المهند
05-01-2006, 11:21 PM
(1) طرق باب الدخول : من رأى اياد علاوي وهو يراقص ، على انغام (عيد ميلاد سعيد ) في فيلته في عمان ، أولئك الذين بحت اصواتهم رفضا للاحتلال منذ زمن ،لابد وان يسأل بسرعة : من خدع الاخر ، اياد علاوي وما يمثله من صلة بالاستعمار ؟ ام اصحاب الاصوات العالية ، المدعومة بوعي بائس للمشهد ، ينزلها الى قعر امية سياسية مقترنة بصبوات محرمة مخبوءة في تلافيف شعارات حبيبة على قلوب الجماهير ؟
لم يكتف زلماي خليل زادة، الحاكم الامريكي في العراق، بجمع رؤوس ( بالحرام طبعا ) من كانوا يصرخون باعلى اصواتهم : نحن ضد الاحتلال، برأس علاوي الذي صار رمزا لاسوأ انواع الخيانة والعمالة، بل تعمد زلماي اذلالهم و تسليط اضواء البروجكترات على وجوههم الحقيقية، بعد ازالة المكياج عنها، باصراره على ان يجتمع هؤلاء جميعا في بيت اياد علاوي، وليس في ناد او قاعة، وان يتصدر الاجتماع اياد علاوي، وان يقود الحوار اياد علاوي، وان يصدر بيان خطه يراع اياد علاوي الموشوم بدك ( وشم ) فارسي واضح وهو الاعجمي اللغة والاصل والولاء .
هؤلاء جميعا ، من كانوا رواد مواخير الاحتلال القدماء ، مثل علاوي والجلبي ومحسن عبدالحميد ، ومن كان يشتمهم باسم رفض الاحتلال ، احتفلوا بتدشين مقر جديد مشترك لهم جميعا ، وضعوا على بوابته عبارة تقول (من اجل العراق يجب ان نمارس الفحش مع الحاكم الامريكي ، وازلامه الذين - افتخروا - بانهم ساهموا بتدمير العراق وغزوه ) !
وسط الزغاريد وموسيقى الوحدة ونص صدر بيان يعلن ولادة تحالف ضد نتائج الانتخابات باسم هؤلاء جميعا ، يسوق من انضم اليه الى مراكز بيع الضمير للاحتلال . هل كانت تلك مفاجئة ؟ كلا بالتاكيد لان اعمى البصر يستطيع ببصيرته ان يعرف ، بلا جهد ، ان الانتخابات كانت محض طقوس في محفل ماسوني يحتفل بضم اعضاء جدد له ، او رفع غطاء الوجه عن اعضاء سريين كلفوا بأداء دور مناقض لاهدافهم الحقيقية ، وهو دور مناهضة الاحتلال بصوت اجش ، وحان وقت عزفهم لحن الاحتلال . أن ذوي البصر السليم والبصيرة العمياء اغمضوا عيونهم وتجاهلوا ان الانتخابات كانت منذ البدء لعبة الاحتلال الاساسية لاضفاء شرعية عجزت الامم المتحدة عن منحها له . بل ان هؤلاء لم يكتفوا بذلك فزادوا واغلقوا اذانهم لتجنب سماع نصائح الاصدقاء ، الفاضحة لطبيعة الاجنة المخبوءة في رحم الانتخابات ، ووضعوا انفسهم في زاوية (القرود الثلاثة ) التي تعتليها لافتة كتب عليها: لا اسمع ، لا ارى ، لا انطق ( الا بالهوى ) !
نعم الاشتراك في الانتخابات كان لعبة الغباء المطلق ، او البغاء المطلق ، تبعا لمن اشترك فيها ومنطلقاته ، فاولئك الذين ظنوا ان ثمة امل في حل ازمة الاحتلال عبر المشاركة في الانتخابات ، مارسوا غباء لم تتمتع به قبلهم فئة اخرى من البشر او اسلاف البشر ، اما اولئك الذين عرفوا سلفا ان الانتخابات ليست سوى مصيدة لمن صام عن موبقات الاحتلال صممت لاصطياده وجره الى الافطار على اسوأ انواع الخمر ، ودفعه الى حلبة الرقص ليحرك اردافه واكتافه وعضلات رقبته واستطالة لسانه ، على انغام امريكا ، فانهم واصلوا ممارسة عهر الضمير التي بدأوه منذ باعوا ضمائرهم للعم سام ، فأخذ يعبث بها كما يشاء ، ومتى يشاء وفي أي مكان يشاء !
هل نقسوا على من شارك في الانتخابات ؟ بالتاكيد كلا ، فمن يعبث بمصير العراق ، انسياقا وراء ادمانه على سقاء الخمر ، او رغبته امتلاك خباء القصر ، يستحق التقريع ، على الاقل لايقاظ الجزء النائم من وعيه ، لان بيع الوطن ، بوعي او بغباء ، ليس خسارة على طاولة القمار لاتؤذي الا صاحبها بل هي كارثة للوطن ودمار لكل مواطن . وتلك حقيقة رايناها جميعا وعانينا منها جميعا منذ داست دبابات امريكا ارض العراق . من يريد ان يتأكد من خطورة خطيئة من شارك في الانتخابات عليه ان يدقق في الملاحظات الاتية وان يضيفها الى خزين وعيه ، وهو ينقد المتساقطين الجدد ، فلربما يستيقظ وعيهم ويعودوا الى الرشد . ما هي اهم الملاحظات التي تبلورت بعد انتهاء لعبة قرود امريكا التي اسموها انتخابات ؟
لا انتخابات في ظل الاحتلال
لقد اكدت الانتخابات التي جرت يوم 15 – 12 – 2005 بان من المستحيل اجراء انتخابات حرة في ظل الاحتلال الاستعماري لاي بلد في العالم ، لان طبيعة الاستعمار هي التي دفعته للقيام بفعل الاحتلال من اجل النهب والاستغلال للشعوب الضعيفة عسكريا وتقنيا . فرغم اعتراف مصادر رسمية امريكية بان عدد الاعتراضات التي سجلت تجاوزت الالف ، ورغم ان سلطات الاحتلال قد اعلنت قبل اجراء الانتخابات بايام بانها ضبطت شاحنات تدخل من ايران وهي محملة بملايين الاوراق المزورة مطابقة لاوراق الناخبين ! فان موقف هذه السلطات كان يقوم على منع اجراء تحقيق دولي في شكاوى تزوير الانتخابات ورفض اعادة اجراء الانتخابات ، لسبب بسيط هو انها تخدم اهداف الاحتلال مباشرة . ان غياب الرقابة القضائية وغير القضائية المستقلة حقا يجعل من السهل تلفيق أي نتيجة مهما كانت مناقضة للمنطق .
المزور هو الاحتلال
الحقيقة الاخرى التي اكدتها الانتخابات هي ان المزور الاساسي ليس ما يسمى زورا ( المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ) ، ولا هو حزب الصفويين بكافة تياراته ، فهؤلاء هم مزورون ثانويون عملوا باوامر وارادة المزور الأساسي وهو الاحتلال الاستعماري الامريكي . اذ كيف يمكن تصور حصول تزوير ، اذا كانت سلطات الاحتلال ترفضه حقا ، وهي اللاعب الأساس في العملية السياسية الرسمية والموجه لكل التحركات والتطورات الرئيسية الخاصة بالحكومة العميلة والبرلمان العميل ؟ فبالاضافة لما ذكرناه فان الحاكم الاستعماري الامريكي زلماي خليل زادة هو الذي قاد عملية الانتخابات وقرر مسارها ، وكان بامكانه ان يوقف التزوير وان يلغي النتائج دون ان يستطيع الصفويون فعل شيئ مناقض . لقد ذهب الى شمال العراق ليشرف ويوجه الاتصالات بين الحكيم والبارزاني والطالباني يوم 28 – 12 -2005 الهادفة الى تقسيم العراق ، وللتأكد من ان اتباع الاحتلال لن يقعوا في خطأ ولو صغير اذا تركوا لوحدهم . وكان بامكان خليل زادة ان يوجه هؤلاء من بعد ، على الاقل لاعطاء انطباع بان هناك حكومة عراقية مستقلة ولو شكليا ، لكنه كأي حاكم استعماري نظم ونفذ عملية تزوير الانتخابات لانه يريد ان يحصد النتائج المطلوبة بدقة تامة ودون أي ارباك قد يحصل .
الانتخابات كرست الطائفية – الاثنية
ولكي لا تختلط الامور يجب ان نوضح مقدما ان التكريس المقصود هو السياسي وليس الاجتماعي ، لان المجتمع العراقي كان ومازال وسيبقى عصيا على الانقسام الطائفي والاثني ، بعد ان اثبتت محاولات التقسيم انها تتعامل مع نسيج عراقي متداخل تشده صلات رحمية ، العشيرة والعائلة مثلا ، اضافة للصلات الوطنية الراسخة والعريقة ، لذلك فشلت كلها وانهارت خطة بلقنة العراق أي تقسيمه بنفس طريقة تقسيم يوغسلافيا والى الابد .
كيف علقت امريكا على الانتخابات ؟ ان افضل تعبير عن التوقعات والاهداف الامريكية الكامنة خلف الانتخابات هو الذي عبرت عنه اهم الصحف الامريكية ، وهي الواشنطن بوست ، يوم 16 – 12 – 2005 ، حينما قالت (انتهت الانتخابات وسيعود الطائفيون الى صراعاتهم في البرلمان وغيره على اسس طائفية ). ما معنى ذلك تحديدا ؟ انه يعني اعترافا رسميا بان الانتخابات قد عززت نظام التقسيم هذا واوجدت له اليات تغذيه وتديمه . وهذا يؤكد ، وبوضح تام ، ان ما افشلته وحدة الشعب العراقي من محاولات امريكية لتقسيمه ، سوف يتولى البرلمان محاولة تحقيقه بطريقة اخرى اكثر بطئا ولكنها تعتمد هذه المرة تكتيك النفس الطويل في زرع العقد والعداءات الطائفية والعرقية .
ففي البرلمان ستعمل امريكا وعملاؤها على تكريس ودعم الاهداف التقسيمية التي جاء بها الاحتلال في نظام المحاصصة الاثنية – الطائفية ، فكل كتلة ستلعب دور المدافع عن طائفتها او اثنيتها ، وليس انتماءها الوطني العراقي ، ما دام اصل التقسيم السياسي هو الاعتماد على النداءين الطائفي والاثني . ان الانقسام المنظم وفقا لنظام الانتخابات على اساس الطائفة والاثنية سيضع الصراعات الحقيقية ، وهي الصراع الوطني ضد الاحتلال والصراعات الايديولوجية بين المظلومين والظالمين اقتصاديا والصراع السياسي بين كتل مختلفة حول خيارات سياسية ، ستوضع جانبا ويدخل العراقيون متاهات تقاسم النفوذ والمصالح على اسس الدفاع عن الطائفة والاثنية وليس العراق الواحد وهويته الوطنية والقومية .
أن تحقيق هذا الهدف يقع على رأس قائمة الاهداف الامريكية الاسرائيلية القديمة والجديدة ، وابرزها تقسيم العراق ، في اطار خطة تقسيم كل الوطن العربي ، على اسس طائفية واثنية ، وانشاء ثلاثة دول على انقاض العراق الواحد وهي دولة كردية في شمال العراق ، يقوم البارزاني والطالباني بانشائها الان ، واخرى سنية في الوسط ، يقوم الحزب الاسلامي وامثاله بخدمة هدف العمل باسم طائفة وليس باسم وطن أي تكريس الطائفية ، وثالثة شيعية في الجنوب تقوم ايران عبر عملائها بالعمل المنظم لاقامتها . وهذا هو حرفيا ما ورد في مقالة عوديد ينون الكاتب
الاسرائيلي ، الذي لخص اهداف الصهيونية في العراق في عام 1980 ، تحت عنوان (ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات ) .
اكتمال متطلبات لعبة التقسيم
مرة اخرى يجب التنبيه الى ان اكتمال اللعبة التقسيمية يقصد به الهدف الرسمي شكليا وليس على مستوى الشعب ، فامريكا ، كانت ومازالت ، بحاجة قاتلة لاطار عام رسمي ، يضم شيعة واكراد وسنة ، يمنح احتلالها للعراق غطاء شرعيا امام الراي العام العالمي ، خصوصا الامريكي ، لانه يخدمها في كلا الاحتمالين الهروب والبقاء . فاذا سارت وتيرة حرب التحرير على وتيرتها الحالية ، أي توسع الثورة المسلحة وتعاظمها ، سيستخدم الاحتلال الحصول على شرعية شكلية في التمهيد للانسحاب بطريقة تحفظ ماء الوجه ، اضافة لاقامة حكومة عميلة لكنها شكليا منتخبة وتملك (شرعية) توقيع اتفاقيات نفطية وعسكرية مع امريكا قبل الهروب المموه . وهذا الهدف يتطلب وجود طرف سني في البرلمان والحكومة لاكمال ما حققه الاحتلال منذ بدايته ، وهو استخدام طرفين صهيوني صفوي وصهيوني كردي ، والذي بقي خارج اللعبة هو ما يسمى (السنة) ، لذلك فان انخراط سنة سيجعل امريكا قادرة على الادعاء بان الانتخابات تمت بمشاركة كل
الاطياف العراقية ، ومنها الطرف الذي قاطع العملية السياسية ، وهو الطائفة السنية ، ومن ثم فهي شرعية تماما .
اما اذا حصل تطور سلبي يسمح لامريكا بالبقاء والتراجع عن قرار الانسحاب من العراق ، فان الانتخابات تخدم هدف تأسيس نظام تابع كليا لها من خلال قيام حكومة منتخبة شكليا ، باسم ممارسة السيادة ، بتوقيع اتفاقيات تبقي قوات عسكرية امريكية في العراق ، اضافة لتوقيع اتفاقيات تمنح امريكا حق نهب النفط العراقي واستغلال العراق بكافة موارده الاقتصادية والبشرية ، واستثمار موقعه الجيوبولوتيكي للتمدد في المنطقة والعالم ، سواء باسم الديمقراطية او بواسطة الكتلة البشرية العراقية ، المعروفة تاريخيا بصلابتها وثقافتها العسكرية ، لتسهيل غزو او اسقاط اقطار عربية او بلدان اجنبية . ومنذ بداية الغزو استخدم منطق تمهيدي مشبوه من قبل العملاء ، يقول الم ترتبط المانيا واليابان بامريكا ستراتيجيا واقتصاديا واستفادتا كثيرا ؟
ان انضمام فئة تنتمي الى السنة ، لكنها لا تمثل السنة في الواقع ، تماما مثلما ان الصفويين لا يمثلون الشيعة ، وصهاينة الشمال لا يمثلون الشعب الكردي الشقيق ، الى العملية السياسية وفي مقدمتها الانتخابات ، انما هو شرط مسبق لاكمال ترتيبات الاحتلال الخاصة بمنحه الشرعية للبقاء او الحصول على امتيازات في العراق فشلت القوة المجردة في تحقيقها . من هنا فان الانتخابات تنطوي على
هدف خطير وهو اكمال متطلبات الاحتلال لمواجهة كافة الاحتمالات .
(2) اكمال متطلبات الكونفدرالية
بأجراء الانتخابات اضافت امريكا انجازا اخرا ، وهو تأمين الحجة المقبولة عالميا لانفصال الجنوب والشمال ، وهي التحصن خلف نتائج الانتخابات، التي لم تكن نتيجتها الاساسية ، وهي فوز الحزبين الانفصاليين بنسب عالية نتيجة التزوير الكامل ، الا مقدمة للمضي قدما في تطبيق الكونفدرالية براحة نسبية ، لان الانتخابات ترجمت ماورد في الدستور الانفصالي حول قيام كيانات مستقلة فعليا حتى لو بقيت مرتبطة بصلة رسمية شكلية . دعونا نوضح هذه النقطة الخطيرة .
من المعروف ان النظام الفدرالي يقوم في جوهره على تغليب القوانين الفدرالية على القوانين الاقليمية ، ففي كل النظم الفدرالية القائمة اختيرت الفدرالية لاعطاء نظام الحكم الذاتي كامل ابعاده ، بمنح حكومات الاقاليم سلطات ادارة كافة شؤونها المحلية بنفسها ، وتحرير الحكومة المركزية من اعباء ومشاكل الاقاليم ، وانصراف المركز الى ادراة الشؤون المركزية الاساسية وهي استثمار الموارد الوطنية والتخطيط الاقتصادي ، في ظل أي نظام اقتصادي ، والامن ( الداخلي الفدرالي والخارجي العسكري والاستخباري ) ، والسياسة الخارجية وغيرها .
لذلك جرت العادة تمييز الفدرالية عن الكونفدرالية عبر تحديد مركز السلطة : هل هو في الاطراف او الاقاليم ؟ ام في العاصمة الاتحادية ؟ ففي النظام الفدرالي تتولى العاصمة الاتحادية شؤون الدولة المركزية والوطنية ولذلك تخضع القوانين الخاصة بالاقاليم لقوانين السلطة الاتحادية . اما في النظام الكونفدرالي فلا توجد حكومة مركزية ، وتتركز السلطة الرئيسية في يد حكومات الاقاليم ، ويوجد مجلس رئاسي ينسق العلاقات بين دول الاتحاد الكونفدرالي المستقلة قانونيا وفعليا. ولكل دولة من دول النظام الكونفدرالي اجهزة امنه الوطني وجيشه الوطني ونظامه الاقتصادي المستقل .
ما هي النتائج التي تترتب على ما سبق شرحه ؟ في النظام الفدرالي توجد دولة موحدة حقيقية وتتميز باللامركزية الادارية ، وهي لذلك تمثل امام العالم من قبل المركز فقط في مجال الدبلوماسية والعلاقات الاقتصادية الرئيسية ، والجيش الوطني ، كما ان الامن الوطني تحميه اجهزة فدرالية . وعلى العكس من ذلك فان النظام الكونفدرالي ليس سوى نظام تنسيق بين دول ، لذلك فان لكل دولة تمثيل دبلوماسي مستقل وجيش وامن مستقلين ، وتخطيط وعلاقات اقتصادية مستقلة . اذا درسنا بدقة ما اطلق عليه اسم (النظام الفدرالي) في دستور نوح فيلدمان الصهيوني ، والذي فرضته امريكا على العراق، نلاحظ انه يسعى لاقامة نظام كونفدرالي وليس فدرالي ، لان القوانين الاقليمية هي الغالبة اذا تناقضت مع القوانين الصادرة من الحكومة المركزية . كما ان من حق حكومات الاقاليم ان تستولي كليا على موارد الاقليم وتحديد كيفية استغلالها دون تدخل او وجود حصة للحكومة المركزية فيها . اما التمثيل الدبلوماسي فان للاقليم حق التمثيل الدبلوماسي ، واخيرا وليس اخرا فان لكل اقليم جيش مستقل وشرطة مستقلة .
اذن : الصلة بين اقاليم (العراق الجديد) هي صلة دول مستقلة تنسق فيما بينها ، ومن حق أي منها او كلها الانفصال باقليمه ، وتلك هي الكونفدرالية بعينها وبقلبها
وبجوهرها . باقرار ماسمي بالدستور في استفتاء مزور وضع (الاساس الدستوري) لاقامة نظام كونفدرالي يضم ثلاثة كيانات منفصلة عمليا وان ارتبطت رسميا ومؤقتا برابطة وطنية . وقد مهد ذلك لاجراء انتخابات تضفي الشرعية على الحكومات الاتحادية المتوقع قيامها ، بفضل هذه (الشرعية الدستورية) سيصبح بامكان أي حكومة اقليمية اتخاذ قرار الانفصال متى شاءت بعد ان تستقل اقتصاديا وتخلق اليات خلجنة العراق ، أي جعله لا يقوم على أي اساس سوى على رابطة الثروة ، فتنمى الانانية الاقليمية لدى اوساط معينة ، من المفترض ان تصبح اداة الانفصال وبصورة ديمقراطية ! انتبهوا الى مصطلحات الدستور وقوانين الاحتلال والتي تصر على تسمية حتى الاحزاب (كيانات سياسية ) لاول مرة في تاريخ العراق والمنطقة (!) في اطار لعبة ذكية لخلط المعاني والتحرر من رد الفعل الرافض لتحويل العراق الى كيانات مستقلة ، بعد تمهيد مدروس لتحويل تلك (الكيانات الحزبية ) الى ادوات الانفصال في اطار خطة تطبق تدريجيا .
هل هذا مجرد توقعات ؟ كلا ، فما جرى ويجري منذ الغزو يؤكد ان امريكا سعت باقصى ما تملك من امكانات الى تقسيم العراق ، وخداع البعض بابقاء رابط شكلي كونفدرالي . ففي اثناء زيارته لشمال العراق صرح عبدالعزيز الحكيم، زعيم التحالف الايراني في العراق ، ورئيس ما يسمى (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية)، بانه لا يستبعد تشكيل أقاليم مماثلة لاقليم كردستان فى جنوب العراق. وقال الحكيم في مقابلة مع فضائية كردستان بثتها "ان مسالة تشكيل أقاليم فى العراق موافق للقانون و"للدستور"، وأضاف ولا أستبعد تشكيل أقاليم على غرار اقليم كردستان فى جنوب العراق فى وقت قريب .
وجاءت تصريحات الحكيم أثناء جولة فى كردستان العراق للتباحث مع البارزانى والطالبانى فى تشكيل حكومة عقب الاعلان عن نتائج الانتخابات التى تطعن فيها شرائح واسعة من العراقيين. وكان الحكيم قد أعلن فى وقت سابق من هذا العام رغبته فى اقامة اقليم فى محافظات الجنوب العراقى ذات الغالبية الشيعية، وقد قوبلت دعوته باستنكار شديد داخل العراق وخارجه. (جريدة العرب اون لاين 29 – 12 – 2005) .
ولكي تنجح لعبة الانفصال في الشمال والجنوب يجب ان تعقد صفقة بين صفويي الجنوب وصهاينة الشمال ، يتم بموجبها موافقة الصفويين على ضم كركوك للاقليم الكردي ، لانها الشرط الحاسم لتوفير موارد نفطية تدعم الدولة الانفصالية في الشمال ، مقابل ذلك وافق الجانب الصهيوني الكردي على عدم تغيير نتائج الانتخابات المزورة ورفض اعتراضات الاطراف الاخرى على نتائجها . فقد قال الحكيم خلال لقاء مع أعضاء البرلمان الكردي في مدينة اربيل شمال العراق (ان تفعيل المادة 58 من قانون ادارة الدولة المؤقت ، الذي وضعه بول بريمير
وينص على اعادة رسم حدود المحافظات وتحديد مصير كركوك ، لا يمثل مطلبا كرديا فحسب بل هي قضية تمثل أحد أهم أهداف المرحلة المقبلة).
وأضاف ، في مداخلته ردا على عدد من أعضاء البرلمان الكردي الذين طالبوا بضرورة تفعيل المادة المذكورة وخصوصا ما يتعلق منها بمدينة كركوك الغنية بالنفط ، قال أن المجلس الأعلى أصر على ضرورة إدراج هذه الفقرة في قانون الإدارة المؤقت «لإنها لا تتعلق بالشعب الكردي فقط وإنما جميع أهالي مدينة كركوك... وتتعلق بحدود المحافظات» العراقية الأخرى. وأضاف الحكيم
مخاطبا البرلمان الكردي (نحن نتقاسم معكم الشعور فيما يتعلق بهذه المادة، سنسعى بجد معا في حل هذه القضية). ( شبكة اخبار العراق 29 – 12 – 2005 ).
ويجب ان نذكر بان احدى اهم اطروحات الحاكم الامريكي زلماي ،التي سربها عبر عدة منافذ ، وهي اطروحة ان قائمة الصفويين دخلت في تناقض رئيس مع قائمة صهاينة الشمال ، مما يسمح بقيام تحالف يضم الكتل الكردية والسنية وعلاوي وبقية واوية (ثعالب) الاحتلال ، يعمل على تحجيم النفوذ الصفوي الايراني في العراق . فهل كان هذا صحيحا ؟ ام انه كان تكتيك استدراج وتضليل ؟ الان وبعد الاتفاق الكردي الصفوي على تكريس نتائج الانتخابات ورفض الاعتراضات ثبت بالملموس ان ما يربط الصفويين بالزعامات الكردية هو صلة ستراتيجية قاعدتها تقسيم وتقاسم العراق ، اما خلافاتهم فهي تكتيكية صرفة
اذن اجراء الانتخابات والمشاركة فيها كان من اهم الاهداف الجوهرية والحاسمة للاحتلال والقوى الانفصالية الصهيونية في الشمال والصفوية في الجنوب ،لانها كان يجب ان توفر الغطاء الشرعي لفصل العراق ، ولذلك لا يمكن طرح أي تسويغ لها وللمشاركة فيها، من أي كان ولأي سبب كان . ان النتائج الفعلية للانتخابات خلقت الارضية المطلوبة للدفاع عن الانفصال الكونفدرالي باستخدام حجة الشرعية من جهة ، وبتحريك نزعات انانية تتمسك بالموارد الاقليمية التي سحبت من الدولة المركزية ومنحت للاقاليم من جهة ثانية . وهذا التمسك ب(الحقوق المكتسبة) في ظل الاحتلال من قبل العملاء ، سيدفع الطرف او الاطراف غير الانفصالية ، والتي اعتقدت ان بالامكان المشاركة في العملية السياسية من اجل تسهيل اخراج العراق من مأزق الاحتلال وكوارثه ، سيدفع الى التنازل للاطراف الانفصالية بحجة (منع انفصالها عبر التساهل مع مطاليبها)! وهو ما بدأ يطرحه من اعترض على الانتخابات بعد ان اشترك فيها ! هل رايتم الى اين توصل السذاجة السياسية ؟
المراهنة على لجم النفوذ الايراني
كان من اهم الحجج التي ساقها من اراد الانخراط في العملية السياسية، واهم تجلياتها الانتخابات ، هي حجة ان الصفويين الايرانيين قد تغلغلوا في الدولة والجيش والحرس والشرطة التي انشأها الاحتلال ، واخذوا يحسمون الامور لصالحهم ويهمشون ( اهل السنة ) لذلك ، ولايقاف هذا الزحف الخطير، يجب الانخراط في العملية السياسية للحد من هذا التوسع (المخيف ) في النفوذ الصفوي ، بتشكيل حضور ( سني ) ووطني فاعل في البرلمان واجهزة الدولة الجديدة . بهذا المنطق خدع بعض الناس ، واستجابوا لنداءات الطائفية المضادة للمشاركة في الانتخابات . هل كان هذا المنطق صحيحا ؟ هنا اريد ان اذكركم بان اول من طرح هذا الراي، وفي الاشهر الاولى للاحتلال، هو الحزب الاسلامي العراقي ، بقيادة المصاب بمرض مزمن وهو التلذذ بوضع رأسه تحت احذية الجنود الامريكيين، محسن عبدالحميد وحزبه الطائفي ، حيث نجح في ابقاء السذج تحت زعامته رغم انه تعاون مع الاحتلال رسميا ، باستخدام هذا المنطق الطائفي المكمل للطرح الطائفي للحكيم .
وهذه الحقيقة ترتبط بحقيقة اخرى يجب ان ينتبه اليها الجميع في المعادلة الامريكية، وهي ان النفوذ الايراني في العراق سيبقى رئيسيا الا اذا تخلى انصار المقاومة عن المقاومة وقدموها هدية لامريكا مقابل ضرب النفوذ الايراني ! فهل يخدم ذلك احد سوى الاحتلال ؟ وهل سيغير ضرب النفوذ الايراني وضع العراق كدولة محتلة ؟ وهل نقبل بالاحتلال الامريكي، وهو اصل الخطر المميت ، من اجل طرد الاحتلال الايراني ، وهو الخطر الكبير الذي جاء به الاحتلال الامريكي ؟ هذا المنطق لم يكن من عنديات الذين وقعوا في الفخ ، بل هي روجت من قبل الحاكم الاستعماري الامريكي زلماي خليل زادة عند اجتماعه بزعماء من (اهل السنة)، حيث قال لهم صراحة بان استيلاء اتباع ايران على الوضع سببه مقاطعتكم للعملية السياسية ، فاذا وافقتم على الانخراط فيها وانهيتم مقاطعتكم لها فاننا سنساعد على تقليم اظافر النفوذ الايراني وسيكون لكم دور فاعل في تشكيل العراق بما في ذلك اعادة النظر في الدستور وتعديله .
وبسرعة استجاب من لا يملكون زادا سوى السذاجة لهذا الخداع الذي يمكن لطفل مفتح العينين ان يكتشفه ، واعترفوا بان عدم المشاركة في العملية السياسية كانت خطأ سمح لعملاء ايران بالسيطرة على الوضع ووعدوا الحاكم الامريكي بتغيير هذا الموقف . وهكذا توصلت امريكا لبداية توريط شريحة ثالثة من الشعب العراقي في مخطط تقسيم العراق ، على اعتبار ان ما يسمى اكمال مشاركة ( اهل السنة ) في العملية السياسية ضرورة حاسمة للحصول على دعم كل اطياف الشعب العراقي .
والان وبعد ان ظهرت نتائج المشاركة في الانتخابات علينا طرح السؤال التالي : هل كان الحاكم الامريكي صادقا في وعده بالحد من نفوذ الصفويين ؟ الجواب هو كلا ، فمنذ البداية كان واضحا ان الاحتلال بحاجة لتوسيع نطاق المشاركين في العملية السياسية وليس اضعاف الصفويين كما ادعى، لان المخطط الامريكي في العراق ، وفي ضوء تيقن امريكا انها في ورطة قاتلة ، كان تأمين غطاء مشروع ، على الاقل امام العالم ، لتحقيق هدفين مترابطين ومتلازمين ، الاول هو الاعداد والتمهيد للانسحاب من العراق بطريقة تحفظ ماء الوجه للتخلص من الاستنزاف المميت على يد المقاومة ، من خلال الادعاء بان امريكا لم تكن لها اهداف استعمارية وانما جاءت لمساعدة الشعب العراقي ، وهو ما قاله مؤخرا بوش ، وباجراء الانتخابات اكملت عملية المساعدة هذه واصبحت الكرة في ملعب العراقيين بعد وضع دستور ديمقراطي لهم واجراء انتخابات تأسيسية . اما الهدف الثاني فهو انتزاع اتفاقيات ، ملزمة مستقبلا ،مع الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات تمنح امريكا بموجبها امتيازات نفطية كبيرة وقواعد او تسهيلات عسكرية .
هل يسمح هذا التوجه بالتخلص من الصفويين او تقليص دورهم ؟ كلا بالتاكيد لان امريكا تعرف ان الامل الاكبر في فتح ثغرة في صفوف الوطنيين العراقيين المناهضين للاحتلال لا يمكن ان يتم الا بمساعدة ايران وعملائها ، ما دامت المقاومة المسلحة تنتصر وتوسع نفوذها وتدحر الاحتلال وتسبب له اخطر التحديات في تاريخ امريكا كله . كما ان تقسيم العراق لا يمكن ان يقترب ولو قليلا من التطبيق بدون الصفويين ودعم ايران للخطة الامريكية هذه ، فكيف يمكن ان يتصور أي عارف بالحد الادنى لاهداف امريكا بانها ستسمح باضعاف الصفويين قبل شق المقاومة او الحاق هزيمة ملموسة بها ؟ ويجب ان ننبه الى حقيقة ثابتة في العراق المحتل وهي انه ما دامت المقاومة هي القوة الاساسية في الشارع العراقي فسوف يبقى الدور الايراني مهما من وجهة نظر امريكية ، ومن ثم سيبقى دور عملائها الصفويين قويا في العراق ، وبغض النظر عن مواقف من يطلق عليهم اسم ممثلي ( اهل السنة ) .
وفي ضوء ما تقدم يمكن ادراك حقيقة تكتيك الحاكم الامريكي الذي استخدمه في جر رموز من طيف اخر الى العملية السياسية لاجل اكمال متطلبات تنفيذ خطوات اكبر في المخطط الامريكي الحقيقي . ان اطروحة المشاركة لاجل لعب دور ولو ضعيف يوظف لاضعاف الصفويين ما هي الا محض سذاجة قاتلة راينا نتائجها في مشاركة بعض من كان يعارض الاحتلال في انتخابات انتهت بتكريس وتوسيع نفوذ الصفويين وليس العكس . بل ان من راهن بسذاجة غريبة على التحالف مع الزعامات الكردية وقائمة علاوي وغيره من عملاء الاحتلال ، تأثرا بمواعظ الحاكم الامريكي ، من اجل اضعاف قائمة الصفويين ، اكد مرة اخرى واخيرة انه غير مؤهل للتحدث في الشأن العام لتخلفه وضيق ملكة التفكير لديه ولانحصار جل همه بين اعلى ساقيه وبطنه ، بعد ان راينا ان هذه المراهنة على الزعامات الكردية والعميلة قد سقطت هي الاخرى وتأكد مرة اخرى ان الزعامات الكردية والصفوية هي عماد الاحتلال الاساس وان تعاونها ليس قرارا فرديا لها بل هو قرار الاحتلال وما تقتضيه مصالحه الاساسية ، لذلك فان الدور الصفوي سيبقى من ضمن متطلبات تسهيل الاحتلال وتنفيذ اهدافه المتعاقبة .
اكثر من ذلك فان التحالف الامريكي الايراني ، الذي كان القاعدة الاساسية التي استند اليها تنفيذ مخطط غزو وتدمير العراق ، قد تعزز ولم يضعف او يتراجع لنفس السبب السابق الذكر وهو ان المقاومة المسلحة تتعزز وتتقوى وتغير قواعد الصراع الاساسية لصالحها ، ليس داخل العراق فقط بل في المنطقة كلها ، ويجد هذا التغيير صداه في مختلف قارات العالم ، خصوصا في امريكا اللاتينية واوربا الغربية وحتى امريكا الشمالية . فهل من مصلحة ايران وامريكا صعود حركة التحرر العربية الى السلطة في العراق بعد تحريره ؟ ام ان ذلك سيقلب جذريا كل
الحسابات الستراتيجية الامريكية ، اقليميا وعالميا، اضافة الى انه سيضع ايران في اخطر مأزق في تأريخها امام العالم الاسلامي نتيجة لموقفها المشين والاجرامي من تدمير العراق وغزوه ؟
بالتأكيد ان امريكا مستعدة للتعاون مع كل شياطين الارض من اجل تمويه هزيمتها في العراق انقاذا لسمعتها ومصالحها العالمية ، واول شياطين تبرعوا لخدمة الهدف الامريكي هذا ، لانه هدفهم ايضا ، هم شياطين قم وطهران الممتلئون حقدا على الامة العربية ، والخاضعون منذ اكثر من ستة الاف عام لاحتياجاتهم الجيوبولتيكية اللصوصية في العراق . لذلك لم يكن صدفة ان زلماي خليل زادة قد التقى كبار المسؤولين الايرانيين ، بناء على امر رئاسي سريع ، للتعاون اكثر لمواجهة اقتراب ساعة استيلاء المقاومة الوطنية العراقية على السلطة قريبا ، في ذروة الاشتباك اللفظي حول المفاعلات النووية الايرانية ! بل ان التسوية ، التي خدمت المشروع النووي الايراني بالموافقة الامريكية على بقاء هذا المشروع بشرط مائع وهو تخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا ، لم تكن الا نتيجة حتمية لخطورة انتصار المقاومة الوطنية في العراق على المصالح الاستعمارية الامريكية والايرانية ، لذلك اتفقت ايران ( الاسلامية ) مع الشيطان الاكبر من اجل مواصلة مخطط التأمر المشترك على العراق وعروبته وشعبه !
ولم يكن هذا التقارب الامريكي الايراني هو نهاية المطاف ، فلقد احتاجت ايران الى ازالة دماء مئات الالاف من العراقيين والافغان المسلمين من وجهها ، الذي اصبح اكثر قبحا من الوجه الامريكي في الشارع العربي والاسلامي ، بعد ان شاركت في جريمتي تدمير العراق وافغانستان ، عن طريق محاولة تمويه صلتها الستراتيجية وليس التكتيكية مع امريكا ، لكسب دعم العالم الاسلامي والشارع العربي مجددا ، فماذا فعلت ؟ طلب خامنئي المرشد العام لايران ، من الرئيس الايراني الجديد ان يهاجم اسرائيل فاطلق تصريحه الشهير حول الهولوكوست لانه اقصر الطرق لقلوب العرب والمسلمين وان يتشدد في الموضوع النووي ، ثم امر خامنئي مقلديه في لبنان ان يصعدوا مع اسرائيل وان يلفتوا النظر الى وجود صراع ديوك ايراني-اسرائيلي -امريكي مفتعل ومهندس لاعادة ترميم وتجميل وجه النظام الايراني القبيح . ومع هذا ، ورغم هذا، فقد بقيت الصلة الستراتيجية بين امريكا وايران قوية ونشطة على ارض الصراع الرئيسي الذي سيقرر مصير المنطقة والعالم ، وهو الصراع الستراتيجي الاعظم بين طليعة حركة التحررالعربية ممثلة بالمقاومة العراقية المسلحة ، وبين امريكا ومعها اسرائيل وايران بصفتهما الداعم الاقوى للغزوة الامريكية للوطن العربي ولمخطط التفتيت الطائفي – الاثني .
ان من يظن ان امريكا تتصرف عشوائيا يعبر عن سذاجة قاتلة له ولوطنه ، لانه يصبح فريسة سهلة لقوى الشر التي يظن انه يحاربها ، لكنه يجد نفسه في نهاية المطاف يخدمها ، فلا يجد مفرا من اطلاق النار على رأس سلامته الوطنية . وهذا ما حصل بعد الانتخابات التي اكدت مجرياتها ان امريكا هي التي ارادت ان تفوز قائمة ايران وليس غيرها ، والا الم يكن بامكانها ان تمنع عملاء ايران من تنفيذ خطة التزوير لو كانت ضده حقا ؟ ان من زور اكاذيب اسلحة الدمار الشامل وغيرها وركل بحذاءه القانون الدولي لن يتردد في ركل ايران وعملائها ، ولكن في اللحظة التي يصبح فيه ذلك مصلحة امريكية ، وهو مالم يحصل حتى الان .
بعد ان شاهدتم المحتجين على نتائج الانتخابات ، وهم يمارسون اللغو ورذاذ البصاق يتناثر من افواههم ، قولوا لي بربكم :
كيف يستطيع من لم يتعلم النطق بعد ان يفهم الف باء الستراتيجية والتكتيك الامريكيين ؟ لقد اثبتت تجربة الانتخابات ان النفوذ الايراني تعزز في العراق واصبح اكثر خطورة نتيجة اضفاء الشرعية الشكلية على حكومة ستتحكم بها امريكا وايران سوية .
لم يكتف زلماي خليل زادة، الحاكم الامريكي في العراق، بجمع رؤوس ( بالحرام طبعا ) من كانوا يصرخون باعلى اصواتهم : نحن ضد الاحتلال، برأس علاوي الذي صار رمزا لاسوأ انواع الخيانة والعمالة، بل تعمد زلماي اذلالهم و تسليط اضواء البروجكترات على وجوههم الحقيقية، بعد ازالة المكياج عنها، باصراره على ان يجتمع هؤلاء جميعا في بيت اياد علاوي، وليس في ناد او قاعة، وان يتصدر الاجتماع اياد علاوي، وان يقود الحوار اياد علاوي، وان يصدر بيان خطه يراع اياد علاوي الموشوم بدك ( وشم ) فارسي واضح وهو الاعجمي اللغة والاصل والولاء .
هؤلاء جميعا ، من كانوا رواد مواخير الاحتلال القدماء ، مثل علاوي والجلبي ومحسن عبدالحميد ، ومن كان يشتمهم باسم رفض الاحتلال ، احتفلوا بتدشين مقر جديد مشترك لهم جميعا ، وضعوا على بوابته عبارة تقول (من اجل العراق يجب ان نمارس الفحش مع الحاكم الامريكي ، وازلامه الذين - افتخروا - بانهم ساهموا بتدمير العراق وغزوه ) !
وسط الزغاريد وموسيقى الوحدة ونص صدر بيان يعلن ولادة تحالف ضد نتائج الانتخابات باسم هؤلاء جميعا ، يسوق من انضم اليه الى مراكز بيع الضمير للاحتلال . هل كانت تلك مفاجئة ؟ كلا بالتاكيد لان اعمى البصر يستطيع ببصيرته ان يعرف ، بلا جهد ، ان الانتخابات كانت محض طقوس في محفل ماسوني يحتفل بضم اعضاء جدد له ، او رفع غطاء الوجه عن اعضاء سريين كلفوا بأداء دور مناقض لاهدافهم الحقيقية ، وهو دور مناهضة الاحتلال بصوت اجش ، وحان وقت عزفهم لحن الاحتلال . أن ذوي البصر السليم والبصيرة العمياء اغمضوا عيونهم وتجاهلوا ان الانتخابات كانت منذ البدء لعبة الاحتلال الاساسية لاضفاء شرعية عجزت الامم المتحدة عن منحها له . بل ان هؤلاء لم يكتفوا بذلك فزادوا واغلقوا اذانهم لتجنب سماع نصائح الاصدقاء ، الفاضحة لطبيعة الاجنة المخبوءة في رحم الانتخابات ، ووضعوا انفسهم في زاوية (القرود الثلاثة ) التي تعتليها لافتة كتب عليها: لا اسمع ، لا ارى ، لا انطق ( الا بالهوى ) !
نعم الاشتراك في الانتخابات كان لعبة الغباء المطلق ، او البغاء المطلق ، تبعا لمن اشترك فيها ومنطلقاته ، فاولئك الذين ظنوا ان ثمة امل في حل ازمة الاحتلال عبر المشاركة في الانتخابات ، مارسوا غباء لم تتمتع به قبلهم فئة اخرى من البشر او اسلاف البشر ، اما اولئك الذين عرفوا سلفا ان الانتخابات ليست سوى مصيدة لمن صام عن موبقات الاحتلال صممت لاصطياده وجره الى الافطار على اسوأ انواع الخمر ، ودفعه الى حلبة الرقص ليحرك اردافه واكتافه وعضلات رقبته واستطالة لسانه ، على انغام امريكا ، فانهم واصلوا ممارسة عهر الضمير التي بدأوه منذ باعوا ضمائرهم للعم سام ، فأخذ يعبث بها كما يشاء ، ومتى يشاء وفي أي مكان يشاء !
هل نقسوا على من شارك في الانتخابات ؟ بالتاكيد كلا ، فمن يعبث بمصير العراق ، انسياقا وراء ادمانه على سقاء الخمر ، او رغبته امتلاك خباء القصر ، يستحق التقريع ، على الاقل لايقاظ الجزء النائم من وعيه ، لان بيع الوطن ، بوعي او بغباء ، ليس خسارة على طاولة القمار لاتؤذي الا صاحبها بل هي كارثة للوطن ودمار لكل مواطن . وتلك حقيقة رايناها جميعا وعانينا منها جميعا منذ داست دبابات امريكا ارض العراق . من يريد ان يتأكد من خطورة خطيئة من شارك في الانتخابات عليه ان يدقق في الملاحظات الاتية وان يضيفها الى خزين وعيه ، وهو ينقد المتساقطين الجدد ، فلربما يستيقظ وعيهم ويعودوا الى الرشد . ما هي اهم الملاحظات التي تبلورت بعد انتهاء لعبة قرود امريكا التي اسموها انتخابات ؟
لا انتخابات في ظل الاحتلال
لقد اكدت الانتخابات التي جرت يوم 15 – 12 – 2005 بان من المستحيل اجراء انتخابات حرة في ظل الاحتلال الاستعماري لاي بلد في العالم ، لان طبيعة الاستعمار هي التي دفعته للقيام بفعل الاحتلال من اجل النهب والاستغلال للشعوب الضعيفة عسكريا وتقنيا . فرغم اعتراف مصادر رسمية امريكية بان عدد الاعتراضات التي سجلت تجاوزت الالف ، ورغم ان سلطات الاحتلال قد اعلنت قبل اجراء الانتخابات بايام بانها ضبطت شاحنات تدخل من ايران وهي محملة بملايين الاوراق المزورة مطابقة لاوراق الناخبين ! فان موقف هذه السلطات كان يقوم على منع اجراء تحقيق دولي في شكاوى تزوير الانتخابات ورفض اعادة اجراء الانتخابات ، لسبب بسيط هو انها تخدم اهداف الاحتلال مباشرة . ان غياب الرقابة القضائية وغير القضائية المستقلة حقا يجعل من السهل تلفيق أي نتيجة مهما كانت مناقضة للمنطق .
المزور هو الاحتلال
الحقيقة الاخرى التي اكدتها الانتخابات هي ان المزور الاساسي ليس ما يسمى زورا ( المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ) ، ولا هو حزب الصفويين بكافة تياراته ، فهؤلاء هم مزورون ثانويون عملوا باوامر وارادة المزور الأساسي وهو الاحتلال الاستعماري الامريكي . اذ كيف يمكن تصور حصول تزوير ، اذا كانت سلطات الاحتلال ترفضه حقا ، وهي اللاعب الأساس في العملية السياسية الرسمية والموجه لكل التحركات والتطورات الرئيسية الخاصة بالحكومة العميلة والبرلمان العميل ؟ فبالاضافة لما ذكرناه فان الحاكم الاستعماري الامريكي زلماي خليل زادة هو الذي قاد عملية الانتخابات وقرر مسارها ، وكان بامكانه ان يوقف التزوير وان يلغي النتائج دون ان يستطيع الصفويون فعل شيئ مناقض . لقد ذهب الى شمال العراق ليشرف ويوجه الاتصالات بين الحكيم والبارزاني والطالباني يوم 28 – 12 -2005 الهادفة الى تقسيم العراق ، وللتأكد من ان اتباع الاحتلال لن يقعوا في خطأ ولو صغير اذا تركوا لوحدهم . وكان بامكان خليل زادة ان يوجه هؤلاء من بعد ، على الاقل لاعطاء انطباع بان هناك حكومة عراقية مستقلة ولو شكليا ، لكنه كأي حاكم استعماري نظم ونفذ عملية تزوير الانتخابات لانه يريد ان يحصد النتائج المطلوبة بدقة تامة ودون أي ارباك قد يحصل .
الانتخابات كرست الطائفية – الاثنية
ولكي لا تختلط الامور يجب ان نوضح مقدما ان التكريس المقصود هو السياسي وليس الاجتماعي ، لان المجتمع العراقي كان ومازال وسيبقى عصيا على الانقسام الطائفي والاثني ، بعد ان اثبتت محاولات التقسيم انها تتعامل مع نسيج عراقي متداخل تشده صلات رحمية ، العشيرة والعائلة مثلا ، اضافة للصلات الوطنية الراسخة والعريقة ، لذلك فشلت كلها وانهارت خطة بلقنة العراق أي تقسيمه بنفس طريقة تقسيم يوغسلافيا والى الابد .
كيف علقت امريكا على الانتخابات ؟ ان افضل تعبير عن التوقعات والاهداف الامريكية الكامنة خلف الانتخابات هو الذي عبرت عنه اهم الصحف الامريكية ، وهي الواشنطن بوست ، يوم 16 – 12 – 2005 ، حينما قالت (انتهت الانتخابات وسيعود الطائفيون الى صراعاتهم في البرلمان وغيره على اسس طائفية ). ما معنى ذلك تحديدا ؟ انه يعني اعترافا رسميا بان الانتخابات قد عززت نظام التقسيم هذا واوجدت له اليات تغذيه وتديمه . وهذا يؤكد ، وبوضح تام ، ان ما افشلته وحدة الشعب العراقي من محاولات امريكية لتقسيمه ، سوف يتولى البرلمان محاولة تحقيقه بطريقة اخرى اكثر بطئا ولكنها تعتمد هذه المرة تكتيك النفس الطويل في زرع العقد والعداءات الطائفية والعرقية .
ففي البرلمان ستعمل امريكا وعملاؤها على تكريس ودعم الاهداف التقسيمية التي جاء بها الاحتلال في نظام المحاصصة الاثنية – الطائفية ، فكل كتلة ستلعب دور المدافع عن طائفتها او اثنيتها ، وليس انتماءها الوطني العراقي ، ما دام اصل التقسيم السياسي هو الاعتماد على النداءين الطائفي والاثني . ان الانقسام المنظم وفقا لنظام الانتخابات على اساس الطائفة والاثنية سيضع الصراعات الحقيقية ، وهي الصراع الوطني ضد الاحتلال والصراعات الايديولوجية بين المظلومين والظالمين اقتصاديا والصراع السياسي بين كتل مختلفة حول خيارات سياسية ، ستوضع جانبا ويدخل العراقيون متاهات تقاسم النفوذ والمصالح على اسس الدفاع عن الطائفة والاثنية وليس العراق الواحد وهويته الوطنية والقومية .
أن تحقيق هذا الهدف يقع على رأس قائمة الاهداف الامريكية الاسرائيلية القديمة والجديدة ، وابرزها تقسيم العراق ، في اطار خطة تقسيم كل الوطن العربي ، على اسس طائفية واثنية ، وانشاء ثلاثة دول على انقاض العراق الواحد وهي دولة كردية في شمال العراق ، يقوم البارزاني والطالباني بانشائها الان ، واخرى سنية في الوسط ، يقوم الحزب الاسلامي وامثاله بخدمة هدف العمل باسم طائفة وليس باسم وطن أي تكريس الطائفية ، وثالثة شيعية في الجنوب تقوم ايران عبر عملائها بالعمل المنظم لاقامتها . وهذا هو حرفيا ما ورد في مقالة عوديد ينون الكاتب
الاسرائيلي ، الذي لخص اهداف الصهيونية في العراق في عام 1980 ، تحت عنوان (ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات ) .
اكتمال متطلبات لعبة التقسيم
مرة اخرى يجب التنبيه الى ان اكتمال اللعبة التقسيمية يقصد به الهدف الرسمي شكليا وليس على مستوى الشعب ، فامريكا ، كانت ومازالت ، بحاجة قاتلة لاطار عام رسمي ، يضم شيعة واكراد وسنة ، يمنح احتلالها للعراق غطاء شرعيا امام الراي العام العالمي ، خصوصا الامريكي ، لانه يخدمها في كلا الاحتمالين الهروب والبقاء . فاذا سارت وتيرة حرب التحرير على وتيرتها الحالية ، أي توسع الثورة المسلحة وتعاظمها ، سيستخدم الاحتلال الحصول على شرعية شكلية في التمهيد للانسحاب بطريقة تحفظ ماء الوجه ، اضافة لاقامة حكومة عميلة لكنها شكليا منتخبة وتملك (شرعية) توقيع اتفاقيات نفطية وعسكرية مع امريكا قبل الهروب المموه . وهذا الهدف يتطلب وجود طرف سني في البرلمان والحكومة لاكمال ما حققه الاحتلال منذ بدايته ، وهو استخدام طرفين صهيوني صفوي وصهيوني كردي ، والذي بقي خارج اللعبة هو ما يسمى (السنة) ، لذلك فان انخراط سنة سيجعل امريكا قادرة على الادعاء بان الانتخابات تمت بمشاركة كل
الاطياف العراقية ، ومنها الطرف الذي قاطع العملية السياسية ، وهو الطائفة السنية ، ومن ثم فهي شرعية تماما .
اما اذا حصل تطور سلبي يسمح لامريكا بالبقاء والتراجع عن قرار الانسحاب من العراق ، فان الانتخابات تخدم هدف تأسيس نظام تابع كليا لها من خلال قيام حكومة منتخبة شكليا ، باسم ممارسة السيادة ، بتوقيع اتفاقيات تبقي قوات عسكرية امريكية في العراق ، اضافة لتوقيع اتفاقيات تمنح امريكا حق نهب النفط العراقي واستغلال العراق بكافة موارده الاقتصادية والبشرية ، واستثمار موقعه الجيوبولوتيكي للتمدد في المنطقة والعالم ، سواء باسم الديمقراطية او بواسطة الكتلة البشرية العراقية ، المعروفة تاريخيا بصلابتها وثقافتها العسكرية ، لتسهيل غزو او اسقاط اقطار عربية او بلدان اجنبية . ومنذ بداية الغزو استخدم منطق تمهيدي مشبوه من قبل العملاء ، يقول الم ترتبط المانيا واليابان بامريكا ستراتيجيا واقتصاديا واستفادتا كثيرا ؟
ان انضمام فئة تنتمي الى السنة ، لكنها لا تمثل السنة في الواقع ، تماما مثلما ان الصفويين لا يمثلون الشيعة ، وصهاينة الشمال لا يمثلون الشعب الكردي الشقيق ، الى العملية السياسية وفي مقدمتها الانتخابات ، انما هو شرط مسبق لاكمال ترتيبات الاحتلال الخاصة بمنحه الشرعية للبقاء او الحصول على امتيازات في العراق فشلت القوة المجردة في تحقيقها . من هنا فان الانتخابات تنطوي على
هدف خطير وهو اكمال متطلبات الاحتلال لمواجهة كافة الاحتمالات .
(2) اكمال متطلبات الكونفدرالية
بأجراء الانتخابات اضافت امريكا انجازا اخرا ، وهو تأمين الحجة المقبولة عالميا لانفصال الجنوب والشمال ، وهي التحصن خلف نتائج الانتخابات، التي لم تكن نتيجتها الاساسية ، وهي فوز الحزبين الانفصاليين بنسب عالية نتيجة التزوير الكامل ، الا مقدمة للمضي قدما في تطبيق الكونفدرالية براحة نسبية ، لان الانتخابات ترجمت ماورد في الدستور الانفصالي حول قيام كيانات مستقلة فعليا حتى لو بقيت مرتبطة بصلة رسمية شكلية . دعونا نوضح هذه النقطة الخطيرة .
من المعروف ان النظام الفدرالي يقوم في جوهره على تغليب القوانين الفدرالية على القوانين الاقليمية ، ففي كل النظم الفدرالية القائمة اختيرت الفدرالية لاعطاء نظام الحكم الذاتي كامل ابعاده ، بمنح حكومات الاقاليم سلطات ادارة كافة شؤونها المحلية بنفسها ، وتحرير الحكومة المركزية من اعباء ومشاكل الاقاليم ، وانصراف المركز الى ادراة الشؤون المركزية الاساسية وهي استثمار الموارد الوطنية والتخطيط الاقتصادي ، في ظل أي نظام اقتصادي ، والامن ( الداخلي الفدرالي والخارجي العسكري والاستخباري ) ، والسياسة الخارجية وغيرها .
لذلك جرت العادة تمييز الفدرالية عن الكونفدرالية عبر تحديد مركز السلطة : هل هو في الاطراف او الاقاليم ؟ ام في العاصمة الاتحادية ؟ ففي النظام الفدرالي تتولى العاصمة الاتحادية شؤون الدولة المركزية والوطنية ولذلك تخضع القوانين الخاصة بالاقاليم لقوانين السلطة الاتحادية . اما في النظام الكونفدرالي فلا توجد حكومة مركزية ، وتتركز السلطة الرئيسية في يد حكومات الاقاليم ، ويوجد مجلس رئاسي ينسق العلاقات بين دول الاتحاد الكونفدرالي المستقلة قانونيا وفعليا. ولكل دولة من دول النظام الكونفدرالي اجهزة امنه الوطني وجيشه الوطني ونظامه الاقتصادي المستقل .
ما هي النتائج التي تترتب على ما سبق شرحه ؟ في النظام الفدرالي توجد دولة موحدة حقيقية وتتميز باللامركزية الادارية ، وهي لذلك تمثل امام العالم من قبل المركز فقط في مجال الدبلوماسية والعلاقات الاقتصادية الرئيسية ، والجيش الوطني ، كما ان الامن الوطني تحميه اجهزة فدرالية . وعلى العكس من ذلك فان النظام الكونفدرالي ليس سوى نظام تنسيق بين دول ، لذلك فان لكل دولة تمثيل دبلوماسي مستقل وجيش وامن مستقلين ، وتخطيط وعلاقات اقتصادية مستقلة . اذا درسنا بدقة ما اطلق عليه اسم (النظام الفدرالي) في دستور نوح فيلدمان الصهيوني ، والذي فرضته امريكا على العراق، نلاحظ انه يسعى لاقامة نظام كونفدرالي وليس فدرالي ، لان القوانين الاقليمية هي الغالبة اذا تناقضت مع القوانين الصادرة من الحكومة المركزية . كما ان من حق حكومات الاقاليم ان تستولي كليا على موارد الاقليم وتحديد كيفية استغلالها دون تدخل او وجود حصة للحكومة المركزية فيها . اما التمثيل الدبلوماسي فان للاقليم حق التمثيل الدبلوماسي ، واخيرا وليس اخرا فان لكل اقليم جيش مستقل وشرطة مستقلة .
اذن : الصلة بين اقاليم (العراق الجديد) هي صلة دول مستقلة تنسق فيما بينها ، ومن حق أي منها او كلها الانفصال باقليمه ، وتلك هي الكونفدرالية بعينها وبقلبها
وبجوهرها . باقرار ماسمي بالدستور في استفتاء مزور وضع (الاساس الدستوري) لاقامة نظام كونفدرالي يضم ثلاثة كيانات منفصلة عمليا وان ارتبطت رسميا ومؤقتا برابطة وطنية . وقد مهد ذلك لاجراء انتخابات تضفي الشرعية على الحكومات الاتحادية المتوقع قيامها ، بفضل هذه (الشرعية الدستورية) سيصبح بامكان أي حكومة اقليمية اتخاذ قرار الانفصال متى شاءت بعد ان تستقل اقتصاديا وتخلق اليات خلجنة العراق ، أي جعله لا يقوم على أي اساس سوى على رابطة الثروة ، فتنمى الانانية الاقليمية لدى اوساط معينة ، من المفترض ان تصبح اداة الانفصال وبصورة ديمقراطية ! انتبهوا الى مصطلحات الدستور وقوانين الاحتلال والتي تصر على تسمية حتى الاحزاب (كيانات سياسية ) لاول مرة في تاريخ العراق والمنطقة (!) في اطار لعبة ذكية لخلط المعاني والتحرر من رد الفعل الرافض لتحويل العراق الى كيانات مستقلة ، بعد تمهيد مدروس لتحويل تلك (الكيانات الحزبية ) الى ادوات الانفصال في اطار خطة تطبق تدريجيا .
هل هذا مجرد توقعات ؟ كلا ، فما جرى ويجري منذ الغزو يؤكد ان امريكا سعت باقصى ما تملك من امكانات الى تقسيم العراق ، وخداع البعض بابقاء رابط شكلي كونفدرالي . ففي اثناء زيارته لشمال العراق صرح عبدالعزيز الحكيم، زعيم التحالف الايراني في العراق ، ورئيس ما يسمى (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية)، بانه لا يستبعد تشكيل أقاليم مماثلة لاقليم كردستان فى جنوب العراق. وقال الحكيم في مقابلة مع فضائية كردستان بثتها "ان مسالة تشكيل أقاليم فى العراق موافق للقانون و"للدستور"، وأضاف ولا أستبعد تشكيل أقاليم على غرار اقليم كردستان فى جنوب العراق فى وقت قريب .
وجاءت تصريحات الحكيم أثناء جولة فى كردستان العراق للتباحث مع البارزانى والطالبانى فى تشكيل حكومة عقب الاعلان عن نتائج الانتخابات التى تطعن فيها شرائح واسعة من العراقيين. وكان الحكيم قد أعلن فى وقت سابق من هذا العام رغبته فى اقامة اقليم فى محافظات الجنوب العراقى ذات الغالبية الشيعية، وقد قوبلت دعوته باستنكار شديد داخل العراق وخارجه. (جريدة العرب اون لاين 29 – 12 – 2005) .
ولكي تنجح لعبة الانفصال في الشمال والجنوب يجب ان تعقد صفقة بين صفويي الجنوب وصهاينة الشمال ، يتم بموجبها موافقة الصفويين على ضم كركوك للاقليم الكردي ، لانها الشرط الحاسم لتوفير موارد نفطية تدعم الدولة الانفصالية في الشمال ، مقابل ذلك وافق الجانب الصهيوني الكردي على عدم تغيير نتائج الانتخابات المزورة ورفض اعتراضات الاطراف الاخرى على نتائجها . فقد قال الحكيم خلال لقاء مع أعضاء البرلمان الكردي في مدينة اربيل شمال العراق (ان تفعيل المادة 58 من قانون ادارة الدولة المؤقت ، الذي وضعه بول بريمير
وينص على اعادة رسم حدود المحافظات وتحديد مصير كركوك ، لا يمثل مطلبا كرديا فحسب بل هي قضية تمثل أحد أهم أهداف المرحلة المقبلة).
وأضاف ، في مداخلته ردا على عدد من أعضاء البرلمان الكردي الذين طالبوا بضرورة تفعيل المادة المذكورة وخصوصا ما يتعلق منها بمدينة كركوك الغنية بالنفط ، قال أن المجلس الأعلى أصر على ضرورة إدراج هذه الفقرة في قانون الإدارة المؤقت «لإنها لا تتعلق بالشعب الكردي فقط وإنما جميع أهالي مدينة كركوك... وتتعلق بحدود المحافظات» العراقية الأخرى. وأضاف الحكيم
مخاطبا البرلمان الكردي (نحن نتقاسم معكم الشعور فيما يتعلق بهذه المادة، سنسعى بجد معا في حل هذه القضية). ( شبكة اخبار العراق 29 – 12 – 2005 ).
ويجب ان نذكر بان احدى اهم اطروحات الحاكم الامريكي زلماي ،التي سربها عبر عدة منافذ ، وهي اطروحة ان قائمة الصفويين دخلت في تناقض رئيس مع قائمة صهاينة الشمال ، مما يسمح بقيام تحالف يضم الكتل الكردية والسنية وعلاوي وبقية واوية (ثعالب) الاحتلال ، يعمل على تحجيم النفوذ الصفوي الايراني في العراق . فهل كان هذا صحيحا ؟ ام انه كان تكتيك استدراج وتضليل ؟ الان وبعد الاتفاق الكردي الصفوي على تكريس نتائج الانتخابات ورفض الاعتراضات ثبت بالملموس ان ما يربط الصفويين بالزعامات الكردية هو صلة ستراتيجية قاعدتها تقسيم وتقاسم العراق ، اما خلافاتهم فهي تكتيكية صرفة
اذن اجراء الانتخابات والمشاركة فيها كان من اهم الاهداف الجوهرية والحاسمة للاحتلال والقوى الانفصالية الصهيونية في الشمال والصفوية في الجنوب ،لانها كان يجب ان توفر الغطاء الشرعي لفصل العراق ، ولذلك لا يمكن طرح أي تسويغ لها وللمشاركة فيها، من أي كان ولأي سبب كان . ان النتائج الفعلية للانتخابات خلقت الارضية المطلوبة للدفاع عن الانفصال الكونفدرالي باستخدام حجة الشرعية من جهة ، وبتحريك نزعات انانية تتمسك بالموارد الاقليمية التي سحبت من الدولة المركزية ومنحت للاقاليم من جهة ثانية . وهذا التمسك ب(الحقوق المكتسبة) في ظل الاحتلال من قبل العملاء ، سيدفع الطرف او الاطراف غير الانفصالية ، والتي اعتقدت ان بالامكان المشاركة في العملية السياسية من اجل تسهيل اخراج العراق من مأزق الاحتلال وكوارثه ، سيدفع الى التنازل للاطراف الانفصالية بحجة (منع انفصالها عبر التساهل مع مطاليبها)! وهو ما بدأ يطرحه من اعترض على الانتخابات بعد ان اشترك فيها ! هل رايتم الى اين توصل السذاجة السياسية ؟
المراهنة على لجم النفوذ الايراني
كان من اهم الحجج التي ساقها من اراد الانخراط في العملية السياسية، واهم تجلياتها الانتخابات ، هي حجة ان الصفويين الايرانيين قد تغلغلوا في الدولة والجيش والحرس والشرطة التي انشأها الاحتلال ، واخذوا يحسمون الامور لصالحهم ويهمشون ( اهل السنة ) لذلك ، ولايقاف هذا الزحف الخطير، يجب الانخراط في العملية السياسية للحد من هذا التوسع (المخيف ) في النفوذ الصفوي ، بتشكيل حضور ( سني ) ووطني فاعل في البرلمان واجهزة الدولة الجديدة . بهذا المنطق خدع بعض الناس ، واستجابوا لنداءات الطائفية المضادة للمشاركة في الانتخابات . هل كان هذا المنطق صحيحا ؟ هنا اريد ان اذكركم بان اول من طرح هذا الراي، وفي الاشهر الاولى للاحتلال، هو الحزب الاسلامي العراقي ، بقيادة المصاب بمرض مزمن وهو التلذذ بوضع رأسه تحت احذية الجنود الامريكيين، محسن عبدالحميد وحزبه الطائفي ، حيث نجح في ابقاء السذج تحت زعامته رغم انه تعاون مع الاحتلال رسميا ، باستخدام هذا المنطق الطائفي المكمل للطرح الطائفي للحكيم .
وهذه الحقيقة ترتبط بحقيقة اخرى يجب ان ينتبه اليها الجميع في المعادلة الامريكية، وهي ان النفوذ الايراني في العراق سيبقى رئيسيا الا اذا تخلى انصار المقاومة عن المقاومة وقدموها هدية لامريكا مقابل ضرب النفوذ الايراني ! فهل يخدم ذلك احد سوى الاحتلال ؟ وهل سيغير ضرب النفوذ الايراني وضع العراق كدولة محتلة ؟ وهل نقبل بالاحتلال الامريكي، وهو اصل الخطر المميت ، من اجل طرد الاحتلال الايراني ، وهو الخطر الكبير الذي جاء به الاحتلال الامريكي ؟ هذا المنطق لم يكن من عنديات الذين وقعوا في الفخ ، بل هي روجت من قبل الحاكم الاستعماري الامريكي زلماي خليل زادة عند اجتماعه بزعماء من (اهل السنة)، حيث قال لهم صراحة بان استيلاء اتباع ايران على الوضع سببه مقاطعتكم للعملية السياسية ، فاذا وافقتم على الانخراط فيها وانهيتم مقاطعتكم لها فاننا سنساعد على تقليم اظافر النفوذ الايراني وسيكون لكم دور فاعل في تشكيل العراق بما في ذلك اعادة النظر في الدستور وتعديله .
وبسرعة استجاب من لا يملكون زادا سوى السذاجة لهذا الخداع الذي يمكن لطفل مفتح العينين ان يكتشفه ، واعترفوا بان عدم المشاركة في العملية السياسية كانت خطأ سمح لعملاء ايران بالسيطرة على الوضع ووعدوا الحاكم الامريكي بتغيير هذا الموقف . وهكذا توصلت امريكا لبداية توريط شريحة ثالثة من الشعب العراقي في مخطط تقسيم العراق ، على اعتبار ان ما يسمى اكمال مشاركة ( اهل السنة ) في العملية السياسية ضرورة حاسمة للحصول على دعم كل اطياف الشعب العراقي .
والان وبعد ان ظهرت نتائج المشاركة في الانتخابات علينا طرح السؤال التالي : هل كان الحاكم الامريكي صادقا في وعده بالحد من نفوذ الصفويين ؟ الجواب هو كلا ، فمنذ البداية كان واضحا ان الاحتلال بحاجة لتوسيع نطاق المشاركين في العملية السياسية وليس اضعاف الصفويين كما ادعى، لان المخطط الامريكي في العراق ، وفي ضوء تيقن امريكا انها في ورطة قاتلة ، كان تأمين غطاء مشروع ، على الاقل امام العالم ، لتحقيق هدفين مترابطين ومتلازمين ، الاول هو الاعداد والتمهيد للانسحاب من العراق بطريقة تحفظ ماء الوجه للتخلص من الاستنزاف المميت على يد المقاومة ، من خلال الادعاء بان امريكا لم تكن لها اهداف استعمارية وانما جاءت لمساعدة الشعب العراقي ، وهو ما قاله مؤخرا بوش ، وباجراء الانتخابات اكملت عملية المساعدة هذه واصبحت الكرة في ملعب العراقيين بعد وضع دستور ديمقراطي لهم واجراء انتخابات تأسيسية . اما الهدف الثاني فهو انتزاع اتفاقيات ، ملزمة مستقبلا ،مع الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات تمنح امريكا بموجبها امتيازات نفطية كبيرة وقواعد او تسهيلات عسكرية .
هل يسمح هذا التوجه بالتخلص من الصفويين او تقليص دورهم ؟ كلا بالتاكيد لان امريكا تعرف ان الامل الاكبر في فتح ثغرة في صفوف الوطنيين العراقيين المناهضين للاحتلال لا يمكن ان يتم الا بمساعدة ايران وعملائها ، ما دامت المقاومة المسلحة تنتصر وتوسع نفوذها وتدحر الاحتلال وتسبب له اخطر التحديات في تاريخ امريكا كله . كما ان تقسيم العراق لا يمكن ان يقترب ولو قليلا من التطبيق بدون الصفويين ودعم ايران للخطة الامريكية هذه ، فكيف يمكن ان يتصور أي عارف بالحد الادنى لاهداف امريكا بانها ستسمح باضعاف الصفويين قبل شق المقاومة او الحاق هزيمة ملموسة بها ؟ ويجب ان ننبه الى حقيقة ثابتة في العراق المحتل وهي انه ما دامت المقاومة هي القوة الاساسية في الشارع العراقي فسوف يبقى الدور الايراني مهما من وجهة نظر امريكية ، ومن ثم سيبقى دور عملائها الصفويين قويا في العراق ، وبغض النظر عن مواقف من يطلق عليهم اسم ممثلي ( اهل السنة ) .
وفي ضوء ما تقدم يمكن ادراك حقيقة تكتيك الحاكم الامريكي الذي استخدمه في جر رموز من طيف اخر الى العملية السياسية لاجل اكمال متطلبات تنفيذ خطوات اكبر في المخطط الامريكي الحقيقي . ان اطروحة المشاركة لاجل لعب دور ولو ضعيف يوظف لاضعاف الصفويين ما هي الا محض سذاجة قاتلة راينا نتائجها في مشاركة بعض من كان يعارض الاحتلال في انتخابات انتهت بتكريس وتوسيع نفوذ الصفويين وليس العكس . بل ان من راهن بسذاجة غريبة على التحالف مع الزعامات الكردية وقائمة علاوي وغيره من عملاء الاحتلال ، تأثرا بمواعظ الحاكم الامريكي ، من اجل اضعاف قائمة الصفويين ، اكد مرة اخرى واخيرة انه غير مؤهل للتحدث في الشأن العام لتخلفه وضيق ملكة التفكير لديه ولانحصار جل همه بين اعلى ساقيه وبطنه ، بعد ان راينا ان هذه المراهنة على الزعامات الكردية والعميلة قد سقطت هي الاخرى وتأكد مرة اخرى ان الزعامات الكردية والصفوية هي عماد الاحتلال الاساس وان تعاونها ليس قرارا فرديا لها بل هو قرار الاحتلال وما تقتضيه مصالحه الاساسية ، لذلك فان الدور الصفوي سيبقى من ضمن متطلبات تسهيل الاحتلال وتنفيذ اهدافه المتعاقبة .
اكثر من ذلك فان التحالف الامريكي الايراني ، الذي كان القاعدة الاساسية التي استند اليها تنفيذ مخطط غزو وتدمير العراق ، قد تعزز ولم يضعف او يتراجع لنفس السبب السابق الذكر وهو ان المقاومة المسلحة تتعزز وتتقوى وتغير قواعد الصراع الاساسية لصالحها ، ليس داخل العراق فقط بل في المنطقة كلها ، ويجد هذا التغيير صداه في مختلف قارات العالم ، خصوصا في امريكا اللاتينية واوربا الغربية وحتى امريكا الشمالية . فهل من مصلحة ايران وامريكا صعود حركة التحرر العربية الى السلطة في العراق بعد تحريره ؟ ام ان ذلك سيقلب جذريا كل
الحسابات الستراتيجية الامريكية ، اقليميا وعالميا، اضافة الى انه سيضع ايران في اخطر مأزق في تأريخها امام العالم الاسلامي نتيجة لموقفها المشين والاجرامي من تدمير العراق وغزوه ؟
بالتأكيد ان امريكا مستعدة للتعاون مع كل شياطين الارض من اجل تمويه هزيمتها في العراق انقاذا لسمعتها ومصالحها العالمية ، واول شياطين تبرعوا لخدمة الهدف الامريكي هذا ، لانه هدفهم ايضا ، هم شياطين قم وطهران الممتلئون حقدا على الامة العربية ، والخاضعون منذ اكثر من ستة الاف عام لاحتياجاتهم الجيوبولتيكية اللصوصية في العراق . لذلك لم يكن صدفة ان زلماي خليل زادة قد التقى كبار المسؤولين الايرانيين ، بناء على امر رئاسي سريع ، للتعاون اكثر لمواجهة اقتراب ساعة استيلاء المقاومة الوطنية العراقية على السلطة قريبا ، في ذروة الاشتباك اللفظي حول المفاعلات النووية الايرانية ! بل ان التسوية ، التي خدمت المشروع النووي الايراني بالموافقة الامريكية على بقاء هذا المشروع بشرط مائع وهو تخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا ، لم تكن الا نتيجة حتمية لخطورة انتصار المقاومة الوطنية في العراق على المصالح الاستعمارية الامريكية والايرانية ، لذلك اتفقت ايران ( الاسلامية ) مع الشيطان الاكبر من اجل مواصلة مخطط التأمر المشترك على العراق وعروبته وشعبه !
ولم يكن هذا التقارب الامريكي الايراني هو نهاية المطاف ، فلقد احتاجت ايران الى ازالة دماء مئات الالاف من العراقيين والافغان المسلمين من وجهها ، الذي اصبح اكثر قبحا من الوجه الامريكي في الشارع العربي والاسلامي ، بعد ان شاركت في جريمتي تدمير العراق وافغانستان ، عن طريق محاولة تمويه صلتها الستراتيجية وليس التكتيكية مع امريكا ، لكسب دعم العالم الاسلامي والشارع العربي مجددا ، فماذا فعلت ؟ طلب خامنئي المرشد العام لايران ، من الرئيس الايراني الجديد ان يهاجم اسرائيل فاطلق تصريحه الشهير حول الهولوكوست لانه اقصر الطرق لقلوب العرب والمسلمين وان يتشدد في الموضوع النووي ، ثم امر خامنئي مقلديه في لبنان ان يصعدوا مع اسرائيل وان يلفتوا النظر الى وجود صراع ديوك ايراني-اسرائيلي -امريكي مفتعل ومهندس لاعادة ترميم وتجميل وجه النظام الايراني القبيح . ومع هذا ، ورغم هذا، فقد بقيت الصلة الستراتيجية بين امريكا وايران قوية ونشطة على ارض الصراع الرئيسي الذي سيقرر مصير المنطقة والعالم ، وهو الصراع الستراتيجي الاعظم بين طليعة حركة التحررالعربية ممثلة بالمقاومة العراقية المسلحة ، وبين امريكا ومعها اسرائيل وايران بصفتهما الداعم الاقوى للغزوة الامريكية للوطن العربي ولمخطط التفتيت الطائفي – الاثني .
ان من يظن ان امريكا تتصرف عشوائيا يعبر عن سذاجة قاتلة له ولوطنه ، لانه يصبح فريسة سهلة لقوى الشر التي يظن انه يحاربها ، لكنه يجد نفسه في نهاية المطاف يخدمها ، فلا يجد مفرا من اطلاق النار على رأس سلامته الوطنية . وهذا ما حصل بعد الانتخابات التي اكدت مجرياتها ان امريكا هي التي ارادت ان تفوز قائمة ايران وليس غيرها ، والا الم يكن بامكانها ان تمنع عملاء ايران من تنفيذ خطة التزوير لو كانت ضده حقا ؟ ان من زور اكاذيب اسلحة الدمار الشامل وغيرها وركل بحذاءه القانون الدولي لن يتردد في ركل ايران وعملائها ، ولكن في اللحظة التي يصبح فيه ذلك مصلحة امريكية ، وهو مالم يحصل حتى الان .
بعد ان شاهدتم المحتجين على نتائج الانتخابات ، وهم يمارسون اللغو ورذاذ البصاق يتناثر من افواههم ، قولوا لي بربكم :
كيف يستطيع من لم يتعلم النطق بعد ان يفهم الف باء الستراتيجية والتكتيك الامريكيين ؟ لقد اثبتت تجربة الانتخابات ان النفوذ الايراني تعزز في العراق واصبح اكثر خطورة نتيجة اضفاء الشرعية الشكلية على حكومة ستتحكم بها امريكا وايران سوية .