المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحرير بغداد ليس بعيدا



قليل الكلام
26-06-2004, 12:06 AM
تحرير بغداد ليس بعيدا
__________________

اليكس دولا جرانج 25/6/2004، ترجمة قليل الكلام


ملاحظة المحرر: الهجمات المنسقة والاشتباكات في العديد من المدن العراقية يوم الخميس ادت الى مقتل ما لا يقل عن 66 شخصا وجرحت 250. اربع وابعون شخصا قتلوا في انفجارات سيارات مفخخة في مدينة الموصل في الشمال وادت الى جرح 216 شخص. اما القتال في محافظة الانبار، حيث كان هناك عدة اصطدامات في كل من الفلوجة والرمادي، ادت الى مقتل تسعة اشخاص وجرح سبع وعشرون، اما القتال حول بعقوبة فادى الى مقتل 13 شخص وجرح 15.

بغداد – في عشية ما يُسمى بانتقال السيادة الى الحكومة الجديدة في 30 من حزيران، قام جنرالات صدام حسين السابقين والذي تبين انهم ذوو منصب رفيع في حركة المقاومة تخلوا عن صمتهم وسريتهم للحديث عما يحدث وعن خططهم. بحسب هؤلاء المسؤولين البعثيين، "المعركة الكبرى" في العراق لم تبدا بعد.

"الامريكان حضّروا انفسهم للحرب، نحن حضرنا انفسنا لمرحلة ما بعد الحرب. وان تحويل السلطة في 30 حزيران لن يغير اي شئ بخصوص اهدافنا. فان الحكومة المؤقتة المعينة من قبل الامريكان ليس لهم اي شرعية في اعيننا. هم ليسو الا دمى".

لماذا خرج هؤلاء المسؤولين السابقين عن صمتهم؟ "لأن اليوم نحن متأكدين من الفوز."



الموعد السري

فندق فلسطين، الثلاثاء، الثالثة مساء. بعد اسبوع من محاولة مقابلة احد اعضاء المقاومة، كان احتمال اللقاء يقل كل يوم. وصلنا الى العديد من الطرق المغلقة – حتى حضر رجل لم نقابله سابقا اقترب من طاولتنا. "هل لا زلتم تريدون مقابلة اعضاء المقاومة؟" تكلم مع مساعدتي، وهي صحفية عربية عملت في العراق عدة مرات. الكلام كان مختصرا. "سنتقابل غدا صباحا في فندق بابل" قال الرجل قبل ان يختفي. وبعكس كل التوقعات، هذا الرجل كان من الممكن الاعتماد عليه اكثر من كل محاولاتنا السابقة.

فندق بابل، الاربعاء، التاسعة صباحا. في مدخل قهوة الانترنت الموبوئة بالمرتزقة الاجانب، حضر الرجل الذي رأيناه في اليوم السابق وقال:"غدا، الساعة العاشرة، شارع السعدون، مقابل فلسطين. احضروا بدون سائقكم."

حضرنا الى مكان الملتقى صباح يوم الخميس بواسطة تاكسي، كان الرجل الصلة موجود انتقلنا الى سيارته. "الى اين نحن ذاهبون؟" لا جواب.

قدنا السيارة لمدة ساعتين. في بغداد، حتى عندما لا يكون السير مغلقا بسبب الحواجز العسكرية، فان الازدحام المروري شئ دائم. في سنة واحدة فقط، دخل اكثر من 300,000 سيارة الى البلاد. كل ثاني سيارة لا تملك لوحة ترخيص ومعضم السائقين لا يعرفون ماذا تعنى "رخصة القيادة".

"سنصل قريبا. هل تعرفون بغداد؟" سأل رجلنا. الجواب كان من الواضح لا. لمعرفة المدينة، يجب على المرء ان يتنقل بحرية وعلى الاقدام. ومع الوضع الخطير، وحوادث الاختطاف، وحوالي 50 الى 60 هجمة يومية ضد قوات الاحتلال والرد الامريكي العسكري غير المسؤول، لم يكن هناك اي حافز لنا للتنقل مشيا على الاقدام في بغداد.

توقفت السيارة في زقاق، قرب باص صغير ذو نوافذ سوداء. فُتح احد الابواب، وعلى متن الباص كان هناك ثلاثة اشخاص بينما بقي السائق يتفحص كل الشوارع والمنازل حولنا. في حين اننا لم نكن نعرف ما الذي سوف يواجهنا، محدّثينا كان يعرفون تماما مع من يتحدثون. "قبل اي نقاش، لا نريد اي شك من جهتكم حول هويتنا،" ثم قاموا باخراج بعض الاوراق من كيس بلاستيكي: بطاقة هوية، هويات عسكرية والعديد من الصور في الملابس العسكرية بجانب صدام حسين. كانوا جنرالين وكولونيل من الجيش العراقي المنحل، وهم مطاردين من قبل الاجهزة السرية لقوات التحالف لعدة اشهر الآن.

"نريد ان نصحح بعض المعلومات الدائرة في الوسائل الاعلامية الغربية. لهذا عملنا على مقابلتكم." استمرت المقابلة لاكثر من 3 ساعات.



عودة الى سقوط بغداد

"نحن علمنا ان الولايات المتحدة اذا قررت غزو العراق. لن يكون لنا اية فرصة في مواجهتهم بسبب القوة العسكرية والتكنولوجية. الحرب خاسرة من البداية، لذلك اعددنا لمرحلة ما بعد الحرب. بمعنى آخر، المقاومة. بعكس ما قيل بشكل كبير مؤخرا، لم نهجر الجيش بعدما دخلت القوات الامريكية الى وسط بغداد في الخامس من ابريل عام 2003. حاربنا لبضع ايام من اجل شرف العراق – وليس صدام حسين – وبعدها تلقينا اوامر بالتفرّق". بغداد سقطت في التاسع من ابريل، صدام وجيشه كان لا يمكن رؤيتهم في اي مكان.

"وكما كان متوقعا، وقعت المناطق الاستراتيجية بسرعة تحت سيطرة الامريكان وحلفائهم. بالنسبة لنا، كان الوقت لتنفيذ خطتنا. الحركات المعارضة للاحتلال كانت منظمة من السابق. لم تكن استراتيجيتنا وليدة سقوط النظام، كان مخطط لها سابقا". هذه الخطة "ب"، لم يكن يتوقعها الامريكان، تم تنظيمها بشكل دقيق، بحسب هؤلاء الضباط، قبل اشهر ان لم يكن سنين قبل 20 مارس 2003 بداية الغزو الامريكي للعراق.

الهدف كان "تحرير العراق وطرد قوات التحالف. استعادة سيادتنا وتنصيب حكومة علمانية، ولكن ليس التي فُرضت من قبل الامريكان. العراق كان دائما دولة تقدمية، لا نريد العودة الى الماضي، نريد التقدم الى الامام. عندنا شعب كفؤ جدا" بحسب ما قال الثلاثة. بالطبع لن يكون هناك اسماء ولن يكون هناك تحديد عدد اعضاء الشبكة السرية. "عندنا اعداد كفاية، ولا ينقصنا المتطوعون."



الفلوجة

العدوان الدامي للقوات الامريكية ضد الفلوجة في مارس، كان نقطة تحول بالنسبة للمقاومة. فان النهب المستمر من قبل القوات الامريكية في مهمات البحث (بحسب العديد من الشهود) والاذلال الجنسي للسجناء، كما في ابو غريب في بغداد، قام بتضخيم الغضب الذي يعتمل في صدور اغلب العراقيين. "لا يوجد اية ثقة، وسيكون من الصعب اعادة اكتسابها." بحسب هؤلاء القواد، "وصلنا الى نقطة اللاعودة."

وهذه بالضبط وجهة نظر تلك المرأة الشيعية التي قمنا بمقابلتها قبل يومين – عضو مقاومة سرية سابقة ضد صدام: "اكبر خطأ لقوات التحالف كان احتقار عاداتنا وثقافتنا. لم يكتفوا بقصف بنيتنا التحتية، بل حاولوا كذلك تدمير نظامنا الاجتماعي وكرامتنا. ولا يمكننا ان نسمح بذلك. الجروح عميقة والتعافي منها سيأخذ وقت طويل. نحن نفضل ان نعيش في خوف من احد ابناء جلدتنا على العيش في ذل تحت الاحتلال الاجنبي."

بحسب جنرالات صدام، "بعد اكثر من عام من بداية الحرب، انعدام الامان والفوضى لا يزالان السائدان في البلاد. بسبب عدم قدرتهم على السيطرة على الوضع او تحقيق وعودهم، فان الامريكان قاموا باستعداء الشعب العراقي كله. المقاومة ليست محصورة ببضع الالاف الناشطين، خمس وسبعون بالمائة من الشعب يدعمنا ويساعدنا، مباشرة او غير مباشرة، التطوع بمعلومات، ايواء المقاتلين او الاسلحة. كل هذا بالرغم من ان العديد من المدنيين يصابون عرضيا في العمليات بيننا وبين التحالف والمتعاونين معهم".

من هم "المتعاونون" بنظرهم؟ "كل عراقي او اجنبي يعمل مع التحالف هو هدف. الوزراء، المرتزقة، المترجمين، رجال الاعمال، الطهاة او الخدم، وليس مهم درجة التعاون. ان توقيع عقد مع المحتل هو اشارة لشهادة الوفاة. عراقي ام غير ذلك، هؤلاء خونة. لا تنسى اننا في حرب."

اساليب المقاومة في ثني الناس عن التعاون مع التحالف ادت الى لائحة لا تزال تتناقص من عدد المتعاونين الى اعضاء الحكومة المقترحة من قبل التحالف، وهذا في بلد خُرب على مدى 13 عاما من الحصار وحربين حيث كانت البطالة مشكلة كبيرة. الفوضى المحيطة ليست السبب الوحيد المانع لعودة الناس الى عملهم الاحترافي. اذا قام الامريكان باعادة كل البعثيين السابقين الى مناصبهم (رجال الشرطة، الشرطة السرية، الجيش، مسؤلي وزارة النفط)، لن ينطبق هذا على الجميع. غالبية ضحايا مرسوم بول بريمر في 16 مايو 2003 المتعلق بازالة البعث في العراق لا يزالوا غير معلومين.



الشبكة

هم بشكل اساسي من البعثيين (سنة وشيعة)، المقاومة حاليا تعيد تجميع "كل حركات المقاومة ضد الاحتلال، بدون تمييز ديني، عرقي او سياسي. بعكس ما يظن الغرب، لا يوجد حرب اهلية في العراق. لدينا جبهة موحدة ضد الاحتلال. من الفلوجة الى الرمادي، بالاضافة الى النجف، كربلاء والضواحي الشيعية في بغداد، المقاتلون يتكلمون بصوت واحد. اما بالنسبة الى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، هو مثلنا في اتجاه توحيد الشعب العراقي بكافة اطيافه بالاضافة الى العرب. نقوم بدعمه تكتيكيا وايضا لوجستيا."

كل منطقة عراقية يوجد فيها مقاتليها، وكل مجموعة حرة في اختيار اهدافها واسلوب عملها. ولكن مع مرور الزمن، يتزايد التنسيق بينها. جنرالات صدام يصرون على انه لا يوجد تنافس بين هذه المنظمات، الا في نقطة واحدة: ايهم يقضي على عدد اكبر من الامريكان.



الاسلحة المختارة

"الهجمات تُعد بدقة. لا يجب ان تزيد العملية عن 20 دقيقة ونفضل العمل ليلا او في الفجر لتقليل احتمالية اصابة مدنيين عراقيين. لا يوجد لدينا اسلحة دمار شامل. ولكن، لدينا اكثر من 50 مليون قطعة سلاح تقليدية." باوامر من صدام، تم اخفاء مستودعات اسلحة في كل العراق قبل بداية الحرب بكثير. لا مدفعيات او دبابات او حوامات ولكن كاتيوشا، هاون، الغام مضادة للدبابات، قنابل صاروخية RPG ، منصات اطلاق صواريخ روسية، صواريخ، اي كي 47، واحتياطي ضخم من الذخيرة. والقائمة بعيدة عن كونها شاملة.

ولكن السلاح الاكثر فعالية هو الاستشهاديين (الكاميكازي). وحدة خاصة، تتألف من 90% من العراقيين و10% من المقاتلين الاجانب، اكثر من 5000 رجل وامرأة لا يحتاجوا الا الى اوامر شفهية لقيادة مركبات معبأة بالمتفجرات.

ماذا اذا قَلّت مخزونات الاسلحة؟ "لا داعي للقلق، لنا زمن نصنع اسلحتنا بايدينا." هذا كل ما كان مستعدا ان يصرح به.



اعلان المسؤولية

"نعم، قمنا باعدام اربعة مرتزقة امريكان في الفلوجة في مارس الفائت. ولكن الامريكان انتظروا 4 ساعات قبل ازالة هذه الجثث، بينما كانوا يقومون بذلك خلال اقل من 20 دقيقة. قبل يومين، تم اعتقال عروس بشكل عشوائي في الفلوجة، بالنسبة لاهل الفلوجة كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير، وقاموا بالتعبير بكل غضبهم ضد الجثث الاربعة. الامريكان قاموا بعمل ما هو اسواء مع السجناء العراقيين الاحياء."

الهجمة الاستشهادية ضد عقيلة الهاشمي، وهي دبلوماسية وعضو في مجلس الحكم في 22 سبتمبر 2003، تم تنفيذه من قبل المقاومة، وكذلك السيارة المفخخة التي قتلت رئيس مجلس الحكم عزالدين سليم في 17 مايو في مدخل المنطقة الخضراء (العراقيين يدعونها المنطقة الحمراء، نظرا لعدد عمليات المقاومة ضدها).

هم ايضا مسؤولين عن اختطاف الاجانب. "نحن نعلم ان عمليات اختطاف الاجانب تلطخ سمعتنا، ولكن حاولوا ان تفهموا الوضع. يجب علينا التحكم بهويات الناس في منطقتنا. اذا كان لدينا دليل على انهم هنا لاسباب انسانية او صحفيين فاننا نطلق سراحهم. اذا كانوا جواسيس، مرتزقة او متعاونين فاننا نقتلهم على الفور. كذلك نود تأكيد، ان عملية قطع راس نيك بيرغ لسنا مسؤولين عنها."

بالنسبة للهجوم على مقر الامم المتحدة في بغداد في 20 اغسطس 2003: "لم نصدر اوامر بالهجوم على مقر الامم المتحدة ونحن نكن الكثير من الاحترام للبرازيلي سيرجيو فييرا دي ميلو، ليس من المستحيل ان يكون منفذي هذا الهجوم من جماعة مقاومة اخرى. كما شرحنا، نحن لا نسيطر على كل شئ. وكذلك يجب علينا الا ننسى ان الامم المتحدة هي المسؤولة عن 13 عاما من الحصار الذي عانينا منه."

"ماذا عن الهجوم على الصليب الاحمر في بغداد في 27 اكتوبر 2003؟ "ايضا لسنا مسؤولين عن هذا الهجوم، نحن نكن احتراما لهذه المنظمة والناس القائمين عليها. ماذا يمكن ان تكون فائدتنا من الهجوم على مؤسسة قدمت المساعدة للشعب العراقي لعدة سنوات, نحن نعلم ان بعض الناس من الفلوجة اعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم، ولكن نحن نؤكد لكم ان من قام بها ليس جزءا من المقاومة. ايضا نضيف: لاسباب سياسية واقتصادية، هناك العديد لهم اهتمام بتشويه صورتنا."



بعد 30 من يونيو

"القرار رقم 1546 الذي تم اتخاذه في 6 يونيو هو فقط كذبة اخرى من شبكة الكذب امام اعين الشعب العراقي. اولا لأنها تنهي الاحتلال رسميا من قبل القوات الاجنبية ولكن تسمح بوجود قوات متعددة الجنسية تحت قيادة امريكية، بدون تحديد موعد لخروجهم. ثانيا، لان حق الفيتو العراقي ضد عمليات عسكرية مهمة، الذي طالبت به كل من فرنسا وروسيا والصين قد رُفض. واشنطن وافقت فقط على اشارة مبهمة الى شراكة مع السلطة العراقية وبشكل عام لا يملكوا قول لا للامريكان. العراقيين ليسو اغبياء، فان ادامة القوات الامريكية في العراق بعد 30 يونيو واموال المساعدات التي سيحصلوا عليها من الكونغرس الامريكي لا تترك مجالا للشك في هوية من فعلا يحكم العراق."

ماذا عن دور محتمل لحلف شمال الاطلسي الناتو؟ "اذا تدخل الناتو، فهو ليس لمساعدة شعبنا، ولكن لمساعدة الامريكان لمغادرة هذا المستنقع. لو كانوا ارادوا الخير لنا، لكانوا تدخلوا من السابق." قال الضباط الثلاثة وهم ينظرون الى ساعاتهم. تأخر الوقت وقد تجاوزنا الوقت المخصص لنا.

"الذي لا يستطيع الامريكان عمله اليوم، فان قوات الناتو لن تكون قادرة على عمله لاحقا. على الجميع ان يعلم: "القوات الغربية سينظر اليها العراقيين على انها قوات احتلال. هذا شئ على جورج بوش وكذلك حليفه توني بلير ان يفكروا به جيدا. اذا كانوا ربحوا معركة، لا يزال عليهم ان يربحوا الحرب. المعركة الكبرى لم تبدأ بعد. وتحرير بغداد ليس بعيدا."



رابط المقال بالانجليزية
The liberation of Baghdad is not far away
http://www.atimes.com/atimes/Middle_East/FF25Ak07.html