lkhtabi
20-11-2005, 02:30 AM
شبكة البصرة
د. فيصل الفهد
أثارت مبادرة السيّد عمرو موسى العربيّة الاسم الأمريكية الفحوى جدلاً واسعاً وأفرزت مواقف أطفت على السطح كثيراً من التناقضات التي كانت إرهاصات المرحلة الماضية قد غطت عليها أو عطلت فاعليتها لا سيّما وأنّ هذه المبادرة لم يؤسس لـها مروجوها بشكل سليم بل كانت عبارة عن استجابة سريعة من العملاء لاستغاثة سيدهم بوش الذي ازداد ضغط حبال المقاومة على رقبته ولم يجد مفراً إلاّ أن يحيي دور من يعيشون في سبات وغيبوبة ضميرهم النائم من الحكام العرب .
لقد استجابت الأنظمة العربيّة سريعاً وأرسلت وزراء خارجيتها لحضور المؤتمر الوزاري الذي دعا إليه النظام الحاكم في السعودية ولأنّ الموضوع المطروح يخص مصلحة أمريكا وليس العراق فإنّ الخلافات التي تعود أن يثيرها مسؤولوا الأنظمة العربيّة في كلّ اجتماعاتهم تختفي عادة في مثل هكذا لقاء لأنّ المطلوب منهم ليس المناقشة وإنّما التنفيذ السريع والطاعة العمياء ، كيف لا والدولة التي تقف خلف استمرارهم في الحكم أصبحت في وضع لا تحسد عليه وإن استمر فإنّها ستنهار أو تنكمش على نفسها وفي الحالتين سيواجه عبيدها ( الأنظمة الحاكمة ) المصير المحتوم وهو النهاية المأساوية على يد الشعب العربي في هذه الأقطار .
وفي ضوء ذلك فإنّ الأنظمة العربيّة المعنية لم تتحرك بهذا الشكل السريع حباً بالعراقيين أو من أجل سواد عيونهم ، بل لأنّ النار التي تلتهم جسد الامبراطورية الاستعمارية الأمريكية في العراق وصلت إلى مراحل خطيرة ستلتهم رؤوس هذه الأنظمة إن استمرت بالاشتعال بهذا الشكل المتصاعد . وربما يسأل أحدنا لماذا لم تتحرك هذه الأنظمة قبل هذا الوقت لتبدي اهتمامها بما يجري من أوضاع مزرية في العراق ؟ والجواب واضح وهو أنّ الإدارة الأمريكيّة لم تكن تسمح بتدخّل أيٍّ من هذه الأنظمة في موضوع العراق إلاّ في حالة أنّ هذا التدخّل يكون ضمن البرنامج أو المخطط الأمريكي العامل في العراق .
إنّ المرحلة الماضية ( بعد 9/4/2003) شهدت أحداثاً مثيرة في العراق لا بل ومفاجئات قلبت الموازين والتوجهات ، ولعلّ المقاومة العراقية البطلة كانت العنوان الأكبر والأهمّ الذي أحدث ثورة ضدّ كلّ مخططي ومنفذي المشروع الإمبريالي الصهيوني العدواني على العراق بل كانت هذه المقاومة بردّ فعلها السريع جداً مفاجأة المفاجآت في كلّ ما جرى ليس في العراق حسب بل وفي العالم ، وإذا كان البعض يرى في الزلازل التي وقعت في بلدان عديدة وفي الأعاصير ( تسونامي وكاترينا ... الخ ) أحداثاً مزلزلة قلبت أوجه المناطق التي ضربتها عاليها أسفلها وبالعكس فإنّ المقاومة الوطنية العراقيّة بعون الله وشجاعة وإيمان أبطالها زلزلت السماء والأرض فوق رؤوس وتحت أقدام الغزاة ومن يشاركهم في جرائمهم ضدّ الشعب العراقي وكانت العمليات المدهشة لهذه المقاومة المتغير الأهم الذي أعاد ترتيب الأولويات وأهميتها في الأوضاع الدوليّة ووجد العالم المهتم وغير المهتم نفسه يتعاطى مع حقيقة هي كالشمس لا يستطيع أن يحجب نورها الساطع عن عينيه وعقله ، وأصبح فعل المقاومة الوسيلة الأكثر فعالية في إعادة تشكيل القناعات والرؤى إزاء حاضر ومستقبل المجتمع البشري ، ومن هنا نستنتج بالقول أنّ مؤتمر القاهرة ، أو الأصحّ مؤامرة القاهرة ، لن تكون سوى عنواناً آخر للفشل والخيبة والخذلان ليس فقط لمن تسارعوا إلى تنفيذه بل الأهم لمن أمر بـه وعوّل عليه ولذلك فإنّ هذا المؤتمر لن يفسر الماء بعد الجهد إلاّ بالماء .
إنّ الطريقة المأساوية التي طبخت بها عملية الإعداد لهذه المؤامرة وما نتج عنها من تداعيات ومواقف ( لم تعد خافية ) حولت اتجاهات المؤامرة من ( المصالحة ) إلى (التوافق) ، والفرق بين العنوانين كبير ، وكانت هذه أولى الخطوات باتجاه إثبات فشل المؤامرة . أمّا الخطوة الثانية لهذا الفشل فتمثّلت في حصر المشاركة لحضورها على الفئات ذاتها التي كانت ولا تزال تمثّل الأدوات المنفذة للمشروع الاحتلالي للعراق وهي في كلّ الأحوال متفقة ومتضامنة مع بعضها في خدمة السيّد الأمريكي وإن اختلفت فيما بينها فإنّ ذلك الاختلاف لا يؤثر على حسن سير أدائهم لفروض الطاعة ، ومن هنا فإنّ الإدارة الأمريكيّة لا تلتفت إلى هذه الخلافات أو تهتم بها لا قريباً ولا بعيداً طالما أنّها لا تؤثر على مصالحها ، ومن هنا فإنّ إشراك هؤلاء في مؤامرة القاهرة لا ( يتوافق ) مع عنوانها ( المصالحة أو التوافق ) .
أمّا العناوين الأخرى التي دعيت للحضور إلى القاهرة للمشاركة فهي إما متوافقة أصلاً مع الآخرين في خدمة المشروع الأمريكي أو أنها تنتقده ولا تتقاطع معه ، وفي كلّ الأحوال فإنّ هذه العناوين لا تشكّل خطراً أو تهديداً حقيقياً للاحتلال إن لم نقل أنّها توظّف كلّ ممارساتها لخدمته ويصطفون بخط واحد لخدمة وليّ نعمتهم ومصدر تكوين ثرواتهم، وقد تبرز بين هذه العناوين أسماء وجماعات صغيرة تبحث لنفسها عن موطئ قدم ولو صغير في تركيبة المنظومة الحكومية القادمة بعد مسرحية الانتخابات القادمة في 15/12/2005.
والشيء المشترك الذي يجمع كلّ هذه الفئات التي أشرنا إليها يتلخّص بما يلي :
أولاً – إنّهم جميعاً يعتاشون على وجود الاحتلال وستنتهي علاقتهم بالعراق لحظة الإعلان عن قرب خروجه .
ثانياً – إن اختلفوا فيما بينهم فإنّهم لا يجرؤون على الاختلاف في خدمة الاحتلال .
ثالثاً- إنّهم جميعاً ينتمون إلى خندق معادٍ للعراق أرضاً وشعباً .
رابعاً- إنّهم لا يشكلون إلاّ أنفاراً وبعضهم لا يمثّل إلاّ نفسه والبعض الآخر بما يجمع حوله ثلة من قطاع الطرق وعتاة المجرمين .
خامساً- لا تحظى أيّ من هذه القوى على تأييد شعبي حقيقي وإنّ سلطتها ( إن وجدت) فهي لا تتحقق إلاّ عبر ميليشياتها العميلة وهذه الميليشيات لا تأثير لها على الناس إلاّ في ظل الاحتلال .
سادساً- جميع هذه العناوين همها الأول والأخير خدمة الاحتلال وجمع أكبر قدرممكن من العملات الصعبة وتحويلها إلى الخارج ولذلك فهي غير معنية بأيّ خطة أو برنامج مستقبلي للعراق .
سابعاً- يفرض على هذه المجاميع بين الحين والآخر أن تلتقي حسب الأوامر الأمريكيّة لتنسّق فيما بينها لتقديم أفضل حالة توافق لخدمة الاحتلال ولذلك فإنّ مؤامرة القاهرة لن تكون أكثر من تكرار لتلك اللقاءات ولكن هذه المرة في القاهرة .
ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً والذي يحاول عمرو موسى وثلته إسدال ستار من الضبابية عليه وبما ينسجم مع المصالح الأمريكيّة وهو هل سيشارك حزب البعث العربي الاشتراكي والمقاومة في هذه المؤامرة .
ومع إنّنا ندرك تماماً أنّ كلّ الناس الواعين يعرفون الجواب القطعي بحكم الثوابت التي يتمسّك بها البعث والمقاومة إلاّ أنّنا سنعرج على الإجابة من باب التأكيد ، وفي هذا نقول :
إنّ موقف البعث والمقاومة بكلّ فصائلها الجهادية معروف من الاحتلال والعملاء ولم يحدث حتى هذه اللحظة أيّ متغير يمكن أن يدفع باتجاه اعادة النظر بهذا الموقف ، بمعنى أنّ الأوضاع لا زالت على ما هي عليه.... فالاحتلال وعملاؤه باقون وجرائمهم ضدّ أبناء شعبنا ازدادت ولم تقلّ بل وتنوعت ولم يلمس أحد من العراقييّن الشرفاء وجود نية حقيقية أو بوادر حسنة من المحتلين لإعلان سقف زمني لخروجهم من العراق كما لم تثبت أفعالهم سوى الإصرار على ارتكاب أبشع الجرائم من قتل واعتقالات وتعذيب وتهجير وسرقات ... الخ من أعمال يندى لها جبين الإنسانيّة .
ومن هنا فلا يوجد أيّ مبرّر يدفع بحزب البعث والمقاومة الى تغيير قناعاتهم أو مواقفهم المناهضة للاحتلال..... أو ما يخص تحرّك الأمين العام المفاجئ نحو العراق فإنّ البعث والمقاومة لم يلمسا من الأنظمة العربيّة وجامعتهم وأمينها العام أيّ موقف سراً أو علناً يؤكّدون فيه حرصهم على العراق أرضاً وشعباً ويثبتون فيه تمسّكهم بقيادته الشرعيّة ونظامه الوطني مثلما فعلوا مع النظام العميل في الكويت بعد تحريرها من قبل الجيش العراقي الباسل 1990 حيث تمسّكت الأنظمة والجامعة العربيّة بذلك النظام وتحالفوا مع الإمبرياليين والصهاينة ضدّ العراق وأعادوا زمرة الصباح إلى حكم الكويت .. ومن هنا لا يجد البعث والمقاومة أيّ داعٍ للتعاطي مع تحرّك عمرو موسى بل العكس من ذلك ، أي أنّ البعث والمقاومة يجدان في هذه الحركة ( فاقدة التوازن ) سبباً مهماً لفضح دور الأنظمة وأمين الجامعة العربيةالهادف الىانتشال الاحتلال من ورطته ومأزقه والاهم تأمرهم على الشعب العراقي ووأد مقاومته الوطنية المسلحة ومحاولة تجفيف مصادر قوتها وديمومة فعلها الجهادي عبر تشويه صورتها وعزلها عن الشعب الذي يحتضنها ويمدها بكلّ أسباب الدعم والمناعة .
إنّ موقف البعث والمقاومة واضح وصريح وقوي من كلّ هذه المؤامرات التي تستهدف العراق أرضاً وشعباً وتاريخاً وحضارة ً ، وهما ( البعث والمقاومة ) يرفضان أن يدنسا أيديهما الطاهرة بمصافحة من تلوثت أيديهم بقتل أبناء شعبنا وسرقة ثرواته والإسهام في احتلاله مثلما يرفضان المؤامرة التي حاكتها إدارة بوش وتنفذها جامعة عمرو موسى الأمريكيّة الصهيونيّة .. إنّ البعث والمقاومة يصران على مواقفهما التي لا تجد غير تحرير العراق واستعادة سيادته على كامل ترابه الوطني من شمال زاخو حتى جنوب الكويت خياراً يرضى بـه الشعب العراقي ، هذا الشعب الذي يتطلّع إلى خروج المحتل وإقامة حكومة وطنية تجمع كلّ القوى الوطنية التي جاهدت بشتى الوسائل المسلحة والسلمية لدحر الاحتلال وعملائه وتعمل على إعادة كافة حقوق العراقييّن التي اغتصبت من قبل المحتلين وأذنابهم بما فيها التعويض منذ عام 1991 وحتى يوم جلاء الاحتلال وتقديم الاعتذار للشعب العراقي وتقديم كلّ العملاء والخونة والجواسيس إلى المحاكمة لينالوا قصاصهم العادل . أمّا من يدّعي أنّه يمثّل البعث أو المقاومة في حضور هذه المؤامرة فإنّه لا يمثّل إلاّ نفسه ولا يمكن أن تكون لـه أيّة صفة شرعية وسيكون مصير هؤلاء مثل مصير كلّ أعداء العراق من المحتلين وعملائهم ، وسيكونون هدفاً مباشراً لعمليات المقاومة . وقد أعذر من أنذر .
شبكة البصرة
السبت 17 شوال 1426 / 19 تشرين الثاني 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
د. فيصل الفهد
أثارت مبادرة السيّد عمرو موسى العربيّة الاسم الأمريكية الفحوى جدلاً واسعاً وأفرزت مواقف أطفت على السطح كثيراً من التناقضات التي كانت إرهاصات المرحلة الماضية قد غطت عليها أو عطلت فاعليتها لا سيّما وأنّ هذه المبادرة لم يؤسس لـها مروجوها بشكل سليم بل كانت عبارة عن استجابة سريعة من العملاء لاستغاثة سيدهم بوش الذي ازداد ضغط حبال المقاومة على رقبته ولم يجد مفراً إلاّ أن يحيي دور من يعيشون في سبات وغيبوبة ضميرهم النائم من الحكام العرب .
لقد استجابت الأنظمة العربيّة سريعاً وأرسلت وزراء خارجيتها لحضور المؤتمر الوزاري الذي دعا إليه النظام الحاكم في السعودية ولأنّ الموضوع المطروح يخص مصلحة أمريكا وليس العراق فإنّ الخلافات التي تعود أن يثيرها مسؤولوا الأنظمة العربيّة في كلّ اجتماعاتهم تختفي عادة في مثل هكذا لقاء لأنّ المطلوب منهم ليس المناقشة وإنّما التنفيذ السريع والطاعة العمياء ، كيف لا والدولة التي تقف خلف استمرارهم في الحكم أصبحت في وضع لا تحسد عليه وإن استمر فإنّها ستنهار أو تنكمش على نفسها وفي الحالتين سيواجه عبيدها ( الأنظمة الحاكمة ) المصير المحتوم وهو النهاية المأساوية على يد الشعب العربي في هذه الأقطار .
وفي ضوء ذلك فإنّ الأنظمة العربيّة المعنية لم تتحرك بهذا الشكل السريع حباً بالعراقيين أو من أجل سواد عيونهم ، بل لأنّ النار التي تلتهم جسد الامبراطورية الاستعمارية الأمريكية في العراق وصلت إلى مراحل خطيرة ستلتهم رؤوس هذه الأنظمة إن استمرت بالاشتعال بهذا الشكل المتصاعد . وربما يسأل أحدنا لماذا لم تتحرك هذه الأنظمة قبل هذا الوقت لتبدي اهتمامها بما يجري من أوضاع مزرية في العراق ؟ والجواب واضح وهو أنّ الإدارة الأمريكيّة لم تكن تسمح بتدخّل أيٍّ من هذه الأنظمة في موضوع العراق إلاّ في حالة أنّ هذا التدخّل يكون ضمن البرنامج أو المخطط الأمريكي العامل في العراق .
إنّ المرحلة الماضية ( بعد 9/4/2003) شهدت أحداثاً مثيرة في العراق لا بل ومفاجئات قلبت الموازين والتوجهات ، ولعلّ المقاومة العراقية البطلة كانت العنوان الأكبر والأهمّ الذي أحدث ثورة ضدّ كلّ مخططي ومنفذي المشروع الإمبريالي الصهيوني العدواني على العراق بل كانت هذه المقاومة بردّ فعلها السريع جداً مفاجأة المفاجآت في كلّ ما جرى ليس في العراق حسب بل وفي العالم ، وإذا كان البعض يرى في الزلازل التي وقعت في بلدان عديدة وفي الأعاصير ( تسونامي وكاترينا ... الخ ) أحداثاً مزلزلة قلبت أوجه المناطق التي ضربتها عاليها أسفلها وبالعكس فإنّ المقاومة الوطنية العراقيّة بعون الله وشجاعة وإيمان أبطالها زلزلت السماء والأرض فوق رؤوس وتحت أقدام الغزاة ومن يشاركهم في جرائمهم ضدّ الشعب العراقي وكانت العمليات المدهشة لهذه المقاومة المتغير الأهم الذي أعاد ترتيب الأولويات وأهميتها في الأوضاع الدوليّة ووجد العالم المهتم وغير المهتم نفسه يتعاطى مع حقيقة هي كالشمس لا يستطيع أن يحجب نورها الساطع عن عينيه وعقله ، وأصبح فعل المقاومة الوسيلة الأكثر فعالية في إعادة تشكيل القناعات والرؤى إزاء حاضر ومستقبل المجتمع البشري ، ومن هنا نستنتج بالقول أنّ مؤتمر القاهرة ، أو الأصحّ مؤامرة القاهرة ، لن تكون سوى عنواناً آخر للفشل والخيبة والخذلان ليس فقط لمن تسارعوا إلى تنفيذه بل الأهم لمن أمر بـه وعوّل عليه ولذلك فإنّ هذا المؤتمر لن يفسر الماء بعد الجهد إلاّ بالماء .
إنّ الطريقة المأساوية التي طبخت بها عملية الإعداد لهذه المؤامرة وما نتج عنها من تداعيات ومواقف ( لم تعد خافية ) حولت اتجاهات المؤامرة من ( المصالحة ) إلى (التوافق) ، والفرق بين العنوانين كبير ، وكانت هذه أولى الخطوات باتجاه إثبات فشل المؤامرة . أمّا الخطوة الثانية لهذا الفشل فتمثّلت في حصر المشاركة لحضورها على الفئات ذاتها التي كانت ولا تزال تمثّل الأدوات المنفذة للمشروع الاحتلالي للعراق وهي في كلّ الأحوال متفقة ومتضامنة مع بعضها في خدمة السيّد الأمريكي وإن اختلفت فيما بينها فإنّ ذلك الاختلاف لا يؤثر على حسن سير أدائهم لفروض الطاعة ، ومن هنا فإنّ الإدارة الأمريكيّة لا تلتفت إلى هذه الخلافات أو تهتم بها لا قريباً ولا بعيداً طالما أنّها لا تؤثر على مصالحها ، ومن هنا فإنّ إشراك هؤلاء في مؤامرة القاهرة لا ( يتوافق ) مع عنوانها ( المصالحة أو التوافق ) .
أمّا العناوين الأخرى التي دعيت للحضور إلى القاهرة للمشاركة فهي إما متوافقة أصلاً مع الآخرين في خدمة المشروع الأمريكي أو أنها تنتقده ولا تتقاطع معه ، وفي كلّ الأحوال فإنّ هذه العناوين لا تشكّل خطراً أو تهديداً حقيقياً للاحتلال إن لم نقل أنّها توظّف كلّ ممارساتها لخدمته ويصطفون بخط واحد لخدمة وليّ نعمتهم ومصدر تكوين ثرواتهم، وقد تبرز بين هذه العناوين أسماء وجماعات صغيرة تبحث لنفسها عن موطئ قدم ولو صغير في تركيبة المنظومة الحكومية القادمة بعد مسرحية الانتخابات القادمة في 15/12/2005.
والشيء المشترك الذي يجمع كلّ هذه الفئات التي أشرنا إليها يتلخّص بما يلي :
أولاً – إنّهم جميعاً يعتاشون على وجود الاحتلال وستنتهي علاقتهم بالعراق لحظة الإعلان عن قرب خروجه .
ثانياً – إن اختلفوا فيما بينهم فإنّهم لا يجرؤون على الاختلاف في خدمة الاحتلال .
ثالثاً- إنّهم جميعاً ينتمون إلى خندق معادٍ للعراق أرضاً وشعباً .
رابعاً- إنّهم لا يشكلون إلاّ أنفاراً وبعضهم لا يمثّل إلاّ نفسه والبعض الآخر بما يجمع حوله ثلة من قطاع الطرق وعتاة المجرمين .
خامساً- لا تحظى أيّ من هذه القوى على تأييد شعبي حقيقي وإنّ سلطتها ( إن وجدت) فهي لا تتحقق إلاّ عبر ميليشياتها العميلة وهذه الميليشيات لا تأثير لها على الناس إلاّ في ظل الاحتلال .
سادساً- جميع هذه العناوين همها الأول والأخير خدمة الاحتلال وجمع أكبر قدرممكن من العملات الصعبة وتحويلها إلى الخارج ولذلك فهي غير معنية بأيّ خطة أو برنامج مستقبلي للعراق .
سابعاً- يفرض على هذه المجاميع بين الحين والآخر أن تلتقي حسب الأوامر الأمريكيّة لتنسّق فيما بينها لتقديم أفضل حالة توافق لخدمة الاحتلال ولذلك فإنّ مؤامرة القاهرة لن تكون أكثر من تكرار لتلك اللقاءات ولكن هذه المرة في القاهرة .
ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً والذي يحاول عمرو موسى وثلته إسدال ستار من الضبابية عليه وبما ينسجم مع المصالح الأمريكيّة وهو هل سيشارك حزب البعث العربي الاشتراكي والمقاومة في هذه المؤامرة .
ومع إنّنا ندرك تماماً أنّ كلّ الناس الواعين يعرفون الجواب القطعي بحكم الثوابت التي يتمسّك بها البعث والمقاومة إلاّ أنّنا سنعرج على الإجابة من باب التأكيد ، وفي هذا نقول :
إنّ موقف البعث والمقاومة بكلّ فصائلها الجهادية معروف من الاحتلال والعملاء ولم يحدث حتى هذه اللحظة أيّ متغير يمكن أن يدفع باتجاه اعادة النظر بهذا الموقف ، بمعنى أنّ الأوضاع لا زالت على ما هي عليه.... فالاحتلال وعملاؤه باقون وجرائمهم ضدّ أبناء شعبنا ازدادت ولم تقلّ بل وتنوعت ولم يلمس أحد من العراقييّن الشرفاء وجود نية حقيقية أو بوادر حسنة من المحتلين لإعلان سقف زمني لخروجهم من العراق كما لم تثبت أفعالهم سوى الإصرار على ارتكاب أبشع الجرائم من قتل واعتقالات وتعذيب وتهجير وسرقات ... الخ من أعمال يندى لها جبين الإنسانيّة .
ومن هنا فلا يوجد أيّ مبرّر يدفع بحزب البعث والمقاومة الى تغيير قناعاتهم أو مواقفهم المناهضة للاحتلال..... أو ما يخص تحرّك الأمين العام المفاجئ نحو العراق فإنّ البعث والمقاومة لم يلمسا من الأنظمة العربيّة وجامعتهم وأمينها العام أيّ موقف سراً أو علناً يؤكّدون فيه حرصهم على العراق أرضاً وشعباً ويثبتون فيه تمسّكهم بقيادته الشرعيّة ونظامه الوطني مثلما فعلوا مع النظام العميل في الكويت بعد تحريرها من قبل الجيش العراقي الباسل 1990 حيث تمسّكت الأنظمة والجامعة العربيّة بذلك النظام وتحالفوا مع الإمبرياليين والصهاينة ضدّ العراق وأعادوا زمرة الصباح إلى حكم الكويت .. ومن هنا لا يجد البعث والمقاومة أيّ داعٍ للتعاطي مع تحرّك عمرو موسى بل العكس من ذلك ، أي أنّ البعث والمقاومة يجدان في هذه الحركة ( فاقدة التوازن ) سبباً مهماً لفضح دور الأنظمة وأمين الجامعة العربيةالهادف الىانتشال الاحتلال من ورطته ومأزقه والاهم تأمرهم على الشعب العراقي ووأد مقاومته الوطنية المسلحة ومحاولة تجفيف مصادر قوتها وديمومة فعلها الجهادي عبر تشويه صورتها وعزلها عن الشعب الذي يحتضنها ويمدها بكلّ أسباب الدعم والمناعة .
إنّ موقف البعث والمقاومة واضح وصريح وقوي من كلّ هذه المؤامرات التي تستهدف العراق أرضاً وشعباً وتاريخاً وحضارة ً ، وهما ( البعث والمقاومة ) يرفضان أن يدنسا أيديهما الطاهرة بمصافحة من تلوثت أيديهم بقتل أبناء شعبنا وسرقة ثرواته والإسهام في احتلاله مثلما يرفضان المؤامرة التي حاكتها إدارة بوش وتنفذها جامعة عمرو موسى الأمريكيّة الصهيونيّة .. إنّ البعث والمقاومة يصران على مواقفهما التي لا تجد غير تحرير العراق واستعادة سيادته على كامل ترابه الوطني من شمال زاخو حتى جنوب الكويت خياراً يرضى بـه الشعب العراقي ، هذا الشعب الذي يتطلّع إلى خروج المحتل وإقامة حكومة وطنية تجمع كلّ القوى الوطنية التي جاهدت بشتى الوسائل المسلحة والسلمية لدحر الاحتلال وعملائه وتعمل على إعادة كافة حقوق العراقييّن التي اغتصبت من قبل المحتلين وأذنابهم بما فيها التعويض منذ عام 1991 وحتى يوم جلاء الاحتلال وتقديم الاعتذار للشعب العراقي وتقديم كلّ العملاء والخونة والجواسيس إلى المحاكمة لينالوا قصاصهم العادل . أمّا من يدّعي أنّه يمثّل البعث أو المقاومة في حضور هذه المؤامرة فإنّه لا يمثّل إلاّ نفسه ولا يمكن أن تكون لـه أيّة صفة شرعية وسيكون مصير هؤلاء مثل مصير كلّ أعداء العراق من المحتلين وعملائهم ، وسيكونون هدفاً مباشراً لعمليات المقاومة . وقد أعذر من أنذر .
شبكة البصرة
السبت 17 شوال 1426 / 19 تشرين الثاني 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس