المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرمادي: مقاومة غير منظورة ومؤشر انسحاب الاحتلال



الفرقاني
24-10-2005, 11:48 PM
الرمادي: مقاومة غير منظورة ومؤشر انسحاب الاحتلال



المركبات العسكرية تتجه ببطء صوب الشارع الرئيسي لمدينة الرمادي جنوباً. فجأة، تنفجر قنبلة منزلية الصنع خارقة إحدى المركبات. ثم يقلب انفجار آخر مركبة ثانية قبل أن تستقر على عجلاتها مجدداً، ويقفز منها جنديان أميركيان والنار تشتعل في ملابسهما، وسرعان ما يبدأ الرصاص ينهمر عليهما، في <<المدينة الأعنف في العراق>>.
ومن موقع مراقبة قريب لقوات المارينز، كان الضابط جيفري روزنر يراقب الجنديين وهما يقتلان في العاشر من تشرين الاول، من دون ان يقدر على القيام بشيء لمساعدتهما. ويقول <<الامر سيئ هنا. تسمع كل هذه الإشاعات. لم نكن نعلم ان الوضع سيكون على هذه الحال>>.
تضيف صحيفة <<نيويورك تايمز>> في وصفها لما يجري في مدينة الرمادي في مقالة بعنوان <<العدو غير المنظور هو الأشد شراسة في مدينة سنية>>، في عددها الصادر أمس، <<هنا في الرمادي، عاصمة منطقة الأنبار، يشن المقاتلون السنة أشرس حرب على القوات الأميركية، التي تقاتل يومياً للحفاظ على تماسكها ضد عدو يبدو كأنه في كل مكان، ولكنه ليس مرئياً في الغالب>>. غير أن <<الثمن كان مرتفعاً: في الأسابيع الستة الأخيرة، قتل 21 أميركياً هنا، أكثر مما قتل في أي مدينة أخرى، وضعف العدد في بغداد، حيث يبلغ عدد السكان 15 ضعفهم هنا>>.
وتضيف الصحيفة <<الرمادي هي مؤشر مهم للبقية الباقية من الوقت قبل انسحاب أميركي>>. وتؤكد أن <<المدينة كانت طويلاً ملاذاً للمتمردين، وهي لم تسقط أبداً بالكامل بأيدي العدو، كما حصل في الفلوجة في تشرين الثاني الماضي>>، و<<بعد أكثر من عامين من اجتياح العراق، تبقى هذه المدينة المأهولة من400 ألف نسمة خارج السيطرة الأميركية. إذ قتل نائب حاكم الأنبار الثلاثاء الماضي، بعد حرق سيارة الحاكم في اليوم السابق. ليس هناك أي قوات شرطة. وقد رفضت شركة هواتف خلوية في بغداد أن توزع أبراجاً لها هنا. ومراكز الأميركيين تقصف بانتظام بالصواريخ والهاون>>. ويقول ضابط العمليات في الكتيبة الثالثة اللواء برادفورد تيبيت: <<لا يمكنك مجرد المشي في الشارع قليلاً من دون أن تتوقع إطلاق النار عليك>>.
وتصف الصحيفة كيف أن غالبية الجنود الأميركيين الذين قتلوا منذ أيلول في الرمادي، قد سقطوا بواسطة القنابل المعدة محليا أو <> (Improvised Explosive Devices)، التي يتم تفجير معظمها عن بعد. وتضيف نقلاً عن جندي عراقي معين في المدينة منذ أيار <<يبدو كأن كل من في المدينة هو قناص>>، <<لا يمكنك الوقوف طويلاً في مكان واحد>>. وتقول <<حين تفرغ الشوارع، يعرف الأميركيون أن ثمة هجوما وشيكا>>. وتصل الصحيفة الى حد تشبيه المارينز في شوارع الرمادي برواد الفضاء في أحد المدارات.
وفي سرد لتقنيات المقاومين في الرمادي ولدعم السكان لهم، يصف أحد الجنرالات الأميركيين حادثة تفتيش في البيوت الممتدة على طول أحد الحواجز الأميركية، حيث سمع رنين الهواتف في بيت تلو الآخر إلى أن رن هاتف المنزل حيث كان التفتيش جارياً، وحين لم يرد صاحب المنزل على الاتصال، توقف رنين الهواتف: لقد وجدهم المقاتلون.
وفي حين تعتبر الصحيفة أن <<الخط الفاصل بين المدنيين والمقاتلين غير واضح في الرمادي>>، تعترف بأن ما يميز هذه المدينة عن غيرها من المدن <<العنيفة>> أن مقاتليها لا يستهدفون المجموعات المدنية الكبيرة، وأن التفجيرات لا تتم قريباً من المنازل، كما أن العمليات الاستشهادية فيها نادرة جدا. ولم يتعرض المقاتلون للمشاريع الأميركية التي تؤمن الخدمات العامة كالكهرباء مثلاً.
ويبقى إقناع السكان بعدم التعاون مع <<المتمردين>>، الحل الوحيد برأي الأميركيين للسيطرة على الوضع في المدينة، هدفاً بعيد المنال برأي الصحيفة. ويرى الأميركيون أن الآلية الأكثر مباشرة في الوقت الحالي تتلخص بتجنيد المزيد من القوات العراقية في الرمادي.

(عن <<نيويورك تايمز>>)