المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا يجب أن تقرأ رواية الرئيس " أخرج منها ياملعون" الجزء 11



lkhtabi
06-12-2005, 11:06 PM
شبكة البصرة

د. عبد الله شمس الحق

هبت (لذة) في جزء مضى تحاور(حسقيل) تسمتلص من فمه ما يفيدها لمعرفة أحقاده ومكره حتى إستدرجت منه الكثير!! وتيقنت أنه جبان ماكر وللمال والذهب ديان ! وإستقرأنا من عودة ( شيخ المضطرة) كيف عاد من الغزو كسير ، ليرتطم بما أعده له ( حسقيل) من سوء و تدبير!! مخسئا للشيخ بين قومه بمعونة (زوجة الشيخ الخائنة) .. فتلاشت منزلته وغدا بين قومه من دون شكر و تجزيل .!! فتبين لنا هكذا حال الناس أكثرهم .. ديدنهم في حب المشايخ تمثيل !! ثم بين (الرئيس) بعد مضي ٍ كيف تشاقق أبناء القوم بين شامخ بحب قومه وخاسئ وغاوي وجربوع تابع للروم أو ( حسقيل) !! ومن شيوخ البطون في (المضطرة) كان أعيل من عيال القوم في التقافز من أجل حفنة مال أو نيل صبية رومية وبيع ضمير!! وها نعود اليكم ياقرآءنا بجزء آخر من رواية (الرئيس) وعسى الله يسهل لنا ولكم حسن القراءة والإنتفاع بما هو للحق نصير!! وكي نتحاشى الإنتساب الى ثلاثة ليسوا في جهادهم جادون : منْ لا يفزع منهم خلف الأمير للجهاد .. منْ شق صفوف الجماعة في نداء الله أكبر حقدا وعناد .. منْ صرصرّ أذنيه عن الحق ولغى ليحزق بين المجاهدين فرقة وبعاد ..! ولنتابع معا سير الرواية ولنرى كيف يدلنا(الرئيس) لمكامن الضعف في نفوسنا ونتركها منافذا ليستغل الدخول منها (حسقيل) الحقير:-

((... ويواصل (حسقيل) خبثه مع شيخ عشيرة المضطرة وأفراد عائلته بهدف السيطرة عليهم وعلى ثرواتهم عن طريق المصاهرة ، وافق شيوخ العشائر المنتسبون لتلك القبيلة ، ومعهم أغلبية الحضور .. رغم اعتراض أحد الشيوخ بقوة على هذا، وسحب (صلاح) سيفه وهو يصيح بقوة :

ـ ان هذا غدر.. ان هذا خيانة لتاريخنا وتراثنا، وتضحيات أجدادنا وآبائنا، حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، شيختم من قبل أبو (لذة) شيخا علينا والآن تسعون لأن يصير (حسقيل) مع كلب الروم ، أن هكذا تصرف يعتبر خيانة لدين كل من هو على دين حقيقي منا ..! خيانة للحاضر وللأجيال من بعدنا .. ((قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم ، من إله غيرالله يأتيكم به آنظر كيف ُنصرف الآيات ثم هم يصدفون ))الأنعام64/ الأنعام ... ثم قال(صلاح) :- ((.. فوالله لن ارضخ لأمر يُسيء لكل هذا، ولن يرهبني ويجعلني لا أقرر طريقي واختياري بنفسي ، أنا وعشيرتي ، ولن أخشى (حسقيل) ولا الروم ، ولا أخشى من يرضخ صاغراً مخزياً لهما ...!!

عندها إعترض أحد الشيوخ فصاح به (صلاح) بقوة .. فهمّ به ذاك الشيخ أن يهوي على (صلاح) بسيفه فسقط على ظهره حتى تظهر عورته .. فضحك قسما من الشباب ، بعد أن ظهر الشيخ المتشهم ، في منظر أبخس من الجُبن وهو كان قد تظاهر ليواجه ذلك الشهم الكاره للنفوس الضعيفة .! ...)) أن نقل هذه الصورة يفهمها العرب وهي تدل على معاني كثيرة .. إذ وسيادته قصد كيف أن عيوب الخونة سرعان ما يظهر في جبنهم إذ يهوون لأنهم مهتزون ولايمتلكون أية من المبادئ والقيم الثابتة وحتى الشجاعة الكافية عندما يتظاهرون في حمل السيف !!

((.. من جانبه ، كان (حسقيل) قد رتب الأمور مع زوجة الشيخ ، لذلك كان الاجتماع في بيت الشيخ ، وإختيار وجهاء وشيوخ العشائر أن يكون (حسقيل) هو الذي يدير الاجتماع ، وعندما حاول أن يظهر شيئاً من التمنع التمثيلي ، قام كثر منهم إليه ، ملحفين الرجاء ، هذا يقبّل كتفه ، وذاك أنفه ، والآخر جبينه ، أو كتفه ، وصغار السن يقبِّلون يديه ، وكلهم يرجون (حسقيل) أن يقبل الإشراف على مناقشة مصير القبيلة ..)) ... يا إلهي .. كم هذا(الرئيس) الحبيب عظيم بكتابة السطور والتنبأ بما قد لم يخطر على بال الحضور..! كم هي تتطابق مع قبلات الأوغاد (بحرالعلوم وحسين الصدر) وأمثالهم وهم يعانقون ويقبلون(بريمر) كالقرود !! ... و لنرى ماذا بعد يخبرنا (الرئيس) :- (( .. إلا واحداً من الحضور، كان رجلاً مهيبا ً، قاتل قتالاً مشهوداً عند المنازلة مع القبيلة المختارة ، رغم أنه أساساً لم يكن مقتنعاً بضرورة شن الغارة على تلك القبيلة ، ولا بأسبابها ودوافعها ... عليه عندما نزل رجال المضطرة من على صهوات جيادهم لينهبوا حاجيات بيوت المختارة قبل أن تبدأ المنازلة ، بقي هوعلى ظهرجواده ، ولم يشترك في جمع الأسلاب ، وجعلته حصانته الذاتية وروحه العالية ، وشجاعته ، من بين القلة النادرة ، بل في مقدمتهم ، مع ما سجل من علامات متقدمة على من قاتل فعلا ، لذلك كان آخر من إنسحب من المعركة ، ولكثرة ما سال على قبضة سيفه من دماء، جفت على كفه اليمنى بسبب الإمساك بالسيف لمدة طويلة ، وهو يهجم بأمل أن يخلص أكبر عدد ممكن من الوقوع في الأسر.. ولأن الدماء جفت وجمدت على كفه وهي ممسكة بالسيف ، فإنه لم يتمكن من فتح قبضة يده ويخليها من قبضة السيف ، إلا بعد أن نقعها في ماء دافئ عند أعرابي استضافهم وهم في طريق العودة إلى ديارهم بشهادة من كانوا عائدين معه، إلى قبيلتهم بعد الغزو الفاشل ...(( ... أوليس حقا أن الشجاعة في الحق ثلاثة :- العمل على مقاومة الباطل باليد فإنْ كانت اليد قد عجزت فباللسان وإن كان اللسان خفت فبالقلب كأضعف الإيمان .. والله لا يكلف نفسا إلا وسعها .. و(صلاح) لم ينسى وفاءه وولاءه لقومه فالدماء من أجل قومه في كفيه بقبضة السيف جفت فأخذ من الشجاعة أولها ليبقى حقيقا بطلا إنسان !

(( ... قال (صلاح) ، بعد أن نهض ليتكلم وقوفاً :ـ إننا أبناء قبيلة واحدة ، نحن الحضور هنا في دار الشيخ الذي خزينا به قبل أن يخزي نفسه ، ذلك لأن من لا يستحي من العار لا تخزيه نفسه إذا ما أرتكب ما يعيب ، أقول ، نحن الموجودين في هذا البيت ، كلنا أبناء قبيلة واحدة ، إلا (حسقيل) ، ومن أحضرهم معه ، فهو رجل غريب، والذين معه غرباء أيضا ، بل جاءنا دخيلاً ، وقبلنا أن يعيش بيننا كمستضعف ، ويعمل وفق مصلحته صائغاً أو حذّاءا للخيل ، أو حداداً وصانعاً للأسلحة ، لكن لا يجوز أن نبحث شؤوننا بحضوره ، خاصة في شأن مصيري كهذا .. وفي كل الأحوال ، لا يجوز أن يكون (حسقيل) مشرفاً على كل مايدور بيننا ، أو ينصب شيخاً علينا ..!!

وفي الوقت الذي كان يقول ذلك ، كان كثر من الجالسين يشوشون عليه، وبعضهم يحصبه بالنوى أو الحصى الصغير..))....إنتبه أيها القارئ العزيز فأن الإشارة من قبل ( الرئيس) للحصب بالنوى أو الحصى تعني الى فساد القوم - قوم لوط - إذ ونهى الرسول - ص- عن (15) من الكبائر التي كان يرتكبها قوم (لوط) .. ومن بينها حصب النوى أوالحصى من قذارات أعمال قوم لوط ..!! (( .. بعد أن كان (حسقيل) قد قدم لهم تمراً ، قبل الغداء ، وقد أراد بهذا أن يظهر لهم كرمه ، وفي الحقيقة أراد أن يجعلهم يتناولون التمر، لينكبوا على شرب الماء ، بما يجعلهم مقلين في تناول الطعام الذي أوصى أم (لذة) أن تزيد سمناً في طبخها كي لا يكثر الشرهون تناول الطعام .. هكذا قال (حسقيل) للشيخة أم (لذة) :- بذلك يا شيخة ، بإمكاننا بأقل ما يمكن من الذبائح والثريد أن نجعلهم يشبعون ..!

ورغم أن الحاضرين كانوا يشوشون على (صلاح) ، ذلك الرجل الوقور الشجاع ، فقد واصل كلامه ، وقال :- إنني اعترض على وجود (حسقيل) وأي غريب بيننا، ولكي لا تتصوروا أن اعتراضي على (حسقيل) لسبب ذاتي ، فأنا لا أرشح نفسي شيخاً للقبيلة ، وإذا كنتم لا توافقون رأيي ، فأنا أعلن انسحابي من هذا المكان ، وسأعزل منزلي عن منزلكم حتى تصحوا على زمانكم ، وتلتزموا بتقاليد آبائنا وأجدادنا ، وتحترموا حقوق القبيلة ومبادئها .. ومن يتبعني فليتبعني ، ومن يبقى فعليه إثم ذنبه ...

نهض، ونهض معه عدد من الشباب الذين كانوا يحضرون هذا الاجتماع، ولم يبق إلاّ عدد قليل من الشباب لم ينسحبوا، مع عدد آخر من كبار السن ، وأغلبهم كانوا كهولاً أو شيوخاً ، وأثناء عبوره آخر صف من الجالسين، لطم وجه من كان يحصبه وهو يتكلم فسقط على الأرض، وتدحرج غطاء رأسه ، وعندما حاول بعضهم أن يتجاسر عليه ، سحب سيفه ، وسحب الشباب الذين نهضوا معه سيوفهم أيضا ، وهنا قام (حسقيل) ليقول :

(أخوي راشدة)، اترك الرجل يرحل، ولا تعملوا لنا قصة ، يا إخوان نحن لسنا بصدد أن ننشغل ببعضنا الآن ، فلذلك شأن آخر، قد يأتي وقته لاحقاً .. لا تضيعوا علينا فرصة تدبير أمرنا ، ثم استدار ليهمس في أذن شيخي أكبر عشيرتين في القبيلة ، كان أحدهما يجلس على يمينه ، والآخر على يساره .. سوف يعاقبه (شيخ الروم) على موقفه .. لا تقلقوا ...!! )) قال (حسقيل) ذلك ... وهنا إشارة أخرى متداخلة في كيفية بحث ( اليهود) عن الفرص السانحة للتدخل من أجل إيذاء كل منبع أو مصدر خير في الأمة ... أما وبعد لنتابع ماذا فعل (حسقيل) بعد مغادرة (صلاح) وربعه :-

وأستمر (حسقيل) ، ليجبر الخواطر، ولكي لا تضيع عليه الفرصة التي خطط لها .. وبعد أن غادر الرجل الشجاع هو ومن تبعه من شباب القبيلة. جلس الباقون ، كل في مكانه .. وأمر (حسقيل) العبيد أن يصبوا القهوة للضيوف .. هكذا قال ليوحي بأنه صاحب البيت. قال أحد الحضور لنبدأ :-

فإنطلق قولا ينتقد تصرف الشيخ أبي (لذة ) .. تبعه آخرون ، كل يصف عيوب الشيخ ، وكان شيخ المضطرة ، في الواقع ، مليئاً بالعيوب .

قال أحدهم : لماذا لا نحضر الشيخ ، لنسمع منه ؟

نهره أحد (شيوخ الروم) .. فسكت ...!!

إستمرت محاكمة الشيخ حتى قرروا خلع صفة المشيخة عنه بحضور الجميع ، وبإشراف (حسقيل) ، وعندها صاروا أمام ضرورة أن يختاروا شيخا للعشيرة بدلا من الشيخ المخلوع قال أحدهم : ـ أنا ارشح نفسي لهذا المنصب .. ومن لديه اعتراض فليقل .. قال ذلك بعد أن سحب سيفه من جنبه ، وشهره بوجه من قد يعترض، وقام خلفه أبناء عمومته والأقربون ومعهم بعض الروم ، وهم يسحبون سيوفهم ويشهرونها .. وهكذا فعل آخر، ومعه فعل المقربون إليه ، ثم ثالث ورابع وخامس، حتى لم يبق وجه وشيخ من وجوه وشيوخ العشائر ضمن تلك القبيلة الا ورشح نفسه ، وسحب سيفه ، ومعه أتباعه يشهرون سيوفهم بوجه المجهول ..

هنا قال (حسقيل) : ـ يا (ها لربع) ، في مثل هذا الجو، من الصعب ان نختار من بيننا شيخا للقبيلة ، وأخشى ان تحصل مذبحة بيننا ، اذا اخترنا من بين الحضور شيخا لنا، بسبب تعارض الرغبات والاتجاهات .. ومن اجل ان نحقن الدماء ونحافظ على وحدة القبيلة، أشير عليكم بأن نحكم في امرنا شيخ القبيلة الرومية ، فهو رجل حصيف ، وفوق ذلك شيخ أكبر وأقوى قبيلة، وهو فوق كل ذلك ، تحمل عبء ومخاطر الطريق ليجاورنا هو وقبيلته، أليس من الحكمة ان نعطيه فرصة ان يقول في امرنا رأيه ، وهو شرف كبير لنا لا يدانيه شرف ؟! قال (حسقيل) ذلك وهو واقف ، وعندما جلس صفق له كثير من شيوخ العشائر في القبيلة المضطرة ، الا واحد اعترض على المقترح ، فقال :

ـ إنني افضل ان نحل أمرنا بأنفسنا ، بدلا من الشيخ الذي اقترحته ، يا (حسقيل) ...

وعندما رفض الحضور الرأي الوحيد للشيخ المعترض، قال (حسقيل) :
ـ اذن ، على هذا الاساس ، اعتبر ان شيوخ عشائر المضطرة قد وافقوا على مقترحي ، الا شيخ عشيرة واحدة .

أصبح تحكيم شيخ الروم حالة ملزمة وواجبة طبقا لقرار اتخذه عدد من شيوخ عشائر القبيلة ..)) ... ياسبحان الله وكأنها حالة تدل على حقارة ( الشرعية الدولية) التي فرضت وتفرض على العرب والشعوب المضطهدة رغما عنهم .. وهذا ويقول (الرئيس) وهو يروي لنا -: (( ... رغم أنهم لم يكونوا الاغلبية ، ولكنهم فرضوه كأمر واقع ، على اية حال ... نهض (شيخ الروم) ، وتنحنح ، وكلما تنحنح ، قال له اقربهم : ـ أبشر، أبشر، والله يا طويل العمر، لن نخرج عن مشورتك (شورك) وما تقرره، أنت (خوينا) الكبير، وصاحب السطوة العالية في هذا الزمان ...!! )) ... في كل هذا نعتقد أن الأمر بات متروكا للقارئ لينطلق بتصوراته كما يجب!! لتقدير حدس(الرئيس) غير الإعتيادي في قراءة متداخلة للمستقبل والوقائع المقبلة مع تلك التي يرويها في سطور روايته ، وبعد تلك الإشارات الواضحة التي جليناها له في كيفية قراءة الرواية !!

((...عندها قال شيخ القبيلة الرومية :ـ أجد صعوبة كبيرة في أن اختار واحدا منكم ، بعد ان رأيت ما انتم عليه من فرقة ، لذلك أرى ، من اجل مصلحة القبيلة ، أن يكون (حسقيل) شيخ قبيلتكم .. ثم أردف :ـ أن (حسقيل) ذو تدبير، وهو يصنع السلاح ، وله وكالات للمال والدعاية كثيرة ، ويقيم معنا علاقات نثق بها ونأتمنها، وعلى هذا الاساس فنحن ايضا بامكاننا ان نساعدكم ، وعندما تكون ايدينا بايديكم ، ويكون (حسقيل) شيخ قبيلتكم ، فإن كل شيء ممكن ، بما في ذلك ان نتكاتف على قهر القبيلة المختارة ...!!

ورغم إعتراض شباب القبيلة الذين ليس في ايديهم حل ولا عقد، صفق شيوخ عشائر القبيلة الا واحدا، قام وقال: ـ أنا ارفض هذا الاختيار، انه إختيار مهين لقبيلتنا، وأنا أعترض عليه ...!

قال شيخ الروم : ـ ولكننا سنحارب من يرفض .. وسوف نكون جميعا متحدين ضده ..!

قال ذلك الشيخ :ـ أنا ارفض هذا الطريق ، ومع انني لا أريد الحرب، ولكن عندما اكون مضطرا عليها سوف اقاتل ..!!

ومع أن شباب القبيلة صفقوا له ، فإن ايا من شيوخ عشائر القبيلة الذين وافقوا (حسقيل) لم يأخذ برأيه ، لذلك غادر الجلسة ..!

قال (حسقيل) :

اشكركم إخواني ، وأبناء عمومتي ، على اختياركم إياي شيخا للقبيلة المضطرة .. سوف أسقط عنكم نسبة الفائدة على الديون المقررة بذمتكم .. وسوف أمنح كل شيخ من شيوخ العشائر في القبيلة مبلغا من المال يدبر به شؤون بيته ، ويديم شراء القهوة ليقدمها في مضيفه ، وكل على أساس وزن عشيرته ، وسوف أخصص نسبة مما تجمعه العشيرة من عملها وثروتها لشيخ قبيلة الروم ليديم دعمه لنا ، وكإعتراف منا بجميل اسناده، وصنيعه .. فنحن من غيره لا نستطيع ان نستمر في مشيختنا ...!! )) ... أن في إسقاط الديون محاولة تشبيهية واضحة من لدن (الرئيس) الى (صندوق النقد الدولي) وما يترتب عليه من فوائد عالية أثقلت وتثقل كل الشعوب والدول النامية ودول العرب من بينها !! بل وأن منح المال الذي جاء على لسان (حسقيل) للبعض المتواطئ من الشيوخ وترميز سيادته الإشارة لتمكينهم من شراء (القهوة) .. فأراد سيادته أن يبين لنا مدى ذلك التدخل والسيطرة بلغ ليسقط فينا كل قيم الأصالة والنخوة العربية .. إذ و(القهوة) هي رمز من الرموز غير السهلة لأقيام العرب وما يصاحبها من سلوكيات تراثية وإجتماعية بدءا حتى من طريقة (صب القهوة) في دواوين ومضايف أمتنا ..! بل وأن إهانة (حسقيل) بلغت لتعني ذلك حقا وهو يشير في أعلاه (للقهوة والمضيف) ...!! ولابد لنا هنا من القول - من هنا وجدت (النبؤات اليهودية) في (ملك بابل)- المارد القادم - سوف يعمل على إلغاء التعامل بالعملة النقدية حينما تحين بدء ساعة (الحرب الموعودة) ، فهل الآن يتمكن القارئ من تصور معاني (الرئيس) في إشارته تلك ..!! وكأنه يتوعد أويحذر من (النظام النقدي العالمي) وكيف يجدها صناعة يهودية ورومية .. وما سبب لنا هذا النظام كبدعة محصورة بين أيديهم من مذلة ورغم نحن أصحاب أكبر الثروات التي أنعم الله بها العرب من دون غيرهم من الأمم ..!! ولنعود للرواية مرة أخرى ، لنلاحظ كيف أن ( حسقيل) قد صار مالكا للمشيخة بعد أن سيطر بدعم ( الروم ) - الغرب وأميريكا- على مواقف الجميع .. فتابع ياعزيزي القارئ ماذا يقول (حسقيل) :-

(( ... إلتفت (حسقيل) الى من كان يجلس جواره ، ووجده يضحك ، فقال : ـ أن الطامعين في مشايخنا كثر، وان قوتنا غير مهيأة دائما لتكون في وضع تستطيع ان تصد عنا طمع الطامعين ، خاصة اذا ما ظهروا لنا من بين صفوفنا .. ولذلك فإن حاجتنا دائمة ، يا إبن أخي ، للقبيلة الرومية وشيوخها ..! وأضاف :ـ اشكر لكم جميلكم وصنيعكم ، واذا وافقتم ، فانتم مدعوون في بيتي اليوم ، لنحتفل معا انا وجماعتي ...! قال (جماعتي) كأنها فلتة لسان ، وكان يقصد شبكة العيون والدساسين، ومتسقطي الاخبار، لكنه استدرك ليقول:ـ عفوكم ، اقصد انا وقبيلتي، نساء ورجالا، اليست الحفلات المختلطة افضل ، يا جماعة الخير؟

صاح قسم من الشباب بحماس: ـ بلى ، يا شيخ ..!

وقال أحد الحضور، وهو ثمل ويمسك بيده قنينة خمر من فخار، وباليد الاخرى قدح فخار أيضا، وبعد ان ملأه من القنينة رفع القدح الى الاعلى فوق رؤوس الجالسين، وصاح بصوت متقطع، ووجهه يتصبب عرقا، وهو بالكاد يجد بداية الكلام ليقول: ـ بصحتكم.. بصحة (حسقيل) .. قالها متقطعة هكذا: بــ.. صحـ.. ـتكم.. بـ.. ـصحة.. حســ.. ـقيل.

وقد أجابه شيخ (قبيلة الروم) بلغة اجنبية : ـ (تشيرز)..

ثم استطرد (حسقيل): ـ ومعنا شيخ قبيلة الروم ، نساء ورجالا، لنحيي حفلة مشتركة حتى المساء ، ولنشاهد رقصات ودبكات الروميات، ومعهن، أو الى جانبهن شيخات قبيلتنا ، بالإضافة الى رجال القبيلتين ..!

قال الأكثرية: ـ نعم .. نعم .. إلا اثنين .. إعترضا وخرجا !! ...)) .... يا إلهي كم هو اليوم أشبه بكل ما يرويه (الرئيس) بكل بساطة وأقتدار .. وهم يشيعون فينا كل مظاهر التعري والإنحلال !! بين شبابنا الذين هم سهل إن لم يتحصنوا بدينهم نحو الجنس إنجرار !! ...(( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون )) 90/ النحل ... وثم قال( عزوجل) - (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنو لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) 19/ النور .... وثم أمر الحبيب- الله - (( يا أيها الذين آمنوا لاتتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته مازكى منكم من أحدا أبدا ولكن الله يُزكي من يشاء والله سميع عليم )) 21/النور .....

(( ... بعد أن صار (حسقيل) شيخ القبيلة ، حدد لمن يطلبهم ثمن السلاح موعدا ليسددوا ما عليهم ، وإستولى على ما يساوي دين من عجز عن التسديد من أغنام وابل وابقار، بل راح يستولي على بيوت الشعر العائدة الى من لا يستطيع التسديد ...!!

وعندما يسأله من يسأل:ـ أليس هذا مبالغا فيه ، يا شيخ؟

يجيبه:ـ وماذا افعل مع من لا يستجيبون لتسديد حقي؟

وعندما يقول له من يقول:ـ أليس من حق إبن القبيلة على شيخه ان يتضامن معه في مواجهة الظرف الصعب؟

يجيب:
ـ وما قيمة الشيخ والمشيخة من غير فلوس، يا أخي؟ أترى انكم تختارونني شيخا عليكم لو لم املك مالا ؟ ألم يكن كثير منكم يأخذ برأي (صلاح) عندما كانت فلوسه كثيرة قبل القتال ، وبقيتم في مجلسي عندما إحتج على اختياري شيخا، ولم يكن ذلك لأن مالي كثير، وصار هو لا يملك كما كان في السابق ، وان نفوذي اندمج مع قدرة ونفوذ الروم ؟.. نعم يا أخي ان المال يجمع منك ومن الآخرين، لنواجه به اناسا (كصلاح) ، ما أدرانا .. قد يظهر من بيننا كثر مثله ! إستمر (حسقيل) ، الى جانب ذلك ، يجمع الفلوس من حصيلة ما تشعب من مصالحه .. حتى صارت لمصالحه فروع ليس ضمن القبيلة المضطرة فحسب، وإنما اتفق مع قبيلة الروم على ان يتوسعوا في مصالحهم وفق شراكة خاصة ، ويمتدوا في مجاميع الحدادة والنجارة والحياكة وبيع السمن والبسط والزيت والزيتون لكل القبائل ، ومن لا يفتح لهم مجالا لمصالحهم يشنون عليه حربا بصورة مشتركة ، حتى أنهم أسسوا وكالات خاصة لتصدير واستيراد كل شيء تبيعه القبائل أو تستورده ، إلا اهل العراق ، فانهم رفضوا ان يبيعوهم شيئا ، أو يستوردوا منهم شيئا ، من خلال المكاتب التي أسسها (حسقيل) ، أو أسسها بصورة مشتركة مع الروم ..)) .... هنا بدأت إشارة(الرئيس) تتجه أكثر وضوح .. وهو يبين تلك الإستقلالية الإقتصادية التي تمتع بها العراق وخاصة بعد قرار التأميم منذ أكثر من ثلاث عقود وكيف أثارت ضد العراق العداء .. وإن دل هذا على شئ إنما يدل على إننا عندما كنا نستقرأ كل سطور رواية ( الرئيس) ومنذ السطر الأول ، لم نكن من الهائمين في الغيب أومن الساعين للذهاب في معانيها تحويرا وتأويلا غير صحيحين !! وها هذه عبارات (الرئيس) تتلاحق أكثر وضوحا في مايلي أدناه :-

((... ولأن ما كانوا يستوردونه من العراق هو النفط والقار (اي القير)، والتمر.. وكلها، عدا الحبوب، لم يكن احد ممن يجاورهم يمتلك بديلا عنها، فقد اضطروا الى أن يسمحوا للقبائل بأن تستورد من العراق من غير شروط . وتسببت المكاتب التي أسسها (حسقيل) ، أو تلك التي اسسها بصورة مشتركة مع الروم في عداوات واسعة بين قبائل العرب ضد (حسقيل) وضد الروم من بعده ، لأنهم تضامنوا مع (حسقيل) في تجارته الاستغلالية ، عدا عن الارباح الفاحشة التي كان يتقاضاها من الربا، سواء من خلال وكالاته ومكاتبه المتخصصة المستقلة، أو تلك التي اسسها (حسقيل) بصورة مشتركة مع الروم . وقد فرض (حسقيل) والروم على كثر من قبائل العرب، بل حرموا عليهم ان يبتاعوا سلاحا، أو أي نوع من أنواع ادوات الزراعة أو الحرف اليدوية، وحتى أواني الطبخ، إلا من الروم أو (حسقيل) ، وكانت عقوبة من يتجاوز ذلك الغزو، ويستولوا على ممتلكاته، فعاثوا في الارض فسادا، بعد ان أصبحوا أكبر قوة في هذا المحيط ، في ذلك الزمان، وكلما ظهر صوت من بين الشباب يعترض على (حسقيل) وقبيلة الروم ، دبروا له في ليل خنجرا مسموما ليغمد في ظهره أو بين ضلوعه ، أو يغروه يما يغرونه به، كل حسب هواياته واهتماماته ليتنازل عن موقفه لصالحهم ، وصاروا الأكثر ثروة بين القبائل، بل لعل ثروة (حسقيل) بصورة خاصة، وثروة شيوخ قبيلة (حسقيل) وشيوخ قبيلة الروم صارت الاكثر، بغض النظر عن مستوى ملكية افراد القبائل العاديين، الغني منهم والافقر، حتى بالقياس بما كان عليه مستوى المعيشة بين القبائل الأخرى ..)) ... فهل الآن عند القارئ أدنى شك في ماذهب اليه ( الرئيس) من معاني جليلة في روايته (( أخرج منها يا ملعون !! ) .....

كانت (الشيخة) أم (لذة) تنتظر ان يتقدم (حسقيل) لخطوبتها، بعد أن طلقها زوجها الشيخ السابق، أو هي طلقته، وعلى أساس ما إتفقت معه من قبل، وعلى خلفية خدماتها التي قامت بها بين صفوف نساء القبيلة، ولكنه كان يبقيها في أمل ، مع كل يوم أو اسبوع أو شهر يمر الى ما بعده .. حتى صار الزمن يعد بالسنوات بدلا من الاشهر، وفي الوقت الذي كان يؤمل (أم لذة) ، كانت عينه على (لذة) ، ذلك أن (لذة) لم تمكنه من نفسها ، ولأن من عادة هذا النمط من الناس ان يبحث عمن لم يلمسها، وفي الوقت الذي يشبع من تلك التي بين يديه، راح (حسقيل) يجري خلف (لذة) ، وكلما حاول معها، تملصت منه بطريقة لا تجعلها تبتعد عنه ليقطع الأمل فيها، ولا تقترب الى الحد الذي تحقق بغيته فيها ..!!

وعندما كان يقول لها :ـ لقد أتعبتيني يا بنت الحلال ، ولم أعد أعرف ما إذا كنت راغبة فيَّ فعلا أم تلعبين بي ..؟!

تقول (لذة) :- لا عاش من يلعب بك، لكن صبرك عليَّ ، لئلا نلفت إنتباه الناس لحالنا بما يثير التساؤلات، التي ما أن تكون في أفواه خصومك ، حتى تضعفك عندما يتقولون بما يعني أن عائلة الشيخ القديم متفقة معك على النتائج التي حصلت، سواء بعزل الشيخ أبي أو بتنصيبك شيخا علينا.. وبذلك يضاف اليك عبء جديد ، عدا الأعباء التي نسمعها ونراها من ان القبيلة صارت موزعة في ولاءها بينك وبين من خرجوا عليك ، بعد أن رفضوا انتخابك وولايتك على القبيلة، حتى صار لأعدائك شأنا لم يكونوا عليه ، عندما فزت بمنصب المشيخة ..!

ثم أليس ما تنتظره أكثر إثارة مما تأكله ..؟!

سكت (حسقيل) على مضض ، لا لقناعته بما قالته (لذة) ، إنما لقوة حجتها ومنطقها..)) وحق القول - (( أفمن آتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومآواه جهنم وبئس المصير)) 163/ آل عمران .. ((..ثم يعود (حسقيل) لاجئا لأم (لذة) .. وإن كان يراجعها وتراجعه، لكنه لم يبق في شوق اليها، مثلما كان في السابق ، وعندما طال الزمن بها، ولم تلمس منه ما هو يقين في رغبته ونيته في الزواج منها ..!

قالت له بوضوح :ـ إن لم تتزوجني ، يا (حسقيل) ، سأجمع كل نساء القبيلة، وأحكي لهن قصة المؤامرة التي حكتها على القبيلة ، وما وجهتني بأن اقوم به من دور وسط النسوة ..! بل لعلي جمعت الرجال لأقول لهم الشيء نفسه ، وعند ذلك سيكون مصيرك في كف عفريت .. ترى ماذا سيكون عليه حالك لو فعلت ذلك ، خاصة بعد ان صار لك خصوم جديون داخل القبيلة ، وأولئك الذين شكلوا عشيرة مستقلة من الذين خرجوا عليك ، بعد أن أشرفت على القبيلة، ثم خرج من خرج على ولايتك ، عندما اختارك شيخ قبيلة الروم شيخا على قبيلتنا ؟.. لقد نكت( غدرت) بي ، ولم يبق امامي غير ما قتله لك ، فعليك ان تنظر في الأمر جديا ، وتحكم عقلك وتقرر ولا بد ان تعرف كيف ومتى تقرر وامامك اسابيع قليلة ، فإن لم تقرر، سأحدد لك زمنا بالايام ، وبعدها اكون في حل في اختيار التوقيت المناسب والطريقة الأكثر إيذاءا بالإفضاء بكل ما اعرفه للقبيلة ..!

داور (حسقيل) الامر مع نفسه ، وأنصت وهو في اسوأ حالة اضطراب، وهو يسمع منها كل ما قالته، حتى تحول التخلي عنها الى حقد وكره شديدين، والى شعور ورغبة جامحة في الانتقام .. لذلك إفتعل او تقمص مظهر الهدوء وقال :ـ إنك واهمة في ما استنتجته ، ولا أعتقد إنك بحاجة الى ان تطبقي ما قلته، ذلك لأنني أحبك ولا استطيع ان استغني عنك، لكنني أردت أن يبتعد الزمن عن خط البداية ، لكي لا نلفت إنتباه المتصيدين ، ونعطي متسقطي الاخبار ومن يحاولون إضعافي وإضعاف وهز القناعة بمشيختي ، التي بنيتها أنت بالدرجة الاساس، تخطيطا وتنفيذا ، كأنه بهذا استعار جانبا اساسا من الحجج التي قالتها (لذة) ، عندما كان يتحايل عليها ليتزوجها ، بعد أن فشل في الحصول عليها من غير زواج ..!! )) .... وهذا هو ما سيؤول اليه سلوك الذين إتبعوا خط التآمر والخيانة .. إذ لاحول لهم بعد أن ييأسوا ولا يصيبهم إلا الخسران ، في أن يلجئوا الى مالجئت اليها ( الشيخة - أم لذة- ) التهديد والوعيد بالفضح !! ولا يفيدهم ذلك شيئا فبلغ الغادر بالغدر مثلما يردد أبناء قومنا وبلغ القاتل بالقتل .. وهذا ما سنتابعه لنشهد ماذا ستؤول اليه ( الشيخة الخائنة) من مصير :-

(( ... قالت الشيخة : ـ على أي حال، قلت ما قلته، رغم أنني واثقة من إنك ستتزوجني .. لكني أردت أن أحسم ترددك في أمر ينطوي على مصيري ومصيرك، وأردت أن استعجلك ، محاولة ورغبة مني في ان احصل منك على (ولد) يكون قرة عيوننا ويجعل دارنا تخضر من جديد ، بعد أن كبرت (لذة) وإمتناعي عن إنجاب غيرها بعد ان اكتشفت أن حياتي مع شيخ العشيرة السابق لن تستمر .. وها هي لم تستمر، مثلما تعرف وترى !

ما أن خرج (حسقيل) من بيتها حتى بدأت افكاره تسير بإتجاه التآمر على حياتها ، بعد أن وضعته أمام الأمر الواقع ..!

إستمر (حسقيل) وشيخ قبيلة الروم في عملهما الذي اعتادا عليه من استغلال وابتزاز للقبائل المجاورة، تحت كل العناوين والأنشطة التي ذكرنا والتي لم نذكر، وإغتيال هذا او ذاك وفق تدبير مشترك لمن يِكتشف انه يعارض خططهما ، بالاضافة الى العدوان المستمر على من كان يجاورهما ، بما في ذلك إنهما إمتدا في غزواتهما وعدوانهما حتى الى العراق، لكنهما هنا ُردا على أعقابهما ، رغم ما ألحقاه من أذى بالناس، ومنه قتل المواشي أوالإستيلاء عليها ، وحرق المزروعات وقطع النخيل ومع ذلك ُردا وأتباعهما مهزومين بالنتيجة وكانوا عندما ينهزمون أمام أي قوة او قبيلة ، يزدادون حقدا على المنطقة ويزدادون إمعانا في القتل وحرق المزروعات وقتل الحيوانات التي لم يستطيعوا الاستيلاء عليها ونقلها الى حيث ديارهم .. ولم يسلم منهم حتى النساء والاطفال ، حيث لم يبقوا احدا يحبهم ، بل صار الكل يكرههم من شرق المنطقة الى غربها ومن شمالها الى جنوبها ..)) ... وأليس هو ذات الكره اليوم الذي بلغ مبلغا لدى العرب والمسلمين ومن الكبت داخل نفوسهم حتى أصبح معه الرومي لا يأمن السير أو التجوال في ديار العرب كما كان عليه حتى الى ما قبل حين !! ثم يروي (الرئيس) :- (( .... وعبثا حاول شيوخ القبائل ، زرافات ووحدانا، ان يقنعوا (حسقيل) وشيخ قبيلة الروم ، بتغيير مواقفهما .. وأرهق الناس من حولهما جراء عدم الاستقرار والحروب ، وبدأ الفقر يدب بسبب الأتاوات التي فرضاها على الناس ، عدا إلزامهم بأن يكون كل نشاط تجاري أو إقتصادي بوجه عام مع (حسقيل) ووكالته ومع رئيس قبيلة الروم وقبيلته حكما، على أن يفرضا أسعار ما يشتريانه او يبيعانه، ولم يعد للمنافسة من اي طرف مكان أو دور، إنما ما ذكر فحسب .. بالاضافة الى الأتاوات المباشرة التي يفرضانها على الناس وأصحاب الأموال منهم بوجه خاص ، من حين الى آخر، تحت هذه الذريعة او تلك ..!

في أحد الايام ، إقترح (حسقيل) على شيخ الروم اقتراحا غريبا ، قبله شيخ الروم .. إقترح (حسقيل) أن يشيدا بناءين شامخين كأنهما برجان عملاقان ، وصارت المبالغات والقصص تدور حولهما ، بسبب ارتفاعهما ومستوى البناء، حتى قال أحد البنائين (الفرس) ممن إستخدموا في البناء، ان فأس البناء سقط من يده يوما وهو في الطابق الاخير، وبسبب ارتفاع البناء لم يصل الفأس الى الارض حتى ذلك اليوم الذي كان يتكلم فيه .. وإنهم عندما كانوا يعملون في البرج ـ يقول الفارسي ـ كان صعودهم يستغرق اسبوعين ونزولهم اسبوعا ، بعد أن يبقوا معلقين في سلم البناء ثلاثة اسابيع ليل نهار.. كان عدد من الاعراب وغيرهم يستمعون الى مبالغات هذا الفارسي ، وعبثا حاول من حاول منهم ان يقنعه بعدم دقة ما قاله.. لكنهم لم يقولوا له أنه يكذب على غرار ما تفعله الدبلوماسية في هذا العصر، بقولها عن الكبارعندما يكذبون، أن فلانا الأميركي .. أو الانكليزي او الفرنسي ، لا يقصد ما قاله ، او أن الصحافي الذي نقل عنه الكلام لم يكن دقيقا أو لم يكن دقيقا تماما ..!

أراد احد الاعراب أن يناكد (الفارسي) بسبب كذبه ، فقال له :- كنت مع والدي في زيارة للعراق، وإشترى لي والدي (خيارة - قثاء) من سوق مدينة (تل اسمر) (1) السومرية ، وكانت الخيارة ناضجة وبذورها ناضجة هي الاخرى ، وقد جلسنا نأكلها على حافة نهر ديالي، الذي كان إسمه تورنات في تلك المرحلة من الزمن، فسقطت بذورها ونبتت بذرة منها واورقت وأزهرت وأثمرت (خيارة) ونحن جلوس ننتظر ما يحصل، وإستمرت (خيارة القثاء) تستطيل وتستطيل ونحن نمشي معها حتى وصلت الى حدود العراق مع ايران، وإجتازت الحدود ، وإستمرت تستطيل فدخلت طهران ، ثم قصر الشاه الايراني ، ولم يتمكن الحرس منها ، وإستمرت كأنها افعى تسعى وتتلوى في طريقها، حتى إتجهت باتجاه غرفة زوجة الشاه .. وهنا صاح الايراني :

(أمان).. دخيلك .. اوقف الخيارة ولا تدعها تستمر ...



قال محدثه :- أيها الكلب ، لن أوقف (خيارة القثاء) الا إذا جعلت فأس أبيك تسقط على الأرض في الحال ...! .. هنا وفي هذه المحاولة الروائية التصويرية نجد أن (الرئيس) حاو ل أن يقدم لنا الوجه الحقيقي للفارسي في تحالفه المسموم على الدوام مع الروم والحساقلة ضد العرب .. فهو يشاركهم في تنفيذ كل ما يبغونه ضدنا بأساليب مختلفة تبلغ حد الدعاية والتهويل .. كما هو حال ( الفارسي) وهو ويبالغ بعلو البرجين !! وكذلك (الفرس) هم يتدبرون حياكة نسيج كل المؤامرات والدسائس بين العرب .. بسبب سهولة إمكانية تغلغلهم بين صفوف العرب في أشكال لايمكن تمييزها بسهولة لعوامل معروفة ..!! أما ذكر(الرئيس) على لسان العربي لمناكدة( الفارسي) المهول من حجم الروم والحساقلة في علو (البرجين) .. هو بقصد أن يبين لنا أن ( الفارسي) لا تفيد معه أية طريقة من طرق المحاورة والإقناع ، بدلالة التاريخ .. فهم لم يدخلوا الإسلام طوعا رغم كل الدعوات التي وجهت اليهم من قبل ( الرسول) الطاهر - ص - ومن بعده أصحابه .. على الرغم من أن شعوبا وقبائلا كثيرة أقل من (الفرس) فهما وإدراكا للرسالات السماوية قد تقبلوا الإسلام دينا بمجرد سماعهم بظهوره! بل ولم يسلموا بدين (محمد) - ص- حتى دش المسلمين عقر ديارهم وإنهزم (كسراهم)من قصره دون أن يسلِم وهو يتوعد المسلمين بالإنتقام ..!! لذا حاول ( الرئيس) أن يبين هذه الحقيقة عبر( حكاية خيارة القثاء الطويلة العملاقة ) التي بلغت ما بلغت في القصد .. وهو الحق بعينه يستأهلونه بحقهم !!

((...على هذه الصورة والتخيلات كانت صور البرجين ترسم وتنسج حولهما القصص والروايات والمبالغات ، لكنهما على أي حال برجان شاهقان وفريدان من نوعهما ، وقد أقنع (حسقيل) شيخ قبيلة الروم بإنشائهما، لكي يكون لكل واحد منهما برج يضع فيه ثروته أو جل ثروته ، بما في ذلك الحبوب والصوف والسمن والتمر والذهب، حيث تتعذر السيطرة عليهما لو وقع غزو، إذ يكفي ان يكون فيهما عدد من الحراس مع القسي والنبال والسهام ، او أي من الاسلحة الاخرى ، ليكون من المتعذر على الغزاة السيطرة عليهما وانتزاع موجوداتهما .. وقد بني البرجان عبر البحر على الحدود الفاصلة بين القبيلتين : القبيلة المضطرة وقبيلة الروم .. وعندما أنجزا، صارا من بين العجائب على قياس الأعاجيب في ذلك الزمان .. وبإنجاز بنائهما ، كان الشيخان قد عصرا عظام الناس وأكبادهم وقلوبهم ، ليوفرا تكاليف بنائهما ، ولكي يخزنا ممتلكاتهما ، كل في برجه.. وبالاضافة الى هذا الغرض ، فقد كان الشيخان يُحييان ، كل في برجه، حفلات ماجنة جعلت الناس تضج مستاءة من تصرفاتهما ومجونهما.. وكل منهما يرصد غارات الاعداء عليهما او يرصد غارات جماعتهما ضد الاعداء، لما يوفره ارتفاعهما من امكانية النظر الى مسافة بعيدة ...)) !!

هنا ليس من شك ، في أن ( الرئيس) - فرج الله كربه- قصد من (البرجين) تلك البنايتين ( للتجارة الدولية) في أميريكا .. اللتان أستهدفتا بطائرتين في 11/ أيلول !! تلك البنايتان اللتان هما كالحاويتان لحفظ مخزون مال العباد بوريقات إصطنعوها لمغاششة عباد الله بتراتيب مصفصفة من أزرق وأصفر وأحمر وأخضر .. يستزيدون إكتنازا بإستدانات الشعوب بالربا وسرقة خيراتها بسبق إصرار وبعد نظر .. ومضاربات أسيادها كل منْ بالله وأحكامه بغى وكفر.. وسخروا أقيام المسلمين والعرب ليهنأوا ببرجين كأنهما ألهتان يطلان على مصائر ومصائب البشر ... ((يا أيها الذين آمنو آتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس إموالكم لا تظلِمون ولا ُتظلمون))278،279/البقرة .. ((يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لايحب كل كفار أثيم)) 276/البقرة ... ((ولاتؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وآرزقوهم فيها وآكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا)) 5/ النساء ...

وبعد إليك العذر أيها القارئ إنْ توقفنا ، حتى يقدر لنا الله أن نأتيك بجزء قادم من رواية (الرئيس) في هكذا تقرأ ( أخرج منها ياملعون ) !! فإليك منا التحية والسلام..!

شبكة البصرة

الثلاثاء 4 ذو القعدة 1426 / 6 كانون الاول 2005

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس