].
(3) وأخرج الهروي عن إسحاق بن عيسى [114]. قال : ( قال مالك : من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ومن طـلب غريب الحديث كذب ) [115].
(4) وأخرج الخطيب أن إسحاق بن عيسى قال : ( سمعت مالك بن أنس يعيب الجدال في الدين ويقول : كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أرادنا أن نرد ما جاء به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) [116].
(5) وأخرج الهروي عن عبدالرحمن بن مهدي قال : ( دخلت على مالك وعنده رجل يسأله فقال : لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد و لعن الله عمرو بن عبيد فإنه ابتدع هذه البدعة من الكلام , ولو كان الكلام علماً لتكلَّم فيه الصحابة والتابعون كما تلكموا في الأحكام والشرائع ) [117].
(6) وأخرج الهروي عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( سمعت مالكاً يقول : إيّاكم والبدع , قيل يا أبا عبدالله , وما البدع ؟ قال : أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعِلْمه وقدرته ولا يسكتون عمّا سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان ) [118].
(7) وأخرج أبو نعيم عن الشافعي قال : ( كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال : أما إني على بيّنة من ربي وديني وأما أنت فشاكٌ فاذهب إلى شاكِّ فخاصمه ) [119].
(8) روى ابن عبدالبر عن محمد بن أحمد بن خويز منداد الخلاف : قال مالك لا تجوز الإجارات من كتابه الأهواء والبدع والتنجيم وذكر كتباً ثم قال : وكتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم وتفسخ إجازة في ذلك ) [120].
فهذه لمحات من موقف الإمام مالك وأقواله في التوحيد والصحابة والإيمان وعِلم الكلام وغيره .
[70] أخرجه البخاري كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة ( 3/263) ح ( 1399), ومسلم كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله محمد رسول الله ( 1/51) ح ( 324) , والنسائي كتاب الزكاة باب مانع الزكاة ( 5/14) ح ( 2443), جميعهم من طريق عبيدا لله بن عبيد اللجن عتبة بن مسعود عن أبى هريرة أخرجه أبو داود كتاب الجهاد باب على ما يقاتل المشركون ( 3/101) ح ( 2640)من طريق أبى صالح عن أبي هريرة
[71] ذم الكلام ( ق-210 )
[72] أخرج هذا الأثر الدارقطني في الصفات ص75 , والآجري في الشريعة ص314 والبيهقي في الاعتقاد ص118 , وابن عبدالبر في التمهيد 7/149
[73] سورة القيامة 22
[74] سورة المطففين 15
[75] الانتقاء ص36
[76] 2/42
[77] الذي يروي عن الإمام مالك باسم ابن نافع رجلان , أما الأول فهو عبدالله بن نافع بن ثابت الزبيري أبوبكر المدني قال عنه ابن حجر ( صدوق مات سنة 216هـ ) وأما الثاني فهو عبدالله بن نافع بن أبي نافع المخزومي مولاهم أبو محمد المدني قال عنه ابن حجر ( ثقة صحيح الكتاب في حفظه لينّ مات سنة 206هـ وقيل بعدها )
[78] هو أشهب بن عبدالعزيز بن داوود القيسي أبو عمر المصري قال عنه ابن حجر ( ثقة فقيه مات سنة 204هـ ) تقريب التهذيب 1/80 , وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب 1/35
[79] سورة الأعراف 143
[80] سورة الأعراف 143
[81] سورة المطففين 15
[82] جاء في لسان العرب 3/446 ( وجد عليه في الغضب يجد ويجدّ وجداً مَوْجِدَة ووجداناً وفي حديث الإيمان أني سائلك فلا تجد عليّ , أي لا تغضب من سؤالي )
[83] الحلية 6/325 , 326 - وأخرجه أيضاً الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17-18 , من طريق جعفر بن عبدالله عن مالك وابن عبدالبر في التمهيد 7/151 من طريق عبدالله بن نافع عن مالك والبيهقي في الأسماء والصفات ص408 من طريق عبدالله بن وهب عن مالك قال الحافظ بن حجر في الفتح 13/406 – 407 إسناده جيد وصححه الذهبي في العلو ص103 .
[84] الزنديق : كلمة معربة عن الفارسية استعملها المسلمون أولا في الدلالة على القائلين بالأصلين النور والظلمة على مذهب المانوية وغيرهم ثم اتسع معناها عندهم فشمل الدهريين والملحدين وسائر أصحاب المعتقدات الضالة بل أطلق على المتشككين وكل متحرر عن أحكام الدين فكراً وعملا . انظر الموسوعة المُيسرة1/929 , وتاريخ الإلحاد لعبدالرحمن بدوي ص14-32
[85] الحلية 6/325 واخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/249 , من طريق أبي محمد يحيى بن خلف عن مالك , وأورده القاضي عياض في ترتيب المدارك 2/44
[86] الانتقاء ص35
[87] رواه أبو داوود في مسائل الإمام أحمد ص263 , وأخرجه عبدالله بن أحمد في السنة ص11 الطبعة القديمة , وابن عبدالبر في التمهيد 7/138
[88] هو عبدالله بن وهب القرشي مولاهم المصري قال عنه ابن حجر ( الفقيه ثقة حافظ عابد مات سنة197 هـ ) تقريب التهذيب 1/460
[89] سورة السجدة 13
[90] الحلية 6/326
[91] ترتيب المدارك 2/48 , وانظر أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/701
[92] السنة لابن أبي عاصم 1/87-88 , وأخرجه أيضاً أبونعيم في الحلية 6/326
[93] الانتقاء ص34
[94] سورة البقرة 221
[95] السنة لابن أبي عاصم 1/88 , الحلية 6/326
[96] يدعو إلى بدعته
[97] ترتيب المدارك 2/47
[98]. ترتيب المدارك 2/47
[99] هو عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج الرومي الأموي مولاهم المكي . قال عنه الذهبي ( الإمام الحافظ فقيه الحرم أبو الوليد ) مات سنة 150هـ تذكرة الحفاظ 1/169 , وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 10/400
[100] الانتقاء ص34
[101] الحلية 6/327
[102] سورة البقرة 143
[103] الانتقاء ص34
[104] هو عبدالله بن سوار بن عبدالله العنبري البصري القاضي , قال عنه ابن حجر ( ثقة مات سنة228هـ ) وقيل غير ذلك . تقريب التهذيب 1/421 , وتهذيب التهذيب 5/248
[105] سورة الحشر 10
[106] الحلية 6/327
[107] الذي تتلمذ على مالك وسمع منه من ولد الزبير بن العوام هو عبدالله بن نافع بن ثابت بت عبدالله بن الزبير بن العوام , وقد تقدم التعريف به , ومصعب بن عبدالله بن مصعب , وسيأتي التعريف به .
[108] سورة الفتح 29
[109] الحلية 6/327
[110] ترتيب المدارك 2/44-45
[111] هو مصعب بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبيـر ابن العوام الأسدي المدني نزيل بغـداد قال عنه ابن حجر ( صدوق عالم بالنسب مات سنة 236هـ ) تقريب التهذيب 2/252 , وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب 10/162
[112] جامع بيان العلم وفضله ص415 , ط/ دار الكتب الإسلامية
[113] الحلية 6/325
[114] هو إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي قال عنه ابن حجر ( صدوق مات سنة 214هـ ) تقريب التهذيب 1/60 , انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 1/245
[115] ذم الكلام ( ق –173 – أ )
[116] شرف أصحاب الحديث ص5
[117] ذم الكلام ( ق173 –ب )
[118] ذم الكلام ( ق173 – أ )
[119] الحلية 6/324
[120] جامع بيان العلم وفضله ص416 , 417 ط / دار الكتب الإسلامية. يتبع
مقدمة
[الكاتب: محمد الخميس]
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) [1].
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) [2].
( يا أيها آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما ) [3].
أما بعد فقد قمت ببحث موسع لنيل درجة الدكتوراه في أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وقد ضمنت المقدمة تلخيص عقيدة الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد وقد طلب مني بعض الفضلاء إفراد عقيدة هؤلاء الثلاثة , ولاستكمال ذكر عقيدة الأئمة الأربعة , رأيت أن أضم إلى ما ذكرته في مقدمة بحثي تلخيص ما بستطه عن عقيدة الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد والقدر والإيمان والصحابة وموقفه من علم الكلام .
والله أسأل أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يوفقنا جميعاً لهدي كتابه والسير على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والله وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
محمد بن عبد الرحمن الخميس
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة آل عمران 102
[2] سورة النساء 1
[3] سورة الأحزاب 70-71
المبحث الأول: بيان أن اعتقاد الأئمة الأربعة واحد في مسائل أصول الدين ما عدا مسألة الإيمان
[الكاتب: محمد الخميس]
اعتقاد الأئمة الأربعة – أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله – هو ما نطق به الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وليس بين هؤلاء الأئمة ولله الحمد نزاع في أصول الدين بل هم متفقون على الإيمان بصفات الرب وأن القرآن كلام الله غير مخلوق , وأن الإيمان لا بد فيه من تصديق القلب واللسان , بل كانوا ينكرون على أهل الكلام من جهمية وغيرهم ممن تأثروا بالفلسفة اليونانية والمذاهب الكلامية ..
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ... ولكن من رحمة الله بعباده أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق كالأئمة الأربعة وغيرهم ... كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن والإيمان وصفات الرب , وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف من أن الله يُرى في الآخرة وأن القرآن كلام الله غير مخلوق , وأن الإيمان لا بد فيه من تصديق القلب واللسان ... ) [4].
وقال : ( إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولن : إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق , ويقولون : إن الله يُرى في الآخرة , هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليث بن سعد , والأوزاعي , وأبي حنيفة , والشافعي , وأحمد ) [5].
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن اعتقاد الشافعي فأجاب بقوله : ( اعتقاد الشافعي رضي الله عنه واعتقاد السلف الأمة كمالك والثوري والأوزارعي وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه هو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني وسهل بن عبدالله التستري وغيرهم , فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع في أول الدين وكذلك أبوحنفية رحمه الله فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد هؤلاء واعتقاد هؤلاء هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان وهو ما نطق به الكتاب والسنة ) [6].
وهذا ما اختاره العلامة صديق حسن خان حيث يقول : ( فمذهبنا مذهب السلف إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل وهو مذهب أئمة الإسلام كمالك والشافعي والثوري وابن المبارك والإمام أحمد ... وغيرهم فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين وكذلك أبو حنيفة رضي الله عنه فإن الاعتقاد الثابت عنه موافق لاعتقاد هؤلاء وهو الذي نطق به الكتاب والسنة ... ) [7].
--------------------------------------------------------------------------------
[4] كتاب الإيمان ص350-351 دار الطباعةالمحمدية , تعليق الهراس
[5] منهاج السنة 2/106
[6] مجموع الفتاوى 5/256
[7] قطف الثمر ص47-48
المبحث الثاني: عقيدة الإمام أبي حنيفة رحمه الله
[الكاتب: محمد الخميس]
أ – أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد :
أولاً : عقيدته في توحيد الله وبيان التوسل الشرعي وإبطال التوسل البدعي :
(1) قال أبوحنيفة رحمه الله : ( لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون .. " [8]. ) [9].
(2) قال أبوحنيفة رحمه الله : ( يكره أن يقول الداعي أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ) [10].
(3) وقال أبوحنيفة : ( لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك ) [11].
ثانياً : قوله في إثبات الصفات والرد على الجهمية :
(4) وقال : ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين , وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف , وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى ولا يقال : غضبه عقوبته ورضاه ثوباه , ونصفه كما وصف نفسه أحدٌ لم يلم ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد , حيٌّ قادر سميع بصير عالم , يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس كوجوه خلقه ) [12].
(5) وقال : ( وله يد ووجه ونفس , كما ذكره الله تعالى في القرآن , فما ذكره الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس و فهو له صفات بلا كيف ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته , لأن فيه إبطال الصفة وهو قول أهل القدر والاعتزال ) [13].
(6) وقال : ( لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء بل يصفه بما وصف به نفسه ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله وتعالى رب العالمين ) [14].
(7) ولما سئُل عن النزول الإلهي قال : ( ينزل بلا كيف ) [15].
(8) وقال أبو حنيفة : ( والله تعالى يدعى من أعلى لا من أسفل لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء ) [16].
(9) وقال : ( وهو يغضب ويرضى ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه ) [17].
(10) وقال : ( ولا يشبه شيئاً من الأشياء من خلقه ولا يشبه من خلقه لم ينزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ) [18].
(11) وقال : ( وصفاته بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا , ويقدر لا كقدرتنا , ويرى لا كرؤيتنا , ويسمع لا كسمعنا , ويتكلم لا ككلامنا ) [19].
(12) وقال : ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين ) [20].
(13) وقال : ( ومن وصف الله تعالى بمعنى من معاني البشر فقد كفر ) [21].
(14) وقال : ( وصفاته الذاتية والفعلية , أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة , وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ) [22].
(15) وقال : ( ولم يزل فاعلاً بفعله والفعل صفة في الأزل والفاعل هو الله تعال والفعل صفة في الأزل والمفعول مخلوق وفعل الله تعالى غير مخلوق ) [23].
(16) وقال : ( من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر , وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض ) [24].
(17) وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده قال : ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض , فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى : ( وهو معكم ) [25]. قال : هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه ) [26].
(18) وقال كذلك : ( يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ) [27].
(19) وقال : ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى : ( وهو معكم ) [28]. قال : هو كما تكتب لرجل إني معك وأنت غائب عنه ) [29].
(20) وقال : ( قد كان متكلماً ولم يكن كلم موسى عليه السلام ) [30].
(21) وقال : ( ومتكلماً بكلامه والكلام صفة في الأزل ) [31].
(22) وقال : ( يتكلم لا ككلامنا ) [32].
(23) وقال : ( وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى كما قال الله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليماً ) [33]. وقد كان الله تعالى متكلماً ولم يكن كلم موسى عليه السلام ) [34].
(24) وقال : ( والقرآن كلام الله في المصاحف مكتوب وفي القلوب محفوظ , وعلى الألسن مقروء , وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أُنزل ) [35].
(25) وقال : ( والقرآن غير مخلوق ) [36].
ب – أقوال الإمام لأبي حنيفة رحمه الله في القدر :
(1) جاء رجل إلى الإمام أبي حنيفة يجادله في القدر فقال له : ( أما علمت أن الناظر في القدر كالناظر في عيني الشمس كلما إزداد نظراً إزداد تحيراً ) [37].
(2) يقول الإمام أبو حنيفة : ( وكان الله تعالى عالماً في الأزل بالأشـياء قبل كـونها ) [38].
(3) وقال : ( يعلم الله تعالى المعدوم في حالة عدنه معدوماً , ويعلم أنه كيف يكون إذا أوجده , ويعلم الله تعالى الموجود في حال وجوده موجوداً ويعلم كيف يكون فناؤه ) [39].
(4) يقول الإمام أبو حنيفة : ( وقدره في اللوح المحفوظ ) [40].
(5) وقال : ( ونقر بأن الله تعالى أمر بالقلم أن يكتب فقال القلم , ماذا أكتب يا رب ؟ فقال الله تعالى : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة لقوله تعالى : ( وكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستطر ) [41]. ) [42].
(6) وقال الإمام أبو حنيفة : ( ولا يكـون في الدنيا ولا في الآخـرة شيء إلا بمشيئته ) [43].
(7) ويقول الإمام أبو حنيفة : ( خلق الله الأشياء لا من شيء ) [44].
(8) وقال : ( وكان الله تعالى خالقاً قبل أن يخلق ) [45].
(9) وقال : ( نقر بأن العبد مع أعماله وإقراره ومعرفته مخلوق , فلما كان الفاعل مخلوقاً فأفعاله أولى أن تكون مخلوقة ) [46].
(10) وقال : ( جميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم والله تعالى خالقها وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره ) [47].
(11) قال الإمام أبو حنيفة : ( وجميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم على الحقيقة والله تعالى خلقها وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره , والطاعات كلها كانت واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته وبرضاه وبعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته لا بمحبته ولا برضائه ولا بأمره ) [48].
(12) وقال : ( خلق الله تعالى الخلق سليماً من الكفر والإيمان [49]. ثم خاطبهم وأمرهم ونهاهم , فكفر من كفر بفعله وإنكاره وجحوده الحق بخذلان الله تعالى إياه , وآمن من آمن بفعله وإقراره وتصديقه بتوفيق الله تعالى ونصرته له ) [50].
(13) وقال : ( وأخرج ذرية آدم من صلبه على صور الذر , فجعلهم عقلاء فخاطبهم و أمرهم بالإيمان ونهاهم عن الكفر , فأقروا له بالربوبية فكان ذلك منهم إيماناً فهم يولدون على تلك الفطرة , ومن كفر كفر بعد ذلك فقد بدلّ وغيّر , ومن آمن وصدق فقد ثبت عليه وداوم ) [51].
(14) وقال : ( وهو الذي قدّر الأشياء وقضاها ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شيء إلا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره , وكتبه في اللوح المحفوظ ) [52].
(15) وقال : ( لم يجبر أحداً من خلقه على الكفر ولا على الإيمان , ولكن خلقهم أشخاصاً والإيمان والكفر فعل العباد , ويعلم تعالى من يكفر في حال كفره كافراً , فإذا آمن بعد ذلك فإذا عَلِمه مؤمناً أحبه من غير أن يتغير علمه ) [53].
ج – أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله في الإيمان :
(1) قال : ( الإيمان هو الإقرار والتصديق ) [54].
(2) وقال : ( الإيمان إقرار باللسـان وتصديق بالجنان والإقـرار وحده لا يكون إيماناً ) [55]. ونقلها الطحاوي عن أبي حنيفة وصاحبيه [56].
(3) وقال أبو حنيفة : ( والإيمان لا يزيد ولا ينقص ) [57]. .
قلت : قوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه وقوله في مسمى الإيمان وأنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان وأن العمل خارج عن حقيقة الإيمان .
قوله هذا هو الفارق بين عقيدة الإمام أبي حنيفة في الإيمان وبين عقيدة سائر أئمة الإسلام مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم والحق معهم , وقول أبي حنيفة مجانب للصواب وهو مأجور في الحالين , وقد ذكر ابن عبدالبر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة رجع عن قوله والله أعلم [58].
د – قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله في الصحابة رضي الله عنهم :
(1) قال الإمام أبو حنيفة : ( ولا نذكر أحداً من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بخير ) [59].
(2) وقال : ( ولا نتبرأ من أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم , ولا نوالي أحداً دون أحد ) [60].
(3) ويقول : ( مقام أحدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة واحدة خير من عمل أحدنا جميع عمره وإن طال ) [61].
(4) وقال : ( نقر بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : أبوبكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم أجمعين ) [62].
(5) وقال : ( أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوبكر وعمر وعثمان وعلي , ثم نكف عن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بذكر جميل ) [63].
هـ - نهيه عن الكلام والخصومات في الدين :
(1) قال الإمام أبو حنيفة : ( أصحاب الأهواء في البصرة كثير , ودخلتها عشرين مرة ونيفاً وربما أقمت بها سنـة أو أكثر أو أقـل ظاناً عِلْم الكلام أجل العلوم ) [64].
(2) وقال : ( كنت أنظر في الكلام حتى بلغت مبلغاً يشار إليّ فيه بالأصابع , وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان فجآءتني امرأة فقالت : رجل له امرأة أمة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها ؟
فلم أرد أقول فأمرتها أن تسأل حماداً ثم ترجع فتخبرني فسألت حماداً فقال : يطلقها وهي طاهر من الحيض والجماع تطليقه ثم يتركها حتى تحيض حيضتين فإذا اغتسلت فقد حلّت للأزواج , فرجعت فأخبرني فقلت : لا حاجة لي في الكلام وأخذت نعلي فجلست إلى حماد ) [65].
(3) وقال : ( لعن الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا ينفعهم في الكلام ) [66].
وسأله رجل وقال : ما تقول فيما أحدثه الناس في الكلام في الأعراض والأجسام , فقال : ( مقالات الفلاسفة عليك بالأثر وطريق السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة ) [67].
(4) قال حماد ابن أبي حنيفة : ( دخل علي أبي – رحمه الله – يوماً وعندي جماعة من أصحاب الكلام ونحن نتناظر في باب , قد علت أصواتنا فلما سمعت حسَّه في الدار خرجت إليه فقال لي يا حماد من عندك ؟ قلت , فلان وفلان وفلان , سَّميت من كان عندي و قال : وفيم أنتم ؟ قلت : في باب كذا وكذا , فقال لي : يا حماد دع الكلام – قال : ولم أعهد أبي صاحب تخليط ولا ممن يأمر بالشيء ثم ينهى عنه . فقلت له : يا أبت ألست كنت تأمرني به , قال : بلى يا بني وأنا اليوم أنهاك عنه , قلت : ولم ذاك , فقال : يا بني إن هؤلاء المختلفين في أبواب من الكلام ممن ترى كانوا على قول واحد ودين واحد حتى نزغ الشيطان بينهم فألقى بينهم العداوة والاختلاف فتابينوا ... ) [68].
(5) وقال أبو حنيفة لأبي يوسف : ( إيّاك أن تكلم العامة في أصول الدين من الكلام فإنهم يقلدونك فيشتغلون بذلك ) [69].
هذه طائفة من أقواله – رحمه الله – وما يعتقده في مسائل أصول الدين وموقفه من الكلام والمتكلمين .
--------------------------------------------------------------------------------
[8] سورة الأعراف 180
[9] الدر المختار من حاشية رد المحتار 6/396-397
[10] شرح العقيدة الطحاوية ص234 , وإتحاف السادة المتقين 2/285 , وشرح الفقه الأكبر للقاري ص198
[11] كره الإمام أبوحنيفة ومحمد بن الحسن أن يقول الرجل بدعاءه " اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك " لعدم وجود النص في الإذن به , وأما أبويوسف فقد جوزه لوقوفه على نص من السنة وفيه أن النبي صلى الله عليه سلم كان من دعائه " اللهم إني أسألك بمعقاد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك " .. وهذا الحديث أخرجه البيهقي في كتاب الدعوات الكبيرة كما في البناية 9/382 ونصب الرابة 4/272 , وفي إسناده ثلاثة أمور قادحة :
1- عدم سماع داوود بن أبي عاصم لابن مسعود
2- عبدالملك بن جريج مدلس ويرسل
3- عمر بن هارون متهم بالكذب من أجل ذلك قال ابن الجوزي كما في البناية 9/382 ( وهذا حديث موضوع بلا شك وإسناده محبط كما ترى ) انظر تهذيب التهذيب 3/189 , 6/405 , 7/501 , وتقريب 1/520
[12] الفقه الأبسط ص56
[13] الفقه الأكبر ص302
[14] شرح العقيدة الطحاوية 2/427 . تحقيق د . التركي , جلاء العينين ص368
[15] عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42 ط دار السلفية , الأسماء والصفات للبيهقي ص456 وسكت عليه الكوثري ,وشرح العقيدة الطحاوية ص245 , تخريج الألباني وشرح الفقه الأكبر للقاري ص60
[16] الفقه الأبسط ص51
[17] الفقه الأبسط ص56 , وسكت عليه محقق الكتاب الكوثري
[18] الفقه الأكبر ص301
[19] الفقه الأكبر ص302
[20] الفقه الأبسط ص56
[21] العقيدة الطحاوية بتعليق الألباني ص25
[22] الفقه الأكبر ص301
[23] الفقه الأكبر ص301
[24] الفقه الأبسط ص46 , ونقل نحو هذا اللفظ شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 5/48 , وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص139 , والذهبي في العلو ص101-102 , وابن قدامة في العلو ص116 , وابن أبي العز في شرح الطحاوية ص301
[25] سورة الحديد 4
[26] الأسماء والصفات ص429
[27] الفقه الأبسط ص56
[28] سورة الحديد 4
[29] الأسماء والصفات 2/170
[30] الفقه الأكبر ص302
[31] الفقه الأكبر ص301
[32] الفقه الأكبر ص302
[33] سورة النساء 164
[34] الفقه الأكبر ص302
[35] الفقه الأكبر ص301
[36] الفقه الأكبر ص301
[37] قلائد عقود العيان ( ق-77-ب)
[38] الفقه الأكبر ص302 , 303
[39] الفقه الأكبر ص302 , 303
[40] الفقه الأكبر ص302
[41] سورة القمر 52-53
[42] الوصية مع شرحها ص21
[43] الفقه الأكبر ص302
[44] الفقه الأكبر ص302
[45] الفقه الأكبر ص304
[46] الوصية مع شرحها ص14
[47] الفقه الأكبر ص303
[48] الفقه الأكبر ص303
[49] الصواب : خلق الله تعالى الخلق على فطرة الإسلام كما سيبينه أبو حنيفة في قوله الآتي .
[50] الفقه الأكبر ص302 -303
[51] الفقه الأكبر ص302
[52] الفقه الأكبر ص302
[53] الفقه الأكبر ص303
[54] الفقه الأكبر ص304
[55] كتاب الوصية مع شرحها ص2
[56] الطحاوية وشرحها ص360
[57] كتاب الوصية مع شرحها ص3
[58] التمهيد لابن عبدالبر 9/247 , شرح العقيدة الطحاوية ص395
[59] الفقه الأكبر ص304
[60] الفقه الأبسط ص40
[61] مناقب أبي حنيفة للمكي ص76
[62] الوصية مع شرحها ص14
[63] كما في النور اللامع مع ( ق199-ب ) عنه
[64] مناقب أبي حنيفة للكردي ص137
[65] تاريخ بغداد 13/333
[66] ذم الكلام للهروي ص28-31
[67] ذم الكلام للهروي ( 194/ ب)
[68] مناقب أبي حنيفة للمكي ص183-184
[69] مناقب أبي حنيفة للمكي ص373
المبحث الثالث: عقيدة الإمام مالك بن أنس رحمه الله أ – قوله رحمه الله في التوحيد :
(1) اخرج الهروي عن الشافعي قال: سئل مالك عن الكلام والتوحيد , فقال مـالك : ( محال أن يظن النبي صلى الله عليه وسلم , انه علم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد , والتوحيد ما قاله النبي صله الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا الـه إلا الله ) [70]. فما عصـم به المال والدم حقيقة التوحيد ) [71].
(2) وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال : ( سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا أمروها فجاءت ) [72].
(3) وقال ابن عبدالبر : ( سئُل أيُرى الله يوم القيامة ؟ فقال : نعم يقول الله عزوجل : ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة ) [73]. . وقال لقوم آخرين : ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) [74]. ) [75].
وأورد القاضي عياض في ترتيـب المدارك [76]. عن ابن نافع [77]. أشهـب [78]. قالا : وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبدالله : ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ينظرون إلى الله ؟ قال : نعم يأعينهم هاتين , فقلت له : فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله , إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال : كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام : ( رب أرني أنظر إليك ) [79]. أفترى موسى سأل ربه محالاً ؟ فقال : ( لن تراني ) [80]. أي في الدنيا لأنها دار فناء , ولا ينظر ما يبقى بما يفنى , فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى وقال الله : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون ) [81].
(4) وأخرج أبونعيم عن جعفر بن عبدالله قال : ( كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال : يا أبا عبدالله , الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ فما وجد [82]. مال من شيء ما وجد من مسألته , فنظر إلى الأرض وجعل ينكت في يده حتى علاه الرحضاء – يعني العرق – ثم رأسه ورمى العود وقال : ( الكيف منه غير معقول , والاستواء منه غير مجهول , والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج ) [83].
(5) وأخرج أبونعيم عن يحيي بن الربيع قال : ( كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل فقال يا أبا عبدالله , ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق ؟ فقال مالك : زنديق [84]. فاقتلوه , فقال : يا أبا عبدالله إنما أحكي كلاماً سمعته , فقال : لم أسمعه من أحد إنما سمعته منك , وعظم هذا القول ) [85].
(6) وأخرج ابن عبدالبر عن عبدالله بن نافع قال : ( كان مالك بن أنس يقول من قال القرآن مخلوق يوجع ضرباً ويحبس حتى يتوب ) [86].
(7) وأخرج أبو داوود عن عبدالله بن نافع قال : ( قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان ) [87].
ب – قوله رحمه الله في القدر :
(1) أخرج أبونعيم عن ابن وهب [88]. قال : ( سمعت مالكاً يقول لرجل : سألتني أمس عن القدر ؟ قال : نعم , قال : إن الله تعالى يقول : ( ولو شئنا لآتينا كل نفسٍ هُداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجِنة والناس أجمعين ) [89]. فلا بد أن يكون ما قال الله تعالى ) [90].
(2) وقال القاضي عياض : ( سئُل الإمام مالك عن القدرية : مَن هم ؟ قال : ما خلق المعاصي , وسئُل كذلك عن القدرية ؟ قال : هم الذين يقولون إن الاستطاعة إليهم إن شاءوا أطاعوا وإن شاءوا عصوا ) [91].
(3) واخرج ابن أبي عاصم عن سعيد بن عبدالجبار قال : ( سمعت مالك بن أنس يقول : رأيي فيهم أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا – يعني القدرية - ) [92].
(4) وقال ابن عبدالبر : ( قال مالك : ما رأيت أحداً من أهل القدر إلا أهل سخافة وطيش وخفة ) [93].
(5) وأخرج ابن أبي عاصم عن مروان بن محمد الطاطري , قال : ( سمعت مالك بن أنس يسـأل عن تزويـج القـدري ؟ فقرأ : ( ولعبـد مؤمن خيرٌ مـن مُشرك ) [94].... ) [95].
(6) وقال القاضي عياض : ( قال مالك : لا تجوز شهادة القدري الذي يدعو [96]. ولا الخارجي ولا الرافضي ) [97].
(7) وقال القاضي عياض : ( سُئل مالك عن أهل القدر أنكف عن كلامهم ؟ قال : نعم إذا كان بما هو عليه , وفي رواية أخرى قال : لا يصلي خلفهم ولا يقبل عنهم الحديث وإن وافيتموهم في ثغر فأخرجوهم منه ) [98].
ج – قوله رحمه الله في الإيمان :
(1) أخرج ابن عبدالبر عن عبدالرزاق بن همام قال : ( سمعت ابن جريج [99]. وسفيان والثوري ومعمر بن راشد وسفيان بن عيينه ومالك بن أنس يقولون : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) [100].
(2) وأخرج أبونعيم عن عبدالله بن نافع قال : ( كان مالك بن أنس يقول : الإيمان قول وعمل ) [101].
(3) وأخرج ابن عبدالبر عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( قال مالك : فقام الناس يصلون نـحو بيت المقدس ستة عشر شهراً , ثم أُمروا بالبيت الحرام فقـال الله تعالى : ( وما كانَ الله لِيُضيع إيمانكم ) [102]. أي صلاتكم إلى بيت المقدس , قال مالك : وإني لأذكر بهذه قول المرجئة : إن الصلاة ليست من الإيمان ) [103].
د – قوله رحمه الله في الصحابة :
(1) أخرج أبونعيم عن عبدالله العنبري [104]. قال : ( قال مالك بن أنس : من تَنَقَّصَ أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو كان في قلبه عليهم غِل , فليس له حق في فيء المسلمين , ثم تلا قوله تعالى : ( والذينَ جاءوُا من بعدِهِم يَقولون رَبَّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قُلوبنا غِلاً ) [105]. . فمن تنقصهم أو كان في قلبه عليهم غِل , فليس له في الفيء حق ) [106].
(2) وأخرج أبو نعيم عن رجل من ولد الزبير [107]. قال : ( كنا عند مالك فذكروا رجلاً يَتَنقَّص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقرأ مالك هذه الآية : ( مُحمدٌ رسوُل الله والذين معهُ أشداء – حتى بلغ – يُعجب الزُّراع ليغيظ بهم الكفار ) [108]. . فقال مالك : ( من أصبح في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته الآية ) [109].
(3) وأورد القاضي عياض عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( كنا عند مالك إذ وقف عليه رجل من العلويين وكانوا يقبلون على مجلسه فناداه : يا أبا عبدالله فأشرف له مالك , ولم يكن إذا ناداه أحد يجيبه أكثر من أن يشرف برأسه , فقال لـه الطالبي : إني أريد أن أجعلك حجة فيما بيني وبين الله , إذا قدمت عليه فسألني , قلـت له : مالك قال لي .
فقال له : قُل .
فقال : من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ .
قال : أبوبكر , قال العلوي : ثم مَن ؟ قال مالك : ثم عمر . قال العلوي : ثم مَن ؟ قال : الخليفة المقتول ظلماً , عثمان . قال العلوي : والله لا أجالسك أبداً . قال له مالك : فالخيار لك ) [110].
هـ - نهيه رحمه الله عن الكلام والخصومات في الدين :
(1) أخرج ابن عبدالبر عن مصعب بن عبدالله الزبيري [111]. قال : ( كان مالك بن أنس يقول : الكلام في الدين أكرهه ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه , نحو الكلام في رأي جهم والقدر وكل ما أشبه ذلك , ولا يحب الكلام إلا فيما تحته عمل , فأما الكلام في دين الله وفي الله عزوجل فالسكوت أَحَبُّ إليَّ لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل ) [112].
(2) وأخرج أبو نعيم عن عبدالله بن نافع قال : ( سمعت مالكاً يقول : لو أن رجلاً ركب الكبائر كلها بعدَ ألا يشرك بالله ثم تخلّى من هذه الأهواء والبدع – وذكر كلاماً – دخل الجنة ) [113].
(3) وأخرج الهروي عن إسحاق بن عيسى [114]. قال : ( قال مالك : من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ومن طـلب غريب الحديث كذب ) [115].
(4) وأخرج الخطيب أن إسحاق بن عيسى قال : ( سمعت مالك بن أنس يعيب الجدال في الدين ويقول : كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أرادنا أن نرد ما جاء به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) [116].
(5) وأخرج الهروي عن عبدالرحمن بن مهدي قال : ( دخلت على مالك وعنده رجل يسأله فقال : لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد و لعن الله عمرو بن عبيد فإنه ابتدع هذه البدعة من الكلام , ولو كان الكلام علماً لتكلَّم فيه الصحابة والتابعون كما تلكموا في الأحكام والشرائع ) [117].
(6) وأخرج الهروي عن أشهب بن عبدالعزيز قال : ( سمعت مالكاً يقول : إيّاكم والبدع , قيل يا أبا عبدالله , وما البدع ؟ قال : أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعِلْمه وقدرته ولا يسكتون عمّا سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان ) [118].
(7) وأخرج أبو نعيم عن الشافعي قال : ( كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال : أما إني على بيّنة من ربي وديني وأما أنت فشاكٌ فاذهب إلى شاكِّ فخاصمه ) [119].
(8) روى ابن عبدالبر عن محمد بن أحمد بن خويز منداد الخلاف : قال مالك لا تجوز الإجارات من كتابه الأهواء والبدع والتنجيم وذكر كتباً ثم قال : وكتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم وتفسخ إجازة في ذلك ) [120].
فهذه لمحات من موقف الإمام مالك وأقواله في التوحيد والصحابة والإيمان وعِلم الكلام وغيره .
[70] أخرجه البخاري كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة ( 3/263) ح ( 1399), ومسلم كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله محمد رسول الله ( 1/51) ح ( 324) , والنسائي كتاب الزكاة باب مانع الزكاة ( 5/14) ح ( 2443), جميعهم من طريق عبيدا لله بن عبيد اللجن عتبة بن مسعود عن أبى هريرة أخرجه أبو داود كتاب الجهاد باب على ما يقاتل المشركون ( 3/101) ح ( 2640)من طريق أبى صالح عن أبي هريرة
[71] ذم الكلام ( ق-210 )
[72] أخرج هذا الأثر الدارقطني في الصفات ص75 , والآجري في الشريعة ص314 والبيهقي في الاعتقاد ص118 , وابن عبدالبر في التمهيد 7/149
[73] سورة القيامة 22
[74] سورة المطففين 15
[75] الانتقاء ص36
[76] 2/42
[77] الذي يروي عن الإمام مالك باسم ابن نافع رجلان , أما الأول فهو عبدالله بن نافع بن ثابت الزبيري أبوبكر المدني قال عنه ابن حجر ( صدوق مات سنة 216هـ ) وأما الثاني فهو عبدالله بن نافع بن أبي نافع المخزومي مولاهم أبو محمد المدني قال عنه ابن حجر ( ثقة صحيح الكتاب في حفظه لينّ مات سنة 206هـ وقيل بعدها )
[78] هو أشهب بن عبدالعزيز بن داوود القيسي أبو عمر المصري قال عنه ابن حجر ( ثقة فقيه مات سنة 204هـ ) تقريب التهذيب 1/80 , وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب 1/35
[79] سورة الأعراف 143
[80] سورة الأعراف 143
[81] سورة المطففين 15
[82] جاء في لسان العرب 3/446 ( وجد عليه في الغضب يجد ويجدّ وجداً مَوْجِدَة ووجداناً وفي حديث الإيمان أني سائلك فلا تجد عليّ , أي لا تغضب من سؤالي )
[83] الحلية 6/325 , 326 - وأخرجه أيضاً الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17-18 , من طريق جعفر بن عبدالله عن مالك وابن عبدالبر في التمهيد 7/151 من طريق عبدالله بن نافع عن مالك والبيهقي في الأسماء والصفات ص408 من طريق عبدالله بن وهب عن مالك قال الحافظ بن حجر في الفتح 13/406 – 407 إسناده جيد وصححه الذهبي في العلو ص103 .
[84] الزنديق : كلمة معربة عن الفارسية استعملها المسلمون أولا في الدلالة على القائلين بالأصلين النور والظلمة على مذهب المانوية وغيرهم ثم اتسع معناها عندهم فشمل الدهريين والملحدين وسائر أصحاب المعتقدات الضالة بل أطلق على المتشككين وكل متحرر عن أحكام الدين فكراً وعملا . انظر الموسوعة المُيسرة1/929 , وتاريخ الإلحاد لعبدالرحمن بدوي ص14-32
[85] الحلية 6/325 واخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1/249 , من طريق أبي محمد يحيى بن خلف عن مالك , وأورده القاضي عياض في ترتيب المدارك 2/44
[86] الانتقاء ص35
[87] رواه أبو داوود في مسائل الإمام أحمد ص263 , وأخرجه عبدالله بن أحمد في السنة ص11 الطبعة القديمة , وابن عبدالبر في التمهيد 7/138
[88] هو عبدالله بن وهب القرشي مولاهم المصري قال عنه ابن حجر ( الفقيه ثقة حافظ عابد مات سنة197 هـ ) تقريب التهذيب 1/460
[89] سورة السجدة 13
[90] الحلية 6/326
[91] ترتيب المدارك 2/48 , وانظر أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/701
[92] السنة لابن أبي عاصم 1/87-88 , وأخرجه أيضاً أبونعيم في الحلية 6/326
[93] الانتقاء ص34
[94] سورة البقرة 221
[95] السنة لابن أبي عاصم 1/88 , الحلية 6/326
[96] يدعو إلى بدعته
[97] ترتيب المدارك 2/47
[98]. ترتيب المدارك 2/47
[99] هو عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريج الرومي الأموي مولاهم المكي . قال عنه الذهبي ( الإمام الحافظ فقيه الحرم أبو الوليد ) مات سنة 150هـ تذكرة الحفاظ 1/169 , وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 10/400
[100] الانتقاء ص34
[101] الحلية 6/327
[102] سورة البقرة 143
[103] الانتقاء ص34
[104] هو عبدالله بن سوار بن عبدالله العنبري البصري القاضي , قال عنه ابن حجر ( ثقة مات سنة228هـ ) وقيل غير ذلك . تقريب التهذيب 1/421 , وتهذيب التهذيب 5/248
[105] سورة الحشر 10
[106] الحلية 6/327
[107] الذي تتلمذ على مالك وسمع منه من ولد الزبير بن العوام هو عبدالله بن نافع بن ثابت بت عبدالله بن الزبير بن العوام , وقد تقدم التعريف به , ومصعب بن عبدالله بن مصعب , وسيأتي التعريف به .
[108] سورة الفتح 29
[109] الحلية 6/327
[110] ترتيب المدارك 2/44-45
[111] هو مصعب بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبيـر ابن العوام الأسدي المدني نزيل بغـداد قال عنه ابن حجر ( صدوق عالم بالنسب مات سنة 236هـ ) تقريب التهذيب 2/252 , وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب 10/162
[112] جامع بيان العلم وفضله ص415 , ط/ دار الكتب الإسلامية
[113] الحلية 6/325
[114] هو إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي قال عنه ابن حجر ( صدوق مات سنة 214هـ ) تقريب التهذيب 1/60 , انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 1/245
[115] ذم الكلام ( ق –173 – أ )
[116] شرف أصحاب الحديث ص5
[117] ذم الكلام ( ق173 –ب )
[118] ذم الكلام ( ق173 – أ )
[119] الحلية 6/324
[120] جامع بيان العلم وفضله ص416 , 417 ط / دار الكتب الإسلامية. يتبع