المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين سلوك الدول و سلوك العشائر



عبدالغفور الخطيب
19-11-2005, 01:27 PM
بين سلوك الدول و سلوك العشائر

(حول ما يسمى بمؤتمر المصالحة العراقية في القاهرة )


عندما يتعرض شخص أو فئة أو عشيرة لضيم أو حيف ، و يحس مسبب هذا الحيف بأنه مخطئ ، فانه يلجأ لطرف ثالث ، يتوسط لديه لإنهاء ما ترتب على هذا الحيف .. و يكلفه بالذهاب للطرف المتأذي ليستمع الى مطالبه ، و الطرف الثالث ( الدخيل) أو الوسيط ، يقوم باتخاذ الإجراءات المتعارف عليها لدى العشائر . ويجب أن يكون الطرف الثالث ذو مكانة اجتماعية هامة و ملف يليق بتكليفه بمثل تلك المهمة ، أي سوابق نجح بها في مرات عديدة ..


وتتدرج خطوات الوسيط ، بأخذ عطوة أمنية لمدة ثلاثة أيام و ثلث ، ومن ثم تحديد نوعية العطوة الثانية ، فاذا أقر المذنب بذنبه سميت ( عطوة اعتراف وشرف) أي إقرار بالذنب ، وان كانت الغاية فصل الحق أي تحديد من هو المذنب مع أرجحية تحميله لطالب التوسط ، ريثما يبت بتحديد من هو المعتدي ، فانها تسمى ( عطوة حق ) .. حتى يصار لعطوة تقبل بها الأطراف بمبدأ الصلح ، تسمى ( عطوة إقبال ) .. ومن ثم يصار الى الجانب الكرنفالي الذي تتم به مراسم الصلح ..

في حالة مؤتمر القاهرة ، نحن نعلم جيدا من الفاعل ومن المعتدي ، كما أن الفاعل يعلم نفسه و يعلم أن الآخرين يعرفون أنه المعتدي . كما نعلم أن من طلب التوسط هي أمريكا ذلك ( النمر الورقي ) .. ونعلم مدى المأزق الذي يمر بها و قد يعصف بجبروتها المنفوخ الى لا رجعة ..

لكن أن تبدأ بخطوات للمصالحة بشكل مقلوب ، وتحاول أن تثبت أن المتخاصمين هم عراقيون ، فهذا أول الهذر الذي يدركه أصغر طفل ..

أن يدخل المذنب بالجامعة العربية و من وراءها حسني مبارك ، فهذه مخالفة ثانية اذ لا يجوز أن يدخل مذنب بأحد أفخاذ عشيرته !

أن تحضر بغايا كالجعفري و الطالباني و تجعلهم ينعقون على منابر الاجتماع وهم أطراف يستوجب تسليمها للمحاكمة بتهمة الخيانة الكبرى للوطن ، هذه مخالفة ثالثة ..

ان الأسوياء من أبناء العراق وهم أس العرب الأصائل لا يقبلون بسلوك مصالحة مشوه دون تحديد المعتدي بالقلم العريض و تحميله كل كلف ما سبب به أذى للشعب العراقي من خدش كبرياء طفلة عراقية الى خدش كرامة الوطن ، و الاعتراف دون مواربة بكل ذلك . عندها فقط يمكن ان تعاد العقل لرؤوس أصحابها ..

هل رأيتم أن العشائرية التي يمقتها الكثير منا تتفوق على هؤلاء القتلة والمجرمين الذين ملئوا الدنيا نفاقا بالكياسة و حقوق الإنسان ؟

عبدالغفور الخطيب
16-12-2005, 04:06 AM
شومتكم بيناتكم :

شومتكم بيناتكم ، عبارة تقال للجاهة ( أي للوفد العشائري ) الذي يذهب لحل خلاف أو طلب عروس . ويقول تلك العبارة من يتكلم باسم الناس المقصودين ، عندما يصب فنجان قهوة بدء الحديث ، فيضعه على منضدة تعد خصيصا لتلك الغاية حيث تتوسط المكان الذي يعقد به الاجتماع العشائري .

وفي العادة عندما يتجمع أعضاء الجاهة ( الوفد) ، يرتبوا فيما بينهم ، من الذي يتكلم وفي أي موضوع يبدأ .. ومن الذي يستقبل فنجان القهوة الأول ، وهي كناية عن تزكية لهذا الشخص بأن يتزعم الوفد ويرأسه .

في الوضع العراقي الذي سيصل له مناصرو الانتخابات و التعامل مع الواقع المحتل ، وفق فلسفات متعددة ، يتأمل أحدنا هذا المشهد وما سينجم عنه ، فيجد وضعا غريبا ، لا ينم عن سوية الأمور بأي شكل .

فالمحتل والذي يفترض عدم قبول فكرته عند أي وطني ، هو الذي ستقصده الجاهة (الوفد ـ البرلمان ) مستقبلا ، وهو الذي يفترض ان يقصد أهل العراق لمصالحتهم على فعلته الشنيعة باحتلال أرضهم وإزالة معالم دولتهم .

وثانيا ان المقصود وهو المجرم ، هو من يقنن لتشكيل الوفد لمخاطبته ، وهي خطيئة و ذنب ركبت على خطيئة وذنب سابق ..

وثالثا لا يجوز بالوفد ان يضم بين أفراده ، جزء من الطرف الآخر ، ومعظم من سيكون هذا الوفد هم من يعتبروا متماهين وذائبين بفكرة المقصود (المجرم) .
ورابعا لن يتفق هذا الوفد لا على رئاسة له ولا على موضوع بعينه سيثار ويطرح ، وعليه من سيستقبل فنجان قهوة ( الجاهة ) .

وأخيرا ان المقصود في النهاية ، قد استخف بكل قيمنا العربية ، فلن يقدم فنجان قهوة ولن يسمح لأحد بالكلام .. بل سيتكلم هو ! حتى لو كان يسعى لمخرج للهروب !

عبدالغفور الخطيب
27-12-2005, 03:46 PM
عطوة إقبال .. يتم نقضها :

عادة قبل مراسم الصلح الذي يدعى له وجهاء القوم في المناطق المحيطة بساحة الحدث الذي من أجله تتم نشاطات المصالحة ، التي يقوم بها الوسيط ، فبعد عطوة الشرف او الحق ، وقد يتكرر تمديد فترة هذا النوع من العطوات ، فان عطوة هامة تسبق الصلح بقليل .. تسمى عطوة إقبال . أي أقبلوا للصلح فلم يعد بيننا ما نتخاصم عليه .

وهذه العطوة تتم بين رجال عددهم قليل ، يتفاهمون حول أدق التفاصيل ، حتى لا تكون صعبة عليهم أثناء وجود الجموع التي تحضر (مهرجان الصلح ) .. فالدية والحقوق المادية كلها ترسم في عطوة الإقبال ، وتعلن في كرنفال الصلح .

رغم وقوع الكثير من الأخوة العراقيين في مطب تلك العملية ، والتي حذرت المقاومة منها ، الا ان الإصرار على السير بمسارها الملتوي قد تم من قبل مجتهدين ، عسى لو لم يجتهدوا .

فابتداء ، كان الذهاب لمؤتمر (المصالحة!) في مصر خطأ .. فلا يجوز قبول توسط غير الحياديين ، وكان من ألفباء التفكير بالقبول أو عدمه ، هو تعريف من هو الجاني ، وما هي أسس الصلح وكيف ؟

لكن كان مؤتمر المصالحة المزعوم ، هو عبارة عن تمثيل لعطوة الإقبال ، بإعطاء طرف ، استمرأ لعبة الانتخابات ، وعودا سال لعابه من أجلها ، وعند كرنفال الصلح المسموم ، نكث بوعده وسهل عمليات التزوير في الانتخابات ، كونه الخصم والقاضي معا .. حتى آلت الأمور الى ما هي عليه الآن .

لقد هدف الأمريكان بخبثهم هم ومن وراءهم الى شرعنة وجودهم وتبديل أطراف النزاع بين جاني و مجني عليه الى نزاع بين مجني عليه ومجني عليه .. رحم الله حكماء العشائر .. و بئس ما سولت اليه نفوس المتعطشين للسلطة .