lkhtabi
30-11-2005, 07:50 PM
شبكة البصرة
ناصر السهلي
في العدد 1063 من مجلة "الحرية" الفلسطينية وعلى صدر الصفحة الاولى والصفحة 13 نُشر الخبر التالي:
رسالة أمريكية تدعو العرب لفرض العزلة على دمشق...
نص الرسالة المنشور في "الحرية" المنقولة بترجمتها العربية عن ديوان رئاسة السلطة الفلسطينية يتضمن ما يشبه الأوامر والطريقة التي يتوجب على الحكومات العربية التعامل من خلالها مع الحكومة السورية، وتضمنت الفقرة الثانية حرفيا:
الان ليس هو الوقت لإرسال رسائل مختلفة للحكومة السورية سواء عبر زوار على مستوى رفيع او عبر استقبال مسؤولين رفيعي المستوى في عاصمتكم...
إضافة إلى نقاط أخرى تحدد للحكومات العربية طريقة التصرف مع سوريا من زاوية القراءة الامريكية لما يجب أن تكون عليه العلاقة مع هذه الدولة العربية بعد صدور القرار 1636، ويُفهم من النقطة التي نقلناها أن تلك الرسالة ليست موجهة حصرا للسلطة الفلسطينية التي لا تملك عاصمة ولا يزورها وفود سورية..بل هي موجهة إلى حكومات صاحبة عواصم و سيادة وطنية..
من الواضح وحسب الخبر المشار إليه بأن "كوندي" التي وقعت على تلك الوثيقة تتصرف مع العواصم العربية، بعيدا عن مسألة القواعد الديبلوماسية ، كمن يتعامل مع كيانات تابعة للخارجية الامريكية ومع ديبلوماسية عربية قاصرة ولم تصل سن الرشد من وجهة النظر الامريكية وهي بذلك غير معنية البتة بمسائل السيادة والقرار المستقل لتلك الدول... بل هي معنية في إستخدام الحكومات العربية لتحقيق مصالحها في مشروع إستهداف تلك الدول على طريقة الاستفراد بها واحدة واحدة...
للأسف الشديد هناك الكثير من السوابق العربية في تلقي مثل تلك الرسائل الامريكية التي لا يجري فضحها أو الاحتجاج عليها إلا في الغرف المغلقة حين يعبر بعض الديبلوماسيين المهنيين من الجانب العربي عن إمتعاضه من تلك الطريقة التي تعاملهم بها وزارة الخارجية الامريكية...
على كل الأحوال يتضح من النقطة الثالثة في هذه الرسالة الأهداف الامريكية من الضغط على سوريا، إذ تطلب من الحكومات العربية وممثليها أن يكونوا "حازمين إزاء الوضع الذي أنشأته سوريا – إنه عزل تام عن المجتمع الدولي، على سوريا أن تكف عن تدخلها في الشؤون اللبنانية والتعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية برئاسة ميليس، ومنع إستخدام أراضيها من الذين يدعمون الإرهاب والذين يتسللون إلى العراق وطرد قيادات الجماعات الفلسطينية المعارضة وأن تتخذ خطوات عملية لتحسين وضع حقوق الانسان"...
أليس من الغريب أن لا تكف الولايات المتحدة عن تدخلها الواضح والعلني في شؤون الدول العربية في ذات الوقت الذي تطالب فيه بوقف سوريا تدخلها في الشأن اللبناني؟
أوليس من العجيب أن توجه هذه الوثيقة إلى دول بحاجة لاتخاذ خطوات عملية لتحسين وضع حقوق الانسان؟ فهل تستطيع مثلا دولة "إكس" الطلب من سوريا تحسين أوضاع حقوق الانسان و" إكس" غارقة في إنتهاك تلك الحقوق؟
من الواضح بأن دولنا العربية لا تنشر على مواطنييها مثل تلك الوثائق الامريكية حتى بعد مرور عقود على تسلمها إياها، وبهذا ربما يكفي منها نفيا كليا لتسلمها تلك الوثيقة لترفع عن نفسها عناء تقديم أجوبة حقيقية عن السيادة الوطنية المفقودة في علاقتها بمواطنييها وبالولايات المتحدة... ولن يكون هناك من يطالب بنشر تلك الوثائق الحالية والسابقة التي تحمل في طياتها ما هو أخطر من تلك الطلبات...
لكن دعونا نذكر بأن إستبدال إسم سوريا في هذه الوثيقة بإسم دولة عربية أخرى كالعربية السعودية أو مصر العربية ليس من الأمور المستحيلة طالما أن حكوماتنا رضيت لنفسها أن تتعامل بمثل هذه السذاجة مع المخطط الأمريكي القائم على أكلهم كما أُكل الثور الأبيض...
نعم نقول العربية السعودية الموضوعة على القائمة مع مصر باسم حقوق الاقليات والحرية الدينية التي تمسكها أمريكا كعصا جاهزة بعد نفاذ إستخدام جزرة "العلاقات الاستراتيجية" والانتهاء من العراق وسوريا...
وسواءا أعجب البعض أم لم يعجب بكلامنا فإن هذه الحوارات القائمة بين إيران وأمريكا لا تبشر بالكثير بالنسبة للأطراف العربية، وسيكتشف العرب متأخرين بأن مراهناتهم على عامل الزمن لن يكون مفيدا أبدا... فهذا "الشيطان الأكبر" يتعامل معه "الملاك" الايراني وفق مصالحه القومية الخاصة التي يمكن أن تتجاوز كل التحالفات المفترضة مع سوريا وغيرها، وكل المراهنات العربية الاخرى على دور إيراني فاعل في رفع المخاطر عن المسلمين والعرب... فالبراغماتية التي تتنتهجها السياسة الايرانية ستتحول آجلا إلى رافعة ضغط رهيبة على الحالة العربية المكشوفة الظهر، ولن يفيد حينها كل تأوهات التحسر والشكوى من "مؤامرة" مشتركة...
هذه الحيادية السلبية التي تتعامل بها السياسة العربية( الديبلوماسية والاعلامية) مع قضاياها الاستراتيجية تساهم مساهمة قاتلة في تجريد العرب من أوراقهم الضاغطة للحفاظ على المصالح الوطنية والقومية، ولا يبدو بأن الشهية الامريكية ستكتفي بما تلتهمه بل ستطالب بالمزيد الذي يحقق المصالح والاهداف الاستراتيجية الامريكية في خلق "شرق أوسط جديد" تكون إسرائيل جزءا طبيعيا من أجزاء دول الطوائف والقوميات التي سيعج بها هذا الشرق الاوسط ليكون سهلا على واشنطن وتحالفاتها الغربية النفاذ إلى تحقيق نبوءات خطرة ومدمرة..
وإلى حين أن يصحوا العالم العربي من تعامله تعامل الثور الاحمر فستبقى صورة سيادته المنقوصة هي الصورة الطاغية على المشهد المتراجع الذي تستطيع من خلاله الخارجية الامريكية إصدار نشرة عن كيفية إستخدام قراراتها في العراق و سوريا والسعودية ومصر... وفلسطين قبل كل شيء!
شبكة البصرة
الاربعاء 28 شوال 1426 / 30 تشرين الثاني 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
ناصر السهلي
في العدد 1063 من مجلة "الحرية" الفلسطينية وعلى صدر الصفحة الاولى والصفحة 13 نُشر الخبر التالي:
رسالة أمريكية تدعو العرب لفرض العزلة على دمشق...
نص الرسالة المنشور في "الحرية" المنقولة بترجمتها العربية عن ديوان رئاسة السلطة الفلسطينية يتضمن ما يشبه الأوامر والطريقة التي يتوجب على الحكومات العربية التعامل من خلالها مع الحكومة السورية، وتضمنت الفقرة الثانية حرفيا:
الان ليس هو الوقت لإرسال رسائل مختلفة للحكومة السورية سواء عبر زوار على مستوى رفيع او عبر استقبال مسؤولين رفيعي المستوى في عاصمتكم...
إضافة إلى نقاط أخرى تحدد للحكومات العربية طريقة التصرف مع سوريا من زاوية القراءة الامريكية لما يجب أن تكون عليه العلاقة مع هذه الدولة العربية بعد صدور القرار 1636، ويُفهم من النقطة التي نقلناها أن تلك الرسالة ليست موجهة حصرا للسلطة الفلسطينية التي لا تملك عاصمة ولا يزورها وفود سورية..بل هي موجهة إلى حكومات صاحبة عواصم و سيادة وطنية..
من الواضح وحسب الخبر المشار إليه بأن "كوندي" التي وقعت على تلك الوثيقة تتصرف مع العواصم العربية، بعيدا عن مسألة القواعد الديبلوماسية ، كمن يتعامل مع كيانات تابعة للخارجية الامريكية ومع ديبلوماسية عربية قاصرة ولم تصل سن الرشد من وجهة النظر الامريكية وهي بذلك غير معنية البتة بمسائل السيادة والقرار المستقل لتلك الدول... بل هي معنية في إستخدام الحكومات العربية لتحقيق مصالحها في مشروع إستهداف تلك الدول على طريقة الاستفراد بها واحدة واحدة...
للأسف الشديد هناك الكثير من السوابق العربية في تلقي مثل تلك الرسائل الامريكية التي لا يجري فضحها أو الاحتجاج عليها إلا في الغرف المغلقة حين يعبر بعض الديبلوماسيين المهنيين من الجانب العربي عن إمتعاضه من تلك الطريقة التي تعاملهم بها وزارة الخارجية الامريكية...
على كل الأحوال يتضح من النقطة الثالثة في هذه الرسالة الأهداف الامريكية من الضغط على سوريا، إذ تطلب من الحكومات العربية وممثليها أن يكونوا "حازمين إزاء الوضع الذي أنشأته سوريا – إنه عزل تام عن المجتمع الدولي، على سوريا أن تكف عن تدخلها في الشؤون اللبنانية والتعاون الكامل مع لجنة التحقيق الدولية برئاسة ميليس، ومنع إستخدام أراضيها من الذين يدعمون الإرهاب والذين يتسللون إلى العراق وطرد قيادات الجماعات الفلسطينية المعارضة وأن تتخذ خطوات عملية لتحسين وضع حقوق الانسان"...
أليس من الغريب أن لا تكف الولايات المتحدة عن تدخلها الواضح والعلني في شؤون الدول العربية في ذات الوقت الذي تطالب فيه بوقف سوريا تدخلها في الشأن اللبناني؟
أوليس من العجيب أن توجه هذه الوثيقة إلى دول بحاجة لاتخاذ خطوات عملية لتحسين وضع حقوق الانسان؟ فهل تستطيع مثلا دولة "إكس" الطلب من سوريا تحسين أوضاع حقوق الانسان و" إكس" غارقة في إنتهاك تلك الحقوق؟
من الواضح بأن دولنا العربية لا تنشر على مواطنييها مثل تلك الوثائق الامريكية حتى بعد مرور عقود على تسلمها إياها، وبهذا ربما يكفي منها نفيا كليا لتسلمها تلك الوثيقة لترفع عن نفسها عناء تقديم أجوبة حقيقية عن السيادة الوطنية المفقودة في علاقتها بمواطنييها وبالولايات المتحدة... ولن يكون هناك من يطالب بنشر تلك الوثائق الحالية والسابقة التي تحمل في طياتها ما هو أخطر من تلك الطلبات...
لكن دعونا نذكر بأن إستبدال إسم سوريا في هذه الوثيقة بإسم دولة عربية أخرى كالعربية السعودية أو مصر العربية ليس من الأمور المستحيلة طالما أن حكوماتنا رضيت لنفسها أن تتعامل بمثل هذه السذاجة مع المخطط الأمريكي القائم على أكلهم كما أُكل الثور الأبيض...
نعم نقول العربية السعودية الموضوعة على القائمة مع مصر باسم حقوق الاقليات والحرية الدينية التي تمسكها أمريكا كعصا جاهزة بعد نفاذ إستخدام جزرة "العلاقات الاستراتيجية" والانتهاء من العراق وسوريا...
وسواءا أعجب البعض أم لم يعجب بكلامنا فإن هذه الحوارات القائمة بين إيران وأمريكا لا تبشر بالكثير بالنسبة للأطراف العربية، وسيكتشف العرب متأخرين بأن مراهناتهم على عامل الزمن لن يكون مفيدا أبدا... فهذا "الشيطان الأكبر" يتعامل معه "الملاك" الايراني وفق مصالحه القومية الخاصة التي يمكن أن تتجاوز كل التحالفات المفترضة مع سوريا وغيرها، وكل المراهنات العربية الاخرى على دور إيراني فاعل في رفع المخاطر عن المسلمين والعرب... فالبراغماتية التي تتنتهجها السياسة الايرانية ستتحول آجلا إلى رافعة ضغط رهيبة على الحالة العربية المكشوفة الظهر، ولن يفيد حينها كل تأوهات التحسر والشكوى من "مؤامرة" مشتركة...
هذه الحيادية السلبية التي تتعامل بها السياسة العربية( الديبلوماسية والاعلامية) مع قضاياها الاستراتيجية تساهم مساهمة قاتلة في تجريد العرب من أوراقهم الضاغطة للحفاظ على المصالح الوطنية والقومية، ولا يبدو بأن الشهية الامريكية ستكتفي بما تلتهمه بل ستطالب بالمزيد الذي يحقق المصالح والاهداف الاستراتيجية الامريكية في خلق "شرق أوسط جديد" تكون إسرائيل جزءا طبيعيا من أجزاء دول الطوائف والقوميات التي سيعج بها هذا الشرق الاوسط ليكون سهلا على واشنطن وتحالفاتها الغربية النفاذ إلى تحقيق نبوءات خطرة ومدمرة..
وإلى حين أن يصحوا العالم العربي من تعامله تعامل الثور الاحمر فستبقى صورة سيادته المنقوصة هي الصورة الطاغية على المشهد المتراجع الذي تستطيع من خلاله الخارجية الامريكية إصدار نشرة عن كيفية إستخدام قراراتها في العراق و سوريا والسعودية ومصر... وفلسطين قبل كل شيء!
شبكة البصرة
الاربعاء 28 شوال 1426 / 30 تشرين الثاني 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس