kimo17
27-10-2005, 09:35 AM
الإعــلام المـــقاوم: رؤيــة جــديدة....(د. إبراهيم علوش)
الإعلام المقاوم: رؤية جديدة
عندما تتعرض الشعوب لعدوان من قوى متفوقة عليها تكنولوجياً وعسكرياً ومادياً تستخدم المقاومة عادة أسلوب حرب العصابات، لا الحرب النظامية. وأذكر أني قرأت في إحدى الأدبيات القديمة للمقاومة الفلسطينية عندما كنت صغيراً أن المجموعة المقاتلة النموذجية في حرب العصابات تتألف عادةً من ثلاثةً إلى خمسة مقاتلين، تتوزع أسلحتهم كما يلي: أر بي جي (مضاد للدروع) واحد، ديكتريوف واحد، ومن كلاشنكوف واحد إلى ثلاثة حسب نوع المجموعة وعدد أفرادها.
ولو نظرنا إلى حرب العصابات اليوم لوجدنا أنها ما زالت تقوم على المجموعات الصغيرة والأسلحة الخفيفة، كما نلاحظ من الفلوجة إلى جنين، حيث ما زال الأربي جي والكلاشنكوف والمتفجرات سلاح المقاومين الأساسي... ولكن لوجدنا أن المجموعة المقاتلة النموذجية باتت تحتاج في زمن العولمة، زمن التكنولوجيا عابرة الحدود والإنترنت والفضائيات، بالإضافة إلى الأسلحة الخفيفة والقنابل، إلى سلاح لا يقل أهمية: كاميرة الفيديو...
كاميرا الفيديو لتسجيل وتصوير عمليات المقاومة باتت إذن جزءاً ضرورياً من عتاد المقاومة، لا يقل أهمية عن الأسلحة والمتفجرات. وتوثيق عمليات المقاومة وخسائر العدو بات بحد ذاته عملاً لا يقل أهميةً عن القيام بهذه العمليات وإحداث هذه الخسائر.
وكم من عملية بطولية ضد الطرف الأمريكي-الصهيوني، في العراق أو فلسطين وغيرهما، لم يُستفد منها كما ينبغي سياسياً وإعلامياً لأنها لم توثق كما ينبغي! وهذا ترك الطرف الأمريكي-الصهيوني حراً بالكذب بشأنها، والتغطية عليها، بحكم سيطرته ونفوذه في وسائل الإعلام العالمية والعربية، الرسمية وغير الرسمية!
بالمقابل، تذكرون تأثير مشاهد تفجير آليات العدو في العراق أو في غزة، أو التأثير المعنوي لمشاهد جرائم العدو ضد المدنيين!
المهم، في زمن العولمة والاتصالات السريعة وصناعة الرأي العام على يد الشركات الكبرى متعدية الحدود وعلى يد الطرف الأمريكي-الصهيوني، يترابط العمل المقاوم بالمقاومة الإعلامية أكثر من أي وقتٍ مضى. اليوم، أصبح المقاتل إعلامياً، والإعلامي مقاوماً، بقدر ما تمددت رقعة الميدان وساحة المعركة من الأرض إلى الفضائيات إلى الفضاء الافتراضي على الإنترنت.
والمثال السابق عن دور كاميرا الفيديو في المجموعة المقاتلة لا يجوز أن يأخذ بحرفيته. فالعدو يهاجمنا على عدة صعد، وليس فقط عسكرياً، ولذلك يجب أن نقاوم على عدة صعد، وليس فقط عسكرياً.
... المعركة بيننا وبين العدو تدور على كسب العقول والقلوب، كما تدور على كسب الأرض والنفط والأسواق. وهذا يعني أننا نستطيع جميعاً أن نشترك بالمقاومة حتى عندما يكون التطوع بالعراق وفلسطين غير متاحين.
فعندما نعمم أخبار المقاومة العراقية مثلاً، بالعربية أو بالإنكليزية، نسهم بالمقاومة الإعلامية ونصبح مرآةً حية للمقاومة على الأرض.
وعندما نحاجج وندحض من يشككون بالانتفاضة، أو بالعمليات الاستشهادية، ندعم المقاومين على الأرض ونمنع الطرف الأمريكي-الصهيوني من محاصرتهم سياسياً وإعلامياً.
وعندما نقاوم التطبيع والصهينة والمصطلح التطبيعي، وعندما ندعو لمقاطعة المنتجات الأمريكية، كما يجب أن نفعل دوماً، نمنع العدو من قطف الثمار السياسية لأي نجاح يحرزه على الأرض.
وعندما نرفض الاعتراف بمشروعية الانتخابات في ظل الاحتلال، في العراق أو فلسطين، نخلق أفضل الظروف السياسية والإعلامية لاستمرار المقاومة.
وعندما نرفض الانسياق وراء ما يسمى "التدويل"، أو "الشرعية الدولية"، نمنع ذبح المقاومة سياسياً على مسرح العبث.
اليوم، أيها الأخوة والأخوات، لا ينتصر المقاوم إن لم يكن إعلامياً فعالاً.
والبندقية لا تحتاج لغصن زيتونٍ، كما زعموا، بل لكاميرة فيديو ولموقعٍ على الإنترنت ولفضائية مقاومة...
يضل من يظن أن المعركة يمكن كسبها بالإعلام وحده، أو بالعلاقات العامة، ولكن يضل أيضاً من لا يجعل إلى جانب بندقيته كاميرة فيديو وجهاز حاسوب...
وكما أن حربنا ضد العدو على الأرض ليست حرباً نظامية، بل حرب عصابات تعتمد على المبادرة الشعبية، كذلك لا بد أن تكونَ حربُنا الإعلاميةُ حرباً غيرَ نظامية تعتمد على المبادرة الشعبية، أي تعتمد على كل واحدٍ منا ووسائله البسيطة.
دعونا لا ننتظر من يوزع علينا المهمات كي نعملَ، بل دعونا نبادر إلى المقاومة الإعلامية من خلال القيام بما نملك القيام به مهما بدا صغيراً.
فأهمُ صفةٍ في الإعلام المقاوم اليوم أنه إعلامٌ يقوم به أناسٌ عاديون مثلنا تماماً في مواجهة الاحتكارات الإعلامية الكبرى المنحازة ضد الأمة. فلا تنتظروا أن تُشترى لنا وسيلة إعلامية كي نمارس الإعلام المقاوم، بل علينا أن نخلق مثل هذه الوسيلة بأيدينا حيث استطعنا. وتذكروا، ليس مطلوباً منا أن نصنع الطائرة والدبابة والقمر الصناعي كي ننتصر، بل أن نتعلم كيف نسقط الطائرة وندمر الدبابة ونحاصر القمر الصناعي، بالكثير من الإبداع الشعبي، والكثير من التضحيات...
د. إبراهيم علوش
__________________
الإعلام المقاوم: رؤية جديدة
عندما تتعرض الشعوب لعدوان من قوى متفوقة عليها تكنولوجياً وعسكرياً ومادياً تستخدم المقاومة عادة أسلوب حرب العصابات، لا الحرب النظامية. وأذكر أني قرأت في إحدى الأدبيات القديمة للمقاومة الفلسطينية عندما كنت صغيراً أن المجموعة المقاتلة النموذجية في حرب العصابات تتألف عادةً من ثلاثةً إلى خمسة مقاتلين، تتوزع أسلحتهم كما يلي: أر بي جي (مضاد للدروع) واحد، ديكتريوف واحد، ومن كلاشنكوف واحد إلى ثلاثة حسب نوع المجموعة وعدد أفرادها.
ولو نظرنا إلى حرب العصابات اليوم لوجدنا أنها ما زالت تقوم على المجموعات الصغيرة والأسلحة الخفيفة، كما نلاحظ من الفلوجة إلى جنين، حيث ما زال الأربي جي والكلاشنكوف والمتفجرات سلاح المقاومين الأساسي... ولكن لوجدنا أن المجموعة المقاتلة النموذجية باتت تحتاج في زمن العولمة، زمن التكنولوجيا عابرة الحدود والإنترنت والفضائيات، بالإضافة إلى الأسلحة الخفيفة والقنابل، إلى سلاح لا يقل أهمية: كاميرة الفيديو...
كاميرا الفيديو لتسجيل وتصوير عمليات المقاومة باتت إذن جزءاً ضرورياً من عتاد المقاومة، لا يقل أهمية عن الأسلحة والمتفجرات. وتوثيق عمليات المقاومة وخسائر العدو بات بحد ذاته عملاً لا يقل أهميةً عن القيام بهذه العمليات وإحداث هذه الخسائر.
وكم من عملية بطولية ضد الطرف الأمريكي-الصهيوني، في العراق أو فلسطين وغيرهما، لم يُستفد منها كما ينبغي سياسياً وإعلامياً لأنها لم توثق كما ينبغي! وهذا ترك الطرف الأمريكي-الصهيوني حراً بالكذب بشأنها، والتغطية عليها، بحكم سيطرته ونفوذه في وسائل الإعلام العالمية والعربية، الرسمية وغير الرسمية!
بالمقابل، تذكرون تأثير مشاهد تفجير آليات العدو في العراق أو في غزة، أو التأثير المعنوي لمشاهد جرائم العدو ضد المدنيين!
المهم، في زمن العولمة والاتصالات السريعة وصناعة الرأي العام على يد الشركات الكبرى متعدية الحدود وعلى يد الطرف الأمريكي-الصهيوني، يترابط العمل المقاوم بالمقاومة الإعلامية أكثر من أي وقتٍ مضى. اليوم، أصبح المقاتل إعلامياً، والإعلامي مقاوماً، بقدر ما تمددت رقعة الميدان وساحة المعركة من الأرض إلى الفضائيات إلى الفضاء الافتراضي على الإنترنت.
والمثال السابق عن دور كاميرا الفيديو في المجموعة المقاتلة لا يجوز أن يأخذ بحرفيته. فالعدو يهاجمنا على عدة صعد، وليس فقط عسكرياً، ولذلك يجب أن نقاوم على عدة صعد، وليس فقط عسكرياً.
... المعركة بيننا وبين العدو تدور على كسب العقول والقلوب، كما تدور على كسب الأرض والنفط والأسواق. وهذا يعني أننا نستطيع جميعاً أن نشترك بالمقاومة حتى عندما يكون التطوع بالعراق وفلسطين غير متاحين.
فعندما نعمم أخبار المقاومة العراقية مثلاً، بالعربية أو بالإنكليزية، نسهم بالمقاومة الإعلامية ونصبح مرآةً حية للمقاومة على الأرض.
وعندما نحاجج وندحض من يشككون بالانتفاضة، أو بالعمليات الاستشهادية، ندعم المقاومين على الأرض ونمنع الطرف الأمريكي-الصهيوني من محاصرتهم سياسياً وإعلامياً.
وعندما نقاوم التطبيع والصهينة والمصطلح التطبيعي، وعندما ندعو لمقاطعة المنتجات الأمريكية، كما يجب أن نفعل دوماً، نمنع العدو من قطف الثمار السياسية لأي نجاح يحرزه على الأرض.
وعندما نرفض الاعتراف بمشروعية الانتخابات في ظل الاحتلال، في العراق أو فلسطين، نخلق أفضل الظروف السياسية والإعلامية لاستمرار المقاومة.
وعندما نرفض الانسياق وراء ما يسمى "التدويل"، أو "الشرعية الدولية"، نمنع ذبح المقاومة سياسياً على مسرح العبث.
اليوم، أيها الأخوة والأخوات، لا ينتصر المقاوم إن لم يكن إعلامياً فعالاً.
والبندقية لا تحتاج لغصن زيتونٍ، كما زعموا، بل لكاميرة فيديو ولموقعٍ على الإنترنت ولفضائية مقاومة...
يضل من يظن أن المعركة يمكن كسبها بالإعلام وحده، أو بالعلاقات العامة، ولكن يضل أيضاً من لا يجعل إلى جانب بندقيته كاميرة فيديو وجهاز حاسوب...
وكما أن حربنا ضد العدو على الأرض ليست حرباً نظامية، بل حرب عصابات تعتمد على المبادرة الشعبية، كذلك لا بد أن تكونَ حربُنا الإعلاميةُ حرباً غيرَ نظامية تعتمد على المبادرة الشعبية، أي تعتمد على كل واحدٍ منا ووسائله البسيطة.
دعونا لا ننتظر من يوزع علينا المهمات كي نعملَ، بل دعونا نبادر إلى المقاومة الإعلامية من خلال القيام بما نملك القيام به مهما بدا صغيراً.
فأهمُ صفةٍ في الإعلام المقاوم اليوم أنه إعلامٌ يقوم به أناسٌ عاديون مثلنا تماماً في مواجهة الاحتكارات الإعلامية الكبرى المنحازة ضد الأمة. فلا تنتظروا أن تُشترى لنا وسيلة إعلامية كي نمارس الإعلام المقاوم، بل علينا أن نخلق مثل هذه الوسيلة بأيدينا حيث استطعنا. وتذكروا، ليس مطلوباً منا أن نصنع الطائرة والدبابة والقمر الصناعي كي ننتصر، بل أن نتعلم كيف نسقط الطائرة وندمر الدبابة ونحاصر القمر الصناعي، بالكثير من الإبداع الشعبي، والكثير من التضحيات...
د. إبراهيم علوش
__________________