المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 2005 كان عاما سيئا للسياسة الخارجية الاميركية في باحتها الخلفية، فهل يشهد 2006 المزيد



هند
02-01-2006, 07:19 AM
2005 كان عاما سيئا للسياسة الخارجية الاميركية في باحتها الخلفية، فهل يشهد 2006 المزيد؟

ميدل ايست اونلاين
واشنطن- من يحيى عبد المبدي محمد

إذا ما استبعدنا السياسة الأميركية الخارجية المتعلقة بالعالم الإسلامي وحزمة السياسات الأميركية المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط لكثرة وسهولة ما يكتب عنها في مختلف وسائل الإعلام العربية، فإن حصاد السياسة الخارجية الأميركية في العام 2005 يمكن أن يوصف كالتالي: المزيد من الخسائر في أميركا اللاتينية، ونجاح استخباراتي في أوربا الشرقية، وإقامة علاقات متوازنة مع الصين في ظل التنافس الاقتصادي بينهما. كذلك عدم وجود جديد في مفاوضات كوريا الشمالية، وشراكة نووية وتكنولوجية مع الهند، وأفريقيا لا تعني سوى الأمن في الحرب على الإرهاب. واستمرار الاختلافات بين واشنطن والمنظمات الدولية.

يتفق معظم المراقبين على أن عام 2005 هو عام خسارة الولايات المتحدة لنفوذها التقليدي في أميركا اللاتينية. فقد طرح بيتر هاكيم في دورية Foreign Affairs في نهاية العام السؤال التالي: هل واشنطن تخسر أميركا اللاتينية؟ وكتب اندريس أوبنهايمر في 25 ديسمبر 2005 في صحيفة ميامي هيرالد أن المؤرخين عندما يرجعون في المستقبل ليصفوا عام 2005 فإنهم سيعتبرونه العام الذي فقدت فيه الولايات المتحدة نفوذها في أميركا اللاتينية. فعلى المستوى السياسي لم تكن سنة 2005 سنة جيدة لعلاقات الولايات المتحدة بأميركا اللاتينية، حيث فشلت إدارة بوش في الحصول على الأغلبية بين دول مجموعة الأميركيتين أل 34 لاثنين من المرشحين الذين حظيا بتأييد واشنطن لرئاسة المجموعة. كما أثارت حفيظة المكسيك بتأييدها لمشروع قرار مقدم إلى الكونغرس لبناء جدار فصل على طول الحدود الأميركية المكسيكية يبلغ طوله 700 ميل لمواجهة الهجرة غير الشرعية. وبينما استطاعت واشنطن أن توقع اتفاقية للتجارة الحرة مع دول أميركا الوسطى وجمهورية الدومنيكان وخططت لإقناع 29 دولة من مجموع 34 دولة هم أعضاء مجموعة الأميركيتين بمواصلة مفاوضات الانضمام لاتفاقية التجارة الحرة وذلك أثناء انعقاد قمة مار دل بلاتا بالأرجنتين، واجه الرئيس بوش انتقادات لاذعة من الرئيس الأرجنتيني نيسترو كيرنشر والرئيس الفنزويلي هوغو شافيز في كلمات بثت على الهواء اعتبرا فيها أن سياسات واشنطن هي المسؤولة عن أمراض المنطقة.

مثل صعود اليسار في أميركا اللاتينية باستقرار نظام تشافيز في فنزويلا وانتخاب بوليفيا افو موراليس الاشتراكي الرفيق والحليف القوي لتشافيز وفيدل كاسترو ضربات موجعة للسياسة الأميركية في أميركا اللاتينية، خاصة في ظل توقعات بحدوث نفس السيناريو في انتخابات مقبلة في دول مجاورة مثل بيرو وأكوادور. وكان الاستقبال غير المرحب ببوش والوفد الأميركي على المستوى الشعبي وعلى مستوى بعض الوفود الرسمية أثناء انعقاد قمة دول الأميركيتين في الأرجنتين في نوفمبر الفائت وفشل الولايات المتحدة في إقناع القمة بالموافقة على اتفاقية التجارة الحرة دليلا على ما آلت إليه علاقات الولايات المتحدة بدول المنطقة ولهذا أسباب عدة.

خرجت دول أميركا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة من دائرة اهتمام السياسة الخارجية الأميركية بعد انتهاء الحرب الباردة وظهور ملامح الشيخوخة على نظام كاسترو في كوبا وفي ظل انشغالها بالحرب على الإرهاب منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقد عبر ديفيد آدمز مراسل التايمز Times لشئون أميركا اللاتينية عندما كتب في الثامن من يونيه 2005 قائلا إن أميركا اللاتينية لم تعد في دائرة اهتمامات واشنطن المشغولة بملفات الإرهاب والعلاقات الاقتصادية التنافسية مع الصين، حتى أن الرئيس بوش أثناء مشاركته في المنتدى السياسي للأميركيتين الذي انعقد في واشنطن في أوائل يونيه السابق قد بدا متعجلا بصورة ملفتة للنظر أثناء إلقاء كلمته أمام المنتدى والتي لم تستغرق سوى 13 دقيقة وكأن لسان حاله يقول ليس لدى وقت لأميركا اللاتينية.


التشدد مع شافيز وتجنب الصدام مع يسار الوسط


واصلت إدارة الرئيس بوش خلال عام 2005 تدخلها السياسي والعسكري في الصراع الدائر في كولومبيا بين الحكومة والمتردين اليساريين، كذاك أيدت كولومبيا في نزاعها مع فنزويلا بسبب قيام السلطات الكولومبية باختطاف معارض كولومبي من قلب العاصمة الفنزويلية في شهر يناير. كما واصلت واشنطن سياستها المتشددة تجاه كوبا، فضلا عن ازدياد التوتر بين واشنطن والرئيس الفنزويلي هوغو شافيز . أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من القمة التي عقدت في مارس بين رئيس الحكومة الأسبانية لويس زباتيروا وقادة دول البرازيل وفنزويلا وكولومبيا والتي كان من نتائجها بيع اسبانيا أسلحة لفنزويلا بقيمة 3.1 مليار دولار رغم كون أسبانيا حليف قريب من واشنطن. وبدا واضحا أن الإدارة تتجنب الصدام مع حكومات تنتمي ليسار الوسط كما في الأرجنتين والبرازيل.

وفي المقابل شهدت واشنطن مجموعة من الإخفاقات المتوالية في أميركا الجنوبية، ولم تفلح جولة وزيرة الخارجية في شهر أبريل في البرازيل كولومبيا وشيلي والسلفادور في عزل وتحجيم دور شافيز في المنطقة.


توقيع اتفاق التجارة الحرة مع أميركا الوسطى


لم تستطع الدبلوماسية الأميركية أن تحقق مكاسب في أميركا اللاتينية خلال عام 2005 إلا توقيع اتفاق منطقة التجارة الحرة المعروفة اختصارا باسم " "CAFTA، مع دول أميركا الوسطى، والتي بموجبها يتم إلغاء حواجز تجارية بين الولايات المتحدة وستة دول هي: كوستاريكا والسلفادور وغواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا وجمهورية الدومينيكان. فقد وقع الرئيس بوش في أغسطس 2005 الاتفاق معتبرا أنه يعزز من استقرار حكومات أميركا الوسطى على المستويين السياسي والاقتصادي، الأمر الذي من شأنه حماية أمن الولايات المتحدة وعمقها الاستراتيجي.


فشل قمة الأميركيتين


ذهب الرئيس بوش إلى القمة الرابعة لدول الأميركيتين التي انعقدت في مار ديل بلاتا بالأرجنتين في أوائل شهر نوفمبر رغم كل المصاعب التي تواجهها الولايات المتحدة في المنطقة بأجندة واحدة وهي إقناع دول القمة ال34 بالتوقيع على اتفاقية التجارة الحرة المعروفة اختصارا باسم FTAAِ دون أن يحاول انتهاج دبلوماسية التهدئة والتفاهم. وقد واجه الاقتراح الأميركي بإقامة منطقة التجارة الحرة معارضة شديدة من جانب عدد كبير من دول أميركا اللاتينية التي رأت أن إقامة مثل هذه المنطقة سيؤدي إلى إلحاق إضرار بالغة باقتصاديات بلدانهم خاصة في ظل رفض وضع الولايات المتحدة عقبات أما دخول المنتجات الزراعية من أميركا اللاتينية إلى أسواقها . ووصف شافيز على طريقته الخطابية أن الاقتراح الأميركي قد ولد ميتا ويجب أن يدفن في مار ديل بلاتا. وتضع واشنطن مشروع إقامة منطقة التجارة الحرة بين دول أميركا الشمالية والجنوبية على قمة أولويتها وحاولت أكثر من مرة إقناع دول أميركا بالتوقيع على الاتفاقية منذ أول قمة للأميركيتين في ميامي عام 1994.


نتائج الانتخابات في بوليفيا


عمقت نتائج انتخابات الرئاسة في بوليفيا من جراح الدبلوماسية الأميركية تجاه أميركا اللاتينية، بالنتائج التي أسفرت عنها انتخابات بوليفيا في 18 ديسمبر 2005 ، فقد فاز الزعيم الاشتراكي ايفو موراليس برئاسة بوليفيا بعد تغلبه على منافسه بفارق كبير ومن الجولة الأولى للانتخابات لتصبح بوليفيا الدولة السابعة في أميركا اللاتينية التي تحكمها حكومات يسارية.

ولم تخف الإدارة الأميركية مخاوفها وقلقها من وصول موراليس إلى السلطة لأسباب عدة في مقدمتها علاقات رئيس بوليفيا الجديد بهوغو شافيز والسياسات الاشتراكية التي يزمع موراليس على تطبيقها مثل تأميم صناعة الغاز الطبيعي. واحتمالات قيام محور يساري في المستقبل القريب في أميركا الجنوبية . ذلك فضلا عن خشية واشنطن رؤية الرئيس الجديد لزراعة نبات الكوكا ومواجهة تجارة المخدرات.

وتعقيبا على نتائج الانتخابات البوليفية، قالت وزيرة الخارجية الأميركية في لقاء مع شبكة أخبار CNN التلفزيونية بان الولايات المتحدة ستتعامل مع نتائج انتخابات الرئاسة البوليفية كما تتعامل مع أي نتائج انتخاب حكومة أو رئيس منتخب. وأضافت رايس أن الولايات المتحدة ستقرر الطريقة التي تتعامل بها مع بوليفيا بناء على أداء الحكومة البوليفية.


توقع استمرار الخسائر عام 2006


في ظل معطيات حصاد العام 2005 في أميركا اللاتينية واستمرار تركيز اهتمام السياسة الأميركية بالحرب على الإرهاب وقضايا الشرق الأوسط وشرق آسيا، يتوقع المراقبون أن تزداد خسائر الولايات المتحدة ويتراجع نفوذها في أميركا الجنوبية، فالسوق الاقتصادي الضخم في المنطقة للصادرات الأميركية والذي يقدر حجمه بـ150 مليار دولار سنويا يذهب ثلثاه إلى المكسيك وحدها. ولذا يتوقع زيادة النفوذ الاقتصادي للصين في البرازيل وبقية دول القارة الجنوبية. وأن يقوى التحالف الاقتصادي الإقليمي بين الدول اللاتينية خاصة التي تقف على نفس الأرضية الفكرية السياسية. وعلى المستوى السياسي يتوقع أن تتجه أميركا اللاتينية أكثر نحو اليسار والتشدد تجاه سياسات الولايات المتحدة. ولن يتغير هذا السيناريو كثيرا إلى أن تدرك واشنطن أن أميركا اللاتينية أهم لها أكثر مما تعتقد. (تقرير واشنطن