منصور بالله
10-10-2005, 05:34 AM
مصالحة عراقية غير وطنية
2005/10/10
عبد الباري عطوان
المبادرة العربية لتحقيق المصالحة الوطنية محكوم عليها بالفشل منذ اللحظة الاولي لانطلاقتها، لانها ليست عربية في الاساس، ولا تتماشي مع الثوابت العربية في الاساس، اي انها ليست مصالحة وليست وطنية!
فكيف يمكن ان تكون هناك مصالحة بين عراقيين يقاومون الاحتلال بشراسة، وتتعرض مدنهم وقراهم لمجازر امريكية شبه يومية يسقط فيها مئات الشهداء، وبين عراقيين يتعاونون مع الاحتلال ويقاتلون الي جانب قواته، ويوفرون الشرعية لوجوده ومجازره؟!
المبادرة لم تكن عربية، لان فكرتها جاءت بايعاز من الادارة الامريكية، التي تبحث عن عجلة انقاذ من مأزقها الراهن في العراق. فمثلما جري استخدام الجامعة العربية لتوفير الغطاء الشرعي لتدمير العراق عام 1990، واستضافة نصف مليون جندي امريكي علي ارض الجزيرة العربية للقيام بهذه المهمة، جنبا الي جنب مع قوات عربية شكلية، تلجأ الادارة الامريكية للاطراف نفسها، وللجامعة نفسها، لتوفير مخارج لقواتها من حرب الاستنزاف، المالية والبشرية، في العراق.
فليس من قبيل الصدفة ان تكون الحكومة السعودية هي التي دعت القوات الامريكية الي ارض الحرمين، وعبر بوابة الجامعة. وليس من قبيل الصدفة ان تنطلق مبادرة المصالحة العراقية هذه علي لسان سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ومن واشنطن، ويجري الباسها ثوبا عربيا واستخدام الجامعة العربية وامينها العام لانجاز هذا الغرض؟!
العراق جري احتلاله بغطاء من الجامعة العربية ونظامها الرسمي العربي. والقوات الامريكية التي احتلت بغداد انطلقت من اراض عربية، والشيء نفسه يقال عن الطائرات والبوارج التي قصفت المدن العراقية الاخري وقتلت أهلها.
المبادرة العربية هذه يجب ان تفشل، لان الهدف منها اضعاف المقاومة العراقية من خلال تدجينها، وكشف اوراقها، والمساواة بينها وبين المتواطئين مع الاحتلال. مبادرة جاءت لتشريع هذا الاحتلال وكل العملية السياسية التي انبثقت عنه، وقادت الي الدستور الحالي الذي يمزق العراق علي اسس طائفية وعرقية، ويلغي انتماءاته العربية بالكامل.
الحكومات العربية تتباكي علي العراق، ولكنها لا تتحدث بكلمة واحدة عن الاحتلال الامريكي الذي قتل مئة الف عراقي علي الاقل علي ايدي قواته وطائراته !
كنا، وما زلنا، نتمني ان نسمع كلمة واحدة من زعماء النظام الرسمي العربي تدين الاحتلال الامريكي، وتطالب بجلائه عن العراق، ومن زعيمي مصر والمملكة العربية السعودية اللذين يتبنيان المبادرة العربية الحالية في العراق!
فالاحتلال هو سبب كل امراض العراق وعلله الحالية، وهو سبب صعود المد الطائفي البغيض، وهو سبب الفوضي وانعدام الامن، وهو سبب الفساد المستفحل، واي مصالحة يجب ان تتم بعد زوال الاحتلال. وكل الذين مهدوا لغزوه، وشاركوا في التآمر علي ابناء جلدتهم، وباعوا بلادهم للاجنبي بأبخس الاثمان!
العراق يتجه بسرعة نحو اهم خطرين، وهما الحرب الاهلية والتقسيم، والحكومات العربية تتحمل النصيب الاكبر من المسؤولية في هذا الخصوص، لانها اما شاركت في الاحتلال من خلال تسهيله، او صمتت عليه طلبا للسلامة.
والحرب الطائفية التي تطل برأسها في العراق ستمتد حتما الي جيرانه، وبالذات الي الدول التي فتحت قواعدها لانطلاق القوات الامريكية لضرب بغداد. اما التقسيم الفيدرالي فلن تتوقف عرباته عند الحدود العراقية، فمن حفر حفرة لاخيه وقع فيها ان آجلا او عاجلا.
السؤال الذي يطرح نفسه الان، هو حول الخطوة القادمة للنظام العربي. فهل سيعود الي قوقعته متذرعا بالمثل الشعبي بركة يا جامع ، ام انه سيدين الحكومة العراقية، والاحتلال الذي جاء بها، ويعلن مساندته للمقاومة؟
التجارب علمتنا ان لا نعول كثيرا علي هذا النظام العربي وزعمائه، لان هؤلاء ليسوا فاقدي الشرعية فقط، وانما هم فاقدو الحس الوطني والاخلاقي في معظمهم، ولا يستطيعون الاقدام علي اي خطوة، سواء في العراق او غيره، دون الحصول علي ضوء اخضر امريكي.
لا نريد ان تصبح الجامعة العربية واجهة أو عجلة انقاذ للمشروع الامريكي في العراق. فالتدخل الوحيد المطلوب هو لمساندة المقاومة وانهاء الاحتلال، اما غير ذلك فخطيئة اضافية كبري، تضاف الي خطايا الجامعة العربية الاخري الكثيرة.
2005/10/10
عبد الباري عطوان
المبادرة العربية لتحقيق المصالحة الوطنية محكوم عليها بالفشل منذ اللحظة الاولي لانطلاقتها، لانها ليست عربية في الاساس، ولا تتماشي مع الثوابت العربية في الاساس، اي انها ليست مصالحة وليست وطنية!
فكيف يمكن ان تكون هناك مصالحة بين عراقيين يقاومون الاحتلال بشراسة، وتتعرض مدنهم وقراهم لمجازر امريكية شبه يومية يسقط فيها مئات الشهداء، وبين عراقيين يتعاونون مع الاحتلال ويقاتلون الي جانب قواته، ويوفرون الشرعية لوجوده ومجازره؟!
المبادرة لم تكن عربية، لان فكرتها جاءت بايعاز من الادارة الامريكية، التي تبحث عن عجلة انقاذ من مأزقها الراهن في العراق. فمثلما جري استخدام الجامعة العربية لتوفير الغطاء الشرعي لتدمير العراق عام 1990، واستضافة نصف مليون جندي امريكي علي ارض الجزيرة العربية للقيام بهذه المهمة، جنبا الي جنب مع قوات عربية شكلية، تلجأ الادارة الامريكية للاطراف نفسها، وللجامعة نفسها، لتوفير مخارج لقواتها من حرب الاستنزاف، المالية والبشرية، في العراق.
فليس من قبيل الصدفة ان تكون الحكومة السعودية هي التي دعت القوات الامريكية الي ارض الحرمين، وعبر بوابة الجامعة. وليس من قبيل الصدفة ان تنطلق مبادرة المصالحة العراقية هذه علي لسان سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ومن واشنطن، ويجري الباسها ثوبا عربيا واستخدام الجامعة العربية وامينها العام لانجاز هذا الغرض؟!
العراق جري احتلاله بغطاء من الجامعة العربية ونظامها الرسمي العربي. والقوات الامريكية التي احتلت بغداد انطلقت من اراض عربية، والشيء نفسه يقال عن الطائرات والبوارج التي قصفت المدن العراقية الاخري وقتلت أهلها.
المبادرة العربية هذه يجب ان تفشل، لان الهدف منها اضعاف المقاومة العراقية من خلال تدجينها، وكشف اوراقها، والمساواة بينها وبين المتواطئين مع الاحتلال. مبادرة جاءت لتشريع هذا الاحتلال وكل العملية السياسية التي انبثقت عنه، وقادت الي الدستور الحالي الذي يمزق العراق علي اسس طائفية وعرقية، ويلغي انتماءاته العربية بالكامل.
الحكومات العربية تتباكي علي العراق، ولكنها لا تتحدث بكلمة واحدة عن الاحتلال الامريكي الذي قتل مئة الف عراقي علي الاقل علي ايدي قواته وطائراته !
كنا، وما زلنا، نتمني ان نسمع كلمة واحدة من زعماء النظام الرسمي العربي تدين الاحتلال الامريكي، وتطالب بجلائه عن العراق، ومن زعيمي مصر والمملكة العربية السعودية اللذين يتبنيان المبادرة العربية الحالية في العراق!
فالاحتلال هو سبب كل امراض العراق وعلله الحالية، وهو سبب صعود المد الطائفي البغيض، وهو سبب الفوضي وانعدام الامن، وهو سبب الفساد المستفحل، واي مصالحة يجب ان تتم بعد زوال الاحتلال. وكل الذين مهدوا لغزوه، وشاركوا في التآمر علي ابناء جلدتهم، وباعوا بلادهم للاجنبي بأبخس الاثمان!
العراق يتجه بسرعة نحو اهم خطرين، وهما الحرب الاهلية والتقسيم، والحكومات العربية تتحمل النصيب الاكبر من المسؤولية في هذا الخصوص، لانها اما شاركت في الاحتلال من خلال تسهيله، او صمتت عليه طلبا للسلامة.
والحرب الطائفية التي تطل برأسها في العراق ستمتد حتما الي جيرانه، وبالذات الي الدول التي فتحت قواعدها لانطلاق القوات الامريكية لضرب بغداد. اما التقسيم الفيدرالي فلن تتوقف عرباته عند الحدود العراقية، فمن حفر حفرة لاخيه وقع فيها ان آجلا او عاجلا.
السؤال الذي يطرح نفسه الان، هو حول الخطوة القادمة للنظام العربي. فهل سيعود الي قوقعته متذرعا بالمثل الشعبي بركة يا جامع ، ام انه سيدين الحكومة العراقية، والاحتلال الذي جاء بها، ويعلن مساندته للمقاومة؟
التجارب علمتنا ان لا نعول كثيرا علي هذا النظام العربي وزعمائه، لان هؤلاء ليسوا فاقدي الشرعية فقط، وانما هم فاقدو الحس الوطني والاخلاقي في معظمهم، ولا يستطيعون الاقدام علي اي خطوة، سواء في العراق او غيره، دون الحصول علي ضوء اخضر امريكي.
لا نريد ان تصبح الجامعة العربية واجهة أو عجلة انقاذ للمشروع الامريكي في العراق. فالتدخل الوحيد المطلوب هو لمساندة المقاومة وانهاء الاحتلال، اما غير ذلك فخطيئة اضافية كبري، تضاف الي خطايا الجامعة العربية الاخري الكثيرة.