مشاهدة النسخة كاملة : احذروا الاحباش
imran
14-11-2005, 11:42 PM
هذه فرقة ضالة مرتبطة بالمجوس وحلفائهم النصيريين في سوريا
وهم جزء من مخطط الفرس المجوس لسيطرة على العالم الاسلامي
للمزيد من المعلومات الرجاء زيارة الموقع ادناه
http://www.antihabashis.com/index2.htm
lkhtabi
13-12-2005, 02:43 AM
فيتناااااااااااااااااااااا اللهم رفع مانزل
lkhtabi
13-12-2005, 04:00 AM
كيف تطحن حبشيا
كيف تـطـحـن حـبـشـيـا الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد الخلق محمد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته الى يوم الدين أما بعد: فقد أصدر الأحباش نشرة بعنوان: " كيف تطحن وهابيا" وكانت نشرة مليئة بالكذب. وأول كذبهم مخالفتهم التوحيد أول مبادئ الاسلام يحلون للناس ما هو أحرم من أكل الربا وأكل لحم الخنزير ألا وهو إباحة الشرك ودعاء غير الله بحجج واهية يحسبها الظمآن ماءا. وها أنا أرد عليهم بما يطحن ما ظنوه طحنا وذلك من كتاب الله وسنة نبينا صلوات الله وسلامه عليه وكلام الأئمة المعتبرين عندهم. فإن عندنا من أدلة كتاب الله ما ليس عندهم. الطحن الأول شرك الاستعاذة بغير الله روى البخاري عن أحمد قوله بأنه لا يستعاذ بمخلوق (خلق أفعال العباد 123). والأحباش يحتجون برواية في المسند عن الحرث بن حسان البكري (أعوذ بالله ورسوله). ليجيزوا الاستعاذة بغير الله. وهذه استعاذة بحي بحاضر جائزة. ولو فهم أحمد مما رواه في مسنده ما تفهمون لأجاز الاستعاذة بغير الله. روى البخاري قول شيخه نعيم بن حماد: لا يستعاذ بمخلوق " ( ) واحتج أحمد بحديث خولة بنت حكيم أن رسول الله قال " من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق : لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك " ( ). قال الحافظ ابن حجر العسقلاني » لا يستعاذ إلا بالله أو بصفة من صفاته« (فتح الباري 11/546). وقال بأنه لا يستعاذ بغير الله واحتج بأحمد بل واحتج برواية (واذا استعذت فاستعذ بالله) (فتح الباري 13/381) . قال الخطابي " كان أحمد يحتج بحديث "أعوذ بكلمات الله التامات " بأن النبي لا يستعيـذ بمخلوق " ( ) . وأكده المرداوي الحنبلي في الإنصاف (2/ 456). قال البيهقي بعد ذكر بعض أحاديث الاستعاذة بكلمات الله " ولا يصح أن يستعيذ بمخلوق من مخلوق" (الاسماء والصفات 241). قال ابن خزيمة في التوحيد ( 1 / 401) " فهل سمعتم عالماً يجيز أن يقول الداعي : أعوذ بالكعبة من شر ما خلق ؟ هذا لا يقوله مسلم يعرف دين الله ، محال أن يستعيذ مسلم بخلق الله من شر خلقه " ؟ قال الشعراني » ولو أن أحداً من الخلق كان يكفي أن نستعيذ به لأمرنا الله أن نستعيذ بمحمد أو بجبريل أو غيرهما من الأكابر، ولكن عَلِمَ الله عجز الخلق عن رد كيده إلا مع استعاذتهم بالله عز وجل" [لطائف المنن والأخلاق 583 في التحدث بنعمة الله على الإطلاق]. الطحن الأول بالقرآن لقد كنت أريد أن أباشر الرد على احتجاجهم بقصة ابن عمر في خدر الرجل ولكني سوف أبتدئ هذا الشريط بسرد الآيات الناهية عن دعاء غير الله واعتباره كفرا وشركا. وذلك قبل الشروع في الرد على احتجاجهم بخدر رجل ابن عمر وذلك لسببين: الأول : تعظيما لكتاب الله ولبيان أن القرآن خصم لهذه العقيدة الشركية التي يدعو إليها الأحباش وأن أدلة القرآن أقوى الأدلة. وأنه لا قيمة لأي قول يخالف قول الله وقول رسوله فإن رسول الله قد ضمن العصمة لنا من الضلالة باتباع كتاب الله وسنة نبيه . الثاني: لأبين للجميع أن الأحباش لا يستطيعون الاتيان بدليل واحد من القرآن ليثبتوا جواز الاستغاثة بغير الله. فإن الآيات التي تنهى عن دعاء غير الله كثيرة، فهم لن يجدوا آية من القرآن تؤيد شركهم. ولهذا أتحداهم أن يأتوا بآية واحدة من القرآن تؤيد شركهم. أما نحن فأدلتنا من القرآن كثيرة جدا. تأملوا بعناية هاتين الآيتين قبل كل شيء: أمرنا الله بإخلاص الدين في الدعاء والعبادة قال تعالى {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ } [الزمر 3] لا شك أننا مأمورون بالإخلاص في عبادة الله . وقال تعالى {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [ غافر 14]. وفي آية أخرى {هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [غافر65]. وهذه الآيات تأمرنا بالإخلاص لله في الدعاء. وتبين التلازم بين الدعاء والعبادة. وتفيد وجوب الإخلاص في العبادة وفي الدعاء. فمن دعا غير الله فيما يختص به اللله من الدعاء فقد أشرك بالله وإن قال لا اله الا الله. قال تعالى {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت65] وفي هذه الآية يصف الله من لم يخلصوا لله في دعائهم بأنهم يشركون. دعاء غير الله قمة الضلال قال تعالى {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ } [الأحقاف5]. وقال {يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه: ذلك هو الضلال البعيد}". {الحج} والعجيب أن الأحباش زعموا في نشرتهم (كيف تطحن وهابيا) بأن الاحتجاج ضدهم بهاتين الآيتين إنما هو للتمويه، ولم يجيبوا عن هاتين الآيتين بشيء سوى هذه الكلمة. دعاء الاستغاثة باطل قال ابن قتيبة في قوله تعالى (وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) " أي ادعوهم ليعاونوكم على سورة مثله، ومعنى الدعاء ههنا الاستغاثة، ومنه دعاء الجاهلية وهو قولهم: يا آل فلان، إنما هو استغاثتهم" (غريب القرآن لابن قتيبة 43). الأحباش يصرحون بأن الاستغاثة بغير الله مكروهة ولا ثواب فيها ونسألهم وشيخهم: إذا كنتم ترون الاستغاثة بغير الله أمرا مشروعاً: فعله الرسول والصحابة بعده: فكيف يقول شيخكم بأن ترك الاستغاثة بغير الله أحسن" (كما هو مسجل بصوته في شريط خالد كنعان المشهور)؟ واعترف أتباع شيخكم في نشرتهم بأن قول القائل (المدد يا رسول الله) لا ثواب له فيه [أنظر الدائرة العلمية 27 وفتوى نبيل الشريف في مجلة منار الهدى 15/33]. فشيء لا ثواب فيه وهو مكروه لماذا تحاربون المسلمين على رفضه؟ إذا كان عندكم مكروهاً فكيف تكرهون شيئاً تدعون مشروعيته؟ وكيف تستحسنون للناس ترك شيء شرعه الله بزعمكم؟ تجعلون الاستغاثة بغير الله عقيدة توالون وتعادون عليها وهي عندكم شيء مكروه؟ النهي عن دعاء غير الله نهي قرآني لا عبرة بغيره قال تعالى {فلا تدعوا مع الله أحدا} [الجن18] فهذا نهي يفيد العموم. وقال {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر66] هذه الآية تدل على أن الدعاء عبادة. وهي نص على أن دعاء غير الله مناف للإسلام لرب العالمين. دعاء غير الله شرك قال تعالى {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} [الجن20] وقال {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [القصص87]. وقال {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا } [غافر12] وقال {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [العنكبوت29] وقال {قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [الأنعام 40 ] . فهذه الآيات تدل على أن دعاء غير الله شرك. وقال {وَإِذَا رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلاء شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ} [النحل 86] فهؤلاء المشركون كانوا يدعون بشرا مثلهم كما قال تعالى [إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم] وهؤلاء البشر يتبرءون منهم. فتأمل كيف وصف الله دعاء غيره بالشرك. وموضوع الآيات كان الدعاء وليس الصلاة أو السجود. دعاء غير الله كفر قال تعالى {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولو كره الكافرون } [ غافر 14] فالكافرون يكرهون أن يدعى الله وحده. وقال {حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ } [ الانعام 130] قارنها بهذه الآية {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ 73 مِن دُونِ اللَّهِ قالوا ضلوا عنا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ} [غافر 73] الآية الأولى: أين ما كنتم تدعون من دون الله. والآية الثانية: أين ما كنتم تشركون. وقال {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ...} الى أن قال {وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [الرعد 14]. مرتكب الشرك مشبه لله بخلقه قال تعالى { فَلا تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة22]. سئل أي الذنب أعظم؟ قال "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" قال الشيخ ملا علي قاري "أي تجعل نظيراً لله في دعائك وعبادتك" [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/218. محققة]. فالشرك تشبيه لله بخلقه، قال تعالى {تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ 97 إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} يحلف الذين كانوا يدعون الأولياء أنهم كانوا يشبهونهم برب العالمين.وقال تعالى {وَإِذَا مَسَّ الإنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار} [الزمر 8] قال الطبري "كانت العرب تقر بوحدانية الله غير أنها كانت تشرك به في عبادته" [تفسير الطبري 1/128]. دعاء غير الله تأليه لغير الله وقال {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ} [المائدة116] لأنهم يدعون مريم مع الله فهو تأليه لها وإن لم يصرحوا بأنها إلهة مع الله. قال تعالى {فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ } [هود101]. الدعاء في لغة القرآن والحديث هو العبادة قال تعالى {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام56] فدعاء غير الله مناف للإسلام لرب العالمين. وقال {يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ } [الحج12] فوصف الله دعاء غير الله بأنه ضلال بعيد. وقال {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ} [يونس18] وقال {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر60]. قال السدي: أي دعائي [تفسير الطبري مجلد 16 ج24 ص51] قال الحافظ "وضع عبادتي موضع دعائي" [فتح الباري 11/95] وهذا دليل على أن الدعاء مستلزم للعبادة. أليس الله بكافيكم حتى تلتجئوا إلى غيره؟ قال تعالى {أليس الله بكاف عبده} [الزمر] قال الزبيدي "وقبيح بذوي الإيمان أن ينزلوا حاجتهم بغير الله تعالى مع علمهم بوحدانيته وانفراده بربوبيته وهم يسمعون قوله تعالى {أليس الله بكاف عبده}. ثم صرح الزبيدي بأن الله هو الوحيد المستحق للالتجاء إليه والاستعانة به في جميع الأمور والاستغناء به عن غيره" [إتحاف السادة المتقين 9/498 وانظر 5/119]. لا يكشف الضر إلا الله وقال تعالى {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل62]؟ الأحباش يقولون لك: هناك مخلوقون: يجيبون المضطر إذا دعاهم ويكشفون السوء. ثم يزينون لك هذا الشرك بعبارة بإذن الله . مع أن الله يجعل ذلك خاصا به وحده فيقول: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ] [الانعام17] وأما غيره فلا يكشفون ولا يستجيبون. قال تعالى { لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ } [الرعد14]. نعم، السارق يسرق بإذن الله الكوني لا الشرعي وكذلك المشرك فإنه يشرك بالله، ولو شاء الله لهداه. ونحن نطالبكم بأن تأتوا بالإذن الشرعي الدال على جواز الاستغاثة بغير الله؟ لا أقرب ولا أرحم ولا أعلم من الله قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [البقرة186]. وفي هذه الآية لفتة كريمة إلى نفي أي وساطة بين العبد وربه، حتى إن الله لم يقل: فقل لهم إني قريب. وإنما قال : فإني قريب. وقال {قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } [الزمر38] فهؤلاء لا يتوكلون على الله حق التوكل لأنهم يدعونهم من دون الله. إذا كانوا عبادا أمثالكم فلا تدعوهم قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الأعراف194]. وقال {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ} [الكهف110]. والأنبياء والأولياء بشر وعباد أمثالنا فلا يجوز أن نسألهم بعد موتهم. ـ قال الحافظ "وقصة الصالحين كانت مبتدأ عبادة قوم نوح لهذه الأصنام، ثم تبعهم من بعدهم على ذلك". وذكر أنهم كانوا يتبركون بدعاء سواع وغيره من الصالحين ويتمسحون بصورته. (فتح الباري 8: 668 – 669). فعبادة الأصنام منشؤها الغلو في الصالحين وقد بنوها لتذكرهم بالصالحين من أنبياء وأولياء. وذكر التفتازاني أن شرك المشركين وقع حين "مات منهم من هو كامل المرتبة عند الله اتخذوا تمثالاً على صورته وعظموه تشفعاً إلى الله تعالى وتوسلاً" [شرح المقاصد للتفتازاني 4/ 41 – 42]. وهذا ما نؤكده دائماً أن نوع شرك المشركين السابقين: هو شرك تشفع وتوسل بالصالحين ليقربوهم إلى الله زلفى. وقال{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ } [يونس18] وإنما يقع اليوم في نفس الفخ من لم يعرف نوع الفخ الذي نصبه الشيطان لمشركي الأمس. لا يخلقون قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج 73]. وقال { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} [فاطر40]. وقال { هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ} [لقمان11]. تأملوا كل هذه الآيات تتحدث عن دعاء غير الله ومع كثرتها يجتنب الأحباش تذكرها أو تدبرها. لا يغنون شيئا ولا يملكون كشف الضر ولا جلب النفع قال تعالى { فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلا} [الاسراء56]. وقال { قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا} [الجن21] وقال { قُل لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاء اللّهُ} [الاعراف188]. وقال { وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ } [الممتحنة4]. وقال {وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ} [يوسف67]. وقال {وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا} [المائدة41]. وقال { والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير} [فاطر13]. لا يغنون لا يسمعون قال تعالى {إِن تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } [فاطر14]. أي يتبرأ منهم الصالحون الذين بنيتم المقامات والأضرحة على قبورهم. وقد كانوا عن دعائهم إياهم غافلين كما قال تعالى {وهم عن دعائهم غافلون} [الاحقاف5] وقال وقال {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ } [فاطر22]. فالآية واضحة في أنهم كانوا يدعون الصالحين من دون الله وليس الأحجار. وسيتبرءون من شرككم إياهم مع الله قال تعالى { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} [فاطر35]. وقال { تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} [القصص63]. لا ينفعون ولا يضرون قال تعالى { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } [الاعراف 197]. وقال { يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} [الحج12]. وقال{ وَلا تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لا يَنفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ } [يونس 106]. أي المشركين. وقال{ قُل لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاء اللّهُ } [الاعراف188] وقال{ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } [الزمر38]. وقال{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ } [يونس18] وقال{ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لانفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا } [الفرقان3]. وقال{ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لا يَمْلِكُونَ لانفُسِهِمْ نَفْعًا وَلا ضَرًّا } [الرعد16]. وقال{ قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ } [الانعام71]. فهم لا ينصرون، لا ينفعون، لا يضرون، فما الحاجة اليهم؟ لا يسمعون قال تعالى {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} [آل عمران38] {إنَّ رَبِّي لَسَميعُ الدُّعَاء} [ابراهيم39] وقال {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ… } ثم عقب بعد ذلك بقوله {أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ} فقال لهم أولا { تَدْعُونَ} ثم قال {تَعْبُدُونَ} {أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ} [الشعراء72-75]. وهل يمكن للنبي سماع أدعية الآلاف في وقت واحد؟ فلو قُدِّر أن هناك ألفاً في مصر يسألونه وألفاً في أندونيسيا وألفاً في الصين، كلهم يستغيثون به: فهل يستطيع استيعاب كل أدعيتهم في وقت واحد مهما كثر عددهم واختلفت أمكنتهم ؟ إن قلتم نعم فقد زعمتم أن النبي لا يُشغِلُه سمعٌ عن سمع وأضفتم إليه العلم المطلق. وجعلتموه شريكاً مع الله في قوله {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم} وجعلتم كل مقبور مستحقاً صفات: سميع، بصير، مجيب، كاشف. ويوم أن يحال بينه وبين أناس عند الحوض يقول "أصيحابي أصيحابي، فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" (متفق عليه). فيدل على أنه لم يكن على علم بتفاصيل ما يجري لأمته. لا يستجيبون بشيء قال تعالى {ولو سمعوا ما استجابوا لكم} [فاطر35]. فلو تحقق السمع فلن تتحقق الاستجابة. وقال { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ } [الاحقاف5]. وقال { وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءكُمْ. فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ. لو أنهم كانوا يهتدون} [القصص64]. وقال { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } [المائدة72] فالشرك مخاطرة عظيمة تودي الى الحرمان من الجنة. لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون قال تعالى { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } [الاعراف 197]. أموات لا يدرون متى يبعثهم الله قال تعالى { وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاء وَلا الأمْوَاتُ } [فاطر22]. وقال{ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ 20 أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } [النحل 20]. إذن فهؤلاء كانوا يدعون من دون الله بشرا لا حجرا. وإنما جعلوا الحجر رمزا للأولياء والصالحين. والسؤال: هل تتحدث الآية عن بعث الأصنام إلى الحياة بعد الموت؟ لا يمكن ذلك. لأن الأصنام لا يحل بها موت ولا بعث، فإنها خارجة عن قانون الحياة والموت والبعث، ولأن الشعور يُستعمل فيمن يعقل لا في الأحجار. ـ ولأن قوله تعالى (أموات غير أحياء) لا يصح إضافتها إلى الأحجار التي صنع منها الصنم، إذ هي جمادٌ لا يصح وصفه بالحياة ولا بالموت. فلم يبق إلا أن يكون الكلام متعلقا بالصالحين الذي نُحِتَتِ الأصنام على صُورهم. فإن (الذين) هي اسم من الأسماء الموصولة، والأسماء الموصولة من صيغ العموم عند الأصوليين والنحويين، فهي عامة في كل من دُعِيَ من دون الله. وهي لا يُخبَر بها إلا عن العقلاء لا الجمادات، ولو كان المراد بها الأصنام والحجارة لكان حق الكلام أن يكون هكذا: " وهذه التي تدعونها من دونه ما تملك من قطمير. إن تدعوها لا تسمع دعاءكم ولو سمعت ما استجابت لكم). ومن هنا قال الحافظ "وقصة الصالحين كانت مبتدأ عبادة قوم نوح لهذه الأصنام، ثم تبعهم من بعدهم على ذلك". وذكر أنهم كانوا يتبركون بدعاء سواع وغيره من الصالحين ويتمسحون بصورته (فتح الباري 8: 668 – 669). فعبادة الأصنام منشؤها الغلو في الصالحين وقد بنوها لتذكرهم بالصالحين من أنبياء وأولياء. فمن خرج من الدنيا لم يعد له صلة بالأحياء. قال تعالى { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [المائدة117] وحتى عيسى عليه السلام لما توفاه الله لم يعد شهيدا على قومه مع أنه نبي. الدعاء نداء قال تعالى { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا}…[مريم2] وهذا النداء من زكريا عليه السلام دعاء لله بدليل قوله تعالى { وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا } [مريم3]. وقوله { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ } [آل عمران38]. وقوله { وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فلم يستجيبوا لهم} [الكهف52]. { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } [الانبياء87], وقال تعالى { ونوحا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا} [الانبيا76] { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ } [القمر10]. شبهة استغاثة ابن عمر بالنبي عند خدر الرجل قالوا " روى الإمام أبو عبد الله البخاري في كتابه الأدب المفرد بإسناد صحيح لا علة فيه أن رجل ابن عمر خدرت، فقال له رجل: أذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد. الجواب: أول كذبكم قولكم " بإسناد لا علة فيه". وسأثبت لكم بالدليل أن الرواية معلولة. ولكن على فرض صحتها أقول: قد أتعبتم أنفسكم بتتبع رجال رواية الأثر ولكن الأثر لا يفيد جواز الاستغاثة بغير الله. فالأثر ظاهر أن الرجل قال لابن عمر لما خدرت رجله: أذكر أحب الناس إليك. ولم يقل: استغث بأحب الناس إليك. فقال ابن عمر (يا محمد) أي أنت أحب الناس إلي. وهذا جواب على قولكم الآخر " هل تحكمون على ابن عمر بالكفر لمجرد قوله يا محمد؟ فإن نداء غائب من غير استغاثة به أو طلب قضاء الحوائج منه غير محظور شرعا. كقولك في صلاتك: السلام عليك أيها النبي. وبناء على ذلك أوردها ابن تيمية ولكنكم تتهمونه بأنه فهم من الرواية ما تفهمونه أنتم من جواز الاستغاثة بغير الله، ثم حكمتم عليه بالتناقض، وهذا تحكم محض، والتحكم طريقة معهودة فيكم. فإن ابن عمر لا يخالف قوله تعالى [فلا تدعوا مع الله أحدا] ولا يخالف قول النبي " اذا سألت فاسأل الله". ولا نظن أن ابن عمر يخالف أباه عمر بن الخطاب الذي جمع الصحابة وأعلن أمامهم ترك مجرد التوسل بالنبي بعد موته قائلا "اللهم كنا اذا أجدبنا سألناك بنبيك فتسقينا، وإننا نسألك الآن بعمه العباس" ثم قام العباس ودعا الله للقوم. ولو كانت الاستغاثة عند ابن عمر جائزة لاعترض على أبيه وقال: كيف تتركون التوسل بالنبي بينما الاستغاثة به جائزة؟ وكيف يستغيث الصحابة لمجرد خدر الرجل ولا يستغيثون به لما وقعت الحروب بينهم وعندما أصيب العديد منهم بالأمراض وذهاب البصر، ومنهم ابن عمر نفسه الذي أصيب بالعمى ولم يستغث بالنبي ؟ فكيف يترك الصحابة التوسل ويجيزون الاستغاثة؟ وكيف تكون الاستغاثة به بعد موته جائزة وهم لم يجيزوا لأنفسهم التوسل به بعد موته وهو دون الاستغاثة! هل وضع البخاري رواية أثر إبن عمر تحت باب جواز الاستغاثة بغير الله؟ هذا ولم يضع البخاري رواية خدر رجل ابن عمر تحت عنوان شركي مثل (باب: جواز دعاء غير الله) أو (باب جواز الاستغاثة بغير الله) فإن هذه عناوين ومواضيع لا يطرحها إلا أهل البدع والشرك والدعاة إليهما أمثال الحبشي وأشباهه. ولا وجود لها ولله الحمد في كتب الحديث. هل توجد مثل هذه العناوين والأبواب في كتب الحديث والسنة؟ باب جواز الاستغاثة بغير الله باب جواز التوسل بذوات الأنبياء والأولياء باب أن الأولياء يخرجون من قبورهم ليقضوا حوائج المستغيثين بهم باب وجوب اتخاذ الأولياء وسائط بين العبد وربه باب أن الله ليس في السماء وكفر من يقول أن الله في السماء. باب أن الله ليس على العرش باب أن الله يتكلم في نفسه باب لا يجوز أن يتكلم الله بحرف وصوت باب جواز تأويل صفات الله باب أن إثبات الصفات يلزم منه التشبيه والتجسيم باب أن أخذ آيات الصفات على ظاهرها كفر باب ليس كل بدعة ضلالة. وجواز الابتداع في الدين إذا كانت البدعة حسنة. عدم وجودها يعني أنكم أنتم المخالفون لأهل الحديث فإن كانت لا توجد مثل هذه الأبواب في كتب الحديث فهذا يعني أنكم أنتم المخالفون لما كان عليه أهل الحديث كالبخاري الذي لم يكن يحكم بكفر من يقول بأن الله في السماء ولم يكن يحث على البدع في الدين. وليس ابن تيمية الذي تزعمون أنه استحدث أشياء لم يسبقه إليها أحد. لا القرآن ولا الحديث مذهبهم فيا من قلتم "إذا صح الحديث فهو مذهبي" في نشرتكم: كيف تركتم قول الله وقول رسوله لقول ابن عمر المعلول سندا؟ بل وتركتم قول عمر أمام سائر الصحابة " اللهم كنا اذا أجدبنا سألناك بنبيك" وهو في صحيح البخاري؟ والحديث بنصه هكذا: عن أنس عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانوا إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيُسقون". (البخاري 1010). وحتى لو ارتقت رواية ابن عمر الى درجة الصحة فإنها لا بد أن تكون أقل درجة في صحة السند من رواية البخاري حيث روى في صحيحه ترك عمر التوسل بالنبي أمام جماعة الصحابة. وكأن رواية البخاري صارت عندكم شاذة. فإن تعريف الرواية الشاذة هو مخالفة رواية الثقة لرواية من هو أوثق منه. وكان الواجب أن تتركوا رواية ابن عمر لرواية عمر التي في كتاب الأدب المفرد وتؤثروا عليها رواية عمر التي في صحيح البخاري. وكم ممن يلبس عليهم الأحباش لا يعرفون أن البخاري لم يلزم نفسه في كتابه الأدب المفرد رواية الصحيح فقط وإنما أورد فيه الضعيف أيضا. بخلاف في كتابه الجامع الصحيح فإنه التزم فيه أعلى الأسانيد صحة، وترك الروايات الأقل درجة في الصحة وإن كانت عنده صحيحة وذلك اتخاذا لأشد أنواع الاحتياط. والقرآن أصح سندا من هذه الرواية وآياته كلها تنهى عن الاستغاثة بغير الله وتعتبره شركا. قال تعالى [فلا تدعوا مع الله أحدا]. وقال [فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ] [غافر 14] وقال { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ } (الزمر 3) وقال { قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} وقال (والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يُخلَقون. أموات غير أحياء. وما يشعرون أيان يُبعثون). وقال (ان الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم ان كنتم صادقين). وكذلك الأحاديث المتفق على صحتها أولى بالأخذ من هذا الأثر المعلول. كقول النبي "اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله". وقوله لابن عباس " الدعاء هو العبادة" فها هو رسول الله يسوي بين الدعاء والعبادة. فهلا إذا صحت هذه الأصول من قرآن وسنة اتخذتموها مذهبا لكم؟ رواية خدر رجل ابن عمر معلولة وأما كون سند رواية خدر الرجل معلولة فإن فيها أبا إسحاق السبيعي وهو ثقة، لكنه مدلس. وإذا عنعن فحديثه معلول بالعنعنة. أما إذا لم يعنعن فروايته مقبولة. وهذا ما قاله محققو كتاب عمل اليوم والليلة والذي نشرته دار نشر محسوبة على الأحباش. حين حكموا على هذه الرواية بالضعف فقالوا "ضعيف: ضعفه الألباني في الكلم". ثم قالوا مرتين "أبو إسحاق يدلس وقد عنعنه وقد اختلط". فهاهم يحتجون بتضعيف الألباني للرواية ثم يأتينا منهم من يقول "ومن جملة تذبذبكم أن ضعّفتم رواية ابن عمر في خدر الرجل" [مجلة منار "الهدى" 26/22]. فشهدوا على أنفسهم بضعف الرواية. وباختلاط السبيعي وتدليسه وأنه عنعن في هذه الرواية. (عمل اليوم والليلة ص64) ثم صححوا الرواية التي فيها يا النداء متناقضين في ذلك مع الشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي بيروت الذي ضبط الرواية بدون ياء النداء وهذا هو الموافق لرواية سفيان، وكتابه مطبوع بدار نشر حبشية، وبتحقيق حبشي من كبار الأحباش [الكفاية لذوي العناية تحقيق أسامة السيد 184 مؤسسة الكتب الثقافية]. الأحباش يختلفون مع شيخهم في موقفهم من الذهبي أما نفي الأحباش اختلاط أبي إسحاق السبيعي [مجلة منار "الهدى" 26/22] واحتجاجهم بنفي الذهبي الاختلاط عنه، فهو منهم عجيب، إذ كيف يحتجون بالذهبي في تعديل السبيعي بينما الذهبي مجروح عند شيخهم الحبشي الذي قال بصوته المسجل "وإذا قيل عن الذهبي خبيث فهو في محله". ثم أخذ يتعجب من الحافظ ابن حجر كيف سلّم له حكمه على الرجال بجرح أو تعديل؟ فكيف سلّمتم للذهبي في هذا الموضوع وأعرضتم عن الحافظ ابن حجر الذين أثبت الاختلاط مع أن شيخكم يعتب على الحافظ تسليمه للذهبي في الجرح والتعديل؟ أو نسيتم أن شيخكم قد انتقد الذهبي واتهمه بالتساهل في رواية الحديث وأنه يأتي بأحاديث غير ثابتة وآثار من كلام التابعين من غير تبيين من حيث الإسناد والمتن [إظهار العقيدة السنية 97]. فكيف طرأ هذا التبديل في موقفكم حتى صار قول الذهبي مقدماً على قول الحافظ ابن حجر الذي أثبت اختلاطه؟ أونسيتم ثناء الذهبي على ابن تيمية أعظم الثناء؟ فلماذا لا تأخذون بحكمه على ابن تيمية؟ ولقد أثبت الحافظ ابن حجر اختلاط أبي إسحاق السبيعي كما في التقريب وبرهان الدين الحلبي في رسالته الاغتباط بمعرفة من رمي بالاختلاط [تقريب التهذيب (639) وانظر مقدمة فتح الباري ص 431 والاغتباط ص 87 ترجمة رقم )85) ط: دار الكتاب العربي]. فخذه أيها الحبشي حيث حافظ عليه نص. وأثبت ابن الكيال اختلاطه في كتابه الذي أسماه "الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات" وقد حققه صاحبكم كمال الحوت ولم يعلق على إدراجه في جملة المختلطين [الكواكب النيرات ص 84 ط: دار الكتب العلمية]. وأثبت اختلاطه الحافظ ابن الصلاح، حكاه عنه ابن الكيال. اختلاط أبي إسحاق السبيعي في هذه الرواية ومما يدل على تخليط السبيعي في هذا الأثر أنه رواه تارة عن أبي شعبة ( أبي سعيد) وتارة عن عبد الرحمن بن سعد. وهذا اضطراب يُردّ به هذا الخبر. بل رماه الجوزجاني بالتشيع من رؤوس محدّثي الكوفة، وذكر أن السبيعي واحد ممن لا يحمد الناس مذاهبهم [أحوال الرجال 79 (102)]. وعن معن قال "أفسد حديث أهل الكوفة الأعمش وأبو إسحاق يعني للتدليس، وروى عن أناس لم يُعرفوا عند أهل العلم إلا ما حكى هو عنهم. فإذا روى تلك الأشياء عنهم كان التوقف أولى" [تهذيب التهذيب 8/66]. أهل فن الحديث كالحافظ اعتبروا السبيعي من المدلسين وأبو إسحاق السبيعي وإن كان معدودا في الثقات غير أنه من الثقات الذين اجتمع فيهم التدليس والاختلاط. وقد عنعنه عن هذا المجهول، ومعروف من قواعد أهل الحديث أن المدلس إذا عنعن في روايته لم لا يعد حديثه صحيحا وإن كان هو في نفسه ثقة. ولو أن روايته تضمنت (قال) ولم تتضمن (عن) لكانت مقبولة. وقد ذكر الحافظ ابن حجر أبا إسحاق السبيعي في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، وذلك في كتابه التهذيب.أي أنه كان يدلس. (تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس ص101 ترجمة رقم (91) ط: دار الكتب العلمية وانظر كتاب التبيين لأسماء المدلسين لبرهان الدين الحلبي سبط ابن العجمي ص 160 ترجمة رقم (58)] وابن حبان والكرابيسي وأبو جعفر الطبري [تهذيب التهذيب 8/66]، قال شعبة "لم يسمع من الحارث الأعور إلا أربعة أحاديث" [سير أعلام النبلاء 5/398 تهذيب التهذيب 8/65] قال "ولم يسمع من أبي وائل إلا حديثين" [تهذيب التهذيب 8/66]. قال العجلي "والباقي إنما هو كتاب أخذه" وعد جماعة ممن روى عنهم ولم يأخذ منهم [تأريخ الثقات ص366 تحقيق عبد المعطي قلعجي] وذكره ابن الصلاح في مقدمته (ص 353) في المدلسين والحافظ العراقي في التقييد (ص 445) وابن حبان في كتابه (الثقات 5/117) والحاكم في معرفة علوم الحديث (105) والنسائي (ميزان الاعتدال 1/360) والعلائي في جامع التحصيل (ص 108). فإن قيل: قد وصفه الحافظ بأنه ثقة فكيف يكون ثقة ومدلسا في وقت واحد؟ قيل: هذا ممكن ويعرفه أهل الفن بالحديث. ومن هنا وجدنا الحافظ ابن حجر يصف السبيعي بأنه ثقة ومدلس ومختلط بأخرة في نفس الوقت. وذلك مثلما روى الشيخان البخاري ومسلم عن أناس فيهم بدعة وشيء من تشيع لكنهم ثقات. وكان أهل الجرح والتعديل يقولون في أمثالهم "لنا روايتهم وعليهم بدعتهم". ما دامت البدعة لا تصل الى الكفر ولا في الرواية ما يؤيد بدعته. أن الرواية التي جاءت من غير يا النداء أصح من هذه التي ورد فيها عدة علل أهمها الجهالة والاضطراب، وفيها من اختلف في توثيقه كالسبيعي، فإننا لو فرضنا جدلا توثيقه فلن نسلم في تصحيح سند تضمن الجهالة والاضطراب. ولن نقبل بتفضيل هذه الرواية المعلولة على ما رواه البخاري في صحيحه الجامع عن عمر ترك مجرد التوسل بدعاء النبي عندما جمع الناس لطلب الاستسقاء. فإنها مخالفة لعمل جمهور الصحابة حيث تركوا التوسل به بعد موته وتوسلوا بعمه حين أصيب المسلمون في عهده بالقحط والجدب، فلو جاز الاستغاثة بالنبي لمجرد خدر الرجل فالاستغاثة به عند وقوع المجاعة أولى، ولو كانت الاستغاثة عند الصحابة جائزة لأجازوا التوسل به . غير أن الثابت عند البخاري أنهم تركوا التوسل به بعد موته. ثبت ذلك بأدلة أصح إسناداً من الأسانيد المشكلة التي تتمسكون بها وأوضح متوناً منها. فكيف يترك الصحابة التوسل ويجيزون الاستغاثة؟ وكيف تكون الاستغاثة به بعد موته جائزة وهم لم يجيزوا لأنفسهم التوسل به بعد موته وهو دون الاستغاثة! أن ابن عمر أصيب بالعمى ولم يعرف عنه أنه استغاث بالنبي فكيف يستغيث بالنبي لمجرد خدر الرجل ولا يستغيث به لما هو أعظم من خدر الرجل وهو ذهاب البصر، فلو كانت الاستغاثة به جائزة لفعل. كيف يكيل الأشاعرة بمكيالين؟ ذكر السبكي حجة من يرون تحريم الشطرنج بما رواه أبو بدر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن الشطرنج فقال: هي شر من النرد. قال السبكي "إسناده صحيح". لكن قول ابن عمر لا يتفق ومذهب السبكي وبما أنه لا يستطيع تضعيف إسناده لوى عنقه فقال: "ورأي إمامنا الشافعي في قول الصحابي معروف، وقول الصحابي حجة بشرط أن لا يعارضه قول صحابي آخر، وهذا قد عارضه ما رويناه فيما تقدم . . . وهذه المسألة مسألة اجتهاد، و "لعل" ابن عمر كان يذهب إلى التحريم. ثم إن هذا الأثر لم يقل "بظاهره" أحد من العلماء . . . وإذا كان الأثر متروك "الظاهر" سقط الاحتجاج به" [طبقات السبكي 4/342 محققة. وهكذا نهاية كل نص لا يوافق مذهبهم: يتعرض لعملية انشطار تقسمه قسمين: ظاهر وباطن]. فانظر كيف ردوا قول ابن عمر بما عارضه من أقوال الصحابة الآخرين: فهلا ردوا قول ابن عمر بما عارضه من فعل أبيه أمام جمهور الصحابة حيث تركوا التوسل بالنبي وتوسلوا بدعاء العباس في أمر هو أعظم من مجرد خدر الرجل ألا وهو وقوع الجفاف والجدب؟ لكن الصحابة لم يستغيثوا به بل تركوا التوسل به بعد موته، وهذا إسناده أصح من إسناد قصة خدر رجل ابن عمر وعليه جماعة الصحابة الذين هم أولى بالأخذ من فعل فرد يخالفهم على فرض صحته وصحة الاستدلال به حيث أن الأثر لا يفيد الاستغاثة أصلاً وإنما تذكر الحبيب كما قال له الرجل "اذكر أحب الناس إليك". زعموا أنه لا يؤخذ بخبر الواحد في العقائد هذا ولا يحق لهؤلاء أن يحتجوا بأمثال هذه الرواية ولو كانت صحيحة، لأنهم أشاعرة والأشاعرة اشترطوا شرطاً زائداً على مجرد صحة رواية الحديث: وهو أن تكون الرواية متواترة لأنهم لا يقبلون خبر الآحاد في أمور العقائد حتى وإن كان في البخاري! وهكذا شهدوا بنقض أصل من أصولهم وهو أن لا يحتجوا في العقائد إلا: ما كان مقطوعاً به من السند. ما كان ثابتاً بطريق التواتر فإن الأخذ بخبر الواحد عند الأشاعرة ممنوع في العقائد. وأنت ترى كثيراً مما يحتجون به في مسائل العقائد هو دون المتواتر بل بالضعيف كتمسكهم برواية (أسألك بحق السائلين عليك) . الشبهة: جاء في حديث المعراج الطويل " إذ يستغيث الناس بآدم". الجواب: الاستغاثة يومئذ بحي حاضر. فغدا تجوز الاستغاثة بآدم واليوم هي حرام. والصحابة لم يفهموا هذا الفهم ولو فهموه لسارعوا الى الاستغاثة به بعد موته لكنهم لم يفعلوا ذلك. فدل على أن فهمكم خطأ. شبهة حديث المعراج " إذ يستغيث الناس بآدم". واحتجوا بحديث طويل حول يوم الحشر وأن الناس آنذاك يستغيثون بآدم. والجواب: أن الاستغاثة يومئذ بحي حاضر. فغداً تجوز الاستغاثة بآدم وهو حي أمامهم واليوم هي حرام. وتعجب لماذا لم يفهم الصحابة لم هذا الفهم الحبشي؟ لو فهموه لسارعوا الى الاستغاثة بآدم ولا بنبي من الأنبياء. بعد موته لكنهم لم يفعلوا ذلك. وإنما تركوا حتى التوسل به بعد موته. فكيف يتركون التوسل لو فهموا من هذا الحديث جواز الاستغاثة بغير الله؟ فدل على أن فهمكم هو الخطأ. الطحن الثاني بالأحاديث الصحيحة لا المعلولة لا يتنبه كثير من الناس إلى أن الروايات المعلولة التي يبني عليها الأحباش عقائدهم ويكون تصحيحهم للعديد منها بطريق الاحتيال كما كذبوا على الحافظ في رواية (استسق لأمتك) حين زعموا أنه حكم بصحة الرواية التي فيها أن اسم القائل للنبي عند قبره (استسق لأمتك) إنما هو بلال بن الحارث المزني. لقد كان نبينا يسد ذرائع الشرك ويصد أبوابه وذلك على خلاف هذه الفرقة. جاءه رجل فقال له: ما شاء الله وشِئتَ. فقال " أجعلتني لله نِدّاً؟ قل ما شاء الله وحده". قالها رسول الله لمسلم موحد. بل قال لمجموعة من الموحدين من الصحابة حين قالوا له "اجعل لنا ذات أنواط": "قلتم كما قال بنوا إسرائيل لموسى اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}؟ وقال لمن حلف بغير الله "من حلف بغير الله فقد أشرك". ولا يمكن أن يقال: إن من حلف بغير الله اذا كان موحدا لا يشرك لأنه يقول لا اله الا الله!!! وسئل أي الذنب أعظم؟ قال "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" قال الشيخ ملا علي قاري "أي تجعل نظيراً لله في دعائك وعبادتك" [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/218. محققة]. ونص الحافظ ابن رجب [وصفه الحبشي بالحافظ المتقن. صريح البيان ص67 ط: المجلدة] في (جامع العلوم والحِكَم 281) أن قوله "إذا سألت فاسأل الله" منتزع من قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} لأن الدعاء هو العبادة" وتلا قوله تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}. وقال {وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ} ولم يأمرنا أن نسأل غيره. ولم يقل (وقال ربكم ادعوا أنبيائي وأوليائي) ولم يقل رسوله "إذا سألت فاسأل الأنبياء والأولياء". قال السبكي بأن هذه الآية تفيد العلم بأنه لا يستعان غير الله" [فتاوى السبكي 1/13 طبقات السبكي 10/304] وأكد أن تقديم المعمول يفيد الاختصاص. ونهى عن الحلف بغير الله لأنه شرك مع أن الحلف ليس عابداً للمحلوف به من دون الله. ونهى عن الصلاة بعد الفجر والعصر مع أن المصلي في هذين الوقتين لا يرضى أن يشارك عُبّاد الشمس في شركهم. فكيف بعد ذلك يأذن بدعاء أموات؟ وكيف لا يثبت عن واحد من أصحابه أنه استغاث به بالرغم من المحن والشدائد والقحط والفتن التي تعرّضوا لها؟ أفلا جاءوا إلى قبره وسألوه أن يستسقي لهم أو يفصل بينهم فيما اختلفوا فيه؟ ولا يغرنكم كذب الأحباش على الصحابي بلال بن الحارث فإنهم كذبوا على الحافظ حين زعموا أنه صحح الرواية التي فيها اسمه. شبهة رواية (استسق لأمتك ) كذبوا فيها على بلال بن الحارث والحافظ ابن حجر عن مالك الدار " أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي فقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر فأقرئه السلام وأخبره أنكم مسقون وقل له عليك الكيس الكيس ". والجواب أن في الرواية اضطراب : فإن مالك الدار مجهول الحال ، إذا شهدنا له بالثقة لم نشهد له بالضبط. فإن مجهول الحال لا يعلم كونه ثقة أم غير ثقة. الأحباش يكذبون علانية على الحافظ ابن حجر من كذب الأحباش الذي لا يتنبه له العامة قولهم "ولما قال الصحابي بلال بن الحارث : يا رسول الله: استسق لأمتك" ثم قالوا " قال الحافظ ابن حجر "رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح" (فتح الباري 2:495) ولكن الحافظ صحح سند الرواية التي ليس فيها أن القائل هو الصحابي بلال بن الحارث. وانما قال بعد انتهائه من الرواية التي صححها: "وروى سيف في الفتوح أن الذي قال ذلك هو بلال بن الحارث المزني" فانظر الى تدليس القوم وتلاعبهم ومزجهم بين الروايتين بما لم يفعله الحافظ في الفتح. فإن الحافظ ذكر رواية سيف ولم يعقب عليها وإنما عقب على الرواية التي قبلها والتي ليس فيها تسمية القائل (استسق لأمتك).. على أن الرواية التي فيها أن الرجل هو بلال بن الحارث فإن راويها سيف كما قال الحافظ في الفتح، وسيف هذا زنديق بشهادة نقاد الحديث، اتهمه ابن حبان بأنه كان يضع الحديث، ورماه هو والحاكم بالزندقة " (تهذيب التهذيب 4/295). قال ابن أبي حاتم "ضعيف " (الجرح والتعديل 4/278) " فقول الأحباش " قال ابن حجر: إسناده صحيح" هو من مفترياتهم على الحافظ. وكيف يصحح الحافظ إسنادا، يرويه سيف في (الفتوح) والحافظ هو الذي يقول عن سيف في كتابه "تقريب التهذيب "ضعيف الحديث" (أنظر التقريب ترجمة رقم 2724 صفحة رقم 262 ط: دار الرشيد بحلب).
lkhtabi
13-12-2005, 04:03 AM
ومن قال الحافظ فيه ذلك فلا يقبل حتى في المتابعات كما هو معلوم من اصطلاحه، ذكره في مقدمة كتابه. فما للأحباش وتعمد الكذب؟ أن الرواية ليست متواترة ، وقد عاهد الأشاعرة ألا يأخذوا من أخبار العقائد الا بالرواية المتواترة. أن البخاري اقتصر على قول عمر (ما آلو إلا ما عجزت عنه) (التاريخ الكبير 7/304 رقم 1295) ، ولم يذكر مجيء الرجل إلى القبر، وهذه الزيادة دخلت في القصة وهي زيادة منكرة ومعارضة لما هو أوثق منها كرواية ترك عمر وجمهور الصحابة التوسل بالنبي ي إلى التوسل بالعباس. رواه البخاري في صحيحه. هل نرضى أن يقال: إن هذا الرجل المجهول كان أشد تعظيما ومحبة لرسول الله ومعرفة بسنته من عمر الذي أخرج جمهور الصحابة إلى الصحراء ليشهدهم على ترك التوسل بالنبي فيتوسل بدعاء العباس ويقرونه على ذلك. أن الرواية لم تذكر أن الرجل رأى الرسول في منامه ، فالرجل مجهول والذي أتاه في المنام مجهول ، وربما كان هاتفاً من الجن. والمنامات لا تقوم بها حجة في العقائد، فما لهؤلاء القوم يرفضون الاستدلال بالآحاد في العقائد ولو كان في صحيح البخاري، بينما يتمسكون برواية زنديق متشيع أمثال سيف الضبي ويحتجون بالمنامات لإثبات عقائدهم؟! شبهة: السلام عليك أيها النبي في التشهد قالوا: وهل تنكرون علينا قولنا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وليس كل من سمع يكون مجيباً. فقد فسر الحافظ سلام زائر المقابر "السلام عليكم" أي اللهم اجعل السلام عليكم [الأجوبة المهمة 24 تحقيق مأمون محمد أحمد منسوخ من مخطوط محفوظ بدار الكتب المصرية]. قال الحافظ " فخطاب الموتى بالسلام في قول الذي يدخل المقبرة: السلام عليكم أهل القبور من المؤمنين لا يستلزم أنهم يسمعون ذلك: بل هو بمعنى الدعاء، فالتقدير: اللهم اجعل السلام عليكم، كما نقدر في قولنا الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، فإن المعنى: اللهم اجعل الصلاة والسلام عليك يا رسول الله" [الأجوبة المهمة 24 تحقيق مأمون أحمد منسوخ من مخطوط محفوظ بدار الكتب المصرية]. وهل كل مخاطب يسمع؟ إن قلتم نعم هذا ضروري. قيل لكم: هذا خطاب عمر للحجر الأسود: "والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبّلك ما قبّلتُك" [رواه البخاري (1597) ومسلم (1270)]. ونسأل: هل يستوي عندكم المسلم عليهم والمستغيث بهم؟ هل يستوي من يدعو الله لهم بالسلام والرحمة وبين من يدعوهم أن يكشفوا ضره ويغيثوا لهفه؟ أم أنكم تأتون بمثل هذه الحجج الداحضة للتمويه على عوام الناس! وقد حكى الأحناف ومنهم صاحب الدر المختار أن هذا من باب الدعاء له لأن السلام دعاء من المؤمن لأخيه. جاء في رد المحتار على الدر المختار (3: 180) أن إسماع الكافرين يوم بدر حالة خاصة جعلها الله زيادة في حسرتهم وأن سماع الميت قرع نعال مشيعيه يكون في أول الوضع في القبر فقط. وهو قول العلامة الشيخ أحمد الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح للشرنبلالي "شرح نور الإيضاح" باب أحكام الجنائز قال "وأكثر مشايخنا على أن الميت لا يسمع عندهم (صفحة 326). أضاف "وأما السلام عليهم فحملوه على أنه دعاء لهم وليس خطاباً. لأن السلام دعاءٌ لهم بالرحمة والأمن" (341 الطبعة الأزهرية). شبهة قصة الأعمى ومن شبهاتهم: حديث الأعمى المشهور وفيه أن النبي علمه أن يقول " يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي.". قالوا " قالها الأعمى في غير حضرة الرسول، لأنه كان ممنوعاً على المسلمين أن يقولوا في وجه رسول الله ((يا محمد )). والجواب: أنه على فرض أنه غير حاضر فإنه لا يسأله شيئا وإنما يعلن أمام الله أنه توجه الى النبي وطلب منه أن يدعو له، لا بد من هذا الفهم لسببين: الأول: أن توجه الأعمى مشيا الى النبي وعدم الاكتفاء بالتوجه اليه وهو في بيته يدل على عقيدة الأعمى. ولو كان الدعاء لا يشترط فيه الحضور لاكتفى بدعاء النبي وهو في بيته فإن مشي الضرير صعب وشاق. فهو أعمى يصعب عليه التنقل، ومع ذلك أتى الى النبي وطلب منه أن يدعو له. ولو كان على عقيدتكم لما ألزم نفسه مشقة الذهاب الى النبي ولاكتفى بدعائه من غير أن يأتيه. فهذا الاعتقاد منه يبطل استنتاجكم. أنه لا يليق بصحابي أن يقطع توجهه الى الله ليتوجه بالدعاء الى غير الله؟ هل يقول ذلك من يعلم تأدب الصحابة مع ربهم؟ فلزم أن قوله (أتوجه بك) أي آتيك لتدعو وليس بمعنى الإعراض عن دعاء الله بعد أن كان متوجها اليه من أجل أن يتوجه الى النبي . فهذه الرواية تفيد جواز التوسل بدعائه وليس بذاته. فإن الأعمى أتاه ليطلب منه أن يدعو له، وقد وعده النبي بأن يدعو له. وتأكد موضوع الدعاء بقول الأعمى " اللهم شفعه فيّ" أي إقبل دعاءه فيّ". والحديث صحيح ولا ريب كما قال الطبراني . غير أن الأحباش يحتالون على الناس فيجعلون كلام الطبراني " الحديث صحيح " شاملاً للحديث وللقصة التي بعده، مع أن الطبراني خص الحديث بالصحة فقط دون غيره لأن هذه القصة ضعيفة السند وألصقت ببعض طرق الحديث لا كلها ، وهذا احتيال لا يتفطن له عامة الناس . ويبعد أن يتضمن النص حديثا وأثرا لصحابي ثم يسمي البيهقي الخبر حديثا أيضا منعا للالتباس. نعم يمكن ذلك لو كان النص يتضمن خبرا فقط. أما أن يوجد حديث وأثر ويسمي البيهقي الأثر حديثا فهذا مستبعد جدا. ولقال الطبراني والحديث الأول صحيح ليعرّف الناس عن أي من الروايتين يتكلم. وبهذا يتضح تلبيس هؤلاء. ومثل هذا التلبيس فعلوه في حديث (استسق لأمتك) التي حكم الحافظ بصحتها لا بصحة الرواية الأخرى التي تجعل القائل بلال بن الحارث. أما قصة الرجل مع عثمان رضي الله عنه والتي عند الطبراني فهي ضعيفة السند ولم يتعرض لها الطبراني بتصحيح وإنما قال في الصغير (1/184) " لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد المكي- وهو ثقة - وهو الذي يحدث عنه ابنه أحمد بن شبيب عن يونس بن يزيد الأيلي . وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي واسمه عمير بن يزيد - وهو ثقة - تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة : والحديث صحيح " . وقوله " لم يروه ... " مشعر بضعف القصة عنده ووقع التفرد فيها وهو الحق . فان آفة إسنادها رواية عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد وهي منكرة عند جميع أهل الحديث كما أشار إليه ابن عدي ، وقال : حدث عنه ابن وهب بمناكير "حدّث عنه ابن وهب بأحاديث منكرة " وأقره الحافظ في (التقريب 2739) فقال في ترجمة شبيب " لا بأس بحديثه من روايات ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ". وقال في مقدمة الفتح (ص 409) " ولذلك أخرج البخاري من رواية ابنه عن يونس أحاديث ولم يخرج عن يونس ولا من رواية ابن وهب عنه شيئاً " . قال ابن عدي " ولعل شبيباً لما قدِم مصر في تجارته كتب عنه ابن وهب من حفظه فغلط ووهم وأرجو أن لا يتعمد الكذب " (الكامل في ضعفاء الرجال 4/30 رقم 891 مقدمة الفتح 409 ميزان الاعتدال للذهبي 2/262 .). ويؤكد نكارة تفرد ابن وهب عن شبيب أن أحمد بن شبيب وهو المختص بالرواية عن أبيه روى الحديث من غير زيادة قصة عثمان بن عفان كما عند الحاكم في (المستدرك 1/526) وابن السني في (عمل اليوم والليلة 170) من طريق أحمد بن شبيب بن سعيد قال : ثنا أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المدني وهو الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف قال : سمعت رسول الله الخ ) . وهذه الرواية التي لم تتضمن قصة عثمان أصح سنداً لأنها من روايات أحمد بن شبيب عن أبيه . وتقدم قول الحافظ في (التقريب 2739) في ترجمة شبيب " لا بأس بحديثه من روايات ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ". الأحباش يجيزون طلب المدد من الماء**** لم يأت على الاسلام زمان ينحدر فيه قوم إلى دركات سفلى من الخرافة حتى جاء الأحباش فزعموا أن الدليل على جواز الاستغاثة بغير الله أن الرسول سمى المطر غيثا. وزعموا أن سبب تسمية المطر (غوثا) لأنه ينقذ من الشدة. لكن هذا الاستنتاج لا يتناسب مع موضوع الاستغاثة بغير الله وهو الموضوع الذي ننازعكم فيه. فإن النبي لم يسأل المطر ولم يستغث به مع تسميته إياه غوثا، وأما أنتم فإنكم تسمون البشر أغواثا لأنكم تستغيثون بهم من دون الله كما تفعلون مع أحمد الرفاعي والجيلاني وغيرهم. ثم يلزمكم من هذا التحليل الفاسد المضحك أن تستغيثوا بالطعام من بصل وقثاء وفوم وعدس وبصل لأنه ينقذ من شدة وجوع وموت. فتقولوا: أغثنا أيها الطعام أغثنا أيها الماء**. وبهذا تصير عقولكم هي المطحونة بسبب ما وصلتم إليه من أدلة تضحك الناس عليكم. ماذا بقي من التوحيد عندكم وأنتم تجيزون الاستغاثة بالماء؟ وهل أباحة الاستغاثة بالماء يشجع النصارى على الدخول في دين الإسلام أم يضحكهم علينا؟ بل بلغت بكم السخافة أن احتججتم بقوله تعالى [واستعينوا بالصبر والصلاة] على جواز الاستغاثة بغير الله. وهذا مثير للسخرية ويشبه قول مسيلمة الكذاب (الفيل وما أدراك ما الفيل… يا ضفدع يا ضفدعين. والخابزات خبزا). وإنما معنى الآية: أي استعينوا بالصبر والصلاة. يفسره فعل النبي فإنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. ولقد نعي إلى ابن عباس موتُ أخيه فتنحى جانبا وصلى ركعتين. وفسر الطبري الاستعانة بالصبر أي بمنع النفس ما تحب وكفها عما تهوى. فمن أين أتيتم بهذا التفسير المبتدع؟ (يا عباد الله) شعارهم، و(يا الله) شعارنا واحتج الأحباش برواية " إذا أصاب أحدكم عرجة في فلاة من الأرض فليناد: يا عباد الله أعينوا" وقال إسناده حسن ورواه البيهقي موقوفاً على ابن عباس وإذا روي الحديث موقوفاً ومرفوعاً كان الحكم للرفع، ورواه الطبراني والبزار بلفظ: (فليناد أعينوا عباد الله) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (10/132): رجاله ثقات، رواه الحافظ ابن السني بلفظ " فليناد يا عباد الله احبسوا". والجواب أنها رواية أخرى معلولة أن الصحابة تركوا التوسل بالرسول كما في صحيح البخاري. وهو أحب إليهم من رجال الغيب فكيف يتركون التوسل به بعد موته ثم يتعلقون برجال في الهواء ؟ فان الملائكة شاركت الصحابة في بدر ولم يعهد عن صحابي مناداة الملائكة ولا طلب العون منهم. أن ناكثي العهد ومخلفي الوعد ممن يقولون (نحن أشاعرة) زعموا أنه لا يجوز الاستدلال في مسائل العقائد إلا بالمتواتر. وهاهم هنا يحتجون بالآحاد الضعيف السند في مسألة عقدية. أن في الرواية أسامة بن زيد الليثي قال الحافظ في التقريب (317) "صدوق يهم" وقال أحمد: ليس بشيء، وقال عبد الله لأبيه أحمد: أراه حسن الحديث فقال أحمد: إن تدبرت حديثه فسوف تعرف فيه النكرة. وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يُحتج به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وتركه ابن القطان ويحي بن سعيد وقال " اشهدوا أنى قد تركت حديثه" (تهذيب التهذيب 1/209). وقد وثقه آخرون كالدارمي وابن عدي ووثقه ابن شاهين وزاد ابن حبان " يخطئ ". ومن تدبر هذه الأقوال علم أن ما تفرد به حقه الرد، فإن توبع قُبِلَ. غير أن هذه الرواية التي رواها هنا مما تفرد به فحقها الرد. وقد روي موقوفاً بإسناد أجود من هذا عند البيهقي عن جعفر بن عون في شعب الإيمان (سلسلة الأحاديث الضعيفة2: 111)، وهو مع ذلك معلول بالوقف. أن أسامة تفرد به، وتفرد ضعيف الحفظ يُعد منكراً إذا لم تؤيده أصول صريحة صحيحة. وفي الرواية أيضا حاتم بن إسماعيل الراوي عن أسامة " صحيح الكتاب صدوق يهم" ( قاله الحافظ في التقريب 994) وقال (وقرأت بخط الذهبي في الميزان" قال النسائي: ليس بالقوي " ( التهذيب 2/128). فهذا تأييد من الذهبي بضعف هذا الرجل فلماذا الآن تجاهلتم تضعيف الذهبي لراوي الحديث وتمسكتم بقول الحافظ (هذا حديث حسن الإسناد غريب جداً) بينما تجاهلتم في رواية خدر رجل ابن عمر حكم الحافظ على السبيعي بالاختلاط وتمسكتم بقول الذهبي؟ وفي رواية أخرى من طريق أحمد بن يحي الصوفي ثنا عبد الرحمن بن شريك حدثني عن عبد الله بن عيسى عن زيد عن عتبة بن غزوان عن النبي أنه قال " إذا أضل أحدكم شيئاً أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني". قال الهيثمي في (مجمع الزوائد 10/132) " رجاله ثقات على ضعف في بعضهم " . وكذلك رواية " إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة : فليناد : يا عباد الله احبسوا . فإن لله حاضراً في الأرض سيحبسه". رواه أبو يعلى والطبراني. وفيه معروف بن حسان : وهو ضعيف. قال أبو حاتم في ( الجرح والتعديل8/323 ) " ضعيف!" وقال ابن عدي في ( الكامل 6 / 325 ) " منكر الحديث ". وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد 10/132) " فيه معروف بن حسان وهو ضعيف " . وقال الشيخ محمد بن درويش الحوت في ( أسنى المطالب ص 62 ) " معروف بن حسان منكر الحديث ". وفيه سعيد بن أبي عروبة: اختلط، قال النسائي: من سمع منه بعد الاختلاط فليس بشيء. ومعروف بن حسان من الصغار ولم يسمع منه قبل الاختلاط إلا الكبار. وكان بدأ اختلاطه سنة 132 واستحكم سنة 148 أفاده البزار، ثم إن سعيداً مدلس كثير التدليس، وقد روى هذا الحديث معنعناً عن أبي بريدة فلا يقبل. وروى ابن أبي شيبة في المصنف (10/424): ثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح أن رسول الله قال .. " فذكره. وهذا إسناد معضل فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس مشهور. فهذه الروايات قد اجتمع فيها علل كثيرة، وهناك علة أشعريه يتجاهلها كثيرون وهي أن الرواية ليست من المتواتر، ورواية غير المتواتر عندهم ممنوع في العقائد. ولو فرضنا أن الرواية بلغت مرتبة الحسن فإنها شاذة بالنسبة لما خالفها من الروايات الأصح سنداً، ابتداء من كتاب ربنا { فلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } [ الإسراء 67] ولا فرق بين الأرض الفلاة وبين البحر وتتعارض وقوله {قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ 63 قُلِ اللّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُون} [الأنعام 63] فالآية تؤكد أن الله وحده هو المنجي لعباده في البر والبحر، ويأبى هؤلاء إلا الشرك ورد كتاب الله وما صح من سنة نبيه بهذه الروايات المعلولة. فإنها أصح سنداً وأكثر توافقاً مع القرآن من رواية " فليقل يا عباد الله أغيثوا " الضعيفة التي تتمسكون بها. أيجوز أن يأتي جواب رسول الله على الآية : نعم هناك غير الله من ينجي في البر والبحر إذا قال لهم " أغيثوني"! كيف يكون هذا جوابه وقد قال " إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". وأرشدنا إلى أن الدعاء عبادة بل مخها. وإنه لمن علامات الزيغ : الإعراض عن الآيات الصريحة والروايات الصحيحة ، وإيثار المعلول وغريب الروايات عليها . هذا إبراهيم عليه السلام يتعرض لأعظم نار أوقدت فيكتفي بالله ويقول : حسبي الله ونعم الوكيل . فلم يناد رجال الغيب . هكذا يثنينا الحبشي عن (يا الله) ويحضنا على (يا عباد الله) وهذا فساد في الفطرة والدين والعقل ، ومخالفة للملة الحنيفية التي كان عليها إبراهيم عليه السلام ، بل ترى مثل هذا الشرك في الملل التي انحرفت عن ملته ، كاليهود والنصارى. هل نحرم مجرد النداء؟ ومن شبهاتهم التي يقابلون بها المنكرين عليهم، قولهم: هل يحرم استعمال (ياء) المنادى مطلقاً كأن أنادي إنساناً على الطريق يا فلان؟ أو أنادي الزوجة لإحضار الطعام. فإذا قال المنكر: لا ، قالوا : فلماذا تفرقون بين الإباحة هنا والتحريم هناك؟ وهذا جدل بالباطل كما قال تعالى {ما ضربوه لك إلا جدلا، بل هم قوم خصمون} إنهم يتغافلون عمداً عن وجود الأسباب في الحي وانقطاعها في الميت. فالشريعة لم تحرم الدعاء بين اثنين مع أخذ الأسباب ، أما ما يحصل عند القبور والمزارات والأضرحة فالأسباب فيه منقطعة بين عالم الدنيا وبين عالم البرزخ. وإلا فهل يستطيع الميت أن يفعل في قبره ما يفعله الحي من إنقاذ غريق أو قتل بريء ؟ إذن كيف توجه المغفل بطلب الحاجة من الميت مع أنه صار بموته أعجز مما كان عليه وهو حي ؟ أترى ضاعت عقول هؤلاء؟ هل يستطيعون إغراء نصراني بدخول الإسلام بمثل هذه الخرافات؟ بل لم تعد عندهم استغاثة النصراني بالمسيح وأمه منكراً. وهل يمكن للنبي سماع أدعية الملايين ممن يدعونه في الوقت الواحد من مناطق مختلفة؟ أو تعتقدون أن نبينا لا يشغله سمع عن سمع ؟ ويسمع من يناديه ولو من مكان بعيد، وتصير حواسه بعد موته ترصد وتسمع من يدعوه بعد موته؟ ولقد حكم علماء الحنفية بكفر من إذا تزوج امرأة بغير شهود فقال : إن الله ورسوله شاهدان. وعللوا ذلك بأنه اعتقد أن رسول الله يعلم الغيب، وهو ما كان يعلم الغيب حين كان في الأحياء فكيف بعد الموت (الفتاوى البزازية 3/576 والبحر الرائق 3/88 والمسايرة لابن الهمام 211-212 الفتاوى الهندية 2/266). شبهة: كيف تحكمون بكفر من يقولون لا اله الا الله قالوا: كيف ساغ لكم أن تجعلوا المسلم الموحد لمجرد قوله يا رسول الله مشركاً وأبا لهب وأبا جهل من الموحدين؟! والرسول لم يقل لمعاذ بن جبل الذي سجد له: أشركت. والسجود مظهر كبير من مظاهر التذلل. الجواب: أننا نعتقد أن المسلم قد يعذر بجهله. فقد يرتكب الشرك ولا يستحق وصف "مشرك" لجهله بشناعة عمله. لكننا نقول: يشرك ولم نقل مشرك. أما كونهم يشركون فهذا قال تعالى {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت65]. ولكن هل هذا هو منهجكم؟ ألستم تحكمون فورا بكفر من اعتقد أن الله في السماء مع أنه موحد يشهد أن لا اله الا الله؟!! شبهات حول التوسل حديث "أسألك بحق السائلين عليك" ضعيف بالاتفاق شبهة: واحتجوا بحديث "اللهم أسألك بحق السائلين عليك" وهو ضعيف فيه عطية العوفي في روايته وهَن وقد ضعّفوه وهو مشهور بضعفه وتشيعه وتدليسه عند المحدثين (انظر تقريب التهذيب للحافظ ترجمة رقم (4616). قال الزبيدي "إنما ضعفوه من قِبَل التشيع ومن قبل التدليس(إتحاف السادة المتقين 5/88) " قال الذهبي "قال أحمد والنسائي وجماعة: ضعيف، وقال سالم المرادي كان عطية يتشيَّع" (ميزان الاعتدال 3: 79 تهذيب التهذيب 7: 224). وذكره النووي في (الأذكار ص58 باب ما يقول إذا توجه إلى المسجد) من روايتين في سند الأولى وازع بن نافع العقيلي: قال النووي (متفق على ضعفه) وفي سند الثانية (عطية العوفي) قال النووي وعطية ضعيف". وكذلك صرح جمع من الحفاظ بضعفها كالحافظ المنذري في الترغيب (3/459) . أما تحسين العراقي له فإن الجرح مقدم على التعديل اذا كان الجارح مبينا أسباب جرحه. وقد بين النووي أسباب ضعف الحديث. وهذا دليل على أن القاعدة (وخذه حيث حافظ عليه نص) لا تخلو من اعتراض. فهذا الحافظ العراقي يحسن الرواية بينما الحافظ النووي يحكي الاتفاق على ضعفه. وهذا تعصب وعمى، ناهيك عن أنه يمنح الحافظ رتبة الأئمة المعصومين ومخالف لما أجمع عليه جمهور الأمة وعلماؤها " كل منا يؤخذ منه ويردّ عليه إلا صاحب هذا القبر". فكم من حافظ أخطأ في تحسين حديث وتضعيفه حسب ما أدى إليه اجتهاده . فهذا الحافظ الدارقطني يتعقب الحافظ البخاري في العديد من أحاديث صحيحه كما بينه الحافظ ابن حجر في مقدمة صحيح البخاري . وهذا ابن حجر وهو حافظ يتعقب البيهقي فيصحح حديث الصوت الذي ضعفه. وليس ذلك بقادح فيهم ، وإنما يقدح في أهل الكلام والجدل الذين ينهون عن التقليد ، وهم أول المقلدين كما قاله الحافظ ابن حجر . فهذه القاعدة منقوضة بما هو معلوم بالاستقراء من حصول الخطأ والاختلاف بين الحفاظ في تحسين الأحاديث الضعيفة أو تضعيف الصحيحة خطأ وسهواً ، وإذا كان الحبشي يجوز عنده وقوع صغائر الخطأ عند الأنبياء فكيف لا يجوز لغير الأنبياء ! وإذا كنا نعتقد أن الأئمة يخطئون وكانوا يقولون " إذا وجدتم قولنا يخالف الحديث الصحيح فاضربوا بقولنا عرض الحائط " فكيف نعتقد احتمال الخطأ عند الشافعي وأحمد ولا نعتقده في الحافظ ؟ ! فماذا نفعل إذا ضعف حافظ حديثاً صححه حافظ آخر ؟ ونحتج عليهم بالقاعدة التي يحتجون بها فنقول : البخاري حافظ وقد صحح حديث الصوت فلماذا لم يزل الحبشي يرفضه ويحكم بضعفه ؟ لماذا لم يأخذه حيث البخاري عليه نص ؟ وهذا النووي يحكم بضعف رواية (أسألك بحق السائلين عليك) فلماذا لا يزال الحبشي وأتباعه يحتجون بها؟ وابن حجر العسقلاني حافظ وقد نص على أن رواية ( وهو الآن على ما عليه كان ) مكذوبة لا وجود لها في شيء من كتب الحديث (فتح الباري 6 / 289 ) فلماذا لا يزال شيخكم متمسكاً بها وقد نص حافظ على وضعها وكذبها؟ والسبكي " عندكم " حافظ وقد حشا كتابه (شفاء السقام) بالأحاديث الموضوعه التي صرح جمع من الحفاظ بوضعها: فلو أننا أخذناها على عماها كما تريدون لوقعنا في الكذب على رسول الله ووقع المسلمون في فساد عظيم (وقد حكى محقق كتاب ( سير أعلام النبلاء ) تحامل السبكي المقيت والذي ينبئ عن تحامل وحقد وبُعدٍ عن الإنصاف وجهل أو تجاهل بمعرفة القول الفصل في مواطن الخلاف (سير أعلام النبلاء 18 /471). بل أنتم لا تأخذونه حتى ولو نص حافظ عليه فقد نص الحافظ الذهبي على تواتر حديث الجارية كما في كتاب العلو ( ص 16) كذلك الحافظ ابن حجر في الفتح (13 / 359) قال " هو حديث صحيح أخرجه مسلم " . فهل تأخذونه حيث حفاظ عليه نصوا؟ وإذا كانت شهادة الحافظ ابن حجر عندكم معتبرة فقد صرح. باستحقاق ابن تيمية رتبة (حافظ) كما في (التلخيص الحبير3 / 109) وكذلك شهد له السيوطي برتبة (حافظ، مجتهد، شيخ الإسلام ) (صون المنطق 1 طبقات الحفاظ ترجمة رقم ( 1144 ) والأشباه والنظائر3/683 نقل فيها ثناء ابن الزملكاني على شيخ الإسلام) . فهل تأخذون بنص شهادة الحافظ في ابن تيمية إن كنتم صادقين؟ أم أنكم تأخذون من قول الحافظ ما يناسب أهواءكم؟ موقفهم من منع أبي حنيفة من التوسل وقد شكك الأحباش في صحة نسبة الرواية المشهورة إلى أبي حنيفة في كراهيته التوسل بذوات المخلوقين. قال أبو حنيفة "وأكره أن يقول: بحق فلان أو بِحَقّ أنبيائك ورسلك" [الفتاوى الهندية 5/280 الفقه الأكبر شرح ملا علي قاري 110]. وقال أبو يوسف "لا يُدعى الله بغيره". قال المرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين "وقد كره أبو حنيفة وصاحباه أن يقول الرجل: أسألك بِحَقّ فلان، أو بِحق أنبيائك ورسلك، إذ ليس لأحد على الله حق" [إتحاف السادة 2/285 فقالوا " هذا الكلام إن صحت نسبته إلى أبي حنيفة فليس فيه ذكر تحريم التوسل بجميع صوره". قلت: ونحن أيضا لا نمنع التوسل بكل صوره، ونعني بذلك التوسل المشروع كالتوسل بأسماء الله وبالعمل الصالح وبالحي الحاضر. أما التوسل بالذوات لا سيما منها الميتة فهذا ما تركه الصحابة كما عند البخاري في كتاب الاستسقاء. وهذا التشكيك مردود فان هذا القول لأبي حنيفة من أشهر الأقوال المعتمدة المنقولة عنه في أكثر كتب الفقه التي اعتمدت هذا القول لأبي حنيفة كالدر المختار [2/630]. واعترف الحبشي بقول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة "لا يُدعى الله بغيره" [صريح البيان 69 وانظر الطبعة الجديدة المجلدة 163]. ففي هذه النصوص عن أبي حنيفة أبلغ رد على ادعاء السبكي أنه لم ينكر التوسل أحدٌ من السلف ولا من الخلف غير ابن تيمية [نقله عنه الحبشي في المقالات السنية 43]. إذا صح الحديث فهو مذهبي قال الأحباش " ألم تعلموا يا نفاة التوسل أن كل الأئمة يعتقدون هذه القاعدة: إذا صح الحديث فهو مذهبي. هذا وأنتم تدَّعون زوراً أنكم على مذهب الإمام أحمد وقد خالفتموه، فقد ذكر المرداوي الحنبلي في كتاب الإنصاف ج2 ص 456 تحت عنوان (( فوائد )) ما نصه: ومنها ( أي من الفوائد ) يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب". ومع أنهم ادعوا الالتزام بقاعدة: " اذا صح الحديث فهو مذهبي". إلا أنهم نقضوها بسرعة حين أتوا بروايات لا أسانيد لها في كتب الفقه عن أحمد بن حنبل في جواز التوسل بالنبي عند القحط وقلة المطر، متجاهلين ما صح سنده في البخاري عن عمر الذي صرح بأنهم كانوا يتوسلون بالنبي في حياته وأنهم تركوا التوسل به، ثم طلب من العباس أن يقوم فيدعو الله لهم. فانظر كيف نقضوا القاعدة التي احتجوا بها (إذا صح الحديث فهو مذهبي) برفضهم التمذهب بما صح عن عمر بإقرار جموع الصحابة. السبكي يجيز التوسل ولكنه يحرم الاستغاثة بغير الله قال السبكي "ولسنا في ذلك سائلين غير الله تعالى ولا داعين إلا إياه، فالمسئول في هذه الدعوات كلها هو الله وحده لا شريك له، والمسئول به مختلف، ولم يوجب ذلك إشراكاً ولا سؤال غير الله، كذلك السؤال بالنبي ليس سؤالاً للنبي بل سؤال لله به". وضرب لذلك مثلاً أن تقول "استغثت الله بالنبي كما يقول: سألت الله بالنبي " [شفاء السقام ص 174 و176]. وهذا يفيد: أن سؤال غير الله شرك عند السبكي. وأن الاستغاثة بالنبي معناها عنده: الاستغاثة بالله بالنبي ولكنه عادة يختصر العبارة ويقول (الاستغاثة بالنبي). ولذلك قال "وقد يحذف المفعول به (أي الله المستغاث) ويقال: استغثت بالنبي " [شفاء السقام 176]. وقد استغل الأحباش هذا الحذف متبعين ما تشابه من القول كما فعلوا في كلام الله وكلام رسوله من قبل. بل قال السبكي في قوله تعالى (إياك نعبد واياك نستعين) "إن هذه الآية تفيد العلم بأنه لا يستعان غير الله" وأكد أن تقديم المعمول (إياك) يفيد الاختصاص [فتاوى السبكي 1/13 طبقات السبكي 10/304]. يعني اختصاص طلب الاستعانة من الله فقط. فانظر كيف كذب هؤلاء على السبكي وزعموا أنه يرى التوسل والاستغاثة بمعنى واحد وتجاهلوا ما فصله هو حتى لا يظن بأنه لا يفرق بين الاستغاثة والتوسل. الطحن الثالث بأقوال الأئمة المعتبرين عندكم نص الحافظ ابن رجب [وصفه الحبشي بالحافظ المتقن. صريح البيان ص67 ط: المجلدة] على أن أن قوله "إذا سألت فاسأل الله" منتزع من قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} لأن الدعاء هو العبادة" وتلا قوله تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}. وقال {وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ} ولم يأمرنا أن نسأل غيره. ولم يقل (وقال ربكم ادعوا أنبيائي وأوليائي) ولم يقل رسوله "إذا سألت فاسأل الأنبياء والأولياء". (جامع العلوم والحِكَم 281). قال السبكي بأن هذه الآية تفيد العلم بأنه لا يستعان غير الله" [فتاوى السبكي 1/13 طبقات السبكي 10/304] وأكد أن تقديم المفعول على الفاعل يفيد الاختصاص. فكيف بعد ذلك يأذن بدعاء أموات؟ وكيف لا يثبت عن واحد من أصحبه أنه استغاث به بالرغم من المحن والشدائد والقحط والفتن التي تعرّضوا لها؟ أفلا جاءوا إلى قبره وسألوه أن يستسقي لهم أو يفصل بينهم فيما اختلفوا فيه؟ قال الحافظ "وشذت طائفة فقالوا: المراد بالدعاء في الآية ترك الذنوب. وأجاب الجمهور بأن الدعاء من أعظم العبادة". واعتبر قول النبي "الدعاء هو العبادة" كقوله في الحديث الآخر "الحج عرفة" [فتح الباري 11/94]. {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر 60] قال السدي: أي دعائي [تفسير الطبري مجلد 16 ج24 ص51] قال الحافظ "وضع عبادتي موضع دعائي" [فتح الباري 11/95] وقال القسطلاني في إرشاد الساري كلاماً بنحوه. وإذا كان عليه الصلاة والسلام لا يملك شيئاً لفلذة كبده فاطمة وهو حي: أفيملكه لغيرها وهو ميت؟ قال لابنته "يا فاطمة بنت محمد، أنقذي نفسك من النار: فإني لا أملك لك من الله ضراً ولا نفعاً" وفي رواية "لا أغني عنك من الله شيئاً" وفي رواية "لا أملك" فكيف نستغيث بمن كان يقول وهو حي "لا أملك لكم [لا أغني عنكم] من الله شيئاً" (متفق عليه)!. وكيف يقول لابنته فاطمة "لا أملك لك من الله شيئاً" بينما يحث المسلمين على الاستغاثة به عند قبره بعد موته؟! الدعاء نهاية التذلل كما ذكره الرازي دعاء غير الله شرك واعترض الأحباش على ذلك فقالوا "العبادة نهاية التذلل". هكذا أثبتها علماء اللغة" [النشرة الصادرة عن جمعية المشاريع مكتب شئون الخارج ص21]. ويقال لهم: إذا كان الشرع يعتبر دعاء قضاء الحوائج عبادة فقد ألزمكم الشرع بالوقوع في غاية التذلل. يؤكد ذلك: 1 - قول الحافظ ابن حجر "الدعاء هو غاية التذلل والافتقار" [فتح الباري 11/95]. وأن فائدة الدعاء "إظهار العبد فاقته لربه وتضرعه إليه". الدعاء توحيد عند الزبيدي 2 - وقال مثله الزبيدي [فتح الباري 11/149 وانظر إتحاف السادة المتقين 5/4]، وزاد عليه بأن وصف لفظ الدعاء يطلق ويراد به التوحيد كما في قوله تعالى {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} وقوله {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ}. بل قال الزبيدي " قال القاضي: لما حكم بأن الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستحق أن تسمى عبادة من حيث أنه يدل على أن فاعله مقبل بوجهه إلى الله تعالى، معرض عما سواه، لا يرجو ولا يخاف إلا منه: استدل عليه بالآية فإنها تدل على أنه أمر مأمور به إذا أتى به المكلف قُبِل منه لا محالة وترتب عليه المقصود ترتب الجزاء على الشرط وما كان كذلك كان أتم العبادة وأكملها ويمكن حمل العبادة على المعنى اللغوي أي الدعاء ليس إلا إظهار غاية التذلل والافتقار". وعن معنى رواية "الدعاء مخ العبادة" قال الزبيدي "أي خالصها، وإنما كان مخاً لها لأن الداعي إنما يدعو الله عند انقطاع أمله مما سواه، وذلك حقيقة التوحيد والإخلاص، ولا عبادة فوقها لما فيه من إظهار الافتقار والتبري من الحول والقوة وهو سمة العبودية واستشعار ذلة البشرية" [إتحاف السادة المتقين 5/29]. فهذه شهادة من الزبيدي ضدكم بأنكم صرفتم التوحيد إلى غير الله. الدعاء عند الرازي أعظم مقامات العبودية قال الفخر الرازي "المقصود من الدعاء إظهار الذلة والانكسار" وقال "وقال الجمهور الأعظم من العقلاء: الدعاء أعظم مقامات العبادة" [لوامع البينات شرح أسماء الله تعالى والصفات ص91 تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ط: دار الكتاب العربي]. كما نقل عن الخطابي قوله "الدعاء هو العبادة" معناه أنه أعظم العبادة" و"حقيقة الدعاء استمداد العبد المعونة من الله" [التفسير الكبير 5/83]. فهذا هو الرازي يصرح بأن الله لم يجعل واسطة بينه وبين عباده في رفع الحوائج ودفع المضار، محتجاً بهذه الآية. وفسر قوله تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} فقال: كأنه سبحانه وتعالى يقول: عبدي أنت إنما تحتاج إلى الوساطة في غير وقت الدعاء. أما في مقام الدعاء فلا واسطة بيني وبينك فأنت العبد المحتاج، وأنا الإله الغني" [لوامع البينات 88]. فإذا كان الدعاء غاية التذلل والافتقار وإظهار الفاقة والتضرع وهو التوحيد: فمثل هذا لا يجوز صرفه لغير الله وإلا كان شركاً. وذكر الحليمي أن الدعاء من التخشع والتذلل لأن كل من سأل ودعا فقد أظهر الحاجة وباح واعترف بالذلة والفقر والفاقة لمن يدعوه ويسأله" [المنهاج في شعب الإيمان 1/517 ط: دار الفكر 1979]. وعرّف صاحب القاموس الدعاء بالرغبة إلى الله [القاموس المحيط ص1655 باب الواو والياء – فصل الدال]. حكى ابن حجر الهيتمي إجماع الحنابلة على أن من يجعل بين وبين الله تعال وسائط يدعهم ويسألهم كفر إجماعاً [الإعلام بقواطع الإسلام 95 وانظر هذه الفتوى في كتاب الحنابلة: الفروع 6/165 الإنصاف للمرداوي 10/327 غاية المنتهى للمرعي 3/355 الإقناع وشرحه 4/100]. ولم يعترض الهيتمي على هذا الإجماع بل أقره وأورده مستحسناً له، بينما أجاز التوسل بالنبي في حاشيته على إيضاح المناسك للنووي. وحكى الحافظ ابن رجب عن أحمد أنه كان يدعو فيقول "اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصُنه عن المسألة لغيرك" [جامع العلو والحكم 283]. قال محمد علاء الدين الحصكفي فيمن نذر لغير الله "واعلم أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام تقريباً إليهم هو بالإجماع باطل وحرام" (رد المحتار مع حاشية ابن عابدين 2/439). قال ابن عابدين شارحاً هذا النص "قوله (باطل وحرام) لوجوه منها: أنه نذر لمخلوق. والنذر لمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون لمخلوق. ومنها أن المنذور له ميت والميت لا يملك …" (حاشية ابن عابدين على رد المحتار 2/440-449)] والذبح. مفاجأة من السبكي وكان السبكي يقصد بـ (الاستغاثة بالنبي): الاستغاثة إلى الله بالنبي ولذلك قال "اعلم أنه يجوز التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي إلى ربه". ثم استدل على ذلك بحديث "يا رب أسألك بحق محمد" [شفاء السقام في زيارة خير الأنام 160-161 دار الآفاق. والحديث موضوع كما في تعقيب الذهبي على مستدرك الحكم 2/615]. ثم قال "ولسنا في ذلك سائلين غير الله تعالى ولا داعين إلا إياه، فالمسئول في هذه الدعوات كلها هو الله وحده لا شريك له، والمسئول به مختلف، ولم يوجب ذلك إشراكاً ولا سؤال غير الله، كذلك السؤال بالنبي ليس سؤالاً للنبي بل سؤال لله به". وضرب لذلك مثلاً أن تقول "استغثت الله بالنبي كما يقول: سألت الله بالنبي " [شفاء السقام ص 174 و176]. وهذا يفيد: أن سؤال غير الله شرك عند السبكي. وأن الاستغاثة بالنبي معناها عنده: الاستغاثة بالله بالنبي ولكنه عادة يختصر العبارة ويقول (الاستغاثة بالنبي). ولذلك قال "وقد يحذف المفعول به (أي الله المستغاث) ويقال: استغثت بالنبي " [شفاء السقام 176]. على أن هذا خطأ من السبكي أدى إلى استغلاله فيما بعد. بل قال السبكي في قوله تعالى "إن هذه الآية تفيد العلم بأنه لا يستعان غير الله" وأكد أن تقديم المعمول يفيد الاختصاص [فتاوى السبكي 1/13 طبقات السبكي 10/304]. وهذا السبكي الابن ينقل عن القمح شعراً يقول فيه [طبقات السبكي 9/92 محققة]: فاضرع إلى الله الكريم ولا تسل بَشَراً فليس سواه كاشف الضر مفاجأة من عند أبي حنيفة قال المرتضى الزبيدي "وقد كره أبو حنيفة وصاحباه أن يقول الرجل: أسألك بحقّ فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، إذ ليس لأحد على الله حق" [إتحاف السادة المتقين 2/285] وهو ما جاء عند البلدجي في شرح المختارة. والقدوري في شرح الكرخي، ونصه [انظر الدر المختار 2/630 ونقله القدوري وغيره عن أبي يوسف والفتاوى الهندية 5/280 الفقه الأكبر بشرح ملا علي قاري 110. الدر المختار للحصكفي شرح تنوير الأبصار للتمرتاشي مع رد المحتار للشامي 5/254 ط: بولاق وط: دار إحياء التراث 6/419 و6/396 ط: دار الفكر]. "لا ينبغي [قوله: لا ينبغي لا تعني الكراهية ودليله قول أبي حنيفة "والدعاء المأذون فيه المأمور به" وقول محمد أن دعاء الله بغيره كالعقوبة بالنار. والكراهة عند المذهب الحنفي تطلق على المحرم كما اعترف به الأحباش في مجلتهم (منار الهدى 19/27) والاستعمال القرآني هو الأصل فقد قال تعالى {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً}] لأحد أن يدعو الله إلا به، والدعاء المأذون فيه، المأمور به: هو ما استفيد من قوله تعالى { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف 180]. وقال أيضاً "وأكره أن يقول: بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك" [الفتاوى الهندية 5/280 الفقه الأكبر بشرح ملا علي قاري 110]. لا إله إلا هو: لا غياث إلا هو ـ قال البيهقي "ومن أسمائه الغياث ومعناه: المُدرِكُ عبادَه في الشدائد. قال في حديث الاستسقاء "اللهم أغثنا" [الأسماء والصفات 88]. قال القرطبي عند شرح اسم الله (غياث المستغيثين) "يجب على كل مكلف أن يعلم أنه لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله" [الأسنى شرح أسماء الله الحسنى 1/287 ط: الصحابة بطنطا]. مفاجأة من الزبيدي: الذي صرح بأن دعاء غير الله قبيح قال الزبيدي "وقبيح بذوي الإيمان أن ينزلوا حاجتهم بغير الله تعالى مع علمهم بوحدانيته وانفراده بربوبيته وهم يسمعون قوله تعالى {أليس الله بكاف عبده}. أضاف "ليعلم العارف أن المستحق لأن يُلجأ إليه ويستعان في جميع الأمور ويُعوّل عليه هو الواجب الوجود المعبود بالحق الذي هو مولى النعم كلها . . . ويشغل سره بذكره والاستغناء به عن غيره" [إتحاف السادة المتقين 9/498 وانظر 5/119]. وذكر أن إبراهيم الخواص قرأ قوله تعالى {وتوكل على الحي الذي لا يموت} ثم قال "ما ينبغي للعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله" [إحياء علوم الدين 4/244 إتحاف السادة المتقين 9/389]. فالاستغاثة بغير الله استغناء عن الله بغيره وسوء ظن به، وادعاء بأنه غير كاف لدعاء عباده، ولو كان عندكم كافياً لما لجأتم إلى غيره {فما ظنكم برب العالمين}. كلمات ذهبية للجيلاني ـ قال الشيخ عبد القادر الجيلاني "يا من يشكو الخلق مصائبه، ايش ينفعك شكواك إلى الخلق لا ينفعونك ولا يضرونك وإذا اعتمدت عليهم وأشركت في باب الحق عز وجل يبعدونك، وفي سخطه يوقعونك . . . أنت يا جاهل تدعي العلم، تطلب الخلاص من الشدائ بشكواك الخلق. . ويلك أما تستحي أن تطلب من غير الله وهو أقرب إليك من غيره". ـ وقال "لا تدعو مع الله أحداً كما قال {فلا تدعو مع الله أحدا}. ـ وقال لولده عند مرض موته "لا تخف أحداً ولا ترجه، وأوكل الحوائج كلها إلى الله، واطلبها منه، ولا تثق بأحد سوى الله عز وجل، ولا يعتمد إلا عليه سبحانه، التوحيد، وجماع الكل التوحيد" [الفتح الرباني والفيض الرحماني 117 – 118 و159 184 و373]. ومن الأقوال المنقولة عن الشيخ أحمد الرفاعي "أن أحد الصوفية استغاث بغير الله فغضب الله منه وقال "أتستغيث بغيري وأنا الغياث"؟ [حالة أهل الحقيقة مع الله 92]. والله تعالى هو الغياث {إذ تستغيثون ربكم}. فجعلتم الرفاعي شريكاً معه في ذلك. والله {يسأله من في السماوات والأرض} فجعلتم الرفاعي شريكاً له في هذه الآية وغوث الثقلين يسأله الجن والإنس في السماء والأرض، فكيف يكون غضب الله عليكم؟ وإذا كان الاستغاثة بمحمد جائزة فلماذا نوبخ النصارى الذين يستغيثون بالمسيح؟ أليس هذا إقراراً منكم بجواز قول النصارى يا مسيح؟ وجواز قول الشيعة "يا حسين" "يا صاحب الزمان"؟ وهل يمكن للنبي سماع أدعية الآلاف في وقت واحد؟ فلو قُدِّر أن هناك ألفاً في مصر يسألونه وألفاً في أندونيسيا وألفاً في الصين، كلهم يستغيثون به: فهل يستطيع استيعاب كل أدعيتهم في وقت واحد مهما كثر عددهم واختلفت أمكنتم؟ إن قلتم نعم فقد زعمتم أن النبي لا يُشغِلُه سمعٌ عن سمع وأضفتم إليه العلم المطلق. وجعلتموه شريكاً مع الله في قوله {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم} وجعلتم كل مقبور مستحقاً صفات: سميع، بصير، مجيب، كاشف. ويوم أن يحال بينه وبين أناس عند الحوض يقول "أصيحابي أصيحابي، فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" (متفق عليه). فيدل على أنه لم يكن على علم بتفاصيل ما يجري لأمته. وهذا عيسى عليه السلام يقول يوم القيامة {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم}. فما بال أناس يعتقدون أن يسمع مناديه في المشرق والمغرب؟ هل فسد دين المسلمين إلا بمخلفات التعصب والتقليد والعمى وهل مكّن الله للكفار إلا لأن عقائد المسلمين صارت تشتمل على أشياء مما عندهم {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل}. قال "لما ألقي إبراهيم في النار قال "حسبي الله ونعم الوكيل" [رواه البخاري 4563]. وقد روي أن جبريل نزل من السماء وعرض عليه قضاء حاجته فاكتفى إبراهيم بالله من غير أن يستغيث بجبريل ومن غير أن ينادي: يا عباد الله أغيثوني. وكان قد قال لقومه {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله}. وهؤلاء صحابة رسول الله قال لهم الناس {إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل}. فلم يستغيثوا برجال الغيب ولا بالأولياء لكشف المأزق.
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved