المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اعراض حرب فيتنام تظهر على العراق -مقال مترجم منقول



abufatima1
24-12-2005, 09:47 PM
أعراض حرب فيتنام تظهر على العراق



تقارير مترجمة :عام :السبت 22 ذي القعدة 1426هـ – 24 ديسمبر 2005م



ترجمة: زينب كمال



جون موللر

دورية 'فورين أفيرز' نوفمبر/ديسمبر 2005



مفكرة الإسلام: في الفترة منذ عام 1945 وحتى الآن تم إرسال القوات الأمريكية إلى العديد من الأماكن الخطرة حول العالم. ولكنه لم يستدرج إلا في ثلاثة فقط من هذه الحروب- في كوريا وفيتنام والعراق- إلى معارك على أراض صلبة, حيث عانت الولايات المتحدة من مقتل ما يزيد عن 300 شخص أثناء تلك الحروب. ويعد الرأي العام الأمريكي عاملاً رئيسًا في الحروب الثلاثة, حيث أن هناك معادلة بسيطة مشتركة بين هذه الحروب الثلاثة وهي: تناقص الدعم الشعبي كلما ازدادت الخسائر. وفي كل الحالات يقل الحماس الكبير الذي استهلت به الحرب.



ويعد الأمر الوحيد اللافت للنظر في الحرب الحالية في العراق هو مدى السرعة التي انخفض بها دعم الرأي العام الأمريكي. فمع استمرار الخسائر, هبط الدعم الأمريكي للحرب بصورة أسرع بكثير من انخفاضه خلال كل من الحرب الكورية وحرب فيتنام. ويشير التاريخ إلى أنه ليس هناك إلا القليل أمام إدارة بوش لتفعله كي ترد هذا الانخفاض.

ومما يفوق هذا في الأهمية, هو أن تأثير انهيار الدعم لن ينتهي بانتهاء الحرب. ففي أعقاب حربي كوريا وفيتنام, نما لدى الشعب الأمريكي كراهية شديدة للدخول في أي من هذه المغامرات مرة أخرى. ويبدو أن شعور مماثل لما يسمى بأعراض فيتنام يتنامى الآن لدى القوات الأمريكية , مما سيكون له تأثير هام على السياسة الخارجية للولايات المتحدة يستمر لسنوات بعد أن تغادر آخر كتيبة أمريكية أرض العراق.


مئات من الضحايا
أثناء عملية إرسال القوات إلى هناك, قدم الشعب الأمريكي دعما كبيرا للعمليات العسكرية في كل من كوريا وفيتنام والعراق. وفي الحروب الثلاثة, يبدأ الدعم في التناقص مع تزايد أعداد الضحايا, سواء أكانت تلك الخسائر في صفوف المجندين أو المتطوعين أو في صفوف الاحتياطي. وفي كل حالة, كانت الزيادة في عدد الأشخاص الذين رأوا- في مراحل الحرب الأولى - أن هذه الحرب كانت خطأ كبيرة جدا, فسرعان ما تراجع المؤيدون ممن قبلوا الدخول في الحرب على مضض. وتقل سرعة الانخفاض كلما اقتربنا من القلب الأكثر صلابة لجماعات المؤيدين [يعكس الانخفاض المبكر والمفاجئ في الدعم المؤيد للحرب في كوريا الأعداد الكبيرة من الضحايا الذين عانوا في الطور الأول من هذه الحرب].



وعندما نعقد مقارنة بين الحروب الثلاثة, فإن أشد ما يلفت الانتباه هو أن الدعم في حالة حرب العراق انخفض بسرعة تفوق بكثير سرعة انخفاضه في الحربين الأخرتين. فبحلول عام 2005, أي في الوقت الذي بلغ فيه عدد القتلى في المعارك حوالي ألف وخمسمائة قتيل بحسب الأرقام المعلنة للجيش الأمريكي, فإن نسبة الأشخاص الذين أجابوا بأن حرب العراق كانت خطأ, والتي تجاوزت النصف, كانت تقريبا نفس النسبة التي تمثل الأشخاص الذين اعتبروا أن حرب فيتنام كانت خطأ في أثناء هجوم تيت عام 1986, والتي لقي خلالها حوالي 20 ألف جندي مصرعه.

ويمكن أن نرجع تناقص القدرة على تحمل الخسائر إلى أن الشعب الأمريكي قلل من قدر المخاطر التي يشكلها العراق بصورة أكبر بكثير من تقييمه للمخاطر في كل من كوريا وفيتنام. فقد تم التقليل من أهمية التهديدات التي ساد الاعتقاد بأن العراق يمثلها للولايات المتحدة والمتمثلة في حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل ودعمه للإرهاب العالمي.



وبانتهاء هذه المبررات, بقيت حرب العراق على اعتبار أنها نوع ما من المهام الإنسانية. وكما قال فرانيسز فوكوياما, فإن 'مطلب انفاق عدة مئات المليارات من الدولارات وعدة الآف من أرواح الشعب الأمريكي من أجل جلب الديمقراطية إلى العراق يعتبر مطلبًا غير جدير بالاهتمام'.

وفي ظل تبخر الأسباب الرئيسة التي دفعت الأمريكيين للحرب وارتفاع معدل الخسائر بصورة غير متوقعة, إلا أن دعم الشعب الأمريكي للحرب في العراق كان أعلى مما قد يتوقع المرء, فهو يعكس حقيقة أنه لا يزال هناك كثير من الناس يربطون بين الجهود المبذولة في العراق بالحرب على 'الإرهاب', وهو المشروع الذي لا يزال يتمتع بدعم هائل. بالإضافة إلى ذلك, فإن الإطاحة بصدام حسين يعد انجازا فريدا حيث حقق رغبة الشعب الأمريكي الذي ظل يصبو إليها منذ حرب الخليج عام 1991.



وعندما ننتقل من التساؤلات حول ما إذا كانت الحرب خطأ أم أنها تستحق الجهود التي بذلت فيها لنتساءل حول ضرورة انسحاب الولايات المتحدة ، فإننا سنجد أن تقريبا نفس النمط ينطبق على كل من كوريا وفيتنام والعراق: في المراحل المبكرة يكون هناك انخفاض حاد نسبيا في الدعم المؤيد لاستمرار الحرب, ويتباطأ هذا الإنخفاض فيما بعد. وعلى كل حال, فإن عملية تقدير عدد الأشخاص الذين يؤيدون الانسحاب أوعدد من يؤيدون البقاء حتى النهاية في فترة معينة من الوقت يكاد يكون أمرا مستحيلا , وذلك لأن الكثير يعتمد على طريقة صياغة السؤال, فعلى سبيل المثال, الدعم المؤيد ل'الانسحاب التدريجي' أو 'بدء الانسحاب' أكبر بكثير من الدعم المؤيد ل'الانسحاب' أو 'الانسحاب الفوري'.وهكذا, وجدت صحيفة 'واشنطن بوست' أن 45 % من الذي أدلوا بإجاباتهم في استطلاع أخير يفضلون البقاء و 44 % يفضلون الانسحاب, وذلك عندما تم عرض الخيارات بالطريقة التالية : 'هل تعتقد أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تحتفظ ببقاء قواتها في العراق إلى أن يتم استعادة النظام المدني هناك, حتى لو كان معنى هذا استمرار الخسائر في صفوف الجيش الأمريكي, أو, هل تعتقد أن الولايات المتحدة ينبغي أن تسحب قواتها من العراق من أجل تجنب من مزيد من الخسائر في صفوف الجيش الأمريكي, حتى لو أدى هذا إلى عدم استعادة النظام المدني هناك؟' ومع هذا, سجل استطلاع هاري, في نفس الشهر, أن 36 % فقط يؤيدون البقاء و61 % يؤيدون الانسحاب عندما سئلوا: هل تفضل استمرار بقاء القوات الأمريكية في العراق حتى يتم إقامة حكومة مستقرة هناك أم ترى أنه من الأفضل أن نقوم بسحب معظم قواتنا العام القادم.؟' ومع ذلك, وبغض النظر عن كيفية صياغة الأسئلة, سجلت كل الاستطلاعات حقيقة تنامي الشعور المساند للانسحاب على مدى الحرب.

وقد حاول العديد من المحللين الربط بين انخفاض الدعم وعوامل أخرى غير تزايد أعداد القتلى. على سبيل المثال, الفكرة التي تقضي بفساد الرأي العام مع تزايد الخسائر تحولت بطريقة ما إلى إلى فكرة 'انخفاض الدعم مع رؤية حقائب الجثث' وهو تعبيرحي تستخدمه إدارة بوش فيما يبدو بشكل حرفي. ونتيجة لهذا, يعمل الجيش الأمريكي بجد من أجل منع الأمريكيين من رؤية صور حقائب الجثث أو التوابيت التي تم لفها بالعلم الأمريكي أملا في وضع حد بصورة ما للانخفاض في التحمس للجهود المبذولة في الحرب. ولكن هذه الصور لن تتمكن من تغيير حقيقة تزايد الخسائر.



بالإضافة إلى ذلك, فإن المعارضة المتزايدة ضد الجهود المبذولة في الحرب ليست لها علاقة كبيرة بمسألة ما إذا كان هناك حركات نشيطة مناهضة للحرب في البلد الأصلي. فلا يوجد بالولايات المتحدة كثيرا من هذه الحركات المعارضة للحرب في حالة حرب العراق, ولا كان هناك مثل هذه الحركات إبان حرب كوريا. ومع ذلك تناقص الدعم المساند لتلك الحروب, تماما مثلما حدث في حرب فيتنام , التي كان فيها الاحتجاجات ضد الحرب ملحوظة ومتكررة . في الواقع, منذ أن ارتبطت الحركة المناهضة لحرب فيتنام بالقيم والأنشطة المعادية للشعب الأمريكي, أصبح هذه الحركة لها تأثير عكسي إلى حد ما في نهاية الأمر.

علاوة على ذلك, ينخفض الدعم المساند للحرب سواء أكان معارضي الحرب قادرون على تقديم بدائل سياسية محددة تغني عن الحرب أم لا. فهاهو دوايت إيزنهاور الرئيس الأمريكي السابق, لم يبد أن لديه خطة كبيرة للخروج من حرب كوريا, على الرغم من أنه قال أنه, في حال انتخابه, سوف يقوم بزيارة إلى ساحة القتال, ولكن السخط بشأن الحرب ظل محدقا به في انتخابات عام 1952 . كما أن اقتراحات ريتشارد نيكسون بإصلاح الفوضى التي نجمت عن حرب فيتنام كانت غير محددة بصورة واضحة, على الرغم من أنه كان يتمتم من حين لآخر بأن لديه 'خطة سرية.' وكثيرا ما تسبب الحرب أضرارا للحزب السياسي الذي تبناها, ليس لأن المعارضة تسفر عن ترابط الرؤى المتضاربة, وهو ما حاول جورج ماكجفرن أن يفعله ضد نيكسون في عام1972, ولكنه لم يحقق نجاحا كبيرا, , ولكن لأن السخط الناشيء عن الحرب يترجم إلى انعدام الثقة في قدرات الأشخاص الذين يتولون إدارة البلاد بصورة غير واضحة.


ويعد تأثير الغضب الناشيء عن الحرب أقل وضوحا في مضمار الكونجرس. فقد حاول الديمقراطيون أن يستفيدوا من السخط الواسع الانتشاروالذي نشأ عن احتلال نيكسون لكمبوديا عام 1970. ولكنهم كانوا غير قادرين على تغييرالأمور بصورة كبيرة. و التطورات التي حدثت بعد ذلك, والتي تشمل حملة إصلاح التشريع, زادت من ضعف أصحاب النفوذ .

مساع لتحجيم الأضرار
قام الرئيس جورج دبليو.بوش, تماما مثلما فعل ليندون جونسون قبله, بإلقاء عدد لا يمكن حصره من الخطابات التي توضح الهدف وراء الجهود المبذولة في العراق, دعا خلالها إلى الصبر, وأعلن أنه يتم إحراز تقدم في الحرب. ولكنه, وكما اتضح أيضا من خلال حملة ووردرو ويلسون لترويج عصبة الأمم إلى الشعب الأمريكي أنه حدث تهويل كبير لقدرة الوعظ الشديد على التأثير. وهكذا يتضح أن امكانيات قلب التناقص في الدعم المؤيد لحرب العراق محدودة. فإن التسرع في الحرب يعطي درسا إلى الولايات المتحدة في هذا الصدد, حيث أن الشيء الوحيد الذي نجح في إثارة ورفع مستوى حماس الشعب الأمريكي, على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها كل من الرئيسين من أجل الترويج للحرب, كان مشهد القوات أثناء توجهها فعليا إلى الحرب, وهو ما كان له أثره من التفاف الشعب الأمريكي حول علم بلاده والذي يعد أمرا متوقعا.

وعلى الرغم من أن تأثير الخطابات الرسمية محدودة, إلا أن الأحداث المشجعة في الحرب نفسها يمكن أن يكون لها دورها في زيادة الدعم من حين لآخر. ففي حالة حرب العراق, على سبيل المثال, كشفت العديد من الاستطلاعات عن تزايد الدعم بعد أسر صدام حسين وإجراء الانتخابات . إلا أن هذه الزيادة أثبتت أنها زيادة مؤقتة, حيث يغلب عليها طابع المطبات على الطريق أكثر من كونها تغير دائم وثابت في الاتجاه. وسرعان ما انخفض الدعم مرة أخرى ليصل إلى معدله السابق ليواصل بعد ذلك انخفاضه بوجه عام. وينطبق نفس الأمر على الحوادث السلبية , فقد هبط الدعم بعد اكتشاف الانتهاكات التي حدثت في سجن أبو غريب في عام 2004.



ويجادل بعض العلماء أن تحديد قدر الدعم للحرب يتم على أساس تحديد امكانيات النجاح في الحرب, وليس عن طريق تحديده على أساس الخسائر. فيقول العلماء أن 'فوبيا الهزيمة' لدى الأمريكان أكثر من 'فوبيا الخسائر'. فالشعب الأمريكي, طبقا لهذا الرأي, لا يهتم فعليا بعدد المصابين الذي عانوا لفترات طويلة طالما أدركوا أنهم انتصروا في المعركة. على سبيل المثال, ولمزيد من التوضيح للصورة, قام الخبيران السياسيان, بيتر فيفر و كريستوفر جيلبي, بحساب اثبتوا خلالها أن متوسط الشعب الأمريكي قد يقبل كلية بمبدأ مصرع 6,861 جندي في سبيل جلب الديمقراطية إلى الكونغو.

لم تكن هناك فترات من الأخبار المشجعة المتواصلة أثناء حربي كوريا وفيتنام, ولذا لا يوجد أي حادثة مماثلة واضحة في الحروب السابقة. ولكن في حالة انطلاق أخبار سارة للشعب الأمريكي من العراق, بما فيها أخبار انخفاض معدلات الخسائر الأمريكية على وجه الخصوص, فإن ذلك قد يتسبب على الأرجح في تباطؤ التناقص في الدعم الشعبي للحرب أو يؤدي حتى إلى توقفه أكثر من أن يتسبب في زيادة كبيرة في الدعم. لأن عملية ارتفاع الدعم بشكل ملحوظ تحتاج لتغيير موقف العديد من الأشخاص المناهضين للحرب في الوقت الحالي, وهو أمر غير وارد نوعا ما. وقد كشفت الاستطلاعات التي تسعى لتحديد مقدار المشاعر أن أكثر من 80% من الأشخاص الذين يعارضون الحرب بشدة يشعرون بهذا. فإذا قمت بشراء سيارة بضعف ثمنها, سوف تظل تنظر إلى تلك الصفقة على أنها خطأ حتى لو حدث أن أحببت تلك السيارة.



ومما يتعلق بهذا أيضا هي حقيقة أنه على الرغم من سلوك الزعماء الديمقراطيين المعتدل نسبيا في الاستعداد لحرب العراق, إلا أن الاختلافات الحزبية حول الحرب وحول الرئيس تعد عميقة للغاية. فقد أثبت جاري جاكوبسون, أحد علماء السياسة بجامعة كاليفورنيا, بسان دييجو, عن طريق الوثائق أن الانقسامات الحزبية حول الحرب في العراق تعتبر أكبر بكثير من الانقسامات التي حدثت أثناء العمليات العسكرية الأخرى على مدى نصف القرن الأخير, وأن نسبة الانشقاق الحزبي حول معدلات تأييد الرئيس أكبر من نسب الانقسامات الحزبية التي حدثت في عهد أي رئيس آخر, أي أكبر من الانقسامات التي حدثت في فترة حكم لكلنتن, وريجان أو إبان حكم نيكسون, وذلك على الرغم من التضييق الكبير الذي تعرضت له الأحزاب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. ويعني هذا أن بوش لا يستطيع أن يبحث عن دعم الجمهوريين لأنه حصل عمليا بالفعل على دعمهم الكامل, وفي الوقت نفسه, لا يحتمل أن يتزحزح الديمقراطيون كثيرا عن موقفهم. قد يتبقى له بعض الأمل بين المستقلين, ولكن أسلوبهم في دعم الحرب يشير لإقتفائهم أثرالديمقراطيين الساخطين على الحرب بصورة شبه كاملة أكثر من اقتدائهم بالجمهوريين الصامدين.



علاوة على ذلك، من الصعب أن ندرك الصورة التي سيأتي عليها فيضان الأخبار السارة عند هذه النقطة. فإن خبر تحقيق نصر صريح, مثل النصر الذي أحرزه جورج بوش الأب في حرب الخليج عام 1991 يعد أمرا غير وارد تماما- حتى هذا النصر سرعان ما خبا وميضه بسبب استمرار بقاء صدام حسين في حكم العراق. مع بداية الحرب الحالية على العراق, كان عدد القوات الغازية قليلا جدا مما تسبب في تعذر إحلال النظام هناك. كما ثبت أن بعض السياسات الإدارية في بداية الحرب كانت خاطئة بصورة قاتلة. في الواقع، خلقت الولايات المتحدة دولة منهارة بصورة فورية، وتعد محاولة الخروج من هذا المأزق أمرا صعبا على أفضل الظروف. فإذا ما تقلصت أعمال العنف الصريحة بالعراق, فإن الحرب لن تجذب كل هذا القدر من الاهتمام. ولكنه من المحتمل أن يكون هناك بانتشار كثير من أنواع الفساد الرسمي وغير الرسمي والذي يتمثل في الشعور بالحذر من وقت لأخر, وسوء السلوك من قبل الشرطة والعداء الذي تكنه المقاومة الشعبية العراقية وسياسات الطعن من الخلف والعناء الاقتصادي والانفصالات الإقليمية وعجز الحكومة وانتشار الجريمة والنزاع الديني واتخاذ رجال الأعمال أوضاعا يطلقون من خلالها خطابات مناهضة للولايات المتحدة ومعادية لإسرائيل. وفي ظل هذه الظروف, فإنه من غير الوراد أن ينظر المعارضون للحرب الأمريكية على العراق على أنها نصر كبير. حيث يعترف أكثر من نصف المناهضين للحرب بأنهم شعورهم تجاه الحرب لا يقتصر على الشعور بالاستياء ولكنه يتتجاوزه إلى الغضب.



وفي كل هذا, ما يهم الرأي العام الأمريكي بصورة أساسية هو الخسائر الأمريكية, فلا يعنيهم الخسائر التي تصيب الشعب الذي يدافع عن نفسه. وطبقا لبعض التقديرات, تجاوز عدد العراقيون الذين لقوا حتفهم نتيجة للغزو الأمريكي للعراق المليون, أي ما يزيد بصورة شاسعة عن عدد من لقوا مصرعهم على يد جميع الإرهابيين الدوليين على مدار التاريخ. كما كانت العقوبات التي تم فرضها على العراق سببا رئيسا في وفاة أعداد أكبر من العراقيين, معظمهم من الأطفال. ولكن الأمر الوحيد الذي يعني به الرأي العام الأمريكي هو تراكم جثث الموتى من الأمريكيين, والشيء الوحيد الذي يذكرونه بصورة دورية هو تزايد عدد القتلى في صفوف الأمريكان. ولا يقدم لنا هذا شيئا جديدا, حيث أنه على الرغم من أنه كان هناك دعم كبير لحروب كل من كوريا وفيتنام, إلا أن الاستطلاعات كشفت عن أن الناس أيدوا الحرب لأنهم رأوا أنها ضرورية لمواجهة التهديد الشيوعي. ولم ينظر للدفاع عن شعوب كوريا الجنوبية أو شعوب جنوب فيتنام على أنه هدف ذو أهمية كبيرة.


سياسة الكوارث المفاجئة
واجهت القوات الأمريكية, مثلما حدث في فيتنام, مقاومة مسلحة , ذات عزم وتصميم ودهاء شديد وتتمتع بقدرتها على إعادة بناء صفوفها واصرارها على الحرب متى دعت الحاجة إلى ذلك. ففي فيتنام , عقد الأمريكيون آمالهم على أن عدوهم- بعد المعاناة التي تكبدها جراء تعرضه لما يكفي من العقاب- سوف يصل إلى 'نقطة الانهيار', , فيلجأ بهذا إما إلى الفرار أو يبحث عن مأوى يسكن فيه. إلا أنه على الرغم من تعريض العدو لعقاب هائل, إلا أن العدو لم ينكسر, بل صارت الولايات المتحدة هي التي تسعى للفرار بعد أن وقعت اتفاقية لحفظ ماء الوجه. ولا يعرف حتى الآن ما إذا كان للمقاومة في العراق نفس التصميم والثبات. ومع ذلك, فإن الإشارات حتى الآن ليست شديدة التشجيع , حيث لا يبدوا أي أمارةعلى ضعف المقاومة في العراق.


ويرى العديد من الناس, ومن بينهم الرئيس جورج بوش, أن الولايات المتحدة يتعين عليها أن تبذل جهودا هائلة في العراق ,لأن التسرع في الانسحاب من العراق من شأنه أن يزيد من نشاط الفدائيين الإسلاميين, الذين قد ينظرون لهذا الانسحاب على أنه نصر يفوق طرد الاتحاد السوفيتي من أفغانستان. ويرى هؤلاء الأشخاص أن الانسحاب السريع من العراق, من شأنه أن يؤكد نظرية أسامة بن لادن الأساسية والتي تقول بأن 'الإرهابيين' يمكنهم هزيمة الولايات المتحدة عن طريق إلحاق خسائر بها, قد تكون هذه الخسائر صغيرة ولكنها مستمرة. وسيصبح من شأن هذه العملية العسكرية التي تم التخطيط والترويج لها من أجل أن تشكل ضربة ل'الإرهابيين الدوليين' أن تعمل على تشجيعهم وتعزيز قواتهم.
وتكمن المشكلة في أن أي صورة من صورالخروج من العراق سيكون لها تقريبا هذا الأثر. ويعتقد بن لادن , بالإضافة إلى الغالبية العظمى ممن يعيشون في البلدان الإسلامية وأجزاء من أوروبا, أن الولايات المتحدة احتلت العراق كجزء من خطتها للسيطرة على الإمدادت النفطية في الشرق الأوسط . وعلى الرغم من أن واشنطن ليس لديها أي نية لفعل هذا , على الأقل ليس بالمعني الصريح الذي يعنيه بن لادن وغيره , فسوف تغادر القوات الأمريكية العراق حتما بدون أن تنجز ما تعتبره واشنطن أهدافا حقيقية هناك- وسوف تعلن المقاومة مسئوليتها عن إجبار الولايات المتحدة على الخروج قبل أن تحقق هذه الأهداف الرئيسة. مما سيجعل, بالطبع, من العراق منطقة لإلهام وتدريب عناصر 'الإرهابيين'.



فعندما كانت الولايات المتحدة تستعد للانسحاب من فيتنام, تخوف العديد من الأمريكان من حدوث حمامات من الدماء في حال سقوط البلاد في أيدي الفيتناميين الشماليين. وبالفعل, عندما سيطر الشيوعيون على البلاد, قاموا باعدام عشرات الآلآف من الشعب, وأرسلوا مئات الآلاف إلى 'معسكرات إعادة التعليم' لفترات طويلة, كما أساءوا تدبير اقتصاد البلاد إلى الحد الذي دفع مئات الآلاف إلى الهرب من البلاد في قوارب لا تكاد تطفو على سطح الماء نتيجة لليأس الذي تعرضوا له، كما أن ما حدث في كمبوديا المجاورة لفيتنام بعدما سيطر الخمير الحمر على مقدرات الأمور في البلاد وهو ما أسفر عن حمامات من الدماء.

المهند
25-12-2005, 01:27 PM
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/2006/03/10.jpg

lkhtabi
25-12-2005, 06:40 PM
لو يعلم الشعب الامريكي حقيقة قتلاه في العراق الاسطورة لأعلن العصيان المدني والعسكري !!! أكثر من 86000 الف أمريكي أبيض قتل وجرح 75000 الف