المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاعتراف بالهزيمة على الطريقة الأمريكية .الله واكبر



lkhtabi
28-12-2005, 11:46 PM
بقلم طلعت رميح:d

مفكرة الإسلام: مشاهد كثيرة لأحداث متواترة في العراق على صعيد الموقف الأمريكي بشكل خاص.

في المشهد الأول رأينا محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين وأركان الحكم الشرعي الذي أطاحت به قوات الاحتلال, وفي جلسات تلاحق ما سمح بالنشر منها يومًا بعد يوم على شاشات التلفاز, ثم - وعلي نحو مفاجئ - توقفت وتأجلت نحو شهر تقريبًا.



وفي المشهد الثاني كانت هناك الانتخابات المهزلة في المشاركين والإجراءات والنتائج، وآخر نتائجها المظاهرات التي خرجت مطالبة بإعادة الانتخابات, والتي في خلفيتها بدأ يظهر السفير الأمريكي في دوره المرسوم 'الجديد' بديلاً للجنرالات من جهة, وكمحكّم بين المختلفين على نتائج الانتخابات!



وفي المشهد الثالث كانت زيارة رامسفيلد إلى العراق والإعلان - أو الادعاء - بأنه زار الفلوجة وأعلن من هناك تقليص عدد القوات الأمريكية الموجودة في العراق.



وفي خلفية كل ذلك كان المشهد الرابع هو مهد خطاب 'الاعتراف' الذي ألقاه الرئيس الأمريكي في واشنطن، وفيه ظهر 'مكسور الجناح', يقول لشعبه: لست أطلب منكم أن تؤيدوا كل ما أقول.. ويعترف بأن معلومات المخابرات حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل كانت خطأً, ويحذر شعبه في الآن ذاته من معالجة أخطائه - هو - بخطأ أكثر خطورة بالانسحاب المتعجل من العراق.



فما الذي يجري أمريكيًا هنا وهناك؟! وما مغزى ما نراه من مشاهد؟! هل بدأت دورة الانسحاب الأمريكي من العراق لكن 'على الطريقة الأمريكية'؟! أم أننا أمام مناورات ومؤامرات لإطالة بقاء الاحتلال أمام مكابرة في إعلان الهزيمة؟! أم أمام طريقة لتمرير إعلان الهزيمة؟ ماذا يجري هناك؟!!



وصف الوقائع:

1- ظهور زاده: بدلاً من الجنرالات والمشاهد المسرحية التي كانوا يؤدونها في المؤتمرات الصحفية التي كنا نشاهدها يوميًا خلال العدوان الرئيس على العراق, أو بين حين وآخر خلال الرد على عمليات المقاومة، وكذا بعد انتهاء مرحلة بريمر وتحويل قوات الاحتلال الأمريكي إلى مسمى القوات متعددة الجنسيات، بات المصرح له بالظهور والحركة الإعلامية هو السفير الأمريكي في العراق.

مَن تابع ما يجري في العراق في الآونة الأخيرة يلحظ أن زاده بات هو المودع والمستقبل للمسئولين الأمريكيين, وأن لابسي البزات العسكرية تراجعوا في الإعلام، وأن زاده بات يتحدث مطولاً حول الأوضاع السياسية الداخلية في العراق من انتخابات وخلافات, كما بات ينبه ويؤنب ويقيم الموجودين في الحكم العميل. لقد رأينا زاده يتحدث عن أنه سيلعب دورًا في تقريب وجهات النظر بين المختلفين حول الانتخابات. كما رأيناه وهو يؤنب وزير الداخلية في حكومة العملاء ويصمه بالطائفية. وعلى صعيد الظهور أيضًا فقد رأينا زاده هو المستقبل لرامسفيلد والمرافق له, والذي تركز عليه الكاميرات وليس الجنرالات. فماذا يعكس هذا التغيير في مهمة أو في حالة أو في أوضاع زاده؟!

2- اعترافات بوش: في خطابه الأخير بدا الرئيس الأمريكي على نحو آخر غير الذي ظهر به وعليه من قبل خلال مراحل العدوان على العراق.

كانت الصورة التي ارتسمت في الأذهان للرئيس بوش قد تشكلت له وهو يصدر في كل يوم تصريحًا ضد العراق وصدام حسين, ثم وهو يعلن النصر في الحرب على العراق من فوق بارجة حربية, وما بدا عليه وقتها من لغة التحدي والزهو كمنتصر في الحرب، على خلاف تلك الصورة, وما كان يترافق معها من لغة خطاب تظهر بوش رئيسًا حاسمًا قويًا منتصرًا أو مصممًا على أفكاره وأقواله، ظهر الرئيس بوش في خطابه المتلفز الأخير، وكأنه في حالة شاملة من 'الاعتراف' بالأخطاء الواحد تلو الآخر، حتى بات ملخص ما قاله أنه يحذر - ويدافع - عن خطر عدم تقدير نتائج التراجع غير المنظم عن الخطأ الذي ارتكبه هو، حيث النتائج ستكون كارثية. في ذلك الخطاب اعترف الرئيس الأمريكي بمسئوليته عن قرار الحرب, رابطًا الاعتراف بخطأ الكثير من معلومات المخابرات التي استند إليها في القرار حول أسلحة الدمار الشامل، كما نوّه إلى أنه لا يتوقع من الأمريكيين أن يؤيدوا كل أفعاله - وهو الذي كان يدعو الأمريكيين إلى العكس – كما بات يشدد على أن الأسوأ لم ينتهِ بعد في العراق، وإن كان حاول تصوير نفسه بصورة القادر - رغم كل الأخطاء والمآسي - على تحقيق النصر. بوش وجّه انتقادات حادة إلى خصومة, ووصف الذين يطالبون بسحب القوات الأمريكية من العراق بأنهم أصحاب روح انهزامية, وأنهم يستسلمون لليأس، الأمر الذي أظهر أنهم باتوا أكثر قوة وتأثيرًا على قرارات إدارته.

علامات ضعف الرئيس بوش كانت عديدة في هذا الخطاب, لعل أهمها أنه بات يتحدث بلغة الخطاب الإعلامي, أو أنه عاد ليفتش في أسلحته أو دفاتره القديمة، حيث عاد إلى حكاية المقابر الجماعية، كما عاد ليلتف حول أكذوبة أسلحة الدمار الشامل حين أشار إلى أن العراق كان لديه قدرة على إعادة إحياء برامج لأسلحة الدمار الشامل, وأن صدام كان له تاريخ في السعي لامتلاك واستخدام أسلحة الدمار الشامل. فهل يعكس خطاب بوش نمطًا من المراوغة في الاعتراف بالهزيمة؟ أم خطوة أبعد في الاستعداد لإعلان الهزيمة؟ أو بالدقة خطوة أبعد في خطة إعلان الهزيمة بطريقة لا تنزف فيها دماؤه السياسية أكثر مما نزفت؟!!

3- ألاعيب رامسفيلد: جاءت 'زيارة' رامسفيلد إلى العراق لتؤكد استمرار عدم قدرة أي مسئول أمريكي إعلان قيامه بزيارة العراق إلا بعد وصوله, وربما ما نراه في الإعلام لا يظهر لنا إلا بعد أن يكون قد غادر.



تميزت هذه الزيارة بأمرين: أولهما أن رامسفيلد أعلن أنه زار الفلوجة، وأنه أدلى بتصريحات - في الفلوجة - هي الأولى من نوعها التي تتحدث عن تقليص عدد القوات الأمريكية في العراق, والتركيز على تدريب القوات العراقية.

لِمَ أعلن أن الزيارة كانت للفلوجة؟! ولِمَ جاء إعلان تقليص القوات من هناك؟! وهل حقًا يجري تقليص القوات؟! وماذا يقصد رامسفيلد وما علاقة ما قاله بما جاء في خطاب بوش؟!!

4- محاكمة صدام: بمناسبة الانتخابات العراقية المهزلة, وفي أجوائها, عادت سلطة الاحتلال إلى لعبة محاكمة الرئيس صدام وإخوانه. جرت عدة جلسات بشكل متسارع أتيح خلالها لصدام ومن معه من قادة العراق أن يتحدثوا أمام الإعلام. ورغم أن الصوت كان يقطع بين الحين والآخر, إلا أن صدام ظهر مجددًا على الشاشات يحاور ويناقش ويهاجم قوات الاحتلال, ويحمل على هيئة المحاكمة ويناقش الشهود, ويعلن عن عمليات تعذيبه, ويفوّت قدرًا من المعلومات حول طريقة القبض عليه وما يجري معه وإخوانه... إلخ.

ورغم أن المحاكمة كان يبدو من سير إجرائها أنها متواصلة, سواء لسماع شهادات الشهود - المزورين أو المزيفين - إلا أن الجميع فوجئ بخبر عاجل في المساء يعلن تأجيل المحاكمة لنحو شهر بعد أن واجه برزان التكريتي رئيس المحكمة بأن اثنين من هيئتها عضوان بحزب البعث, ما أحدث إرباكًا وهدمًا لكل اللعبة.

فما الذي جري؟! ولِمَ اتخذ القرار في المساء المتأخر بالتأجيل؟! وما علاقة ذلك بخطاب بوش وزيارة رامسفيلد... إلخ.



تحليل الوقائع:

1- زالماي ودور جديد: المتابع لتحركات زاده يلحظ أنه بدأ يظهر في نمط جديد. لقد بدأ الاحتلال بالدور العسكري المباشر للسيطرة على الأوضاع، حيث كان الجنرالات هم المتصدرين لشاشات الإعلام, وبعدها صار تعيين بول بريمر 'حاكمًا للعراق', مع الترويج لوصفه بأنه 'حاكم مدني للعراق', في قصد للترويج لفكرة أن الولايات المتحدة لم تأت إلى العراق لاحتلاله، ثم حضر نجروبونتي باعتباره هو الآخر متخصصًا في شئون 'الإرهاب' مثله مثل بريمر, ولكن بصفة سفير، إلى أن وصلنا إلى زالماي خليل زاده. هذا التطور والتغيير في الأشخاص والصفات ليس أمرًا عفويًا, بل هو تعبير سياسي عن طبيعة كل مرحلة.



في حالة زاده الآن فإن الولايات المتحدة تستهدف أمرين:

الأول: هو إدارة الصراع في العراق وفق آليات الصراع السياسي الداخلي - وزاده معروف بخبراته الواسعة في هذا المجال - وبما يخفي بشكل تدريجي صفة الاحتلال العسكري الأمريكي أمام أعين العراقيين - مع بقاء القوة العسكرية الأمريكية في الظل الإعلامي والفعل الحقيقي وعلى أرض الواقع-.

والثاني: أن يأتي الانسحاب فيما بعد دون صفة الهزيمة العسكرية، حيث إن صفة زاده هذه تضمن صيغة لتزييف الواقع، فإذا تطورت الأوضاع إلى حالة حاسمة على يد المقاومة فإن القوات الأمريكية ستنسحب بشكل غير واضحة فيه دلالات الهزيمة وتحت الغطاء السياسي والدبلوماسي من الظهور الإعلامي والإدارة السياسية لزاده.

2- تراجع بوش أم هزيمة: في تحليل خطاب بوش الأخير، فإن الخلاصة هي أنه وضع نفسه على المحك الكامل, أو أصبح يراهن على ورقة أخيرة هي موقعه ونفسه. هو قال: إنه المسئول عن قرار الحرب, ما يعني أن أحدًا إلى جواره لم يعد قادرًا على تحمّل الهجوم الكاسح الذي يجري داخليًا ضد قرار الحرب, أو هو فتح الباب على نفسه باعتبار أنه المسئول عن كل ما جرى, وليس رامسفيلد ولا تشيني، كما هو أطلق محاولة لحشد الجمهوريين خلفه هو لا خلف سياسته فقط, وإظهار أنه المعرض للخطر شخصه وموقعه، وهي رسالة يفهم منها كل النواب الجمهوريين أن أحدًا منهم لن ينجح في الانتخابات المقبلة، حيث الحملات المضادة للحرب ترتبط ببقائه في موقعه بالرئاسة الذي يحميهم ويحمونه. وهو خيّر الأمريكيين بين البقاء في العراق أو التعرض لكوارث، كما هاجم منتقديه وألصق لهم صفة الاتهام بالضعف والانهزامية, وأنهم لن يجبروه على تلطيخ شرف الولايات المتحدة بالانسحاب.

والمتابع للظروف والأجواء التي ألقى فيها الرئيس بوش خطابة الأخير في سلسلة الخطابات الموجهة للشعب الأمريكي، يحتار في تحديد أي من الأسباب الذي جعل الرئيس بوش يظهر بهذه الصورة الضعيفة والمطالبة للآخرين بالحذر في إصلاح أخطائه، حيث العوامل كثيرة. فهناك الخسائر التي تصاعدت في العراق إلى درجة باتت تؤثر بدرجة كبيرة على أية مصداقية لكل حديث حول تحقيق النصر في العراق، وهناك تدني شعبية الرئيس بوش إلى أدنى مستوى لها منذ بداية وصوله إلى البيت الأبيض، وهناك القضية التي انفجرت في وجه الإدارة الأمريكية حول التصنت على المواطنين الأمريكيين, والتي جعلت أعضاءً من الحزبين يطالبون بإجراء تحقيق فوري لا شك أن الرئيس لن ينجو منه، حيث هو طالب بمد العمل بقانون الوطنية بدون سقف زمني، فانتهت المناقشات إلى مد العمل به لمدة شهر واحد فقط.

3- ألاعيب رامسفيلد: كانت زيارة رامسفيلد حاملة لدلالات مهمة، فهي من ناحية إما استكشافًا لاحتمالات وإمكانيات أن يزور بوش العراق بمناسبة أعياد الميلاد في محاولة أخيرة لإنقاذ نفسه، وإما أنها بديل لزيارة بوش ولزيارة ديك تشيني التي انقطعت لأسباب غامضة, أبسط تفسير لها أنها جاءت لكي يكون هو نفسه في المواجهة الدائرة حول قانون الوطنية بعدما تفلت كثير من أعضاء الحزب الجمهوري. لكن اللافت أن إعلان خفض القوات قيل إنه صدر في الفلوجة فيما فهم أنه رسالة من مكان الهزيمة السابق، وأن القصد من ذلك هو تقليل نتائج إعلان سحب القوات باعتبارها تصدر من مكان كان عنوانًا للهزيمة، وكذا هو جاء تدعيمًا لمعانٍ جاءت في خطاب بوش من زاوية أن النصر سيتحقق أو أن إنجازات تتحقق مع الصبر!

4- محاكمة صدام: اللافت في محاكمة صدام وأعضاء القيادة العراقية أن هؤلاء نجحوا في قلب المحاكمة رأسًا على عقب, أو هم حققوا أهدافهم على عكس ما تصور الذين نظموا تلك المحاكمة وحددوا توقيتها. من ناحية الشكل فإن الصورة التي جرى رسمها لصدام أيام اعتقاله والتشويه الإعلامي المخطط والمقصود والمبرمج له ولصورته قد انهارت بظهور صدام قويًا في إرادته وفي تمسكه بالحقوق الوطنية والقومية العراقية, كما أن صدام بدا مسلمًا متفقهًا حريصًا على إبراز هويته الإسلامية, بل إن صدام قد استفاد منها كما لم يستفد طوال فترة حكمه من طرح شخصيته كمثقف ومحاور بما أنهى عنه صبغة الديكتاتور الذي غالبًا ما يصوَّر على أنه لا يفهم سوى لغة الدم والقتل وإصدار القرارات المتغطرسة.

واللافت في المحاكمة أن ليس صدام هو من بدا وحده مسيطرًا على الجلسة إلى درجة خوف أعضاء المحكمة منه والضعف أمامه في الجدل والظهور بمظهر بغيض أمام أعين المشاهدين, بل إن الآخرين من الذين يحاكمون معه ظهروا كأناس أقوياء في حجتهم ومنطقهم, وأنهم ليسوا مجرد أزلام وتبع. في نقاشات طه ياسين رمضان وبرزان التكريتي حضر المنطق القوي في مواجهة الشهود, وحضرت المحاجة والندّية للقضاة والادعاء, كما وضحت القدرات الذهنية العالية على مستوى التحليل وأظهر التناقضات. والأهم أن صدام ومن معه لم يتركوا فرصة للنيل من دولة الاحتلال إلا واقتنصوها.

واللافت أيضًا أن القضية التي اختارها أصحاب قرار المحاكمة لكي تكون البداية لإحداث شرخ أوسع في العلاقات الداخلية العراقية قد انقلبت إلى مسخ كاريكاتوري أمام المشاهدين، ففي الوقت الذي أراد منها صانعوها أن تكون مركزة على فكرة الاضطهاد العرقي أو المذهبي فإنها انقلبت إلى حالة من حالات اتهام لمن حاولوا اغتيال صدام بتهمة تهديد نظام شرعي. كما أن المحاكمة أثبتت عدم قدرة القوات الأمريكية والقوات العميلة على 'حماية الشهود', الذين ليس فقط لم يظهر الكثيرون منهم, بل إن المحكمة تخوفت من أن تُعرف شخصياتهم من أصواتهم في الخارج, فجرى التدخل الفني لإخفائها. تأجلت المحاكمة أو أوقفت لإعادة ترتيبها من جديد.



ماذا يجري؟!

ما يجري في كل هذه المشاهد لا يخرج عن احتمالين:

الاحتمال الأول: أن الولايات المتحدة تكابر في إعلان الهزيمة, وتحاول الحصول على أعلى المكاسب من خلال السياسة والإعلام والديبلوماسية لتحقيق ما فشلت في تحقيقه بالقوة العسكرية. وهنا تأتي عملية تغيير صفة زاده والألاعيب الخاصة بالانتخابات ومحاولة استثمار محاكمة صدام. ومن قبلها ألاعيب إدخال الجامعة العربية في اللعبة داخل العراق. وكذا يأتي الاعتراف المخادع بالخطأ من قِبل بوش، وزيارة رامسفيلد إلى الفلوجة ليعلن تخفيض للقوات - لن يسحب جندي واحد من العراق, وإنما الأمر يتعلق بعدم إرسال دفعة من القوات كان مفترضًا إرسالها من الولايات المتحدة, وبسحب دفعة أخرى من الكويت قبل دخولها العراق-.

والاحتمال الثاني: وهو الأرجح, أن الولايات المتحدة قررت الانسحاب من العراق, وأن ما نراه هو تغطية على الانسحاب وتحضيرات له, بحيث يأتي بأقل حجم من الخسائر. وهو ما يؤيده أن المعلومات الصادرة عن الكونجرس باتت تتحدث فقط عن توقيت الانسحاب وطريقته لا عن قرار الانسحاب باعتباره قرارًا متخذًا. وأن القوات الأمريكية باتت في العراق في حالة انكماش في العمليات في مستوى عملياتها لا في حالة هجوم موسع. كما يفهم من تخفيف الضغط على سوريا أن ثمة تقديرًا أمريكيًا لأهمية الدور السوري مع المقاومة العراقية, والسعي لتفاهمات معها لعل أحد مؤشراتها الوثيقة التي أعلن عنها مؤخرًا خير الدين حسيب. وتأتي محاكمة صدام في الإطار ذاته إذ هي تطور إعلامي وسياسي محسوب لتخيف بعض الأطراف في العراق.



وأخيرًا فإن خطاب بوش يمكن أن يُقرأ على أنه إقرار بنصف الحقيقة أو نصف الهزيمة، في انتظار الاعتراف بالنصف الآخر ألا وهو الانسحاب, وكان مؤشر ذلك توقيت إعلان رامسفيلد بغض النظر عن عدد القوات المنسحبة وتأثيرها على الوضع العسكري على الأرض.