bufaris
23-12-2005, 07:39 AM
تقارير مترجمة :عام :الثلاثاء 18 ذي القعدة 1426هـ – 20 ديسمبر 2005م
ترجمة: زينب كمال
رايان لينز ـ أسوشيتدبرس
مفكرة الإسلام: بين الكثبان الرملية وبين الصخور والقمامة على طرق العراق يقع الموت، ذلك الموت الذي يأتي الجنود الأمريكيين بغتة أثناء سيرهم بعرباتهم المصفحة التي لم تعد تغني عنهم شيئًا.. والتي يقبع بداخلها المجندون والمجندات بانتظار صوت دوي هائل من أسفل منهم، أو زخات من رشاش آلي في كمين من كمائن المقاومة، أو بانفجار قنبلة حارقة تسيل لها جلودهم، أو يفوقون في إحدى المستشفيات مبتوري الأطراف.
يقول الرقيب أول توني جريسكي, 36 عاما, من بيج بولاية أريزونا,: ' العدو متواجد في أي مكان وفي كل مكان, وليس هناك أي بطاقة هوية على القنابل المزروعة على جانبي الطريق تشير إلى ذلك العدو الذي بلا وجه'.
وصرح أن الجنود في اللواء الثالث –الذي غالبيته من ولاية أركنساس- يواجهون نفس العدو بشكل يومي في بيجي, التي تقع على بعد 150 ميلا شمال بغداد.
ويقول 'إنهم يواجهون عدوا لا يعرفونه, عدو ليس له أي وجه, ولا يتبع الخطوط قتالية كما أنه يوزع أنصبة القتل على قوات التحالف بدون تمييز'.
وصرح جريسكي, طبقا لما ذكره عدد من الجنود ممن كان له مهمات سابقة في العراق وأفغانستان, أن شكل الحرب في العراق قد تغير بسبب هذه التفجيرات.
والحقيقة المثيرة للإحباط, بالنسبة لما عاصرته الكتيبة 101 التي حاربت تنظيم طالبان في أفغانستان وساعدت القوات الأمريكية على التوجه شمالا إلى بغداد أثناء الغزو الأمريكي للعراق في مارس عام 2003 , تكمن في أن شيوخ القبائل الذين يظهرون صداقتهم للقوات الأمريكية قد يكونون بصورة أو بأخرى وراء هذه التفجيرات, وذلك لأن أي شخص يمكنه الانتماء للمقاومة بصورة خفية وبواجهة موالية للاحتلال. وفي الفترة قبل الإنتخابات البرلمانية التي جرت هذا الأسبوع , لم يبد أن هناك أي إشارة على خمود الهجمات, حيث لقي أربعة من الجنود الأمريكيين مصرعهم في انفجار بشمال غرب بغداد.
وفي المقر الرئيس لفرقة 'برافو' الأمريكية تحولت إحدى اللوحات البيضاء داخل أحد الأكواخ الخشبية إلى مركز للعمليات التكتيكية, حيث تعرض على فوج سلاح الفرسان الثالث والثلاثون كل أحداث اليوم الفائت في كل صباح.
وتقول أحد المواد المكتوبة على اللوحة:' هناك إمكانية بتواجد قنبلة على جانب الطريق,' بينما تقول مادة أخرى مكتوبة بالمداد الأحمر:' لقد انفجرت قنبلة مزروعة على جانب الطريق, مما أدى إلى نقل أربعة جنود إلى محطة للإسعاف'.
وكانت أحدث الخسائر التي تعرض لها اللواء الثالث والثلاثين, هي مصرع الرقيب جيمي ليه شيلتون, 21 عاما, بليهاي أكرز بولاية فلوريدا, حيث لقي حتفه في هجوم بقذائف الهاون وقع مباشرة بعد أذان الفجر من إحدى القرى المجاورة، وقد انتقلت قافلة من الجنود إلى مكان الهجوم ولكنها لم تعثر على شيء سوى رمال الصحراء.
ويستطرد الرقيب أول أندريه جونسون 38 عامًا من ولاية لويزيانا الأمريكية في نبرة شبه باكية: 'أستطيع تقبل مبدأ مهاجمتي من المقاومة العراقية في أي وقت، ولكن ليس من العدل أن لا نستطيع رؤية عدونا للرد عليه أو صد الهجوم عنا' ثم تتحول نبرته إلى الاستجداء: 'فقط أرني وجهك لكي أعرف من أنت!'.
وقد أصبحت حالات الإحباط, مثل حالة جونسون أمرا شائعا, حيث صارت القنابل المزروعة على جانبي الطريق أسلوب المقاومة المفضل في الهجوم.
ويقول الرائد جون كلاهان, ضابط اللواء التنفيذي:' أصبح استخدام الصورايخ المباشرة والأسلحة الصغيرة, والتي يمكن أن تساعد الجنود في التعرف على عدوهم, أمرا نادرا في الهجمات التي تحدث في محافظة صلاح الدين' على سبيل المثال.
ولهذه الأسباب ظل الجنود الأمريكيون حائرين في تلك المعركة التي تجري فعليًا في الظلام! فالجنود النظاميون الذين أسقطوا نظام صدام حسين وقاتلوا حرسه الجمهوري في عملية 'أناكوندا' تحولوا إلى قوات شرطة بعيد انتهاء الحرب ثم إلى قصاصي أثر اليوم؛ وذلك بعدما فشلوا في العثور على عناصر المقاومة التي عادة ما تتبخر في الهواء بعد كل عملية ناجحة.
ويقول كلاهان:' إن هذا شيء يدعو للإحباط في كثير من الأحيان'، وأضاف:'إذا تقدم العدو وقاتل, يمكننا حينئذ أن نقاتله، ولكننا لسنا مدربين على رفع البصمات'، فالجنود الأمريكيون يعملون الآن على جمع الأدلة وتتبع أقوال الوشاة والسير وراء الخيوط المتناثرة.
كما أن الجنود الأمريكيين اليوم لا يعلمون العدو من الصديق، فقد أثبتت التحاليل المعملية وجود آثار للمتفجرات على أيدي أحد حراس أمن مصفاة نفط بيجي! والتي لا تزال تتعرض إلى هجمات بمعدل 40 هجمة تفجيرية في الشهر الواحد.
وهاهو الرقيب كايسي ستيمسون, 22 عاما, من بوليزفيل في ولاية كينتاكي الأمريكية, جالسا على جدار من الحقائب الرملية التي أحاطت بالبناية المعدنية الصغيرة التي يعيش بها في قاعدة سمرول الأمامية للتشغيل، والذي كان يتذكر رقيب شاب زميل له لقي حتفه. قطّب كايسي حاجبيه وهو ينظرإلى القبر تحت قدميه قائلا:' كل ما يمكننا فعله هو أن نستمر في البحث عنهم'. وأضاف:'هذا أسوأ شيء في إرسال الجيش الأمريكي إلى العراق؛ وهو أن تشعر بأنك عاجز تماما عن السيطرة على أي شيء'.
ويقول ملازم ثان سيراف تاونسيند, 23 عاما, 'يمكن أن تنتهي عملية نشر الجنود في العراق إذا ما تمكنا من العثور على المتمردين.' وصرح :'إنك لا تستطيع قيادة الجنود لأنه ليس هناك من تقودهم ضده.' وأضاف:' إن المقاومة تستطيع أن تكمن للجيش على بعد ميلين من منطقة تواجدهم، فقط يكون معهم جهاز تفجير عن بعد ويقومون بتفجير قنابلهم ارتجالية الصنع، وهذا هو الوضع على الأرض؛ إنهم يجلسون في مناطق مريحة آمنة بينما يفجرون جنودنا إلى أشلاء!'.
وفي أحد محطات المرور خارج بيجي, قام الجنود من الكتيبة الأولى, بفوج المشاة رقم 187 , بإجراء تفتيش للسيارات هذا الأسبوع بحثا عن مواد لصنع المتفجرات, حيث قاموا بمقارنة رخص قيادة السائقين بقائمة من عناصر المقاومة المعروفين. وسأل رقيب أول فينسنت كاماتشو أحد سائقي السيارات الأجرة عما إذا كان يعرف من يقوم بزرع القنابل وأين يمكن العثور عليهم, فهز الرجل رأسه نفيًا وأشاح بوجهه, فسأله كاماتشو إذا ما كان يرغب في رحيل الجنود الأمريكيين من العراق.
فابتسم الرجل وقال: 'بإذن الله سترحلون من بلادنا عما قريب'.
ترجمة: زينب كمال
رايان لينز ـ أسوشيتدبرس
مفكرة الإسلام: بين الكثبان الرملية وبين الصخور والقمامة على طرق العراق يقع الموت، ذلك الموت الذي يأتي الجنود الأمريكيين بغتة أثناء سيرهم بعرباتهم المصفحة التي لم تعد تغني عنهم شيئًا.. والتي يقبع بداخلها المجندون والمجندات بانتظار صوت دوي هائل من أسفل منهم، أو زخات من رشاش آلي في كمين من كمائن المقاومة، أو بانفجار قنبلة حارقة تسيل لها جلودهم، أو يفوقون في إحدى المستشفيات مبتوري الأطراف.
يقول الرقيب أول توني جريسكي, 36 عاما, من بيج بولاية أريزونا,: ' العدو متواجد في أي مكان وفي كل مكان, وليس هناك أي بطاقة هوية على القنابل المزروعة على جانبي الطريق تشير إلى ذلك العدو الذي بلا وجه'.
وصرح أن الجنود في اللواء الثالث –الذي غالبيته من ولاية أركنساس- يواجهون نفس العدو بشكل يومي في بيجي, التي تقع على بعد 150 ميلا شمال بغداد.
ويقول 'إنهم يواجهون عدوا لا يعرفونه, عدو ليس له أي وجه, ولا يتبع الخطوط قتالية كما أنه يوزع أنصبة القتل على قوات التحالف بدون تمييز'.
وصرح جريسكي, طبقا لما ذكره عدد من الجنود ممن كان له مهمات سابقة في العراق وأفغانستان, أن شكل الحرب في العراق قد تغير بسبب هذه التفجيرات.
والحقيقة المثيرة للإحباط, بالنسبة لما عاصرته الكتيبة 101 التي حاربت تنظيم طالبان في أفغانستان وساعدت القوات الأمريكية على التوجه شمالا إلى بغداد أثناء الغزو الأمريكي للعراق في مارس عام 2003 , تكمن في أن شيوخ القبائل الذين يظهرون صداقتهم للقوات الأمريكية قد يكونون بصورة أو بأخرى وراء هذه التفجيرات, وذلك لأن أي شخص يمكنه الانتماء للمقاومة بصورة خفية وبواجهة موالية للاحتلال. وفي الفترة قبل الإنتخابات البرلمانية التي جرت هذا الأسبوع , لم يبد أن هناك أي إشارة على خمود الهجمات, حيث لقي أربعة من الجنود الأمريكيين مصرعهم في انفجار بشمال غرب بغداد.
وفي المقر الرئيس لفرقة 'برافو' الأمريكية تحولت إحدى اللوحات البيضاء داخل أحد الأكواخ الخشبية إلى مركز للعمليات التكتيكية, حيث تعرض على فوج سلاح الفرسان الثالث والثلاثون كل أحداث اليوم الفائت في كل صباح.
وتقول أحد المواد المكتوبة على اللوحة:' هناك إمكانية بتواجد قنبلة على جانب الطريق,' بينما تقول مادة أخرى مكتوبة بالمداد الأحمر:' لقد انفجرت قنبلة مزروعة على جانب الطريق, مما أدى إلى نقل أربعة جنود إلى محطة للإسعاف'.
وكانت أحدث الخسائر التي تعرض لها اللواء الثالث والثلاثين, هي مصرع الرقيب جيمي ليه شيلتون, 21 عاما, بليهاي أكرز بولاية فلوريدا, حيث لقي حتفه في هجوم بقذائف الهاون وقع مباشرة بعد أذان الفجر من إحدى القرى المجاورة، وقد انتقلت قافلة من الجنود إلى مكان الهجوم ولكنها لم تعثر على شيء سوى رمال الصحراء.
ويستطرد الرقيب أول أندريه جونسون 38 عامًا من ولاية لويزيانا الأمريكية في نبرة شبه باكية: 'أستطيع تقبل مبدأ مهاجمتي من المقاومة العراقية في أي وقت، ولكن ليس من العدل أن لا نستطيع رؤية عدونا للرد عليه أو صد الهجوم عنا' ثم تتحول نبرته إلى الاستجداء: 'فقط أرني وجهك لكي أعرف من أنت!'.
وقد أصبحت حالات الإحباط, مثل حالة جونسون أمرا شائعا, حيث صارت القنابل المزروعة على جانبي الطريق أسلوب المقاومة المفضل في الهجوم.
ويقول الرائد جون كلاهان, ضابط اللواء التنفيذي:' أصبح استخدام الصورايخ المباشرة والأسلحة الصغيرة, والتي يمكن أن تساعد الجنود في التعرف على عدوهم, أمرا نادرا في الهجمات التي تحدث في محافظة صلاح الدين' على سبيل المثال.
ولهذه الأسباب ظل الجنود الأمريكيون حائرين في تلك المعركة التي تجري فعليًا في الظلام! فالجنود النظاميون الذين أسقطوا نظام صدام حسين وقاتلوا حرسه الجمهوري في عملية 'أناكوندا' تحولوا إلى قوات شرطة بعيد انتهاء الحرب ثم إلى قصاصي أثر اليوم؛ وذلك بعدما فشلوا في العثور على عناصر المقاومة التي عادة ما تتبخر في الهواء بعد كل عملية ناجحة.
ويقول كلاهان:' إن هذا شيء يدعو للإحباط في كثير من الأحيان'، وأضاف:'إذا تقدم العدو وقاتل, يمكننا حينئذ أن نقاتله، ولكننا لسنا مدربين على رفع البصمات'، فالجنود الأمريكيون يعملون الآن على جمع الأدلة وتتبع أقوال الوشاة والسير وراء الخيوط المتناثرة.
كما أن الجنود الأمريكيين اليوم لا يعلمون العدو من الصديق، فقد أثبتت التحاليل المعملية وجود آثار للمتفجرات على أيدي أحد حراس أمن مصفاة نفط بيجي! والتي لا تزال تتعرض إلى هجمات بمعدل 40 هجمة تفجيرية في الشهر الواحد.
وهاهو الرقيب كايسي ستيمسون, 22 عاما, من بوليزفيل في ولاية كينتاكي الأمريكية, جالسا على جدار من الحقائب الرملية التي أحاطت بالبناية المعدنية الصغيرة التي يعيش بها في قاعدة سمرول الأمامية للتشغيل، والذي كان يتذكر رقيب شاب زميل له لقي حتفه. قطّب كايسي حاجبيه وهو ينظرإلى القبر تحت قدميه قائلا:' كل ما يمكننا فعله هو أن نستمر في البحث عنهم'. وأضاف:'هذا أسوأ شيء في إرسال الجيش الأمريكي إلى العراق؛ وهو أن تشعر بأنك عاجز تماما عن السيطرة على أي شيء'.
ويقول ملازم ثان سيراف تاونسيند, 23 عاما, 'يمكن أن تنتهي عملية نشر الجنود في العراق إذا ما تمكنا من العثور على المتمردين.' وصرح :'إنك لا تستطيع قيادة الجنود لأنه ليس هناك من تقودهم ضده.' وأضاف:' إن المقاومة تستطيع أن تكمن للجيش على بعد ميلين من منطقة تواجدهم، فقط يكون معهم جهاز تفجير عن بعد ويقومون بتفجير قنابلهم ارتجالية الصنع، وهذا هو الوضع على الأرض؛ إنهم يجلسون في مناطق مريحة آمنة بينما يفجرون جنودنا إلى أشلاء!'.
وفي أحد محطات المرور خارج بيجي, قام الجنود من الكتيبة الأولى, بفوج المشاة رقم 187 , بإجراء تفتيش للسيارات هذا الأسبوع بحثا عن مواد لصنع المتفجرات, حيث قاموا بمقارنة رخص قيادة السائقين بقائمة من عناصر المقاومة المعروفين. وسأل رقيب أول فينسنت كاماتشو أحد سائقي السيارات الأجرة عما إذا كان يعرف من يقوم بزرع القنابل وأين يمكن العثور عليهم, فهز الرجل رأسه نفيًا وأشاح بوجهه, فسأله كاماتشو إذا ما كان يرغب في رحيل الجنود الأمريكيين من العراق.
فابتسم الرجل وقال: 'بإذن الله سترحلون من بلادنا عما قريب'.