المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فجر الفلوجة.. انفجر



صدام77
29-06-2004, 12:21 AM
بقلم: طالب العلم العراقى

مفكرة الإِسلام: هذا ليس تكهناً يكتب ، ولا أوهاماً ترصد ، ولا خيالات تقيد ... إنما هي الحقيقة التي أطلت برأسها علينا من بوابة الفلوجة ، وما يحجب اكتمال خروجها على الناس إلا برزخ الأيام القادمة ، أو الأشهر القادمة ، أو السنوات القريبة القادمة ..

لقد أصبحت حقيقة واقعة بعد أن كانت من قبل أشهر آمالاً متوقعة ..

لقد تغيرت الموازين بعد الفلوجة لو أن الناس تأملوا ونظروا بغير نظارة الهوان السوداء أو بغير النظارة الأمريكية ..؟!

وكأن الراصد لحركة التاريخ يجد مختصر ذلك كله ومصداقه في قول النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الخندق { الآن نغزوهم ولا يغزونا ، نحن نسير إليهم }... [البخارى 5/48]

فما انسحب الأمريكان من الفلوجة وهم قادرون على البقاء فيها ، وما خرج الأمريكان منها وهم قادرون على العودة ثانية إليها ...

فانسحابهم إعلان هزيمة ، وخروجهم خروج بلا عودة ، وهذا هو ما حوّل الكفة بكاملها إلى أهل الإسلام في العراق ، وهو ما كشف حقيقة خطيرة ومرعبة لو أن الناس كشفوا الحجاب عن أعينهم ، تلك الحقيقة هي سقوط أمريكا .

لا أقصد بذلك مبشرات سقوطها المعنوي ، أو الاجتماعي ، أو الاقتصادي ، أو الداخلي أو مقتضيات سقوطها ... بل أقصد بذلك ابتداء السقوط الفعلي ، ابتداء الاعتراف بالسقوط ..

لقد أصبحت أمريكا بعد يوم الفلوجة الأغر تتطلع إلى الوراء ... إلى التاريخ بحسرة ، تتطلع إلى العربات الخلفية للقاطرة الأمريكية وهي آخذة في التفكك والانفلات والانقلاب .. وربان القطار ينظر من عربة القيادة إلى الخلف المتفكك ، وهو لا يملك شيئاً ..؟!

بعد الفلوجة تبين للناس عامة وللأمريكان خاصة أن مكر الله تعالى قد أحاط بها من كل جانب وأن ما اتخذته من قرارات من يوم أن أخرجت جيوشها من حدودها إلى أفغانستان إلى الآن إنما كان هو من مكر الله تعالى بها .. وما خرجت لأجله إنما كان سراب بقيعة ، و مهالك فظيعة ..صنعتها بنفسها لنفسها ليكون الغرق هو مصيرها على وجه الحقيقة لا الخديعة ..

لكنها ما اكتشفت ذلك المكر إلا بعد فوات الأوان ، وفوات الأوان كان هو الخروج الأخير من بوابة الفلوجة تتبعهم تبعاتها الكارثية إلى داخل حصونهم ومجالسهم ، وأسرهم وبيتهم الأبيض .. فضلاً عن جيشهم الذي ليس أمامه إلا احتمالين ، وكلاهما أصبح غير نافع : [ قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذن لا تمتعون إلا قليلا ] الأحزاب 16 ..

ومن حق القارئ أن يقول : إن قضية خطيرة بهذا الحجم لا يمكن تقريرها بهذه الحوادث التاريخية ، أو الأدبيات الحالمة الجميلة ..

من حق القارئ أن يتساءل : وما الدليل على أن واقعة أمريكا قد وقعت ..؟!

ما الدليل على أننا اليوم نغزوهم ولا يغزونا ...؟!

ولئلا يجادل أحد في حقيقة الانتصار الإسلامي في الفلوجة ، فإنني أود ـ بادئ ذي بدئ ـ أن أقرر هذه الحقيقة من خلال عرض أسئلة مسلمة لا تحتمل إلا إجابة واحدة .. أريد من القارئ لها الإجابة عليها من خلال البيانات الأمريكية ..

هل أعلنت أمريكا الحرب على الفلوجة والعزيمة على سحق المقاومة فيها وأسر من قتلوا الأمريكان الأربعة وأحرقوهم وجعلها عبرة لمن يأبى إلا الخروج على النظام الأمريكي في العراق ..؟!

الجواب : نعم ..

هل كان هجوم الأمريكان محدوداً أم أنه كان هجوماً شاملاً بلغ عدد جنوده عشرين ألفاً وعدد هائل من الدبابات والمدرعات ، والطائرات والصواريخ ..

الجواب : نعم .

هل كان هذا الهجوم بتخطيط من أعلى هرم القيادة العسكرية والسياسية الأمريكية 'البنتاغون ' أم كان مجرد تخطيط ميداني للقيادة الأمريكية في العراق ؟..

الجواب : نعم ، فلقد أتى الهجوم بعد اجتماعات للقيادة العليا في البنتاغون ، وقد ترأس بوش عدة اجتماعات منها .. وتوعد بوش بنفسه في خطاباته الفلوجة بالعواقب الوخيمة .

وقال آرميتاج قبل الهجوم بنحو خمسة أيام : سيشهد العالم ماذا سنصنع بالفلوجة ..؟!

وتتابعت التصريحات المفزعة من رامسفليد إلى كولن باول إلى كيميت ... حتى أن كل مسلم أشفق على الفلوجة إشفاقاً عظيماً ، حتى تراءت أمام أعيننا خرائب ومزابل قد طاف عليها أسراب الجراد والجرذان والغربان ...؟!

وتودعنا منها ومن أهلها ، وقلنا وقتها : هنيئاً لمن كان منهم في سجن أبو غريب ، أو في سجن فلسطين أو في سجن المطار أو غيرها ..

ولم تجد وصفاً لتلك الحالة من قوله تعالى : [يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ] الأحزاب 9ـ11

هل استطاعت أمريكا اقتحام المدينة أول يوم حتى احتلت أطرافها الغربية والشمالية ..؟!

الجواب : نعم ..

ثم هل بقيت فيها واستقرت أم طردت في اليوم الثاني ..؟!

لم تتمكن بعد ذلك من الدخول ، ثم حفرت الخنادق لتحتمي بها من هجمات المجاهدين ..!

هل استطاع المجاهدون قطع الطرق البرية ما بين القوات الأمريكية المقاتلة وإمداداتها الخلفية .. وهل اعترفت أمريكا بذلك ..؟!

الجواب : نعم .

وهل قطعت عن قواتها الإمدادات الجوية حين قطع عنها وصول المروحيات ..؟!

ثم هل قدمت أمريكا في مقابل كل محاولة للاختراق خسائر فادحة من الجنود والآليات والطائرات ..؟!

الجواب : نعم .

وهل كان انسحاب أمريكا من الفلوجة بناءً على شروط أم بدون شروط ..؟!

وهل يمكن للمنتصر أن ينسحب من غير أن يفرض شروطه ..؟!

وهل يمكن أن ينسحب المهاجم من غير أن يكون قد قدم خسائر فوق ما كان مخططاً له ، وفوق طاقة جيوشه ..؟!

وهل كانت أمريكا لا تدرك أن ردة الفعل العالمية والعراقية على انسحابها ـ إن انسحبت ـ ليس لها إلا تفسيراً واحداً وهو الهزيمة مع علمهم بأن الهزيمة هنا ضربة في صميم بقاء أمريكا مهيمنة على العالم ، ذلك أن عماد هيمنتها هو القوة العسكرية ..؟

الجواب : نعم تدرك .

فماذا يبقى لأمريكا إذا هزمت القوة العسكرية ..؟!

أيبقى لأمريكا أمر أو نهي أو هيمنة ..؟!

إذن فهل انسحبت أمريكا برضاها وهي غافلة عن هذه التبعات ..؟!

وهل انسحبت وكان ثمة بقية أمل بالانتصار ..؟!

وهل انسحبت وقد نسيت مطالبها الصارمة ، وشروطها الظالمة ، لأهل الفلوجة قبل الهجوم ؟!

وهل انسحبت وهي لا تذكر عهدها أمام العالم على لسان جميع قادتها بأن الفلوجة سوف تكون عبرة ..؟!

وهل هاجمت الفلوجة ابتداءً وكان في مخيلتها أضعف احتمال بأنها سوف تنسحب مقدمة خسائر فادحة ، وأنها لن تحتلها ..؟!

لا واللـه .. فهذه أمريكا التي لا تفوتها هذه الحسابات ولم تنس شروطها ولا إعلاناتها في أعلامها وإعلام العالم .. إلا أن الجواب الأوحد أن الذي حصل في ذلك الوقت لأمريكا أمر فوق طاقتها ، وفوق تحمل جيوشها هناك ، وفوق حساباتها ..!

وعندما وقع هذا الأمر القاهر رضيت أمريكا من الغنيمة بالإياب ، ورضيت بالتنازل عن جميع عهودها ، ورضيت بالفضيحة بكل معانيها ، ورضيت بالهزيمة بجميع صورها ..

وكأنها تقول :

ليقل العالم ما يشاء عن أمريكا ، فذلك أمر لا يقارن بقضية البقاء أو العدم !!

لقد أدركت أمريكا حجم الكارثة التي حلت بجيشها هناك ، وأدركت أن بداية نهايتها في العراق قد انطلقت ، وأن بداية نهايتها في العالم بخروجها مهزومة أمام العراق ، وأن العالم لن ينتظر اعترافها بنفسها بالسقوط ، حتى يتولى غيرها زعامة العالم ... لا ، فالبديل جاهز وهو ينتظر صعود كرسي الزعامة بديلاً عنها ..؟!

انتهت معارك الفلوجة ... وبانتهائها خرجت صور التعذيب والفضائح الأمريكية إبان الهزيمة للقوات الأمريكية ..

ولن نبحث هنا من الذي أخرجها ، لكن المثير للتساؤل والتعجب هو أن اليوم الذي كانت فيه أمريكا تستقبل نعوش قتلى الأمريكان في الفلوجة ، وفي اليوم الذي تعرض فيه الفضائح على فضائيات العالم هو ذات اليوم الذي كانت تعم فيه الاحتفالات أوروبا الجديدة ، أوروبا الكبرى ، حيث أعلن فيه الاتحاد الأوروبي ولادته الكبرى ..؟!

فشتان بين الصورتين .. شتان !!

فهل كان ذلك بتخطيط بشر ..؟!

فمن أدرى الاتحاد الأوروبي وغيره أن هذه الاحتفالات ستوافق هزيمة أمريكا ، وقد حدد موعد هذا اليوم قبل عام على الأقل من تاريخه ، ومن أدراهم بهزيمة أمريكا في الفلوجة ، أو أن الفضيحة في سجون العراق سوف تظهر في هذا اليوم تحديداًَ ..؟!

إنه وعد الله .. ' إنه كان وعده مأتيا ' ..؟!

إنه نصر الله .. ' وكان حقا علينا نصر المؤمنين '..؟!

إنه أمر الله .. ' لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ' ..

نحن لا نقول أن انتصار أوروبا الجديدة هو انتصار للإسلام ، ولكننا نتحدث عن هزيمة أمريكا الكبرى في الفلوجة العظمى ، فما بعد الفلوجة إلا انفراط التاج الأمريكي على العالم ..

فلقد تحولت أمريكا ولأول مرة على جميع المستويات من مهاجمة إلى مدافعة ... من مدعية إلى معتذرة ، ومن مستعلية إلى واضعة رأسها في الوحل ، طالبة السماح والعفو ... من أكبر رأس فيها إلى أصغر رأس ...؟!

ولم يكن هذا التحول من منهجية هذه الحرب ، وهذا الانقلاب بين الكفتين وهماً أتوهمه خلف الأسطر ، إنما هي الحقيقة المسطرة على خطوط القتال في أرض العراق ، وأينما

وجدت أمريكا في هذا العالم ، وأذكر من صور هذا التغير عشر صور فقط :

أولاً: تركت أمريكا المداهمات الليلية والنهارية تماماً ، فأصبحت تخشى على نفسها المداهمات في مواقعها بعد موقعة الفلوجة ..؟!

ثانياً: تركت التفتيش على الخطوط السريعة ، فأصبح الفرد يتنقل كما يشاء في داخل وطنه ... اللهم إلا من تفتيشات لا تذكر بالنسبة لما كان عليه الحال ، وهذه أكبر علامة على ارتخاء القبضة

الأمريكية .. وهو البداية الحقيقية لتأديب التمثال الأمريكي .. وكل ذلك كان بعد موقعة الفلوجة ..!

ثالثاً: إطلاق المئات من المساجين من المعتقلات الأمريكية داخل الأراضي العراقية ، بينما كان الحال قبل الفلوجة هو العكس ، فقد شهدت الاعتقالات ذروتها قبل الهجوم على الفلوجة ..؟!

رابعاً: انخفضت العمليات الجهادية ضد الأمريكان في داخل بعض المدن السنية وذلك لغياب الأمريكان عن الأعين أصلاً ... واختفاؤهم اختفاءً شبه تام .. بعد هزيمتهم في الفلوجة ، اللهم إلا من الأماكن التي يعتقدون أنه ليس فيها عليهم من خطر ..؟!

خامساً: تكثيف أمريكا عملياتها على المناطق الشيعية ، كالذي يريد أن يقول للناس : نحن لم ننته بعد ... تأملوا ماذا نصنع في كربلاء والنجف ، انظروا كم نقتل منهم ، انظروا إلى قوة الصدر العظيمة ، وانظروا إلى انتصاراتنا عليه ، وما إلى ذلك ...

لتضخيم انتصاراتها عليهم ، هذا والعالم كله غير مقتنع بجدوى ولا جدية تلك المعارك الدائرة ما بين هؤلاء وهؤلاء ..

سادساً: تساقط الرؤوس العليا فمن بعد الفلوجة بدأ منجل الحق يحصد رؤوس الكفر والعمالة ، والأمر لا يزال في ابتدائه ، سواءً الرؤوس التي في داخل العراق أوفي خارجه ... وذلك من بركة الجهاد ..

ففي العراق قتل بعد الفلوجة العديد من رؤوس العمالة ، كان أعلاها رأس هرم العمالة عز الدين سليم الرافضي الخبيث .. وهذا الحادث لو كان في غير هذا الظرف لعد انقلاباً عسكرياً ناجحاً ... ولقد أدرك المجلس الانتقالي ذلك فقالوا إنه يعامل معاملة رئيس دولة ..؟!

وسقط رأس العمالة الأكبر أحمد الجلبي سقوطاً من نوع آخر ، فلقد تخلى أولياؤه عنه مع منحه صك العمالة المفضوح أمام الشعب العراقي ..؟!

فقد أعلن وونغتز [ نائب وزير الخارجية الأمريكي ] يوم الأربعاء 19/5/2004 ' أن أحمد الجلبي كان يستلم من المخابرات الأمريكية ثلاثمائة وخمسة وثلاثين ألف دولار أمريكي شهرياً ، نظير المعلومات التي يقدمها للاستخبارات الأمريكية' ، ليتمم بذلك فضائحه السابقة السارقة في كل مكان ... وليصبح أحق الناس بنسِبهِ ' الكلبي ' في جميع صفاته .. إلا الوفاء ؟!

وبعد الفلوجة بدأ منجل الحق يصل إلى الأمريكان حيث لا يصل منجل الجهاد ، وبدأت رؤوس الكفر تهتز ارتجافاً من قطافها المحتوم بإذن الله ..

فهاهم قادة القوات يُستجْوبون أمام العالم على الفضائح ، وهاهو رامسفليد يظهر لأول مرة متهماً ، بل كاذباً ذليلاً ، ومن حسن تدبير الله تعالى أن يخرج بوش ليدافع عن هذا الغريق دفاع المستميت ، ليربط مصيره بمصيره وهو لا يدري .. لا لينقذه كما يظهر ، ولكن ليذهب معه إلى قاع المحيط الأسود .. وكان العقل يقتضي أن يتفق بوش معه ومع طاقمه سرياً على تعويضه وتكريمه ، وإرضائه وإقناعه بالاستقالة ، ليسلم البقية ، ويسلم الحزب الجمهوري .. لا أن يرتبط الجميع بصخرة هاوي إلى قاع المحيط ... وسيتزلزل بهم البيت الأبيض كله إلى الأرض السابعة بإذن الله ؟!

' فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين ' القصص 81 ... فهل كان هذا التساقط إلا بعد وقعة الفلوجة المباركة ..؟!

سابعاً: تحويل إدارة العراق من وزارة الدفاع الأمركية إلى وزارة الخارجية .. وهذه أكبر علامة على أخطر تحول ...

فلقد كان المخطط أن هذا التحول بعد انتصار القوات العسكرية انتصاراً تاماًَ ، وشبه تام ، وبعد استقرار الأمر تسلم البلاد للخارجية ... لكنها الحقيقة الفاضحة لهم .

إنه يمثل الاعتراف الرسمي بقرار من الرئيس بوش نفسه بالهزيمة .. ذلك أن وزارة الدفاع تمثل قوة أمريكا العسكرية ، فليس ثمة تفسير لسحب صلاحية إدارة العراق من وزارة الدفاع إلى وزارة الخارجية إلا تفسيراً واحداً ، وهو إعلان الهزيمة بطريقة غبية ..

وهل انسحبت وزارة الدفاع في ظروف حرب وقتال أم ظروف سلم وسلام ..؟!

وهل جاء سحبها من الميدان بعد تمكن وانتصار أم بعد هزيمة وفرار ..؟!

ثم هل ما عجزت وزارة الدفاع بكل قوتها وجبروتها عن تحقيقه تقدر وزارة الخارجية على تحقيقه ..؟!

وهل لوزارة الخارجية من يد تضرب بها بعدما عجزت إلا يد وزارة الدفاع ، وقد كسرت هذه اليد في الفلوجة ..؟!

لكن السؤال الأخطر من كل هذه الأسئلة هو : ماذا بعد وزارة الخارجية ..؟!

وأخيراً .. فلنتذكر أن هذا التحول الجذري ، والقرار الرئاسي ، ما حدث إلا بعد ' يوم الفلوجة ' ..

ثامناً: إعلان بريمر الأخير يوم الجمعة 14/5/2004 بأننا ' لا نستطيع البقاء في بلد لا يريدنا ، وأن بقاءنا راجع إلى قرار الحكومة القادمة ... فإن طلبت منا البقاء بقينا وإلا رحلنا ، ونحن متأكدون أنهم لن يطلبوا منا الخروج ..؟!'

سبحان الله ، عبارات مرقعة مكسرة يصدق فيها المثل العراقي [ يكسر ويجبر ] لكن العذر أن صاحبها مكسور ..؟!

هل كان بريمر لا يعرف حتى هذه اللحظة أن العراقيين لا يريدون بقاءهم في العراق ، أم أن الهزيمة في الفلوجة أرته أن البقاء هنا مستحيل ..؟!

وهل كان بريمر سيبلغ به الذل والهوان أن يعلق بقاءه علانية بقرار الحكومة العراقية القادمة وليس قرار مجلس الأمن ولا البيت الأبيض ..؟!

وهل كان ذلك سيكون لولا هزيمة الفلوجة ..؟!

نعم ، لم يكن هذا التصريح مفاجئاً بكل حيثياته ، إنما الصدمة الكبرى هي هذه السرعة في إعلانه ، والانفضاح في ألفاظه ، فما كان من المراقبين أحد يتوقع أن الاحتلال لن يمر عليه إلا هذا الوقت القصير وينهار هذا الانهيار .. وأن انهياره في العراق سيكون بهذا التسارع .. وأن الاضطراب بلغ بأمريكا حداً تعجز معه عن تلميع هزيمتها بكل ما أوتيت من السيناريوهات والأصباغ والخدع حتى يقول بريمر : [ لا نستطيع البقاء ، إنهم لا يحبوننا ..؟!]

وقد كان يصرح قبل معركتها بأن هؤلاء قلة في الفلوجة ، ولا يمثلون أهلها ، وسوف نخرجهم منها ونعاقبهم عقاباً شديداً ... بينما اليوم يعترف بأن الشعب العراقي لا يحبهم ، وأنهم لا يستطيعون البقاء ..؟!

فما الفارق ما بين الأمس واليوم ..؟!

إن الفارق أو الفرقان هنا كان هو يوم الفلوجة

لكن السؤال الأخطر من كل هذا هو :

ما الخطوة التي ستتبع هذا التصريح الخطير ..؟!

أي منحدر أعمق ستسلكه أمريكا ، بعد هذا اليوم العصيب يوم الفلوجة ..؟!

تاسعاً: التنازل للفلسطينيين

تضرب أمريكا في الفلوجة فتنهزم ، فتدعو الملك عبدالله ـ ملك الأردن ـ مباشرة للحضور إلى واشنطن ليجتمع مع بوش ، ثم يخرجان في مؤتمر صحفي ويلقي بوش بيانه الذي لا يذكر فيه شارون بحرف مدح واحد كما اعتادوا من الصلاة والسلام عليه ، بل يذكر الفلسطينيين ويعرض التعاون معهم ويؤكد الإصرار على قيام دولة فلسطينية ، ويعرض التعاون مع أبو مازن ، وغير ذلك كثير ويكتب بذلك كتاباً على نفسه .. هذا وهو الذي كان أثناء ضرب الفلوجة يستقبل شارون أحسن استقبال وقال عنه ما لم يقله رئيس أمريكي في يهودي من اليهود ، والسؤال :

ما الذي جري ..؟!

هل قدم الفلسطينيون شيئاً ..؟!

هل هدم شارون الجدار أو أعلن توقفه عن البناء ..؟!

ما الذي حدث في العالم لأمريكا ..؟!

إن الذي حدث هو أن أمريكا مقتنعة تمام الاقتناع أن هزيمتها في الفلوجة لم تكن في حدود الفلوجة وإنما هي هزيمة عالمية ، هزيمة لأمريكا كأمريكا ، وليس لفرقة من جيشها ، فجاءت تقدم للعالم مسحة اعتذار ، تمحو به العار ، وتعفي به آثار مصيبة الفلوجة العامة في قضية تهم العالم بأجمعه فكانت تلك القضية هي قضية فلسطين ، القضية التي تهم العرب بشكل خاص والعالم بشكل عام ..؟!

ولكن . أيصدق أمريكا ـ وهي تكذب في ظروف الانتصار والتمكن ـ من لم يصدقها في ظروف الهزيمة والخذلان .. ؟!

إنه اعتذار العملاق المهزوم الذي أخذ يجثو على ركبتيه وهو يتوسل ويقول : ارحموني ، فها أناذا أرحم الضعفاء ، وأرد الحقوق ، ولا أعين الظالم شارون ..!

ولأول مرة تمتنع أمريكا عن التصويت في قرار يدين إسرائيل ..؟!

لكن ، هل كان هذا إلا من بعد يوم الفلوجة ..؟!

عاشراًً: الإعلان عن حصار سوريا

لقد جاءت خطوة حصار سوريا ـ فيما يظهر ـ في الاتجاه المعاكس لهذا التحليل ، لكن الحقيقة أنها موافقة لهذا السياق ..

إن قرار حصار سوريا كان جاهزاً كما هو معلوم قبل الفلوجة ، فجاءت نكسة الفلوجة لأمريكا ، فكان لا بد من هذا القرار لأسباب ..

فأولها أن أمريكا تعتقد بأن سوريا هي التي تغذي المثلث السني بالعراقيين العابرين الحدود منها إلى بلادهم ...

ثم إن سوريا لم تمش على الخطوات المرسومة كما مشت الأردن ، لذلك كان لا بد أن تضرب فتكون عبرة لآخرين مجاورين وآخرين من دونهم ..؟!

أما ثانيها فأن أمريكا أحوج ما تحتاج إلى إعادة شيء من مهابتها التي أهدرت في الفلوجة فكان الهدف الجاهز والفريسة الضعيفة هي سوريا ، ولذا جاء هذا القرار أشبه برسالة عاجلة تقول : أمريكا لم تنهار ، أمريكا هي أمريكا المخيفة ، فلا يجترئ أحد على الخروج من حظيرتها ، فضلاً عن العدوان عليها ..!

لكننا نقول إن ثمة شيء أخطر من ذلك لا تدركه أمريكا بنفسها ... حين تسرع أمريكا بنفسها لإنقاذ الأمة ولإهلاك نفسها ، وذلك بتحقيق العلامة الشرعية الظاهرة في سقوط أمريكا بإذن الله ...

فلقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بحصار وقع ، وأخبر بحصار ثان ... وبعده يكون الفتح ...

فها هو بحمد الله تعالى قد ابتدأ الحصار الثاني ، وما بقي إلا الفتح المبين القريب بإذن الله

تعالى للحديث الذي لم يمر على المسلمين وقت أوفق لوقوعه ـ كما جاء ـ من هذا الوقت كما يظهر ذلك للجميع ، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى ، وهو ما رواه أبو النضرة فقال : كنا عند جابر بن عبد الله فقال : يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز[1] ولا درهم . قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل العجم يمنعون ذاك . ثم قال : يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مُدي[2] . قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من الروم . ثم سكت هنية ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' يكون في آخر الزمان خليفة يحثي المال حثياً لا يعده عدداً ' . قال : قلت لأبي النضرة وأبي العلاء : ' أتريان أنه عمر بن عبدالعزيز ؟ فقالا : لا .'[3]

صدام77
29-06-2004, 12:24 AM
مكتسبات النصر :

لقد أثمر النصر في الفلوجة ثماراً عظيمة لا يعلم بها إلا الله تعالى .. وحقق مكاسب تاريخية لا غنى لكل مسلم عنها ، ولكن وقبل البدء بهذه المكاسب ، أود التأكيد على أنه لا ينبغي الركون إلى هذه المكاسب الحقيقية ، بل لا بد من استثمارها أكثر ومواصلة الطريق الذي جاءت منه المكاسب ، فإن

كل مكسب منها إنما هو مهيأ لمكاسب أعظم ، ليعلم الجميع أن الجهاد ربما يكون في بقعة معينة ، بينما آثاره تصل إلى أبعد نقطة ، بأمر الله تعالى وفضله ..

فجبريل عليه السلام قد سبق النبي صلى الله عليه وسلم كما قال محمد بن إسحاق رحمه الله : ' ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعاً إلى المدينة ، والمسلمون وضعوا السلاح ، فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني الزهري معتجراً بعمامة من استبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج ، فقال : أوقد وضعت السلاح يا رسول الله ..؟! قال : نعم . فقال جبريل : ما وضعت الملائكة السلاح بعد ، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم ، إن الله يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة ، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم ..'[ البداية والنهاية ج4ص116]

هكذا يتسع أثر الجهاد عن حدود ميدان المعركة ، وهكذا يسبق مفعول الجهاد تحرك الجيوش ، وشاهده في الصحيح [ نصرت بالرعب مسيرة شهر ] ..

وها هو الجهاد في الفلوجة وزلزاله في داخل البيت الأبيض وفي الكونغرس وفي صحافتهم وشوارعهم ، والرعب في قلوبهم أينما كانوا وهذا من بركة الجهاد الصحيح ..

المكسب الأول : انقلاب في التفكير: ما عاد العراقيون في داخل العراق اليوم يفكرون باحتمال بقاء أمريكا إطلاقاً ، بل هم يعدون أيام خروجها عداً .

وقد أصبح شغلهم الشاغل هو استشراف نوعية مستقبلهم ...

فخروجها بعد يوم الفلوجة أصبح يقيناً عند العراقيين بعد إذ لم يكن كذلك ، فلقد كان خروجها أمراً محتملاً ، بل مستبعداً في التاريخ القريب ..

وكانوا يتساءلون مستبعدين خروجها قائلين : هذه أمريكا ، فمن يقوى على إخراجها ؟!

ربما لا يقدر ـ البعض ـ أهمية هذه الخطوة النفسية في إخراج المحتل ، لكنها في الحقيقة هي الخطوة الأكبر أهمية في عالم التحرير وعالم التغيير والله تعالى يقول : [ له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ] الرعد11

ومن غير هذه الخطوة فلن يكون تحرير ..

والأعجب من هذا أن هذه القناعة في نفوس العراقيين قابلتها قناعة عند الأمريكان بأنهم خارجون لا محالة ، وخارجون قريباً قريباً ..

ومع هذا فلم يكن هذا التحرير تحريراً نفسياً فحسب ، بل كان تحريراً فعلياً للفلوجة أولاً . فلقد طرد الأمريكان من الفلوجة بالقوة ، ثم جاؤوا ليدخلوها بالمفاوضات والمصالحات ، فتأبت عليهم ، فجاؤوا يريدون مروراً واحداً وسريعاً لمجرد صور تعرض للأمريكان في أمريكا والعالم ... يعيدون فيها بعض آثار الهزيمة الشنيعة .. وتم ذلك بثلاث سيارات أمريكية محاطة بمئات من الشرطة العراقية حماية لهم ..

هكذا يبتدئ التحرير الفعلي ... منطقة واحدة أولاً ، وبعدها تتحرر نفوس البقية ليحرروا بلادهم بعد ذلك بأجمعها ..

نعم ، ربما تعود أمريكا إلى الفلوجة بسلاح آخر وجند آخرين ... ولكن كما أعدّ الأمريكان لهذا الأمر عدته ، فإن الله تعالى قد عودنا أنهم كلما كبرت عدتهم ، عظم مكر الله تعالى فيهم .

لكن الواضح اليوم هو إن أمريكا تريد أن تبقى في العراق فيما تبقى لها من أيام بأقل خسائر .. فلا مداهمات ، ولا اعتقالات ، ولا هجمات عليها ، ولا تفجيرات ..

يريدون الخروج في أقرب وقت ، ولكن .. من الأمين على مصالحنا إذا خرجنا ..؟!

من الذي يحكم العراق ولا يكون هدفه الأول معاداتنا ومعادات إسرائيل ..؟!

فهل تولدت هذه الأفكار وأصبحت قناعات ويقينات عند الطرفين إلا بعد يوم الفلوجة ..؟!

المكسب الثاني : سنية القيادة متواصلة:

أيقنت الحوزة العلمية الشيعية على وجه الخصوص والعالم على وجه العموم بأن الحوزة وغطاءها السياسي أضعف من أن يحكموا العراق ، وأدنى من أن يقودوا رجالاً شجعاناً كأهل الفلوجة ..

فإن من رأى بأس أهل السنة بأسياده الأمريكان قال : كيف سيكون بأسه بنا إذا خرج الأمريكان ..؟!

ومن ثم ازداد تمسك أئمة الشيعة بالصليبيين المحتلين ، وتعليق مصيرهم بمصيرهم لدرجة أنهم تخلوا عن الصدر وجنده الضعاف بكل بجاحة أمام العالم ..

إن الحقيقة التاريخية التي حاول الشيعة طمسها بكلامهم وأكدوها بأقوالهم وأفعالهم أنه لن يقدر على حكم العراق إلا أهل السنة ..

لقد تجلت هذه الحقيقة حتى عند الأمريكان ، وخصوصاً بعد بلاء أهل الفلوجة .

وتبخرت كل آمال الشيعة بحكم العراق ما لم يبق الأمريكان ...

وهذا والله أعظم المكاسب التي لن تقدر إذاعات ولا حوادث على مدى سنوات من إقرارها ، لكنها اليوم استقرت في القلوب حقيقة ، وهذه هي المقدمة الصحيحة لإقامة كل

حقيقة على الواقع ، فالحمد لله رب العالمين على هذه الغزوة العظيمة .

إن أثر غزوة الفلوجة امتد ليكسر سورة أئمة الشيعة في البلاد المجاورة أولاً وما حولها بعد ذلك .. فكما كان هذا النصر لأهل السنة ، فقد كان ضده الملازم لأئمة الشيعة ، فالروم والفرس كانا يتصارعان ، ولكن ميدان معركتهما كان أبعد من ميدان الخميسين ، كان ميدانها العقائد المناصرة أينما كانت على هذه الأرض ، وقد تجلى ذلك برصد الله تعالى لهذا الأثر في قلوب أطراف لم تباشر المعركة أصلاً ، فقد قال سبحانه : [ ألم . غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ] الروم 1ـ5

وهكذا كانت معركة الفلوجة ، وهكذا كان نصرها ثمرة قبضها السنة في خارج العراق ، كما قبضها السنة في داخلها ..

المكسب الثالث : وحدة الكلمة في الساحة الجهادية:

لقد شهد جميع من عاش في الفلوجة وما حولها بأن كلمة العراقيين كانت واحدة ، وأن محاولات العدو لاختراق الصف كلها فشلت إبان القتال ، وقد قام كل فريق في داخل الفلوجة بدوره على الوجه المطلوب منه .

فالجميع اجتمع للدفاع عن هذه المدينة ، وأصبح الجميع مجاهداً تحت كلمة لا إله إلا الله
وأغلى أمانيهم الموت في سبيل الله ...

وهذه الحالة هي الحالة المثالية التي يتطلع لبنائها المربون سنين طويلة ، جمعهم الله عليها في لحظات قليلة ، بفضل هذا الجهاد : [ وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم ] الأنفال 63

رجال في القيادة , ورجال في التخطيط ، ورجال في التصنيع السريع ، ورجال في الإمداد والجميع في الميدان ..

ولذلك سقط في يد أمريكا وهي ترى مالم تره من قبل أبداً .

بل إن الوحدة أخذت بعداً أكبر من هذا ، حين ثورت الفلوجة ما حولها من القرى ، وما حولها ، وهكذا تتابعت القرى كما تتابع الأمواج .. فمن استطاع الزحف إلى الفلوجة زحف ، ومن لم يستطع قضى وطره في القوات الأمريكية القابعة في منطقته ، فذاقت من بأس الله في تلك الأيام ما ذاقت .. وقال بوش وقتها [ هذا يوم عصيب ] ..؟!

وهذه من أعلى صور الوحدة ، تلك هي : وحدة المصير حتى على الموت ..؟!

فهل تحققت هذه الوحدة قبل يوم الفلوجة ..؟!

المكسب الرابع : فرز صفوف الدعاة:

وأكتفي هنا بالإحالة على الدراسة التي كتبتها وأرسلتها إلى ' مفكرة الإسلام ' هذا الموقع المبارك وهي موجودة حسب علمي في نافذة ' تأملات ' ..

ولكن لانقول إلا أنه لولا الجهاد لادعى من يشاء ما يشاء ..

فأبى الله إلا أن يكشف كذب المدعين بوضع دعاواهم على قدر الفلوجة الفائر على نار للجهاد ، فكانت نتيجة ذلك أن غلى القدر بمبادئ صورتها صورة الجهاد فأفرزها وجلاها للناس ، وأفرز متذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ..

وظهر معدن عوام أهل الفلوجة الأصيل الموافق للفطرة التي فطر الله الناس عليها ، فكان عامتهم كأحسن الملتزمين غيرة ونخوة وشجاعة ..

فهل ظهر هذا الفرز قبل يوم الفلوجة ..؟!

المكسب الخامس : إحياء المدن الإسلامية وتحريرها:

ولد انتصار الفلوجة قناعة حقيقية عند أهل كل مدينة مسلمة بأن مدينتهم قادرة على

الصمود في وجه أمريكا لو هاجمتها ، وقادرة على ردها على أعقابها وهزيمتها ، بشاهد الفلوجة القائم الشامخ في هذا العصر الحديث ..

نعم ، لا بد من التضحيات ، ولا بد من الخراب والهدم ، وذلك هو وقود النصر ، وهو طريق الفردوس ، وبه تنال إحدى الحسنيين ..؟!

فلقد رأت المدن الإسلامية الأخرى ماذا صنعت قدوة المدن المجاهدة الفلوجة الصامدة ، وكيف أن الله تعالى جعلها وبالاً على أمريكا برمتها ..

هذا وهي من غير قيادة سياسية رسمية ، ولا جيش نظامي ، ولا خطط استراتيجية ومع هذا انتصرت .. فحرر هذا الموقف الفلوجي العظيم كل المدن وأهلها من عقدة كون قوتنا من قوة النظام ، وضعفنا من ضعفه .. وأنه إذا انفرط عقد النظام انفرط عقد الإسلام والمسلمين ..!

نعم ، نحن لا نسعى في فك عقد نظام يدفع الكافر عن ديار الإسلام وديارنا ، ولكن الموقف يتطلب أن لا يستسلم أهل الجهاد للكافرين بهذه الحجة أو تلك ، وأن يقفوا لله تعالى وقفة رجل واحد بوحدة الدين والمصير ، والعدو المشترك ..

ولم يتحقق هذا التحرر من هذا الوهم في أي مكان في العالم فيما نعلم ... اللهم إلا في الفلوجة العصية ، وتحققه هنا أعاد الثقة للمدن الإسلامية وساكنيها ، وأنهم قادرون على حمايتها ملزمون بالجهاد ، وإن لم يكن ثمة جيش ولا شرطة ولا حكومة ، كما ألقى بثقل التبعة على كل مدينة ، وألزمهم حمل الأمانة عند المواجهة وأي مدينة تخاذلت فإن الفلوجة حجة عليها .. وقد أسمع الله تعالى الجميع كلمات أهل الفلوجة قبل وأثناء الهجوم الأمريكي عليها حتى أن مذيع الجزيرة المستبسل أحمد منصور جزاه الله خيراً قد استقى من شجاعتهم شجاعة على شجاعته ، فلم يبد أي لفظ هوان أو استذلال ...اللهم إلا كلمة واحدة أول الأمر ، ثم لما حذره منها أهل الفلوجة توقف . وهذه الحرية المدائنية الجماعة من أعظم ثمرات يوم الفلوجة الأغر ..

المكسب السادس : إظهار شجاعة الشيعة الموهومة !!

لقد عرف العالم على وجه العموم وعرف الأمريكان على وجه الخصوص أي كذب رضعته أمريكا من ظئر السوء الحوزة العلمية وأزلامها في الخارج من الذين أرخصوا لها العراق ، وزودوا الأمريكان بمعلومات خاطئة عن السنة ابتداءً بأعدادهم وانتهاءً بولاءاتهم ، ومروراً بقوتهم ..؟!

لقد دخل أئمة الشيعة متقدمين صدر الداخلين مع القوات الأمريكية الغازية ، نافخي صدورهم ، رافعي رؤوسهم ، معلنين للسنة أن : كفاكم تسلطاً ، فقد جاء دورنا ..؟!

متبجحين كذباً بأننا من حرر العراق من الإنجليز أول مرة ، وها نحن نحررها من صدام حسين ..!

أما خروج الأمريكان عندنا فما هي إلا فتوى من المرجعية ، وإذا بقوات التحالف خارج البلاد ..!

وخرجت أرواح الناس وما خرجت الفتوى ..؟!

ودكت الفلوجة ، وما خرجت الفتوى ..؟!

وديست الخطوط الحمراء ، وما خرجت الفتوى .. ثم ماذا لو خرجت الفتوى ..؟!

إذا كان هؤلاء هم جند الفتوى الذين أكبر صفاتهم الجبن ..

والأئمة الذين أكبر غايتهم الدنيا ..!

[ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ] الحشر 11

لقد رأى الناس الفارق الهائل ما بين جند الإسلام في الفلوجة وبين جند كربلاء والنجف .. وما بين أئمة الفلوجة وأئمة النجف وكربلاء ..

لقد أخرست ألسن محللين ، ومحاورين ، وكاتبين ، تحدثت كثيراً عن شجاعة رجال الحوزة الشيعية أول الاحتلال ، فجاءت الحقيقة اليوم ، فأخجلتهم وأخرستهم .

رأوا المدينة التي أحيطت بعشرين ألف جندي بكامل تجهيزاتهم العسكرية من دبابات وطائرات وغيرها ..

ومع هذا هزمت أمريكا ..؟!

بينما رأوا أمريكا بدبابتين تخرق النجف من شماله إلى جنوبه ، ومن شرقه إلى غربه ، وتدوس الخطوط الحمراء ، حتى لا يبقى لدى القوم مبرر ..

كما رأوا ثلاث دبابات تحاصر مليون ونصف شيعي في مدينة الصدر بكاملها باعتراف محطة المنار السبئية .. وها هم يتوسلون إلى أمريكا لتصالحهم وأمريكا ترفض ..؟!

لعل القارئ يتذكر جيداً بعد أن سقطت بغداد بأيام حين قال قائل الشيعة عن الفلوجة في قناة الجزيرة :

' لو تركونا فسنصفي هذه المدينة الوهابية ... إنها مدينة رجالات صدام ! '

ومن رأى قلوب الكثير من رجال الدين الشيعة في داخل العراق وفي خارجها وهي واجفة تتمنى القضاء على الفلوجة ولو بضربها بالقنبلة الذرية ، عرف أي جبن وحقد في قلوب هؤلاء ..

لكن هذا الانكشاف لحقيقة جبن الشيعة ما ظهر إلا بعد موقعة يوم الفلوجة ، ومقارنتهم برجالات الفلوجة ..

غير أن العدل يقتضي ألا نغمط بعض الشيعة حقهم فمنهم طائفة أبت إلا سلوك طريق العزة والشرف والمقاومة ،غير أن صوتهم مقهور وعملهم مبخوس نظرا لتبرؤ الحوزة وأئمة الشيعة منهم!!

المكسب السابع : مفتاح تحرير العالم :

لو قلت إن الفلوجة كانت مفتاح تحرير العالم من الطغيان الأمريكي لربما استكثر كثير من القراء ذلك ..!

لكنني أقولها وأقول أيضاً : سيبقى للفلوجة منة من الله في عنق كل فرد في هذا العالم ، وللأجيال القادمة إلى ما شاء الله ، ولكن كيف ذلك ..؟!

فما من أحد في هذا العالم إلا ويعاني بطريقة أو بأخرى من جور أمريكا .. فالذي يكون سبباً في تخليص العالم منها يكون له منة في عنق العالم كله ، والمنة لله وحده ...

هذا على وجه العموم ، أما على وجه الخصوص فمن بعد الفلوجة مباشرة جاءت الإمدادات الضخمة للقوات الأمريكية في العراق ، فلقد أعلنت بريطانيا إرسال ثلاثة آلاف جندي ، وأعلنت أمريكا إرسال أربعة آلاف من قواعدها في كوريا الجنوبية إلى العراق .

وهذا يأتي في وقت سحب كثير من الدول قواتها من العراق ، فكانت الفلوجة سبباً مزدوجاً للحرية ... فهذه دول تتحرر من تبعة الأمر والنهي الأمريكي ، وتتخلص من القيادة العسكرية الأمريكية ، ودول أخرى تتطهر بلادها الجيوش الأمريكية المحتلة لها القابعة في أرضها ، وما هذه إلا إشارة بإذن الله تعالى لزحزحة هذا الكابوس الظالم الممثل بصورة الجندي الأمريكي والعلم الأمريكي الجاثم على صدر دول كثيرة في هذه الأرض .

نعم لقد ملئت أمريكا الأرض ظلماً وجورا ، كما لم تملئها أمة في التاريخ .. ولم يكن ثمة رادع لها في هذه الأرض أبداً ، حتى فيتنام ..!

فمن بعد فيتنام تضاعفت قوة أمريكا وزاد بطشها ، وطال ذراعها وامتدت إقطاعياتها ، وكثر عبيدها حتى خرجت على الدنيا بالعولمة التي تريد أن تجعل من خلالها العالم كله تحت عباءتها في كيس ' الجات ' ..

فكيف يمكن إيقاف زحف هذه الأمة الظالمة على أمم الأرض ، وها هي قد عبرت البحار والأجواء ، حتى نزلت في الجهة الأخرى من الأرض بالنسبة لأمريكا في العراق ...؟!

وما كان ذلك إلا قدر الله واختياره حتى تنزل أمريكا بثقلها في الفلوجة ، فكان من أمر الله تعالى ما جعل هزيمة أمريكا مشهودة أمام العالم كيوم الزينة لفرعون ، وسجدت أمريكا كما سجد السحرة ، لكن سجود السحرة كان سجود إيمان ، وسجود أمريكا كان هزيمة واستسلام ..

وما كان لقضية الأسرى أن تخرج على الناس لولا نكسة الفلوجة ..؟!

ومن بعد قضية الأسرى في سجن أبو غريب بدأت أمريكا تطلق المئات من الأسرى ، وتعلن تغيير معاملة الأسرى ، وتراقب السجون ، وتحاكم من يظلم الأسرى ..!

وعمت هذه المزية الفلوجية سجون جوانتنامو ، وسجون أخرى داخل أمريكا وخارجها ، ولا بد أنها كانت فرجاً على جميع الأسرى الإسلاميين وغير الإسلاميين في العالم ، ولا أستبعد أن ذلك شمل الأسرى في البلاد العربية من العرب أنفسهم ...!

فالفضيحة أخافت كل ظالم ، والرحمة والرأفة التي أكره عليها الظالم الأكبر كان أولى بها من دونه من الظلم ، والظالم الذي يظلم لمصلحة ظالم أكبر أولى به أن يتوقف إذ لم يستطع الظالم الأكبر أن يحمي نفسه ، فأنى له أن يحمي أتباعه وعباده ..؟!

ولو عمل استبيان حقيقي للمساجين في العالم لشهدوا أن تغييراً حقيقياً قد حدث في تاريخ معين ، ذلك التاريخ هو فضائح سجن أبو غريب ..!

أمريكا سعت بطريقة جنونية لأن توظف جنود دول أخرى بدلاً من جنودها لترسلهم إلى العراق ... وقد كان تركيزها هذه المرة على الدول الإسلامية ، وهذا بالإضافة إلى أنه علامة على الاستنجاد والاستغاثة ، والقتال من وراء الجدر المحصنة ، فإنه علامة الإفلاس .. وما بعد الإفلاس إلا أن تأخذ سيئات العالم فتطرح عليها ثم يطرح في النار .

ولعل في تجميع الجيوش من البلاد الإسلامية سبباً في ظهور غيرة الكثير من جيوش المسلمين الذاهبة إلى العراق ، فتكون الضربة هذه المرة من داخل صفوفها ومن خارجها ، كما حصل بحمد الله مع ذاك الجندي الأردني الغيور ، حين ثار في كوسوفو ، وقتل من القوات الأمريكية ثلاثة ..

والعجيب أن هذه الحادثة وقعت أثناء هجوم الأمريكان على الفلوجة ، فهل يظن بهؤلاء الجنود المسلمين القادمين إلى العراق إذا حمى الوطيس مرة أخرى أن يتركوا الكافر ويقتلوا أهل الإسلام ، وربما كان الكثير منهم يتمنى في داخله لحظة ينتقم فيها للإسلام ، وللأقصى وللأعراض المستباحة ..

إن الرجاء بالله تعالى عظيم ، ولعل تجميع هؤلاء الجند في العراق من مكر الله تعالى بأمريكا ' وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون '



يتبع الجزء الثاني

فجر الفلوجة.. انفجر!! [ 2/2]




--------------------------------------------------------------------------------

[1] مكيال معروف لأهل العراق . قال الأزهري : هو ثمانية مكاكيك . والمكوك : صاع ونصف وهو خمس كيلجات .

[2] مكيال معروف لأهل الشام ، قال العلماء : يسع خمس عشر مكوكاً .

[3] رواه مسلم برقم 2913 في الفتن ، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل قيتمنى .... إلخ





13760





منقول

القادم
08-07-2004, 08:37 PM
بارك الله فيك أخي صدام 77 على هذا النقل المفيد

نعم لقد كانت الفلوجة إيذانا بفجر جديد للمسلمين وبداية تهاوي الصليب

ويا محلا النصر بعون الله