المهند
10-11-2005, 09:16 PM
دور الإعاقة المرافقة في التأمين ضد القنابل والألغام التى يتم السيطرة عليها عن بعد
بقلم- العميد الركن المهندس حشمت أمين عامر
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/notfound.gif
تسببت الكمائن الخفية التي تستخدمها المقاومة في حرب العراق في خسائر فادحة في الجنود الأمريكان وأفراد الحرس الوطني العراقي بصورة مفزعة أرغمت المخططين على اللجوء إلى الحرب الالكترونية لتوفير قدر من الحماية ولتقليل الخسائر الدراماتيكية في الأفراد والمعدات، علاوة على الحاجة إلى رتق الثقوب الهائلة في ثوب الحالة النفسية للجنود الذين يشاركون في الأرتال والدوريات اللازمة على المسرح العراقي، وخصوصاً مع التجديدات والمفاجآت في أسلوب التطبيق والتنفيذ للمقاومة، حيث استحدثت كمائن البيوت المفخخة، وفي الجعبة الكثير.
لم يخطئ أحد كبار القادة الأمريكان على المسرح العراقي حينما علق على زيادة خسائر القوات الأمريكية بسبب الكمائن الخفية التى تفجر عن بعد، قائلاً: لقد حان الوقت للاستعانة بالحرب الإلكترونية لاستخدامها في إعاقة القنابل الخفية Itid boom time of EW,for bomb Jammers لقد عانت القوات الأمريكية كثيراً من القنابل والفخاخ التي تزرع على جانبي الطرق، وتتسبب انفجاراتها - التي يتم التحكم فيها عن بعد - في إحداث خسائر تصاعدت كثيراً وشكلت منعطفاً حاداً في خسائر القوات الأمريكية، سواء في الأفراد أو في المعدات أو في الإمدادات اللوجيسية، الأمر الذي يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى خفض الروح المعنوية بدرجة كبيرة.
لقد شكلت التحركات على الطرق للجنود الأمريكان هاجساً كبيراً، ولا شك أن إحساس الجندي بأنه مؤمَّن إلكترونياً إلى حد ما، يمكن أن يبعث في نفسه نوع من الاطمئنان اللازم لأداء المهام أثناء تحركاته في وجود الفخاخ المتفجرة والتي يتم السيطرة عليها من بعد، فكأنه يتحرك وفي نفسه دعوات بلا نهاية أن يوفق الله الإعاقة المرافقة له أثناء التحرك كي تبطل التحكم اللاسلكي عن بعد في تلك الفخاخ الخطيرة.
ويتحدث (بن جامبل) مدير الشركة الأمريكية (SIT) (Security Intelligence Techniligies) - التي تنتج أجهزة أنظمة من أجهزة الوقاية المرافقة - بأن الدبلوماسيين ورجال الأعمال بجانب الجنود الأمريكيين لا يسلمون أيضاً من أخطار القنابل المفخخة، ولا يخفي فرحته بهذا التهديد الجديد الذي وفر له دجاجة تبيض ذهباً، وذلك بسبب تنامي الأحداث والصراعات في العراق وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، ويعلق على ذلك قائلاً: (إن أي سفارة أو شركة أو أي قوات في الشرق الأوسط لا تمتلك أنظمة الإعاقة المرافقة، عليها سريعاً أن تغادر مسرح الأحداث)!!.
خبرة من باكستان
وقد علّق قائد باكستاني كبير على فكرة استخدام الإعاقة المرافقة، بالتأكيد على أنه لولا محطات الإعاقة المرافقة لتحرك الجنرال (برويز مشرف) في 14 ديسمبر عام 2003م لما كان الرجل حياً. ويضيف المحللون أن الإعاقة المرافقة لركب الرئيس وبالقرب من روال باندى، كانت هناك خمس قنابل مفخخة شديدة الانفجار موضوعة عند مدخل كوبري ومسيطر عليها باللاسلكي عن بعد، ولكن القنابل لم تنفجر إلا بعد مرور الركب بحوالي 200 متر من الكوبري، حيث ساعدت الإعاقة المرافقة على منع انفجار القنابل حتى تعدَّى الركب الكوبري، المفخخ. وبعد تفادي الهجوم وصف المسؤولون الباكستانيون أجهزة الإعاقة المرافقة بأنها قد أعاقت أجهزة التفجير لمسافة بلغت أكثر من 200 متر من السيارة الليموزين التي كان يركبها الرئيس.
الاستخدام الأمريكي
صرح الجنرال تايلور في مؤتمر صحفي - عقده بالعراق في فبراير 2004م - بأن الأمريكان قد بدأوا استخدام وسيلة التأمين نفسها مع أرتال التحرك، حيث توفر الإعاقة قدراً من التأمين ضد أنظمة التفجير عن بعد، كما صرح قائد أمريكي كبير بأن حوادث الطرق وآلاف القنابل المزروعة على الطرق قد تسببت في قتل المئات، وفي جرح عدة آلاف من الجنود الأمريكيين، كما أحرقت وأعطبت آلاف العربات والشاحنات - بما فيها من إمدادات وقود - الأمر الذي أثر كثيراً في الروح المعنوية وأحدث قدراً كبيراً من الإرباك في خطط التحرك والإمداد اللوجستي ظهر أثره في الاعتماد على الإمداد الجوي بما يمثله من تكلفة باهظة، ومما يلفت الانتباه أن الطائرات أيضاً لم تسلم من صواريخ المقاومة المؤثرة.
سيناريو الاستخدام
في جميع الأحوال يكون هناك جهاز إرسال من بعيد، يرسل إشارة إلى مستقبل موجود مع المتفجرات - في اللغم أو القنبلة - تنشأ عنها عملية التفجير، فإذا تم إعاقة إشارة أمر التفجير تكون عملية التفجير فاشلة، وطبقاً لذلك فإن أجهزة الإعاقة المرافقة ترسل إشارات تتداخل مع إشارة مرسلات التفجير، وذلك عند مستقبل التفجير فتمنع تفجير اللغم أو القنبلة، وطبقاً لتصريح مستر جامبل فإن أجهزة الإعاقة تشتمل على مستقبلات حساس تقوم بمسح حيز التردد المتوقع استخدامه، وعندما تستقبل في الحيز أى إشارة يتم تحليلها بسرعة وإعاقتها فورياً إذا أثارت أى شك في كونها إشارة تفجير.
وقد يحدث أن تسبب إشارة الإعاقة تشبع تام في مستقبلات أجهزة التفجير أو تحدث نوعاً من الارتباك في العمل، وفي الحالة الأولى يتم التفجير قبل قدوم الرتل إلى منطقة الانفجار، وفي الحالة الثانية يتم الانفجار بعد مغادرة الرتل منطقة الانفجار، وعموماً فإن المحصلة هي تخلُّص الرتل من الخطر القابع.
ويضيف مستر جامبل أن أجهزة الإعاقة المرافقة يمكن أن تتسبب في إعاقة أجهزة الاستطلاع الإلكتروني، مثل كاميرات الفيديو ومسترقات السمع الخفية التي توجد في المنازل والعربات والمكاتب والفنادق وغرف المؤتمرات لتوفر تأميناً حقيقياً على مسافة (30-500) متر، وهي كافية إلى حد ما لتوفير تأمين يعتد به.
بعض خصائص أجهزة جامبل
تنتج شركة جامبل ثلاثة أنواع من الأجهزة، حيث يزن الجهاز VIP 22 رطلاً، ويوجد في حقيبة خاصة لتأمين الأعمال الخاصة للسفراء ورجال الأعمال بثمن يبلغ 22 ألف دولار. أما الجهاز VIP-3 فيتجاوز ثمنه 40 ألف دولار، ويستخدم مع القوات في مناطق المرور الخطيرة، ويجهز في حقيبة أكبر من الجهاز السابق.
أما الجهاز الثالث VIP-16 فإن قدرة الخرج تزيد كثيراً عن الأنواع السابقة، ويتم حمله في عربات وحوامات وطائرات بدون طيار ذات حمولة كبيرة. وطبقاً لأقوال مستر جامبل فقد استخدم الجهاز بدرجة واسعة في دورة الألعاب الأوليمبية الأخيرة في أثينا. ويضيف مستر جامبل بأنه لاشك أن أجهزة التأمين ضد القنابل المفخخة موجودة عالمياً منذ أواخر السبعينيات إلا أنه قد أعيد اكتشافها وازدهر استخدامها لظروف الحروب الأخيرة على الساحة وتطور استخدام المتفجرات في الشرق الأوسط وفي حرب العراق.
اعتبارات القدرة والتردد
يمكن أن تعمل أجهزة التحكم في التفجير عن بعد في حيز التردد العالى والعالي جداً وفوق العالي، وقد تعمل في ترددات الأجهزة الجوالة، أي أن حيز التردد يمكن أن يعطي من واحد ميجا سيكل إلى حوالي 2 جيجا سيكل، وهذا حيز من الترددات يعتبر عريضاً. ولابد من توفير هوائيات غير موجهة - أي تشع في جميع الاتجاهات - حيث إن اتجاه التهديد يكون غير معلوم. وتستخدم هوائيات خاصة تغطي حيز التردد العالي (1-30) ميجا سيكل، وهوائيات تغطي حيز التردد العالي جداً (30-100) ميجا سيكل، وهوائيات أخرى تغطي حيز التردد (100-500) ميجا سيكل، وأخرى تغطي حيز التردد (500-2000) ميجا سيكل. وتتمثل الصعوبة في أن طول الهوائي له علاقة بالتردد والطول الموجي ولا يمكن استخدام هوائي واحد مؤثر يغطي الحيز كله، ومن هنا يكون تصور محطة الإعاقة المصممة خصيصاً لتتوافق مع حيز التردد المطلوب. ونظراً لأن المسافة التي تكون بين اللغم الموقوت وجهاز التفجير تكون في حدود عشرات الأمتار إلى مئات الأمتار، وباعتبار قدرة جهاز التفجير المحمول في حدود جزء من الوات، فلابد أن تكون قدرة محطة الإعاقة كافية لتوفير إعاقة كاسحة لجهاز الاستقبال في اللغم، بحيث لا يستجيب بأية صورة من الصور لجهاز التفجير. وقد أظهرت الحسابات أن قدرة الإعاقة في كل حيز من الترددات تتجاوز عدة مئات من الوات، وهذا يتطلب وحدة تكبير لا يستهان بها ومولدات كبيرة للتغذية داخل العربة، وهذا يجعل محطة الإعاقة المرافقة ذات حجم كبير وذات حمولة تصل إلى عدة أطنان. ولا يجب الاستهانة بقدرة الخرج وإلا كانت محطة الإعاقة المرافقة ضمن ضحايا التفجير ويصدق عليها القول: (رحت اصطاد صادوني).
أصابع إسرائيلية في العراق
استغلت إسرائيل الارتباك الأمريكي في العراق لتعرض القشة التي قد يتمسك بها الغريق الأمريكي، فعقدت مؤتمراً في الفترة (22-24) مارس 2004م، حضرته 22 دولة لمناقشة التكنولوجيا والتكتيكات والعمليات ضد الإرهاب وفي حرب المدن، واستعرضت عضلاتها لعرض الدروس التي وصفها الجنرال Eli Ratn إيلي راتسن - قائد القوات البرية - بأنها دروس كلفت إسرائيل الكثير، وتكلم قادة القوات البرية - بانفتاح - عن التكنولوجيا والعمليات أملاً في مساعدة القوات الأمريكية في العراق.
وعرضت أجهزة الرؤية الليلية الحديثة وأسلحة القنص والمستشعرات الذكية وأنظمة الإنقاذ وأجهزة الحرب الإلكترونية في الحرب ضد الإرهاب.
وظهر خلال المؤتمر مدى التعاون الأمريكي الإسرائيلي، ووضح جلياً تصدير إسرائيل للتكنولوجيا الخاصة بها إلى أمريكا لاستخدامها في الحرب. وفي خلال أكثر من 12 لقاء تم بين الأمريكيين والمسؤولين والعارضين الإسرائيلين خلال المؤتمر، ظهر تطابق مطالب الدولتين ومحاولات الغريق التي يتمسك بقشة النجاة، واعترف الأمريكان بمدى التعاون والتدريب المشترك خلال (2-3) أعوام؛ ولم يخجل الأمريكان من الامتنان لإسرائيل والإشادة بمدى مساعدتها لأمريكا في هذا المجال. لقد ظهر مدى تغلغل الأنظمة الإسرائيلية في القوات الأمريكية من خلال عقد لتزويد إسرائيل القوات الأمريكية بعدد 14 طائرة بدون طيار طراز Hunter اعترف الأمريكان فعلاً بأنها طارت آلاف الساعات في حرب العراق وبلغ ثمنها حوالي 33 مليون دولار. علاوة على روبوت إسرائيلي ضد القناصة مزود بمحدد اتجاه صوتي؛ علاوة على أجهزة بانورامية متزنة للعمل في العربات، وأجهزة ملاحة رقمية لقوات المارينز، وأجهزة ملاحة لتحديد المحل باستخدام الأقمار الصناعية، ومستشعرات تعمل في 360 درجة تماثل كرة التنس ترمي في الأبنية ومزودة بميكروفونات ترسل الأصوات من داخل المباني لمسافة تسمع في دائرة نصف قطرها 25 متراً.
البيوت والحمير المفخخة
في أحد الاستخدامات البارعة في العراق، أبلغت جماعة عن وجود جماعة إرهابية في أحد البيوت، وأنها تطلق النيران عشوائياً بصورة خطيرة، فتحركت جحافل القوات الأمريكية وعناصر من الحرس الوطني العراقي، وما أن وصلت إلى المنطقة حتى بدأت الاستعدادات لمداهمة المنزل، حيث تأكد فعلاً إطلاق النيران من المنزل، وما أن دخلت مجموعة عراقية إلى المنزل واقتربت عناصر أمريكية لمحاصرته حتى تم تفجير عبوات شديدة الانفجار أطاحت بعشرات من القتلي والجرحي في استخدام مستحدث وذكي، لتواجه القوات الأمريكية نوعاً من التهديد الخفي والخطير.
وعندما بدأ الأمريكان في مراقبة العربات الواقفة على جانبي الطرق آخذين نوعاً من الاهتمام والترقب، فاجأ العراقيون الأمريكان باستخدام نوع جديد من الفخاخ تمثل في الحمير المفخخة التي تمشي هائمة على جانبي الطرق ليتم تفجيرها عن بعد محدثة آثار التدمير نفسه الذي تسببه السيارات المفخخة، في تطبيق حديث يتميز بالعواقب الوخيمة يجعل الطرف الآخر يتوجس خيفة من كل شيء، الأمر الذى يخفض كثيراً من الروح المعنوية. وليس ببعيد أن يتم تفخيخ الأشجار الواقفة على جانبي الطرق ليتم تفجيرها عن بعد للإطاحة بالأرتال المتحركة، ولا شك أن في الجعبة الكثير.
الطائرات بدون طيار على الساحة
لا شك أن الطائرات بدون طيار قد أضافت إلى الساحة بعداً جديداً لتطبيقات واستخدامات أجهزة الإعاقة المرافقة، حيث ظهر على الساحة طائرات بدون طيار UAV تطير لمدة تزيد عن 12 ساعة في مهمة واحدة، وتبلغ حمولتها عشرات الكيلو جرامات، وقد برمجت لاستخدامات كثيرة في مجالات الحرب الإلكترونية للاستطلاع والتصوير الحراري والليزري وتوجيه الأسلحة، بل واستخدمت ذاتها كصواريخ موجهة، وظهر ذلك جلياً في استخدام أمريكا لعدد منها لتدمير وإصابة بعض قادة المقاومة في اليمن، واستخدام إسرائيل لها لإصابة قادة المقاومة في فلسطين؛ وعلى ذلك فإن دورها يتعاظم لمرافقة الدوريات والأرتال المتحركة وحمايتها ببث الإعاقة الإلكترونية لتأمينها ضد القنابل والألغام التي يتم التحكم في تفجيرها عن بعد، ومن هذا المنطلق فليس ببعيد تكليفها بالطيران في دوريات منتظمة فوق بعض المناطق الهامة ليظهر على الساحة استخدام جديد ومبتكر للطائرات الموجهة بدون طيار في مجال التأمين الإلكتروني تقل تكلفته كثيراً إذا ما قورن باستخدام قوات الحراسة التقليدية.
تمثل الحرب الإلكترونية دائماً حلقة متواصلة من الفعل ورد الفعل، إنها مثل الصراع بين القط والفأر، كلما حاول الأول قتل الثاني، جنح الأخير إلى رد فعل للوقاية من الخطر القاتل في تزامن يلزم أن يكون موقوتاً.
إن الإعاقة المرافقة تمثل نوعاً من تدمير وإرباك الاتصالات المعادية من أجل توفير التقنية الأمنية، وفي الوقت الذي تجنح فيه الحرب الإلكترونية إلى تأمين الاتصالات الصديقة المفيدة لأغراض التقنية الأمنية، فإنها على الجانب الآخر تحرم العدو من الاتصالات المفيدة -التي يستخدمها في أعمال التفجير - من أجل توفير التقنية الأمنية للقوات الصديقة، وهذا بحق أحد المبادئ الأساسية الرائعة للحرب الإلكترونية
*
بقلم- العميد الركن المهندس حشمت أمين عامر
http://www.baghdadalrashid.com/vb3/images/imgcache/notfound.gif
تسببت الكمائن الخفية التي تستخدمها المقاومة في حرب العراق في خسائر فادحة في الجنود الأمريكان وأفراد الحرس الوطني العراقي بصورة مفزعة أرغمت المخططين على اللجوء إلى الحرب الالكترونية لتوفير قدر من الحماية ولتقليل الخسائر الدراماتيكية في الأفراد والمعدات، علاوة على الحاجة إلى رتق الثقوب الهائلة في ثوب الحالة النفسية للجنود الذين يشاركون في الأرتال والدوريات اللازمة على المسرح العراقي، وخصوصاً مع التجديدات والمفاجآت في أسلوب التطبيق والتنفيذ للمقاومة، حيث استحدثت كمائن البيوت المفخخة، وفي الجعبة الكثير.
لم يخطئ أحد كبار القادة الأمريكان على المسرح العراقي حينما علق على زيادة خسائر القوات الأمريكية بسبب الكمائن الخفية التى تفجر عن بعد، قائلاً: لقد حان الوقت للاستعانة بالحرب الإلكترونية لاستخدامها في إعاقة القنابل الخفية Itid boom time of EW,for bomb Jammers لقد عانت القوات الأمريكية كثيراً من القنابل والفخاخ التي تزرع على جانبي الطرق، وتتسبب انفجاراتها - التي يتم التحكم فيها عن بعد - في إحداث خسائر تصاعدت كثيراً وشكلت منعطفاً حاداً في خسائر القوات الأمريكية، سواء في الأفراد أو في المعدات أو في الإمدادات اللوجيسية، الأمر الذي يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى خفض الروح المعنوية بدرجة كبيرة.
لقد شكلت التحركات على الطرق للجنود الأمريكان هاجساً كبيراً، ولا شك أن إحساس الجندي بأنه مؤمَّن إلكترونياً إلى حد ما، يمكن أن يبعث في نفسه نوع من الاطمئنان اللازم لأداء المهام أثناء تحركاته في وجود الفخاخ المتفجرة والتي يتم السيطرة عليها من بعد، فكأنه يتحرك وفي نفسه دعوات بلا نهاية أن يوفق الله الإعاقة المرافقة له أثناء التحرك كي تبطل التحكم اللاسلكي عن بعد في تلك الفخاخ الخطيرة.
ويتحدث (بن جامبل) مدير الشركة الأمريكية (SIT) (Security Intelligence Techniligies) - التي تنتج أجهزة أنظمة من أجهزة الوقاية المرافقة - بأن الدبلوماسيين ورجال الأعمال بجانب الجنود الأمريكيين لا يسلمون أيضاً من أخطار القنابل المفخخة، ولا يخفي فرحته بهذا التهديد الجديد الذي وفر له دجاجة تبيض ذهباً، وذلك بسبب تنامي الأحداث والصراعات في العراق وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، ويعلق على ذلك قائلاً: (إن أي سفارة أو شركة أو أي قوات في الشرق الأوسط لا تمتلك أنظمة الإعاقة المرافقة، عليها سريعاً أن تغادر مسرح الأحداث)!!.
خبرة من باكستان
وقد علّق قائد باكستاني كبير على فكرة استخدام الإعاقة المرافقة، بالتأكيد على أنه لولا محطات الإعاقة المرافقة لتحرك الجنرال (برويز مشرف) في 14 ديسمبر عام 2003م لما كان الرجل حياً. ويضيف المحللون أن الإعاقة المرافقة لركب الرئيس وبالقرب من روال باندى، كانت هناك خمس قنابل مفخخة شديدة الانفجار موضوعة عند مدخل كوبري ومسيطر عليها باللاسلكي عن بعد، ولكن القنابل لم تنفجر إلا بعد مرور الركب بحوالي 200 متر من الكوبري، حيث ساعدت الإعاقة المرافقة على منع انفجار القنابل حتى تعدَّى الركب الكوبري، المفخخ. وبعد تفادي الهجوم وصف المسؤولون الباكستانيون أجهزة الإعاقة المرافقة بأنها قد أعاقت أجهزة التفجير لمسافة بلغت أكثر من 200 متر من السيارة الليموزين التي كان يركبها الرئيس.
الاستخدام الأمريكي
صرح الجنرال تايلور في مؤتمر صحفي - عقده بالعراق في فبراير 2004م - بأن الأمريكان قد بدأوا استخدام وسيلة التأمين نفسها مع أرتال التحرك، حيث توفر الإعاقة قدراً من التأمين ضد أنظمة التفجير عن بعد، كما صرح قائد أمريكي كبير بأن حوادث الطرق وآلاف القنابل المزروعة على الطرق قد تسببت في قتل المئات، وفي جرح عدة آلاف من الجنود الأمريكيين، كما أحرقت وأعطبت آلاف العربات والشاحنات - بما فيها من إمدادات وقود - الأمر الذي أثر كثيراً في الروح المعنوية وأحدث قدراً كبيراً من الإرباك في خطط التحرك والإمداد اللوجستي ظهر أثره في الاعتماد على الإمداد الجوي بما يمثله من تكلفة باهظة، ومما يلفت الانتباه أن الطائرات أيضاً لم تسلم من صواريخ المقاومة المؤثرة.
سيناريو الاستخدام
في جميع الأحوال يكون هناك جهاز إرسال من بعيد، يرسل إشارة إلى مستقبل موجود مع المتفجرات - في اللغم أو القنبلة - تنشأ عنها عملية التفجير، فإذا تم إعاقة إشارة أمر التفجير تكون عملية التفجير فاشلة، وطبقاً لذلك فإن أجهزة الإعاقة المرافقة ترسل إشارات تتداخل مع إشارة مرسلات التفجير، وذلك عند مستقبل التفجير فتمنع تفجير اللغم أو القنبلة، وطبقاً لتصريح مستر جامبل فإن أجهزة الإعاقة تشتمل على مستقبلات حساس تقوم بمسح حيز التردد المتوقع استخدامه، وعندما تستقبل في الحيز أى إشارة يتم تحليلها بسرعة وإعاقتها فورياً إذا أثارت أى شك في كونها إشارة تفجير.
وقد يحدث أن تسبب إشارة الإعاقة تشبع تام في مستقبلات أجهزة التفجير أو تحدث نوعاً من الارتباك في العمل، وفي الحالة الأولى يتم التفجير قبل قدوم الرتل إلى منطقة الانفجار، وفي الحالة الثانية يتم الانفجار بعد مغادرة الرتل منطقة الانفجار، وعموماً فإن المحصلة هي تخلُّص الرتل من الخطر القابع.
ويضيف مستر جامبل أن أجهزة الإعاقة المرافقة يمكن أن تتسبب في إعاقة أجهزة الاستطلاع الإلكتروني، مثل كاميرات الفيديو ومسترقات السمع الخفية التي توجد في المنازل والعربات والمكاتب والفنادق وغرف المؤتمرات لتوفر تأميناً حقيقياً على مسافة (30-500) متر، وهي كافية إلى حد ما لتوفير تأمين يعتد به.
بعض خصائص أجهزة جامبل
تنتج شركة جامبل ثلاثة أنواع من الأجهزة، حيث يزن الجهاز VIP 22 رطلاً، ويوجد في حقيبة خاصة لتأمين الأعمال الخاصة للسفراء ورجال الأعمال بثمن يبلغ 22 ألف دولار. أما الجهاز VIP-3 فيتجاوز ثمنه 40 ألف دولار، ويستخدم مع القوات في مناطق المرور الخطيرة، ويجهز في حقيبة أكبر من الجهاز السابق.
أما الجهاز الثالث VIP-16 فإن قدرة الخرج تزيد كثيراً عن الأنواع السابقة، ويتم حمله في عربات وحوامات وطائرات بدون طيار ذات حمولة كبيرة. وطبقاً لأقوال مستر جامبل فقد استخدم الجهاز بدرجة واسعة في دورة الألعاب الأوليمبية الأخيرة في أثينا. ويضيف مستر جامبل بأنه لاشك أن أجهزة التأمين ضد القنابل المفخخة موجودة عالمياً منذ أواخر السبعينيات إلا أنه قد أعيد اكتشافها وازدهر استخدامها لظروف الحروب الأخيرة على الساحة وتطور استخدام المتفجرات في الشرق الأوسط وفي حرب العراق.
اعتبارات القدرة والتردد
يمكن أن تعمل أجهزة التحكم في التفجير عن بعد في حيز التردد العالى والعالي جداً وفوق العالي، وقد تعمل في ترددات الأجهزة الجوالة، أي أن حيز التردد يمكن أن يعطي من واحد ميجا سيكل إلى حوالي 2 جيجا سيكل، وهذا حيز من الترددات يعتبر عريضاً. ولابد من توفير هوائيات غير موجهة - أي تشع في جميع الاتجاهات - حيث إن اتجاه التهديد يكون غير معلوم. وتستخدم هوائيات خاصة تغطي حيز التردد العالي (1-30) ميجا سيكل، وهوائيات تغطي حيز التردد العالي جداً (30-100) ميجا سيكل، وهوائيات أخرى تغطي حيز التردد (100-500) ميجا سيكل، وأخرى تغطي حيز التردد (500-2000) ميجا سيكل. وتتمثل الصعوبة في أن طول الهوائي له علاقة بالتردد والطول الموجي ولا يمكن استخدام هوائي واحد مؤثر يغطي الحيز كله، ومن هنا يكون تصور محطة الإعاقة المصممة خصيصاً لتتوافق مع حيز التردد المطلوب. ونظراً لأن المسافة التي تكون بين اللغم الموقوت وجهاز التفجير تكون في حدود عشرات الأمتار إلى مئات الأمتار، وباعتبار قدرة جهاز التفجير المحمول في حدود جزء من الوات، فلابد أن تكون قدرة محطة الإعاقة كافية لتوفير إعاقة كاسحة لجهاز الاستقبال في اللغم، بحيث لا يستجيب بأية صورة من الصور لجهاز التفجير. وقد أظهرت الحسابات أن قدرة الإعاقة في كل حيز من الترددات تتجاوز عدة مئات من الوات، وهذا يتطلب وحدة تكبير لا يستهان بها ومولدات كبيرة للتغذية داخل العربة، وهذا يجعل محطة الإعاقة المرافقة ذات حجم كبير وذات حمولة تصل إلى عدة أطنان. ولا يجب الاستهانة بقدرة الخرج وإلا كانت محطة الإعاقة المرافقة ضمن ضحايا التفجير ويصدق عليها القول: (رحت اصطاد صادوني).
أصابع إسرائيلية في العراق
استغلت إسرائيل الارتباك الأمريكي في العراق لتعرض القشة التي قد يتمسك بها الغريق الأمريكي، فعقدت مؤتمراً في الفترة (22-24) مارس 2004م، حضرته 22 دولة لمناقشة التكنولوجيا والتكتيكات والعمليات ضد الإرهاب وفي حرب المدن، واستعرضت عضلاتها لعرض الدروس التي وصفها الجنرال Eli Ratn إيلي راتسن - قائد القوات البرية - بأنها دروس كلفت إسرائيل الكثير، وتكلم قادة القوات البرية - بانفتاح - عن التكنولوجيا والعمليات أملاً في مساعدة القوات الأمريكية في العراق.
وعرضت أجهزة الرؤية الليلية الحديثة وأسلحة القنص والمستشعرات الذكية وأنظمة الإنقاذ وأجهزة الحرب الإلكترونية في الحرب ضد الإرهاب.
وظهر خلال المؤتمر مدى التعاون الأمريكي الإسرائيلي، ووضح جلياً تصدير إسرائيل للتكنولوجيا الخاصة بها إلى أمريكا لاستخدامها في الحرب. وفي خلال أكثر من 12 لقاء تم بين الأمريكيين والمسؤولين والعارضين الإسرائيلين خلال المؤتمر، ظهر تطابق مطالب الدولتين ومحاولات الغريق التي يتمسك بقشة النجاة، واعترف الأمريكان بمدى التعاون والتدريب المشترك خلال (2-3) أعوام؛ ولم يخجل الأمريكان من الامتنان لإسرائيل والإشادة بمدى مساعدتها لأمريكا في هذا المجال. لقد ظهر مدى تغلغل الأنظمة الإسرائيلية في القوات الأمريكية من خلال عقد لتزويد إسرائيل القوات الأمريكية بعدد 14 طائرة بدون طيار طراز Hunter اعترف الأمريكان فعلاً بأنها طارت آلاف الساعات في حرب العراق وبلغ ثمنها حوالي 33 مليون دولار. علاوة على روبوت إسرائيلي ضد القناصة مزود بمحدد اتجاه صوتي؛ علاوة على أجهزة بانورامية متزنة للعمل في العربات، وأجهزة ملاحة رقمية لقوات المارينز، وأجهزة ملاحة لتحديد المحل باستخدام الأقمار الصناعية، ومستشعرات تعمل في 360 درجة تماثل كرة التنس ترمي في الأبنية ومزودة بميكروفونات ترسل الأصوات من داخل المباني لمسافة تسمع في دائرة نصف قطرها 25 متراً.
البيوت والحمير المفخخة
في أحد الاستخدامات البارعة في العراق، أبلغت جماعة عن وجود جماعة إرهابية في أحد البيوت، وأنها تطلق النيران عشوائياً بصورة خطيرة، فتحركت جحافل القوات الأمريكية وعناصر من الحرس الوطني العراقي، وما أن وصلت إلى المنطقة حتى بدأت الاستعدادات لمداهمة المنزل، حيث تأكد فعلاً إطلاق النيران من المنزل، وما أن دخلت مجموعة عراقية إلى المنزل واقتربت عناصر أمريكية لمحاصرته حتى تم تفجير عبوات شديدة الانفجار أطاحت بعشرات من القتلي والجرحي في استخدام مستحدث وذكي، لتواجه القوات الأمريكية نوعاً من التهديد الخفي والخطير.
وعندما بدأ الأمريكان في مراقبة العربات الواقفة على جانبي الطرق آخذين نوعاً من الاهتمام والترقب، فاجأ العراقيون الأمريكان باستخدام نوع جديد من الفخاخ تمثل في الحمير المفخخة التي تمشي هائمة على جانبي الطرق ليتم تفجيرها عن بعد محدثة آثار التدمير نفسه الذي تسببه السيارات المفخخة، في تطبيق حديث يتميز بالعواقب الوخيمة يجعل الطرف الآخر يتوجس خيفة من كل شيء، الأمر الذى يخفض كثيراً من الروح المعنوية. وليس ببعيد أن يتم تفخيخ الأشجار الواقفة على جانبي الطرق ليتم تفجيرها عن بعد للإطاحة بالأرتال المتحركة، ولا شك أن في الجعبة الكثير.
الطائرات بدون طيار على الساحة
لا شك أن الطائرات بدون طيار قد أضافت إلى الساحة بعداً جديداً لتطبيقات واستخدامات أجهزة الإعاقة المرافقة، حيث ظهر على الساحة طائرات بدون طيار UAV تطير لمدة تزيد عن 12 ساعة في مهمة واحدة، وتبلغ حمولتها عشرات الكيلو جرامات، وقد برمجت لاستخدامات كثيرة في مجالات الحرب الإلكترونية للاستطلاع والتصوير الحراري والليزري وتوجيه الأسلحة، بل واستخدمت ذاتها كصواريخ موجهة، وظهر ذلك جلياً في استخدام أمريكا لعدد منها لتدمير وإصابة بعض قادة المقاومة في اليمن، واستخدام إسرائيل لها لإصابة قادة المقاومة في فلسطين؛ وعلى ذلك فإن دورها يتعاظم لمرافقة الدوريات والأرتال المتحركة وحمايتها ببث الإعاقة الإلكترونية لتأمينها ضد القنابل والألغام التي يتم التحكم في تفجيرها عن بعد، ومن هذا المنطلق فليس ببعيد تكليفها بالطيران في دوريات منتظمة فوق بعض المناطق الهامة ليظهر على الساحة استخدام جديد ومبتكر للطائرات الموجهة بدون طيار في مجال التأمين الإلكتروني تقل تكلفته كثيراً إذا ما قورن باستخدام قوات الحراسة التقليدية.
تمثل الحرب الإلكترونية دائماً حلقة متواصلة من الفعل ورد الفعل، إنها مثل الصراع بين القط والفأر، كلما حاول الأول قتل الثاني، جنح الأخير إلى رد فعل للوقاية من الخطر القاتل في تزامن يلزم أن يكون موقوتاً.
إن الإعاقة المرافقة تمثل نوعاً من تدمير وإرباك الاتصالات المعادية من أجل توفير التقنية الأمنية، وفي الوقت الذي تجنح فيه الحرب الإلكترونية إلى تأمين الاتصالات الصديقة المفيدة لأغراض التقنية الأمنية، فإنها على الجانب الآخر تحرم العدو من الاتصالات المفيدة -التي يستخدمها في أعمال التفجير - من أجل توفير التقنية الأمنية للقوات الصديقة، وهذا بحق أحد المبادئ الأساسية الرائعة للحرب الإلكترونية
*