منصور بالله
26-09-2005, 02:52 PM
تصريحات سعود الفيصل! هل بدأت براقش تعي ما جنته، أم شيء آخر!
د نوري المرادي
لو كنت صادقا يا سعود، كفـّر عن خطيئتك!
إيران تشعل فتيل قنبلة،،،، مشدودة إلى خاصرتها!
خرج الأمير سعود الفيصل من زيارة لبوش، ثم وفي مبنى البيت الأبيض، وعلى ساحة حديقته المعهودة، أطلق تصريحا نبه فيه إلى التفتيت المحتوم للعراق إذا ما واصلت إدارة الإحتلال الأمريكي نهجها الحالي. بل قد قال، كما أوردته البيان الإماراتية، أن: (( العراق ينزلق تدريجياً نحو التفكُّك، ولا توجد الآن أي قوة مؤثرة تعمل على تماسك البلاد، كل القوى المحركة تدفع الشعب العراقي إلى التفكُّك، وهذا سيجرّ دول المنطقة إلى صراع. والانقسام السُنِّي ـ الشيعي لم يعلن في عهد الرئيس العراقي صدام حسين، وهو سُنِّي لكنه ظهر عندما قامت سلطة الاحتلال الأمريكي التي أعقبت الحرب بحل الجيش العراقي ومنعت أعضاء حزب البعث من تولي الوظائف والمناصب القيادية))
وقد صدق سعود فيما يخص تقييمه للرئيس صدام حسين. وصدق أن العراق، يبدو ظاهريا ينزلق إلى التفكيك، لكن سعود، كذب أشد الكذب في بقية التصريح.
فأين هذا الكذب؟!
وللتذكير فقط، فإبن عم سعود، بندر بن سلطان دفع ما قيل وقتها أنه 150 مليون دولار رشاو شخصية للكثير من مفاتيح السياسية الأمريكية والعربية ليقنعها بالمشاركة في العدوان الثلاثيني عام بمطلع التسعينات. ويقال أن من بين المرتشين مباشرة منه، ومن حكومة الكويت، وقتها سكرتير الجامعة العربية عصمت عبد المجيد. وإذ لا نأخذ بالأقاويل، فالثابت أن الراحل الملك فهد تألم كثيرا حين إكتشف أن سفيره في واشنطن وغبن أخيه بندر خدعه، وأن كل ما قدمه من معلومات عن العراق إنما كان مفبركا أو مدسوسا من قبله شخصيا. وأهم المفبرك هو التقرير الذي أعده للملك عن نية العراق غزو السعودية بعد الكويت، والذي دفع بالملك لطلب عون(!!) القوات الأمريكية وجعل بلاده منطلقا للعدوان الثلاثيني. وحين عرف الملك الحقيقة طرد بندر من مهام عمله.
والمثل يقول أن ((لا البغي تتوب ولا الماء يروب)). وبندر، وسيرا على طبعه، فقد أعلن بأن الأزمة العراقية كانت ستنتهي مباشرة، ويغلق أي إحتمال للعمليات التحريبية!! ضد القوات الأمريكية لو أبقت القوات الأمريكية على الجيش العراقي وعوضا قدمت رشاو بمقدار 200 مليون دولار لقياداته.
وربما حسب الأمير بندر هذه الرشاو، بناءً على جدول خاص عنده.
أما الأمير سعود الفيصل فكان هو الآخر من أشد المخططين والمنفذين لمشروع الغزو. وبعد إحتلال بغداد كان من أشد النشطين لدعم القوات الأمريكية. ومن بين نشاطاته المعهودة بعد الغزو تصريحه إلى جريدة أمريكية بأن الأزمة العراقية ستحل آنيا لو قتل أو نفي مقتدى. وقد رد عليه الكادر وقتها برسالة عبر الإنترنيت*. وتلا هذا التصريح للجريدة الأمريكية نشاط محموم من قبله بعقد المؤتمرات والملتقيات لتثبيت الإحتلال منها مثلا، مؤتمر عقد في برلين وآخر في عمان وثالث في شرم الشيخ، وسافر سعود إلى أمريكا وبريطانيا مرارا عن القضية العراقية، مثلما أشرفت الخارجية السعودية أو رعت ما لا يقل عن سبعة اجتماعات معلنة لدول الجوار العراقي. ولرب ما خفي كان أكثر. وبعد كل اجتماع أو زيارة، يخرج الأمير سعود الفيصل طافح البشر والآمال قانعا بأن ما اتفق عليه سيكون الحل الناجع للقضية العراقية، وأن العملية السلمية فيه ستكون بألف خير. وسعود الفيصل هذا، فهو حصرا أشد من ساند ما يسمى بالمعارضة العراقية التي كانت تدعو علنا لإحتلال العراق وتقسيمه بينها لإقطاعيات ودويلات. وسعود الفيصل حصرا هو الذي دفع لوضع كل مستشفيات شمال السعودية ومعسكراتها تحت تصرف الأمريكان أبان الغزو.
وحين إفترضت أمريكا أن العراق صار ملكا عضوضا لها، كان أول تصريح للخارجية الأمريكية وعلى لسان كولن باول، هو: ((على السعودية أن تأخذ منذ الآن بالحسبان بأننا صرنا جيرانها الشماليين)) وهذا التصريح التحذير الشديد اللهجة في عالم الدبلوماسية، ليس لم يتعظ منه وزير خارجية السعودية سعود الفيصل وحسب، بل كانت السعودية أو من تبرع بنجدة الأمريكان منذ أن بدأت بوادر سيطرة فتيان المقاومة العراقية على ساحة الميدان. حين أعادت تفويض القوات الأمريكية بالتصرف بمعسكرات ومستشفيات شمال السعودية، وسدت ما تسببت ضربات المقاومة الوطنية العراقية من نقص في تصدير النفط العراقي وأعارت بعض الخزانات النفطية لشركات أمريكية لتهريب النفط العراقي بالشاحنات وبيعه بأرخص الأسعار.
هذا مع ملاحظة أن كولن باول هذا المتأس الآخر الآن العاظ على أصابعه ندما على غزو العراق، قد كان رجل السعودية الأول في الإدارة الأمريكية. أو على الأقل هذا ما كانت تفترضه السعودية لكثرة ما دعمته ماديا ومعنويا وعبر سعود الفيصل ذاته.
وليس من مبرر لكثير توضيحات عن موقف الأمير سعود الفيصل تجاه العراق والقضايا العربية ككل. بل أكاد أجزم أن جهازين سعوديين لا يربطهما رابط لا بملك السعودية ولا بحكومتها. وهما، العلاقات (وزارة) الخارجية، وأمن الدولة. ولن أعترض على من يفترض أن الجهاز المشرف على أو الموجه لإستثمار ثروات العائلة المالكة، هو الآخر خارج سيطرة مؤسسة الحكم الرسمية السعودية.
ولا غرابة.
فقوانين العولمة، أو قلها تعليمات الحكومة السرية التي أسسها دزرائيلي، إستحدثت أمرا في السياسة الدولية، وهو أن تستحوذ هي أو أحد أذرعها على جهاز ما من أجهزة الدولة المستهدفة، وتترك حرية وإن محدودة لبقية الأجهزة. على سبيل المثال، فالجيشين الباكستاني والتركي بيد الماسونية العالمية. لذا مهما تحدثت المعارضة في هذين البلدين ومهما إنتقدت، فالأمر مسيطر عليه، وإن إقتضى الأمر فإنقلاب عسكري سريع سينهي الأزمة. ومثل هذا، أن ما لايقل عن ثلاثة جيوش عربية قرارها بيد اليمين الأمريكي، وجيش رابع قراره بيد الموساد، ،، وهكذا. ولولا هذه حال، لكان الإتعاظ من التجارب سيد الموقف ولفرض على الأمير سعود الفيصل إتخاذ موقف حازم منذ أن قلب كولن باول ظهر المجن للسعودية وهددها بذلك الشكل الصريح أعلاه.
ولربما يتذكر المتابع برنامج الإتجاه المعاكس الذي تناول مؤتمر شرم الشيخ في نهاية العام 2004 الذي رعته بالكامل العربية السعودية ومصر. ووقتها ورد في البرنامج ما نصه: (( إن السعودية ودول الجوار، تتعاون كبراقش على العراق وتقدمه قربانا لحضوة،، السعوديون لم يفكروا حين دعموا مشروع الغزو أنه يستهدفهم،، ومقومات مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تندفع السعودية الآن إندفاع براقش بالترويج له والتهيئة، يحتوي تفتيت المنطقة ومنها السعودية إلى دويلات، ويحتوي أيضا تغيير النظام في السعودية، أي إسقاط العائلة المالكة)).
كان على الأمير سعود الفيصل وجهاز العلاقات الخارجية السعودية، الإتعاظ والإنقلاب على السياسة الأمريكية، ما بالك وأهم نيطين من نياط القلب الأمريكي – النفط والمال، وبعد غزو العراق بيد السعودية.
على أية حال!
لو كان للأمير سعود الفيصل صادقا في همومه على العراق أو وطنه السعودية المهددة بالتفكك هي الأخرى، فلكفاه تصريح بسيط من قبيل: ((لا نية للسعودية بزيادة إنتاج النفط هذه الأيام.)) ليقلب الطاولة على الحكومة الأمريكية المتهالكة، ولتشتمل اسمه قائمة العظماء في التاريخ أيضا.
لكنه لا ولن يجرؤ. وقناعاته أصلا لن تستجيب ولو شاء.
والمرء يناصر والده بالعاطفة، والعبد يناصر سيده بالتطبع، والعميل يخدم صانعه بالإندفاع. وصناعة المُريد تتطلب غسل دماغ ومحو أعراف وإعادة تربية من الجذور. ولكل عرش أو منصب ركائز لا يقوم بدونها. والأمير سعود الفيصل سوى لسان حال جهاز العلاقات الخارجية السعودي المتكون من ركائز وحلقات، حتى لو إستجابت قناعات سعود لصحوة ضمير وعارضت منطلقاته، فمصير والده الملك فيصل مازال ماثلا أما عينيه.
وبالمناسبة، فمن تضعه الحكومة السرية على رأس جهاز تابع لها، لا يسمح له سوى بالطاعة العمياء، خلال عمله. أما النقد أو الندم والتبريرات فبد الإستقالة فقط. وهذا لعمري واحد من الإبداعات في عمل الحكومة السرية. فالمنتقد لن يسمح له بالحديث سوى بعد إعادة ترتيب الأوراق ولن يكون لنقده أو ندمه عندها من أثر. وبنقده سيمتص الحقد المحتمل على التصرف السابق أو يقلبه إلى تعاطف، حين يعكس وكأن التصرف السابق خطأ هو نادم عليه وتمت معالجته وعليكم أيها الأتباع أن تثقوا بسياسات الجهاز الجديدة حتى الندم القادم،، وهلم جرا! وهذا ما حدث مع كولن باول، وقبله مع شوارزكوف وقبله مع كل الساسة الأمريكان. ومن يتتبع تصاريح السيد أحمد زكي اليماني على سبيل المثال، سيلمس النقود والندامات على سياساته النفطية السابقة!!
من هنا، فالأمير سعود الفيصل لا ولن يصدق بما يدعيه من هموم على العراق والسعودية إلا حين يعزل عن وزارة الخارجية.
ومن جانب آخر فقد امتدحت كوندليزا شخص الأمير فيصل بعد تصريح أعلاه مباشرة. وهو على أية حال قد نطق تصريحه من حديقة البيت الأبيض وبعد مقابلة سيده بوش. وهما مؤشران إضافيان على عدم مصداقية هموم الأمير سعود. ولا نعني مصداقيته الشخصية بقدر جهلنا بها، إنما في همومه الوطنية تحديدا.
ما أعنيه أن الأمير سعود الفيصل كذب إن ادعى حمية على مصير أسود وتفتيت ينتظران العراق والسعودية وبقية دول المنطقة. فهو أحد أهم صناع هذا المصير، وهو الأشد إندفاعا لتنفيذ ركيزة هذا المصير الأساسية – مشروع غزو العراق. والمقبور باقر حكيم كان من أشد المقربين سريا إلى سعود الفيصل، ونال منه ما لايقل عن مئة مليون دولار. وأحمد الكلب ربيب سعود الفيصل، وعلاوي وجعفري والطرزان وكل سماسرة بيع العراق وتفتيته وتفتيت كل المنطقة لاحقا هم جلاوزة سعود أو متلقو نعمه.
وإن كانت براقش معذورة، فلأنها بهيمة. والحكم، كما يقول المثل اليمني، يعلم الحاكم. والأمير سعود الفيصل وزير لخارجية السعودية لفترة طويلة كفيلة بأن يتعلم خلالها حتى الغر الجاهل. والأمير سعود الفيصل عاقل ويعي أن ما جنته يداه هو أسوأ مما جنته على أهلها براقش. لكن الأمير سعود الفيصل أيضا معذور،،، لأنه عبد مأمور لو عق وخالف قتلوه! ومن هذا لم يعد لدي من شك بأن الأمير سعود الفيصل أطلق تصريحه أعلاه بالإتفاق مع بوش، ووجهه ليس إلى الرسميين العرب ولا إلى الشعب العربي أو الأمريكي، وإنما لأوربا!
واللوم الذي فيه على الأمريكيين إنما للطلاء وحسب.
فأمريكا وبناءً على تقديراتها السابقة، كانت على قناعة تامة أن العراق سهل البلع. لذا، ويوم تخيلت أنها إحتلت بغداد، تبطرت على حلفائها السابقين، السعودية وإيران وسوريا، والمعارضة أيضا. وأول من إستهدفته هو عميلها الأكبر باقر حكيم حين منعته من دخول العراق إلا بعد حين، كما منعت فيلقه من دخول العراق، ثم قتلته بعدها حين تحسست نوعا من التمرد يساوره. كما ضربت جماعات حليفها الثاني وهو أحمد الكلب، ودمرت أسلحة الطرزان الثقيلة. لكن وحين إتضح لها أن الجيش العراقي لم ينهزم وإنما تحول إلى حرب الأنصار، وحين بدأت خلايا المقاومة العراقية تتأسس في كل أنحاء العراق وتضرب الضربات الشديدة الوجع، أعادت حساباتها قليلا وإرتأت أن الحل الأفضل هو تشكيل جدار عازل بينها وبين المقاومة، ليمتص عنها الضربات. وحين راجعت المعطيات فلم تجد أفضل من العدو المجرب والشديد العداء لشعب العراقي - المخابرات الإيرانية ورمزها على الساحة العراقية آل الحكيم. فأعادت الإعتبار لعبدالعزيز ومنحته لقب حجة الإسلام والمسلمين ولقب آية الله مرة واحدة، وأطلقت يده في العراق. لكن سرعانما فلت الزمام وصار الحال إلى العكس. فصحيح أن فيلق بدر تلقى بعض الضربات أو قام ببعض العمليات عن القوات الأمريكية. لكن فيلق بدر منقاد مباشرة من المخابرات الإيرانية التي لها حساباتها الخاصة. وقد إنشغل رادعها – جيش العراق، فخلت لها الساحة. ما بالك والثور الأمريكي قد صرعه فتيان شنعار ولابد وأن تتكاثر سكاكينه. وبالتوازي مع هذا، فالوحشية والحقد الدفين اللذان يتصرف بهما فيلق بدر والمخابرات الإيرانية، كانا أيضا كفيلين بإستنهاض روح الدفاع عن النفس حتى عند إنصار أمريكا المعروفين كالحزب الإسلامي والدعوة. كما إن المقاومة العراقية لم تبد ولا إشارة واحدة على أن إستعدادها لحرب على الأمريكان طولها ألف عام قد تأثر. بلها تكيل الصاع مضاعفا ولم تأبه لمحاولات إثارة الفتنة ولا كثرة العمليات القذرة التي تأتيها أمريكا وتنسبها إليها بقصد التشويه. على العكس، كل شيء ضد الأمريكان في تصاعد وبشكل مخيف، بما فيه النفوذ الإيراني الذي بدأ يظهر علنا في شوارع العراق، بحيث صارت إيران تتمرد علنا على أمريكا في القضية النووية ولا تخفي نواياها بشأن ولاية الفقيه.
وأمريكا وهي التي فرضت الإملاء على الرسميين العرب خلال عقود، فهي يقينا تعلم محدودية إمكانيات الدول العربية لإنقاذها على الساحة العراقية. وأمريكا أيضا تعلم إمكانية الدول الإسلامية، وترى رؤيا العين أن الدول التي جرتها معها لغزو العراق انسحبت طوعا أو كرها. وقوة أنصار الحرب في بريطانيا أصبحت محدودة، والشعب الأمريكي بدأ يشعر وطأة الحرب ماديا ونفسيا ويرى بالكوارث التي تصيبه عقابا ربانيا عليها.
وهكذا! وحين تدور أمريكا عينها فلا ترى غير العامل الأوربي.
والعامل الأوربي، كنا تأمل، هو الوحيد المنقذ لها من الورطة على أرض العراق. لذا لابد من العودة إلى هذا العامل، ولكن بطريقة يراد لها أن تبدو ذكية! أي أن لا تستغيث أمريكا مباشرة بأوربا، وإنما تصدر الإستغاثات على لسان عملاء أمريكا، ومن العرب تحديدا، وبالأخص من صورتهم دعايتها إلى العالمين على أنهم العقلانيون. وكلنا يتذكر المديح الخارج عن المألوف الذي تناول به الكتبة السفلة العميل مثال الآلوسي ومنذ شهرين. وهؤلاء الكتبة عادة ما يستلمون أمرا، ليس بالضرورة فرادا، إنما بالحث. كأن يطلب من أكبرهم كتابة مديح لمثال لتسيل بعدها أقلام تابعيه. كما نشرت العديد من التراجم عن مثال في الصحافة الأوربية. أي قد قدموه على أنه من الواقعيين، بغض النظر عن أنه لا يجرؤ على مغادرة جحره. المهم أنها صنّعته وقدنت له ثم دفعته ليصرح إلى الفضائيات بأن النفط السعودي والبحراني أيضا تحت أقدام الشيعة السعوديين المضطهدين من الحكومة. طبعا ومثال ليس شيعيا، وهو اساس عميل إسرائيلي لا تهمه مصلحة شيعة ولا سنة ولا مسلمين أو غيرهم. إنما تصريح مثال ستأخذه الدبلوماسية أو معاهد التحليل الأوربية دليلا، أو هكذا يراد له، على تصاعد النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة. ما بالك ومثال هو صناعة إسرائيلية، وحضور إسرائيل على مفاتيح القرار أو الإعلام الرسمي الأوربي مشهود وذو شكيمة.
وهكذا!
وحين يستغيث وزير خارجية السعودية من المد الإيراني، وحين يتوجع مثال، فالطامة الكبرى آتية، والتهديد الإيراني للعراق ودول المنطقة لابد ويحتم تدخلا أوربيا عاجلا، لإنقاذ أمريكا من ورطتها.
والإنقاذ لن يكون على غير الساحة العراقية.
طبعا ولإضفاء بعض المصداقية، تشددت أمريكا بالملف النووي الإيراني، لكن ليس بذلك التشدد. ففي ملف العراق لم تقبل أمريكا بغير تفكيك الأسلحة النووية العراقية رغم أن أسلحة لم تكن موجودة. أما في حالة إيران فما صدر سوى لوم مخفف ومن وكالة الطاقة الدولية، كلوم سعود الفيصل لأمريكا، وكلاهما للطلاء وحسب.
أمريكا إذن تستغيث بالأوربيين. لكن الأوربيين لن يغيثوها.
أو هكذا أفترض!
على الأقل من باب أن الأوربيين لم يلحظوا ولو علامة إيجابية من أمريكا بحق شعوب المنطقة أو شعوب أوربا أساسا تدفعهم للقبول بإستمرارية الدور الأمريكي في المنطقة. بل وحتى في هذه الأيام الأشد عصيبية على أمريكا، لم يتوقف التنبل الإسرائيلي بطلب المزيد. فرغم أن الشارع العربي يغلي وأن الجبروت الأمريكي يحتضر على أرض العراق، فرضت إسرائيل على توابع أمريكا العرب الإعلان عن التطبيع. وليس بين الأوربيين أغبياء إلى هذه الدرجة التي لا يتحسسون بها آراء مواطنيهم الذين بدأوا جهارا نهارا يرون بإسرائيل الخطر الأول على السلام العالمي. وليس بين الأوربيين من لا يفهم المسلمة بأن كثرة الضغط لا تؤدي بكل الأحوال إلى الإنحناء، بل النتيجة الأكثر حتمية هي الإنفجار!
نعم! هناك تهديد إيراني للعراق والمنطقة. والخطر الإيراني ماثل ومن جانبين أولهما أطماع إيران ذاتها، والثاني التحالف المتين بين إسرائيل والحوزة التلمودوأصفهانية الحاكمة لإيران الآن. والمنطقة مقبلة حقا على بركان سيشعله هذا الخطر. لكن أحدا من سياسيي إيران لم ينتبه بعد أن الخاسر الأخير في هذه اللعبة هو إيران، وليس غيرها. فكما انقلب سحر أمريكا في العراق عليها، فسينقلب سحر إيران عليها في المنطقة والعراق تحديدا. وإسرائيل، مهما تجبرت فهي سرطان إن لم يبتر، فسيموت مع العضو الذي يحمله. وهي زائلة طوعا أو كرها. وسينقذ أمريكا مجرد انسحابها من العراق أو المنطقة. أو بالكثير تسحب قواتها لتتقوقع في بلدها حتى تحين النهاية المحتومة لكل الدول والحضارات. فمن سينقذ إيران وأين ستهرب، وهي المارد الورقي الذي يتكون مما لايقل عن 12 قومية وأثنية؟ كيف بإيران وهي توقظ في الدول المجاورة أحقادا مهما كبرت فهي أقل من عشر الأحقاد التي للشعوب الإيرانية على الفرس المجوس؟
أم إن إيران نسيت نكبة البرامكة، ونسيت نبوخذنصر وحمورابي وآشوربانيبال ومحمد وهارون الرشيد وكل عظماء التاريخ؟! وهل نسيت أن كل أكاسرتها عراقيون؟!
لا بل هل يتعظ سعود وينظر ما حوله؟
----
· نص الرسالة إلى الأمير سعود الفيصل
إلى وزير خارجية المملكة العربية السعودية!
نوفمبر 2003
الحزب الشيوعي العراقي – الكادر
العافية درجات يا سمو الأمير فابدأ بنفسك، والأقربون أولى بالمعروف!
يدور أبو حفــــــص علينـــــا بدرّة رويدك فالأيــام تطفـو وترسب
ولو كان موسى صادقا ما ظهرتمو ولكنما هــي دولــة ثم تــذهب
عن تصريحاتك في (( وول ستريت جورنال )) يوم أمس!
يوم أمس، أخونا سعود الفيصل، نشر أحمد الكلبي وبمعية طلباني وصالح بيانا يعترضون فيه على استلام لواء عراقي لأرض الفلوجة المحررة من الغزاة المندحرين. وهي عبرة في ثوب مزحة. فهذا الكلبي، كان قبل عام قد تبختر نازلا من مدرعة أمريكية وبقبعة رعاع البقر، يلتفت بكبرياء وانفة كأنه رئيس العراق المحتوم. وذهب واحتل أحسن القصور وصار يأمر وينهى تحت مظلة الغزاة. ووقتها، رجا مراسل زوجة كلبي ليجري معها مقابلة. لكنها طردته قائلة: (( كيف تتكلم مع سيدة البلاد الأولى دون المرور بوزارة الخارجية وسكرتارية رئاسة الدولة؟ )) والآن، وقد صغرت بأحمد الكلبي الدنيا وأطبقت عليه، فليس له من كل ما سبق من أبهة ودلال وعز أمريكي، سوى أن يصدر بيانا بائسا وبغصة ونبرة أسى ظاهرة، حين أعلن الكونجرس قبلها بساعات أن أحمد الكلبي قد إنتهى زمانه مرة وإلى الأبد.
وحين يقول السيد، ينفذ العبد.
وقبل يومين يا أيها الأخ الكريم وقف القائد الأمريكي بأسى واضح وذلة تحت العلم العراقي الجليل ليوقع شروطا شفهية فرضها عليه فتيان الفلوجة، وينسحب مرغما. وهذا الأمريكي لاشك وكان ممن شربوا نخب سقوط بغداد عامها الأول.
وكما قال إمام الورى، فالدنيا يومان، يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطّر وإذا كان عليك فاصبر!
وما يخصكم سمو الأمير من قصة أحمد الكلبي وتحرير الفلوجة، سوى أمر بسيط واحد وهو مثل عراقي دارج يقول: (( مد رجلك على قدر غطائك )). فيما عداه فشتان ما بين العبرتين وما نحن بصدده.
فأنتم تحديدا يا سمو الأمير سعود الفيصل، أكبر من ساهم في التخطيط لغزو العراق، بَلَكم العربي الوحيد الذين عرف مالم يعرفه وزير خارجية دولة الغزو ذاته. وأنتم يا سمو الأمير أكبر مساهم غير أمريكي بدعم الإحتلال. والدور الذي لعبتموه شخصيا هو ضعف ما قام به آل الصباح. وقيل، والعهدة عليهم، أنك دريت مقدما بما سيجري من سلب ونهب لمرافق بغداد ومتاحفها. وأنت حصرا يا سمو الأمير من فرض على حكومة المملكة أن تضع كل مطارات شمال السعودية ومستشفياتها وبنيتها تحت تصرف الغزاة، حتى لقد اقترب معنيي الضيافة والإحتلال لينطبقان على بعضهما ولأول مرة في تاريخ الدول وتاريخ الجزيرة العربية حصرا.
كل هذا تم بفضلكم وشخصيا.
وكل هذا وأنت ونحن وصبيان العالم يعلم علم اليقين، أن لو تسنى لأمريكا الإنتصار في العراق لكان الدور على مملكتكم. أي أنك كنت تمهد الطريق لتقضي على ملك عائلتك!
ويوم أمس فقط يا سمو الأمير، رست ثلاث سفن حربية باكستانية قرب الظهران حاملة قوة مشاة باكستانية لا تقل عن 12الف فرد. والعالم لا ولن يصدق بأن هذه القوة قدمت لتحمي الأسرة السعودية المالكة مما يجري على الجزيرة. هذه القوّة الباكستانية ستدخل العراق تنفيذا لقرار ستستصدره أمريكا من مجلس الأمن لتكون واحدة من أيدي الغزاة الطولى على أرض العراق،،، أو هكذا يتمنون هم، ويتمنّى صديقهم المخلص – انت، الذي فعلت المستحيل لتأتي بهذه القوة.
من هنا ياسمو الأمير، فأي رأي تعطيه بالشأن العراقي، لا ولن يكون لصالح العراق وإنما لصالح الحليف لك شخصيا – أمريكا. خصوصا وأمريكا الآن تعاني الأمرين وتستجير حتى بجزر الواق واق من لظى فتيان شنعار.
وقس على هذا ما جاء في بقية تصريحكم عن ضرورة استكمال بناء الجيش العراقي لكي يستلم السلطة من الأمريكان. هذا كلام حق يراد به باطل. أو هو كلام إن أريد له أن ينطل، فعلى غير أهل العراق. فالجيش الذي ربته أمريكا وتحت أنظارك ومشورتك، أريد له أن يكون جيشا مسخا من مجموعة خراف يرأسها جزار كريم متى جاءه ضيف نحر واحدة. وأنت شخصيا كنت على علم بنية الأمريكان حل الجيش العراقي الحقيقي حين تسقط بغداد. أما قولك: (( أن السعودية لا ترغب في إرسال جيش إلى العراق حاليا إلا إذا تغيرت الظروف )). فبعدان أن تتغير الظروف وشتّان أن يقبل العراقيون ومحلان أن يرتضى أحرار السعودية أن يكونوا يدا لأمريكا على إخوانهم العراقيين إكراما لك. اللهم مرحبا بأحرار الجزيرة العربية إن توخوا التدريب والتحضير لصولتهم القادمة مع أمريكا على أرض الحرمين الشريفين!
أما قولك عن (( ضرورة الإسراع بقتل أو نفي مقتدى الصدر)) فيدك يا أخ سعود الفيصل أقصر من أن تطول مقتدى. إن مقتدى عزيز ما دام في وطنه وأبيٌّ ما دام يقاتل الإحتلال. وهو على أية حال من جبلة لا تعطي إعطاء الذليل. كما إن العراق ولود، ليس فيه مقتدى واحد وحسب، إنما كله مقتدون وفتيان سواعدهم تفت الجلاميد. ألم تفرحوا لأسر صدام؟! ألم تشاهد الفلوجة! وبالله عليك: ألم يغتبط قلبك لهؤلاء الفتية الذين دعسوا كبرياء حليفك وأحطأوا أنفه إلى الأرض؟
فات يا سعود زمان التآمر على الأهل! وفات معه التمنطق بفذلكات التصاريح لتطرح مشروعا أو مبادرة، أو لتنصر باغٍ معتد تداركته الأسود. لازالت بيننا الإهانة التي وجهها أخوك أو ابن عمك بندر لشعب العراق حين قال: (( كان يكفي 200 مليون دولار لتشتري بها أمريكا قادة جيش العراق وتنتهي المشكلة )) ليس شعب العراق الذي يباع ويشترى، يا سعود!
فالنصيحة النصيحة، ولك أن تأخذها أو تركن! وهي بسيطة، ومجرد أن تنظر حولك! فالفضائيات تكاد تقول أن القوى المعارضة لكم تتحرك على أرض الجزيرة كالسكين في الزبدة المائعة.
ونحن العراقيين نقول لك رأينا صريحا ونحن مستكثرين والأعداء بيننا وتحيطنا من كل جانب. لكن القويَّ المستضعف الأبي.
ختاما أيها الأمير، فالأمثال تقول: (( من حبك لاشاك! )) و(( صديقك من صدقك لا من صدّقك !)) و (( هلت الهلله عالصج والصج هلت الهلله عليه! )) ونحن نحبكم، ونحن أصدقاؤكم وأشقاؤكم، فلزوم علينا الصراحة معكم. وفي بعض الصراحة حدّة.
نتمنّى لكم طويل العمر وموفور العافية وفسحة من الفراغ لراحة بعد العناء الذي تتحملون!
فاسحبوا يدكم من العراق!
د نوري المرادي
لو كنت صادقا يا سعود، كفـّر عن خطيئتك!
إيران تشعل فتيل قنبلة،،،، مشدودة إلى خاصرتها!
خرج الأمير سعود الفيصل من زيارة لبوش، ثم وفي مبنى البيت الأبيض، وعلى ساحة حديقته المعهودة، أطلق تصريحا نبه فيه إلى التفتيت المحتوم للعراق إذا ما واصلت إدارة الإحتلال الأمريكي نهجها الحالي. بل قد قال، كما أوردته البيان الإماراتية، أن: (( العراق ينزلق تدريجياً نحو التفكُّك، ولا توجد الآن أي قوة مؤثرة تعمل على تماسك البلاد، كل القوى المحركة تدفع الشعب العراقي إلى التفكُّك، وهذا سيجرّ دول المنطقة إلى صراع. والانقسام السُنِّي ـ الشيعي لم يعلن في عهد الرئيس العراقي صدام حسين، وهو سُنِّي لكنه ظهر عندما قامت سلطة الاحتلال الأمريكي التي أعقبت الحرب بحل الجيش العراقي ومنعت أعضاء حزب البعث من تولي الوظائف والمناصب القيادية))
وقد صدق سعود فيما يخص تقييمه للرئيس صدام حسين. وصدق أن العراق، يبدو ظاهريا ينزلق إلى التفكيك، لكن سعود، كذب أشد الكذب في بقية التصريح.
فأين هذا الكذب؟!
وللتذكير فقط، فإبن عم سعود، بندر بن سلطان دفع ما قيل وقتها أنه 150 مليون دولار رشاو شخصية للكثير من مفاتيح السياسية الأمريكية والعربية ليقنعها بالمشاركة في العدوان الثلاثيني عام بمطلع التسعينات. ويقال أن من بين المرتشين مباشرة منه، ومن حكومة الكويت، وقتها سكرتير الجامعة العربية عصمت عبد المجيد. وإذ لا نأخذ بالأقاويل، فالثابت أن الراحل الملك فهد تألم كثيرا حين إكتشف أن سفيره في واشنطن وغبن أخيه بندر خدعه، وأن كل ما قدمه من معلومات عن العراق إنما كان مفبركا أو مدسوسا من قبله شخصيا. وأهم المفبرك هو التقرير الذي أعده للملك عن نية العراق غزو السعودية بعد الكويت، والذي دفع بالملك لطلب عون(!!) القوات الأمريكية وجعل بلاده منطلقا للعدوان الثلاثيني. وحين عرف الملك الحقيقة طرد بندر من مهام عمله.
والمثل يقول أن ((لا البغي تتوب ولا الماء يروب)). وبندر، وسيرا على طبعه، فقد أعلن بأن الأزمة العراقية كانت ستنتهي مباشرة، ويغلق أي إحتمال للعمليات التحريبية!! ضد القوات الأمريكية لو أبقت القوات الأمريكية على الجيش العراقي وعوضا قدمت رشاو بمقدار 200 مليون دولار لقياداته.
وربما حسب الأمير بندر هذه الرشاو، بناءً على جدول خاص عنده.
أما الأمير سعود الفيصل فكان هو الآخر من أشد المخططين والمنفذين لمشروع الغزو. وبعد إحتلال بغداد كان من أشد النشطين لدعم القوات الأمريكية. ومن بين نشاطاته المعهودة بعد الغزو تصريحه إلى جريدة أمريكية بأن الأزمة العراقية ستحل آنيا لو قتل أو نفي مقتدى. وقد رد عليه الكادر وقتها برسالة عبر الإنترنيت*. وتلا هذا التصريح للجريدة الأمريكية نشاط محموم من قبله بعقد المؤتمرات والملتقيات لتثبيت الإحتلال منها مثلا، مؤتمر عقد في برلين وآخر في عمان وثالث في شرم الشيخ، وسافر سعود إلى أمريكا وبريطانيا مرارا عن القضية العراقية، مثلما أشرفت الخارجية السعودية أو رعت ما لا يقل عن سبعة اجتماعات معلنة لدول الجوار العراقي. ولرب ما خفي كان أكثر. وبعد كل اجتماع أو زيارة، يخرج الأمير سعود الفيصل طافح البشر والآمال قانعا بأن ما اتفق عليه سيكون الحل الناجع للقضية العراقية، وأن العملية السلمية فيه ستكون بألف خير. وسعود الفيصل هذا، فهو حصرا أشد من ساند ما يسمى بالمعارضة العراقية التي كانت تدعو علنا لإحتلال العراق وتقسيمه بينها لإقطاعيات ودويلات. وسعود الفيصل حصرا هو الذي دفع لوضع كل مستشفيات شمال السعودية ومعسكراتها تحت تصرف الأمريكان أبان الغزو.
وحين إفترضت أمريكا أن العراق صار ملكا عضوضا لها، كان أول تصريح للخارجية الأمريكية وعلى لسان كولن باول، هو: ((على السعودية أن تأخذ منذ الآن بالحسبان بأننا صرنا جيرانها الشماليين)) وهذا التصريح التحذير الشديد اللهجة في عالم الدبلوماسية، ليس لم يتعظ منه وزير خارجية السعودية سعود الفيصل وحسب، بل كانت السعودية أو من تبرع بنجدة الأمريكان منذ أن بدأت بوادر سيطرة فتيان المقاومة العراقية على ساحة الميدان. حين أعادت تفويض القوات الأمريكية بالتصرف بمعسكرات ومستشفيات شمال السعودية، وسدت ما تسببت ضربات المقاومة الوطنية العراقية من نقص في تصدير النفط العراقي وأعارت بعض الخزانات النفطية لشركات أمريكية لتهريب النفط العراقي بالشاحنات وبيعه بأرخص الأسعار.
هذا مع ملاحظة أن كولن باول هذا المتأس الآخر الآن العاظ على أصابعه ندما على غزو العراق، قد كان رجل السعودية الأول في الإدارة الأمريكية. أو على الأقل هذا ما كانت تفترضه السعودية لكثرة ما دعمته ماديا ومعنويا وعبر سعود الفيصل ذاته.
وليس من مبرر لكثير توضيحات عن موقف الأمير سعود الفيصل تجاه العراق والقضايا العربية ككل. بل أكاد أجزم أن جهازين سعوديين لا يربطهما رابط لا بملك السعودية ولا بحكومتها. وهما، العلاقات (وزارة) الخارجية، وأمن الدولة. ولن أعترض على من يفترض أن الجهاز المشرف على أو الموجه لإستثمار ثروات العائلة المالكة، هو الآخر خارج سيطرة مؤسسة الحكم الرسمية السعودية.
ولا غرابة.
فقوانين العولمة، أو قلها تعليمات الحكومة السرية التي أسسها دزرائيلي، إستحدثت أمرا في السياسة الدولية، وهو أن تستحوذ هي أو أحد أذرعها على جهاز ما من أجهزة الدولة المستهدفة، وتترك حرية وإن محدودة لبقية الأجهزة. على سبيل المثال، فالجيشين الباكستاني والتركي بيد الماسونية العالمية. لذا مهما تحدثت المعارضة في هذين البلدين ومهما إنتقدت، فالأمر مسيطر عليه، وإن إقتضى الأمر فإنقلاب عسكري سريع سينهي الأزمة. ومثل هذا، أن ما لايقل عن ثلاثة جيوش عربية قرارها بيد اليمين الأمريكي، وجيش رابع قراره بيد الموساد، ،، وهكذا. ولولا هذه حال، لكان الإتعاظ من التجارب سيد الموقف ولفرض على الأمير سعود الفيصل إتخاذ موقف حازم منذ أن قلب كولن باول ظهر المجن للسعودية وهددها بذلك الشكل الصريح أعلاه.
ولربما يتذكر المتابع برنامج الإتجاه المعاكس الذي تناول مؤتمر شرم الشيخ في نهاية العام 2004 الذي رعته بالكامل العربية السعودية ومصر. ووقتها ورد في البرنامج ما نصه: (( إن السعودية ودول الجوار، تتعاون كبراقش على العراق وتقدمه قربانا لحضوة،، السعوديون لم يفكروا حين دعموا مشروع الغزو أنه يستهدفهم،، ومقومات مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تندفع السعودية الآن إندفاع براقش بالترويج له والتهيئة، يحتوي تفتيت المنطقة ومنها السعودية إلى دويلات، ويحتوي أيضا تغيير النظام في السعودية، أي إسقاط العائلة المالكة)).
كان على الأمير سعود الفيصل وجهاز العلاقات الخارجية السعودية، الإتعاظ والإنقلاب على السياسة الأمريكية، ما بالك وأهم نيطين من نياط القلب الأمريكي – النفط والمال، وبعد غزو العراق بيد السعودية.
على أية حال!
لو كان للأمير سعود الفيصل صادقا في همومه على العراق أو وطنه السعودية المهددة بالتفكك هي الأخرى، فلكفاه تصريح بسيط من قبيل: ((لا نية للسعودية بزيادة إنتاج النفط هذه الأيام.)) ليقلب الطاولة على الحكومة الأمريكية المتهالكة، ولتشتمل اسمه قائمة العظماء في التاريخ أيضا.
لكنه لا ولن يجرؤ. وقناعاته أصلا لن تستجيب ولو شاء.
والمرء يناصر والده بالعاطفة، والعبد يناصر سيده بالتطبع، والعميل يخدم صانعه بالإندفاع. وصناعة المُريد تتطلب غسل دماغ ومحو أعراف وإعادة تربية من الجذور. ولكل عرش أو منصب ركائز لا يقوم بدونها. والأمير سعود الفيصل سوى لسان حال جهاز العلاقات الخارجية السعودي المتكون من ركائز وحلقات، حتى لو إستجابت قناعات سعود لصحوة ضمير وعارضت منطلقاته، فمصير والده الملك فيصل مازال ماثلا أما عينيه.
وبالمناسبة، فمن تضعه الحكومة السرية على رأس جهاز تابع لها، لا يسمح له سوى بالطاعة العمياء، خلال عمله. أما النقد أو الندم والتبريرات فبد الإستقالة فقط. وهذا لعمري واحد من الإبداعات في عمل الحكومة السرية. فالمنتقد لن يسمح له بالحديث سوى بعد إعادة ترتيب الأوراق ولن يكون لنقده أو ندمه عندها من أثر. وبنقده سيمتص الحقد المحتمل على التصرف السابق أو يقلبه إلى تعاطف، حين يعكس وكأن التصرف السابق خطأ هو نادم عليه وتمت معالجته وعليكم أيها الأتباع أن تثقوا بسياسات الجهاز الجديدة حتى الندم القادم،، وهلم جرا! وهذا ما حدث مع كولن باول، وقبله مع شوارزكوف وقبله مع كل الساسة الأمريكان. ومن يتتبع تصاريح السيد أحمد زكي اليماني على سبيل المثال، سيلمس النقود والندامات على سياساته النفطية السابقة!!
من هنا، فالأمير سعود الفيصل لا ولن يصدق بما يدعيه من هموم على العراق والسعودية إلا حين يعزل عن وزارة الخارجية.
ومن جانب آخر فقد امتدحت كوندليزا شخص الأمير فيصل بعد تصريح أعلاه مباشرة. وهو على أية حال قد نطق تصريحه من حديقة البيت الأبيض وبعد مقابلة سيده بوش. وهما مؤشران إضافيان على عدم مصداقية هموم الأمير سعود. ولا نعني مصداقيته الشخصية بقدر جهلنا بها، إنما في همومه الوطنية تحديدا.
ما أعنيه أن الأمير سعود الفيصل كذب إن ادعى حمية على مصير أسود وتفتيت ينتظران العراق والسعودية وبقية دول المنطقة. فهو أحد أهم صناع هذا المصير، وهو الأشد إندفاعا لتنفيذ ركيزة هذا المصير الأساسية – مشروع غزو العراق. والمقبور باقر حكيم كان من أشد المقربين سريا إلى سعود الفيصل، ونال منه ما لايقل عن مئة مليون دولار. وأحمد الكلب ربيب سعود الفيصل، وعلاوي وجعفري والطرزان وكل سماسرة بيع العراق وتفتيته وتفتيت كل المنطقة لاحقا هم جلاوزة سعود أو متلقو نعمه.
وإن كانت براقش معذورة، فلأنها بهيمة. والحكم، كما يقول المثل اليمني، يعلم الحاكم. والأمير سعود الفيصل وزير لخارجية السعودية لفترة طويلة كفيلة بأن يتعلم خلالها حتى الغر الجاهل. والأمير سعود الفيصل عاقل ويعي أن ما جنته يداه هو أسوأ مما جنته على أهلها براقش. لكن الأمير سعود الفيصل أيضا معذور،،، لأنه عبد مأمور لو عق وخالف قتلوه! ومن هذا لم يعد لدي من شك بأن الأمير سعود الفيصل أطلق تصريحه أعلاه بالإتفاق مع بوش، ووجهه ليس إلى الرسميين العرب ولا إلى الشعب العربي أو الأمريكي، وإنما لأوربا!
واللوم الذي فيه على الأمريكيين إنما للطلاء وحسب.
فأمريكا وبناءً على تقديراتها السابقة، كانت على قناعة تامة أن العراق سهل البلع. لذا، ويوم تخيلت أنها إحتلت بغداد، تبطرت على حلفائها السابقين، السعودية وإيران وسوريا، والمعارضة أيضا. وأول من إستهدفته هو عميلها الأكبر باقر حكيم حين منعته من دخول العراق إلا بعد حين، كما منعت فيلقه من دخول العراق، ثم قتلته بعدها حين تحسست نوعا من التمرد يساوره. كما ضربت جماعات حليفها الثاني وهو أحمد الكلب، ودمرت أسلحة الطرزان الثقيلة. لكن وحين إتضح لها أن الجيش العراقي لم ينهزم وإنما تحول إلى حرب الأنصار، وحين بدأت خلايا المقاومة العراقية تتأسس في كل أنحاء العراق وتضرب الضربات الشديدة الوجع، أعادت حساباتها قليلا وإرتأت أن الحل الأفضل هو تشكيل جدار عازل بينها وبين المقاومة، ليمتص عنها الضربات. وحين راجعت المعطيات فلم تجد أفضل من العدو المجرب والشديد العداء لشعب العراقي - المخابرات الإيرانية ورمزها على الساحة العراقية آل الحكيم. فأعادت الإعتبار لعبدالعزيز ومنحته لقب حجة الإسلام والمسلمين ولقب آية الله مرة واحدة، وأطلقت يده في العراق. لكن سرعانما فلت الزمام وصار الحال إلى العكس. فصحيح أن فيلق بدر تلقى بعض الضربات أو قام ببعض العمليات عن القوات الأمريكية. لكن فيلق بدر منقاد مباشرة من المخابرات الإيرانية التي لها حساباتها الخاصة. وقد إنشغل رادعها – جيش العراق، فخلت لها الساحة. ما بالك والثور الأمريكي قد صرعه فتيان شنعار ولابد وأن تتكاثر سكاكينه. وبالتوازي مع هذا، فالوحشية والحقد الدفين اللذان يتصرف بهما فيلق بدر والمخابرات الإيرانية، كانا أيضا كفيلين بإستنهاض روح الدفاع عن النفس حتى عند إنصار أمريكا المعروفين كالحزب الإسلامي والدعوة. كما إن المقاومة العراقية لم تبد ولا إشارة واحدة على أن إستعدادها لحرب على الأمريكان طولها ألف عام قد تأثر. بلها تكيل الصاع مضاعفا ولم تأبه لمحاولات إثارة الفتنة ولا كثرة العمليات القذرة التي تأتيها أمريكا وتنسبها إليها بقصد التشويه. على العكس، كل شيء ضد الأمريكان في تصاعد وبشكل مخيف، بما فيه النفوذ الإيراني الذي بدأ يظهر علنا في شوارع العراق، بحيث صارت إيران تتمرد علنا على أمريكا في القضية النووية ولا تخفي نواياها بشأن ولاية الفقيه.
وأمريكا وهي التي فرضت الإملاء على الرسميين العرب خلال عقود، فهي يقينا تعلم محدودية إمكانيات الدول العربية لإنقاذها على الساحة العراقية. وأمريكا أيضا تعلم إمكانية الدول الإسلامية، وترى رؤيا العين أن الدول التي جرتها معها لغزو العراق انسحبت طوعا أو كرها. وقوة أنصار الحرب في بريطانيا أصبحت محدودة، والشعب الأمريكي بدأ يشعر وطأة الحرب ماديا ونفسيا ويرى بالكوارث التي تصيبه عقابا ربانيا عليها.
وهكذا! وحين تدور أمريكا عينها فلا ترى غير العامل الأوربي.
والعامل الأوربي، كنا تأمل، هو الوحيد المنقذ لها من الورطة على أرض العراق. لذا لابد من العودة إلى هذا العامل، ولكن بطريقة يراد لها أن تبدو ذكية! أي أن لا تستغيث أمريكا مباشرة بأوربا، وإنما تصدر الإستغاثات على لسان عملاء أمريكا، ومن العرب تحديدا، وبالأخص من صورتهم دعايتها إلى العالمين على أنهم العقلانيون. وكلنا يتذكر المديح الخارج عن المألوف الذي تناول به الكتبة السفلة العميل مثال الآلوسي ومنذ شهرين. وهؤلاء الكتبة عادة ما يستلمون أمرا، ليس بالضرورة فرادا، إنما بالحث. كأن يطلب من أكبرهم كتابة مديح لمثال لتسيل بعدها أقلام تابعيه. كما نشرت العديد من التراجم عن مثال في الصحافة الأوربية. أي قد قدموه على أنه من الواقعيين، بغض النظر عن أنه لا يجرؤ على مغادرة جحره. المهم أنها صنّعته وقدنت له ثم دفعته ليصرح إلى الفضائيات بأن النفط السعودي والبحراني أيضا تحت أقدام الشيعة السعوديين المضطهدين من الحكومة. طبعا ومثال ليس شيعيا، وهو اساس عميل إسرائيلي لا تهمه مصلحة شيعة ولا سنة ولا مسلمين أو غيرهم. إنما تصريح مثال ستأخذه الدبلوماسية أو معاهد التحليل الأوربية دليلا، أو هكذا يراد له، على تصاعد النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة. ما بالك ومثال هو صناعة إسرائيلية، وحضور إسرائيل على مفاتيح القرار أو الإعلام الرسمي الأوربي مشهود وذو شكيمة.
وهكذا!
وحين يستغيث وزير خارجية السعودية من المد الإيراني، وحين يتوجع مثال، فالطامة الكبرى آتية، والتهديد الإيراني للعراق ودول المنطقة لابد ويحتم تدخلا أوربيا عاجلا، لإنقاذ أمريكا من ورطتها.
والإنقاذ لن يكون على غير الساحة العراقية.
طبعا ولإضفاء بعض المصداقية، تشددت أمريكا بالملف النووي الإيراني، لكن ليس بذلك التشدد. ففي ملف العراق لم تقبل أمريكا بغير تفكيك الأسلحة النووية العراقية رغم أن أسلحة لم تكن موجودة. أما في حالة إيران فما صدر سوى لوم مخفف ومن وكالة الطاقة الدولية، كلوم سعود الفيصل لأمريكا، وكلاهما للطلاء وحسب.
أمريكا إذن تستغيث بالأوربيين. لكن الأوربيين لن يغيثوها.
أو هكذا أفترض!
على الأقل من باب أن الأوربيين لم يلحظوا ولو علامة إيجابية من أمريكا بحق شعوب المنطقة أو شعوب أوربا أساسا تدفعهم للقبول بإستمرارية الدور الأمريكي في المنطقة. بل وحتى في هذه الأيام الأشد عصيبية على أمريكا، لم يتوقف التنبل الإسرائيلي بطلب المزيد. فرغم أن الشارع العربي يغلي وأن الجبروت الأمريكي يحتضر على أرض العراق، فرضت إسرائيل على توابع أمريكا العرب الإعلان عن التطبيع. وليس بين الأوربيين أغبياء إلى هذه الدرجة التي لا يتحسسون بها آراء مواطنيهم الذين بدأوا جهارا نهارا يرون بإسرائيل الخطر الأول على السلام العالمي. وليس بين الأوربيين من لا يفهم المسلمة بأن كثرة الضغط لا تؤدي بكل الأحوال إلى الإنحناء، بل النتيجة الأكثر حتمية هي الإنفجار!
نعم! هناك تهديد إيراني للعراق والمنطقة. والخطر الإيراني ماثل ومن جانبين أولهما أطماع إيران ذاتها، والثاني التحالف المتين بين إسرائيل والحوزة التلمودوأصفهانية الحاكمة لإيران الآن. والمنطقة مقبلة حقا على بركان سيشعله هذا الخطر. لكن أحدا من سياسيي إيران لم ينتبه بعد أن الخاسر الأخير في هذه اللعبة هو إيران، وليس غيرها. فكما انقلب سحر أمريكا في العراق عليها، فسينقلب سحر إيران عليها في المنطقة والعراق تحديدا. وإسرائيل، مهما تجبرت فهي سرطان إن لم يبتر، فسيموت مع العضو الذي يحمله. وهي زائلة طوعا أو كرها. وسينقذ أمريكا مجرد انسحابها من العراق أو المنطقة. أو بالكثير تسحب قواتها لتتقوقع في بلدها حتى تحين النهاية المحتومة لكل الدول والحضارات. فمن سينقذ إيران وأين ستهرب، وهي المارد الورقي الذي يتكون مما لايقل عن 12 قومية وأثنية؟ كيف بإيران وهي توقظ في الدول المجاورة أحقادا مهما كبرت فهي أقل من عشر الأحقاد التي للشعوب الإيرانية على الفرس المجوس؟
أم إن إيران نسيت نكبة البرامكة، ونسيت نبوخذنصر وحمورابي وآشوربانيبال ومحمد وهارون الرشيد وكل عظماء التاريخ؟! وهل نسيت أن كل أكاسرتها عراقيون؟!
لا بل هل يتعظ سعود وينظر ما حوله؟
----
· نص الرسالة إلى الأمير سعود الفيصل
إلى وزير خارجية المملكة العربية السعودية!
نوفمبر 2003
الحزب الشيوعي العراقي – الكادر
العافية درجات يا سمو الأمير فابدأ بنفسك، والأقربون أولى بالمعروف!
يدور أبو حفــــــص علينـــــا بدرّة رويدك فالأيــام تطفـو وترسب
ولو كان موسى صادقا ما ظهرتمو ولكنما هــي دولــة ثم تــذهب
عن تصريحاتك في (( وول ستريت جورنال )) يوم أمس!
يوم أمس، أخونا سعود الفيصل، نشر أحمد الكلبي وبمعية طلباني وصالح بيانا يعترضون فيه على استلام لواء عراقي لأرض الفلوجة المحررة من الغزاة المندحرين. وهي عبرة في ثوب مزحة. فهذا الكلبي، كان قبل عام قد تبختر نازلا من مدرعة أمريكية وبقبعة رعاع البقر، يلتفت بكبرياء وانفة كأنه رئيس العراق المحتوم. وذهب واحتل أحسن القصور وصار يأمر وينهى تحت مظلة الغزاة. ووقتها، رجا مراسل زوجة كلبي ليجري معها مقابلة. لكنها طردته قائلة: (( كيف تتكلم مع سيدة البلاد الأولى دون المرور بوزارة الخارجية وسكرتارية رئاسة الدولة؟ )) والآن، وقد صغرت بأحمد الكلبي الدنيا وأطبقت عليه، فليس له من كل ما سبق من أبهة ودلال وعز أمريكي، سوى أن يصدر بيانا بائسا وبغصة ونبرة أسى ظاهرة، حين أعلن الكونجرس قبلها بساعات أن أحمد الكلبي قد إنتهى زمانه مرة وإلى الأبد.
وحين يقول السيد، ينفذ العبد.
وقبل يومين يا أيها الأخ الكريم وقف القائد الأمريكي بأسى واضح وذلة تحت العلم العراقي الجليل ليوقع شروطا شفهية فرضها عليه فتيان الفلوجة، وينسحب مرغما. وهذا الأمريكي لاشك وكان ممن شربوا نخب سقوط بغداد عامها الأول.
وكما قال إمام الورى، فالدنيا يومان، يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطّر وإذا كان عليك فاصبر!
وما يخصكم سمو الأمير من قصة أحمد الكلبي وتحرير الفلوجة، سوى أمر بسيط واحد وهو مثل عراقي دارج يقول: (( مد رجلك على قدر غطائك )). فيما عداه فشتان ما بين العبرتين وما نحن بصدده.
فأنتم تحديدا يا سمو الأمير سعود الفيصل، أكبر من ساهم في التخطيط لغزو العراق، بَلَكم العربي الوحيد الذين عرف مالم يعرفه وزير خارجية دولة الغزو ذاته. وأنتم يا سمو الأمير أكبر مساهم غير أمريكي بدعم الإحتلال. والدور الذي لعبتموه شخصيا هو ضعف ما قام به آل الصباح. وقيل، والعهدة عليهم، أنك دريت مقدما بما سيجري من سلب ونهب لمرافق بغداد ومتاحفها. وأنت حصرا يا سمو الأمير من فرض على حكومة المملكة أن تضع كل مطارات شمال السعودية ومستشفياتها وبنيتها تحت تصرف الغزاة، حتى لقد اقترب معنيي الضيافة والإحتلال لينطبقان على بعضهما ولأول مرة في تاريخ الدول وتاريخ الجزيرة العربية حصرا.
كل هذا تم بفضلكم وشخصيا.
وكل هذا وأنت ونحن وصبيان العالم يعلم علم اليقين، أن لو تسنى لأمريكا الإنتصار في العراق لكان الدور على مملكتكم. أي أنك كنت تمهد الطريق لتقضي على ملك عائلتك!
ويوم أمس فقط يا سمو الأمير، رست ثلاث سفن حربية باكستانية قرب الظهران حاملة قوة مشاة باكستانية لا تقل عن 12الف فرد. والعالم لا ولن يصدق بأن هذه القوة قدمت لتحمي الأسرة السعودية المالكة مما يجري على الجزيرة. هذه القوّة الباكستانية ستدخل العراق تنفيذا لقرار ستستصدره أمريكا من مجلس الأمن لتكون واحدة من أيدي الغزاة الطولى على أرض العراق،،، أو هكذا يتمنون هم، ويتمنّى صديقهم المخلص – انت، الذي فعلت المستحيل لتأتي بهذه القوة.
من هنا ياسمو الأمير، فأي رأي تعطيه بالشأن العراقي، لا ولن يكون لصالح العراق وإنما لصالح الحليف لك شخصيا – أمريكا. خصوصا وأمريكا الآن تعاني الأمرين وتستجير حتى بجزر الواق واق من لظى فتيان شنعار.
وقس على هذا ما جاء في بقية تصريحكم عن ضرورة استكمال بناء الجيش العراقي لكي يستلم السلطة من الأمريكان. هذا كلام حق يراد به باطل. أو هو كلام إن أريد له أن ينطل، فعلى غير أهل العراق. فالجيش الذي ربته أمريكا وتحت أنظارك ومشورتك، أريد له أن يكون جيشا مسخا من مجموعة خراف يرأسها جزار كريم متى جاءه ضيف نحر واحدة. وأنت شخصيا كنت على علم بنية الأمريكان حل الجيش العراقي الحقيقي حين تسقط بغداد. أما قولك: (( أن السعودية لا ترغب في إرسال جيش إلى العراق حاليا إلا إذا تغيرت الظروف )). فبعدان أن تتغير الظروف وشتّان أن يقبل العراقيون ومحلان أن يرتضى أحرار السعودية أن يكونوا يدا لأمريكا على إخوانهم العراقيين إكراما لك. اللهم مرحبا بأحرار الجزيرة العربية إن توخوا التدريب والتحضير لصولتهم القادمة مع أمريكا على أرض الحرمين الشريفين!
أما قولك عن (( ضرورة الإسراع بقتل أو نفي مقتدى الصدر)) فيدك يا أخ سعود الفيصل أقصر من أن تطول مقتدى. إن مقتدى عزيز ما دام في وطنه وأبيٌّ ما دام يقاتل الإحتلال. وهو على أية حال من جبلة لا تعطي إعطاء الذليل. كما إن العراق ولود، ليس فيه مقتدى واحد وحسب، إنما كله مقتدون وفتيان سواعدهم تفت الجلاميد. ألم تفرحوا لأسر صدام؟! ألم تشاهد الفلوجة! وبالله عليك: ألم يغتبط قلبك لهؤلاء الفتية الذين دعسوا كبرياء حليفك وأحطأوا أنفه إلى الأرض؟
فات يا سعود زمان التآمر على الأهل! وفات معه التمنطق بفذلكات التصاريح لتطرح مشروعا أو مبادرة، أو لتنصر باغٍ معتد تداركته الأسود. لازالت بيننا الإهانة التي وجهها أخوك أو ابن عمك بندر لشعب العراق حين قال: (( كان يكفي 200 مليون دولار لتشتري بها أمريكا قادة جيش العراق وتنتهي المشكلة )) ليس شعب العراق الذي يباع ويشترى، يا سعود!
فالنصيحة النصيحة، ولك أن تأخذها أو تركن! وهي بسيطة، ومجرد أن تنظر حولك! فالفضائيات تكاد تقول أن القوى المعارضة لكم تتحرك على أرض الجزيرة كالسكين في الزبدة المائعة.
ونحن العراقيين نقول لك رأينا صريحا ونحن مستكثرين والأعداء بيننا وتحيطنا من كل جانب. لكن القويَّ المستضعف الأبي.
ختاما أيها الأمير، فالأمثال تقول: (( من حبك لاشاك! )) و(( صديقك من صدقك لا من صدّقك !)) و (( هلت الهلله عالصج والصج هلت الهلله عليه! )) ونحن نحبكم، ونحن أصدقاؤكم وأشقاؤكم، فلزوم علينا الصراحة معكم. وفي بعض الصراحة حدّة.
نتمنّى لكم طويل العمر وموفور العافية وفسحة من الفراغ لراحة بعد العناء الذي تتحملون!
فاسحبوا يدكم من العراق!