منصور بالله
03-12-2005, 12:28 PM
المواسير الفارغة وَعـِجل السامرى
بقلم : محمود شنب
mahmoudshanap@yahoo.com
mahmoudshanap@hotmail.com
الله سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة ، وله آيات قادرة ومعجزة تتجلى فى كل شئ ... نرى بعضها بأعيننا فنحمده ونكبره ونعبده ولا نشرك به أحدًا .
حتى الأمس القريب ... كان رجال الإخوان المسلمون مادة للتهكم والتهجم والتسلية والضحك ، وكان الإخوان يصبرون على الأذى ويحتسبون عند الله ما يلاقوه ، وفى الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب أراد الله أن ينصر عباده الأتقياء ويمن عليهم بالفوز وإعلاء الشأن ، فمن عليهم بنصر مبين جعلهم كالمصابيح على رؤوس الأشهاد ، فصاروا حديث العالم وفخره ، وعندها توارى الفسقة والسفلة وجلسوا يتجرعون الحسرة فى صمت وأسى وهم يشاهدون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ، وكل هذه المعانى السامية نراها مدونة بكل تفاصيلها فى أواخر سورة المطففين بدًا من الآية 29 إلى نهاية السورة ... يقول تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ـ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ـ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ ـ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ ـ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ـ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ـ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ـ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )) فلله الحمد من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون .
لقد أحسن الإخوان اختيار الرجال وأحسنوا الإعداد والتخطيط ، ونزلوا بأعداد معقولة ومقبولة لا تستفز النظام ولا تهز الحياة السياسية فى البلاد ، ولقد استفادوا فى هذا الأمر من التجارب السابقة وعلى رأسها تجربة الجزائر ، ودخلوا ساحة الصراع بهدوء ، وجعلوا من النجاح طريق وليس غاية ، ولقد أعطاهم الله أكثر مما طلبوا دون عنف منهم أو تصادم أو إراقة دماء على الرغم من كل أعمال البلطجة التى صاحبت سطوة رأس المال وكذلك إنحراف وإنحياز كل وسائل الإعلام وحملات الاعتقال التى واكبت كل مراحل الانتخابات .
إن الانتصارات المدوية التى حققها مرشحو الإخوان المسلمين تعد بمثابة الانتصارات المستحقة التى لا يشوبها عمل من الأعمال المشينة التى وصمت نجاح الآخرين ... هذا النصر الواضح والصريح لابد أنه سيجبر النظام على إعادة النظر فى سياساته تجاه حركة الإخوان المسلمين بعد أن أصبحت خيار الشعب ومطلبه ولابد أن تدخل الدولة إلى هذا المنعطف ليس من باب العناد والمكابرة وإنما من باب العودة إلى الحق والإقرار بالأمر الواقع والتعايش السلمى مع هذه الجماعة التى لا تشوبها شائبة ... هذا إذا أراد المسئولون بالدولة وضع أقدامهم على طريق الإصلاح ونبذ التبعية والفساد وتهيئة مناخ مناسب لحياة كريمة تتناسب مع حجم ومكانة مصر عربيًا وإسلاميًا .
لقد غرقت الأمة فى الفساد من يوم أن أقصت الأنظمة الأخيار من أبنائها عن المشاركة فى صنع واتخاذ القرار ، وها هى النتيجة .. مزيدًا من الهيمنة الغربية ، ومزيدًا من التغلغل الصهيونى ، ومزيدًا من الأرض المحتلة فى فلسطين وأفغانستان والعراق وكل دول الخليج ، وأريد أن أقولها صريحة : لم يحمى الإسلام ـ بعد الله عز وجل ـ غير تلك الفئة الصابرة والمجاهدة خصوصًا بعد انفراط عقد البلاد العربية والإسلامية بسقوط الخلافة الإسلامية ، ولو تخيلنا الحياة من غير الإخوان المسلمين لكانت بلادنا أقرب للأندلس التى صارت أسبانيا وأقرب لتركيا التى تقبع منذ أمد بعيد تحت الحذاء الأوروبى ولأكثر من نصف قرن طالبة الإنضمام إليهم بعد أن فقدت هويتها وثقافتها .
الإخوان حموا الأمة فى سنوات الضلال ، وتحملوا فى سبيل ذلك كل ألوان التنكيل والتعذيب .. صبروا على السجون والمعتقلات وصبروا على منعهم من حق ممارسة الحقوق السياسية والمدنية وأقصوا عن الوظائف القيادية .. صبروا على كل شئ ... صبروا على تلفيق الإتهامات والتضييق والإهانات والتعرض لهم ولذويهم فى كل المناسبات .. صبروا على تشويه صورتهم فى الأفلام والمسلسلات ، وتميزوا بالصبر وحسن الثبات ، وفى الانتخابات الأخيرة لم يدخر النظام جهدًا فى وضع العراقيل والعقبات فى وجه مرشحو الإخوان المسلمين ، وفتح خزائنه لمرشحو الحزب الوطنى ، وأنزل الوزراء إلى الشوارع ليعدوا الناس بالعطايا والمنح والخير الوفير ، وأفرط الأجارم فى التودد إلى الشعب ، وجعلوا لكل مرحلة انتخابية خطة مغايرة للتى سبقتها ، واستخدموا البلطجية وأصحاب السوابق والمسجلات آداب .. استخدموا كل ما لديهم من أجهزة ومؤسسات ونقابات ورجال مال وأعمال واستخدموا الأمن على ألف وجه حتى أربكوه .. تارة بالسلبية التى لم تحمى القضاه ، وتارة بالتدخل الذى يمنع الناخبين من الوصول إلى اللجان ، وتارة بالإعتقالات التى تسبق التصويت بليلة واحدة ، واستخدموا كل مخزونهم من العلمانيين والمنافقين والعملاء ، وأعدوا البرامج الموجهة والندوات الغير شريفة بقيادة هاله سرحان ... ولكن دون جدوى ، فقد نجح الإخوان بفضل الله ، ولنجاحهم أسباب عديدة وكثيرة يأتى فى مقدمتها صحوة القضاه ـ تلك الصحوة المباركة التى سيكتبها التاريخ بأحرف من ذهب وسيذكر أنها كانت الحد الفاصل بين الجد والهزل والمسئولية واللامبالاة ..
ومن أسباب النجاح الغير منظور يأتى دور المرأة المسلمة فى المقدمة .. المرأة التى عملت إرضاءً للرب وتمكينـًا لدينه دون مظهرية أو إستعلاء ، وللمرأة المسلمة فى فكر الإخوان مكانة عالية ومنزلة سامية ، ولقد وضع لها أدوار ومهام هامة لا تقل بحال من الأحوال عن الأدوار والمهام التى حملها الرجال ، ولقد كان لتواجدها المحمود هذا المردود الإيجابى على نجاح هذه الحركة المباركة ، وتفردها فى شتى مجالات الحياة .. فى العلم والأخلاق والتربية والصبر وحسن التدبير والتنشئة الصالحة التى أعمرت النفس والأرض وأعلت من قدر المبادئ والقيم .
لقد كان للأخوات المسلمات دور عظيم فى الانتخابات الأخيرة .. منهم من جلست على الكمبيوتر لتنظيم العمل وإصدار البطاقات الانتخابية ، ومنهن من قادت الحملات الدعائية الغير رسمية مرورًا على البيوت والمصالح والمؤسسات ، ومنهن من سارت فى مسيرات التأييد ، ومنهن من تحملن مسئولية تربية الأبناء وقت انشغال الآباء فى الحملات الانتخابية ، ومنهن من أعدت الطعام للتجمعات واللقاءات والندوات الخاصة بالحملة الانتخابية ، وشتان ما بين استخدام الحزب الوطنى للنساء واستخدام الإخوان المسلمين لشقائق الرجال .. فى الحزب الوطنى يتعرين النساء ويتبرجن ويتلوين ويتلون ويرغبن فى الظهور ويرفعن أصواتهن فى محافل الرجال والندوات الفارغة ويتبجحن تبجح الثيران ويتبرجن تبرج الفنانات ويتركن بيوتهن لأشباه الرجال .
النساء فى حركة الإخوان المباركة يفعلن الأعمال العظيمة وهن ينظرن إلى الأرض أدبًا وحياءً .. يتواضعن عند الحديث وعند النصح والإرشاد ، والأخريات اللائى فى الحزب الوطنى يفعلن الأفعال الدنيئة ويتفحصن الوجوه الغريبة دون حياء تفحص الطبيب لحالة المريض ويدخن السجائر ويضعن ساق فوق ساق والشعر فوق رؤوسهن ثائر كالمسلات ... لا أدب ولا حياء .
المرأة فى حركة الإخوان المسلمين كان لها رسالة تؤمن بها وتنفذها راغبة فى رضا الله ... لا تسعى للظهور ولا تطلب وضع إسمها قرين جهدها ، وذلك على عكس المرأة فى لجان الحزب الوطنى حيث التسابق فى إبراز الأعمال وإظهار الأفعال ولفت الإنتباه فى أمور تكون محصلتها دائمًا صفر !!
تحية لكل من يحمل راية لا إله إلا الله ..
تحية لكل أصحاب المواقف العظيمة والأفكار النبيلة ..إن الحزب الوطنى منذ أسسه السادات لم يكن حزب إخلاص ولا عمل ، وإنما كان كالمسجد الضرار الذى أسس على غير تقوى أو هدى من الله ، وهاهو اليوم تتصدع جدرانه على يد رجال الإخوان ، ومن الطبيعى أن يحدث ذلك وينتهى عهد الإفك والضلال .
إن من يقرأ برنامج الحزب الوطنى ـ أو الحزن الوطنى ـ كما يحلو للعامة أن يلقبوه يجد نفسه أمام أناس أخبرنا الله عنهم وقال جل شأنه : (( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ـ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ـ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ـ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ـ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ )) من 8 : 12 ـ سورة البقرة .
فى برامجهم تجد مساحات واسعة من الكذب والتضليل والخداع ، وأحاديث عن التنمية والإعمار والإبداع ، وإعمار الإنسان والعدل والمساواة ، وكلها أمور لا تجد لها مكانـًا على أرض الواقع الذى نحياه ..
لقد حفظ الشعب المصرى ألاعيب الحزب الوطنى عن ظهر قلب وعرف أكاذيبهم وألاعيبهم من أول رئيس الحزب حسنى مبارك إلى أدنى عضو مرورًا بعتاة الإجرام فيه كمال الشاذلى وصفوت الشريف وفتحى سرور ويوسف والى وساء أولئك رفيقا .
كل بضاعة الحزب الوطنى كذب ، وكل عضو فى هذا الحزب لا يمل من الكذب ، فالكذب بضاعتهم وحرفتهم وأصبح بالنسبة لهم تنمية وإبداع ، ولذلك فإن المتابع للأحداث لا يجد عضوًا فى هذا الحزب يستحى من الكذب ويتحرج منه حتى فى الأوقات التى يصبح فيها الكذب صعبًا ومفضوحًا بسبب ما يراه الناس على أرض الواقع .
لقد اعتمد حزب اللصوص فى معاركهم الانتخابية على الفهلوة واللعب بالألفاظ ولعب الثلاث ورقات .. لا جهد .. لا إخلاص .. لا عمل .. لا صدق .. ومن أجل ذلك تأخرت البلاد كثيرًا بفعل هؤلاء الأوباش .
إن الكذب لا يمكن أن يصمد طويلاً ، والضحك على البسطاء من الناس لا يمكن أن يخفى الأمور إلى ما لا نهاية ، فسرعان ما يكتشف العصفور فى الحقل أن الشئ الذى يخيفه ويقف له بالمرصاد لا يعدو غير "خيال مقاته" عندها سوف يتجرأ العصفور المصرى ويقف على أم رأس هذا الشئ ويأكل ما يشاء من أرضه ومن خير بلاده الذى حرموه منه طويلاً .
قل على الحزب الوطنى ما تشاء .. قل عنه مسجد ضرار .. قل عنه حزب الأشرار .. قل عنه خيال مقاته .. قل عنه ما تشاء ولكن لا تزن لأحد من رجاله وزن ولا تعطى لأى ممن ينتمون إليه شأن ولا قيمة .. إنهم أقرب إلى المواسير الفارغة التى تحدث صوتـًا عند مرور الهواء فيها دون حركة أو عمل ، بل هم أقرب إلى عجل السامرى الذى صنعه السادات لليهود وجعل له خوار يوحى للآخرين بأن فيه حياة !!
إن المواسير الفارغة التى تشكلت منها كوادر الحزب الوطنى لا تصلح إلا لشبكات المجارى أغطيتها تلك الرؤوس الخاوية التى تسمى الكوادر والتى لا تجد نفسها إلا فى الفساد والتغطية على الروائح النتنة وعمليات السلب والنهب وموالاة الكفار والأعداء .
بقلم : محمود شنب
mahmoudshanap@yahoo.com
mahmoudshanap@hotmail.com
الله سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة ، وله آيات قادرة ومعجزة تتجلى فى كل شئ ... نرى بعضها بأعيننا فنحمده ونكبره ونعبده ولا نشرك به أحدًا .
حتى الأمس القريب ... كان رجال الإخوان المسلمون مادة للتهكم والتهجم والتسلية والضحك ، وكان الإخوان يصبرون على الأذى ويحتسبون عند الله ما يلاقوه ، وفى الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب أراد الله أن ينصر عباده الأتقياء ويمن عليهم بالفوز وإعلاء الشأن ، فمن عليهم بنصر مبين جعلهم كالمصابيح على رؤوس الأشهاد ، فصاروا حديث العالم وفخره ، وعندها توارى الفسقة والسفلة وجلسوا يتجرعون الحسرة فى صمت وأسى وهم يشاهدون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ، وكل هذه المعانى السامية نراها مدونة بكل تفاصيلها فى أواخر سورة المطففين بدًا من الآية 29 إلى نهاية السورة ... يقول تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ـ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ـ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ ـ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ ـ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ـ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ـ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ـ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )) فلله الحمد من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون .
لقد أحسن الإخوان اختيار الرجال وأحسنوا الإعداد والتخطيط ، ونزلوا بأعداد معقولة ومقبولة لا تستفز النظام ولا تهز الحياة السياسية فى البلاد ، ولقد استفادوا فى هذا الأمر من التجارب السابقة وعلى رأسها تجربة الجزائر ، ودخلوا ساحة الصراع بهدوء ، وجعلوا من النجاح طريق وليس غاية ، ولقد أعطاهم الله أكثر مما طلبوا دون عنف منهم أو تصادم أو إراقة دماء على الرغم من كل أعمال البلطجة التى صاحبت سطوة رأس المال وكذلك إنحراف وإنحياز كل وسائل الإعلام وحملات الاعتقال التى واكبت كل مراحل الانتخابات .
إن الانتصارات المدوية التى حققها مرشحو الإخوان المسلمين تعد بمثابة الانتصارات المستحقة التى لا يشوبها عمل من الأعمال المشينة التى وصمت نجاح الآخرين ... هذا النصر الواضح والصريح لابد أنه سيجبر النظام على إعادة النظر فى سياساته تجاه حركة الإخوان المسلمين بعد أن أصبحت خيار الشعب ومطلبه ولابد أن تدخل الدولة إلى هذا المنعطف ليس من باب العناد والمكابرة وإنما من باب العودة إلى الحق والإقرار بالأمر الواقع والتعايش السلمى مع هذه الجماعة التى لا تشوبها شائبة ... هذا إذا أراد المسئولون بالدولة وضع أقدامهم على طريق الإصلاح ونبذ التبعية والفساد وتهيئة مناخ مناسب لحياة كريمة تتناسب مع حجم ومكانة مصر عربيًا وإسلاميًا .
لقد غرقت الأمة فى الفساد من يوم أن أقصت الأنظمة الأخيار من أبنائها عن المشاركة فى صنع واتخاذ القرار ، وها هى النتيجة .. مزيدًا من الهيمنة الغربية ، ومزيدًا من التغلغل الصهيونى ، ومزيدًا من الأرض المحتلة فى فلسطين وأفغانستان والعراق وكل دول الخليج ، وأريد أن أقولها صريحة : لم يحمى الإسلام ـ بعد الله عز وجل ـ غير تلك الفئة الصابرة والمجاهدة خصوصًا بعد انفراط عقد البلاد العربية والإسلامية بسقوط الخلافة الإسلامية ، ولو تخيلنا الحياة من غير الإخوان المسلمين لكانت بلادنا أقرب للأندلس التى صارت أسبانيا وأقرب لتركيا التى تقبع منذ أمد بعيد تحت الحذاء الأوروبى ولأكثر من نصف قرن طالبة الإنضمام إليهم بعد أن فقدت هويتها وثقافتها .
الإخوان حموا الأمة فى سنوات الضلال ، وتحملوا فى سبيل ذلك كل ألوان التنكيل والتعذيب .. صبروا على السجون والمعتقلات وصبروا على منعهم من حق ممارسة الحقوق السياسية والمدنية وأقصوا عن الوظائف القيادية .. صبروا على كل شئ ... صبروا على تلفيق الإتهامات والتضييق والإهانات والتعرض لهم ولذويهم فى كل المناسبات .. صبروا على تشويه صورتهم فى الأفلام والمسلسلات ، وتميزوا بالصبر وحسن الثبات ، وفى الانتخابات الأخيرة لم يدخر النظام جهدًا فى وضع العراقيل والعقبات فى وجه مرشحو الإخوان المسلمين ، وفتح خزائنه لمرشحو الحزب الوطنى ، وأنزل الوزراء إلى الشوارع ليعدوا الناس بالعطايا والمنح والخير الوفير ، وأفرط الأجارم فى التودد إلى الشعب ، وجعلوا لكل مرحلة انتخابية خطة مغايرة للتى سبقتها ، واستخدموا البلطجية وأصحاب السوابق والمسجلات آداب .. استخدموا كل ما لديهم من أجهزة ومؤسسات ونقابات ورجال مال وأعمال واستخدموا الأمن على ألف وجه حتى أربكوه .. تارة بالسلبية التى لم تحمى القضاه ، وتارة بالتدخل الذى يمنع الناخبين من الوصول إلى اللجان ، وتارة بالإعتقالات التى تسبق التصويت بليلة واحدة ، واستخدموا كل مخزونهم من العلمانيين والمنافقين والعملاء ، وأعدوا البرامج الموجهة والندوات الغير شريفة بقيادة هاله سرحان ... ولكن دون جدوى ، فقد نجح الإخوان بفضل الله ، ولنجاحهم أسباب عديدة وكثيرة يأتى فى مقدمتها صحوة القضاه ـ تلك الصحوة المباركة التى سيكتبها التاريخ بأحرف من ذهب وسيذكر أنها كانت الحد الفاصل بين الجد والهزل والمسئولية واللامبالاة ..
ومن أسباب النجاح الغير منظور يأتى دور المرأة المسلمة فى المقدمة .. المرأة التى عملت إرضاءً للرب وتمكينـًا لدينه دون مظهرية أو إستعلاء ، وللمرأة المسلمة فى فكر الإخوان مكانة عالية ومنزلة سامية ، ولقد وضع لها أدوار ومهام هامة لا تقل بحال من الأحوال عن الأدوار والمهام التى حملها الرجال ، ولقد كان لتواجدها المحمود هذا المردود الإيجابى على نجاح هذه الحركة المباركة ، وتفردها فى شتى مجالات الحياة .. فى العلم والأخلاق والتربية والصبر وحسن التدبير والتنشئة الصالحة التى أعمرت النفس والأرض وأعلت من قدر المبادئ والقيم .
لقد كان للأخوات المسلمات دور عظيم فى الانتخابات الأخيرة .. منهم من جلست على الكمبيوتر لتنظيم العمل وإصدار البطاقات الانتخابية ، ومنهن من قادت الحملات الدعائية الغير رسمية مرورًا على البيوت والمصالح والمؤسسات ، ومنهن من سارت فى مسيرات التأييد ، ومنهن من تحملن مسئولية تربية الأبناء وقت انشغال الآباء فى الحملات الانتخابية ، ومنهن من أعدت الطعام للتجمعات واللقاءات والندوات الخاصة بالحملة الانتخابية ، وشتان ما بين استخدام الحزب الوطنى للنساء واستخدام الإخوان المسلمين لشقائق الرجال .. فى الحزب الوطنى يتعرين النساء ويتبرجن ويتلوين ويتلون ويرغبن فى الظهور ويرفعن أصواتهن فى محافل الرجال والندوات الفارغة ويتبجحن تبجح الثيران ويتبرجن تبرج الفنانات ويتركن بيوتهن لأشباه الرجال .
النساء فى حركة الإخوان المباركة يفعلن الأعمال العظيمة وهن ينظرن إلى الأرض أدبًا وحياءً .. يتواضعن عند الحديث وعند النصح والإرشاد ، والأخريات اللائى فى الحزب الوطنى يفعلن الأفعال الدنيئة ويتفحصن الوجوه الغريبة دون حياء تفحص الطبيب لحالة المريض ويدخن السجائر ويضعن ساق فوق ساق والشعر فوق رؤوسهن ثائر كالمسلات ... لا أدب ولا حياء .
المرأة فى حركة الإخوان المسلمين كان لها رسالة تؤمن بها وتنفذها راغبة فى رضا الله ... لا تسعى للظهور ولا تطلب وضع إسمها قرين جهدها ، وذلك على عكس المرأة فى لجان الحزب الوطنى حيث التسابق فى إبراز الأعمال وإظهار الأفعال ولفت الإنتباه فى أمور تكون محصلتها دائمًا صفر !!
تحية لكل من يحمل راية لا إله إلا الله ..
تحية لكل أصحاب المواقف العظيمة والأفكار النبيلة ..إن الحزب الوطنى منذ أسسه السادات لم يكن حزب إخلاص ولا عمل ، وإنما كان كالمسجد الضرار الذى أسس على غير تقوى أو هدى من الله ، وهاهو اليوم تتصدع جدرانه على يد رجال الإخوان ، ومن الطبيعى أن يحدث ذلك وينتهى عهد الإفك والضلال .
إن من يقرأ برنامج الحزب الوطنى ـ أو الحزن الوطنى ـ كما يحلو للعامة أن يلقبوه يجد نفسه أمام أناس أخبرنا الله عنهم وقال جل شأنه : (( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ـ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ـ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ـ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ـ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ )) من 8 : 12 ـ سورة البقرة .
فى برامجهم تجد مساحات واسعة من الكذب والتضليل والخداع ، وأحاديث عن التنمية والإعمار والإبداع ، وإعمار الإنسان والعدل والمساواة ، وكلها أمور لا تجد لها مكانـًا على أرض الواقع الذى نحياه ..
لقد حفظ الشعب المصرى ألاعيب الحزب الوطنى عن ظهر قلب وعرف أكاذيبهم وألاعيبهم من أول رئيس الحزب حسنى مبارك إلى أدنى عضو مرورًا بعتاة الإجرام فيه كمال الشاذلى وصفوت الشريف وفتحى سرور ويوسف والى وساء أولئك رفيقا .
كل بضاعة الحزب الوطنى كذب ، وكل عضو فى هذا الحزب لا يمل من الكذب ، فالكذب بضاعتهم وحرفتهم وأصبح بالنسبة لهم تنمية وإبداع ، ولذلك فإن المتابع للأحداث لا يجد عضوًا فى هذا الحزب يستحى من الكذب ويتحرج منه حتى فى الأوقات التى يصبح فيها الكذب صعبًا ومفضوحًا بسبب ما يراه الناس على أرض الواقع .
لقد اعتمد حزب اللصوص فى معاركهم الانتخابية على الفهلوة واللعب بالألفاظ ولعب الثلاث ورقات .. لا جهد .. لا إخلاص .. لا عمل .. لا صدق .. ومن أجل ذلك تأخرت البلاد كثيرًا بفعل هؤلاء الأوباش .
إن الكذب لا يمكن أن يصمد طويلاً ، والضحك على البسطاء من الناس لا يمكن أن يخفى الأمور إلى ما لا نهاية ، فسرعان ما يكتشف العصفور فى الحقل أن الشئ الذى يخيفه ويقف له بالمرصاد لا يعدو غير "خيال مقاته" عندها سوف يتجرأ العصفور المصرى ويقف على أم رأس هذا الشئ ويأكل ما يشاء من أرضه ومن خير بلاده الذى حرموه منه طويلاً .
قل على الحزب الوطنى ما تشاء .. قل عنه مسجد ضرار .. قل عنه حزب الأشرار .. قل عنه خيال مقاته .. قل عنه ما تشاء ولكن لا تزن لأحد من رجاله وزن ولا تعطى لأى ممن ينتمون إليه شأن ولا قيمة .. إنهم أقرب إلى المواسير الفارغة التى تحدث صوتـًا عند مرور الهواء فيها دون حركة أو عمل ، بل هم أقرب إلى عجل السامرى الذى صنعه السادات لليهود وجعل له خوار يوحى للآخرين بأن فيه حياة !!
إن المواسير الفارغة التى تشكلت منها كوادر الحزب الوطنى لا تصلح إلا لشبكات المجارى أغطيتها تلك الرؤوس الخاوية التى تسمى الكوادر والتى لا تجد نفسها إلا فى الفساد والتغطية على الروائح النتنة وعمليات السلب والنهب وموالاة الكفار والأعداء .