خطاب
29-12-2005, 07:18 AM
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الأَمِينِ
أَمِا بَعدُ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ#.* مُقدِمةٌ *.#
عندما أرخى الليل سُدولَهُ ، وغارَت من السماءِ نُجومَهُ ، وعمَّ السكونُ مِن الوجود حوايَاهُ وأركَانَهُ ، خلت بيَ ذِكرياتٌ تُرتلُ جَمالَ الدِّينِ نغمات عذبة ، فهَامَت بي إلى عالمٍ بعيدٍ ، هُناك في روضةٍ غَنَّاءَ رحبةٍ ، بَيدَ أنَّ شريطاً من الرزايا حَافلاً داهم بِجيشِهِ جَمالَ ذِكرياتي ، ليَنقُلَني إلى حيثُ لم يكُن للبسمةِ حيث ، وكانَ للأسى كل حَيث ، فَيُقطِّعَ ترانيمي ، ويُبدِّدُ نعيمي ، وتبكي نَغمتي لِتصنَعَ أنِيناً مِن الألمِ يَنسابُ في جَنباتِ الوجودِ ، يَفجُرُ مِن مُقَلِهِ دُموع البَائسينَ لتُغرِقَ وجَه الجَمالِ كله 0
#.* لِمَاذا البُؤسُ ؟! *.#
ألأنَّ دِماءَ أُمتي مُنهمرةٌ ، وأشلاءَها مُنتثرةٌ ، أم لأنَّها ذَليلةٌ مُنكسرةٌ ، كلٌ هذا وأمرُّ مِنهُ غِيَابُ حقائقِ الشِّرعةِ المُطهرة ، وكلامُ الرويبِضة ، وتصدر المُتفيهقة ، واتخاذُ رؤوسَ الجَهلِ قادةٌ وسادة ، ليُغيِّبوا مُراد اللهِ ، لِتحِلَّ أورامهم في جَسدِ الأُمةِ فَتاوى مُدمرةٌ أُنتِجَت في مَصانِعِ الرُكونِ وأعلنُوها على مَنابِرِ ( لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ ) بِلُغَةِ ( غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ ) فكانتِ النَتِيجةُ ( رَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا ) 0
#.* عِندَمَا تَقطُرُ الحَقِيقةُ دَمَاً ؟! *.#
قومٌ في آخرِ الزمانِ قَالوا : جهادٌ الدَفعِ في حالِ الضعفِ ظُلماً وزوراً ، وعبثاً وجوراً ، فضاقت مسارات الهواءِ في الوجودِ على المخلصين ، فتفجرت أضلاعُهم مِن القهرِ عُيوناً ، ولما رأيتُ الحالَ أليمٌ ، والخطبَ عَميمٌ ، صرختٌ بنبرةٍ مُمتزجةٍ بكلِ معاني الألمِ ، يا الله ، فتذكرتُ قولَ اللهِ ( وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) وسألتُ نفسي ، كيفَ أعتصمُ ؟ فأُسعِفتُ بِقولهِ سبحانَهُ ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ ) فمدنيَ اللهُ بـِ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) فعدتُ إليهِ مَأموراً بـ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ )
#.* هل وجدت بغيتك في الكتاب *.#
هي آياتٌ أتلوها سِنينَ وسِنين ، وما آلمَني هو كيفَ غَابت معانِيهَا ؟ أو غُيِّبَت ؟ ومَن غَيَّبَها اليومَ عنِ الأجيالِ حتى تزلَ فيها أقدامٌ وأقدام ؟ براهينٌ واضحةٌ بينةٌ ، تحسم ُالأمرَ بكلِ وضوحٍ ، ولكِن لأهلِ الإيمانِ فقط ، نعم وليسَ سواهم ، وما آلمني أكثر ألم يَسأل هؤلاءِ أنفسَهم يَوماً أليسَ في كتابِ اللهِ لهذهِ المُعضلةِ مِن بينةٍ ؟! هو القَائِلُ ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ )
#.* بَينَ يَدَيْ العِصمَةِ *.#
لا يُمكنُ أن نَصلَ إلى بُرهانٍ في مَوضِعِ النِّزاعِ ليُبدِّدَ شمل حُجَجِ المُخالفِ إلا أن نُهدَى إلى حالٍ كحالِنا مِن الضَعفِ ، والذِّلَّةِ لأهلِ الإسلامِ ، والقُوةِ لأهلِ الكُفرِ ، فوجدتُ هذهِ الآية ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ولَقد أجمعَ أهلُ التَّفسيرِ أنَّ الذِّلَّةَ هُنا هِي القِلَّةُ والضعفُ ، ومعَ قِلَّتهِم وضَعفِهم ، وكثرةِ العدوِّ وقوتِهِ إلا أنَّ اللهَ نصرَهم ، وأُكِّدَت هذهِ الحقيقةُ في قولهِ تعالَى ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ ... ) والسؤالُ هُنا كيفَ نصرَهم اللهُ تعالى وهُم في ذِلَّةٍ وضَعفٍ ؟! وكَيفَ كَلَّفَهم الجِهاد ؟! بل لِقِلَّتِهم وشدَّةِ ضعفِهم ، خافوا أن يتخطفَهم النَّاس 0
#.* هُنَا السِّرُّ *.#
ولكنَ السِّرَّ المُغيَّبُ ، والحقيقةَ الغير مُجرَّبة عندَ مَن فُتنَ بِهذهِ الفَتوى ، أنَّ اللهَ إذا كَانَ معَ فِئةٍ نَصرَهم ، لأنَّهُ مَعَهُم ، فَكيفَ بِقومٍ يُقاتِلونَ اللهَ ؟! وكَيفَ بِقومٍ اللهُ مَعهُم ؟! وهذا الكلامُ لا يَفهمَه إلا أهلُ الإيمانِ قالَ اللهُ : ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ) اللهُ أكبرُ هل لأمريِكا يا عملاء قُدرةٌ بجبارِ السماواتِ ؟! قالَ صاحبُ التسهيلِ : فَلم تقتُلُوهم أي لم يَكن قَتلَهم في قُدرتِكم لأنَّهم أكثر مِنكم وأقوى ، ولكِنَ اللهَ قتلَهم بِتأيِّيدِكُم عليهِم أهـ [ التسهيلُ لعلومِ التنزيلِ ج2/ص63 ] وقالَ ابنُ كَثيرٍ : أي لَيسَ بحولِكم وقوَّتِكم قَتلتُم أعداءكم معَ كَثرةِ عددِهم ، وقِلَّةِ عدَدِكُم ، أي بل هو الََّذي أظفرَكم عليهِم كَمَا قالَ ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ) أهـ [ تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ج2/ص296 ] وقالَ اللهُ : ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ) هُنا الأمرُ بالقِتالِ سببٌ فقط ، ولكِن العذابَ مِن اللهِ بأيدي المُؤمنينَ ، وَوَعَدَ بالنَّصرِ عَليهِم ، فَأينَ العُقلاءُ مِن هذهِ الآياتِ البيِّنَاتِ ؟! قالَ شيخُ الإسلامِ : " فَبَيَّنَ أنَّهُ المُعذِّبُ ، وإنَّ أيديِنا أسبابٌ وآلاتٌ وأوساطٌ وأدواتٌ في وصولِ العَذابِ إليهِم " أهـ [مجموعُ الفتَاوى ج8/ص390]
#.* كَيفَ النَّصرُ *.#
النَّصرُ ليسَ بِكثرةِ عَدَدِنَا ، ولا بِعظيمِ ِعُدَّتِنا ، ولا بِمُنَاصَرةِ المَلائِكَةِ لنَا ، النَّصرُ مِن اللهِ قالِ اللهُ : ( ومَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) فلذلكَ أرادَ اللهُ أن يُبيِّنَ لنَا الأمر في غزوةِ بدرٍ لمَّا اشتدَّت الاستِغاثةُ بِاللهِ أنزلَ اللهُ تَعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) فمدَّهم اللهُ بهذا العَدد ، ولكِن عَقَّبَ عليهِم ليُخبِرَهم بِأمرٍ غايةٌ في الأهميةِ ، وهو أنَّ هؤلاءِ الملائكةُ أمددنَاكم بِهم بُشرى لكم ، ولِتطمئنَ قُلوبُكم بِهم فحسب ، أمَّا النَّصرُ فهو مِن عندِ اللهِ فقالَ : ( وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) بل أكدَّ اللهُ لنَا هذا الأمرُ في درسٍ جليٍ في غزوةِ حُنَينٍ فقالَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً .. ) فَبيَّنَ لنَا أنَّ النَّصرَ ليسَ بالكثرةِ ، وزادَ الأمرُ تأكيداً في سُورةِ الأنفَالِ فقالَ : ( وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وتأمل أخي القارئُ الكَريم كيفَ أطلَقَ اللهُ الكثرة ولم يُقيِّدهَا بِعددٍ !! تَأمل جَيِّداً ، ولا تُغادِر هذهِ الآية الكريمة حتى تشبعَ مِنها ، وما ذاكَ إلا بسببٍ واحدٍ ، وهوَ مَا ذكرهُ اللهُ في آخرِ الآيةِ إذ قالَ ( وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) فهل يُهزمُ أخي المسلم الكريم مَن كان اللهُ مَعَهُ ونَاصرَهُ ؟ لا ، نعم لا ، ويُحقِّقُ لنَا هذا الأمر جَلياً رسولُنا الكريم صلى الله عليِهِ وسلمَ لمَّا كان في الغَارِ عن أبي بكرٍ رضي الله عنهُ قالَ : قلتُ للنبي صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ وأنا في الغارِ لو أنَّ أحدَهم نَظرَ تحتَ قدميهِ لأبصرنَا فَقالَ : ما ظنُّكَ يَا أبا بكرٍ باثنينِ اللهُ ثالثهما [ صحيحُ البُخاري ج3/ص1337 ] أي يا أبا بكرٍ إذا كانَ اللهُ ثَالثُنا فكيفَ نَخافُ ؟! فَوصلت الرسالةُ إلى أبي بكرٍ ، ويا ليتها تَصلُ إلينا اليَوم 0
#.* وَلَكِن أينَ الأخذُ بالأسبَابِ لجَلبِ النًّصرِ *.#
قالَ شيخُ الإسلامِ : " وكذلِكَ مَن تركَ الأسبابَ المشروعة ، المأمورِ بها أمرُ إيجابٍ ، أو أمرُ استحبابٍ مِن جلبِ المنافعِ أ و دفعِ المضارِ قادحُ فى الشَّرعِ ، خارجٌ عن العقلِ " أهـ [ توحيدُ الألوهيةِ ج8/ص177] فَمِن هُنا لا يمكنُ تركُ الأسبابِ بَل لا بُدَّ منها ، وبالمقابلِ لا يجوزُ لاستغناء بالسببِ عن التَّوكُّلِ قال شيخُ الإسلامِ رحمهُ اللهُ تعالى : " فَمَنْ ظَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ بِالسَّبَبِ عَنْ التَّوَكُّلِ ، فَقَدْ تَرَكَ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ التَّوَكُّلِ , وَأَخَلَّ بِوَاجِبِ التَّوْحِيدِ , وَلِهَذَا يُخْذَلُ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ" أهـ [ مجموعُ الفتَاوى ج18/ص179 ] وهُنا مفهومٌ يجبُ أن يصححَ وهوَ أنَّ اللهَ أمرَ بسببٍ مُستطاعٍ من القوَّةِ للنُصرةِ ، ولا تُكلَّفُ فوقَ حدِّ الاستِطاعةِ فقالَ : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ) قالَ ابنُ جريرٍ الطبري رحمهُ اللهُ تَعالى : " ما أطقتُم أن تُعِدُّوهُ لهم مِن الآلاتِ التي تكونُ قوَّةٌ لَكم عليهِم من السِّلاحِ والخَيلِ "أهـ [ تَفسيرُ الطَبريُ ج10/ص29 ] فَلا يَلزمُ أن تكونَ القوَّةُ مُتكَافِئةٌ أبَداً ، ولا العددُ ، وهذا معلومٌ وظاهرٌ عندَ مَن عِندَهُ أدنى علمٍ بشرعةِ ربِّ الأربابِ ، فلذلكَ قالَ اللهُ لموسى ( اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ ) وإلا ما يفعلُ عَصا مُوسى في البحرِ ؟! ولكِن هو فعلُ السَببِ والأمرُ للهِ والنَّصرُ منهُ ، وقالَ عيسى عليهِ السلامُ لأُمِّهِ ( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً ) فما تفعلُ امرأةٌ في المخاضِ بجذعِ نخلةٍ ؟! وتأمل أخي القارئُ الكريم جيِّداً كلَ هذهِ الأسبابِ هي أقلُّ بكثيرٍ من الواجبِ العَقلي لتنفيذِ هذهِ المهمَات ، فلو قُلتُ أريدُ أن أشُقَّ البَحر ، فهل من المعقولِ أن يُقالَ اضربهُ بِعصا ؟! لا يمكنُ هذا إلا أن تتدخلَ القوة الإلهيةِ فهوَ على كلِ شيءٍ قدير 0
#.* هَل كَلَّفَ اللهُ الأُمةَ فَوقَ طَاقتِهَا ؟ *.#
قالَ اللهُ ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ) وقالَ : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا ) وقالَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) وقالَ صلى الله عليهِ وسلمَ " وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منهُ ما استطعتُم " [ رواهُ البُخاري ج6/ص2658] ولكِن كيفَ الجمعُ بيَّنَ هذهِ الآيات وبيَّنَ الأحداثِ التاريخيةِ من حيثُ غزوةِ بدرٍ ، والخندقٍ ، وغيرٍهما فكانَ الأمرُ لا يُطاقُ عَقلاً لِكثرةِ العَدوِّ وقوَّتِهِ ، فهل حَمَّلَ اللهُ الأمةَ ما لا تُطيق ؟ أقولُ هُنا السِّرُّ الغائبُ عن الأمةِ اليوم إلا من رحم الله ، أنَّ اللهَ لم يُكلِّفهُم مالا يُطيقونَ ، بل كلَّفهم ما يُطِيقونَ لأنَّهُ سبحانهُ وبكلِ بساطةٍ [ مَعَهُم ] فإذا كانَ اللهُ مَعهُم فَهُم أكبرُ بِالله وأكثَرُ ، وإلا لَقُلنَا أنَّ النبيََّ الكريم حَمَّلَ الأمةَ ما لا تُطيقُ ، وخَاضَ بِها حيثُ نَهاهُ اللهُ تعالى ، وحَاشاهُ ، فأهلُ النِّفاقِ ، والَّذينَ في قُلوبٍهم مَرضٌ لا يُبصرونَ هذهِ الحقيقة ، فلم يتعاملوا مَعها حسب مُقتضَى التَّوكُّلِ ، بل تَعامَلوا معها حَسبَ مُعطيَّاتِ الأسبَابِ فحسب ، فَخُذِلوا كمَا قالَ شيخُ الإسلامِ رحمهُ اللهُ تعالى فيمَا أسلفنَا ذِكرُهُ آنِفَاً ، فِلذلكَ يَعُودُ التًاريخٌ بأحداثِهِ القدِيمة فنذكر قول اللهِ تعالى ( فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ) وأريدُ منكَ أخي الكريم أن تُركِّزَ مَعي هُنا قليلاً ، ليتبيَّنَ لكَ الأمرُ ، إنَّ الَّذينَ قالوا لا طاقةَ لنَا هُم : طائفةٌ من الَّذينَ آمنوا ، ولم يَكونوا مِن الكُفارِ ، فَنفَوا أن يكونَ لَهم طاقةٌ ، وعلى ضَوءِ هذا أخذَ البعضُ مِنهم يُنظِّرُ لطالوتَ ، عِلماً أن اللهَ زَادَهُ عليهم في العِلمِ ، ويُخبِروهُ أنَّهُ إن خَاضَ بِهم هذهِ المهِمةُ فقد حَمَّلَهم مَالا طَاقةَ لهم بهِ ، فسبحان اللهِ ما أشبهَ اليومَ بالبارحةِ ؟!! ولكنَّ الطائفةَ التي تَعلمُ أنَّ اللهَ مَعها قَالت : ( قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) 0
#.* جِهادُ الدفعِ أمرُهُ آخَر *.#
وذلكَ مِن حَيثُ أنَّ أهلَ الإسلامِ أصَابهم الظُلمُ واللهُ سبحانَهُ قالَ ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) فلم يَشتَرط الله عليهِم تَكافؤ بَل أَذِنَ لهم بِالقتالِ وأخبرَهم أنَّهُ مُتوكلٌ بِقدرتهِ على نصرِهم ، كذلكَ دعوةُ المظلومِ قالَ اللهُ عنها فيما يُروى عنه صلى اللهُ عليهِ وسلمَ عن ربِهِ سبحانَهُ " اتَقوا دعوةَ المَظلومِ فإنَّها تُحمَلُ على الغَمامِ يقولُ اللهُ وعِزتي وجَلالي لأنصرنَّكِ ولو بعدَ حِين " فلذلكَ تَولى ربُنا نَصر المظلومِ ولو بِسببِ الدُعاءِ مِن غيرِ رُمحٍ ، ولكن في جِهادِ الدفعِ شُرِعَ لنَا سَبب القِتَالِ المُستطاع فليُفهم هذا0
#.* هل غُلِبَ فَردٌ اللهٌ معهُ فَضلاً عَن جَماعَةٍ ؟ *.#
جمعَ قومٌ النَّارَ لإبراهيمَ عليهِ السَّلام ، وكانَ ليسَ معهُ إلا اللهُ ، فنِعمَ المولى ونِعمَ النَّصير ، فنصرهُ بـ( يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ... وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ) وجَمعَ مَلكُ الأخدودِ كلَّ قُواهُ ، لأجلِ غُلامٍ فلم يقواهُ ، لأنَّ الَّذي خَلقَهُ فسواهُ حمَاهُ ، وأقبَلَ أهلُ مدينةٍ على نبي اللهِ لوط قالَ اللهُ : ( وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ) فنصرهُ اللهُ عليهم ، وكانَ الجوابُ ( قالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ) وقالَ اللهُ في حقِّ رسولِنَا صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) لم يشهدِ التاريخُ أن عَبدَاً للهِ غُلِبَ واللهُ مَعهُ ، فِلذلكَ قالَ اللهُ تعالى ( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) أخي الكريم لحظةٌ ... قِِف مَعي هُنا برهةٌ وتأمل لماذا قالَ اللهُ تَعَالى " فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ " ولم يقل " فيُغلَب أَوْ يَغْلِبْ " ؟! الجوابُ آتيكَ بهِ مِن عندِ اللهِ حيثُ قالَ : ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ ) أي أنَّ مَن كانَ اللهُ مَعهُ لا يُغلب 0
#.* شُبهَةٌ والرَدُّ عَليهَا *.#
فمِن النَّاسِ مَن يَقولُ تَأمل فِي الأندلسِ لمَّا استحكَمَ العَدوُّ عَليهم ، خَرجَ النَّاسُ مِنها ، ولم يُكَلِّفُوا أنفُسَهم بِالقتالِ لضعفِهم ، وهاجرَ مِنهم عُلماءُ أجِلاء 0
أقولُ وباللهِ تَعالى التَوفيق أولاً ... يجبُ أن نَعلمَ أنَّ أهلَ الأندلسِ لم يُحققوا شَرطَ النَّصر الجَالبِ لمعيةِ اللهِ تعالى وتأيِّدهِ وهوَ ( إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ) بلِ القومَ كانوا في حالٍ من الانحرافِ فاضح 0
ثانياً ... لم يَقوموا بأمرِ اللهِ تعالى من مُجاهدةِ أعدائهِ فسلَّطَ اللهُ عَليهم قال صلى الله عليه وسلم " .... وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ 0
ثالثاً ... كانَ الواجبُ النَّظر فيما كلَّفهم اللهُ تعالى فِعلَهُ من مُقاتلَةِ الكُفارِ ، والقِيامِ بِواجبِ الدَّفعِ ، لا النَّظر فيما فَعلُوهُ مِن تَركِ الجِهادِ ، والبُعدِ عن أمرِ اللهِ ، وجَعل ذلكِ تَشرِيعاً للأُمةِ ، خُصوصاَ وقد أجمعَت الأمةُ على دَفعِ العَدوِّ ، فإن فعلنَا هَذا فَقد جَعلنَا مِن فِعلِ أهلِ الأندلسِ حُجةٌ شرعيةٌ ، وهذهِ حَماقةٌ ليسَ بعدَها حَماقَة 0
رابعاً ... كانَ الواجبُ على من أفتى بِخروجِ أهلِها ، وهجرتِهم أن يُحرِّضَ بلادَ المغربِ والجَزيرةِ والشامِ للخروجِ لأجلِ استردادِ بلادِ الإسلامِ قبلَ أن يَذوبَ الإسلامُ في الكفرِ ، ولكِن كانَ الخُذلانُ من ذلكَ اليومِ ، وتَنازلَ اليومُ قُومُنا عن فِقهِ غِزوةِ الخَندقِ وكيفِ تعاملِ مَعهَا الرسولُ الكريم صلى الله عليهِ وسلمَ ، وكيفَ كَلَّف نفسَه القِتال وأصحابَهُ ، وأخذوا بِفقهَ خذلانِ الأندلس فيا لله العَجب من هذا السَفه !! ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ ، فقط لأنها تُوافقُ أهواءهم ، ولم يُبالوا بفعلِ الرسولِ الكريمِ ، ولا بإجماعِ الأمةِ على وجوبِ مدافعةِ العدوِّ الصائلِ ، وإن لم يَندفِع تَعينَ على الأمةِ قاطِبة 0
#.* سُؤالٌ حَتمَهُ الحَالُ *.#
إذا قُلنا إنَّ الطاقةَ لا تسمحُ لنَا بمدافعةَ الكفارَ ، ويجبُ عدم القتالِ ، فهل سيبقَى لأهلِ الإسلامِ حِصنٌ لم يحتلهٌ العدو ؟! الجواب لا .. لأنَّ أهلَ الإسلامِ لا يملِكونَ من القوَّةِ ما يقاربُ الأعداء فَضلاً على أن يكونَ هناك ثمةَ تكافؤٍ بينهم ، فَهل هذِهِ الدَّعوةُ ، وهذهِ الفتَاوى تَخدمُ الإسلامَ وأهلَهُ ؟ الجوابُ لا .. بل هي خِدمَةٌ للكفرِ واضحةٌ بَيِّنةٌ ، واللهُ حسبنَا ونِعمَ الوكيل ولا تَضرونَا إلا أذى 0
#.* رِسَالةٌ لِكُلِ مَن اعتَذرَ بِالضَعفِ لِدفعِ الصَائلِ *.#
( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) ، ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) ، ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) ولا تَكونوا كالَّذينَ قَالوا ( لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ) يا قومِ إن لم تستطيعوا قولَ الحَقِّ فلا تَقولوا البَاطلَ ، ولا أقولُ لَكم إلا كمَا قال نوحٌ لقومِهِ ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) وكمَا قالَ مُؤمنُ آلِ فرعونَ ( وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ) إني أحذِرُكم من اللهِ فاحذرُوهُ ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) 0
#.* رِسَالةٌ إلى عُلمَائِنَا *.#
( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ) ، ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) ، ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً )
#.* رِسَالَةٌ إلى أمرِيكَا ومَن حَالَفَهَا *.#
اللهُ مَعنَا ، اللهُ نَاصِرُنَا ، اللهُ مَولانَا ، اللهُ أكبر ، فإن مِتنَا أُخَذَنَا إلى جَنتِهِ ( وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ) يا أمريكا نحنُ نُقتلُ نعم ، نحنُ نُكلَمُ نعم ، نحنُ نُبلَى نعم ، ولَكن لا نُغلَبُ وربِّ مُوسى ، وخالقِ عيسى نحنُ لا نُغلَب ، لا لشيءٍ ، ولكِن لأنَّ اللهَ مَعنَا ، فإن قَتلتمونَا لِنسكُنَ الجَنَّة فَما أنتم فاعلونَ بقوةِ اللهِ ؟!! ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) لقد فَتحتَ بَاباً يا بُوش طَالَ انتِظارهُ لنُنَاجِزكم ، لأنكم أعداء للهِ ، ويا مرحباً بِالجنَّةِ فموتُ مليارٍ مِن أهلِ الإسلامِ شُهداء خَيرٌ لهم مِن حياةٍ كحياتِكم ، وخيرٌ لهم من حياتِهم اليومَ في ظِلِّ فسادِكم ، فانتظروا الموتَ بِكُلِّ مَرصدٍ ، وستنتهي هذهِ المَعركة بِجنَةٍ لنَا في الآخرةِ وعِزَّةٍ في الدُنيا ، وذِلَّةٍ لكم فِي الدُنيا وحَرقٍ في الآخرةِ ، فترصدوا إنَّا مُترصِدونَ ، ولا يَغرنَكَ عُملاء وجُهلاء أمتي ، لقد عَاشوا بَيننا مِن عَهدِ نبِيِّنا ، ولَكِنَّا بِفضلِ اللهِ قَهرنَاهم بِإيمانِنَا ، وغَرسنَا العِزةَ في أرضِكُم بأيدِينَا وذلكَ بِتوفيقٍ مِن اللهِ لنَا0
#.* رِسَالةٌ إلى سَاداتِ الإسلامِ *.#
إلى صَانعي المَجدِ ، وراكبي صَهوةِ العِزِّ ، إلى مُريِدِي الجِنَانِ ، ومُتيَمي الرحمنِ إذا اشتدَّ بِكم البَلاء فتَذكَّروا ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) ، وإذا جَمَعَ العَدوُّ عبَّادَ الدرهمِ والفَرجِ ، وتَألبوا فَتذكَّروا ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ... فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) ، وإذا رأيتم العُملاء قالوا عَنكم حَماسةٌ صماء ، وعَاطفةٌ عَمياء ، ومصيريةٌ دهماء فتَذكَّروا ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) وإذا أقبلَ الجُهالُ ، وأدعِياء العِلمِ يُنَظِّرونَ لَكم ويَتصدرونَ الفَتوى وهم قاعدونَ عن ( انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا ) فَتذكَّروا ( فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ، وإذا رأيتُم جُنودَ الشَّيطانِ عَظُمَ في الأُفقِ سَوادُ طائِراتِهم ،ومُجنزراتِهم ، فاستغِيثوا رَبَكم ، وتَذكَّروا ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) فإذا حَمِي الوَطِيس فاصبِروا ، وتَذكَّروا ( بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ ) بَعدهَا قُل لأمرِيكا ، ومَن حَالفَهَا ، ونَافقهَا قَاتِلوا ملائكة ربِّ المُؤمنينَ ونَاصرهم !!!
#.* أخِيراً *.#
بَعدَها أيُّها السَادةُ اعلموا أنَّ اللهّ اصطَفاكُم للقيامِ بِشرَّعِهِ ، ولا تَغتروا بِقولِ مَن قَالوا ( لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) وإيَّاكُم يَا عُصبة الإسلامِ أن تسمعوا لقومٍ يقولونَ ( لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ) ومَا قَالوا ذلكَ إلا ( لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ) فَهؤلاءِ ( َلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ) فلِذلكَ هُم لا يُجيدونَ التعامُل مع مُسدسٍ ، وآخِرُ نَصيحةٍ لَكُم ، إن أردتُم مُناصرةَ اللهِ لَكم بِملائِكتهِ ، وطَرد الغَلبة عَنكم ، مَهما كانت قوة عدوِّكُم فالزموا ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) فإن فَعلتُم أقسمُ بِاللهِ العَظيم يميناً أحمِلُ رايتها يومَ القِيامةِ للأممِ جَمعاء لينصُرنَكُم الله على أمرِيكا ، ومَن حَالَفَها ، ونَافقهَا ، وهُم بِكامِلِ عِددِهم وعُدتِهم ، وأنتُم على حَالِكم ، فثقوا بِنصرِ اللهِ ، دمتم والعز ، ودامَ العِزُّ لَكم 0
أحبَتي الكِرام أنصارُ الإسلامِ في هذهِ المُنتديَات نَظراً لِظروفٍ أمُرُّ بِها فأنَا لا أستطيعُ الدُخولَ للنت مِن قريبٍ ولا الرَد أو التَعقيب فلذلكَ أرجو نَشر هذا الموضوعِ نُصرةً لِدينِهِ ولصفوتِهِ المُجاهدينَ وإغاظة للعملاءِ قبلَ الأعداء ، وأرجو رفعَهُ في المُنتدياتِ لتَعُمَّ به الفَائِدة ولنَا أحبةٌ هُنا أثقُ أنَهم سيتولوا هذهِ المُهِِمة حُبَاً وكَرامَة 0
وكتَبهُ خَادِمُ الإسلامِ تَشرِيفَاً وتَكرِيمَاً لَهُ ابنُ القَريَّةِ الفَلَّاحُ المُعتَصِم
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الأَمِينِ
أَمِا بَعدُ
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ#.* مُقدِمةٌ *.#
عندما أرخى الليل سُدولَهُ ، وغارَت من السماءِ نُجومَهُ ، وعمَّ السكونُ مِن الوجود حوايَاهُ وأركَانَهُ ، خلت بيَ ذِكرياتٌ تُرتلُ جَمالَ الدِّينِ نغمات عذبة ، فهَامَت بي إلى عالمٍ بعيدٍ ، هُناك في روضةٍ غَنَّاءَ رحبةٍ ، بَيدَ أنَّ شريطاً من الرزايا حَافلاً داهم بِجيشِهِ جَمالَ ذِكرياتي ، ليَنقُلَني إلى حيثُ لم يكُن للبسمةِ حيث ، وكانَ للأسى كل حَيث ، فَيُقطِّعَ ترانيمي ، ويُبدِّدُ نعيمي ، وتبكي نَغمتي لِتصنَعَ أنِيناً مِن الألمِ يَنسابُ في جَنباتِ الوجودِ ، يَفجُرُ مِن مُقَلِهِ دُموع البَائسينَ لتُغرِقَ وجَه الجَمالِ كله 0
#.* لِمَاذا البُؤسُ ؟! *.#
ألأنَّ دِماءَ أُمتي مُنهمرةٌ ، وأشلاءَها مُنتثرةٌ ، أم لأنَّها ذَليلةٌ مُنكسرةٌ ، كلٌ هذا وأمرُّ مِنهُ غِيَابُ حقائقِ الشِّرعةِ المُطهرة ، وكلامُ الرويبِضة ، وتصدر المُتفيهقة ، واتخاذُ رؤوسَ الجَهلِ قادةٌ وسادة ، ليُغيِّبوا مُراد اللهِ ، لِتحِلَّ أورامهم في جَسدِ الأُمةِ فَتاوى مُدمرةٌ أُنتِجَت في مَصانِعِ الرُكونِ وأعلنُوها على مَنابِرِ ( لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ ) بِلُغَةِ ( غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ ) فكانتِ النَتِيجةُ ( رَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا ) 0
#.* عِندَمَا تَقطُرُ الحَقِيقةُ دَمَاً ؟! *.#
قومٌ في آخرِ الزمانِ قَالوا : جهادٌ الدَفعِ في حالِ الضعفِ ظُلماً وزوراً ، وعبثاً وجوراً ، فضاقت مسارات الهواءِ في الوجودِ على المخلصين ، فتفجرت أضلاعُهم مِن القهرِ عُيوناً ، ولما رأيتُ الحالَ أليمٌ ، والخطبَ عَميمٌ ، صرختٌ بنبرةٍ مُمتزجةٍ بكلِ معاني الألمِ ، يا الله ، فتذكرتُ قولَ اللهِ ( وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) وسألتُ نفسي ، كيفَ أعتصمُ ؟ فأُسعِفتُ بِقولهِ سبحانَهُ ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ ) فمدنيَ اللهُ بـِ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) فعدتُ إليهِ مَأموراً بـ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ )
#.* هل وجدت بغيتك في الكتاب *.#
هي آياتٌ أتلوها سِنينَ وسِنين ، وما آلمَني هو كيفَ غَابت معانِيهَا ؟ أو غُيِّبَت ؟ ومَن غَيَّبَها اليومَ عنِ الأجيالِ حتى تزلَ فيها أقدامٌ وأقدام ؟ براهينٌ واضحةٌ بينةٌ ، تحسم ُالأمرَ بكلِ وضوحٍ ، ولكِن لأهلِ الإيمانِ فقط ، نعم وليسَ سواهم ، وما آلمني أكثر ألم يَسأل هؤلاءِ أنفسَهم يَوماً أليسَ في كتابِ اللهِ لهذهِ المُعضلةِ مِن بينةٍ ؟! هو القَائِلُ ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ )
#.* بَينَ يَدَيْ العِصمَةِ *.#
لا يُمكنُ أن نَصلَ إلى بُرهانٍ في مَوضِعِ النِّزاعِ ليُبدِّدَ شمل حُجَجِ المُخالفِ إلا أن نُهدَى إلى حالٍ كحالِنا مِن الضَعفِ ، والذِّلَّةِ لأهلِ الإسلامِ ، والقُوةِ لأهلِ الكُفرِ ، فوجدتُ هذهِ الآية ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ولَقد أجمعَ أهلُ التَّفسيرِ أنَّ الذِّلَّةَ هُنا هِي القِلَّةُ والضعفُ ، ومعَ قِلَّتهِم وضَعفِهم ، وكثرةِ العدوِّ وقوتِهِ إلا أنَّ اللهَ نصرَهم ، وأُكِّدَت هذهِ الحقيقةُ في قولهِ تعالَى ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ ... ) والسؤالُ هُنا كيفَ نصرَهم اللهُ تعالى وهُم في ذِلَّةٍ وضَعفٍ ؟! وكَيفَ كَلَّفَهم الجِهاد ؟! بل لِقِلَّتِهم وشدَّةِ ضعفِهم ، خافوا أن يتخطفَهم النَّاس 0
#.* هُنَا السِّرُّ *.#
ولكنَ السِّرَّ المُغيَّبُ ، والحقيقةَ الغير مُجرَّبة عندَ مَن فُتنَ بِهذهِ الفَتوى ، أنَّ اللهَ إذا كَانَ معَ فِئةٍ نَصرَهم ، لأنَّهُ مَعَهُم ، فَكيفَ بِقومٍ يُقاتِلونَ اللهَ ؟! وكَيفَ بِقومٍ اللهُ مَعهُم ؟! وهذا الكلامُ لا يَفهمَه إلا أهلُ الإيمانِ قالَ اللهُ : ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ) اللهُ أكبرُ هل لأمريِكا يا عملاء قُدرةٌ بجبارِ السماواتِ ؟! قالَ صاحبُ التسهيلِ : فَلم تقتُلُوهم أي لم يَكن قَتلَهم في قُدرتِكم لأنَّهم أكثر مِنكم وأقوى ، ولكِنَ اللهَ قتلَهم بِتأيِّيدِكُم عليهِم أهـ [ التسهيلُ لعلومِ التنزيلِ ج2/ص63 ] وقالَ ابنُ كَثيرٍ : أي لَيسَ بحولِكم وقوَّتِكم قَتلتُم أعداءكم معَ كَثرةِ عددِهم ، وقِلَّةِ عدَدِكُم ، أي بل هو الََّذي أظفرَكم عليهِم كَمَا قالَ ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ) أهـ [ تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ج2/ص296 ] وقالَ اللهُ : ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ) هُنا الأمرُ بالقِتالِ سببٌ فقط ، ولكِن العذابَ مِن اللهِ بأيدي المُؤمنينَ ، وَوَعَدَ بالنَّصرِ عَليهِم ، فَأينَ العُقلاءُ مِن هذهِ الآياتِ البيِّنَاتِ ؟! قالَ شيخُ الإسلامِ : " فَبَيَّنَ أنَّهُ المُعذِّبُ ، وإنَّ أيديِنا أسبابٌ وآلاتٌ وأوساطٌ وأدواتٌ في وصولِ العَذابِ إليهِم " أهـ [مجموعُ الفتَاوى ج8/ص390]
#.* كَيفَ النَّصرُ *.#
النَّصرُ ليسَ بِكثرةِ عَدَدِنَا ، ولا بِعظيمِ ِعُدَّتِنا ، ولا بِمُنَاصَرةِ المَلائِكَةِ لنَا ، النَّصرُ مِن اللهِ قالِ اللهُ : ( ومَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) فلذلكَ أرادَ اللهُ أن يُبيِّنَ لنَا الأمر في غزوةِ بدرٍ لمَّا اشتدَّت الاستِغاثةُ بِاللهِ أنزلَ اللهُ تَعالى (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) فمدَّهم اللهُ بهذا العَدد ، ولكِن عَقَّبَ عليهِم ليُخبِرَهم بِأمرٍ غايةٌ في الأهميةِ ، وهو أنَّ هؤلاءِ الملائكةُ أمددنَاكم بِهم بُشرى لكم ، ولِتطمئنَ قُلوبُكم بِهم فحسب ، أمَّا النَّصرُ فهو مِن عندِ اللهِ فقالَ : ( وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) بل أكدَّ اللهُ لنَا هذا الأمرُ في درسٍ جليٍ في غزوةِ حُنَينٍ فقالَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً .. ) فَبيَّنَ لنَا أنَّ النَّصرَ ليسَ بالكثرةِ ، وزادَ الأمرُ تأكيداً في سُورةِ الأنفَالِ فقالَ : ( وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وتأمل أخي القارئُ الكَريم كيفَ أطلَقَ اللهُ الكثرة ولم يُقيِّدهَا بِعددٍ !! تَأمل جَيِّداً ، ولا تُغادِر هذهِ الآية الكريمة حتى تشبعَ مِنها ، وما ذاكَ إلا بسببٍ واحدٍ ، وهوَ مَا ذكرهُ اللهُ في آخرِ الآيةِ إذ قالَ ( وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) فهل يُهزمُ أخي المسلم الكريم مَن كان اللهُ مَعَهُ ونَاصرَهُ ؟ لا ، نعم لا ، ويُحقِّقُ لنَا هذا الأمر جَلياً رسولُنا الكريم صلى الله عليِهِ وسلمَ لمَّا كان في الغَارِ عن أبي بكرٍ رضي الله عنهُ قالَ : قلتُ للنبي صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ وأنا في الغارِ لو أنَّ أحدَهم نَظرَ تحتَ قدميهِ لأبصرنَا فَقالَ : ما ظنُّكَ يَا أبا بكرٍ باثنينِ اللهُ ثالثهما [ صحيحُ البُخاري ج3/ص1337 ] أي يا أبا بكرٍ إذا كانَ اللهُ ثَالثُنا فكيفَ نَخافُ ؟! فَوصلت الرسالةُ إلى أبي بكرٍ ، ويا ليتها تَصلُ إلينا اليَوم 0
#.* وَلَكِن أينَ الأخذُ بالأسبَابِ لجَلبِ النًّصرِ *.#
قالَ شيخُ الإسلامِ : " وكذلِكَ مَن تركَ الأسبابَ المشروعة ، المأمورِ بها أمرُ إيجابٍ ، أو أمرُ استحبابٍ مِن جلبِ المنافعِ أ و دفعِ المضارِ قادحُ فى الشَّرعِ ، خارجٌ عن العقلِ " أهـ [ توحيدُ الألوهيةِ ج8/ص177] فَمِن هُنا لا يمكنُ تركُ الأسبابِ بَل لا بُدَّ منها ، وبالمقابلِ لا يجوزُ لاستغناء بالسببِ عن التَّوكُّلِ قال شيخُ الإسلامِ رحمهُ اللهُ تعالى : " فَمَنْ ظَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ بِالسَّبَبِ عَنْ التَّوَكُّلِ ، فَقَدْ تَرَكَ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ التَّوَكُّلِ , وَأَخَلَّ بِوَاجِبِ التَّوْحِيدِ , وَلِهَذَا يُخْذَلُ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ" أهـ [ مجموعُ الفتَاوى ج18/ص179 ] وهُنا مفهومٌ يجبُ أن يصححَ وهوَ أنَّ اللهَ أمرَ بسببٍ مُستطاعٍ من القوَّةِ للنُصرةِ ، ولا تُكلَّفُ فوقَ حدِّ الاستِطاعةِ فقالَ : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ) قالَ ابنُ جريرٍ الطبري رحمهُ اللهُ تَعالى : " ما أطقتُم أن تُعِدُّوهُ لهم مِن الآلاتِ التي تكونُ قوَّةٌ لَكم عليهِم من السِّلاحِ والخَيلِ "أهـ [ تَفسيرُ الطَبريُ ج10/ص29 ] فَلا يَلزمُ أن تكونَ القوَّةُ مُتكَافِئةٌ أبَداً ، ولا العددُ ، وهذا معلومٌ وظاهرٌ عندَ مَن عِندَهُ أدنى علمٍ بشرعةِ ربِّ الأربابِ ، فلذلكَ قالَ اللهُ لموسى ( اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ ) وإلا ما يفعلُ عَصا مُوسى في البحرِ ؟! ولكِن هو فعلُ السَببِ والأمرُ للهِ والنَّصرُ منهُ ، وقالَ عيسى عليهِ السلامُ لأُمِّهِ ( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً ) فما تفعلُ امرأةٌ في المخاضِ بجذعِ نخلةٍ ؟! وتأمل أخي القارئُ الكريم جيِّداً كلَ هذهِ الأسبابِ هي أقلُّ بكثيرٍ من الواجبِ العَقلي لتنفيذِ هذهِ المهمَات ، فلو قُلتُ أريدُ أن أشُقَّ البَحر ، فهل من المعقولِ أن يُقالَ اضربهُ بِعصا ؟! لا يمكنُ هذا إلا أن تتدخلَ القوة الإلهيةِ فهوَ على كلِ شيءٍ قدير 0
#.* هَل كَلَّفَ اللهُ الأُمةَ فَوقَ طَاقتِهَا ؟ *.#
قالَ اللهُ ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ) وقالَ : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا ) وقالَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) وقالَ صلى الله عليهِ وسلمَ " وإذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منهُ ما استطعتُم " [ رواهُ البُخاري ج6/ص2658] ولكِن كيفَ الجمعُ بيَّنَ هذهِ الآيات وبيَّنَ الأحداثِ التاريخيةِ من حيثُ غزوةِ بدرٍ ، والخندقٍ ، وغيرٍهما فكانَ الأمرُ لا يُطاقُ عَقلاً لِكثرةِ العَدوِّ وقوَّتِهِ ، فهل حَمَّلَ اللهُ الأمةَ ما لا تُطيق ؟ أقولُ هُنا السِّرُّ الغائبُ عن الأمةِ اليوم إلا من رحم الله ، أنَّ اللهَ لم يُكلِّفهُم مالا يُطيقونَ ، بل كلَّفهم ما يُطِيقونَ لأنَّهُ سبحانهُ وبكلِ بساطةٍ [ مَعَهُم ] فإذا كانَ اللهُ مَعهُم فَهُم أكبرُ بِالله وأكثَرُ ، وإلا لَقُلنَا أنَّ النبيََّ الكريم حَمَّلَ الأمةَ ما لا تُطيقُ ، وخَاضَ بِها حيثُ نَهاهُ اللهُ تعالى ، وحَاشاهُ ، فأهلُ النِّفاقِ ، والَّذينَ في قُلوبٍهم مَرضٌ لا يُبصرونَ هذهِ الحقيقة ، فلم يتعاملوا مَعها حسب مُقتضَى التَّوكُّلِ ، بل تَعامَلوا معها حَسبَ مُعطيَّاتِ الأسبَابِ فحسب ، فَخُذِلوا كمَا قالَ شيخُ الإسلامِ رحمهُ اللهُ تعالى فيمَا أسلفنَا ذِكرُهُ آنِفَاً ، فِلذلكَ يَعُودُ التًاريخٌ بأحداثِهِ القدِيمة فنذكر قول اللهِ تعالى ( فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ) وأريدُ منكَ أخي الكريم أن تُركِّزَ مَعي هُنا قليلاً ، ليتبيَّنَ لكَ الأمرُ ، إنَّ الَّذينَ قالوا لا طاقةَ لنَا هُم : طائفةٌ من الَّذينَ آمنوا ، ولم يَكونوا مِن الكُفارِ ، فَنفَوا أن يكونَ لَهم طاقةٌ ، وعلى ضَوءِ هذا أخذَ البعضُ مِنهم يُنظِّرُ لطالوتَ ، عِلماً أن اللهَ زَادَهُ عليهم في العِلمِ ، ويُخبِروهُ أنَّهُ إن خَاضَ بِهم هذهِ المهِمةُ فقد حَمَّلَهم مَالا طَاقةَ لهم بهِ ، فسبحان اللهِ ما أشبهَ اليومَ بالبارحةِ ؟!! ولكنَّ الطائفةَ التي تَعلمُ أنَّ اللهَ مَعها قَالت : ( قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) 0
#.* جِهادُ الدفعِ أمرُهُ آخَر *.#
وذلكَ مِن حَيثُ أنَّ أهلَ الإسلامِ أصَابهم الظُلمُ واللهُ سبحانَهُ قالَ ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ) فلم يَشتَرط الله عليهِم تَكافؤ بَل أَذِنَ لهم بِالقتالِ وأخبرَهم أنَّهُ مُتوكلٌ بِقدرتهِ على نصرِهم ، كذلكَ دعوةُ المظلومِ قالَ اللهُ عنها فيما يُروى عنه صلى اللهُ عليهِ وسلمَ عن ربِهِ سبحانَهُ " اتَقوا دعوةَ المَظلومِ فإنَّها تُحمَلُ على الغَمامِ يقولُ اللهُ وعِزتي وجَلالي لأنصرنَّكِ ولو بعدَ حِين " فلذلكَ تَولى ربُنا نَصر المظلومِ ولو بِسببِ الدُعاءِ مِن غيرِ رُمحٍ ، ولكن في جِهادِ الدفعِ شُرِعَ لنَا سَبب القِتَالِ المُستطاع فليُفهم هذا0
#.* هل غُلِبَ فَردٌ اللهٌ معهُ فَضلاً عَن جَماعَةٍ ؟ *.#
جمعَ قومٌ النَّارَ لإبراهيمَ عليهِ السَّلام ، وكانَ ليسَ معهُ إلا اللهُ ، فنِعمَ المولى ونِعمَ النَّصير ، فنصرهُ بـ( يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ... وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ) وجَمعَ مَلكُ الأخدودِ كلَّ قُواهُ ، لأجلِ غُلامٍ فلم يقواهُ ، لأنَّ الَّذي خَلقَهُ فسواهُ حمَاهُ ، وأقبَلَ أهلُ مدينةٍ على نبي اللهِ لوط قالَ اللهُ : ( وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ) فنصرهُ اللهُ عليهم ، وكانَ الجوابُ ( قالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ) وقالَ اللهُ في حقِّ رسولِنَا صلى اللهُ عليهِ وسلمَ ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) لم يشهدِ التاريخُ أن عَبدَاً للهِ غُلِبَ واللهُ مَعهُ ، فِلذلكَ قالَ اللهُ تعالى ( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) أخي الكريم لحظةٌ ... قِِف مَعي هُنا برهةٌ وتأمل لماذا قالَ اللهُ تَعَالى " فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ " ولم يقل " فيُغلَب أَوْ يَغْلِبْ " ؟! الجوابُ آتيكَ بهِ مِن عندِ اللهِ حيثُ قالَ : ( إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ ) أي أنَّ مَن كانَ اللهُ مَعهُ لا يُغلب 0
#.* شُبهَةٌ والرَدُّ عَليهَا *.#
فمِن النَّاسِ مَن يَقولُ تَأمل فِي الأندلسِ لمَّا استحكَمَ العَدوُّ عَليهم ، خَرجَ النَّاسُ مِنها ، ولم يُكَلِّفُوا أنفُسَهم بِالقتالِ لضعفِهم ، وهاجرَ مِنهم عُلماءُ أجِلاء 0
أقولُ وباللهِ تَعالى التَوفيق أولاً ... يجبُ أن نَعلمَ أنَّ أهلَ الأندلسِ لم يُحققوا شَرطَ النَّصر الجَالبِ لمعيةِ اللهِ تعالى وتأيِّدهِ وهوَ ( إنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ) بلِ القومَ كانوا في حالٍ من الانحرافِ فاضح 0
ثانياً ... لم يَقوموا بأمرِ اللهِ تعالى من مُجاهدةِ أعدائهِ فسلَّطَ اللهُ عَليهم قال صلى الله عليه وسلم " .... وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ 0
ثالثاً ... كانَ الواجبُ النَّظر فيما كلَّفهم اللهُ تعالى فِعلَهُ من مُقاتلَةِ الكُفارِ ، والقِيامِ بِواجبِ الدَّفعِ ، لا النَّظر فيما فَعلُوهُ مِن تَركِ الجِهادِ ، والبُعدِ عن أمرِ اللهِ ، وجَعل ذلكِ تَشرِيعاً للأُمةِ ، خُصوصاَ وقد أجمعَت الأمةُ على دَفعِ العَدوِّ ، فإن فعلنَا هَذا فَقد جَعلنَا مِن فِعلِ أهلِ الأندلسِ حُجةٌ شرعيةٌ ، وهذهِ حَماقةٌ ليسَ بعدَها حَماقَة 0
رابعاً ... كانَ الواجبُ على من أفتى بِخروجِ أهلِها ، وهجرتِهم أن يُحرِّضَ بلادَ المغربِ والجَزيرةِ والشامِ للخروجِ لأجلِ استردادِ بلادِ الإسلامِ قبلَ أن يَذوبَ الإسلامُ في الكفرِ ، ولكِن كانَ الخُذلانُ من ذلكَ اليومِ ، وتَنازلَ اليومُ قُومُنا عن فِقهِ غِزوةِ الخَندقِ وكيفِ تعاملِ مَعهَا الرسولُ الكريم صلى الله عليهِ وسلمَ ، وكيفَ كَلَّف نفسَه القِتال وأصحابَهُ ، وأخذوا بِفقهَ خذلانِ الأندلس فيا لله العَجب من هذا السَفه !! ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ ، فقط لأنها تُوافقُ أهواءهم ، ولم يُبالوا بفعلِ الرسولِ الكريمِ ، ولا بإجماعِ الأمةِ على وجوبِ مدافعةِ العدوِّ الصائلِ ، وإن لم يَندفِع تَعينَ على الأمةِ قاطِبة 0
#.* سُؤالٌ حَتمَهُ الحَالُ *.#
إذا قُلنا إنَّ الطاقةَ لا تسمحُ لنَا بمدافعةَ الكفارَ ، ويجبُ عدم القتالِ ، فهل سيبقَى لأهلِ الإسلامِ حِصنٌ لم يحتلهٌ العدو ؟! الجواب لا .. لأنَّ أهلَ الإسلامِ لا يملِكونَ من القوَّةِ ما يقاربُ الأعداء فَضلاً على أن يكونَ هناك ثمةَ تكافؤٍ بينهم ، فَهل هذِهِ الدَّعوةُ ، وهذهِ الفتَاوى تَخدمُ الإسلامَ وأهلَهُ ؟ الجوابُ لا .. بل هي خِدمَةٌ للكفرِ واضحةٌ بَيِّنةٌ ، واللهُ حسبنَا ونِعمَ الوكيل ولا تَضرونَا إلا أذى 0
#.* رِسَالةٌ لِكُلِ مَن اعتَذرَ بِالضَعفِ لِدفعِ الصَائلِ *.#
( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) ، ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) ، ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) ولا تَكونوا كالَّذينَ قَالوا ( لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ) يا قومِ إن لم تستطيعوا قولَ الحَقِّ فلا تَقولوا البَاطلَ ، ولا أقولُ لَكم إلا كمَا قال نوحٌ لقومِهِ ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) وكمَا قالَ مُؤمنُ آلِ فرعونَ ( وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ) إني أحذِرُكم من اللهِ فاحذرُوهُ ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ) ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) 0
#.* رِسَالةٌ إلى عُلمَائِنَا *.#
( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ) ، ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) ، ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً )
#.* رِسَالَةٌ إلى أمرِيكَا ومَن حَالَفَهَا *.#
اللهُ مَعنَا ، اللهُ نَاصِرُنَا ، اللهُ مَولانَا ، اللهُ أكبر ، فإن مِتنَا أُخَذَنَا إلى جَنتِهِ ( وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ) يا أمريكا نحنُ نُقتلُ نعم ، نحنُ نُكلَمُ نعم ، نحنُ نُبلَى نعم ، ولَكن لا نُغلَبُ وربِّ مُوسى ، وخالقِ عيسى نحنُ لا نُغلَب ، لا لشيءٍ ، ولكِن لأنَّ اللهَ مَعنَا ، فإن قَتلتمونَا لِنسكُنَ الجَنَّة فَما أنتم فاعلونَ بقوةِ اللهِ ؟!! ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) لقد فَتحتَ بَاباً يا بُوش طَالَ انتِظارهُ لنُنَاجِزكم ، لأنكم أعداء للهِ ، ويا مرحباً بِالجنَّةِ فموتُ مليارٍ مِن أهلِ الإسلامِ شُهداء خَيرٌ لهم مِن حياةٍ كحياتِكم ، وخيرٌ لهم من حياتِهم اليومَ في ظِلِّ فسادِكم ، فانتظروا الموتَ بِكُلِّ مَرصدٍ ، وستنتهي هذهِ المَعركة بِجنَةٍ لنَا في الآخرةِ وعِزَّةٍ في الدُنيا ، وذِلَّةٍ لكم فِي الدُنيا وحَرقٍ في الآخرةِ ، فترصدوا إنَّا مُترصِدونَ ، ولا يَغرنَكَ عُملاء وجُهلاء أمتي ، لقد عَاشوا بَيننا مِن عَهدِ نبِيِّنا ، ولَكِنَّا بِفضلِ اللهِ قَهرنَاهم بِإيمانِنَا ، وغَرسنَا العِزةَ في أرضِكُم بأيدِينَا وذلكَ بِتوفيقٍ مِن اللهِ لنَا0
#.* رِسَالةٌ إلى سَاداتِ الإسلامِ *.#
إلى صَانعي المَجدِ ، وراكبي صَهوةِ العِزِّ ، إلى مُريِدِي الجِنَانِ ، ومُتيَمي الرحمنِ إذا اشتدَّ بِكم البَلاء فتَذكَّروا ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) ، وإذا جَمَعَ العَدوُّ عبَّادَ الدرهمِ والفَرجِ ، وتَألبوا فَتذكَّروا ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ... فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) ، وإذا رأيتم العُملاء قالوا عَنكم حَماسةٌ صماء ، وعَاطفةٌ عَمياء ، ومصيريةٌ دهماء فتَذكَّروا ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) وإذا أقبلَ الجُهالُ ، وأدعِياء العِلمِ يُنَظِّرونَ لَكم ويَتصدرونَ الفَتوى وهم قاعدونَ عن ( انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا ) فَتذكَّروا ( فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ، وإذا رأيتُم جُنودَ الشَّيطانِ عَظُمَ في الأُفقِ سَوادُ طائِراتِهم ،ومُجنزراتِهم ، فاستغِيثوا رَبَكم ، وتَذكَّروا ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) فإذا حَمِي الوَطِيس فاصبِروا ، وتَذكَّروا ( بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ ) بَعدهَا قُل لأمرِيكا ، ومَن حَالفَهَا ، ونَافقهَا قَاتِلوا ملائكة ربِّ المُؤمنينَ ونَاصرهم !!!
#.* أخِيراً *.#
بَعدَها أيُّها السَادةُ اعلموا أنَّ اللهّ اصطَفاكُم للقيامِ بِشرَّعِهِ ، ولا تَغتروا بِقولِ مَن قَالوا ( لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) وإيَّاكُم يَا عُصبة الإسلامِ أن تسمعوا لقومٍ يقولونَ ( لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ) ومَا قَالوا ذلكَ إلا ( لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ) فَهؤلاءِ ( َلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ) فلِذلكَ هُم لا يُجيدونَ التعامُل مع مُسدسٍ ، وآخِرُ نَصيحةٍ لَكُم ، إن أردتُم مُناصرةَ اللهِ لَكم بِملائِكتهِ ، وطَرد الغَلبة عَنكم ، مَهما كانت قوة عدوِّكُم فالزموا ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) فإن فَعلتُم أقسمُ بِاللهِ العَظيم يميناً أحمِلُ رايتها يومَ القِيامةِ للأممِ جَمعاء لينصُرنَكُم الله على أمرِيكا ، ومَن حَالَفَها ، ونَافقهَا ، وهُم بِكامِلِ عِددِهم وعُدتِهم ، وأنتُم على حَالِكم ، فثقوا بِنصرِ اللهِ ، دمتم والعز ، ودامَ العِزُّ لَكم 0
أحبَتي الكِرام أنصارُ الإسلامِ في هذهِ المُنتديَات نَظراً لِظروفٍ أمُرُّ بِها فأنَا لا أستطيعُ الدُخولَ للنت مِن قريبٍ ولا الرَد أو التَعقيب فلذلكَ أرجو نَشر هذا الموضوعِ نُصرةً لِدينِهِ ولصفوتِهِ المُجاهدينَ وإغاظة للعملاءِ قبلَ الأعداء ، وأرجو رفعَهُ في المُنتدياتِ لتَعُمَّ به الفَائِدة ولنَا أحبةٌ هُنا أثقُ أنَهم سيتولوا هذهِ المُهِِمة حُبَاً وكَرامَة 0
وكتَبهُ خَادِمُ الإسلامِ تَشرِيفَاً وتَكرِيمَاً لَهُ ابنُ القَريَّةِ الفَلَّاحُ المُعتَصِم