المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استعدوا لمواجهة المقاومة منذ 20 عاماً وتدربوا على ذلك بصحراء النقب في العام 1995



lkhtabi
17-11-2005, 03:35 PM
عساكر أميركا يعالجون فشلهم أمام العراقيين بتغيير استراتيجية البنتاغون!
... وآخر صور التلفيق الاعلامي المدروس: مات الدوري.. لم يمت.. سيموت!!!

شبكة البصرة
باريس: نبيل أبو جعفر

نشر في مجلة البيادر السياسي التي ستصدر غدا
أحدث الإتهام الرسمي الموجّه الى كبير مستشاري ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي، بالكذب على هيئة المحلفين في قضية تسريب اسم عميلة "السي.آي.إيه"، هزّة كبيرة داخل أركان ادارة بوش، انعكست آثارها على الرئيس شخصياً أكثر من سواه، وأدّت حسبما ذكرت مجلة "تايم" الأميركية، الصادرة في الثلاثين من الشهر الماضي الى تراجع ثقة بوش بأقرب المقربين منه ومن ضمنهم نائبه، (باستثناء الصديقة الشخصية الآنسة كونداليزا رايس طبعاً).

واعتبرت الصحيفة الأميركية الأكثر شهرة أن الأيام السبعة الأخيرة من الشهر الماضي قد مثّلت بالنسبة لبوش أسبوعاً من الجحيم لم يمرّ منذ عدة سنوات خلت.

وقبل أن يخرج بوش من حالة الصدمة التي واجهته، وقد ترافقت مع ارتفاع عدد القتلى بين قواته التي تحتل العراق إلى ألفين وخمسة عشر بالتمام والكمال (حتى ذلك التاريخ)، حطّت على رأسه مصيبة أخرى داخلية لم يكن يتوقعها، وقد حال حزبه الجمهوري دون حدوثها طوال سنوات حكمه، عندما فاجأ تجمّع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الحاضرين لجلسة 28 تشرين الأول الماضي بطلب عقد جلسة سرية طارئة للبحث في الجوانب الخطيرة التي تحيط بالوضع الأميركي في العراق، وتحديداً بالمعلومات الاستخبارية التي نُشرت في السابق حول الحرب والوضع العسكري، والنتائج التي تمّ التوصل إليها، والتدقيق فيما تكشّف مؤخراً من تلاعبات وأكاذيب صوّرت الواقع على غير حقيقته تماماً، كما ورد على لسان زعيم الأغلبية الديمقراطية هاري ريد، الذي أكّد في كلامه إن إدارة بوش قد تلاعبت في المعلومات الاستخبارية، وزيّنت الانتصار وسهّلت أسبابه، وقلّلت من تكاليفه، بهدف اقناع الشعب الأميركي بالحرب على العراق، والتصّدي لكل الذين عارضوا قيامها.

وقد اعتُبر هذا الطلب الذي ووفق على تمريره من خلال التصويت عليه بعد محاولات مُضنية أقدم عليها الديمقراطيون لإجراء تحقيق واسع حول سلوكيات الإدارة وسوء استخدامها لتقارير المخابرات إما بتضخيمها أو تزويرها، لكن ثقل أصوات الجمهوريين كان يحول دائماً دون تحقيق ذلك.

وتُعتبر هذه الخطوة التي نجح الديمقراطيون في فرضها على الحزب الحاكم فرضاً، سابقة تاريخية لم تحدث – حسبما أوردت الصحف الأميركية – منذ 25 عاماً، وقد فتحت الباب "السّري" أمام مساءلة الإدارة على أرفع مستوى من المسؤولية، ويتوقع المراقبون أن تظهر نتائج هذه التحقيقات في وقت قريب.

ضرورة تغيير استراتيجية الحرب

وبالتزامن مع هذه المصائب التي حلّت على رأس الرئيس في "أسبوع الجحيم"، كشفت مجلة "المستقبل العربي" التي يصدرها مركز دراسات الوحدة العربية في عددها الأخير الصادر أوائل شهر تشرين الثاني الحالي مضمون تقرير نشرته منظمة أميركية تُدعى "مشروع ضد الخطر الحالي"، وهي هيئة تنشط في مجال تعزيز الرأي والدفاع عن القانون الدولي، حمل عنوان "تقزيم القوات الأميركية"، تحدّث باسهاب عن الموت اليومي الذي تواجهه هذه القوات في العراق، والصعاب التي يواجهها الجيش الأميركي في تجنيد الشباب العازف عن المشاركة في الجهد العسكري، حتى أنه لم يعد بامكان الولايات المتحدة – كما يتبجّح بوش في كل مناسبة – إرسال المزيد من القوات الى العراق أو غيره، وان هذه الحقيقة يعرفها قادة الجيش الميدانيين، ومع ذلك، لا يتورع الرئيس عن الإعلان بين مناسبة وأخرى عن تصميمه على ملاحقة "الارهاب" أينما كان، وإرسال المزيد من قواته كلّما تَطّلَبَ الأمر ذلك.

أي بمعنى أدق، أن قوات الدولة الأكبر لم تعد قادرة على تحمّل الاستنزاف الذي تتعرض له، ولا استيعاب متطلباته بالشكل الذي كانت تتصوره، ولهذا فإنها أصبحت مضطرة أمام تصاعد عمليات المقاومة التي تواجهها في العراق وسائر العمليات "الارهابية" في غير بقعة من العالم، أن تغيّر من استراتيجيتها وتبتعد ما أمكن عن النهج العسكري الكلاسيكي، وإن كان يتمتع بمستوى عالٍ من القدرة التكنولوجية، الى اسلوب آخر يستطيع التعامل مع مفاجآت المجموعات المسلّحة، والمدّربة جيداً على ابتكارات جديدة في فنون حرب التحرير الشعبية.

وقد أكّد هذا التوجه المعهد (البريطاني) الدولي للدراسات الاستراتيجية في تقريره الأخير لعامي 2005 – 2006، حيث قال أن الجيش الاميركي وغيره من الجيوش الغربية قد أخذت تُغيّر من برامجها العسكرية وأسلوب قتالها، وفق ما استجدّ على الساحة الدولية، إنطلاقاً من تجربة المقاومة العراقية. وبعد أن تأكّد لها أن التفوق أو الانتصار العسكري "النظامي" السهل في الحروب التقليدية لا يعني نفس الشيء بالنسبة لمواجهة المقاومة وحرب العصابات.

جيوش العرب درع بشري لحماية الاميركان!

هذا على صعيد القوة العسكرية وما أفرزته المواجهة غير المتناسقة بين ممارسات الاحتلال وتأثير المقاومة من فشل كلما طال أمد هذا الاحتلال. واستناداً لهذه النتيجة غير "المطمئنة" بدأت تسعى الدولة الأكبر نحو ايجاد مخرج جديد لورطتها المستمرة، خصوصاً بعد أن تعذر عليها جلب العديد من الحلفاء الغربيين الى مواقعها، وبدأت ملامح الرغبة بانسحاب ما تبقّى من قوات الدول المشاركة فيما يسمّى بالقوات المتعددة الجنسيات.

وهكذا خرجت فكرة إرسال قوات عربية الى العراق، بعدما قزّمت السعودية تصريحات وزير خارجيتها عن الخطر الايراني الداهم في العراق الى اجتماع يتيم لوزراء الخارجية عُقد في جدّة، أفضى إلى إقحام جامعة الدول العربية في المستنقع العراقي بتكليف رسمي تحت شعار السعي لتحقيق المصالحة الوطنية وتنفيذ الخطوات التي يتطلّبها الوضع المتفجّر، بينما الهدف الحقيقي غير المعلن لهذه المهمة لا يرمي إلاّ إلى تخفيف العبء عن الأميركان أولاً، وليس نصرة شعب العراق، وإلى تحاشي امتداد الخطر الإيراني من داخل الحدود العراقية الى ما وراءها ثانياً.

ومع أن خطوة ارسال قوات عربية الى العراق قد تبدو حلاًّ قومياً للبسطاء، إلاّ أنها في حقيقة الأمر خطوة أميركية خالصة على طريق التملّص من الورطة المستفحلة من خلال الاحتماء بدرع بشري من القوات العسكرية العربية، كما أنها خطوة مدروسة باتقان على طريق زجّ العرب في صراعات بين بعضهم البعض على أرض العراق.

تسريب وتلفيق

كل هذا الوضع المُحرج والمؤرق للقوة الأكبر في العالم، جاء بفعل المقاومة التي تحاول العديد من الجهات العربية والدولية فتح أبواب الحوار العلني والسرّي معها، بهدف الالتفاف عليها، أو شقّ صفوفها. ولعلّ آخر صور هذه المحاولات ما تُروّج مؤخراً من أخبار – للمرة المئة ربّما – حول اتصال وفد الجامعة العربية برئاسة الأمين العام المساعد أحمد بن حلي بقيادات بعثية ورجال النظام السابق، ثم تسريب أخبار عن احتمال قيام وفد من هذه القوى بزيارة الى القاهرة في هذه الأيام للمشاركة في "الحوار الوطني"، بالتزامن مع تلفيق خبر مدسوس عن وفاة المناضل عزت الدوري نائب الرئيس العراقي سرعان ما تكشّف كذبه فتم نفيه.

حصل ذلك كله رغم أن موقف المقاومة وفي مقدمتها حزب البعث ورجال النظام السابق من موضوع المفاوضات محسوم بشكل نهائي، فهي ترى استحالة الحديث عن حوار بين صاحب الأرض والمصرّ على احتلال بلده، بين المقاوم والعميل، كما ترى استحالة المشاركة في أي انتخابات أو استفتاءات تتمّ في ظل الاحتلال لأنها تُشَرّع وجوده ووجود السلطة الخارجة من تحت عباءته.

ومن هذه الزاوية تحديداً رفضت المقاومة تورّط الجامعة العربية في مستنقع الاحتلال وأتباعه، واعلنت استغرابها لقدوم وفد مكلّف من أنظمة تسعى الى نجدة المحتل واسباغ الشرعية على النظام التابع له. أما الغرابة الأكبر فقد جاءت من ردّ الجامعة على سلبية نظام طالباني – الجعفري في التعاطي معها بحجّة أنها تأخرّت في التحرّك لدعمه، فما كان من أمينها العام عمرو موسى إلاّ تفجير قنبلة غير متوقعة من خلال "التذكير" بدور الجامعة في اسباغ الشرعية على النظام منذ وجود "الحاكم المدني" برايمر"!!، والتذكير باستقبال ممثلية في "بيت العرب"، ثم زاد على ذلك ترحيبه الشديد بالدستور الجديد أثناء زيارته للعراق، واشادته بتجربة الأكراد الانفصالية وتصويرها بالديمقراطية والمستقلّة!

كيف احتاط الاميركان لهذا اليوم؟

ويبقى من الضروري القول أن الوضع الحقيقي لقوات الاحتلال الاميركي في العراق إذا كان سراً لدى البعض القليل حتى وقت قريب، فإنه لم يكن كذلك بالنسبة للأميركان أنفسهم منذ حوالي عشرين عاماً من هذا التاريخ، وقد احتاطوا من يومها لهذا اليوم وتدربّوا على مواجهته، ومع ذلك لم يجنوا إلاّ الفشل عسكرياً وسياسياً في آن. فقد كشفت وثائق الاستخبارات الاميركية التي رفعت عنها السرّية يوم 19 تشرين الأول الماضي، والتي تتعلق بفترة الثلاثين سنة الماضية الممتدة من العام 1975 وحتى 2005 أن "السي.آي.إيه" قد احتار في طريقة التعامل مع نظام صدام، سواء لجهة احتوائه أو مضايقته والقضاء عليه عن طريق انقلاب أو ما شابه، ولكن إدارة البيت الأبيض (أيام الرئيس كارتر) سرعان ما أدركت اثناء ذلك أن القضاء على صدام لن يُفضي إلاّ الى الفوضى وزعزعة الاستقرار في هذا البلد المليء بمختلف الأطياف السياسية والمذاهب الدينية.. الخ.

وكشفت وثائق "السي.آي.إيه" ان الاستخبارات الاميركية باتت على قناعة منذ العام 1985 أن لا أحد يمكنه حكم العراق بصرامة مثلما يفعل نظام الرئيس صدام، وأن البديل الوحيد له – إن وجد – لن يكون غير التطرف المذهبي المدعوم من نظام الملالي في طهران.

ولم يتوقف الأمر عند حدود القراءة والبحث والاستطلاع، وهي مهمة المخابرات واجهزة الدراسات والمكاتب التابعة لها، بل تجاوزه الى وضع الخطط الاستباقية الكفيلة بعملية التصدّي لما قد يأتي إذا ما سقط النظام، أو إذا ما استشرت عمليات المقاومة ضد التواجد الأميركي، أو الاحتلال.

وهكذا نقرأ في تقرير آخر مهم أعدّه البنتاغون حول قوات التدخل السريع التي أُنشئت لتولي مهام معينة في منطقة الشرق الأوسط، وقد صدر في 20 نيسان 1989، شهادة قدمها الجنرال شوارزكوف الى مجلس الشيوخ قال فيها بالحرف "ان لدى العراق قوة عسكرية كبرى في مواجهة دول الخليج ومجلس التعاون، ولهذا فإن انشغال العراق مع ايران سيوفّر فرصة كبيرة لتعديل سياسته" وهو ما لم يحصل، بل حصل نقيضه تماماً بعد ذلك بعام ونصف.

ومع تطوّر الاحداث وتشابكها بعد حرب "تحرير الكويت"، وبروز المقاومة الاسلامية في غير مكان من الوطن العربي بدأ الحديث الاميركي جهاراً عن التهيئة لضرب "الأصوليين"، وقد شهدت المنطقة أكثر من مناورة عسكرية شاركت فيها القوات الاميركية لهذا الهدف، كان من أبرزها المُناورات التي تمت مع قوات اسرائيلية في منطقة النقب في أوائل العام 1995، وقد وُصفت يومها بأنها ذات طبيعة خاصة من حيث أهدافها ومضمونها. وتقول المعلومات التي توفرّت عنها أن هدفها الأساسي كان ينحصر في التهيئة للقيام بعمل مشترك بين الجانبين ضد الجهات التي تناصبهما العداء وفي مقدمتها الجماعات الاسلامية، وقد شملت عملياً الجوانب التالية:

- التعامل مع مجموعات افتراضية مشكلة من فرق "ارهابية" عسكرية.

- التعامل مع مخابىء افتراضية لهذه المجموعات .

- اقتحام الأوكار الجبلية التي يمكن أن نتحصن فيها.

- اختيار المناطق الملائمة في حال لجوء الجماعات المُسلحة الى اختيار مناطق متميزة لادارة العمليات العسكرية ضد التحالف الاميركي – الاسرائيلي. وقد تمّ الاتفاق يومها على أن تكون صحراء النقب كقاعدة انطلاق محورية آنية للعمليات العسكرية. وسرعان ما انعقد بعدها مؤتمر مواجهة "الارهاب" الذي عُقد في شرم الشيخ، ثم جرى حث الدول الخليجية على أن تكون اسرائيل طرفاً فاعلاً في عملية التصدّي للارهاب باعتبارها الحليف الأساسي للولايات المتحدة التي تربطها مع دول الخليج برامج التعاون العسكري.

وقد خرج مارتن انديك مساعد وزيرة الخارجية الاميركية، الذي كان سفير الولايات المتحدة في اسرائيل وقتذاك ليقول في محاضرة القاها بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى – في 20/أيار/مايو 1993: "أهدافنا الصريحة تتلخص بتأمين النفط بأسعار متدنية والمحافظة على وجودنا العسكري، وضرب القوى المناوئة لنا. وبعبارة أخرى أقول: منذ الخمسينات أصبحت الولايات المتحدة القوة المسيطرة الوحيدة في المنطقة دون منافس، وعلينا أن نحتوي الشرق الأوسط على الدوام ونجعل منه مركزاً لمصالحنا وسنعمل مع اسرائيل وليس ضدها".

ومن يومها لليوم هذا ما يحصل فعلاً...

... وحدها المقاومة بدأت تؤثر على فعالية القوى الأكبر وامكانية استمرارها في بلادنا لتحقيق أهدافها المذكورة على لسان أنديك... بينما بقي كل العرب بأنظمتهم الرسمية مع القوة الأكبر، يجترّوُن حقد واشنطن على "الدكتاتور" الكبير!!

شبكة البصرة

الاربعاء 14 شوال 1426 / 16 تشرين الثاني 2005

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة

عند اعادة النشر او الاقتباس