منصور بالله
28-12-2005, 08:01 PM
السنة والمشروع الأمريكي .. تعاون أم تقاطع
السنة والمشروع الأمريكي .. تعاون أم تقاطع ؟؟
كتب : د. عبد الله يوسف الجبوري
يتزايد الحديث في الأوساط العراقية عن قضية التعاون الأمريكي مع العرب في تمرير المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ن ولكن ذلك ربما يبدو ضرب من الخيال في وقت باتت فيه الكثير من الوراق مكشوفة لا سيما المماطلة الإيرانية في قضية المشروع النووي الإيراني وتجاهل القوى الفاعلة في المنطقة العربية والدول المجاورة لقضية إحتلال إيران لعدد من الجزيرة التي هي أصلا من أرض دولة الإمارات العربية المتحدة في حين أن أمريكا لها مصالح متبادلة ومشتركة مع دول الخليج بشكل متميزة ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة . الأمر الذي يفسر أن أمريكا عندما تريد لمشروعها أن يتحقق في المنطقة العربية فإن الإعتماد على إيران قد يشكل إعتمادا شبه كلي بسبب أن إيران لديها مصالح بعيدة المدى ولا سيما في مواجهة الســلفية الإسلامية والتطرف على حد تعبير أمريكا نفسها .
إن السبب يكمن في أن إيران تخطط لإستعادة أحلامها الفارسية الضاربة في عمق التاريخ حيث كانت لها سيطرة تامة على أكثر مناطق العراق ومناطق الخليج ولا سيما عربستان الشاهد الحي . لذلك فتعاونها مع أمريكا ولنقل مع إسرائيل ينبع من قضية العودة الى خلفية تاريخية مشتركة في أرض العراق التي تعد احد أهم مرتكزات نجاح المشروع الأمريكي وهي جزء من أرض الميعاد التي تحرص أمريكا على تحقيق هذا الحلم والذي يلتقي مع الأطماع الفارسية القديمة في أستعادة ممتلكات إمبراطوريتها القديمة في ارض الرافدين .
ومن هنا نجد من الصعب أن نتصور أن أمريكا يمكنها أن تمرر مشروعها بدون تعاون أطراف ربما يختلفون في بعض من الإتجاهات لكنهم يتفقون على دعم المشروع الأمريكي ، هذا المشروع تبلور ليس في السنوات الثلاثة الأخيرة وهي فترة إحتلال العراق بل ، ينتمي الى حقبة المخطط الأمريكي في السبعينات وهو نتاج للفكر الأمريكي الذي قاده ووجهه كل من كيسنجر وبريجينسكي ، وهما الضليعان في هذا الميدان حقيقة .
وعلى هذا الأساس يجب الفهم أن أمريكا عندما غزت العراق اعتمدت على إتجاهين :
أولا إتجاه المظلومية الطائفية والعرقية ، وهو إتجاه يمكن أن نراه فكر أمريكي بتنفيذ قوى عراقية مثل الدكتور أحمد الجلبي والسيدين جلال الطالباني ومسعود البارزاني في أن السنة يقفون على رأس هذه المظلومية وعليه لا بد من دعم الشيعة والأكراد من اجل إنهاء معاناة الشعبين الكردي كقومية مشاركة في العراق والشعب العراقي من الطائفة الشيعية وهو ما يدعم إتجاه تقف إيران وراءه .
ثانيا : تدمير البنى التحتية وهذا باتفاق مع دول المنطقة وأهمها في ذلك دولة الكويت وإيران لما يريانه تطورا لا يمكن مواجهته فقط بالإحتلال بل يجب تدمير كل شيء لإعادة البناء وفق منظور أمريكي وبلمستين قومية من وجهة نظر الكويت ودينية من وجهة نظر إيران .
هذه الأمور لم تكن في حسابات السنة لا في العراق ولا حساب من يتصورونه حلفاءهم بأعتبار أن العراق غرق في الفوضى وكان يتصور السنة أن صدام ربما يبقى في الحكم بعد مفاوضات مع أمريكا أو بدعم دولي وعربي ، أو أن صدام لا يمكن أن يستمر وهذا يستلزم أن تتوافر الكثير من المتغيرات سواء في الموقف العراقي أو الموقف الأمريكي على وجه الدقة وهذا لم يحصل الأمر الذي جعل السنة يعيشون حالة من عدم التوازن مما حدى بالبعض منهم الى التسليم بكل شيء سواء للقوى الشيعية التي اشتغلت على المظلومية لأكثر من ثلثي قرن أو اللجوء الى الأكراد وهم كذلك لديهم مظلومية تصل الى أكثر من قرن وهي المظلومية القومية ، وهذا أسهم في لجوء الجميع الى أمريكا تحديدا .
وبما أن المشروع الأمريكي أصلا يعتمد على عمليات تفتيت عرقي وديني وطائفي في الشرق الأوسط ، ولأن الشيعة ومن خلال الدور الإيراني المرسوم في التوافق سرا مع أمريكا ، فأنهم باتوا في حكم المشارك أصلا في هذا المشروع لإعتبارات تستند في حقيقتها أولا على المظلومية أو على التخلص من نظام وظلم صدام ثانيا ، فقد أصبح السنة هم الهدف الذي تسعى أمريكا للوصول أليه وهذا ما جعل المشروع العراقي (( ما يسمى بالديمقراطية )) إما تدمير المناطق السنة وبدون تردد أو أن يدخل السنة في المشروع الجديد (( العملية السياسية )) وهو أمر لا بد للكل أن يراه أمرا واقعا وفعلا أصبح إشتراك السنة بمثابة من يلهث وراء سراب ، والحقيقة أن الدور الإيراني لا يمكن أن يعطي للسنة أية مشروعية في المشاركة بالحكم ، وكذلك إسرائيل ترى في السنة عائق أمام مشروعها طويل الأمد ، والسبب هو أن الأكراد أصبحوا ضمن مخطط إسرائيلي واضح من خلال تعاون إقتصادي مشترك قد يخلق فرص أكثر للأكراد في بناء دولة المستقبل لهم .
لقد حقق بعض السنة الكثير مما كانت أمريكا تريده ن فعندما رفضوا العملية السياسية كان الحزب الإسلامي العراقي بديلا عنهم في مجلس الحكم ، وعندما بدأت عمليات إذابة هذا الحزب في تيارات أمريكية خالصة ، جاء دور مجلس الحوار الوطني الذي هو الآخر قدم فرصة سهلة لأمريكا ليس لدمج السنة في مشروعها بشكل محدد بل في منحها فرصة تدمير مدن السنة تدميرا شاملا حيث تم وسم المقاومة بالإرهاب في الوقت الذي كان أعضاء مجلس الحوار والحزب الإسلامي يلهثون وراء مواقع سياسية ضمن المشروع الأمريكي ، مما دفع ببقية السنة في مناطق عديدة الى الإرتباط بشكل أو بآخر بما هو مطلوب .
لقد شكل مؤتمر القاهرة غطاء سنيا حقيقيا للإحتلال الأمريكي في العراق فتم تجاهل المقاومة وبات الكل يحلم بان يتحدث مع الأمريكيين عن المقاومة ومشروعها في تحرير البلاد ، وتؤكد حقائق التواجد المكثف للسنة في مؤتمر القاهرة ما نذهب إليه حيث أن الذين رفضوا البقاء في العراق تحت الإحتلال قبلوا أن يكونوا طرفا تحت المظلة التي خلقت في القاهرة وهي مظلة الإحتلال بدون أي تردد .
من هنا لا بد من تقسيم العراق الى مع الإحتلال بكل مستلزماته ومتطلباته وبين من هو ضد الإحتلال ن والطرف الأول بات أكثر من الطرف الثاني ، وحقيقة أن توافق السنة مع المشروع الأمريكي كان ولا زال حلما أمريكيا وعراقيا بالنسبة للأطراف التي جاءت مع الإحتلال ، وما نراه من تجاذب في سبيل مقاعد الجمعية يعبر حقيقة عن التهافت السني قبل غيره على التوافق لا التقطع مع المشروع الأمريكي ، لأن السنة هناك من يعول عليهم في المنطقة العربية وبالذات منطقة الخليج التي أصبحت هدفا للتفتيت الطائفي الذي تقوده إيران بمباركة أمريكية ، وما تقوم به قوائم السنة الآن في التوافق مع الدكتور أياد علاوي او القبول بالمشروع السياسي برمته إنما هو قبول بالمشروع الأمريكي .
السنة والمشروع الأمريكي .. تعاون أم تقاطع ؟؟
كتب : د. عبد الله يوسف الجبوري
يتزايد الحديث في الأوساط العراقية عن قضية التعاون الأمريكي مع العرب في تمرير المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ن ولكن ذلك ربما يبدو ضرب من الخيال في وقت باتت فيه الكثير من الوراق مكشوفة لا سيما المماطلة الإيرانية في قضية المشروع النووي الإيراني وتجاهل القوى الفاعلة في المنطقة العربية والدول المجاورة لقضية إحتلال إيران لعدد من الجزيرة التي هي أصلا من أرض دولة الإمارات العربية المتحدة في حين أن أمريكا لها مصالح متبادلة ومشتركة مع دول الخليج بشكل متميزة ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة . الأمر الذي يفسر أن أمريكا عندما تريد لمشروعها أن يتحقق في المنطقة العربية فإن الإعتماد على إيران قد يشكل إعتمادا شبه كلي بسبب أن إيران لديها مصالح بعيدة المدى ولا سيما في مواجهة الســلفية الإسلامية والتطرف على حد تعبير أمريكا نفسها .
إن السبب يكمن في أن إيران تخطط لإستعادة أحلامها الفارسية الضاربة في عمق التاريخ حيث كانت لها سيطرة تامة على أكثر مناطق العراق ومناطق الخليج ولا سيما عربستان الشاهد الحي . لذلك فتعاونها مع أمريكا ولنقل مع إسرائيل ينبع من قضية العودة الى خلفية تاريخية مشتركة في أرض العراق التي تعد احد أهم مرتكزات نجاح المشروع الأمريكي وهي جزء من أرض الميعاد التي تحرص أمريكا على تحقيق هذا الحلم والذي يلتقي مع الأطماع الفارسية القديمة في أستعادة ممتلكات إمبراطوريتها القديمة في ارض الرافدين .
ومن هنا نجد من الصعب أن نتصور أن أمريكا يمكنها أن تمرر مشروعها بدون تعاون أطراف ربما يختلفون في بعض من الإتجاهات لكنهم يتفقون على دعم المشروع الأمريكي ، هذا المشروع تبلور ليس في السنوات الثلاثة الأخيرة وهي فترة إحتلال العراق بل ، ينتمي الى حقبة المخطط الأمريكي في السبعينات وهو نتاج للفكر الأمريكي الذي قاده ووجهه كل من كيسنجر وبريجينسكي ، وهما الضليعان في هذا الميدان حقيقة .
وعلى هذا الأساس يجب الفهم أن أمريكا عندما غزت العراق اعتمدت على إتجاهين :
أولا إتجاه المظلومية الطائفية والعرقية ، وهو إتجاه يمكن أن نراه فكر أمريكي بتنفيذ قوى عراقية مثل الدكتور أحمد الجلبي والسيدين جلال الطالباني ومسعود البارزاني في أن السنة يقفون على رأس هذه المظلومية وعليه لا بد من دعم الشيعة والأكراد من اجل إنهاء معاناة الشعبين الكردي كقومية مشاركة في العراق والشعب العراقي من الطائفة الشيعية وهو ما يدعم إتجاه تقف إيران وراءه .
ثانيا : تدمير البنى التحتية وهذا باتفاق مع دول المنطقة وأهمها في ذلك دولة الكويت وإيران لما يريانه تطورا لا يمكن مواجهته فقط بالإحتلال بل يجب تدمير كل شيء لإعادة البناء وفق منظور أمريكي وبلمستين قومية من وجهة نظر الكويت ودينية من وجهة نظر إيران .
هذه الأمور لم تكن في حسابات السنة لا في العراق ولا حساب من يتصورونه حلفاءهم بأعتبار أن العراق غرق في الفوضى وكان يتصور السنة أن صدام ربما يبقى في الحكم بعد مفاوضات مع أمريكا أو بدعم دولي وعربي ، أو أن صدام لا يمكن أن يستمر وهذا يستلزم أن تتوافر الكثير من المتغيرات سواء في الموقف العراقي أو الموقف الأمريكي على وجه الدقة وهذا لم يحصل الأمر الذي جعل السنة يعيشون حالة من عدم التوازن مما حدى بالبعض منهم الى التسليم بكل شيء سواء للقوى الشيعية التي اشتغلت على المظلومية لأكثر من ثلثي قرن أو اللجوء الى الأكراد وهم كذلك لديهم مظلومية تصل الى أكثر من قرن وهي المظلومية القومية ، وهذا أسهم في لجوء الجميع الى أمريكا تحديدا .
وبما أن المشروع الأمريكي أصلا يعتمد على عمليات تفتيت عرقي وديني وطائفي في الشرق الأوسط ، ولأن الشيعة ومن خلال الدور الإيراني المرسوم في التوافق سرا مع أمريكا ، فأنهم باتوا في حكم المشارك أصلا في هذا المشروع لإعتبارات تستند في حقيقتها أولا على المظلومية أو على التخلص من نظام وظلم صدام ثانيا ، فقد أصبح السنة هم الهدف الذي تسعى أمريكا للوصول أليه وهذا ما جعل المشروع العراقي (( ما يسمى بالديمقراطية )) إما تدمير المناطق السنة وبدون تردد أو أن يدخل السنة في المشروع الجديد (( العملية السياسية )) وهو أمر لا بد للكل أن يراه أمرا واقعا وفعلا أصبح إشتراك السنة بمثابة من يلهث وراء سراب ، والحقيقة أن الدور الإيراني لا يمكن أن يعطي للسنة أية مشروعية في المشاركة بالحكم ، وكذلك إسرائيل ترى في السنة عائق أمام مشروعها طويل الأمد ، والسبب هو أن الأكراد أصبحوا ضمن مخطط إسرائيلي واضح من خلال تعاون إقتصادي مشترك قد يخلق فرص أكثر للأكراد في بناء دولة المستقبل لهم .
لقد حقق بعض السنة الكثير مما كانت أمريكا تريده ن فعندما رفضوا العملية السياسية كان الحزب الإسلامي العراقي بديلا عنهم في مجلس الحكم ، وعندما بدأت عمليات إذابة هذا الحزب في تيارات أمريكية خالصة ، جاء دور مجلس الحوار الوطني الذي هو الآخر قدم فرصة سهلة لأمريكا ليس لدمج السنة في مشروعها بشكل محدد بل في منحها فرصة تدمير مدن السنة تدميرا شاملا حيث تم وسم المقاومة بالإرهاب في الوقت الذي كان أعضاء مجلس الحوار والحزب الإسلامي يلهثون وراء مواقع سياسية ضمن المشروع الأمريكي ، مما دفع ببقية السنة في مناطق عديدة الى الإرتباط بشكل أو بآخر بما هو مطلوب .
لقد شكل مؤتمر القاهرة غطاء سنيا حقيقيا للإحتلال الأمريكي في العراق فتم تجاهل المقاومة وبات الكل يحلم بان يتحدث مع الأمريكيين عن المقاومة ومشروعها في تحرير البلاد ، وتؤكد حقائق التواجد المكثف للسنة في مؤتمر القاهرة ما نذهب إليه حيث أن الذين رفضوا البقاء في العراق تحت الإحتلال قبلوا أن يكونوا طرفا تحت المظلة التي خلقت في القاهرة وهي مظلة الإحتلال بدون أي تردد .
من هنا لا بد من تقسيم العراق الى مع الإحتلال بكل مستلزماته ومتطلباته وبين من هو ضد الإحتلال ن والطرف الأول بات أكثر من الطرف الثاني ، وحقيقة أن توافق السنة مع المشروع الأمريكي كان ولا زال حلما أمريكيا وعراقيا بالنسبة للأطراف التي جاءت مع الإحتلال ، وما نراه من تجاذب في سبيل مقاعد الجمعية يعبر حقيقة عن التهافت السني قبل غيره على التوافق لا التقطع مع المشروع الأمريكي ، لأن السنة هناك من يعول عليهم في المنطقة العربية وبالذات منطقة الخليج التي أصبحت هدفا للتفتيت الطائفي الذي تقوده إيران بمباركة أمريكية ، وما تقوم به قوائم السنة الآن في التوافق مع الدكتور أياد علاوي او القبول بالمشروع السياسي برمته إنما هو قبول بالمشروع الأمريكي .