lkhtabi
17-11-2005, 08:44 PM
شبكة البصرة
بقلم: د.عبد الحميد الكاتب
ليس جديدا ما نشرته وسائل الإعلام مؤخرا من اكتشاف سجناء عراقيين نالوا قسطا كبيرا من التعذيب والاضطهاد على يد منتسبي وزارة حكومة الاحتلال ، فهذا الأمر يعرفه عامة العراقيين ولاسيما أهل السنة الذين نالهم الاضطهاد خلال الأشهر القليلة من عمر هذه الحكومة الطائفية ، وكم من نداء وبيان وتصريح شكا من وجود هذه الخروقات ، ولكن عبثا كانت مطالباتهم تلك رغم تأكيدها من قبل الكثير من التيارات الوطنية سنية وشيعية .
لكن الجديد في الموضوع هو افتضاح أمر هذه الجريمة وانكشاف أمر المجرمين ، والأغرب أن تقوم قوات الاحتلال بكشف هذه الجريمة بعد تسترها على المجرمين وجرائمهم طيلة ذلك الوقت ، فيتساءل البعض عن سر التوقيت لكشف المستور ، وما هو المغزى من وراء إطلاق هذه الفضيحة ، وما هي الرسالة التي تريد أمريكا توجيهها إلى الشعب العراقي خاصة وإلى العالم عامة ؟
أما عن الرسالة التي تريد أمريكا أن توجهها فلا شك أنها واضحة غير خافية ، فهي أولا تريد توجيه ضربة إلى حكومة الجعفري التي أخلفت عهودها مع أمريكا فكان الولاء لإيران أشد من الولاء لأمريكا ، ومصلحة أمريكا إضعاف حجم رجال إيران في الحكومة القادمة أمام تيارات أخرى أشد ولاء لأمريكا من هؤلاء ، وثانيا تريد للعراقيين والعالم أن يتناسوا جرائم أمريكا في أبي غريب من قبل وجرائم استخدام الفسفور الأبيض في الفلوجة وأخيرا ما تحدثت عنه الأمم المتحدة من انتهاكات حقوق الإنسان في عملية (الستار الفولاذي) في القائم .
ولكن كم من مرة قال العقلاء أن الشعوب العربية – والعراق خاصة – تختلف عن طبيعة الشعب الأمريكي ، وكاد أن يتعب الناصحون وهم يقولون لأمريكا أن سياسة الكذب الإعلامي لا يمكن أن تخدع شعب العراق كما تخدع الشعب الأمريكي ، فالجهل والمادية السائدة بين الشعب الأمريكي غير موجودة عند الشعب العراقي حيث الدين والثقافة والوعي ، وعليه فإن الكثير من أبناء العراق يعرفون تماما حقيقة ما وراء إعلان أمريكا عن وجود فضيحة تعذيب المعتقلين الأخيرة ، ونحن نقرأ ما بين سطور الرسالة الأمريكية جملة من القضايا غير المعلنة ، ولا نقف في فهم هذه القضية على ما تريد أمريكا أن تقرره علينا ، بل إننا نقرأ من هذه الواقعة وتبعاتها جملة أمور نجملها في النقاط الآتية :
1. ثبت لدينا صدق جميع الاتهامات السابقة الموجهة إلى الحكومة الطائفية وأزلامها ، وثبت تحديدا صدق الاتهامات الموجهة إلى (قوات بدر) وسعيها في العراق بالفساد .
2. أن الجريمة لا تقف عند حدود من تم العثور عليهم في المعتقل ، بل يعد هؤلاء نموذجا يؤكد أن الآلاف ممن سبق اعتقالهم وتصفيتهم ورميهم على الحدود الإيرانية و مناطق أخرى جميعهم ضحايا لهذه الجريمة وأولئك المجرمين .
3. وثبت أن جرائم حكومة الاحتلال(الجعفري) ليست موجهة إلى السنة فقط – وإن كانت هي الأكثر – لكنها تطال كل مخالف للسياسة الصفوية والتدخل الإيراني في العراق ، فالشيعة العرب أتباع الصدر وغيرهم من الوطنيين هم أعداء لهذه الزمرة الصفوية ، فطائفية هذه الحكومة لا تعني الانتصار للشيعة وإنما تعني الانتقام من كل مخالف ولاسيما إن كان سنيا .
4. لا أمن ولا أمان لأي تيار أو جماعة عميلة للاحتلال ومشروعه وإن طال الزمن ، فالخطر ينتظر الجميع والاحتلال فقط هو من يحدد ساعة الطلاق وعندها يفضح كل مخفي من جرائم بحق الشعب والوطن ، ولن يخجل الاحتلال حتى من تلك الجرائم التي كان يرعاها من قبل ويؤيد عملاءه فيها .
5. مسؤولية هذه الجريمة لا تقف عند حدود المقر المداهم أو وزارة الداخلية وقوات بدر ، بل المسؤولية تقع على حكومة الاحتلال جميعا ، وهي مسؤولية قوات الاحتلال أولا وأخيرا ، فمن عين هذه الحكومة ؟ وكيف تمت عمليات الاعتقالات في أوقات منع التجول لولا الحماية الأمريكية ؟ ولماذا سكتت أمريكا كل ذلك الوقت رغم الشكاوى والأدلة المقدمة عن وجود هذه الجرائم وتحديدا في هذا المقر؟
6. لابد أن تكون هناك محاسبة حقيقية لجميع المجرمين المسئولين عن هذه الجريمة ، ابتداء من الوزير ومعاونيه مرورا بقوات بدر ومسئوليها ولا يتوقف على الجلادين الخمسين المتهمين بارتكاب جريمة التعذيب ، أما إحالة الأمر إلى لجنة تحقيقية تتكون من أعضاء الحكومة المتهمة فخديعة لا تنطلي إلا على الأغبياء ، وهل يحقق المجرم فيما نسب إليه أو يتهم نفس ؟ وهل ستكون نتيجة التحقيق إلا كنتائج اللجان التحقيقية السابقة فيما جرى في (المدائن ، جسر الأئمة ، نهب المليارات من قبل بعض المسئولين ، التزوير والمخالفات في الانتخابات السابقة ، وكذا التزوير في الاستفتاء على الدستور ) ، فإذا كان المجرم في هذه الجرائم واحدا والمحقق ذاته فهل ستكون النتيجة مختلفة عن السابق؟
7. على كافة أبناء الشعب العراقي أن يفهموا أصل المشكلة ألا وهي الاحتلال ، وأن يدرك كل فرد أن أي تعاون مع الاحتلال أو التهاون معه أو مهادنته جريمة لن تأتي على العراق إلا بالويل والثبور ، وأن الإجرام لا ينحصر في مباشرة الجريمة بل في دعم المجرمين كأن يتم انتخاب عملاء الاحتلال وإيصالهم إلى السلطة ، ومن أعان مجرما ولو بكلمة فهو شريك له .
8. أن ردود الأفعال تجاه هذه الجريمة تنقسم إلى قسمين ، قسم رافض لهذه الجريمة فيندد ويستنكر ويدفع أذاها بما يستطيع ، وقسم آخر مؤيد للجريمة بأي شكل من الأشكال ، سواء أكان التأييد بالسكوت عن الجرائم أو تبريرها أو التقليل من أهميتها أو تجييرها سياسيا من أجل مكاسب في الانتخابات القادمة .
9. وهنا يستذكر أبناء العراق بأن أشد ما يفضح جرائم العصابات هو اختلافهم فيما بينهم حين تتعارض مصالحهم ، وأن من مكر الله أن يدفع المجرمين حتى ينشر بعضهم غسيل بعض ، وأعجب ما أعلن من تصريحات هنا أن قائد قوات بدر( العامري ) يستنكر قيام قوات الاحتلال مداهمة مقر للداخلية ويعده انتهاكا ( لسيادة العراق !!!)، ونقول له عن أي سيادة تتكلم وقد شاركت وأمثالك من قبل في التمكين للمحتل في العراق وشاركته في ضرب المدن ونهب الثروات .
10. وأخيرا فإن أهل العراق بعد أن كانوا يسمعون بالديمقراطية التي تبشر بها أمريكا وتدعي أن تقدمها للشعب وقد حرم زمانا منها ، بعد ذلك ها هو شعب العراق اليوم قد عرف ما هي الديمقراطية إنها وباختصار: ( احتلال ، نهب للثروات ، تمكين الساسة من سرقة الموارد ، حرمان جماعي من الخدمات ، أزمات اقتصادية خانقة ، تهديم المدن فوق رؤوس أهلها بما فيها من الشيوخ والنساء والأطفال ، اعتقالات للآمنين بالعشرات ، التسلي بتعذيب المعتقلين والتفنن في ذلك ، ثم القتل بدون محاكمة ورميهم على الطرقات) ، ألا فبأس الديمقراطية تلك ولا سبيل إلى رفضها إلا بتكاتف الجميع ، فهل يكون طريق رفضها الوحيد ذات المنطق الذي تستخدمه أمريكا ، وهل تدفع القوة إلا بالقوة وهل يفك الحديد إلا الحديد .
شبكة البصرة
الخميس 15 شوال 1426 / 17 تشرين الثاني 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند
اعادة النشر او الاقتباس
بقلم: د.عبد الحميد الكاتب
ليس جديدا ما نشرته وسائل الإعلام مؤخرا من اكتشاف سجناء عراقيين نالوا قسطا كبيرا من التعذيب والاضطهاد على يد منتسبي وزارة حكومة الاحتلال ، فهذا الأمر يعرفه عامة العراقيين ولاسيما أهل السنة الذين نالهم الاضطهاد خلال الأشهر القليلة من عمر هذه الحكومة الطائفية ، وكم من نداء وبيان وتصريح شكا من وجود هذه الخروقات ، ولكن عبثا كانت مطالباتهم تلك رغم تأكيدها من قبل الكثير من التيارات الوطنية سنية وشيعية .
لكن الجديد في الموضوع هو افتضاح أمر هذه الجريمة وانكشاف أمر المجرمين ، والأغرب أن تقوم قوات الاحتلال بكشف هذه الجريمة بعد تسترها على المجرمين وجرائمهم طيلة ذلك الوقت ، فيتساءل البعض عن سر التوقيت لكشف المستور ، وما هو المغزى من وراء إطلاق هذه الفضيحة ، وما هي الرسالة التي تريد أمريكا توجيهها إلى الشعب العراقي خاصة وإلى العالم عامة ؟
أما عن الرسالة التي تريد أمريكا أن توجهها فلا شك أنها واضحة غير خافية ، فهي أولا تريد توجيه ضربة إلى حكومة الجعفري التي أخلفت عهودها مع أمريكا فكان الولاء لإيران أشد من الولاء لأمريكا ، ومصلحة أمريكا إضعاف حجم رجال إيران في الحكومة القادمة أمام تيارات أخرى أشد ولاء لأمريكا من هؤلاء ، وثانيا تريد للعراقيين والعالم أن يتناسوا جرائم أمريكا في أبي غريب من قبل وجرائم استخدام الفسفور الأبيض في الفلوجة وأخيرا ما تحدثت عنه الأمم المتحدة من انتهاكات حقوق الإنسان في عملية (الستار الفولاذي) في القائم .
ولكن كم من مرة قال العقلاء أن الشعوب العربية – والعراق خاصة – تختلف عن طبيعة الشعب الأمريكي ، وكاد أن يتعب الناصحون وهم يقولون لأمريكا أن سياسة الكذب الإعلامي لا يمكن أن تخدع شعب العراق كما تخدع الشعب الأمريكي ، فالجهل والمادية السائدة بين الشعب الأمريكي غير موجودة عند الشعب العراقي حيث الدين والثقافة والوعي ، وعليه فإن الكثير من أبناء العراق يعرفون تماما حقيقة ما وراء إعلان أمريكا عن وجود فضيحة تعذيب المعتقلين الأخيرة ، ونحن نقرأ ما بين سطور الرسالة الأمريكية جملة من القضايا غير المعلنة ، ولا نقف في فهم هذه القضية على ما تريد أمريكا أن تقرره علينا ، بل إننا نقرأ من هذه الواقعة وتبعاتها جملة أمور نجملها في النقاط الآتية :
1. ثبت لدينا صدق جميع الاتهامات السابقة الموجهة إلى الحكومة الطائفية وأزلامها ، وثبت تحديدا صدق الاتهامات الموجهة إلى (قوات بدر) وسعيها في العراق بالفساد .
2. أن الجريمة لا تقف عند حدود من تم العثور عليهم في المعتقل ، بل يعد هؤلاء نموذجا يؤكد أن الآلاف ممن سبق اعتقالهم وتصفيتهم ورميهم على الحدود الإيرانية و مناطق أخرى جميعهم ضحايا لهذه الجريمة وأولئك المجرمين .
3. وثبت أن جرائم حكومة الاحتلال(الجعفري) ليست موجهة إلى السنة فقط – وإن كانت هي الأكثر – لكنها تطال كل مخالف للسياسة الصفوية والتدخل الإيراني في العراق ، فالشيعة العرب أتباع الصدر وغيرهم من الوطنيين هم أعداء لهذه الزمرة الصفوية ، فطائفية هذه الحكومة لا تعني الانتصار للشيعة وإنما تعني الانتقام من كل مخالف ولاسيما إن كان سنيا .
4. لا أمن ولا أمان لأي تيار أو جماعة عميلة للاحتلال ومشروعه وإن طال الزمن ، فالخطر ينتظر الجميع والاحتلال فقط هو من يحدد ساعة الطلاق وعندها يفضح كل مخفي من جرائم بحق الشعب والوطن ، ولن يخجل الاحتلال حتى من تلك الجرائم التي كان يرعاها من قبل ويؤيد عملاءه فيها .
5. مسؤولية هذه الجريمة لا تقف عند حدود المقر المداهم أو وزارة الداخلية وقوات بدر ، بل المسؤولية تقع على حكومة الاحتلال جميعا ، وهي مسؤولية قوات الاحتلال أولا وأخيرا ، فمن عين هذه الحكومة ؟ وكيف تمت عمليات الاعتقالات في أوقات منع التجول لولا الحماية الأمريكية ؟ ولماذا سكتت أمريكا كل ذلك الوقت رغم الشكاوى والأدلة المقدمة عن وجود هذه الجرائم وتحديدا في هذا المقر؟
6. لابد أن تكون هناك محاسبة حقيقية لجميع المجرمين المسئولين عن هذه الجريمة ، ابتداء من الوزير ومعاونيه مرورا بقوات بدر ومسئوليها ولا يتوقف على الجلادين الخمسين المتهمين بارتكاب جريمة التعذيب ، أما إحالة الأمر إلى لجنة تحقيقية تتكون من أعضاء الحكومة المتهمة فخديعة لا تنطلي إلا على الأغبياء ، وهل يحقق المجرم فيما نسب إليه أو يتهم نفس ؟ وهل ستكون نتيجة التحقيق إلا كنتائج اللجان التحقيقية السابقة فيما جرى في (المدائن ، جسر الأئمة ، نهب المليارات من قبل بعض المسئولين ، التزوير والمخالفات في الانتخابات السابقة ، وكذا التزوير في الاستفتاء على الدستور ) ، فإذا كان المجرم في هذه الجرائم واحدا والمحقق ذاته فهل ستكون النتيجة مختلفة عن السابق؟
7. على كافة أبناء الشعب العراقي أن يفهموا أصل المشكلة ألا وهي الاحتلال ، وأن يدرك كل فرد أن أي تعاون مع الاحتلال أو التهاون معه أو مهادنته جريمة لن تأتي على العراق إلا بالويل والثبور ، وأن الإجرام لا ينحصر في مباشرة الجريمة بل في دعم المجرمين كأن يتم انتخاب عملاء الاحتلال وإيصالهم إلى السلطة ، ومن أعان مجرما ولو بكلمة فهو شريك له .
8. أن ردود الأفعال تجاه هذه الجريمة تنقسم إلى قسمين ، قسم رافض لهذه الجريمة فيندد ويستنكر ويدفع أذاها بما يستطيع ، وقسم آخر مؤيد للجريمة بأي شكل من الأشكال ، سواء أكان التأييد بالسكوت عن الجرائم أو تبريرها أو التقليل من أهميتها أو تجييرها سياسيا من أجل مكاسب في الانتخابات القادمة .
9. وهنا يستذكر أبناء العراق بأن أشد ما يفضح جرائم العصابات هو اختلافهم فيما بينهم حين تتعارض مصالحهم ، وأن من مكر الله أن يدفع المجرمين حتى ينشر بعضهم غسيل بعض ، وأعجب ما أعلن من تصريحات هنا أن قائد قوات بدر( العامري ) يستنكر قيام قوات الاحتلال مداهمة مقر للداخلية ويعده انتهاكا ( لسيادة العراق !!!)، ونقول له عن أي سيادة تتكلم وقد شاركت وأمثالك من قبل في التمكين للمحتل في العراق وشاركته في ضرب المدن ونهب الثروات .
10. وأخيرا فإن أهل العراق بعد أن كانوا يسمعون بالديمقراطية التي تبشر بها أمريكا وتدعي أن تقدمها للشعب وقد حرم زمانا منها ، بعد ذلك ها هو شعب العراق اليوم قد عرف ما هي الديمقراطية إنها وباختصار: ( احتلال ، نهب للثروات ، تمكين الساسة من سرقة الموارد ، حرمان جماعي من الخدمات ، أزمات اقتصادية خانقة ، تهديم المدن فوق رؤوس أهلها بما فيها من الشيوخ والنساء والأطفال ، اعتقالات للآمنين بالعشرات ، التسلي بتعذيب المعتقلين والتفنن في ذلك ، ثم القتل بدون محاكمة ورميهم على الطرقات) ، ألا فبأس الديمقراطية تلك ولا سبيل إلى رفضها إلا بتكاتف الجميع ، فهل يكون طريق رفضها الوحيد ذات المنطق الذي تستخدمه أمريكا ، وهل تدفع القوة إلا بالقوة وهل يفك الحديد إلا الحديد .
شبكة البصرة
الخميس 15 شوال 1426 / 17 تشرين الثاني 2005
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند
اعادة النشر او الاقتباس