منصور بالله
28-11-2005, 04:54 PM
الطالباني والبرزاني وتحدي المقاومة العراقية
تركي علي الربيعو
لا يستطيع الرئيس العراقي جلال الطالباني إلا أن يسمع صوت كل العراقيين كما صرح في مقابلة تلفزيونية قبل انعقاد مؤتمر القاهرة للوفاق الوطني، فهو “مام جلال”، أي أبو العراقيين جميعاً وليس أباً حصرياً للأكراد، وهذا يعني أن عليه أن يسمع صوت المقاومين العراقيين الذين ما زالوا يصرون في خطابهم، على القول إن على المحتل الأمريكي أن يرحل، وأن يقوم بجدولة انسحابه من العراق في أقرب وقت، ويصرون على التمييز بين المقاوم للمحتل الذي له شرف حمل الراية، وبين المتعاون مع المحتل الذي له شرف الخيانة، وهذا ما يقض مضجع الكثيرين.
لكن واجب “مام جلال” وشخصيته الاعتبارية التي تجعله رئيساً لكل العراق، يفرضان عليه أن يسمع الجميع كما يقول، ولكن مسعود البرزاني الرئيس الكردي بامتياز، والمشغول بهاجس الخرائط الجديدة للعراق وبهاجس رسم الكثير من الخطوط الحمر، والذي لم يحضر إلى مؤتمر القاهرة، يؤثر السير على عكس خطى الطالباني، وهو سير أثير على نفسه، فتاريخ الشراكة الذي يجمعه بالطالباني هو سير في الاتجاه المعاكس. فإذا كان الطالباني قد قبل مكرهاً الحوار مع المقاومة، الحوار الذي يلقى دعماً أمريكياً، وهذا ما أكده الناطق باسم القوات المتعددة الجنسية الجنرال ريك لينش، الذي اعتبر “أن المعارضين العراقيين المسلحين، سواء كانوا سنة أو شيعة، ينبغي أن ينضموا إلى العملية السياسية وأن يكونوا جزءاً من الحل وليس المشكلة”، فإن البرزاني يرفض الاعتراف بالمقاومة التي تستهدف المحتل الأمريكي، فالأمريكيون قوة تحرير من وجهة نظره، وهذا ما قاله في كلمة ألقاها أمام أعضاء المجلس الوطني الكردستاني في أربيل، بعد زيارته لأمريكا وبريطانيا “لا أعرف بالتحديد ما هي قرارات مؤتمر الوفاق الوطني في القاهرة، ولكنني سمعت عن جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق والتفاوض مع المقاومة”. وأضاف: “ان هذه القوات قوات تحرير وقد صدر قرار من مجلس الأمن الدولي يحمل الرقم 1483 حولها، وبالنسبة إلينا هؤلاء -يقصد الأمريكيين- محررون لأنهم حررونا من نظام دمرنا”، وهذا ما يفسر قوله “إن أي عمل مسلح ضد القوات المتعددة الجنسية إرهاب”.
ينتاب البرزاني التعب من كثرة المطالبة بترحيل القوات الأمريكية، وثمة مخاوف حقيقية من انسحاب أمريكي مفاجئ، فظروف الانسحاب كما صرحت كوندوليزا رايس قد تتوافر للقوات الأمريكية في القريب، وما يقلق البرزاني وحده دون غيره، هي كثرة الأصوات التي تندد ب”المتعاونين مع المحتل” أو الذين “جاؤوا على ظهر دبابته” خاصة وأنها تنطلق مما بات يعرف ب”أراضي كردستان” فهذا ميناس اليوسفي رئيس الحزب الآشوري راح يندد في مؤتمر القاهرة بالمتعاونين مع المحتل الأمريكي إلى الدرجة التي أخرجت الوفدين الكردي والشيعي من المؤتمر. وما يقلقه أيضاً هي تلك الحاسة السابعة عند “مام جلال” التي تجعله يلتقط الإشارة بسرعة، في حين أنها تعصى على البرزاني الذي ما زال يراوح في مكانه المتشدد القديم، في رؤيته المتضامنة مع المحتل وفي خطوطه الحمر الكثيرة، فقد التقط الرئيس العراقي مكرهاً الرغبة الأمريكية في الاعتراف بالمقاومة، ولم يعد هناك من مجال، إلا الاعتراف بشرعية المقاومة وإدخالها كشريك في العملية السياسية، شريك له شرف المقاومة وليس التعاون مع المحتل، وهذا ما فات البرزاني الذي تنتابه الريبة والخوف من مؤتمر القاهرة.
المحتل يريد الخلاص والخروج، ما إن تتوافر الظروف وهي ليست بعيدة، وهذا ما يقلق الحلفاء وفي مقدمتهم البرزاني الذي يجد نفسه مدفوعاً إلى مزيد من التشدد والتصلب، ولكن الواقع العراقي الجديد، يدفعه إلى ركوب موجة الاعتدال والسير وراء الطالباني، الرئيس الأكثر اعتدالاً من بين كل العراقيين كما يصفه الأمريكيون. وهنا تكمن أزمة البرزاني، الذي يجد نفسه مكرهاً على اتباع “مام جلال” الذي يسبقه دوماً في التقاط الإشارات، وهذا ما يفسر اعتدال الطالباني وتشدد البرزاني الذي لم يعد يجدي نفعاً أمام الوقائع الجديدة التي تفوته دوما.
تركي علي الربيعو
لا يستطيع الرئيس العراقي جلال الطالباني إلا أن يسمع صوت كل العراقيين كما صرح في مقابلة تلفزيونية قبل انعقاد مؤتمر القاهرة للوفاق الوطني، فهو “مام جلال”، أي أبو العراقيين جميعاً وليس أباً حصرياً للأكراد، وهذا يعني أن عليه أن يسمع صوت المقاومين العراقيين الذين ما زالوا يصرون في خطابهم، على القول إن على المحتل الأمريكي أن يرحل، وأن يقوم بجدولة انسحابه من العراق في أقرب وقت، ويصرون على التمييز بين المقاوم للمحتل الذي له شرف حمل الراية، وبين المتعاون مع المحتل الذي له شرف الخيانة، وهذا ما يقض مضجع الكثيرين.
لكن واجب “مام جلال” وشخصيته الاعتبارية التي تجعله رئيساً لكل العراق، يفرضان عليه أن يسمع الجميع كما يقول، ولكن مسعود البرزاني الرئيس الكردي بامتياز، والمشغول بهاجس الخرائط الجديدة للعراق وبهاجس رسم الكثير من الخطوط الحمر، والذي لم يحضر إلى مؤتمر القاهرة، يؤثر السير على عكس خطى الطالباني، وهو سير أثير على نفسه، فتاريخ الشراكة الذي يجمعه بالطالباني هو سير في الاتجاه المعاكس. فإذا كان الطالباني قد قبل مكرهاً الحوار مع المقاومة، الحوار الذي يلقى دعماً أمريكياً، وهذا ما أكده الناطق باسم القوات المتعددة الجنسية الجنرال ريك لينش، الذي اعتبر “أن المعارضين العراقيين المسلحين، سواء كانوا سنة أو شيعة، ينبغي أن ينضموا إلى العملية السياسية وأن يكونوا جزءاً من الحل وليس المشكلة”، فإن البرزاني يرفض الاعتراف بالمقاومة التي تستهدف المحتل الأمريكي، فالأمريكيون قوة تحرير من وجهة نظره، وهذا ما قاله في كلمة ألقاها أمام أعضاء المجلس الوطني الكردستاني في أربيل، بعد زيارته لأمريكا وبريطانيا “لا أعرف بالتحديد ما هي قرارات مؤتمر الوفاق الوطني في القاهرة، ولكنني سمعت عن جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق والتفاوض مع المقاومة”. وأضاف: “ان هذه القوات قوات تحرير وقد صدر قرار من مجلس الأمن الدولي يحمل الرقم 1483 حولها، وبالنسبة إلينا هؤلاء -يقصد الأمريكيين- محررون لأنهم حررونا من نظام دمرنا”، وهذا ما يفسر قوله “إن أي عمل مسلح ضد القوات المتعددة الجنسية إرهاب”.
ينتاب البرزاني التعب من كثرة المطالبة بترحيل القوات الأمريكية، وثمة مخاوف حقيقية من انسحاب أمريكي مفاجئ، فظروف الانسحاب كما صرحت كوندوليزا رايس قد تتوافر للقوات الأمريكية في القريب، وما يقلق البرزاني وحده دون غيره، هي كثرة الأصوات التي تندد ب”المتعاونين مع المحتل” أو الذين “جاؤوا على ظهر دبابته” خاصة وأنها تنطلق مما بات يعرف ب”أراضي كردستان” فهذا ميناس اليوسفي رئيس الحزب الآشوري راح يندد في مؤتمر القاهرة بالمتعاونين مع المحتل الأمريكي إلى الدرجة التي أخرجت الوفدين الكردي والشيعي من المؤتمر. وما يقلقه أيضاً هي تلك الحاسة السابعة عند “مام جلال” التي تجعله يلتقط الإشارة بسرعة، في حين أنها تعصى على البرزاني الذي ما زال يراوح في مكانه المتشدد القديم، في رؤيته المتضامنة مع المحتل وفي خطوطه الحمر الكثيرة، فقد التقط الرئيس العراقي مكرهاً الرغبة الأمريكية في الاعتراف بالمقاومة، ولم يعد هناك من مجال، إلا الاعتراف بشرعية المقاومة وإدخالها كشريك في العملية السياسية، شريك له شرف المقاومة وليس التعاون مع المحتل، وهذا ما فات البرزاني الذي تنتابه الريبة والخوف من مؤتمر القاهرة.
المحتل يريد الخلاص والخروج، ما إن تتوافر الظروف وهي ليست بعيدة، وهذا ما يقلق الحلفاء وفي مقدمتهم البرزاني الذي يجد نفسه مدفوعاً إلى مزيد من التشدد والتصلب، ولكن الواقع العراقي الجديد، يدفعه إلى ركوب موجة الاعتدال والسير وراء الطالباني، الرئيس الأكثر اعتدالاً من بين كل العراقيين كما يصفه الأمريكيون. وهنا تكمن أزمة البرزاني، الذي يجد نفسه مكرهاً على اتباع “مام جلال” الذي يسبقه دوماً في التقاط الإشارات، وهذا ما يفسر اعتدال الطالباني وتشدد البرزاني الذي لم يعد يجدي نفعاً أمام الوقائع الجديدة التي تفوته دوما.