المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المكاسب الإيرانية من احتلال العراق



bufaris
11-11-2005, 03:24 AM
خاضت إيران مع العراق حرباً ضروساً في ثمانينيات القرن الماضي استمرت لثماني سنوات، وذهبت فيها أنفس قرابة المليون شخص، هذا عدا ملايين الجرحى، وفضلاً عن مليارات الدولارات التي ذهبت عبثاً وقد وضعت الحرب أوزارها دون أن يكون هناك غالب أو مغلوب، مما يعني أن الدماء الإيرانية والعراقية سالت في جبهات القتال سدى بلا هدف.

وبعدها بخمسة عشر عاماً استطاع الإيرانيون تحقيق مكاسب كبيرة لم يكونوا يتوقعون تحقيقها بهذه السهولة، ودون إهراق قطرة دم إيرانية واحدة، وذلك من وراء احتلال أميركا للعراق، وكأن إيران قد خاضت مع العراق حرباً بالوكالة عن طريق أقوى دولة في العالم.

وتكمن هذه المكاسب الكبيرة في إزاحة صدام حسين عن كرسي الحكم، واجتثاث نظامه البعثي المسيطر، وملاحقة أعضائه، ومحاكمتهم، بل إن إيران تريد أن تتضمن محاكمة صدام وأعوانه ملف الحرب الإيرانية العراقية، واعتبار قتله للإيرانيين في تلك الحرب جرائم حرب دولية، يجب - كما يرى الإيرانيون - أن يحاكم عليها في محكمة دولية.

المكسب الآخر لإيران، هو شعورها بالاطمئنان من خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل - أو وضعها إن وجدت تحت مراقبة دولية - ويمكن القول إن مجرد اعتقاد حكام إيران بامتلاك جارتها العدوة لأسلحة دمار شامل، كان يعتبر رادعاً كافياً لأي طموحات توسعية إيرانية.

وبغياب العدو البعثي لإيران، والتأكد من خلو ساحته من الأسلحة الكيميائية والجرثومية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل يجعل هذا الرادع لا وجود له، ويفتح الطريق لطهران لأن تتخذ من السياسات التي قد لا تكون في صالح دول المنطقة بجرأة وبشكلٍ سريع، دون شعورها بالخوف.

المكسب الثالث لإيران من وراء احتلال أمريكا للعراق هو أنها استطاعت - وبسهولة أيضاً - أن تضمن هيمنتها على الساحة السياسية العراقية الداخلية، واللعب على الورقة الطائفية، لاختراق الحكومة العراقية الجديدة، ومؤسساتها الرسمية، وعلى رأسها رئاسة الوزراء، بالإضافة إلى المؤسسات الشعبية والدينية الرسمية وغير الرسمية، والتدخل في صياغة دستور دائم يضمن بقاء هيمنتها من خلال من يمكن تسميتهم بوكلاء إيران في العراق.

هذا الاختراق الإيراني للعراق الذي لم يتحقق بوضوح من خلال حرب الثماني سنوات يعطي لطهران امتداداً سياسياً وجغرافياً واسعاً، يعطيها مجالاً أكبر للحركة، يساعدها على تحقيق أهداف سياسية أخرى، ومن أهمها الضغط على أميركا والمتحالفين معها في الحرب لمقابلة ما تمارسه هذه الدول من ضغوطات فيما يخص الملف النووي الإيراني.

ويمكن إضافة مكاسب أخرى لإيران في مجالات أخرى غير المجالات السياسية، ومنها على سبيل المثال تعزيز الاقتصاد الإيراني عن طريق حركة السفر والتجارة - والتهريب - عبر الحدود الإيرانية العراقية، وفتح سوق جديدة للبضائع الإيرانية المختلفة، بالإضافة إلى الاستفادة من القوة الشرائية العراقية داخل الأسواق الإيرانية.

وبهذا تكون إيران حققت أهدافاً بالجملة دون أن تقدم خسائر بشرية أو مادية، وذلك بفضل سياسات الإدارة الأميركية الحالية في المنطقة.