المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المأزق الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط



lkhtabi
09-12-2005, 04:28 AM
د. يوسف نور عوض
وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد شن هجوما قويا ضد الصحافة الأمريكية في محاضرته التي ألقاها في جامعة جون هوبكنز ، ووصف الوزير في محاضرته الصحافة الأمريكية بأنها منحازة في تغطيتها لإخبار الحرب في العراق وأنها تركز علي عدد القتلي والجرحي ولا تركز علي الأهداف التي قتل وجرح من أجلها هؤلاء، ويأتي نقد الوزير للصحافة الأمريكية في وقت تشهد فيه شعبية الرئيس بوش وإدارته تراجعا كبيرا وسط الشعب الامريكي الذي بدأ يقلقه التصاعد في عدد القتلي الذي زاد عن ألفين وعدد الجرحي الذي أربي علي ستة وعشرين ألفا ما يذكــــر الشعب الأمريكي بالصور المأسوية التي اعتاد عليها خلال حرب فيتنام.
ملاحظات وزير الدفاع أتت بمردودات عكسية في المجتمع الدولي إذ رأي فيها كثير من الناس تكرارا للنهج الذي تتبعه الدول الشمولية والدول في منطقة الشرق الأوسط خاصة التي تري أن الصوت الوحيد الذي يجب أن يعبر عنه الإعلام هو صوت الحكومة.
دونالد رامسفيلد أخذ علي الصحافة الأمريكية أنها تركز علي عدد القتلي من الجانب الأمريكي ولكنها لا تركز علي الأسباب التي قتل من اجلها هؤلاء وهي أسباب لا يستطيع هو نفسه أن يحددها بصورة دقيقة ذلك أن الإدارة الأمريكية ظلت تغير مواقفها من وقت لآخر من أجل استقطاب الدعم لقيم عليا لم تستطع أن تحافظ عليها وظهرت كثير من الفضائح المتصلة بها ومنها ما كشف أخيرا من أن المخابرات المركزية الأمريكية ظلت تدفع أموالا لكثير من الصحف العراقية من أجل تحسين صورة الأداء العسكري الأمريكي في العراق وإخفاء الجوانب السلبية وهو اتهام أقرت الإدارة الأمريكية به ما أوجد مزيدا من الشك حول دوافع رامسفيلد في مطالبته الإعلام الأمريكي في إتباع الخط الذي أراده.
ويقول المتابعون للشأن الامريكي أن موقف رامسفيلد جاء في سياق دفاعه عن نفسه أمام المطالبين باستقالته خاصة بعد تزايد الفضائح المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان في المعتقلات الأمريكية ومنها أخيرا إفادة اثنين من العراقيين قالا إنهما القيا في قفص للسباع لترويعهما.
وإذا قبلنا من حيث المبدأ أن هناك دائما جانبا آخر للحقيقة، فما هو هذا الجانب الذي يريد رامسفيلد من الصحافة الأمريكية أن تلتزم به؟
المعروف أن الولايات المتحدة حين شنت حربها علي العراق قالت إنها تهدف إلي أمرين، الأول، تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية والثاني القضاء علي بؤرة الإرهاب التي يمثلها العراق في نظرها ونعلم أن مفتشي الأسلحة النووية قالوا إنهم لم يجدوا أثرا للأسلحة النووية في العراق بل إن وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول اعتذر عن كلمته أمام مجلس الأمن التي أكد فيها أن العراق كان يمتلك أسلحة دمار شامل، واعترفت الحكومة البريطانية في ما بعد أنها لم تجد أثرا لأسلحة الدمار الشامل في العراق، وأما بالنسبة للإرهاب فلم يعرف أحد أن العراق كان يحرك أي جماعة إرهابية، ولكن سقوط السببين اللذين من أجلهما شنت الحرب في العراق لم يجعل الولايات المتحدة تغير موقفها من الحرب فهي مازالت تصر علي أن هدفها هو إيجاد نظام ديمقراطي في العراق يصلح نموذجا للتغيير في منطقة الشرق الأوسط، وتلك سذاجة ما بعدها سذاجة لان صوغ دستور في العراق أو إجراء انتخابات لا يعني بداية الدخول إلي عصر الديمقراطية، فالذين يتابعون الشأن العراقي يعلمون أن التطورات السياسية في العراق أطلقت المذهبية والقبلية من عقالهما وأصبح العراق مهددا بالعنف والتفكك، ذلك أن الأسس التي ساندتها الولايات المتحدة في العراق لا علاقة لها بمفهوم الديمقراطية الحديثة لأنه هناك فرقا بين الديمقراطية التي تقوم علي نظام مؤسسي والانتخابية التي تعطي مشروعية لأصحاب المذاهب وزعماء الطوائف والانقسامات للوصول إلي السلطة بطريق مشروع.
والسؤال الجدير بالاهتمام هو هل الولايات المتحدة صديق للعرب بحيث تعمل من أجل تحقيق الديمقراطية في عالمهم؟
الحقيقة هي أن معظم أفراد الشعب العربي يرون الولايات المتحدة عدوهم الحقيقي وأنها مستعدة لان تفني الأمة العربية كلها من أجل أن تحافظ علي المصالح الإسرائيلية، ولو كانت الولايات المتحدة صديقا حقيقيا للعرب لعملت من أجل سيادة النظم الديمقراطية في المنطقة، ولكن آخر فضيحة تقول إن الولايات المتحدة استخدمت مطارات أوروبية كثيرة ومنها مطارات بريطانية وألمانية من اجل أن ترسل بعض الأشخاص المطلوبين إلي حكوماتهم علي الرغم من أنها تعلم أنهم سوف يخضعون للتعذيب بل هناك معلومات تقول إن الولايات المتحدة سلمت مواطنا ألمانيا علي السلطات في أفغانستان وهو ما قد يعرض علاقاتها مع ألمانيا للخطر، ولكن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس التي قامت بجولة أوروبية من أجل تحسين صورة الولايات المتحدة في الخارج قالت إن ما فعلته الولايات المتحدة قانوني وإن حكومتها اتفقت مع حكومات الدول التي أرسل إليها المطلوبون بالا يخضعوا للتعذيب أو الامتهان، وتلك كلمة حق أريد بها باطل لان الولايات المتحدة لا تستطيع أن تضمن عدم انتهاك حقوق أولئك الأفراد خاصة وأنها هي نفسها قامت بهذا الانتهاك ليس من خلال معسكرات الاعتقال في غوانتانامو وأفغانستان وبعض المعسكرات في دول أوروبا الشرقية فحسب بل من ناحية أنها حرمت الملتجئين والمواطنين من حقوقهم التي اقرت بها القوانين الدولية وحقوق الإنسان.
ونحن نعلم انه خلال الحرب الباردة لم تكن الولايات المتحدة تقوم بمثل هذه الممارسات ولكنها بعد أن أصبحت اكبر قوة في العالم وسيدة قراراتها أصبحت ترتكب كثيرا من المخالفات التي تتعارض مع القانون الدولي ويكفي أنها ترفض التوقيع علي اتفاقية محكمة جرائم الحرب الدولية كما رفضت التوقيع علي بروتوكولات كيوتو المتعلقة بالمناخ علي الرغم من أنها تعلم أن التفسير الوحيد لمعارضتها للتوقيع في مثل هذه الاتفاقات الدولية يفسر علي انه محاولة للتهرب من التزاماتها الدولية والإصرار علي ارتكاب مخالفات في أمور كان المفروض أن تكون هي القائدة للمجتمع الدولي فيها. ولكن كما قلنا فإن الولايات المتحدة لا تعبأ كثيرا بمواقف المجتمع الدولي منها طالما كانت تحقق مصالحها ومصالح دولة اسرائيل.
وإذا كان الأمر يقتصر علي الولايات المتحدة وحدها لهان الأمر، ولكن المجتمعات العربية تنظر بكثير من الاحتقار لموقف الولايات المتحدة المؤيد لأنظمة الحكم العربية في مصر وليبيا والمغرب علي الرغم من أن هذه النظم تقوم بخروق واضحة للقانون الدولي وحقوق الإنسان وقد رأينا أخيرا كيف سكتت الولايات المتحدة عن عمليات البلطجة ومنع المواطنين من الإدلاء بأصواتهم في مصر بل رأينا الولايات المتحدة تسكت عن التزوير المنظم لإرادة الشعب المصري، ذلك أن الانتخابات التي جرت في مصر لم تكن انتخابات ديمقراطية وإنما كانت عملية مخططا لها من أجل إضفاء الشرعية علي نظام الحكم بأسلوب يبدو قانونيا مع أنه يفتقر إلي ابسط قواعد القانون، ولا نريد أن نقول بذلك إن العملية الانتخابية كانت صفقة بين الحكومة والاخوان المسلمين لأنه لا أرضية مشتركة تجمع الاثنين ولكن الحكومة كانت تعلم أن الاخوان دخلوا في صفقة مع أحزاب المعارضة الأخري وأنهم لا يريدون خوض الانتخابات في أكثر من ربع الدوائر وهو ما يترك للحكومة مساحة مناسبة للاستمرار والظهور بأنها خاضت انتخابات ديمقراطية وقد نجحت خطة الحكومة لان الاخوان لم يحققوا قدرا من النجاح يهدد سلطة الحكومة ولكنهم نجحوا في أن يساعدوا الحكومة علي استبعاد أحزاب المعارضة التي تريد إسقاط نظام الحكم. ولكن الولايات المتحدة علي الرغم من ذلك لم تتحرك للإسهام في تصحيح هذا الوضع
ونري مع ذلك أن الولايات المتحدة ترتكب خطأ لا يقل عن خطأ دخولها في العراق إذا ظنت أنها قادرة علي تنفيذ سياساتها بنفس الأسلوب الذي تستمر عليه وكل ما تريده وسائل إعلام تؤيد مواقفها، فقد ظهر المأزق الأمريكي بوضوح في كل من سورية وإيران، ذلك أن الولايات المتحدة اعتقدت أنها قادرة علي تحقيق انتصار في البلدين بالضربة القاضية وهو أمر غير ممكن لان البلدين يعلمان أن الولايات المتحدة غير قادرة علي خوض حرب أخري في المنطقة كما أنهما قادران علي أن يسببا لها المتاعب في العراق وفي المنطقة كلها بما يخلق حالة من الفوضي لا تريد اسرائيل بكل تأكيد أن تجد نفسها فيها، وهذا هو المأزق الحقيقي وهو مأزق لا تراه كثير من الدول العربية التي تستمر في طريق التنازلات للولايات المتحدة وإسرائيل ظنا منها أنها تجد الحماية عند هذه الدولة العظمي علي حساب مصالح مواطنيها وهذا وهم ستثبت الأيام أنه لا يقوم علي أسس صحيحة.
9http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2005\12\12-08\z89.htm&storytitle=ff??????%20????????%20??%20?????%20???? ?%20??????fff

lkhtabi
09-12-2005, 04:34 AM
انا اسف على نقل هاد المقال نقلت قبل ان اقراه