المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شهرُ الصيام



القادم
15-10-2005, 10:37 AM
شهرُ الصيام .. للشهيد عبد الله عزَّام رحمه الله

شهر الصيام والقيام

فيا من رضيتم بالله رباً وبالإسلام ديناً وبسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - نبياً ورسولاً : اعلموا أن الله قد أنزل في محكم التنـزيل بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . بسم الله الرحمن الرحيم :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( البقرة : 183-185 ).
هي كما قال ربُّ العزة ( أياماً معدودات ) بل ساعات محصيات ، فرمضان إمَّا سبعمائة وعشرون ساعة , وإما ستمائة وستة وتسعون ساعة ، وكل دقيقة منه لها ثمن . والسلف رضوان الله عليهم والصحابة كانوا ينتظرون هذه الأيام من العام إلى العام , وقد جاء في الأثر أن الصحابة كانوا يقولون إذا أقبل رجب : " اللهم أعنَّا على رجب وشعبان , وبلغنا رمضان " .

أثر العبادة البدنية والمالية على النفس البشرية

لأن رمضان المحطة السنوية للغسيل الروحي والنفسي والبدني ، وآثاره في الروح وفي النفس البشرية ليست قليلة ، والعبادات ؛ عبادة الروح مختلفة ، وبقدر ما ينال الجسد من آلام في أثناء العبادة بقدر ما يكون انعكاس النور على الروح ، ولذا كان الجهاد ذروة سنام الإسلام لأنه أكثر العبادات مشقة وأعظمها ، وكان أجره أعظم ، وأثره في النفس البشرية أعمق ، ونتيجته في بناء الروح وفي تعميق التوحيد في النفس البشرية عظيم .
ولذا فهنالك عبادات مالية ، ولكن أثرها على النفس أحياناً يقل عن العبادة البدنية ، فالزكاة لها أثر عميق على الروح ؛ أنها تطهرها من الشح .. ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( الحشر : 9 ) .
لكنك لا تستطيع أن تشارك الفقير وتحس بآلامه إلا إذا عشت كما عاش وجعت كما جاع ، فإذا جعت تشعر بأثر التلوي والفاقة على جسدك ، وعندها تنبسط نفسك بالبذل ، وتتطهر نفسك تدريجيا من الشح ، وكذلك الجهاد ، فالجهاد بالمال لا يطهر الروح كما يطهرها الجهاد بالنفس ، ومن هنا لَم يُعْفِ الإسلام أحداً من الصحابة من الجهاد بالنفس مهما كان ماله ، ومهما علت منـزلته ومهما كثرت ثروته ، فكان عثمان - رضي الله عنه - يسمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( مَن يجهز جيش العسرة , وله الجنة ) فيجهز جيش العسرة , ولكنه يكون في مقدمة الركب ، لأن النفس البشرية عندما تتعرض لأهوال الحروب , وتقع تحت فتنة السيوف , تتعرى من الركام , وتتعرض أجهزة استقبالها لتلقي إيحاءات هذا الدين وفهم أسراره وكشف مدخراته .

قيمة رمضان عند الصحابة

ورمضان .. كان السلف - رضوان الله عليهم - يحسبونه بالدقيقة , فكانوا وراء أُبَيِّ بنِ كعبٍ - وقد اتخذه عمر بن الخطاب إماماً للتراويح - كانوا يتخذون العصيّ وراء أُبَيّ لطول القيام ، وكان الصحابة يقولون : كدنا يدركنا السحر وراء أُب‍َيّ , ونخشى طلوع الفجر , فنبتدر الطعام المبارك - كانوا يسمون السحور الطعام المبارك - فيسرع غلماننا حتى لا يفوتنا الطعام المبارك , أي السحور ، ولقد روي عن التابعين ومن بعدهم - من ناحية القرآن والقيام - أن بعضهم كان يختمه ستين ختمة في رمضان ، وقد روي ذلك عن الإمام الشافعي - رحمه الله - أنه كان يختمه في الليل ختمة و[ في ] النهار ختمة ، وبعضهم كان يختمه في كل يوم وليلة ختمة , وبعضهم كان يختمه في كل ثلاثة أيام ختمة , حتى إذا أقبلت العشر الأواخر واعتكف الناس , فإنهم يختمون في كل يوم ختمة .
وختمة القرآن في اليوم سهلة إذا علمنا أن القرآن المرتل إنما يأخذ أربعة وعشرين ساعة أو قريباً منها ، وقراءة الحدر التي هي أسرع من قراءة الترتيل يمكن أن يختم القرآن الكريم فيها في عشر ساعات ، يمكن للقارئ الحافظ أن يختم جزءاً في كل ثلث ساعة , فيختم الثلاثين جزءاً في عشر ساعات ، لقد كان يحدثنا الأستاذ أبو الحسن الندوي ، قال : أدركت مشايخي , وكان بعضُهم لا يتكلم في رمضان ، إنما هي العبادة والقرآن والقيام , وإذا كلمه أحد إنما يعدّ عليه الكلمات , ويضن عليه بالدقائق والثوان .
فرمضان هو الصيام والقيام , ولذا قال - صلى الله عليه وسلم - : ( مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً , غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومَن صام رمضان إيماناً واحتساباً , غفر له ما تقدم من ذنبه ) .
ولذلك كان السلف - رضوان الله عليهم - إذا أقبل رمضان كالإمام مالك وغيره , يعتزل حتى الدرس ، ويقول : إنما رمضان القيام والقرآن , وبعضهم يقول : إنما رمضان القيام والإحسان والقرآن ، الإحسان يعني الصدقات ، ( وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أجودَ الناس , وكان أجود ما يكون في رمضان ) , فكان إذا لاقاه جبريل , تراه كالريح المرسلة .
وقيامكم وصيامكم في أرض الجهاد يتضاعف ، وفي الحديث ( مَن صام يوماً في سبيل الله ) أي في الجهاد , لأن كلمة ( في سبيل الله ) كما يقول ابن حجر في الفتح : إذا أطلقت كلمة في سبيل الله فإنها تعني ، أو المتبادر منها هو الجهاد ، ( مَن صام يوماً في سبيل الله , باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً ) وحديث آخر صحيح : ( مَن صام يوماً في سبيل الله , جعل الله بينه وبين النار خندقاً عرضه كما بين السماء والأرض ) .
وكان صلى الله عليه وسلم يتعجب من إنسان يدرك رمضان ولا يغفر له ، ففي الحديث الذي يجب أن نتلوه بنصه في الحديث الصحيح : ( أتاني جبريل , وقال : يا محمد , مَن أدرك أحدَ والديه , فمات , فدخل النار , فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين ، قال : يا محمد , مَن أدرك شهرَ رمضان , فمات , فلم يغفر له , فأدخل النار , فأبعده الله ، قل : آمين , فقلت : آمين , فقال : ومَن ذكرت عنده , فلم يصلِّ عليك , فمات , فدخل النار , فأبعده الله , قل : آمين ، فقلت : آمين ) .

نصوص في فضائل رمضان

والأحاديث في شهر رمضان وفضله كثيرة , أقرأ عليكم حديثاً أو حديثين : ( إذا كان أول ليلة من شهر رمضان , صفدت الشياطين ومردة الجن , وغلقت أبواب النار , فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة , فلم يغلق منها باب , وينادي منادٍ كلَّ ليلة : يا باغي الخير أقبل , ويا باغي الشر أقصر , ولله عتقاء من النار , وذلك كلَّ ليلة ) ، وحديث يحيى بن زكريا : ( إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن .. ثم قال : وآمركم بالصيام , ومثل ذلك كمثل رجل معه صرة مسك في عصابة - جماع - كلهم يجد ريح المسك , وأن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) ، وحديث آخر : ( رغم أنف رجل ذكرت عنده , فلم يصلِّ عليَّ , ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان , ثم انسلخ قبل أن يغفر له , ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر , فلم يدخلاه الجنة ) .
والكلام يطول في فضائل رمضان , ولكن أنتم عليكم أن تستغلوا هذا الشهر الكريم لغسيل ذنوب العام كله .
وكل عبادة لها آداب .. فالحج .. ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) ( البقرة : من الآية197 ) .
ورمضان ... ( إذا كان يوم صوم أحدكم , فلا يرفث , ولا يفسق , وإن سابه أحد أو شاتمه , فليقل : إني صائم ) .
والجهاد كذلك .. إذا سابه أحد أو شاتمه , فليقل : إني مجاهد ، فالعبادات وقد وضح ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث ، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ( الغزو غزوان : فمن خرج ابتغاء مرضات الله وأطاع الإمام - الأمير - وأنفق الكريمة - ماله - وياسَرَ الشريكَ - أي كان خلقُه طيباً مع إخوانه الذين يجاهد معهم - واجتنب الفساد - القيلَ والقالَ والنميمةَ والمحارمَ ، من الغلول والزنا والعصيان وما إلى ذلك - مَن فعل هذه الخمسة , كان نومه ونبهه أجراً كله ، ومَن خرج رئاء وسمعة , ولَم يطع الإمام , ولَم يجتنب الفساد , لَم يرجع بالكفاف ) أي رجع مأزوراً غير مأجور .
وأما بالنسبة لرمضان ؛ أنه تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وتصفد الشياطين ، فإن هذا واقع فعلاً ، حدثني أحدُ الثقاة الذين كان لهم صلة بالجن ثم تاب بعد ذلك , قال : كنت إذا طلبت من الجن الذين يعملون معي أن ينقلوا لي الأخبار , قالوا : نحن لا نتحرك في رمضان ، قال : فأدركت من جوابهم , وكانوا يظهرون لي أنهم من الجن المؤمن , إذ يصلون معي , ويصومون , وغير ذلك ، فعندما أجابوني أننا لا نتحرك في رمضان , أدركت أنهم من الشياطين أي الجن الكافر , قال : ثم اكتشفت بعد ذلك من خلال التجربة العملية أنهم فعلاً من الجن الكافر , إذ طلبت منهم ذات يوم أن يشفوا بنت عمي أو عمتي , فقالوا : هذه لا تشفى إلا إذا لبست الصليب , فقلتُ لهم : إذاً أنتم من الشياطين ، أنتم من الجن الكافر ، قالوا : نحن من الجن المؤمن ، قال : هذا فراق بيني وبينكم , قالوا : سنؤذيك , قلت : أتحداكم أن تؤذوني , ولقاؤنا هذه الليلة الساعةَ الثانية عشر في المقبرة , أكثرَ الأماكن وحشةً وخوفاً , قال : وفي الساعة الثانية عشر توضأتُ وصليتُ ركعتين , ثُم ذهبت إلى المقبرة ، وليال ثلاث وأنا أتحدى الجن , فلم يستطيعوا أن يقتربوا مني ، فهو فعل مادي , ليس معنوياً ، تصفد الشياطين , أي لا تتحرك بالإفساد بين الناس ، تصفد مردة الجن أي كبار الشياطين ، أما الشياطين الصغيرة , فإنها تبقى تتحرك , ولذلك كان صاحبنا على صلة بمردة الجن , واكتشف هذا من خلال العلم ، من خلال هذا الحديث ، بينما لبّسوا عليه عدة سنوات أنهم من الجن المؤمن ، وهكذا بالنسبة لكثير من الناس ، دخل عليه الجن من طريق الإيمان والصلاة والصيام , ثم بعد ذلك قادوه إلى الكفر والغواية والضلال ، ورأيتُ بعضَهم , وكان من كبار العباد الصالحين ، ثم وجدتهم قد خرجوا من دين الله نهائياً ، وصاروا لا يصلون , ولا يصومون لشدة ما عذبهم الجن ، وقد بدءوا معهم بداية طيبة , فكانوا يظهرون لهم على شكل أياد من نور , فكلما توضأ أخونا , كتبوا بأحرف من نور ، لَم يتم وضوءك , ويبقى في الحمام من طلوع الفجر إلى بعد طلوع الشمس , حتى تضيع عليه الصلاة ، وكلما أراد أن يخرج من الحمام ، امتدت اليد من نور تكتب بأحرف من نور , لَم يتم الوضوء ، وكان الأخ هذا أولاً في أوروبا ، فكانوا يكتبون له بالإنجليزية , ثم عاد إلى البلاد العربية , فبدءوا يكتبون له بالعربية ، وهكذا حتى ترك الصلاة نهائياً .

قيمة رمضان في الجهاد

وأنتم الآن في أرض الثواب يتضاعف , وأقبل رمضان ، ورمضان الفريضة فيه بسبعين ، والنافلة فيه بفريضة ، وأيام الجهاد يومها بألف يوم ( رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل يصام نهارها ويقام ليلها ) ، ( ولأن أرابط يوماً في سبيل الله - يعني لأن أرابط ليلة في رجب أو ليلة في ربيع - أحب إلي من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود ) ، أحاديث صحيحة ، فكيف قيام ليلة القدر في أرض الجهاد والمعركة ، والساعة في أرض المعركة بقيام ستين سنة في الأيام العادية , ( قيام ساعة في الصف للقتال خير من قيام ستين سنة ) , ( ولمقام أحدكم في الصف خير من مقامه في بيته سبعين سنة ) ، ورمضان هو رمضان الجهاد ، فأنا أنصح كل واحد منكم أن لا يفرط بيوم واحد في رمضان .
كنت في قطر أو في الإمارات ، قالوا : " اتصل فيك الإخوة من أمريكا حتى تقضي معهم العشر الأواخر" ، قلت : سبحان الله , أقضي العشر الأواخر في أمريكا , وأترك جلال آباد وقندهار وكابل مشتعلة ، الساعة فيها خير من قيام ستين سنة ، وأذهب وأدخل إلى أمريكا حتى في رمضان ! ولذلك كنت طيلة وجودي - خاصة في السنوات الخمس الأخيرة - أحب أن أقضي كل رمضان خارج بيشاور , ولا أدخل بيشاور إلا مضطراً ، فكنت أقضيها إمَّا في المعسكر , في صدا , أو في جاجي , أو في أي مكان آخر , حتى يكتب لنا رمضان الرباط ، ورمضان الرباط بألف رمضان فيما سواه في غير أرض الرباط .
فيا أيها الإخوة : مَن كان منكم مرتبطاً بعمل في بيشاور , فليجعل جزءاً من أيامه في أرض المعركة إن استطاع ذلك ، وإن استطاع أن يتفلت من العمل ما لَم يكن طبيباً مرتبطاً بمستشفى أو مرتبطاً بعمل ضروري لا يستطيع أن يتركه في رمضان ، لأن هنالك بعض الأعمال كذلك ينتظرها الجهاد وينتظرها العالَم الإسلامي كالإعلام مثلاً ، العالَم الإسلامي متعطش لكل كلمة من أرض الجهاد ، تجدهم يحفظون كل كلمة تأتيهم من أرض الجهاد ، هذه مجلة الجهاد ، ومجلة البنيان المرصوص ، ولهيب المعركة ، هذه لهيب المعركة تصور النسخة خمسين ومائة وتوزع , حتى كل الناس يعرفون ماذا يجري فوق أرض أفغانستان ، لأن العيون كلها ترنو إلى معركة جلال آباد ، وإلى فتح كابل ، والقلوب كلها متوثبة متهيئة لفتح كابل , لتشارك المجاهدين فرحة الانتصار النهائي بإقامة حكم الله في الأرض . ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) ( الروم : 4-5 ) .

برنامج الصائم اليومي

مَن أقام منكم في بيشاور , فليأخذ نفسه ببرنامج يومي :

أولاً : أن لا يسهر في رمضان ؛ لأن رمضان هو القيام والصيام والاستغفار بالأسحار ، فافطروا في بيوتكم على تمر أو ماء ، أو افطروا في المسجد ، واجعلوا في المساجد تمرا وماءً , وهنيئاً لمن فطر الصائم ( مَن فطّر صائماً , فله مثل أجره دون أن ينقص من أجره شيء ) ، ولو على حبة تمر , ولذلك فليتسابق المتسابقون على الأجر العظيم ، كنت في قطر , فقال بعضُ المحسنين : نريد أن نفطر ألف مجاهد طيلة شهر رمضان ، كم يكلف المجاهد في رمضان ؟ قلت له : يكلف ثلاثة ريالات أو دراهم - ريالات قطرية - أي حوالي خمسة عشر روبية ، وإذا به يكتب شيكاً بتسعين ألف ريال قطري ، قال : هذه طعام ألف مجاهد حول جلال أباد ، وأرجو أن تعتني بتوصيلها ، وعندما وصلت بالأمس رنّ جرس التلفون ، وإذا به يقول : هنالك تسعين ألف أخرى تصلك أموالها على الطريق ، أطعمهم رزاً ولحماً كل يوم - ألفي مجاهد - أطعموهم من الرز واللحم خيرة الطعام , مهما كلف الطعام حتى ننال إفطار ألفي صائم في اليوم .
اعملوا لكم برنامجاً وهو سهل ، أن تفطروا في المسجد ، ثم تصلوا بعدها صلاة المغرب ، ثم تعودوا إلى بيوتكم وتأكلون ما قدر الله لكم ، وبعد ذلك تستغفرون وتنتظرون صلاة العشاء ثم تصلون العشاء في المسجد والتراويح ، فإذا انتهت التراويح فعُدْ إلى بيتك , وفي السحور تسحر ، واحرص على هذا كذلك ، لأن السحور طعام مبارك ، كذلك فترة للاستغفار بالأسحار ، فبعد السحور أسرع إلى الوضوء ، وتهجد في آخر الليل ، بضع ركعات , وأكثر من الاتصال برب الأرض والسماوات ، فإن رب العزة ( إذا كان الثلث الأخير من الليل , نزل إلى السماء الدنيا , فيقول : هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مسترحم فأرحمه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ ولا يزال كذلك حتى يطلع الفجر ) ، فاغتنموا هذه الأوقات - أوقات السحر- فالإجابة فيها عادة صائبة موفقة وقريبة من الدعاء . ( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ) ( آل عمران : 17 ) . ( كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ . وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ( الذّاريات : 18 ) .
فإذا جاء وقت الفجر , تذهب إلى المسجد , وتصلي في المسجد , وحاول - ما لَم تكن موظفاً - أن لا تنام الفترة ما بين الفجر وطلوع الشمس ، ( لأن اجلس مع قوم بعد صلاة الغداة يذكرون الله عزَّ وجلَّ - الغداة يعني : الفجر - حتى تطلع الشمس , أحبّ إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ) , ثم بعد ذلك اذهب ونَمْ واسترح إلى أن يأتي وقت دوامك ، ثُم بعد الدوام حتى العصر ، اقضِ أهلك حاجاتهم , وتخففوا , وقللوا من الطعام والشراب والحلويات ، وتذكروا أن حولكم من الأرامل والأطفال والأيتام ما لا يدركون الرز الجاف ، هؤلاء اجعل حلوياتك رزاً أو خبزاً لهم .
ثُم نساؤكم كذلك بحاجة أن تغتسل أرواحهن ، وبحاجة إلى أن يتفرغن لقراءة القرآن والعبادة , فانشغالهن بالطعام إنما هو انشغالهن عن وظائف رمضان ، وعن الاستغفار والقراءة والعبادات ، فإذا صليت العصر ولَم يكن لديك عمل وارتباط آخر , فاعتكف في المسجد حتى غروب الشمس ، وأكبّ على قراءة القرآن ( ولأن أجلس مع قوم يذكرون الله - عزَّ وجلَّ - من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ) . فإذا أذن المغرب , فأفطر , وصلِّ المغربَ , ثُم عُدْ إلى بيتك .

رمضان شهر لفعل الخيرات

إنه برنامج بإمكان كل واحد أن يطبقه ، أو يطبق معظمه إذا كان مقيماً في بيشاور ، ولذلك احرصوا على هذه الأيام ، واحرصوا على هذه الساعات ، وليس في رمضان مجال للقيل والقال ، ولا لسهر على التلفاز ، ولا للجلسات ، لا تزوروا في ليالي رمضان بعضكم بعضاً في بيوتكم ، لأن هذا ممحقة للوقت , كذلك سرقة لوقت رمضان المبارك ، هنالك المساجد التي بإمكانكم أن تلتقوا بها ، وأن تتكلموا بعد صلاة التراويح ، وأي واحد من إخوانكم لك معه حاجة فملتقاكم المسجد ، ومفترقكم من المسجد ، فلا تشغلوا الناس بزياراتكم في ليالي رمضان ، إنما زوروا إخوانكم الذين سطروا بدمائهم أسمى آيات الشرف بتاريخ هذه الأمة ، تفقدوا الذين استشهدوا من إخوانكم العرب أولاً ، فلتزر نساؤكم نساءهم ، وليتعرفن على أحوالهن واكفلوهم ، وإياكم أن تغفلوا عنهم بكثرة أشغالكم , والدنيا كلها أبواب مفتحة لانشغال الإنسان أكثر من وقته ، وزوروا كذلك إخوانكم الجرحى في المستشفيات الذين جاءوا من جلال آباد أو من غيرها - وأكثرهم من جلال آباد - وكذلك في هذا الشهر تقلل على نفسك ، وأعط غيرك من المحتاجين ، وليكن راتبك - إن كنت موظفاً - بين عائلتك وبين الأيتام والفقراء وأسر الشهداء والجرحى ، فإذا كان راتبك خمسمائة دولار مثلاً , فيكفيك في هذا الشهر مائتين وخمسين دولاراً ، ومائتان وخمسون أخرى إنما تنفقها على المحتاجين وأسر الشهداء والأيتام ، ولإطعام المجاهدين في أرض المعركة ، لا كما يفعل الناس في معظم أجزاء العالَم أنهم ينفقون في رمضان ضعف ما ينفقون في الأيام العادية ، وطعام رمضان يتضاعف أضعاف أضعاف الطعام في الأيام العادية - أيام الإفطار - فرمضان كأنه شهر المأكولات والحلويات والقطائف والكنائف والعرائس والكيك وغير ذلك ، والصائم ماذا يأكل ؟ ليت شعري ما يأكل الصائم ؟! إنما هي لقيمات , ولا تستطيع معدته أن تتقبل أكثر من لقيمات بعد بضعة عشرة ساعة من الإمساك والصيام .

عبدُ اللهِ عزَّام رحمه الله تعالى

منقول

صدام العرب
15-10-2005, 10:02 PM
رحمة الله عليك يا معلم المجاهدين

المهند
23-10-2005, 12:52 PM
ندعو الله أن يجزيك خير الجزاء , وأن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتك يوم القيامة