المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا صوت يعلو فوق صوت السلطة



lkhtabi
17-11-2005, 08:36 PM
شبكة البصرة

الدكتور غالب الفريجات

كان يقال سابقا لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، وعندما هرول النظام العربي باتجاه الاستسلام مع العدو الصهيوني ، وانتهت معاركه الفاشلة سلفا ، لان جيوشه لم تعد للمعارك مع الخارج ، بل قد صممت للمواجهة مع الداخل ، فقد كانت معاركه لا تتجاوز الساعات او الايام مع عدو كان الصراع معه ولا يزال صراع وجود ، وكانت النتيجة ان فقد النظام هيبته ومبرر وجوده .



النظام العربي استبدل المعركة بالسلطة فهي معركته مع الحياة والناس ، وهي مبرر وجوده ومن اجلها سيقوم بكل ما يملك من قوة للحفاظ عليها ، حتى لو كانت هذه الاجراءات منافية للاخلاق الانسانية في حق الناس ، او الى الخيانة الوطنية في حق الاوطان ، لا يهم في سبيل السلطة ، وقد رفع شعار لا صوت فوق صوت السلطة .



المعروف ان السلطة مستمدة من الشعب ، وهكذا هي في جميع دساتير العالم ، وهي كذلك ايضا في دساتير كل اطراف النظام العربي الرسمي ، ولكن ما هو مدون على الورق ليس للتطبيق في دساتيرنا وقوانيننا وانظمتنا ، بل من اجل ان نؤكد للعالم اننا دول قانون ومؤسسات ، وان الحاكم بامر الله لا يوجد في تلابيب ثيابنا ، ولا في دهاليز السلطة لدى قصور الحكم لدينا .



النموذج الديمقراطي لدينا له مذاق خاص وطعم خاص ، وهو على قياسنا نحن ولا يناسب غيرنا ، ويسعى لتكثيف السلطة في اعداد محدودة من الانتهازيين والمتسلقين من اجل مصلحة الشعب ، واي تفكير في توسيع قاعدة المشاركة هو تفكير تدميري تآمري على الشعب ومستقبله ، ومن يسعى لذلك او يفكر فيه لا بد انه معتوه او مجنون ، لانه يريد المقامرة في مستقبل اطفال الوطن ، وتبديد ثروته ، وتسليم مقاليد امور البلاد والعباد لاعدائه .



السلطة بقرة مقدسة لا يجوز التفكير فيها ، الا لازلامها ، وهم يتوارثونها ابا عن جد ، ومن يريد الاقتراب منها ، كفراشة اقتربت من اللهب عليه ان يحترق ، حتى لا يعود التفكير ثانية ، ومغانم السلطة لازلامها ومغارمها على رؤوس ابناء الشعب ، وهم من يدفع والازلام من يقبض ، فلا عجب ان ازداد الناس فقرا واتسعت قاعدة المحرومين ، ولا عجب ايضا ان يزداد الناس غنى و ضاقت دائرة المنتفعين .



الناس في سرها كانت تردد في مواجهة الادعاء بالمعركة اهلا معركة ، لانها كانت تعلم ان لا معركة للنظام الا مع الشعب ، وهي اليوم تردد اهلا سلطة ، لان السلطة الحقيقية هي سلطة الشعب ، وما دام الشعب مغيب ، فالسلطة وهمية ، وهي ذات المحبسين : محبس في الداخل يحاصرها الشعب بالاحتقار والازدراء ، ومحبس في الخارج يستهين بها ويوظفها لمصالحه واهوائه .



لا صوت يعلو فوق صوت السلطة ، فهي ولية الامر وولية النعمة ، فالشعب المغيب أراد لها ذلك ، وسلطتها فوق القانون وفوق الدستور ، ومن يرى غير ذلك فليسمع وليشهد على افعالها في حق هؤلاء الخارجين عن الطاعة ، لانهم يسعون لشق وحدة الأمة ، ومن يسعى للفتنة وهي اشد من القتل ، فلا يجوز شرعا قانونيا الا ان يعاقب ، والقانون هنا سيف مسلط ، والعقوبة في متناول اليد ، فلا حرية ولا عمل ، لان الحرية ليست للعصاة المتمردين على سلطة الدولة ، والعمل ليس للمخربين الفاسدين في المجتمع ، الذين يعيقون حركة السلطة في تنظيم حياة الناس ، ولا صوت يعلو فوق صوت السلطة .



ما اجمل الاوطان حينما تكون كالامهات الحانيات على صغارهن ، او حتى كالامهات من الحيوان والطير لان الامومة واحدة ، ولكن ما اسوأ ان يكون الانسان غريبا في وطنه ، وعلى الرغم ان الغربة قاسية ، الا انها في الوطن مدمرة ، وهي تدمر كل ما هو جميل في الحياة ، فرفقا بنا يا ازلام السلطة ، ليس لاننا نحتاج الى الشفقة ، ولكن لا ننا لا نريد ان تحولنا الحياة الى وحوش كاسرة تدمر كل الاسياج التي تحيطون بها قصوكم ، لان الاوطان ملك لنا جميعا والحياة لنا جميعا ، فلا تتجاوزوا على املاكنا ولا تعتدوا على حياتنا ، لان لنا احلامنا التي نود ان نعيشها والحياة التي نرتاح اليها .



لا صوت يعلو فوق صوت السلطة شعار امتهن كرامة الناس ، كما كا ن شعار المعركة قد خدع الناس ، فالناس مع المعركة التي تعيد لهم كرامتهم المهدورة ، وكرامة الاوطان المغلوبة على امرها ، ولكنها ليست مع السلطة المهدورة في ماخورات العهر السياسي والزندقة الاخلاقية .

شبكة البصرة

الخميس 15 شوال 1426 / 17 تشرين الثاني 2005

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس