صدام77
10-06-2004, 10:44 PM
نسمع يوميا في الإذاعات ونقرأ في الصحف عن آثار القصف والدمار الذي يخلفه الجيش الأمريكي عند ضربه لمنطقة عراقية أو لمدنيين. أشلاء تتساقط وجثث تتمزق وحالة من الفوضى تعتري المنطقة وسيارات اسعاف تنقل المصابين والموتى. هذه هي الصورة اليومية التي تنقل لنا من أرض العراق. لكن من النادر أن نسمع ما يحدث بين صفوف الجيش الأمريكي وما يحصل للجنود الأمريكان.
وهنا ننقل قصة يرويها الصحفي امريكي دكستر فلكنز مراسل صحيفة النيويورك تايمز ببغداد عن ما رآه من حالة ذعر مر بها الجنود الأمريكان، واصفا أشكال الفوضى التي حدثت أثناء قصف العراقيين لهم.
يقول فلكنز أطلق اشخاص مجهولون قذائف صاروخية من منزل مكون من عشرة طوابق باتجاه مركز للشرطة العراقية، ووقعت أحد القذائف على موقع تحرسه جندية أمريكية، وهنا يبدأ السيناريو الذي يتكرر يومياً. تسقط الجندية من سطح المبنى وتعيش حالة خوف وذعر كباقي زملائها الـ4700 في المنطقة. وتبدأ حالة فوضى في المنطقة كل يجري باتجاه معاكس وطلقات رصاص متناثرة هنا وهناك.
وبعد الهجوم الصاروخي دخل الجنود الأمريكان والمواطنون العراقيون مرحلة التعقيد المعهودة وهي المرحلة التي يفقد الأمريكان فيها التركيز في من هو المذنب ومن البريء. وفي هذه الأثناء يقول فلكنز أن الجنود الأمريكان حملوا زميلتهم والقلق والإضطراب واضح على وجوههم وهم يمشون بسرعة وبعصبية، والجندية تصرخ وتئن ملطخة بدمائها تصارع الموت.
يقول فلكنز "كانوا الجنود يوصون زميلتهم وهم يضعونها على سيارة الهمر بأن تتماسك وتصبر فسيصلون بعد 10 دقائق ". وهنا تجمهر العراقيون بفضول حول الهمر وعندها أشهر الجنود الأمريكان بنادقهم وكشرو عن أنيابهم وتحركت الهمر ببطء.
بنظرة محايدة يرى فلكنز أنه يبدو أن الصاروخ لم يكن يستهدف الأمريكان، ذلك لأن المبنى الذي أطلق منه الصاروخ لم يكن بعيداً عن المنطقة الخضراء التي بها مجمع سكني أمريكي على شط نهر دجلة الواقع تحت حراسة أمريكية مشددة. وأضاف قائلاً "فلو أرادوا الأمريكان لكان وجهوا الصاروخ إلى المجمع بدلاً من مركز الشرطة".
أطلقت القذائف باتجاهات عشوائية حيث ضرب الأول مخزن للماء واقع على سطح مركز الشرطة، وهو المكان الذي كانت تحرسه الجندية الأمريكية. والثاني وقع في النهر بالقرب من المجمع السكني وإثنان آخران انطلقا نحو اتجاهات غير معروفة في مدينة بغداد ولم يعرف أين وقعتا.
يقول فلكنز أنه بعد أن انتهى الهجوم وجد رجال الشرطة العراقية حامل القاذفات الذي صنع يدوياً ملقى في الطابق الخامس بالقرب من مصعد في المبنى المقذوف منه. اسطوانة معدنية مشبكة في أسلاك مثبتة على إطار فولاذي.
وتوقع رجال الشرطة الأمريكية أن الصواريخ جلبت من منطقة "مرمى" للأسلحة والتي تنتشر في العراق بدون أية حراسة أو مراقبة. يقول فلكنز "ما يؤرق الأمريكان ويزعجهم هو اكتشافهم أن بعض الأسلحة الخطيرة التي تستخدم لقتلهم لا تكلف سوى بضع دولارات".
الخوف يغيب كل الشهود
قالت نافرا نيسان أحدى النساء الاتي يسكن في المبنى الذي قذت منه الصواريخ، لفلكنز أنهم مدهوشون مما حصل وما انطلق من مبناهم. تقول نافرا "كلنا مستغربون كيف حدث ذلك ولم يشعر به أحد".
يقول فلكنز إن ردة فعل نافرا هي الردة الفعل الطبيعية التي يجدها امريكيون كل مرة بعد أي هجوم عليهم. كلهم لا يعرون شيئاً أو يعرفون ولكن لا يريدون أن يتكلموا. تقول الخنساء وهي سيدة أخرى تسكن نفس المبنى أنها لو رأت شيئاً مريباً قبل الحادثة لبلغت عنه، ولكنها لم ترى شيئاً. وتضيف الخنساء "هذه منطقة سكنية وليست أرض معركة يجب ألا يقاتلوا هنا".
يعتقد فلكنز أن الشرطة العراقية تعطي مصداقية لمفهوم "لا نعلم" المنتشرة في العراق، ولكن هذه المنطقة بالذات يمكن أن نعرف سبب إعطاء الشرطة المصداقية لأهلها.
يروي فلكنز أن المنطقة وهي منطقة "باتاوين" لم تعرف أي نزاع أو مشاكل منذ مشهد سقوط تمثال صدام حسين الشهير الذي حدث في المنطقة يوم أن استولت القوات الأمريكية على بغداد، وتعتبر منطقة باتاوين منطقة مستقرة بها خليط من الأعراق والأديان ولكن يغلب على سكانها الديانة المسيحية.
يقول فلكنز "من المهم معرفته أن هذه المدينة قد تغيرت على مدى الـ 15 شهر الماضية منذ وصول الأمريكان إليها. فالذين كانوا قد رحبو بالأمريكان لحظة سقوط صدام حسين يخرون اليوم مشجعين ومباركين عندما يسقط جندي أمريكي".
اختيار وقت الهجوم
قالو رجال الشرطة لفلكنز أن المقاتلين يخبئون هذه المعدات في مخزون ماء يوضع "للمكفيات الصحراوية" المنشرة في العراق، وفي هذه الحادثة اعد المقاتلون قاذفاتهم، وجهزو توقيتهم وفروا هاربين لتقذف الصورايخ بعد مدة معينة.
يعتقد رجال الشرطة العراقية أن المقاتلين وضعوا القاذفات واعدوها فترة الظهيرة التي يكون فيها أغلب العراقيين في فترة قيلولتهم. يروي حامد عبدالله لفلكنز عن تلك الحادثة أنهم كانو نائمين لحظة الانفجارات، ويضيف قائلاً "عندما سمعنا دوي الانفجارات أغلقنا أبوابنا وتجمعنا في غرفة امامية وتوقعنا أنه هجوم علينا".
يقول فلكنز لو تأملنا الموقف لوجدنا أنهم فعلاً كانو تحت هجوم ضارس، فعندما أطلقت الصواريخ بدأ بعض رجال الشرطة وبعض الجنود الأمريكان بغطلاق نار عشوائي على البمنى المنطلقة منه الصواريخ حتى أن شقة حامد تكاد لا تخلو من آثار الرصاص عليها. في الطابق الخامس الذي أطلقت منه الصواريخ بدت الشقق فيها مليئة بالثقوب والدمار، وما زاد الوضع سوءاً أن أحداً ما رمى بقنبلة مسيلة للدموع مما ملأ المكان بدخان كثيف.
منظر المعركة من شرفة المبنى
يروي إبراهيم عبدالله لفلكنز أنه كان جالساً في شرفة شقته عندما أطلقت الصواريخ، ورأى الجندية تسقط من على سطح المبنى وتجمع زملائها عليها. يقول إبراهيم لفلكنز "بعد إطلاق الصواريخ بدقائق جاءت مروحية من طراز بلاك هوك وبها صليب كبير وواضح على جاننبيها وبدأت تبحث عن مكان للهبوط، بعدها أطلق شرطي عراقي الرصاص فوق رؤوس الجمهور حتى يفسحو الطريق، ولكن هذا التصرف جعل المروحية تبعد عن موقع الحدث حتى اختفت خلف البنيان، والجنود الأمريكان يصرخون عليها بأن تعود".
وصلت الجندية الأمريكية إلى المستشفى برفقة زملائها ومعهم فلكنز، وطلع التقرير الطبي بعد فترة بأن الجندية فقدت ذراعها الأيمن وبها جروح عميقة في ساقها، وعندها يقول فلكنز أنه عاد الذعر والخوف على الجنود بهذا الخبر.
الاهتمام بجندية واحدة وإهمال مئات العراقيين
في خضم هذا الإهتمام بالجندية الأمريكية يقول فلكنز أنهم نسو أمراً مهما جداً لا يمكن أن إغفاله وهو مصير الضحايا العراقيين وكم منهم مات وكم أصيب.
يقول فلكنز"بعد أن استقرت الأمور أمر الضابط المسئول عن مركز الشرطة عايد سليمان جنوده بأن يعودو إلى مواقعهم، وعلامات التعب والإجهاد والحزن تبدو على وجهه بسبب فقدانه الكثير من رفاقه الذين لا يذكرهم أحد".
سأل فلكنز سليمان عن مستقبل بلاده، وكانت إجابته مليئة بالحزن تدل على أن المستقبل غامض.
يقول سليمان بسخرية تشوبها المرارة "أعتقد أن العراق يحتاج إلى 10 سنوات ليعم السلام فيها، ذلك لأنه لن يبقى عراقي على قيد الحياة مع هذه المعارك".
وهنا ننقل قصة يرويها الصحفي امريكي دكستر فلكنز مراسل صحيفة النيويورك تايمز ببغداد عن ما رآه من حالة ذعر مر بها الجنود الأمريكان، واصفا أشكال الفوضى التي حدثت أثناء قصف العراقيين لهم.
يقول فلكنز أطلق اشخاص مجهولون قذائف صاروخية من منزل مكون من عشرة طوابق باتجاه مركز للشرطة العراقية، ووقعت أحد القذائف على موقع تحرسه جندية أمريكية، وهنا يبدأ السيناريو الذي يتكرر يومياً. تسقط الجندية من سطح المبنى وتعيش حالة خوف وذعر كباقي زملائها الـ4700 في المنطقة. وتبدأ حالة فوضى في المنطقة كل يجري باتجاه معاكس وطلقات رصاص متناثرة هنا وهناك.
وبعد الهجوم الصاروخي دخل الجنود الأمريكان والمواطنون العراقيون مرحلة التعقيد المعهودة وهي المرحلة التي يفقد الأمريكان فيها التركيز في من هو المذنب ومن البريء. وفي هذه الأثناء يقول فلكنز أن الجنود الأمريكان حملوا زميلتهم والقلق والإضطراب واضح على وجوههم وهم يمشون بسرعة وبعصبية، والجندية تصرخ وتئن ملطخة بدمائها تصارع الموت.
يقول فلكنز "كانوا الجنود يوصون زميلتهم وهم يضعونها على سيارة الهمر بأن تتماسك وتصبر فسيصلون بعد 10 دقائق ". وهنا تجمهر العراقيون بفضول حول الهمر وعندها أشهر الجنود الأمريكان بنادقهم وكشرو عن أنيابهم وتحركت الهمر ببطء.
بنظرة محايدة يرى فلكنز أنه يبدو أن الصاروخ لم يكن يستهدف الأمريكان، ذلك لأن المبنى الذي أطلق منه الصاروخ لم يكن بعيداً عن المنطقة الخضراء التي بها مجمع سكني أمريكي على شط نهر دجلة الواقع تحت حراسة أمريكية مشددة. وأضاف قائلاً "فلو أرادوا الأمريكان لكان وجهوا الصاروخ إلى المجمع بدلاً من مركز الشرطة".
أطلقت القذائف باتجاهات عشوائية حيث ضرب الأول مخزن للماء واقع على سطح مركز الشرطة، وهو المكان الذي كانت تحرسه الجندية الأمريكية. والثاني وقع في النهر بالقرب من المجمع السكني وإثنان آخران انطلقا نحو اتجاهات غير معروفة في مدينة بغداد ولم يعرف أين وقعتا.
يقول فلكنز أنه بعد أن انتهى الهجوم وجد رجال الشرطة العراقية حامل القاذفات الذي صنع يدوياً ملقى في الطابق الخامس بالقرب من مصعد في المبنى المقذوف منه. اسطوانة معدنية مشبكة في أسلاك مثبتة على إطار فولاذي.
وتوقع رجال الشرطة الأمريكية أن الصواريخ جلبت من منطقة "مرمى" للأسلحة والتي تنتشر في العراق بدون أية حراسة أو مراقبة. يقول فلكنز "ما يؤرق الأمريكان ويزعجهم هو اكتشافهم أن بعض الأسلحة الخطيرة التي تستخدم لقتلهم لا تكلف سوى بضع دولارات".
الخوف يغيب كل الشهود
قالت نافرا نيسان أحدى النساء الاتي يسكن في المبنى الذي قذت منه الصواريخ، لفلكنز أنهم مدهوشون مما حصل وما انطلق من مبناهم. تقول نافرا "كلنا مستغربون كيف حدث ذلك ولم يشعر به أحد".
يقول فلكنز إن ردة فعل نافرا هي الردة الفعل الطبيعية التي يجدها امريكيون كل مرة بعد أي هجوم عليهم. كلهم لا يعرون شيئاً أو يعرفون ولكن لا يريدون أن يتكلموا. تقول الخنساء وهي سيدة أخرى تسكن نفس المبنى أنها لو رأت شيئاً مريباً قبل الحادثة لبلغت عنه، ولكنها لم ترى شيئاً. وتضيف الخنساء "هذه منطقة سكنية وليست أرض معركة يجب ألا يقاتلوا هنا".
يعتقد فلكنز أن الشرطة العراقية تعطي مصداقية لمفهوم "لا نعلم" المنتشرة في العراق، ولكن هذه المنطقة بالذات يمكن أن نعرف سبب إعطاء الشرطة المصداقية لأهلها.
يروي فلكنز أن المنطقة وهي منطقة "باتاوين" لم تعرف أي نزاع أو مشاكل منذ مشهد سقوط تمثال صدام حسين الشهير الذي حدث في المنطقة يوم أن استولت القوات الأمريكية على بغداد، وتعتبر منطقة باتاوين منطقة مستقرة بها خليط من الأعراق والأديان ولكن يغلب على سكانها الديانة المسيحية.
يقول فلكنز "من المهم معرفته أن هذه المدينة قد تغيرت على مدى الـ 15 شهر الماضية منذ وصول الأمريكان إليها. فالذين كانوا قد رحبو بالأمريكان لحظة سقوط صدام حسين يخرون اليوم مشجعين ومباركين عندما يسقط جندي أمريكي".
اختيار وقت الهجوم
قالو رجال الشرطة لفلكنز أن المقاتلين يخبئون هذه المعدات في مخزون ماء يوضع "للمكفيات الصحراوية" المنشرة في العراق، وفي هذه الحادثة اعد المقاتلون قاذفاتهم، وجهزو توقيتهم وفروا هاربين لتقذف الصورايخ بعد مدة معينة.
يعتقد رجال الشرطة العراقية أن المقاتلين وضعوا القاذفات واعدوها فترة الظهيرة التي يكون فيها أغلب العراقيين في فترة قيلولتهم. يروي حامد عبدالله لفلكنز عن تلك الحادثة أنهم كانو نائمين لحظة الانفجارات، ويضيف قائلاً "عندما سمعنا دوي الانفجارات أغلقنا أبوابنا وتجمعنا في غرفة امامية وتوقعنا أنه هجوم علينا".
يقول فلكنز لو تأملنا الموقف لوجدنا أنهم فعلاً كانو تحت هجوم ضارس، فعندما أطلقت الصواريخ بدأ بعض رجال الشرطة وبعض الجنود الأمريكان بغطلاق نار عشوائي على البمنى المنطلقة منه الصواريخ حتى أن شقة حامد تكاد لا تخلو من آثار الرصاص عليها. في الطابق الخامس الذي أطلقت منه الصواريخ بدت الشقق فيها مليئة بالثقوب والدمار، وما زاد الوضع سوءاً أن أحداً ما رمى بقنبلة مسيلة للدموع مما ملأ المكان بدخان كثيف.
منظر المعركة من شرفة المبنى
يروي إبراهيم عبدالله لفلكنز أنه كان جالساً في شرفة شقته عندما أطلقت الصواريخ، ورأى الجندية تسقط من على سطح المبنى وتجمع زملائها عليها. يقول إبراهيم لفلكنز "بعد إطلاق الصواريخ بدقائق جاءت مروحية من طراز بلاك هوك وبها صليب كبير وواضح على جاننبيها وبدأت تبحث عن مكان للهبوط، بعدها أطلق شرطي عراقي الرصاص فوق رؤوس الجمهور حتى يفسحو الطريق، ولكن هذا التصرف جعل المروحية تبعد عن موقع الحدث حتى اختفت خلف البنيان، والجنود الأمريكان يصرخون عليها بأن تعود".
وصلت الجندية الأمريكية إلى المستشفى برفقة زملائها ومعهم فلكنز، وطلع التقرير الطبي بعد فترة بأن الجندية فقدت ذراعها الأيمن وبها جروح عميقة في ساقها، وعندها يقول فلكنز أنه عاد الذعر والخوف على الجنود بهذا الخبر.
الاهتمام بجندية واحدة وإهمال مئات العراقيين
في خضم هذا الإهتمام بالجندية الأمريكية يقول فلكنز أنهم نسو أمراً مهما جداً لا يمكن أن إغفاله وهو مصير الضحايا العراقيين وكم منهم مات وكم أصيب.
يقول فلكنز"بعد أن استقرت الأمور أمر الضابط المسئول عن مركز الشرطة عايد سليمان جنوده بأن يعودو إلى مواقعهم، وعلامات التعب والإجهاد والحزن تبدو على وجهه بسبب فقدانه الكثير من رفاقه الذين لا يذكرهم أحد".
سأل فلكنز سليمان عن مستقبل بلاده، وكانت إجابته مليئة بالحزن تدل على أن المستقبل غامض.
يقول سليمان بسخرية تشوبها المرارة "أعتقد أن العراق يحتاج إلى 10 سنوات ليعم السلام فيها، ذلك لأنه لن يبقى عراقي على قيد الحياة مع هذه المعارك".